الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فتحصل أن حفصًا عن عاصم قرأ مهلك بفتح الميم وكسر اللام، وأن أبا بكر أعني شعبة قرأ عن عاصم: مهلك بفتح الميم واللام، وأن غير عاصم قرأ مهلك أهله بضم الميم وفتح اللام، فعلى قراءة من قرأ مهلك بفتح الميم، فهو مصدر ميمي من هلك الثلاثي، ويحتمل أن يكون اسم زمان أو مكان. وعلى قراءة من قرأ مهلك بضم الميم، فهو مصدر ميمي من أهلك الرباعي، ويحتمل أن يكون أيضًا اسم مكان أو زمان.
•
.
ذكر جلَّ وعلا في هذه الآيات الكريمة ثلاثة أمور:
الأول: أنه دمر جميع قوم صالح، ومن جملتهم تسعة رهط الذين يفسدون في الأرض، ولا يصلحون، وذلك في قوله:{أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51)} أي: وهم قوم صالح ثمود {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً} أي: خالية من السكان؛ لهلاك جميع أهلها {بِمَا ظَلَمُوا} أي: بسبب ظلمهم الذي هو كفرهم وتمردهم وقتلهم ناقة الله التي جعلها آية لهم. وقال بعضهم: خاوية: أي: ساقطًا أعلاها على أسفلها.
الثاني: أنه جلَّ وعلا جعل إهلاكه قوم صالح آية، أي: عبرة يتعظ بها من بعدهم، فيحذر من الكفر، وتكذيب الرسل، لئلا ينزل به
ما نزل بهم من التدمير. وذلك في قوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52)} .
الثالث: أنه تعالى أنجى الذين آمنوا وكانوا يتقون من الهلاك والعذاب، وهم نبي الله صالح ومن آمن به من قومه، وذلك في قوله تعالى:{وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (53)} وهذه الأمور الثلاثة التي ذكرها جل وعلا هنا جاءت موضحة في آيات أخر.
أما إنجاؤه نبيه صالحًا، ومن آمن به وإهلاكه ثمود، فقد أوضحه جلَّ وعلا في مواضع من كتابه، كقوله في سورة هود:{فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (66) وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (67) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ (68)} وآية هود هذه قد بينت أيضًا التدمير المجمل في آية النمل هذه فالتدمير المذكور في قوله تعالى: {أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51)} ، بينت آية هود أنه الإهلاك بالصيحة في قوله تعالى:{وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (67)} أي: وهم موتى.
وأما كونه جعل إهلاكه إياهم آية، فقد أوضحه أيضًا في غير هذا الموضع كقوله تعالى فيهم:{فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ (157) فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (158) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (159)} .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