الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جماع ما جاء في الطاعون
(1)
وقول الله تعالى (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم)
(1)
- قال ابن القيم في الزاد [4/ 35] الطاعون من حيث اللغة: نوع من الوباء، قاله صاحب الصحاح، وهو عند أهل الطب ورم رديء قتال يخرج معه تلهب شديد مؤلم جدا يتجاوز المقدار في ذلك، ويصير ما حوله في الأكثر أسود أو أخضر، أو أكمد، ويؤول أمره إلى التقرح سريعا. وفي الأكثر، يحدث في ثلاثة مواضع: في الإبط، وخلف الأذن، والأرنبة، وفي اللحوم الرخوة. ثم قال: قال الأطباء: إذا وقع الخراج في اللحوم الرخوة، والمغابن، وخلف الأذن والأرنبة، وكان من جنس فاسد، سمي طاعونا، وسببه دم رديء مائل إلى العفونة والفساد، مستحيل إلى جوهر سمي، يفسد العضو ويغير ما يليه، وربما رشح دما وصديدا، ويؤدي إلى القلب كيفية رديئة، فيحدث القيء والخفقان والغشي، وهذا الاسم وإن كان يعم كل ورم يؤدي إلى القلب كيفية رديئة حتى يصير لذلك قتالا، فإنه يختص به الحادث في اللحم الغددي، لأنه لرداءته لا يقبله من الأعضاء إلا ما كان أضعف بالطبع، وأردؤه ما حدث في الإبط وخلف الأذن لقربهما من الأعضاء التي هي أرأس، وأسلمه الأحمر، ثم الأصفر، والذي إلى السواد، فلا يفلت منه أحد. ولما كان الطاعون يكثر في الوباء، وفي البلاد الوبيئة، عبر عنه بالوباء، كما قال الخليل: الوباء: الطاعون. وقيل: هو كل مرض يعم، والتحقيق أن بين الوباء والطاعون عموما وخصوصا، فكل طاعون وباء، وليس كل وباء طاعونا، وكذلك الأمراض العامة أعم من الطاعون، فإنه واحد منها، والطواعين خراجات وقروح وأورام رديئة حادثة في المواضع المتقدم ذكرها. قلت: هذه القروح، والأورام، والجراحات، هي آثار الطاعون، وليست نفسه، ولكن الأطباء لما لم تدرك منه إلا الأثر الظاهر، جعلوه نفس الطاعون. والطاعون يعبر به عن ثلاثة أمور: أحدها: هذا الأثر الظاهر، وهو الذي ذكره الأطباء. والثاني: الموت الحادث عنه، وهو المراد بالحديث الصحيح في قوله: الطاعون شهادة لكل مسلم .. والثالث: السبب الفاعل لهذا الداء، وقد ورد في الحديث الصحيح: أنه بقية رجز أرسل على بني إسرائيل، وورد فيه أنه وخز الجن. وجاء أنه دعوة نبي. الخ.
• البخاري [5728] حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة قال: أخبرني حبيب بن أبي ثابت قال: سمعت إبراهيم بن سعد قال: سمعت أسامة بن زيد يحدث سعدا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها. فقلت: أنت سمعته يحدث سعدا ولا ينكره؟ قال: نعم. مسلم [2218] حدثنا محمد بن المثنى حدثنا ابن أبي عدي عن شعبة عن حبيب قال: كنا بالمدينة فبلغني أن الطاعون قد وقع بالكوفة، فقال لي عطاء بن يسار وغيره إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا كنت بأرض فوقع بها، فلا تخرج منها، وإذا بلغك أنه بأرض فلا تدخلها. قال قلت: عمن؟ قالوا: عن عامر بن سعد يحدث به، قال فأتيته فقالوا: غائب، قال فلقيت أخاه إبراهيم بن سعد فسألته فقال: شهدت أسامة يحدث سعدا قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن هذا الوجع رجز أو عذاب أو بقية عذاب عذب به أناس من قبلكم، فإذا كان بأرض وأنتم بها، فلا تخرجوا منها وإذا بلغكم أنه بأرض فلا تدخلوها. قال حبيب: فقلت لإبراهيم: أنت سمعت أسامة يحدث سعدا وهو لا ينكر؟ قال: نعم. اهـ
• البخاري [5734] حدثنا إسحاق أخبرنا حبان حدثنا داود بن أبي الفرات حدثنا عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يعمر عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها أخبرتنا أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون، فأخبرها نبي الله صلى الله عليه وسلم: أنه كان عذابا يبعثه الله على من يشاء، فجعله الله رحمة للمؤمنين، فليس من عبد يقع الطاعون، فيمكث في بلده صابرا، يعلم أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له، إلا كان له مثل أجر الشهيد. اهـ
• ابن سعد [11916] أخبرنا يزيد بن هارون حدثنا جعفر بن كيسان حدثتنا عمرة بنت قيس العدوية قالت: دخلت على عائشة فسألتها عن الفرار من الطاعون فقالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الفرار من الطاعون كالفرار من الزحف. اهـ رواه أحمد. وقال أحمد [25118] حدثنا يزيد أخبرنا جعفر بن كيسان ويحيى بن إسحاق وعفان المعنى وهذا لفظ حديث يزيد لم يختلفوا في الإسناد والمعنى قالا: أخبرنا جعفر بن كيسان العدوي قال: حدثتنا معاذة بنت عبد الله العدوية قالت: دخلت على عائشة فقالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تفنى أمتي إلا بالطعن والطاعون. قلت: يا رسول الله، هذا الطعن قد عرفناه، فما الطاعون؟ قال: غدة كغدة البعير، المقيم بها كالشهيد، والفار منها كالفار من الزحف. اهـ صححهما الألباني وشعيب. ورأيت الحفاظ من قبل يصححون الوجهين عن جعفر. والفارّ هو الخارج من أرض الوباء بعد أن نزلها.
