المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حول الدور الحضاري لشبه جزيرة العرب - العرب في العصور القديمة

[لطفي عبد الوهاب]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌تقديم الطبعة الثانية

- ‌تقديم الطبعة الأولى

- ‌المحتوى

- ‌القسم الأول: المنطقة والشعب والأرض

- ‌الباب الأول: منطقة نشوء الحضارات وشبه جزيرة العرب

- ‌إبعاد منطقة نشوء الحضارات

- ‌تحديد المنطقة

- ‌ المنجزات الحضارية الأولى وهذه المنطقة:

- ‌ المقارنة الحضارية بين هذه المنطقة والمناطق الأخرى:

- ‌أسباب نشأة الحضارات الاولى في هذه المنطقة

- ‌مدخل

- ‌ ظرف المناخ:

- ‌ ظرف المواصلات السهلة:

- ‌ الحدود شبه المانعة للمنطقة:

- ‌شبه جزيرة العرب ضمن منطقة نشوء الحضارات

- ‌حول الدور الحضاري لشبه جزيرة العرب

- ‌ مقدمات هذا الدور قبل ظهور الإسلام:

- ‌الباب الثاني: الساميون وشبه الجزيرة والعرب

- ‌قضية الساميين أو الشعوب السامية

- ‌مدخل

- ‌ افتراض لوجود عنصر سامي:

- ‌ رد على هذا الافتراض:

- ‌قضية أصل الساميين وشبه جزيرة العرب

- ‌ملاحظات مبدئية

- ‌افتراض اصل افريقي للساميين

- ‌ افتراضات أصل آسيوي للساميين:

- ‌ حول أصل الساميين وشبه جزيرة العرب:

- ‌الساميون والعرب

- ‌مدخل

- ‌ ملاحظات حول فكرة موطن أصلي للساميين:

- ‌ تصور مطروح حول هذه الفكرة:

- ‌ العرب وفكرة الأصل السامي:

- ‌الباب الثالث: شبه جزيرة العرب: الملامح العامة

- ‌ الموقع والسطح والأقسام الطبيعية:

- ‌ المناخ:

- ‌ النبات والحيوان:

- ‌القسم الثاني: المصادر

- ‌الباب الرابع: الاثار والنقوش

- ‌مدخل

- ‌ قيمة الآثار والنقوش في التاريخ لشبه الجزيرة:

- ‌امثلة من المخلفات الأثرية

- ‌مدخل

- ‌ الآثار المعمارية:

- ‌ النحت والمخربشات:

- ‌ الفخار والعملة:

- ‌النقوش

- ‌نقوش عن الاحوال الداخلية لشبه الجزيرة

- ‌ نقوش عن العلاقات الخارجية لشبه الجزيرة:

- ‌ تقويم عام للنقوش:

- ‌الباب الخامس: المصادر الدينية

- ‌مدخل

- ‌القرآن الكريم

- ‌مدخل

- ‌ أمثلة لأقوام شبه الجزيرة في القرآن:

- ‌ أمثلة عن الحياة الدينية في شبه الجزيرة:

- ‌ مثال لتكوين المجتمع في شبه الجزيرة:

- ‌ الحديث الشريف:

- ‌ التوراة والتلمود:

- ‌الباب السادس: المصادر الكتابية

- ‌مدخل

- ‌الكتاب الكلاسيكيون

- ‌كتاب المرحلة المبكرة

- ‌ كتاب العصر المتأغرق:

- ‌ كتاب العصر الروماني:

- ‌ كتاب العصر الإمبراطوري الروماني المتأخر:

- ‌الكتابات العربية في العصر الاسلامي

- ‌صعوبات أمام الاعتماد على هذه الكتابات

- ‌ استثناءات ممكنة من هذا التعميم:

- ‌الباب السابع: الشعر الجاهلي

- ‌ الشعر كمصدر تاريخي:

- ‌ اعتراضات على الشعر الجاهلي كمصدر تاريخي:

- ‌ ردود على هذه الاعتراضات:

- ‌ حول مجالات الشعر الجاهلي:

- ‌القسم الثالث: المجتمع

- ‌الباب الثامن: الوضع الاقتصادي

- ‌مدخل

- ‌الرعي

- ‌الرعي والرعاة

- ‌ الموارد المكملة لحياة الرعاة:

- ‌الزراعة والمحاصيل الطبيعية

- ‌المورد الزراعي

- ‌ المحاصيل الطبيعية:

- ‌التجارة

- ‌مدخل

- ‌ أهمية هذا المورد ومظاهر ذلك:

- ‌ طرق التجارة البرية:

- ‌ النشاط التجاري البحري:

- ‌ التعدين والصناعة:

- ‌الباب التاسع: الأوضاع الداخلية

- ‌مدخل

- ‌الوضع السياسي

- ‌مدخل

- ‌ التكوينات السياسية:

- ‌ نظام الحكم:

- ‌الوضع الاجتماعي

- ‌مدخل

- ‌ عوامل التماسك:

- ‌ عوامل الانقسام:

- ‌الوضع الديني

- ‌مدخل

- ‌ تطور العقائد الدينية وانتشارها:

- ‌ الظروف المحيطة بالحياة الدينية:

- ‌الباب: العاشر: العلاقات الخارجية

- ‌المرحلة الأولى: ظهور الهوية العربية

- ‌بدايات غير محددة

- ‌ العلاقات مع العبرانيين:

- ‌ العلاقات مع القوى الشرقية:

- ‌المرحلة الثانية: العلاقات مع القوات الغربية

- ‌الاسكندر الأكبر والدول المتأغرقة

- ‌ العلاقات مع الإمبراطورية الرومانية:

