الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2524 - باب الحكم في الشقاق بين الزوجين
إذا ثبت عند الحاكم عدوانُ الزوج مَنَعَه، وأخذ منه ما مَنَعَه من حقوقها، فإن خاف أن يضربها ضربًا مبرِّحًا لم يطلِّقها عليه، ويُحالُ بينهما إلى أن يَظْهَرَ لِينُ عريكته، فتُسلَّم إليه، ولا يظهرُ ذلك إلا بقوله بعد أن يوكَّل به (1) في السرِّ مَن يبحث عن إضماره، كما يُبحثُ عن الإعسار وما يتعلَّق بالنفي، وكما يَسْتَبرِئُ الفاسقَ إذا تاب، فإذا غلب على الظنِّ أنَّه مأمون رُدَّت إليه.
وإن لم يثبت عدوانُه، بل ظننَّاه، لم نَحُلْ بينهما إلا أن يبدرَ منه بادرة، فيُحال بينهما إلى ظهور الأمن.
ومتى ثبت النشوزُ فاليدُ للزوج دون السلطان، إلا أن يعجز، فيستعينُ بالسلطان.
وإن نشب الخصامُ بينهما، وأشكلَ الظالمُ منهما، ولم يتَّفقا على شيءٍ، بعث الحاكم حَكَمًا من أهله وحَكَمًا من أهلها؛ ليخلوَ كلُّ واحدٍ منهما بصاحبه، ويكشفَ ما عنده، ثم يَجْرِيان على ما فيه الصلاح.
قال الأصحاب: ولا يُبعث الحكمان بمبادي الشرِّ والشقاق حتى يظهر
(1) "ولا يظهر ذلك إلا بقوله
…
" كذا في "ظ"، والعبارة في "نهاية المطلب" (13/ 280): "وذلك لا يتبيَّن بقوله، وإنما يتضح بأن يختبر ويوكلَ به
…
".
التواثُبُ والتشاتُمُ، وما يُستنكَرُ من الأمور مع الإلباس.
والحكمان وكيلان للزوجين على أقيس القولين، وحاكمان على القول الآخر، فإنْ جُعلا وكيلين فليس لهما سوى التفقُّدِ وكشفِ الحال، فإن وكَّلهما الزوجان فلهما أحكامُ الوكلاء من التصرُّف في الغيبة والحضور، والعزلِ والانعزالِ.
وقد أَشْعَرَ القرآنُ بالعَدد، فيُحتمل أن يُحمل ذلك على الاستحباب؛ إذ لا يُشترط التعدُّدُ في الوكيل، وقد قُرن بالعدد ما هو محبوبٌ اتّفاقًا، وهو كونُهما من أهل الزوجين، فإن لم يُشرط العددُ جاز وكيلٌ واحد إذا جوَّزنا الوكيل في الخُلع من الجانبين، وإن منعناه، فباشرت الخُلع بنفسها، جاز وكيل واحد من قِبَلِ الزوج.
وإن جعلناهما حكمين فلا بدَّ من العدالة، ومعرفةِ حُكم الواقعة دون الاجتهاد المطلق، ولابدَّ من العقل والدراية، والاستقلالِ بفهم خفايا الأحوال.
وفي اشتراط العدد احتمالٌ.
وإن رأيا الصلاح في الفراق (1)، فلابدَّ من طلبها، فإن طلبت الفراق فلهما الخَلْعُ على كرهٍ من الزوجين.
وإن اصطلح الزوجان، فقال الحكمان: لا يدوم هذا الصلح؛ لِمَا ألفناه من حالهما، فلا مبالاةَ بقول الحكمين.
ولو غاب الزوجان مع قيام الشكاية، أو رُوجعا فسكتا، ففي نفوذ
(1) في "نهاية المطلب"(13/ 282): "التفريق"، وهو الأنسب بالسياق.