• البخاري [5729] حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن عبد الله بن عباس أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج إلى الشأم، حتى إذا كان بسرغ لقيه أمراء الأجناد، أبوعبيدة بن الجراح وأصحابه، فأخبروه أن الوباء قد وقع بأرض الشأم. قال ابن عباس: فقال عمر: ادع لي المهاجرين الأولين، فدعاهم فاستشارهم، وأخبرهم أن الوباء قد وقع بالشأم، فاختلفوا، فقال بعضهم: قد خرجت لأمر، ولا نرى أن ترجع عنه، وقال بعضهم: معك بقية الناس وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء، فقال: ارتفعوا عني، ثم قال: ادعوا لي الأنصار، فدعوتهم فاستشارهم، فسلكوا سبيل المهاجرين، واختلفوا كاختلافهم، فقال: ارتفعوا عني، ثم قال: ادع لي من كان ها هنا من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح، فدعوتهم، فلم يختلف منهم عليه رجلان، فقالوا: نرى أن ترجع بالناس ولا تقدمهم على هذا الوباء، فنادى عمر في الناس: إني مصبح على ظهر فأصبحوا عليه. قال أبوعبيدة بن الجراح: أفرارا من قدر الله؟ فقال عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة؟ نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله، أرأيت لو كان لك إبل هبطت واديا له عدوتان، إحداهما خصبة، والأخرى جدبة، أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله؟ قال: فجاء عبد الرحمن بن عوف - وكان متغيبا في بعض حاجته - فقال: إن عندي في هذا علما، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه. قال: فحمد الله عمر ثم انصرف. اهـ
وقال مالك في رواية أبي معصب [1870] عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أن عمر بن الخطاب رحمة الله عليه إنما انصرف بالناس عن حديث عبد الرحمن بن عوف. اهـ رواه البخاري ومسلم.
• الطحاوي [7078] حدثنا ابن أبي داود قال ثنا علي بن عياش الحمصي قال ثنا شعيب بن أبي حمزة عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: قال عمر بن الخطاب: اللهم إن الناس يحلوني ثلاث خصال وأنا أبرأ إليك منهن زعموا أني فررت من الطاعون، وأنا أبرأ إليك من ذلك. وأني أحللت لهم الطلاء وهو الخمر، وأنا أبرأ إليك من ذلك. وأني أحللت لهم المكس وهو النجس، وأنا أبرأ إليك من ذلك. اهـ سند صحيح. كتبته في الأشربة.
• مالك [1545] عن داود بن الحصين عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ أنه أخبره عن محمود بن لبيد الأنصاري أن عمر بن الخطاب حين قدم الشام شكا إليه أهل الشام وباء الأرض وثقلها وقالوا: لا يصلحنا إلا هذا الشراب فقال عمر: اشربوا هذا العسل. قالوا: لا يصلحنا العسل فقال رجل من أهل الأرض: هل لك أن نجعل لك من هذا الشراب شيئا لا يسكر؟ قال: نعم فطبخوه حتى ذهب منه الثلثان وبقي الثلث فأتوا به عمر فأدخل فيه عمر إصبعه ثم رفع يده فتبعها يتمطط، فقال: هذا الطلاء، هذا مثل طلاء الإبل، فأمرهم عمر أن يشربوه فقال له عبادة بن الصامت: أحللتها والله، فقال عمر: كلا والله، اللهم إني لا أحل لهم شيئا حرمته عليهم، ولا أحرم عليهم شيئا أحللته لهم. اهـ صحيح.
• ابن أبي شيبة [33848] حدثنا محمد بن بشر قال: حدثنا هشام بن سعد قال: حدثني عروة بن رويم عن القاسم عن عبد الله بن عمر قال: جئت عمر حين قدم الشام فوجدته قائلا في خبائه فانتظرته في الخباء فسمعته حين تضور من نومه وهو يقول: اللهم اغفر لي رجوعي من غزوة سرغ يعني حين رجع من أجل الوباء. إسحاق [المطالب العالية 2475] أخبرنا أبو عامر العقدي أنبأنا هشام بن سعد قال حدثني عروة عن القاسم بن محمد عن عبد الله بن عمر قال: إن عمر كتب إلى عماله بالشام: إذا سمعتم بالوباء قد رفع، فاكتبوا إلي، فجئت وهو نائم، وذاك بعد رجوعه من سرغ فسمعته لما قام من نومته يقول اللهم اغفر لي رجوعي إلى هنا من سرغ. أبو العباس البرتي [2] حدثنا إسحاق بن إسماعيل قال: حدثنا جعفر بن عون عن هشام بن سعد قال: حدثني عروة بن رويم عن القاسم عن عبد الله بن عمر قال: جئت عمر حين قدم من الشام فوجدته قائلا في خباء له فانتظرته في الخباء قال: فسمعته حين تضور من نومه يقول: اللهم اغفر لي رجوعي من سرغ. أبو عمر في التمهيد [6/ 212] من طريق ابن وضاح حدثنا دحيم قال حدثنا ابن أبي فديك عن هشام بن سعد عن عروة بن رويم عن القاسم عن عبد الله بن عمر قال: جئت عمر حين قدم من الشام فوجدته نائما في خبائه فقعدت فسمعته حين يثور من نومه يقول اللهم اغفر لي رجوعي من سرغ قال عروة فبلغنا أنه كتب إلى عامله بالشام إذا سمعت بالطاعون قد وقع عندكم
(1)
فاكتب إلي حتى أخرج. اهـ سند جيد، قاله ابن حجر في الفتح.