- ‌المرحلة الثالثة: العرب بين قوى الشرق والغرب

- ‌مدخل

- ‌ الإمارات العربية الحدّية:

- ‌ الدين والسياسة في الصراع الدولي:

- ‌الملاحق

- ‌اللوحات

- ‌ الخرائط:

- ‌مختارات من‌‌ المصادروالمراجع

- ‌ المصادر

- ‌ المراجع

الفصل: ‌حول الدور الحضاري لشبه جزيرة العرب

هذه المنطقة أنسب المناطق لنشوء الحضارات: مناخ معتدل أو شبه معتدل يساعد على النشاط الحضاري في وقت لم يكن الإنسان فيه قد تمكن بعد من تذليل مصاعب البيئة وعقباتها، وطرق اتصال سهلة تمكن المجموعات البشرية في داخل المنطقة من تبادل تجاربها الحضارية؛ ومن ثم تطويرها وتنميتها، وحدود شبه مانعة تؤدي إلى تركيز تلك التجارب وتعميقها بدلًا من بعثرتها وتسطيحها.

ص: 33

‌شبه جزيرة العرب ضمن منطقة نشوء الحضارات

‌حول الدور الحضاري لشبه جزيرة العرب

3-

شبه جزيرة العرب ضمن منطقة نشوء الحضارات:

أ- حول الدور الحضاري لشبه جزيرة العرب:

وفي وسط منطقة نشوء الحضارات التي رأينا أنها تمتد من حدود الإمبراطورية الفارسية عند مشارف الهند شرقًا إلى حدود الإمبراطورية الرومانية عند شواطئ المحيط الأطلسي غربا، تقع شبه الجزيرة العربية في النصف الجنوبي من القسم الأوسط. وقد بدأ أقدم دور حضاري كبير في منطقة نشوء الحضارات فعلا في القسم الأوسط من المنطقة، ولكنه ابتدأ في النصف الشمالي منها، في مصر ووادي الرافدين وسورية، حيث أخذ هذا الدور يظهر بشكل واضح، بعد فترة تمهيدية طويلة، ابتداء من الألف الرابعة ق. م. أما النصف الجنوبي الذي تشغله شبه جزيرة العرب فقد تأخر دوره الحضاري عن ذلك كثيرا. وفي الواقع فإن أقدم أقسام شبه الجزيرة من حيث الظهور الحضاري الملموس في العصور التاريخية القديمة، وهو القسم الجنوبي الغربي، لا نعرف عنه في مجال الإنجاز الحضاري إلا في فترة تعود إلى القرن الثامن ق. م. أو إلى القرن السابق له على أكبر تقدير10. وحقيقة إن المخلفات الأثرية في هذه

10 عثر في القسم الشمالي من شبه الجزيرة العربية "منطقة الأحساء والقطيف حاليا" على مخلفات حضارية في شكل بقايا فخارية ترجع إلى حضارة عصر العبيد "4000-3500 ق. م". وتشير هذه إلى اتصالات حضارية مع وادي الرافدين حيث اكتشفت بقايا هذه الفترة الحضارية "راجع الباب الرابع الخاص بالآثار والنقوش في هذه الدراسة، وراجع ملحق الخرائط، خريطة رقم 5" ولكن هذه المخلفات الفخارية، حتى إن دلت على خطوات حضارية ذاتية مبكرة "وليست مجرد تأثر بحضارة وادي الرافدين في عصر العبيد، وهو أمر مرجح حتى الآن" فهو على أي الأحوال لم تستمر لتشكل كيانا حضاريا واضحا، ولم تمثل دورا حضاريا مؤثرا في العصور القديمة.

ص: 33

المنطقة تشير إلى تقدم فن المعمار وإلى تنظيم واضح في مجال الأمور الداخلية للبلاد وإلى معرفة بالكتابة والخط المتطور كما تشير إلى نشاط خارجي تجاري وعسكري وسياسي، وكلها أمور تركت بعض التأثيرات الحضارية في الأماكن التي اتصلت بها هذه المنطقة أو امتد إليها نفوذها، إلا أن الأثر الحضاري الكبير، وهو ما يمكن أن نسميه بالدور الحضاري، لم يظهر سواء في القسم الجنوبي الغربي من شبه جزيرة العرب أو في بقية أنحاء شبه الجزيرة إلا بعد ذلك بما يقرب من خمسة عشر قرنا.

لقد بدأ هذا الدور الحضاري المؤثر لشبه جزيرة العرب في القرن السابع الميلادي على أثر ظهور الدعوة الإسلامية وانطلاق الفتوح العربية من شبه الجزيرة وعبر عن نفسه في ثلاثة تيارات متواكبة، تركت أثرها واضحًا على المسار التاريخي والحضاري آنذاك، ولا زال هذا الأثر مستمرا حتى الآن. وتمثل أحد هذه التيارات في نشر الدين الإسلامي وانتشاره بين مجموعات بشرية تمثل كل العناصر تقريبا وتنتشر في مناطق تمتد من المحيط الأطلسي غربا إلى جزر أندونيسية شرقا، وهو دين لا يقتصر على الجانب الروحي وإنما يشمل إلى جانبه طرقًا للتعامل تشكل أسلوبًا للحياة يمارسه في الوقت الحاضر أكثر من 450 مليون شخص. والتيار الثاني كان حركة التعريب التي انتهت بأن أصبحت اللغة العربية هي لغة الحياة اليومية والرسمية في المناطق التي تمتد عبرها مناطق تضم ما يقرب من مائة مليون شخص. أما التيار الثالث فهو الحركة العلمية والثقافية النشطة التي قام بها العرب أو شجعوا عليها وهيئوا لها الأجواء

ص: 34