الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول: الإمامة في قريش
يرى الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى أن من شرط الإمام أن يكون قرشيا. دل على هذا المعتقد قول البغدادي: "دلت الشريعة على أن قريشا لا يخلو منهم من يصلح للإمامة، فلا يجوز إقامة الإمام للكافة من غيرهم. فقد نص الشافعي رضي الله عنه على هذا في بعض كتبه وكذلك رواه زرقان 1 عن أبي حنيفة "2.
وما ذهب إليه الإمام أبو حنيفة هو مذهب الأئمة الثلاثة قال الإمام مالك: "ولا يكون ـ أي الإمام ـ إلا قرشيا وغيره لا حكم له"3.
وقال الإمام أحمد: "الخلافة في قريش ما بقي من الناس اثنان، ليس لأحد من الناس أن يتنازعهم فيها ولا يخرجه عليهم"4.
وما ذهب إليه أئمة الفقه الأربعة هو قول جماهير أهل العلم.
قال ابن حجر: "ذهب جمهور أهل العلم أن شرط الإمام أن يكون قرشيا"5.
1 لعله محمد بن حفص الزرقان.
2 أصول الدين للبغدادي ص275.
3 أحكام القرآن لابن العربي 4/1، 172.
4 طبقات الحنابلة 1/26.
5 فتح الباري 13/118.
والأصل في هذه المسائل ما ثبت في الصحيحين عن جماعة من الصحابة مما يدل على أن الإمامة في قريش. من ذلك ما رواه البخاري في صحيحه كتاب الأحكام باب الأمراء من قريش عن معاوية رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنا هذا الأمر في قريش، لا يعاديهم أحد إلا كبّه الله في النار على وجهه ما أقاموا الدين"1.
وعن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان"2.
ومن ذلك ما رواه مسلم في كتاب الإمارة باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش.
عن جابر بن سمرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا، ثم تكلم النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة خفيت عليّ فسألت أبي ماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال كلهم من قريش"3.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الناس تبع لقريش في هذا الشأن مسلمهم لمسلمهم وكافرهم لكافرهم"4.
قال النووي في الكلام على هذا الحديث: "إن الخلافة مختصة
1 أخرجه البخاري كتاب الأحكام باب الأمراء في قريش 13/113 ح7139 من طريق محمد بن جبير عن جبير بن مطعم.
2 أخرجه البخاري كتاب الأحكام باب الأمراء من قريش 13/114 ح7140 من طريق عاصم بن محمد عن أبيه عن ابن عمر.
3 أخرجه مسلم كتاب الإمارة باب الناس تبع لقريش 13/1452 ح82 من طريق عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة.
4 أخرجه مسلم كتاب الإمارة باب الناس تبع لقريش 3/1451 ح1818 من طريق الأعرج عن أبي هريرة.
بقريش لا يجوز عقدها لأحد من غيرهم، وعلى هذا انعقد الإجماع في زمن الصحابة فكذلك بعدهم، ومن خالف فيه من أهل البدع أو عرض بخلاف من غيرهم فهو محجوج بإجماع الصحابة والتابعين من بعدهم بالأحاديث الصحيحة" 1.
فالمقصود أن اشتراط القرشية أمر متفق عليه بين السلف، ولم يخالفهم إلا المبتدعة 2 كبعض المعتزلة والأشاعرة وغيرهم 3.
1 شرح صحيح مسلم 12/200.
2 فمن المعتزلة ضرار بن عمرو والنظام ومن الأشاعرة إمام الحرمين الجويني، انظر الملل والنحل 1/91؛ وغياث الأمم ص79، 80، 82. ط الثانية، وشرح صحيح مسلم 12/200.
3 طائفة من الخوارج، انظر شرح صحيح مسلم 12/200.