وقال مالك [1591] بلغني أن عمر بن الخطاب قال: لبيت بركبة أحب إلي من عشرة أبيات بالشام
(2)
. قال مالك: يريد لطول الأعمار والبقاء ولشدة الوبأ بالشام. رواه سويد عن مالك عن يحيى. ورواه معمر بن راشد [20166] عن الزهري أن عمر بن الخطاب قال: بيت بركبة إنما من خمسين بيتا بالشام. اهـ مرسل.
وقال أبو إسحاق الحربي [1/ 268] حدثنا أبو الربيع حدثنا حماد بن زيد عن عبد الله بن مختار عن محمد بن زياد عن زبيد بن الصلت: تعذر العيش علينا بالمدينة ، فلقيني عمر فقال: أين تريد؟ قلت: الشام قال: لم تعرض هؤلاء الفتية لطواعين الشام؟ اهـ سند حسن.
وقال الطبري [114] وحدثني إسحاق بن شاهين الواسطي قال: حدثنا خالد بن عبد الله عن أبي سنان عن عبد الله بن أبي الهذيل قال: وقع الطاعون بالشام، وبه جيش من المسلمين. قال: فجاء رجل منهم حتى دخل على عمر فأخبره. فقال: ما جئتني بكتاب؟ قال: لا، ولكني قد أخبرتك الخبر. قال: فدخل عمر، ثم خرج إلى الرجل فوجده نائما، قال: فضربه، ثم قال له: نمت لا أنام الله عينك؟ قم فانطلق. قال: فحمله على بعير له، يقال له: محسر. قال: اكتب معي. قال: لا أكتب إلى من لم يكتب إلي، ولكن انطلق، فاعزم على من استطاع الخروج أن يخرج. اهـ أبو سنان اسمه ضرار بن مرة. ثقات كلهم.
(1)
- كذا، وصوابه "رفع عنكم". كما في رواية إسحاق.
(2)
- قال أبو عمر في الاستذكار [8/ 255] معناه عندي أن الشام كثيرة الأمراض والوباء والأسقام وأن ركبة أرض مصحة طيبة الهواء قليلة الأمراض والوباء لأن الأمراض تنقص من العمر أو تزيد في البقاء أو تؤخر الأجل. وقال ابن وضاح: ركبة موضع بين الطائف ومكة في طريق العراق. وقال غيره ركبة واد من أودية الطائف. اهـ
• ابن أبي شيبة [33851] حدثنا أبو أسامة عن أبي عون عن محمد قال: ذكر له أن عمر رجع من الشام حين سمع أن الوباء بها، فلم يعرفه، وقال: إنما أخبر أن المصايفة لا تخرج العام، فرجع. اهـ مرسل.
• معمر بن راشد [20164] عن قتادة قال: وقع طاعون بالشام في عهد عمر، فكان الرجل لا يرجع إليه بناقته، فقال عمرو بن العاص وهو أمير الشام يومئذ: تفرقوا من هذا الرجز في هذه الجبال وهذه الأودية، وقال شرحبيل ابن حسنة: بل رحمة ربكم، ودعوة نبيكم، وموت الصالحين قبلكم، لقد أسلمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن هذا لأضل من حمار أهله، فقال معاذ بن جبل وسمعه يقول ذلك: اللهم أدخل على آل معاذ نصيبهم من هذا البلاء، قال: فطعنت له امرأتان فماتتا، ثم طعن ابن له فدخل عليه، فقال: الحق من ربك فلا تكونن من الممترين. فقال: ستجدني إن شاء الله من الصابرين. قال: ثم مات ابنه ذلك، فدفنه ثم طعن معاذ فجعل يغشى عليه فإذا أفاق قال: رب غمني غمك، فوعزتك إنك لتعلم أني أحبك، قال: ثم يغشى عليه فإذا أفاق قال مثل ذلك، قال: فأفاق فإذا هو برجل يبكي عنده، قال: ما يبكيك؟ فقال: أما والله ما أبكي على دنيا أطمع أن أصيبها منك، ولكني أبكي على العلم الذي أصيب منك، قال: فلا تبك، فإن العلم لا يذهب والتمسه من حيث التمسه خليل الله إبراهيم، فإذا أنا مت فالتمس العلم عند أربعة نفر عبد الله بن سلام وعبد الله بن مسعود وسلمان وعويمر أبي الدرداء، فإن أعيوك فالناس أعيى، قال: ثم مات. اهـ معمر ليس بالقوي في قتادة.
وقال أحمد [17753] حدثنا عبد الصمد حدثنا همام قال: حدثنا قتادة عن شهر عن عبد الرحمن بن غنم قال: لما وقع الطاعون بالشام، خطب عمرو بن العاص الناس، فقال: إن هذا الطاعون رجس، فتفرقوا عنه في هذه الشعاب وفي هذه الأودية، فبلغ ذلك شرحبيل بن حسنة قال: فغضب فجاء وهو يجر ثوبه معلق نعله بيده، فقال: صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمرو أضل من حمار أهله، ولكنه رحمة ربكم، ودعوة نبيكم، ووفاة الصالحين قبلكم. الطبراني [7209] حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا همام ثنا قتادة ومطر الوراق عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم قال: وقع الطاعون بالشام، فخطبنا عمرو بن العاص، فقال: إن هذا الطاعون رجس، ففروا منه في الأودية والشعاب، فبلغ ذلك شرحبيل ابن حسنة، فقال: كذب عمرو، صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمرو أضل من حمار أهله، ولكنه رحمة ربكم، ودعوة نبيكم، ووفاة الصالحين قبلكم. اهـ رواه الحاكم من هذا الوجه وسكت عنه.
