الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع: أحوال اليوم الآخر
وبعد البعث والنشور، وما يكون فيه من أهوال وشدائد، يحشر الخلائق، وتعرض الأعمال، وتوزن في الميزان، ثم المرور على الصراط، ثم إلى نعيم مقيم في الجنان، أو عذاب في النيران. وإليك بعض الأدلة مع ذكر نصوص أبي حنيفة وبعض أصحابه في ذلك.
فأما الجزاء فدليله قول الله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} "سورة الأنعام: الآية160".
وقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل: "يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفّيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه"1.
وأما العرض والحساب فدليلهما قول الله تعالى: {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ} "سورة الحاقة: الآية18".
وقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} "سورة الأنبياء: الآية47".
1 أخرجه مسلم كتاب البر والصلة والآداب باب تحريم الظلم 4/1994 ح"2577" من طريق أبي إدريس الخولاني عن أبي ذر.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من حوسب عذِّب " فقالت عائشة: يقول الله تعالى: {يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً} "سورة الانشقاق: الآية8".
قالت فقال: "إنما ذلك العرض ولكن من نوقش الحساب يهلك "1.
وأما الميزان فدليله قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ نَارٌ حَامِيَةٌ} "سورة القارعة: الآيات 6-11".
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله العظيم سبحان الله وبحمده"2.
وأما الصراط فدليله قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّا} "سورة مريم: الآيتان 71-72".
وقول النبي صلى الله عليه وسلم حين سُئل أين الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات؟ فقال: " هم في الظلمة دون الجسر"3.
1 أخرجه البخاري كتاب العلم باب من سمع شيئا فراجع حتى يعرف 1/196، 197 ح"103" من طريق ابن أبي مليكة عن عائشة ومسلم كتاب الجنة باب إثبات الحساب 4/2005 ح"80" من طريق ابن أبي مليكة عن القاسم عن عائشة.
2 أخرجه البخاري كتاب الدعوات باب فضل التسبيح 11/206 ح"6406" ومسلم كتاب الذكر والدعاء باب فضل التهليل 4/2072 ح"2694" كلاهما من طريق أبي زرعة عن أبي هريرة.
3 أخرجه مسلم كتاب الحيض باب بيان صفة منيّ الرجل والمرأة 1/252 ح"315" من طريق أبي أسماء الرحبي عن ثوبان.
وأما الحوض فدليله قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا فرطكم على الحوض"1.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن قَدْرَ حوضي كما بين أيلة وصنعاء من اليمن وإن فيه من الأباريق كعدد نجوم السماء"2.
أما الجنة والنار فأدلتهما من الكتاب والسنة لا تحصى؛ من ذلك قوله تعالى: {أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} "سورة الأعراف: الآية42".
وقوله تعالى: {أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} "سورة الأعراف: الآية36".
وقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الإسراء: "إني رأيت الجنة
…
ورأيت النار" 3.
أما رؤية المؤمنين لربهم في الجنة؛ فدل عليها قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} "سورة القيامة: الآيتان 22-23".
وقوله تعالى: {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ عَلَى الأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ} "سورة المطففين: الآيتان 22، 23".
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل أهل الجنة الجنة قال يقول الله تبارك
1 أخرجه البخاري كتاب الرقائق باب في الحوض 11/463 ح"6575" من طريق شقيق عن عبد الله ومسلم كتاب الفضائل باب إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم وصفاته 4/1792 ح"2289" من طريق عبد الملك بن عمير عن جندب.
2 أخرجه البخاري كتاب الرقائق باب في الحوض 11/463-464 ح"6580" ومسلم كتاب الفضائل باب إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم 4/800 ح"2303" من طريق ابن شهاب عن أنس بن مالك.
3 أخرجه البخاري كتاب الكسوف باب صلاة الكسوف جماعة 2/540 ح"1052" ومسلم كتاب الكسوف باب ما عرض على النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الخسوف من أمر الجنة والنار 2/626 ح"907" كلاهما من طريق عطاء عن ابن عباس.
وتعالى: تريدون شيئا أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيِّض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجينا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل" 1.
قال الإمام أبو حنيفة: "ويبعثهم في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة بالجزاء والثواب"2.
وقال: "والقصاص فيما بين الخصوم بالحسنات يوم القيامة حق"3.
وقال: "ونقر بأن قراءة الكتاب يوم القيامة حق، لقوله تعالى: {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً} "سورة الإسراء: الآية14" 4.
وقال: "ووزن الأعمال بالميزان يوم القيامة حق"5.
وقال: "ونقر بأن الميزان حق لقوله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} "سورة الأنبياء: الآية47
…
" 6.
وقال: "وحوض النبي عليه الصلاة والسلام حق"7.
وقال: "والجنة والنار مخلوقتان، لا تفنيان، ولا تموت الحور العين أبدا"8.
وقال: "ونقر بأن أهل الجنة في الجنة خالدون، وأهل النار في النار
1 أخرجه مسلم كتاب الإيمان باب إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة ربهم سبحانه وتعالى 1/163 ح"181" من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب.
2 كتاب الوصية مع شرحها ص305.
3 الفقه الأكبر ص305.
4 الوصية مع شرحها ص28.
5 الفقه الأكبر ص305.
6 الوصية مع شرحها ص26.
7 الفقه الأكبر ص305.
8 الفقه الأكبر ص305.
خالدون؛ لقوله تعالى في حق المؤمنين: {أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} "سورة الأعراف: الآية42".
وفي حق الكافرين: {أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} "سورة الأعراف: الآية36"
…
"1.
وقال: "والله تعالى يُرى في الآخرة، ويراه المؤمنون وهم في الجنة بأعين رؤوسهم، بلا تشبيه ولا كيفية"2.
وقال: "ونقر بأن لقاء الله تعالى حق بلا كيفية"3.
وقال الطحاوي في بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة على مذهب أبي حنيفة وصاحبيه: "ونؤمن بالبعث وجزاء الأعمال يوم القيامة، والعرض والحساب، وقراءة الكتاب، والثواب والعقاب، والصراط والميزان، والجنة والنار مخلوقتان، لا تفنيان أبداً ولا تبيدان"4.
وقال: "والحوض الذي أكرمه الله تعالى به غياثا لأمته حق"5.
وقال: "والرؤية حق لأهل الجنة بغير إحاطة ولا كيفية، كما نطق به كتاب ربنا: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} "سورة القيامة: الآيتان 22-23" 6.
1 الوصية مع شرحها ص33.
2 الفقه الأكبر ص304.
3 الوصية مع شرحها ص31.
4 العقيدة الطحاوية بتعليق الألباني ص 51.
5 العقيدة الطحاوية بتعليق الألباني ص 30.
6 العقيدة الطحاوية بتعليق الألباني ص 26.