الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأرض، وفي ظلال الإسلام، الخير والعدل والإحسان، وتكونت
(أمة عالمية) كانت حلم المفكرين من عهد (سولون) ، وحاول صياغتها أفلاطون في جمهوريته فلم تتجاوز الفكر والخيال، حتى جاء الإسلام فجعل الخيال واقعا، والحلم الفلسفي حقيقة سياسية اجتماعية قائمة في حياة البشر، وتكونت أمة عالمية، وصار الناس جماعة إنسانية على تعدد عقائدهم وعاداتهم وأزيائهم. . . وتلك معجزة انفرد بها الإسلام.
فلم يكن تاريخ الإسلام تاريخ معجزات صنعها الإله بمعزل عن البشر، إنما كان معجزة تاريخ صنعها المسلمون بإيمانهم بالله.
* * *
خلاصة المقياس الإسلامي:
أن الإنسان (مسئول) عن صلاحه في نفسه، وإصلاحه لغيره حتى يشمل الإنسانية في جملتها في نشر الحق والعدل والخير والجمال.
* * *
أخلاق المسلمين
13-
نبينا صلى الله عليه وسلم قال:
"إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق "
فهذه غايتنا، والله - تَعَالَى - يقول، في أجمع آية لمقاصد القرآن (16/ 90) :(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) .
ثلاثة أوامر، وثلاثة نواهٍ، توازن فيها الأمر والنهي.
والله يقول الوصايا العشر في سورة الأنعام
(قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151)
وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152) وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153) .
(الأنعام: 153، 151) .
عشر وصايا تتعادل فيها الأوامر والنواهي خمس وخمس:
النواهي
لا تشركوا
لا تقتلوا أولادكم
لا تقربوا الفواحش
لا تقتلوا النفس
لا تقربوا مال اليتيم
* * *
الأوامر
1 -
بالوالدين إحسانا
2 -
أوفوا الكيل والميزان
3 -
إذا قلتم فاعدلوا
4 -
بعهد الله أوفوا
5 -
هذا صراطي مستقيما فاتبعوه
وتلاحظ أنها بأوامرها ونواهيها خاطبت قوى الإنسان: الفكرية والوجدانية
والفطرية؛ لذلك كانت فواصل آياتها:
تعقلون (للفكر) تذكرون (للفطرة) تتقون (للوجدان)
وتجدون تفصيل هذه الأخلاق في مواضع من القرآن الكريم منها: آيات الحكمة من سورة الإسراء 23 - 39 وآيات وصايا لقمان من سورة لقمان 12 - 19.
وسورة النور كلها، وسورة الحجرات كلها، وكلها تتوازن فيها الأوامر والنواهي، وترعى المصلحة والفضيلة، كما ترعى
الحق والعدل في علاقاتها مع الإنسانية جميعها.
هذا، بينما نجد الوصايا العشر في التوراة، وموعظة الجبل في الإنجيل كلها سلبية: لا تقتل، لا. . . لا. . ولم تشتمل إلا على أمرين:
امتثال أحدهما (بالنهي) لنقرأها في سفر الخروج ص 20) .
النواهي:
1 -
لا يكن لك آلهة أخرى
2 -
لا تصنع لك تمثالا
3 -
لا تنطق باسم الرب باطلا
4 -
لا تقتل
5 -
لا تزن
6 -
لا تسرق
7 -
لا تشهد على قريبك شهادة زور.
8 -
لا تشْتَه، بنت قريبك
لا تشْتَه امراة قريبك ولا عبده. . ولا شيئا مما لقريبك
* * *
الأوامره
1 -
اذكر يوم السبت. . . لا تصنع عملا ما..
2 -
أكرم أباك وأمك.
لقد كان تحصيل السعادة في أديان ما قبل الإسلام عن طريق الترك مما يؤدي إلى تجاوز القوى الإيجابية في الإنسان، فجاء الإسلام وجعل تحصيلها عن طريق الترك والفعل معا وبذلك توازنت قوى الإنسان.
هذا، وإذا كانت أخلاق القرآن تربي الإنسان السلم، ليكون سلما مع كل البشر يعاملهم بأخلاق القرآن لا يفرق بينهم بالدين أو الجنس - إذا كان ذلك فإننا نلحظ (القومية والعصبية والخصوصية)
في أخلاق التوراة: (لا تشهد على قريبك)
(لا تشْتَه بنت قريبك. .)
وفي المعاملات المالية يقول سفر التثنية ص 23: لا تقرض أخاك
بريا. . . للأجنبي تقرض بربا ولكن لأخيك لا تقرض بريا.
فأخلاق الإسلام أخلاق إنسانية عامة، وهذا ما تعامل به المسلمون يوم كان لهم السلطان على أهل الأرض أجمعين، وهذا فارق مهم في خصوصية الأديان، وعالمية الإسلام!
هذا، وقد سبق، في مبحث طبيعة القانون، أن أحكام التوراة ترعى المصلحة، وتغفل جانب الفضيلة.
من هذه الأخلاق الإسلامية في نهيها وأمرها، تكون المجتمع الإسلامي، فما مقاصد
هذه الأخلاق وما بواعثها؟
14 -
أما المقاصد فإنها: تحقيق الجمال في النفس والفكر والجسم، وفي ماديات الوجود.
ولكل شواهده من القرآن والسنة، ففي النفس يقول اللَّه:(قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10) .
أما في الفكر فهو كثير في القرآن منه (2 / 170) ومنه آيات التدبر والتفكر والتعقل.
وفي الجسم يقول اللَّه (7، 20 - 26) .
يخاطب بني آدم، ليس المسلمين فقط:(يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26) .
وفيها (31 - 32) : (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ. . .)
وفي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم:
"إن اللَّه جميل يحب الجمال ".
وهذا حديث جامع رواه الترمذي:
"إن اللَّه طيب يحب الطيب، نظيف يحب النظافة، كريم يحب الكرم، جواد يحب الجود، فنظفوا أفنيتكم ولا تشبهوا باليهود ".
وكما أن الجمال من مقاصدها كذلك كان الكمال، وإشباع شوق الإنسان إلى الكمال والسمو، وحب الاستطلاع، يقول اللَّه (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)
وقال: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ. . .)
(وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (76) .
ْهذه مقاصد الأخلاق الإسلامية: الجمال والكمال.
15 -
فما بواعثها؟
أكبر الذنوب في الإسلام: الشرك بالله، والقول عليه بغير علم وكبائر الذنوب - بعد