وقال الطبري [119] حدثنا ابن المثنى قال حدثني عبد الأعلى قال حدثنا داود عن شهر بن حوشب أن عمر بن الخطاب استعمل معاذ بن جبل على دمشق وحمص واستعمل عمرو بن العاص على الأردن وفلسطين. فوقع الطاعون بالشام، فقام معاذ بن جبل خطيبا فقال: يا أيها الناس هذا رحمة ربكم، ودعوة نبيكم صلى الله عليه وسلم وموت الصالحين قبلكم. ثم قال: اللهم أعط آل معاذ النصيب الأوفى. قال ثم نزل فجاءه الرسول فقال: إن عبد الرحمن قد طعن. قال: فانطلق حتى دخل عليه، فقال: كيف تجدك؟ قال الحق من ربك فلا تكونن من الممترين. قال: ستجدني إن شاء الله من الصابرين. قال: ثم تتابع أهله فيه. قال: ثم إن معاذا طعن. قال: ثم قام عمرو بن العاص في حزبه أو في جنده فقال: إن هذا الرجز قد وقع، فتفرقوا عنه في هذه الشعاب والأودية. فقام شرحبيل بن حسنة فقال: لقد أسلمت وأميركم هذا أضل من جمل أهله. فقال عمرو: صدق لقد أسلم وأنا أضل من جمل أهلي، فانظروا ما يقول لكم فاتبعوه. وقال حدثني سلم بن جنادة قال حدثنا ابن إدريس قال: سمعت داود بن أبي هند يذكر عن شهر بن حوشب قال: لما وقع الطاعون بالشام قام معاذ بن جبل في أصحابه خطيبا فقال: أيها الناس هذا الطاعون أراه قال: رحمة ربكم، ودعوة نبيكم صلى الله عليه وسلم وميتة الصالحين قبلكم. اللهم اقسم لآل معاذ نصيبهم الأوفى. قال: فلما نزل أتاه آت فقال: إن عبد الرحمن قد أصيب. قال: فأتاه، فقال: يا بني الحق من ربك فلا تكونن من الممترين. فقال: ستجدني إن شاء الله من الصابرين. فمات عبد الرحمن، ومات أهله، حتى كان آخرهم معاذ. وقام عمرو بن العاص في أصحابه، فقال: أيها الناس إن هذا الطاعون رجز فتفرقوا في الشعاب والأودية. فقام شرحبيل بن حسنة فقال: أيها الناس والله لقد أسلمت وأميركم هذا أضل من جمل أهله. إن هذا الطاعون رحمة ربكم، ودعوة نبيكم، وميتة الصالحين قبلكم. فقال عمرو: صدق، فاسمعوا، وأطيعوا، فإنه أعلم مني.
وحدثنا أبو كريب محمد بن العلاء قال: حدثنا أبو معاوية عن داود بن أبي هند عن شهر بن حوشب عن الحارث بن عميرة الزبيدي قال: وقع الطاعون في الشام، ومعاوية يومئذ بحمص، فقام خطيبا فقال: إن هذا الطاعون رحمة ربكم، ودعوة نبيكم صلى الله عليه وسلم وموت الصالحين قبلكم. اللهم اقسم لآل معاذ نصيبهم الأوفى منه. ثم ذكر نحوه.
وقال ابن أبي شيبة [30971] حدثنا أبو معاوية عن داود بن أبي هند عن شهر بن حوشب عن الحارث بن عميرة الزبيدي قال: وقع الطاعون بالشام فقام معاذ بحمص فخطبهم، فقال: إن هذا الطاعون رحمة ربكم ودعوة نبيكم صلى الله عليه وسلم وموت الصالحين قبلكم، اللهم اقسم لآل معاذ نصيبهم الأوفى منه، قال: فلما نزل، عن المنبر أتاه آت، فقال: إن عبد الرحمن بن معاذ قد أصيب، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، قال: ثم انطلق نحوه، قال: فلما رآه عبد الرحمن مقبلا، قال: إنه الحق من ربك فلا تكونن من الممترين، قال: فقال: يا بني ستجدني إن شاء الله من الصابرين قال: فمات آل معاذ إنسانا إنسانا حتى كان معاذ آخرهم، قال: فأصيب، فأتاه الحارث بن عميرة الزبيدي، قال: فأغشي على معاذ غشية، قال: فأفاق معاذ والحارث يبكي، قال: فقال معاذ: ما يبكيك؟ قال: فقال: أبكي على العلم الذي يدفن معك، قال: فقال: إن كنت طالب العلم لا محالة فاطلبه من عبد الله بن مسعود ومن عويمر أبي الدرداء ومن سلمان الفارسي، قال: وإياك وزلة العالم، قال: قلت: وكيف لي أصلحك الله أن أعرفها، قال: إن للحق نورا يعرف به، قال: فمات معاذ وخرج الحارث يريد عبد الله بن مسعود بالكوفة، قال: فانتهى إلى بابه فإذا على الباب نفر من أصحاب عبد الله يتحدثون، قال: فجرى بينهم الحديث حتى، قالوا: يا شامي أمؤمن أنت؟ قال: نعم، فقالوا: من أهل الجنة؟ قال: فقال: إن لي ذنوبا لا أدري ما يصنع الله فيها فلو أني أعلم أنها غفرت لي لأنبأتكم أني من أهل الجنة، قال: فبينما هم كذلك إذ خرج عليهم عبد الله، فقالوا له: ألا تعجب من أخينا هذا الشامي يزعم أنه مؤمن، ولا يزعم أنه من أهل الجنة، قال: فقال عبد الله: لو قلت إحداهما لاتبعتها الأخرى، قال: فقال الحارث: إنا لله وإنا إليه راجعون، صلى الله على معاذ، قال: ويحك ومن معاذ، قال: معاذ بن جبل، قال: وما قال؟ قال: إياك وزلة العالم فأحلف بالله، أنها منك لزلة يا ابن
