الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي تولِّي الجدِّ طرفي النكاح على حافديه وجهان، فإن أجزناه: فهل يلزمه الإتيانُ بالطرفين، أم يُخرَّج على الوجهين كالبيع؟ فيه وجهان، فإن قلنا: لا يتولَّاهما، فوكَّل في أحدهما وتعاطَى الآخَر فوجهان، فإن منعناه رُفع الأمر إلى الحاكم ليتولَّى أحد الطرفين، وهل يتخيَّر الحاكم فيما يتولَّاه من الطرفين، أو يكون ذلك إلى رأي الجدِّ؟ فيه احتمالٌ، والأولى: تخيير الحكَّام.
2292 - فرع:
لا يصحُّ التوكُّل في طرفي النكاح على المذهب، وقيل: يصحُّ كالتوكُّل في طرفي الاختلاع.
* * *
2293 - فصل فيمن يزوِّجها اثنان وأشكلَ السابق منهما
إذا أَذِنتْ لأخويها في التزويج، ولم تعيِّن الزوج، وأجزنا ذلك، فزوَّجَها كلُّ واحد منهما بزوج؛ فإن عُلم وقوعُ النكاحين معًا بطلا، وإن تقدَّم أحدهما وعرفناه صحَّ، فإن وطئها الزوجُ الثاني بجهالةٍ لزمه مهرُ المِثْلِ، والنكاحُ للأوَّل.
وانْ أَشْكَلَ: هل وقع العقدان معًا، أو تلاحَقَا؟ فإن توقَّعنا البيانَ وجب البحثُ على حسب الإمكان، وإن يئسنا من البيان، وتصادقوا على الإشكال، فللعقدين أحوال:
إحداها (1): أن يُمْكِنَ تساوقُهما وتلاحقُهما: فهل يبطل العقد، أو
(1) في "ظ": "أحدها"، والصواب المثبت لحصول التأنيث في تعداد باقي الأحوال.
يُفسخ لاحتمال التلاحُقِ؟ فيه وجهان.
ولو أشكل على امرأة: هل تزوَّجتْ أم لا؟ لم يلزمها التسبُّبُ إلى فسخ النكاح، فإن أثبتنا الفسخ ففيمن يتعاطاه أوجه:
أحدها: لا يتعاطاه إلا حاكم، أو محكَّمٌ إن جوَّزنا التحكيم.
والثاني: تستبدُّ به المرأة من غير رفعٍ إلى الحاكم كما يفسخ بالجَبِّ.
والثالث (1): تستبدُّ به المرأة وكلٌّ واحد من الزوجين.
ولم يشرط أحدٌ اتِّفَاقَهم على الفسخ، وإن طلَّق الزوجان فلا حاجة إلى فسخِ أحدٍ.
الثانية: أن يُعْرَفَ التلاحُقُ، ولا يتعيَّنَ السابق، فهل يُلحق بالحال الأولى، أو يقف النكاح أبدًا؟ فيه قولان، وفي نظيره في الجُمعتين طريقان:
إحداهما: القطع بصحَّة السابقة، فيصلُّون الظهر؛ إذ لا يمكن فسخُ الصلاة بعد انقضائها، بخلافِ النكاح؛ فإنَّه قائم يقبل الفسخ.
والثانية: فيها القولان.
الثالثة: أن يُعرف التلاحقُ، ويتعيَّنَ السابق، ثم يُشكل، فالمذهب: الوقفُ أبدًا، وأَغْرَبَ مَن خرَّجه على القولين.
فإن قلنا بالوقف فلا نطالبُ واحدًا منهما بشيء من المهر، وهل تطالب كلَّ واحد بنصف النفقة؟ فيه احتمال، والظاهر: أنَّها لا تطالِبُ.
هذا إذا تصادَقوا على الإشكال، فأمَّا إذا ادَّعى كلُّ واحدٍ أنَّه السابق؛
(1) في "ظ": "والثاني"، والصواب المثبت. انظر:"نهاية المطلب"(12/ 127).
فإن ادَّعيا على الوليِّ لم تُسمع دعواهما إن لم [يكن](1) مجبِرًا، وإن كان مجبِرًا فوجهان يجريان في كلِّ مجبِرٍ يُدَّعى عليه الإنكاح، والأقيس: أنَّها لا تُسمع؛ إذ لا حقَّ على الوليِّ، وليس المدَّعى به في يده، ووجهُ السماع: أنَّه مقبولُ الإقرار.
