الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2428 - فصل في دعوى الزوجة أنَّها مَحْرَمٌ للزوج
إذا أَذِنَتِ الثيِّب أو البكرُ المالكةُ لأمرها في التزوُّج بمعيَّن، ثمَّ ادَّعت أنَّه أخوها من الرضاع، لم يُقبل قولُها، فإن اعتذرت بأنِّي أذِنْتُ بناءً على الظاهر فبان خلافُه، ففي سماع دعواها للتحليف خلافٌ؛ كالخلافِ فيمن أقرَّ بالرهن والقبض، ثم اعتذر بالاعتماد على كتابٍ بان تزويرُه، وهذا أولى بالقبول؛ لظهورِ الاحتمال، وإن لم تعتذر؛ فإن لم تُسمع الدعوى مع العذر لم تُسمع هاهنا، وإن سمعناها ثَمَّ فهاهنا وجهان.
ولو أُجبرت البكر الصغيرةُ أو البالغة، ثم ادَّعت المَحْرَميّة، سُمعت دعواها وبيِّنتُها، فإن لم تكن بيِّنةٌ، فالقولُ قولها مع يمينها عند الأكثرين، وفيه وجهٌ.
ولو باع الحاكم مالَ الغائب في حقٍّ، فادَّعى الغائب بعد البيع أنَّه وَقَفَه أو باعه قبل بيع الحاكم، لم يُقبل على أظهر القولين.
ولو اكتفى الأخ بصمت البكر؛ بناءً على الأظهر، ثم ادَّعت المَحْرَميّةَ، ففي إلحاق الصمت بصريح الإذن وجهان، وقال الإمام: تُسمع دعواها، ولا يُقبل قولها.
2429 - فروع شتَّى:
الأوَّل: إذا تزوَّج جاريةَ أبيه بألفٍ، ثم وَرِثَها عنه، انفسخ النكاح، وصُرف الصَّداق في دَيْنِ الأب، فإن لم يكن دينٌ، ولا وارثَ سواه، سقط الصَّداق، وإن كان معه وارثٌ، أعطاه نصيبه منه، فإن كان الانفساخُ قبل الدخول، ففي لزوم شطر المهر وجهان؛ إذ لا نسبة للفسخ إليه.
ولو زوَّج ابنته بعبده، فورثت عنه نصفَ الزوج، انفسخ النكاح، فإن كان قبل الدخول ففي التشطُّر الوجهان، وإن كان بعد الدخول تعلَّق نصف الصداق بنصيب الوارث، ولا يُطلب النصف الآخر في الرقِّ، وفيما بعد العتق وجهان.
ولو زوَّج عبده بأمته، لم يثبت الصَّداقُ وإن باعها قبل الدخول فوطئها (1) في ملك المشتري؛ إذ لا يجب للسيّد دينٌ على عبده.
الثاني: إذا زوَّج أمته، ثمّ قال: زوَّجتُكَها وأنا مجنونٌ، أو: محجورٌ؛ فإن لم يُعهد منه ذلك فالقولُ قولُ الزوج، وإن عُهد فوجهان.
ولو وكَّل الوليُّ في التزويج، ثم أحرم، وجرت صورة العقد من الوكيل، فقال الوليُّ: زوَّجتُها بعد الإحرام، وقال الزوجُ: بل قبل الإحرام، فقد نصَّ الشافعيُّ على أنَّ القول قولُ الزوج.
الثالث: إذا اختلطت أختُه من الرضاع أو النسب بنساء، فجهلها؛ فإن كَثُرْنَ بحيث يَعْسُرُ عدُّهنَّ على الآحاد، فله التزوُّجُ بمن شاء منهنَّ، فإن كان فيهنَّ من يعلم أنَّها أجنبيّةٌ، فله نكاحُ مَن شاء منها أو من غيرها، وفيه احتمال، وكذلك يجوز الاصطياد إذا اختلط الصيدُ المملوك بصيدٍ تعسَّر عدُّه على الآحاد، ولا عبرة بعسر العدِّ على المملوك والولاة.
وإن اختلطت بنسوةٍ معدودةٍ، لم ينكح واحدة منهنَّ على المذهب، وقيل: يصحُّ مع شدّة الكراهة، وهو بعيدٌ.
(1) أي: العبد.
الرابع: إذا زوَّج الذِّمِّيُّ ابنتَه الصغيرةَ بذمِّيٍّ، أو ابنَه الصغيرَ، ثمَّ حُكم بإسلام الزوج أو الزوجةِ بإسلام أحد الأبوين، ففي تشطُّر المهر وجهان، وأولى بالوجوب إذا حُكم بإسلام الزوج؛ فإنَّ الانفساخ مضافٌ إلى وصفٍ فيه.
الخامس: إذا ادَّعت على إنسان التزوُّجَ بألف، فأنكر، فحُكم بالنكاح بشاهدين، ثم رجعا، فهل يغرمان نصفَ المسمَّى للزوج؟ فيه وجهان؛ لأنَّهما أثبتا له البُضْعَ في مقابَلةِ الصَّداق، فإن قلنا: لا يغرمان، فشرطُه أن يكون مهرُ المِثْلِ ألفًا أو أكثر، فإن كان خمسَ مئة غرما خمسَ مئة؛ إذ لا مقابل لها.
ولو شهد اثنان بالنكاح، واثنان بالإصابة، واثنان بالطلاق، فحُكِمَ بشهادة الجميع، ثم رجعوا، ففي تغريم شهود النكاح الوجهان، ولا غرم على شهود الطلاق؛ لاعترافه بأنَّهم لم يفوِّتوا عليه شيئًا، وغَلِطَ مَن أوجب الغرم، وأمَّا شهودُ الإصابة؛ فإن شهدوا بالنكاح، وبالإصابة فيه، فالأصحُّ: أنَّهم يغرمون النصف، ويشاركون شهود النكاح في غرم النصف الآخر؛ فإنَّ الوطء إتلافٌ على كلِّ حالٍ، وأَبعدَ مَن قال: لا يغرمون.
وإنْ شهدوا بالإصابة وحدَها؛ فإنْ تأخَّرَ تاريخها عن النكاح فهو كما لو شهدوا بالإصابة وبالنكاح، وإن كان التاريخان مُطْلَقين لم يغرموا؛ إذ لا غرم على الزوج؛ لجواز أن تكون الإصابة زنًا.
السادس: إذا ادَّعى زيدٌ زوجيَّة امرأة، فأنكرت، فأقام بيِّنةً، وادَّعت زوجيَّةَ عمرو، فأنكر، أو سكت، فأقامت بيِّنةً، قُدِّمت بيِّنة زيد؛ لأنَّها مُثْبِتةٌ للحقِّ، وبيِّنةُ المرأة مثبتةٌ لسبب الحقِّ.
وقال أبو عليٍّ: إذا سكت عمرٌو اتَّجه أن يُحكم بتعارض الشهادتين.
وقال الإمام: إذا لم يُذكر المهر، فأنكر عمرو، فلا وجه لسماع دعواها وبيِّنتها، إلّا إذا قلنا: لا ينقطع النكاح بالإنكار، فيكون مقصودُها إثباتَ حقوق النكاح في المستقبل، وهذا وجهٌ بعيد عن مذهب الشافعيِّ.
* * *