الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2203 - باب تفريق أربعة أخماس الفيء
ويتعرَّف الإمام ما يحتاج إليه المرتزِقُ (1)؛ من مؤونته، ومؤونة عياله، ومركوبه، وسلاحِه، ودفعِ حاجةِ ما يتَّصل به، فإذا ثبت عنده قَدْرُ الحاجات أعطى كلَّ واحد بقدر حاجته.
ولا يُكفى المرتزق مؤونة عبيدٍ لا يَصْلُحون لخدمة ولا لقتالٍ، ولا عبيد الزينة، وإن كان مخدومًا لم يُكْفَ إلا مؤونة خادمٍ واحد عند الأصحاب، وإن كان له أربع زوجات كُفيَ مؤنتَهنَّ على النصِّ، وأَبعدَ مَن قال: لا يُزاد على واحدة.
وإن اتَّخذ عبيدًا يصلحون للقتال؛ ليقاتلوا عند الحاجة، لم تجب مؤونتهم على النصِّ، وقيل: تجب، وهو الأصحُّ عند الإمام.
(1) المرتزقة: يُعَرِّفهم الجوينيُّ في "نهاية المطلب"(11/ 515)، هم الجند المرتبون المُشمِّرون للإجابة مهما دُعوا، وللجهاد مهما ندبوا، وهم شوكةُ الإسلام ونجدة الملَّة، ولقبُهم الخاصّ بين الفقهاء المرتزقة، والمراد أنَّهم بَنَوْا أمرَهم على الترصُّد للذبِّ عن دين الله تعالى، وطلب الرزق من مال الله.
والمُطوِّعَةُ: هم الذين ينهضون للغزو من غير أن يكونوا مدوَّنين عند السلطان".
وسَلَفَ تعريفهم في الفصل (2184) في مصارف الفيء.
وعلى النصِّ: للإمام أن يأمر المرتزِقَ باتِّخاذ عبيدِ لذلك، ويُكْفَى مؤونتَهم من الفيء.
وله إقامة أحرارِ للنجدة يرقبون (1) في الديوان على ما يقتضيه رأيه.
ولو زَمِنَ عنده عبدٌ قديم الصحبة لم يضايَق في كفايته عند الإمام.
ويتعهَّد الإمام الأحوال في كلِّ نوبة؛ لاختلاف الأسعار والأحوال، وكلَّما كبر الغلام زاد في نصيبه، ويدفع إلى كلِّ واحد قدر الحاجة وإن كان غنيًّا.
ولا يفضِّل أحدًا بشيء من المناقب، كالعلم والتقوى والتقرُّب من المصطفى صلى الله عليه وسلم، هذا رأي أبي بكر، وبه قطع الشافعيُّ، وفضَّل عمرُ بالمناقب، وهو قولٌ مخرَّجٌ للشافعيِّ عند اتِّساع المال، وقال أبو محمد: التصرُّف في ذلك يقارب التصرُّف في حدِّ الخمر.
وهل يجب تمليك أبناء المرتزقة ما يخصُّهم من ذلك؟ فيه قولان، فإن ملَّكْناهم ففي البنات خلاف؛ فإن ملَّكناهم فالأكثرون على أنَّا لا نملِّك الزوجات.
ولو مات المرتزق عن ذرِّيَّة لا تصلح للقتال، ففي وجوب كفايتهم وجهان، فإن فضل من الفيء شيء عن المرتزقة، ففي صرفه إليهم قولان مأخذهما: أنَّهم هل يملكون الفيء أم لا؛ فإن قلنا: يملكونه، صُرف الباقي إليهم بالسويَّة، ولا نظرَ إلى الحاجات؛ لأنَّا قد كفيناها، ولا حقَّ للذرِّية
(1) في "نهاية المطلب"(11/ 523): "يترتبون".