الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأحراز مع انفراد كلِّ واحد منها بنوع من الحفظ، فنصَّ المالك على بعضها، جاز النقل، كالبيتين المتساويين.
والطريقة الثالثة، وهي المذهب المشهور: إن تلفت الوديعة من جهة نقصان الحرز المنقول إليه ضمن، وإلا فلا، مثاله: إذا أمره بالربط في كمِّه، فجعلها في يده، فانتثرت بسهوٍ أو نومٍ، ضمن، وإن غُصبت منه، فمانعَ جُهدَه، لم يضمن.
وقال الشافعيُّ: إذا قال: احفظ في هذا البيت، ولا تُدخِل عليها فلانًا، فأدخله؛ فإن فاتت الوديعة بسبب الداخل، مثل أنْ سرقها، أو دلَّ عليها السارقَ، ضمن، وإن فاتت بغير سببه لم يضمن، وبنى الأصحابُ عليه ما لو عيَّن بيتًا، فنقل إلى بيت يخالفه في الإحراز؛ فإن فاتت الوديعة بسبب نقصان الثاني ضمن، وإلّا فلا.
2179 - فرع:
إذا قال: لا ترقد على الصندوق، فخالف، لم يضمن، ولو كان النوم أمام الصندوق أحرزَ -لبُعد سرقته من تلك الجهة، وتيسُّرِها من غيرِها- فخالفه في ذلك، فهو كالمخالفة في حرزين يختصُّ كلُّ واحد منهما باحتياطٍ ليس في الآخر.
* * *
2180 - فصل فيمن أقرَّ بالوديعة لأحد رجلين
إذا ادَّعيا عليه وديعةً، فقال: هي لأحدِكما، ولا أعرفه؛ فإن لم يدَّعيا
عليه فلا نزاع لهما معه، ولا تُضمن بالنسيان اتِّفاقًا، ولا يُستحبُّ للحاكم تحليفُه على الأصحِّ؛ إذ لا تحليف في حقوق العباد إلا بدعوى.
وإن ادَّعى كلُّ واحد منهما عليه بأنَّه المالك، حلف لهما على نفي العلم يمينًا واحدةً، ويُحتمل أن يحلف يمينين؛ لانفصال إحدى الخصومتين عن الأخرى.
ولو ادَّعى أحدهما في غيبة الآخر، فقال: لا أدري، هل أودعتني، أم رجلٌ آخر؟ فإن لم يسمِّه، وحلف على ذلك، فللآخَرِ تحليفُه إذا حضر، وإن سمَّاه ففي تحليفه احتمال، ولا نقْلَ في ذلك.
وإذا ادَّعيا معًا فله أحوال:
إحداها: أن يحلف أنَّه لا يعرف المستحِقَّ منهما، فيدورُ الخصام بينهما، فإنْ تناكَلَا عن اليمين وُقفت الوديعة بينهما على المذهب، وقيل: تُقسم، فإن قلنا بالوقف، فكان المودَع أهلًا لتركها عنده، فللحاكم تركُها في يده، وهل له انتزاعُها منه ليحفظَها بنفسه أو نائبِه؟ فيه وجهان يجريان في نظائره، وإن حلفا فهل يقتسمان الوديعة، أو يُجعل حَلِفُهما كنكولهما؟ فيه وجهان.
الثانية: أن ينكل المودَع عن اليمين، فهل يبدأ الحاكم بتحليف من شاء منهما، أو يُقْرِعُ؟ فيه وجهان، فإذا بدأ بأحدهما حلَّفه أنَّه لا حقَّ لصاحبه في الوديعة، فإن نكل صاحبه حلَّفه مرَّةً أخرى؛ للإثبات، وإن نكل مَن بدأنا به فلصاحبه الجمعُ بين النفي والإثبات.
فإن قلنا: نبدأ بمن شاء، فهل تُقسم الوديعة، أو توقَف؟ فيه وجهان،