وإن ادَّعى أحدهما على الآخر لم يُسمع، خلافًا للصيدلانيِّ؛ إذ لا حقَّ لأحدهما على الآخر، والدعوى تختصُّ بمن يُسْتحَقُّ عليه المدَّعَى به، ولا وجه لقول الصيدلانيِّ إن أمكنت الدعوى على المرأة، وإن تعذَّرت الدعوى عليها؛ لاعترافهم بأنَّها لا تعرف السابق، فهذا موضع الخلاف، فإن سمعنا دعواهما انقدح أن يُقْرِعَ الحاكم بينهما في البداية بالتحليف، واحتُمل أن يبدأ بمن شاء، فإن حلفا، أو نكلا، كان كما لو تصادقوا على الإشكال، وإن حلف أحدهما، ونكل الآخر، قُضي للحالف.
وإن ادَّعيا ابتداءً على المرأة فلهما حالان:
إحداهما: أن يدَّعي كلُّ واحد أنَّه السابق بالعقد، فلا بدَّ من دعوى عِلْمِها بالسبق؛ ليقع الإنكار واليمين على حَسَبه، فإن أقرَّت للمتقدِّم بالدعوى أنَّه سبق بالعقد سُلِّمت إليه، فإن أقرَّت بعد ذلك للآخر لم تُسلَّم إليه، وهل تغرم له؟ فيه قولان، فإن غرَّمناها لزمها ما يلزمُ شهودَ الطلاق إذا رجعوا، وإن لم تعترف للآخر ففي تحليفها له قولان.
وإن قلنا: تغرم له لو أقرَّت، حلفت له، وإلا فلا، فإن قلنا: تحلف،
(1) زيادة يقتضيها السياق. انظر: "نهاية المطلب"(12/ 133).
فحلفت، انقطعت الخصومة، وإن نكلت عُرضت اليمين على الثاني، فإنْ نكل كان نكولُه كحلفها، وإن حلف: فهل تُسلَّم إليه، ويبطل نكاح الأوّل؟ فيه قولان مأخذُهما: أنَّ يمين الردِّ: كالبيِّنة أو الإقرار؟ والأصحُّ: أنَّها كالإقرار، فإن قلنا: تُسلَّم إلى الثاني، فينبغي أن تحلف وإن قلنا: لا يلزمُها الغرم؛ لِمَا في التحليف من فائدة إثبات الثكاح.
وإن قالت: لا علم لي بالسابق منكما؛ فإنْ حضرا معًا، ورضيا بيمينٍ واحدة على نفي العلم، حلفت يمينًا واحدة، وإن حضر الأول، وأَحْلفها، ثم حضر الآخر، فهل له تحليفُها مرةً أخرى؟ فيه وجهان يجريان في كلِّ شخصين يدَّعيان على شخصٍ شيئًا متِّحدًا.
فإنْ نكلت عن يمين السابق منهما حلف أنّه السابقُ بالعقد، ولا يحلف على أنَّها عالمةٌ بذلك عند المحقِّقين؛ لأنَّ ذلك إنَّما شُرط في حقِّها؛ ليرتبط به إنكارُها وحَلِفُها.
فإن حلفت لهما فالأصحُّ: أنَّهما يتداعيان ويحتلفان؛ لأنَّ الدعوى قد تعلَّقت بالمرأة، فلم يفد شيئًا، بخلاف تداعيهما قبل الدعوى على المرأة، وأبعدَ مَن رمز إلى أنَّ الخصومة تنقضي بحلفها.
ولو نكلت لمَّا رضيا بيمينها كان نكولها كحَلِفِها.
ولو قالت لمَّا ادعى الأول: لستَ السابقَ بالعقد، فهذا إقرارٌ للثاني، وقد تقدَّم حكمُ إقرارها لأحدهما.
الثانية: أن يدَّعي كلُّ واحد منهما زوجيَّة مُطْلَقةً، ولا يضيفها إلى العقد، ففي سماع دعواه خلاف يجري في الإقرار المطلق بالنكاح، والأصحُّ: