الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: البعث
يبعث الله الموتى من القبور، ويعيدهم معادا جسمانيا، بأن يجمع ما تفرق من أجسامهم، ثم ينشئهم نشأة أخرى، ثم يعيد أرواحهم 1. دل على ذلك قوله تعالى:{قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ} "سورة الأعراف: الآيتان 24-25".
وقوله تعالى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} "سورة طه: الآية55".
وقوله تعالى: {وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ} "سورة الحج: الآية7".
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب منه خلق آدم وفيه يركّب "2.
1 انظر لوامع الأنوار 2/157 بتصرف.
2 أخرجه مسلم كتاب الفتن باب ما بين النفختين 4/2270 ح"142" من طريق الأعرج عن أبي هريرة، وأخرجه بلفظ آخر مقارب له البخاري كتاب التفسير باب ونفخ في الصور 8/551 ح"4814" من طريق أبي صالح عن أبي هريرة.
فالأدلة من الكتاب والسنة متضافرة على إثبات البعث والنشور وما بعده. هذا مقتضى الأدلة بل أجمع عليه المسلمون.
قال الصابوني: "ويؤمن أهل السنة بالبعث بعد الموت يوم القيامة، وبكل ما أخبر الله سبحانه من أهوال ذلك اليوم الحق، واختلاف العباد فيه والخلق فيما يرونه ويلقونه هنالك في ذلك اليوم الهائل، من أخذ الكتاب بالأيمان، والشمائل، والإجابة عن المسائل، إلى سائر الزلازل والبلابل الموعودة في ذلك اليوم العظيم، والمقام الهائل من الصراط، والميزان، ونشر الصحف التي فيها مثاقيل الذر من الخير وغيرها"1.
وهذا هو ما عليه الإمام أبو حنيفة، دل على ذلك قوله:"نقر بأن الله يحيي هذه النفوس بعد الموت، ويبعثهم في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة بالجزاء والثواب"2.
وقرر هذا الطحاوي في بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة على مذهب أبي حنيفة وصاحبيه حيث قال: "ونؤمن بالبعث، وجزاء الأعمال يوم القيامة"3.
قال حسين الحنفي شارحا كلام الإمام أبي حنيفة: "ونقر بأن الله يحيي هذه النفوس
…
"، قال: "أجمع المسلمون على أن الله يحيي الأبدان بعد موتها، ويبعث الموتى من القبور، ومن أجواف الوحوش، ومن حواصيل الطيور، بأن يجمع أجزاءهم الأصلية بعد إعادة ما فني منها بعينه، ويعيد الأرواح إليها، وهذا هو النشء، ثم يسوقهم إلى الموقف، وهذا هو
1 عقيدة السلف أصحاب الحديث ص60، 61.
2 الوصية مع شرحها ص30.
3 العقيدة الطحاوية بتعليق الألباني ص 51.
الحشر، فيجزيهم إن خيرا فخير، وإن شرا فشر" 1.
وقال الناصري شارحا كلام الطحاوي: "فقالوا: ونؤمن بالبعث بعد الموت، والأخبار الصادرة عن الصدق، وهي الكتب السماوية والرسل الذين قامت على حقّيّتهم الآيات المعجزة لكافة الخليقة
…
فنطقت الكتب السماوية كلها بقيام الساعة، وبعث أهلها بعد موتهم وفنائهم، وكذلك نطقت الرسل والأنبياء كلهم جميعا بالبعث بعد الموت، ودلت الحكمة على تحقيق ذلك، وأنه لولا البعث لكان خلق السموات والأرض للعبث؛ إذ كان يكون الإيجاد والإعدام والبناء للهدم بلا عاقبة وذلك سفه وتعالى الله أن يكون صنعه سفها" 2.
1 شرح كتاب الوصية ص30.
2 النور اللامع ق-111/أ.