الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سماع الدعوى، ونفوذُ الإقرار، وقيل: لا تصحُّ الدعوى والإقرارُ إلا أن يُضافا إلى العقد، ثم يجب ذكرُ شروطه على أحد القولين، فإن سمعنا الدعوى المطلقة فلا نسمع منها الجواب بنفي العلم، بل تبتُّ الجواب، وتحلف على حسبه، وأجاز لها الأصحابُ الحلف على البتِّ وإن لم تعرف حقيقة الحال.
وهذا يشبُه ما لو ادَّعى على رجل: أنَّ مورِّثك أتلف عليَّ ألفًا، فله الحلفُ على نفي العلم.
ولو قال: يلزمك أن تسلِّم إليَّ ألفًا من التركة، حلف على البتِّ.
وإن قلنا: لا تُسمع الدعوى المُطْلَقةُ بالنكاح، فلا بدَّ من الإضافة إلى العقد، والتقييدِ بعلمها، كما سبق فيما إذا ادَّعيا عليها العقد والسبق.
* * *
2294 - فصل في بيان الكفاءة
لا يُعتبر التكافؤ في جميع الفضائل والرذائل، وإنَّما يُعتبر في خمسة: النسب، والحرِّية، والبراءة من الفسق، ومن الحِرَف الدنيئة (1)، والعيوب المُثْبِتة للخيار.
فلا تُزوَّج الحرَّة برقيقٍ وإن كان أفضلَ العالَمِ عقلًا ونبلًا.
وكذلك لا تُزوَّج السليمةُ بمَعيبٍ وإن حاز الفضائل.
وتُعتبر البراءةُ من الفسق في الخاطب وفي (2) أنسابه، ولا نظر إلى
(1) سيأتي تعريف (الحرف الدنيئة) في هذا الفصل.
(2)
في "ظ": "في"، والصواب المثبت. انظر:"نهاية المطلب"(12/ 155).
تفاوت الناس في الصلاح، ولا فرق بين المستور والعدل.
ويُعتبر النسب من ثلاثة أوجه:
أحدها: الانتسابُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والانتماءُ إلى أَرومته.
والثاني: الانتماءُ إلى العلماء الذين هم عصامُ الدِّين، وقوامُ الشرع.
الثالث: الانتساب إلى المشهورين بالصلاح، الذين صاروا أعلامًا في التفرُّد، الذين لا يُنسَون على تناسخ الدهر، فمَن لم يبلغ هذا المبلغَ فلا عبرة بالانتساب إليه، ولا بما يَعتدُّ به أبناء الدنيا من أنساب عظمائهم؛ فإنَّ جمهورهم ظلمةٌ استولوا على الرقاب، وإنَّما يُعظَّمون رغبةً أو رهبةً، والشرعُ بائحٌ بحطِّ مراتبهم في الدِّين.
وقد تُجبَر بعض هذه الخصال ببعض، ولا جابر للرقِّ، ولا للعيب، وكذلك لا يعارَض الانتساب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالانتساب إلى العلماء والصلحاء.
ولو انحطَّ نسب الزوج عن نسب الزوجة، ولكنَّه ظهر صلاحُه بحيث يتميَّز به عن أضرابه، ففي معارضته لنسب الزوجة خلافٌ، وإن لم يبلغ صلاحُه إلى هذا الحدِّ لم يعارِض نسبَ الزوجة.
والحِرفُ الدنيئة: كلُّ ما دلَّت ملابستُه على انحطاط المروءة، وسقوطِ النفس، كملابَسةِ القاذورات على ما سنذكره في (كتاب الشهادات)، ولا يمتنع أن تؤثِّر هذه الحرفُ في الأنساب، والحرفُ الدنيئةُ ونقائضُها (1) تعارِضُ
(1) غير منقوطة في الأصل.