الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فليس لفظُ الإبراءِ والعفوِ بكنايةٍ في الهبات؛ لأنَّهما وُضعا للإسقاط دون التمليك.
ولو أبرأ أحدُهما الآخر من حصَّته من الصَّداق وهو دينٌ، لم يفتقر إلى القبول على الأصحِّ، وإن أبرأه بلفظ الهبة صحَّ اتِّفاقًا، فإنْ شرطنا القبول في لفظ الإبراء، فلفظ الهبة أولى، وإلا فوجهان.
* * *
2490 - فصل في هبة الصداق من الزوج قبل الطلاق
إذا تسلَّمت الصَّداق، وباعته من الزوج بمحاباةٍ، أو بغيرِ محاباةٍ، فطلَّقها قبل الدخول، لزمها نصفُ القيمة، ولو اتَّهبه وقبضه، ففي رجوعه بنصف القيمة قولان يجريان في الأسباب المُوجِبة لارتداد جميع الصداق، وفيما لو باع عبدًا بثوب، فاتَّهب الثوب، وردَّ العبد بالعيب، ففي رجوعه بقيمة الثوب القولان، فإن قلنا: لا يرجع بقيمة الثوب، فقد رمز الأصحاب إلى تردُّدٍ في نفوذ الردِّ؛ إذ لا فائدة فيه، بخلافِ الطلاق، وانفساخِ النكاح بسائر الأسباب.
ولو كان الصَّداق دَينًا مِثْليًّا أو متقوِّمًا، فأبرأته منه، فطريقان:
إحداهما: لا يرجع قولًا واحدًا.
والثانية: فيه القولان.
ولو قبضت الدَّين، ثم وهبته منه، فطريقان:
إحداهما: يرجع.
والثانية: فيه القولان.
وإن اتَّهب النصف؛ فإن قلنا: يرجع إذا اتَّهب الكلَّ، رجع هاهنا، وهل يرجع بنصف العين؛ حصرًا للهبة في نصيبها، أو بنصف العين ونصف القيمة؛ إشاعةً للهبة في النصيبين، أو يتخيَّر بين موجَبِ القول الثاني، وبين الرجوع بنصف القيمة؟ فيه ثلاثة أقوال تجري فيما لو أصدقَها أربعين شاة، فأخذ الساعي منها شاة، وفي نظائر ذلك.
ولو وهبت النصفَ من أجنبيٍّ، رجع بالنصف، وفيما يرجع به الأقوال.
وإن قلنا: لا يرجع إذا اتَّهب الجميع، فهاهنا أوجهٌ:
أحدها: لا يرجع بشيء؛ حصرًا للهبة في نصيبه.
والثاني: يرجع بنصف العين؛ حصرًا للهبة في نصيبها.
والثالث: يرجع بربع الجملة؛ إشاعةً للهبة في النصيبين.
فإن قلنا: يرجع بجميع حقِّه، ففي كيفيَّة رجوعه الأقوالُ عند الأصحاب، وهذا وهم؛ [إذ](1) لا ينقدحُ الرجوعُ بتمام الحقِّ إلا على قول الحصر، وقد انحصر حقُّه فيما بقي، فلا معنى لإعادة الأقوال.
وقد تساهلوا في هذه المسائل بقولهم: تجب القيمة، أو ربعُها، ومرادُهم بذلك: قيمةُ النصف، وقيمةُ الربع.
ولو أصدقها إناءين، فانكسر أحدهما، فعلى قولٍ: يرجعُ بنصف الصحيح، وقيمةِ نصفِ (2) الآخر، وعلى قولٍ: يتخيَّر بين هذا، وبين الرجوع
(1) زيادة يقتضيها السياق. انظر: "نهاية المطلب"(13/ 160).
(2)
في "نهاية المطلب": "ونصف قيمة".