المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثاني: قول الإمام أبي حنيفة في المفاضلة بين عثمان وعلي رضي الله عنهما - أصول الدين عند الإمام أبي حنيفة

[محمد بن عبد الرحمن الخميس]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌تمهيد

-

- ‌الباب الأول: في ترجمة الإمام أبي حنيفة وبيان منهجه في تقرير أصول الدين

-

- ‌الفصل الأول: ترجمة الإمام أبي حنيفة

- ‌المبحث الأول: حياته الشخصية

- ‌المبحث الثاني: حياته العلمية

- ‌المبحث الثالث: دراسة موجزة لمؤلفاته في أصول الدين

-

- ‌الفصل الثاني: منهجه في تقرير أصول الدين

- ‌المبحث الأول: مصادر العقيدة عند الإمام أبي حنيفة

- ‌المبحث الثاني: موقفه من علم الكلام

- ‌المبحث الثالث: موقفه من الفرق الكلامية

-

- ‌الباب الثاني: بيان اعتقاده في التوحيد

-

- ‌الفصل الأول: توحيد الربوبية

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: معنى توحيد الربوبية وخصائصه

- ‌المبحث الثاني: مناظرة الإمام أبي حنيفة للملاحدة في إنكارهم الخالق ونقده لطريقة المتكلمين في تقرير الربوبية

- ‌المبحث الثالث: منهج الإمام أبي حنيفة في تقرير الربوبية

-

- ‌الفصل الثاني: توحيد الألوهية

- ‌المبحث الأول: تقرير توحيد الألوهية عند السلف

- ‌المطلب الأول: معنى توحيد الألوهية وخصائصه

- ‌المطلب الثاني: في "المراد بالعبادة

- ‌المطلب الثالث: ما يناقض توحيد الألوهية

- ‌المبحث الثاني: عقيدة الإمام أبي حنيفة في التوسل إلى الله

-

- ‌الفصل الثالث: توحيد الأسماء والصفات

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: تقرير توحيد الأسماء والصفات إجمالا عند الإمام أبي حنيفة

- ‌المبحث الثاني: ذكر جملة من الصفات الذاتية وكلام أبي حنيفة عنها

- ‌المبحث الثالث: ذكر جملة من الصفات الفعلية وكلام الإمام أبي حنيفة عنها

-

- ‌الباب الثالث: اعتقاده في الإيمان

- ‌الفصل الأول: مسمى الإيمان عند الإمام أبي حنيفة وهل يدخل فيه العمل

- ‌الفصل الثاني: زيادة الإيمان ونقصانه

- ‌الفصل الثالث: الاستثناء في الإيمان

- ‌الفصل الرابع: علاقة الإسلام بالإيمان

- ‌الفصل الخامس: حكم مرتكب الكبيرة

- ‌الباب الرابع: اعتقاده في بقية أصول الدين

- ‌ تمهيد

-

- ‌الفصل الأول: النبوات

- ‌المبحث الأول: الفرق بين النبي والرسول

- ‌المبحث الثاني: آيات الأنبياء

- ‌المبحث الثالث: عصمة الأنبياء

- ‌المبحث الرابع: من خصائص نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

-

- ‌الفصل الثاني: اليوم الآخر

- ‌المبحث الأول: أشراط الساعة

- ‌المبحث الثاني: فتنة القبر

- ‌المبحث الثالث: البعث

- ‌المبحث الرابع: أحوال اليوم الآخر

- ‌الفصل الثالث: القدر

- ‌توطئة

- ‌المبحث الأول: كراهية الخوض في القدر عند الإمام أبي حنيفة

- ‌المبحث الثاني: مراتب القدر

- ‌المبحث الثالث: أفعال العباد

- ‌المبحث الرابع: الطوائف المنحرفة في القدر ورد الإمام أبي حنيفة عليها

- ‌الفصل الرابع: الصحابة

- ‌المبحث الأول: الإمام أبو حنيفة يحب جميع الصحابة ويتولاهم

- ‌المبحث الثاني: قول الإمام أبي حنيفة في المفاضلة بين عثمان وعلي رضي الله عنهما

- ‌المبحث الثالث: قول الإمام أبي حنيفة فيمن يتنقص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسبهم

- ‌الفصل الخامس: الإمامة

- ‌المبحث الأول: الإمامة في قريش

- ‌المبحث الثاني: إمامة الخلفاء الراشدين

- ‌المبحث الثالث: الخروج على الإمام الجائر

-

- ‌الباب الخامس: المقارنة بين عقيدة الإمام أبي حنيفة وأتباعه

-

- ‌الفصل الأول: المقارنة بين عقيدة الإمام أبي حنيفة وأبي منصور الماتريدي وأتباعه الماتريدية

- ‌المبحث الأول: المقارنة بين الإمام أبي حنيفة وأبي منصور الماتريدي أتباعه في المنهج

- ‌المبحث الثاني: المقارنة في مسائل أصول الدين

- ‌الفصل الثاني: مدى التزام الحنفية بعقيدة الإمام أبي حنيفة في التوحيد

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌المبحث الثاني: قول الإمام أبي حنيفة في المفاضلة بين عثمان وعلي رضي الله عنهما

‌المبحث الثاني: قول الإمام أبي حنيفة في المفاضلة بين عثمان وعلي رضي الله عنهما

اتفق أهل السنة والجماعة على أن أفضل هذه الأمة بعد نبيها، أبو بكر الصديق رضي الله عنه ومن بعد أبي بكر عمر بن الخطاب وفي هذا يقول النووي:"اتفق أهل السنة والجماعة على أن أفضلهم أبو بكر ثم عمر"1.

وقال ابن الصلاح: "أفضلهم على الإطلاق أبو بكر ثم عمر"2.

ويقول ابن حجر الهيتمي: "اعلم أن الذي اتفق عليه عظماء الملة، وعلماء الأمة أن أفضل هذه الأمة أبو بكر الصديق ثم عمر رضي الله عنهما"3.

وقال القسطلاني: "إن أفضلهم على الإطلاق عند أهل السنة والجماعة إجماعا أبو بكر ثم عمر"4.

ويقول ابن تيمية: "لم يختلف علماء الإسلام في تفضيل أبي بكر

1 شرح مسلم 1/148.

2 مقدمة ابن الصلاح ص149.

3 الصواعق المحرفة ص57.

4 المواهب اللدنية 7/36-39.

ص: 544

وعمر، وتقديمهما على جميع الصحابة. وهو قول مالك وأصحابه وأبي حنيفة وأصحابه

ومن لا يحصى عدده..ممن له في الإسلام لسان صدق، كلهم يجزمون بتقديم أبي بكر وعمر" 1.

وهذا ما اتفق عليه أهل السنة والجماعة بل أجمعوا عليه 2، ولكنهم اختلفوا في تفضيل عثمان على عليّ. وفي هذا يقول الشافعي:"وما اختلف أحد من الصحابة والتابعين في تفضيل أبي بكر وعمر وتقديمهما على جميع الصحابة، وإنما في علي وعثمان ونحن لا نخطِّئ واحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما فعلوا"3.

وقال الزركشي: "وإنما وقع الخلاف في التفضيل بين علي وعثمان"4. فجمهور أهل السنة على تقديم عثمان على عليّ رضي الله عنهم أجمعين. وفي هذا يقول النووي: "وقال جمهورهم ـ يعني أهل السنة ـ ثم عثمان ثم علي"5.

وقال ابن الصلاح: "ثم إن جمهور السلف على تقديم عثمان على عليّ رضي الله عنهم أجمعين ـ"6.

وقال بعض أهل السنة في تقديم عليّ على عثمان.

1 منهاج السنة 7/286-288.

2 حكى الإجماع الغزالي في الاقتصاد ص154، ط دار الكتب العلمية، والأيجي في شرح المواقف 3/279.

3 الاعتقاد للبيهقي ص192.

4 الإجابة فيما استدركته عائشة على الصحابة ص61.

5 شرح مسلم للنووي 15/48.

6 مقدمة ابن الصلاح ص177، ط مكتبة الفارابي تحقيق د/ مصطفى البغا، الطبعة الأولى 1404هـ.

ص: 545

وفي هذا يقول ابن كثير: "والعجب أنه قد ذهب بعض أهل الكوفة من أهل السنة إلى تقديم عليّ على عثمان، ويحكى عن سفيان الثوري، ولكن يقال إنه رجع عنه 1. ونقل مثله عن وكيع بن الجراح ونصره ابن خزيمة والخطابي وهو ضعيف مردود"2.

وروي هذا القول عن الإمام أبي حنيفة فقد أسند إليه ابن عبد البر في الانتقاء قوله: "الجماعة أن تفضل 3 أبا بكر وعمر وعليا وعثمان وما تتنقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

" 4.

وجاء في السير الكبير لمحمد بن الحسن الشيباني أن نوح بن أبي مريم سأل أبا حنيفة عن مذهب أهل السنة فقال: "أن تفضِّل أبا بكر وعمر وتحب عليا وعثمان

" 5.

وجاء في مناقب أبي حنيفة للمكي: "كان أبو حنيفة يفضل أبا بكر على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ثم عمر، ثم يقول عليّ وعثمان".

وقال ابن أبي العز: "وقد روي عن أبي حنيفة تقديم عليّ على عثمان رضي الله عنهما ولكن ظاهر مذهبه تقديم عثمان على عليّ، وعلى هذا عامة أهل السنة"6.

1 انظر فتح الباري 7/16.

2 الباعث الحثيث ص183، ط دار الكتب العلمية.

3 في الأصل: "أن فضل أبا بكر.." وهو غلط، والصواب ما أثبت لأن ما بعده مفعول به منصوب.

4 ص63.

5 1/158.

6 شرح العقيدة الطحاوية ص570.

ص: 546

فقوله روي بصيغة التمريض؛ وهي تشعر بعدم ثبوت هذه الرواية عن الإمام أبي حنيفة. ولعله قد استند على ما روي عن الإمام أبي حنيفة في غير ما موضع من أنه كان يفضل أبا بكر وعمر ويحب عليا وعثمان فقوله: "علي وعثمان" لا يقتضي تقديم علي على عثمان لأن الوار في اللغة العربية لمطلق الجمع، ولأن التقديم الذكري لا يستلزم التقديم في الفضل، فالذي استقر عليه الإمام أبو حنيفة هو تفضيل عثمان على علي دل على ذلك قوله:"وأفضل الناس بعد النبيين عليهم الصلاة والسلام أبوبكر الصديق ثم عمر بن الخطاب الفاروق ثم عثمان بن عفان ذو النورين ثم علي بن أبي طالب المرتضى رضوان الله تعالى عليهم أجمعين عابدين ثابتين على الحق ومع الحق نتولاهم جميعا"1.

ويقول: "ونقرّ بأن أفضل هذه الأمة بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: أبو بكر الصديق ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضوان الله عليهم أجمعين"2.

وقال: "أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ، ثم نكف عن جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بذكر جميلٍ"3.

وهذا ما قرره الطحاوي في بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة على مذهب أبي حنيفة وصاحبيه حيث قال: "ونثبت الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أولا لأبي بكر الصديق رضي الله عنه تفضيلا وتقديما على جميع الأمة، ثم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثم لعثمان رضي الله عنه، ثم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهم

1 الفقه الأكبر ص303-304.

2 الوصية مع شرحها ص14.

3 كما في النور اللامع "ق-119-ب" عنه.

ص: 547

الخلفاء الراشدون والأئمة المهتدون" 1.

وهذا ما استقر عليه أئمة الفقه كالشافعي ومالك في إحدى الروايتين.