مسعود، وما الإيمان إلا أنا نؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والجنة والنار والبعث والميزان، وإن لنا ذنوبا لا ندري ما يصنع الله فيها، فلو أنا نعلم أنها غفرت لنا لقلنا: إنا من أهل الجنة، فقال عبد الله: صدقت والله إن كانت مني لزلة. ابن سعد [4626] حدثنا عبيد الله بن موسى عن شيبان عن الأعمش عن شهر بن حوشب عن الحارث بن عميرة الزبيدي قال: إني جالس عند معاذ بن جبل وهو يموت فهو يغمى عليه مرة ويفيق مرة، فسمعته يقول عند إفاقته: اخنق خنقك، فوعزتك إني لأحبك. الطبراني [230] حدثنا أبو مسلم الكشي ثنا عبد الله بن رجاء أنا عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عن حديث الحارث بن عميرة عن معاذ بن جبل أنه قال في الطاعون: رحمة ربكم، ودعوة نبيكم، ووفاة الصالحين قبلكم. الطبراني [364] حدثنا أبو يزيد القراطيسي ثنا أسد بن موسى ثنا عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري عن الحارث بن عميرة الحارثي أن معاذ بن جبل رضي الله عنه طعن فجعل يرسل الحارث بن عميرة إلى أبي عبيدة بن الجراح يسأله كيف هو؟ فأراه أبو عبيدة طعنه خرجت في كفه فتكابر شأنها في نفس الحارث ففرق منها حين رآها فأقسم له أبو عبيدة بالله ما يحب أن له بها حمر النعم
(1)
.اهـ
وقال أحمد [1697] حدثنا يعقوب حدثنا أبي عن محمد بن إسحاق حدثني أبان بن صالح عن شهر بن حوشب الأشعري عن رابه رجل من قومه كان خَلَفَ على أمه بعد أبيه كان شهد طاعون عمواس قال: لما اشتعل الوجع، قام أبو عبيدة بن الجراح في الناس خطيبا، فقال: أيها الناس: إن هذا الوجع رحمة ربكم، ودعوة نبيكم، وموت الصالحين قبلكم، وإن أبا عبيدة يسأل الله أن يقسم له منه حظه. قال: فطعن فمات رحمه الله، واستخلف على الناس معاذ بن جبل، فقام خطيبا بعده فقال: أيها الناس إن هذا الوجع رحمة ربكم، ودعوة نبيكم، وموت الصالحين قبلكم، وإن معاذا يسأل الله أن يقسم لآل معاذ منه حظه. قال: فطعن ابنه عبد الرحمن بن معاذ، فمات، ثم قام فدعا ربه لنفسه، فطعن في راحته، فلقد رأيته ينظر إليها ثم يقبل ظهر كفه، ثم يقول: ما أحب أن لي بما فيك شيئا من الدنيا. فلما مات استخلف على الناس عمرو بن العاص، فقام فينا خطيبا فقال: أيها الناس إن هذا الوجع إذا وقع فإنما يشتعل اشتعال النار، فتجبلوا منه في الجبال. قال: فقال له أبو واثلة الهذلي: كذبت والله، لقد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنت شر من حماري هذا. قال: والله ما أرد عليك ما تقول، وايم الله لا نقيم عليه، ثم خرج وخرج الناس فتفرقوا عنه ودفعه الله عنهم. قال: فبلغ ذلك عمر بن الخطاب من رأي عمرو فوالله ما كرهه. اهـ هذا خبر لم يقمه شهر بن حوشب، وليس هو بالحافظ.
وقال أحمد [17754] حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن يزيد بن خمير عن شرحبيل بن شفعة قال: وقع الطاعون فقال عمرو بن العاص: إنه رجس فتفرقوا عنه، فبلغ ذلك شرحبيل بن حسنة فقال: لقد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمرو أضل من بعير أهله، إنه دعوة نبيكم، ورحمة ربكم، وموت الصالحين قبلكم، فاجتمعوا له، ولا تفرقوا عنه. فبلغ ذلك عمرو بن العاص فقال: صدق. حدثنا عفان حدثنا شعبة قال: يزيد بن خمير أخبرني قال: سمعت شرحبيل بن شفعة يحدث عن عمرو بن العاص أن الطاعون وقع، فقال عمرو بن العاص: إنه رجس، فتفرقوا عنه، وقال شرحبيل بن حسنة: إني قد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمرو أضل من جمل أهله، وربما قال شعبة: أضل من بعير أهله، وأنه قال: إنها رحمة ربكم، ودعوة نبيكم، وموت الصالحين قبلكم، فاجتمعوا ولا تفرقوا عنه. قال: فبلغ ذلك عمرو بن العاص فقال: صدق. الطبري [118] حدثنا ابن المثنى قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة عن يزيد بن خمير عن شرحبيل بن شفعة قال: وقع الطاعون. فقال عمرو بن العاص: إنه رجز فتفرقوا عنه. فبلغ ذلك شرحبيل بن حسنة فقال: لقد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمرو أضل من بعير أهله. إنه دعوة نبيكم صلى الله عليه وسلم ورحمة ربكم، وموت الصالحين قبلكم. فاجتمعوا له، ولا تفرقوا عنه. فبلغ ذلك عمرو بن العاص، فقال: صدق. الطحاوي [7048] حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا أبو الوليد قال: حدثنا شعبة عن يزيد بن حميد قال: سمعت شرحبيل بن حسنة
(2)
يحدث عن عمرو بن العاص: إن الطاعون وقع بالشام فقال عمرو: تفرقوا عنه فإنه رجز. فبلغ ذلك شرحبيل ابن حسنة فقال: قد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم. فسمعته يقول: إنها رحمة ربكم، ودعوة نبيكم وموت الصالحين قبلكم، فاجتمعوا له، ولا تفرقوا عليه. فقال عمرو رضي الله عنه: صدق.
الطبراني [7210] حدثنا علي بن عبد العزيز وأبو مسلم الكشي قالا ثنا حجاج بن المنهال ح وحدثنا أبو مسلم الكشي ثنا سليمان بن حرب قالا ثنا شعبة عن يزيد بن خمير عن شرحبيل بن شفعة قال: وقع الطاعون بالشام، فقام عمرو، فقال: إن هذا الرجس قد وقع، فتفرقوا عنه، قال ابن حسنة: قد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أضل من حمار أهله، إنما هي رحمة ربكم، ودعوة نبيكم، وموت الصالحين قبلكم، فاجتمعوا له، ولا تفرقوا عنه، فبلغ ذلك عمرا، فقال: صدق. ابن حبان [2951] أخبرنا أبو خليفة قال: حدثنا محمد بن كثير العبدي قال: أخبرنا شعبة عن يزيد بن خمير عن شرحبيل بن شفعة عن عمرو بن العاص أن الطاعون وقع بالشام فقال إنه رجز فتفرقوا عنه فقال شرحبيل بن حسنة: إني صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمرو أضل من حمار أهله أو جمل أهله وقال: إنها رحمة ربكم ودعوة نبيكم وموت الصالحين قبلكم فاجتمعوا له ولا تفرقوا عنه. فسمع ذلك عمرو بن العاص فقال: صدق. اهـ صححه ابن حبان.
وقال الطبري [120] حدثنا ابن بشار قال حدثنا عبد الوهاب قال حدثنا أيوب وحدثني يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا ابن علية قال حدثنا أيوب عن أبي قلابة أن عمرو بن العاص قال: تفرقوا عن هذا الرجز في الشعاب والأودية، ورؤوس الجبال. فبلغ ذلك معاذ بن جبل فقال: بل هو شهادة ورحمة ودعوة نبيكم صلى الله عليه وسلم. اللهم أعط معاذا وأهله نصيبهم من رحمتك، فطعن في كفه. قال: أبو قلابة فكنت أقول: لقد عرفت الشهادة والرحمة، وكنت لا أدري ما دعوة نبيكم صلى الله عليه وسلم حتى سألت عنها، فأخبرت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في صلاته ذات ليلة: فحمى إذا وطاعونا، فحمى إذا وطاعونا. قالها مرتين. فقال رجل: يا رسول الله لقد سمعتك البارحة تدعو بدعاء ما سمعته منك قط؟ فقال: أوسمعته؟ قال: إني استجرت الله لأمتي ألا يهلكهم بسنة بعامة، فأعطانيها. وسألته أن لا يسلط عليهم عدوا من غيرهم فيستحييهم، فأعطانيها. وسألته أن لا يلبسهم شيعا ولا يذيق بعضهم بأس بعض فمنعني أو قال: فأبى علي. فقلت: فحمى إذا وطاعونا. اهـ مرسل جيد.
وقال الطبري [121] وحدثني عبد الحميد بن بيان الواسطي قال: أخبرنا محمد بن يزيد عن إسماعيل عن طارق بن عبد الرحمن أن الوباء وقع بالشام واستعر حتى قال الناس: ما هذا إلا الطوفان غير أنه ليس ماء. فبلغ ذلك معاذ بن جبل، فقال: اجمعوا الناس فجمعوا. قال: أيها الناس قد بلغني الذي خفتم من هذا الوباء. زعمتم أنه الطوفان وليس كالذي تخافون ولكنه رحمة ربكم، ودعوة نبيكم صلى الله عليه وسلم، وقبض الصالحين قبلكم، ولكن أخاف عليكم سوى ذلك، أخاف أن يغدو الرجل منكم من بيته لا يدري أمؤمن هو أو منافق. اهـ محمد بن يزيد هو الواسطي، وإسماعيل هو ابن أبي خالد. مرسل حسن.
وقال أحمد [17756] حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم حدثنا ثابت حدثنا عاصم عن أبي منيب أن عمرو بن العاص قال في الطاعون في آخر خطبة خطب الناس، فقال: إن هذا رجس مثل السيل، من ينكبه أخطأه، ومثل النار من ينكبها أخطأته، ومن أقام أحرقته وآذته فقال شرحبيل بن حسنة: إن هذا رحمة ربكم، ودعوة نبيكم، وقبض الصالحين قبلكم. وقال أحمد [22085] حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم حدثنا ثابت بن يزيد حدثنا عاصم عن أبي منيب الأحدب قال: خطب معاذ بالشام فذكر الطاعون فقال: إنها رحمة ربكم ودعوة نبيكم، وقبض الصالحين قبلكم. اللهم أدخل على آل معاذ نصيبهم من هذه الرحمة. ثم نزل من مقامه ذلك، فدخل على عبد الرحمن بن معاذ فقال: عبد الرحمن: الحق من ربك فلا تكونن من الممترين فقال معاذ: ستجدني إن شاء الله من الصابرين. الطبري [126] وحدثنا ابن حميد قال حدثنا جرير عن عاصم عن أبي منيب الجرشي قال: خطبنا معاذ حين وقع الطاعون فقال: إن هذا رحمة ربكم ودعوة نبيكم صلى الله عليه وسلم وقبض الصالحين قبلكم. اللهم أعط آل معاذ حظهم من هذا الأمر. فنزل فوجد ابنه بالموت. فقال: يا أبت الحق من ربك فلا تكونن من الممترين. فقال معاذ ستجدني إن شاء الله من الصابرين. الطبراني [243] حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا جرير عن عاصم بن سليمان عن أبي منيب الجرشي قال: خطبنا معاذ بن جبل حين وقع الطاعون بالشام فقال: إن هذا الأمر رحمة ربكم، ودعوة نبيكم، وموت الصالحين قبلكم، اللهم أعط لآل معاذ حظهم من هذا الأمر. اهـ مرسل حسن.