وفي هذا يقول ابن تيمية: "وجمهور الناس فضلوا عثمان وعليه استقر أمر أهل السنة، وعليه أئمة الفقه كالشافعي وأبي حنيفة وإحدى الروايتين عن مالك"2.

وحكى القاضي عياض رجوع الإمام مالك عن الوقف في تفضيل عثمان على عليّ.

وفي هذا يقول الزرقاني: " حكى القاضي عياض عن مالك الرجوع عن الوقف إلى تفضيل عثمان وقال: إنه مشهور عن مالك والثوري وكافة أئمة الحديث والفقه وكثير من المتكلمين، وقال القرطبي: إنه الأصح عن مالك إن شاء الله"3.

وذكر ابن بدران في المدخل أن الإمام أحمد كان يفضل أبا بكر ثم عمر ثم عثمان ويسكت، ثم ربع بعلي لما ثبت له صحة حديث ابن عمر ونقل عن الإمام أحمد قوله:"كنا نقول: أبو بكر وعمر وعثمان ونسكت حتى صح لنا حديث ابن عمر"4.

قال ابن بدران: "وأما الحديث الذي أشار إليه الإمام فإني كشفت عليه في المسند فلم أجده، ولست أدري هل فيه وزاغ عنه البصر فلم أجده؟! لكني وجدت أن الحافظ أبا القاسم ابن عساكر رواه في ترجمة

1 العقيدة الطحاوية بتعليق الألباني ص 57.

2 منهاج السنة 8/197، 225.

3 شرح الزرقاني على المواهب اللدنية 7/38.

4 المدخل ص17، 18.

ص: 548

أبي بكر الصديق رضي الله عنه من تاريخه الكبير عن ابن عمر قال: كنا نقول ورسول الله حي: أفضل هذه الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي فيبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ينكر، وفي لفظ: ثم ندع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا نفاضل بينهما، قال ابن بدران: وحيث أن الإمام أشار إلى صحة هذا الحديث تركنا الكلام عليه اكتفاء بتوثيق إمام المحدثين" 1.

والحديث الذي رواه ابن عساكر أصله في صحيح البخاري ولفظه: "كنا نخير بين الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فنخير أبا بكر ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان رضي الله عنهم"2.

ولخص شيخ الإسلام ابن تيمية مذهب أهل السنة في المفاضلة بين عثمان وعلي بقوله: "ويقرون بما تواتر به النقل عن أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضي الله عنه وعن غيره، من أن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ويثلثون بعثمان ويربعون بعلي رضي الله عنهم، كما دلت عليه الآثار، وكما أجمع الصحابة رضي الله عنهم على تقديم عثمان في البيعة، مع أن بعض أهل السنة كانوا قد اختلفوا في عثمان وعلي رضي الله عنهما بعد اتفاقهم على تقديم أبى بكر وعمر أيهما أفضل، فقدم قوم عثمان وسكتوا، أو ربعوا بعلي، وقدم قوم عليا، وقوم توقفوا، لكن استقر أمر أهل السنة على تقديم عثمان"3.

فالمقصود أن تفضيل عثمان على علي هو ما كان عليه أئمة الفقه

1 المدخل ص17، 18.

2 أخرجه البخاري كتاب فضائل الصحابة باب فضل أبي بكر 7/16 ح"3625" من طريق نافع عن ابن عمر.

3 مجموع الفتاوى 3/153.

ص: 549

وجمهور أهل السنة، ومن قال بخلاف ذلك فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار كما قال أيوب السختياني:"من لم يقدم عثمان على عليّ فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار"1.

1 مجموع الفتاوى 4/428؛ ومنهاج السنة 8/225؛ قال ابن تيمية: "ولو لم يكن عثمان أحق بالتقديم وقدموه كانوا إما جاهلين بفضله وإما ظالمين بتقديم المفضول من غير ترجيح ديني، ومن نسبهم إلى الجهل والظلم فقد أزرى بهم".

ص: 550