وقال ابن سعد [4625] أخبرنا عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا موسى بن عبيدة عن أيوب بن خالد عن عبد الله بن رافع قال: لما أصيب أبو عبيدة بن الجراح في طاعون عمواس، استخلف معاذ بن جبل واشتد الوجع فقال الناس لمعاذ: ادع الله يرفع عنا هذا الرجز، قال: إنه ليس برجز، ولكنه دعوة نبيكم صلى الله عليه وسلم، وموت الصالحين قبلكم، وشهادة يختص بها الله من يشاء منكم. أيها الناس، أربع خلال من استطاع أن لا يدركه شيء منهن فلا يدركه، قالوا: وما هي؟ قال: يأتي زمان يظهر فيه الباطل، ويصبح الرجل على دين ويمسي على آخر، ويقول الرجل: والله ما أدري على ما أنا لا يعيش على بصيرة، ولا يموت على بصيرة، ويعطى الرجل المال من مال الله على أن يتكلم بكلام الزور الذي يسخط الله، اللهم آت آل معاذ نصيبهم الأوفى من هذه الرحمة، فطعن ابناه فقال: كيف تجدانكما؟ قالا: يا أبانا، الحق من ربك فلا تكونن من الممترين. قال: وأنا ستجداني إن شاء الله من الصابرين، ثم طعنت امرأتاه فهلكتا، وطعن هو في إبهامه فجعل يمسها بفيه يقول: اللهم إنها صغيرة فبارك فيها فإنك تبارك في الصغير، حتى هلك. الطبري [364] حدثنا غيلان بن عبد الصمد الطيالسي ماغمة ثنا محمد بن عثمان بن كرامة ثنا عبيد الله بن موسى عن موسى بن عبيدة عن أيوب بن خالد عن عبد الله بن رافع قال: لما أصيب أبو عبيدة بن الجراح في طاعون عمواس استخلف معاذ بن جبل، واشتد الوجع فقال الناس: يا معاذ، ادع الله يرفع عنا هذا الرجز، فقال: إنه ليس برجز، ولكنه دعوة نبيكم، وموت الصالحين قبلكم، وشهادة يختص الله بها من يشاء منكم. اهـ ابن عبيدة يضعف.
وقال ابن سعد [4628] أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس المدني عن إبراهيم بن أبي حبيبة عن داود بن الحصين أنه بلغه أنه لما وقع الوجع عام عمواس، قال أصحاب معاذ: هذا رجز قد وقع، فقال معاذ: أتجعلون رحمة رحم الله بها عباده كعذاب عذب الله به قوما سخط عليهم؟ إنما هي رحمة خصكم الله بها، وشهادة خصكم الله بها، اللهم أدخل على معاذ وأهل بيته من هذه الرحمة، من استطاع منكم أن يموت فليمت من قبل فتن ستكون، من قبل أن يكفر المرء بعد إسلامه، أو يقتل نفسا بغير حلها، أو يظاهر أهل البغي، أو يقول الرجل: ما أدري على ما أنا إن مت أو عشت، أعلى حق أو على باطل. اهـ ابن أبي حبيبة ضعيف.
ورواه الحاكم [5186] من طريق ابن وهب أخبرني عثمان بن عطاء عن أبيه أن معاذ بن جبل رضي الله عنه قام في الجيش الذي كان عليه حين وقع الوباء، فقال: يا أيها الناس هذه رحمة ربكم، ودعوة نبيكم، ووفاة الصالحين قبلكم، ثم قال معاذ وهو يخطب: اللهم أدخل على آل معاذ نصيبهم الأوفى من هذه الرحمة. فبينا هو كذلك إذ أتي فقيل: طعن ابنك عبد الرحمن، فلما أن رأى أباه معاذا، قال: يقول عبد الرحمن: يا أبت، الحق من ربك فلا تكونن من الممترين. قال: يقول معاذ: ستجدني إن شاء الله من الصابرين. فمات من الجمعة إلى الجمعة آل معاذ كلهم ثم كان هو آخرهم. اهـ عثمان بن عطاء الخراساني ضعيف.
وروى أبو عمر في التمهيد [8/ 371] من طريق ابن وضاح حدثنا دحيم حدثنا الوليد بن مسلم عن الوليد بن محمد عن الزهري قال: أصاب الناس طاعون بالجابية فقام عمرو بن العاص وقال تفرقوا عنه فإنما هو بمنزلة نار فقام معاذ بن جبل فقال لقد كنت فينا ولأنت أضل من حمار أهلك سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هو رحمة لهذه الأمة اللهم فاذكر معاذا وآل معاذ فيمن تذكر بهذه الرحمة قال دحيم حدثنا عفان عن شعبة عن يزيد بن خمير قال سمعت شرحبيل بن شفعة يحدث عن عمرو بن العاص قال وقع الطاعون بالشام فقال عمرو إنه رجس فتفرقوا عنه فقال شرحبيل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنها رحمة بكم ودعوة نبيكم. اهـ الوليد بن محمد الموقَري تركوه.
(1)
- سئل الدارقطني في العلل [994] عن حديث الحارث بن عميرة عن معاذ قال: إن هذا الطاعون رحمة ربكم ودعوة نبيكم. فقال: يرويه شهر بن حوشب واختلف عنه، فرواه داود بن أبي هند عن شهر بن حوشب عن الحارث بن عميرة عن معاذ. وخالفه عبد الحميد بن بهرام فرواه عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن الحارث بن عميرة وهو أشبه بالصواب. اهـ
(2)
- كذا، وما هو إلا تصحيف.
• الطبري [113] حدثنا ابن المثنى قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال: كنا نتحدث إلى أبي موسى الأشعري قال: فقال لنا ذات يوم: لا عليكم أن تجفوا فإن هذا الوجع قد وقع في أهلنا، فمن شاء منكم أن يتنزه فليتنزه. واحذروا أن يقول رجل: خرج رجل فعوفي وجلس رجل فأصيب، لو كنت جلست كما جلس آل فلان أصبت كما أصيب آل فلان. وأن يقول: إن جلس فأصيب: لو كنت خرجت كما خرج آل فلان عوفيت كما عوفي آل فلان فإني سأحدثكم في الطاعون: إن عمر كتب إلى أبي عبيدة في الطاعون الذي وقع بالشام أنه عرضت لي حاجة لا غنى بي عنك فيها فإذا أتاك كتابي، فإني أعزم عليك إن أتاك ليلا ألا تصبح حتى ترد، وإن أتاك نهارا ألا تمسي حتى ترد إلي. فلما قرأ أبو عبيدة الكتاب قال: قد عرفت حاجة أمير المؤمنين، أراد أن يستبقي من ليس بباق. ثم كتب: إني قد عرفت حاجتك التي عرضت لك فحللني من عزمتك يا أمير المؤمنين فإني في جند المسلمين ولن أرغب بنفسي عنهم. قال: فلما قرأ عمر الكتاب بكى. قال: فقيل له: توفي أبو عبيدة؟ قال: لا وكأن قد. قال: فكتب إليه عمر: إن الأردن أرض عمقة، وإن الجابية أرض نزهة، فاظهر بالمسلمين إلى الجابية. قال: فلما قرأ أبو عبيدة الكتاب قال: هذا نسمع فيه أمير المؤمنين، ونطيعه. قال: فأمرني أن أركب فأبوئ الناس منازلهم. قال: فقلت إني لا أستطيع قال: فقال لي: لعل المرأة طعنت؟ قال: قلت: أجل. قال: فذهب ليركب فوجد وخزة فطعن، وتوفي أبو عبيدة، وانكشف الطاعون. الطحاوي [7038] حدثنا الحسين بن الحكم الجيزي قال: ثنا عاصم بن علي ح وحدثنا سليمان بن شعيب قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد قالا ثنا شعبة بن الحجاج عن قيس بن مسلم قال: سمعت طارق بن شهاب قال: كنا نتحدث إلى أبي موسى الأشعري.
فقال لنا ذات يوم لا عليكم أن تخفوا عني، فإن هذا الطاعون قد وقع في أهلي، فمن شاء منكم أن يتنزه فليتنزه، واحذروا اثنتين، أن يقول قائل: خرج خارج فسلم، وجلس جالس فأصيب، لو كنت خرجت لسلمت كما سلم آل فلان أو يقول قائل: لو كنت جلست لأصبت كما أصيب آل فلان، وإني سأحدثكم ما ينبغي للناس في الطاعون، إني كنت مع أبي عبيدة، وأن الطاعون قد وقع بالشام، وأن عمر كتب إليه إذا أتاك كتابي هذا فإني أعزم عليك، لمن أتاك مصبحا لا تمسي حتى تركب، وإن أتاك ممسيا لا تصبح حتى تركب إلي فقد عرضت لي إليك حاجة لا غنى لي عنك فيها. فلما قرأ أبو عبيدة الكتاب قال: إن أمير المؤمنين أراد أن يستبقي من ليس بباق. فكتب إليه أبو عبيدة إني في جند من المسلمين، إني فررت من المناة والسير لن أرغب بنفسي عنهم، وقد عرفنا حاجة أمير المؤمنين، فحللني من عزمتك. فلما جاء عمر الكتاب بكى، فقيل له: توفي أبو عبيدة؟ قال: لا، وكأن قد. كتب إليه عمر: إن الأردن أرض عمقة ، وإن الجابية أرض نزهة، فانهض بالمسلمين إلى الجابية. فقال لي أبو عبيدة: انطلق فبوئ المسلمين منزلهم ، فقلت: لا أستطيع. قال: فذهب ليركب وقال لي رجل من الناس قال: فأخذه أخذة، فطعن فمات، وانكشف الطاعون. اهـ سند صحيح.
• الطبري [111] حدثنا ابن المثنى قال حدثنا مسلم بن إبراهيم قال حدثنا سعيد عن يزيد بن أبي زياد عن سليمان بن عمرو بن الأحوص أن أبا موسى بعث بنته إلى الأعراب من الطاعون. وحدثني العباس بن محمد قال: حدثنا مسلم قال حدثنا شعبة عن يزيد بن أبي زياد عن سليمان بن عمرو بن الأحوص أن أبا موسى كان يبعث بنته إلى الأعراب من الطاعون. اهـ ابن أبي زياد ضعيف.
• ابن سعد [4995] أخبرنا عفان بن مسلم وأحمد بن إسحاق الحضرمي قالا حدثنا عبد الواحد بن زياد قال حدثنا عاصم الكلابي الأحول عن كريب بن الحارث عن أبي بردة بن قيس قال: قلت لأبي موسى الأشعري في طاعون وقع: اخرج بنا إلى وابق نبدو بها، فقال أبو موسى: إلى الله آبق لا إلى وابق. وقال البخاري في التاريخ [106] قال ابن أبي الأسود وقيس بن حفص عن عبد الواحد بن زياد قال نا عاصم قال نا كريب بن الحارث بن أبي موسى عن أبي بردة بن قيس أخو أبي موسى الأشعري قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: فناء أمتي قتلا في سبيلك والطعن والطاعون. وحدثنا عاصم عن كريب بن الحارث عن أبي بردة بن قيس قلت لأبي موسى في طاعون وقع: اخرج بنا إلى دابق. فقال أبو موسى: إلى الله آبق لا إلى دابق. اهـ المرفوع رواه أحمد وصححه الحاكم والذهبي.
يأتي من هذا الباب في كتاب الفتن نعوذ بالله منها.