الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا} الآية. والسبيل الطريق وتذكر وتؤنث كما تقدم. ومن تذكير السبيل قوله تعالى: {وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا} ومن تأنيثها قوله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} الآية.
•
.
قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة مريم في الكلام على قوله تعالى: {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا (52)} .
•
قوله تعالى: {وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً}
.
قد قدمنا بعض الآيات الدالة على كيفيِة إغراقهم في سورة الأعراف في الكلام على قوله تعالى: {وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} .
•
قوله تعالى: {وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا (38)}
.
الأظهر عندي أن قوله: {وَعَادًا وَثَمُودَ} معطوف على قوله: {وَقَوْمَ نُوحٍ} ، الآية. وأن قوم نوح مفعول به لأغرقنا محذوفة دل عليها قوله بعده:{أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً} على حد قوله في الخلاصة:
فالسابق انصبه بفعل أضمرا
…
حتمًا موافق لما قد ذكرا
أي: أهلكنا قوم نوح بالغرق، وأهلكنا عادًا وثمودًا وأصحاب الرس، وقرونًا بين ذلك كثيرًا؛ أي: وأهلكنا قرونًا كثيرة بين ذلك المذكور من قوم نوح، وعاد، وثمود.
والأظهر أن القرون الكثير المذكور: بعد قوم نوح، وعاد، وثمود، وقبل أصحاب الرس، وقد دلت آية من سورة إبراهيم على أن بعد عاد، وثمود خلقًا كفروا وكذبوا الرسل، وأنهم لا يعلمهم إلَّا الله جلَّ وعلا.
وتصريحه بأنهم بعد عاد وثمود يوضح ما ذكرنا، وذلك في قوله تعالى:{أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (9)} .
وقد قدمنا كلام أهل العلم في معنى قوله: {فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ} والإِشارة في قوله: {بَيْنَ ذَلِكَ} راجعة إلى عاد، وثمود، وأصحاب الرس، أي: بين ذلك المذكور. ورجوع الإِشارة، أو الضمير بالإِفراد مع رجوعهما إلى متعدد باعتبار المذكور أسلوب عربي معروف، ومنه في الإِشارة قوله تعالى:{قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} أي: ذلك المذكور من الفارض والبكر، وقوله تعالى:{وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67)} أي: بين ذلك المذكور من الإِسراف والقتر، وقول عبد الله بن الزبعري السهمي:
إن للخير وللشر مدى
…
وكلا ذلك وجه وقبل
أي: وكلا ذلك المذكور من الخير والشر، ومنه في الضمير قول رؤبة:
فيها خطوط من سواد وبلق
…
كأنه في الجلد توليع البهق
أي: كأنه، أي: ما ذكر من خطوط السواد والبلق. وقد قدمنا هذا البيت.
أما عاد وثمود فقد جاءت قصة كل منهما مفصلة في آيات متعددة، وأما أصحاب الرس فلم يأت في القرآن تفصيل قصتهم ولا أسم نبيهم. وللمفسرين فيهم أقوال كثيرة تركناها؛ لأنها لا دليل على شيء منها.
والرس في لغة العرب البئر التي ليست بمطوية. وقال الجوهري في صحاحه: إنها البئر المطوية بالحجارة، ومن إطلاقها على البئر قول الشاعر:
وهم سائرون إلى أرضهم
…
فيا ليتهم يحفرون الرساسا
وقول النابغة الجعدي:
سبقت إلى فرط ناهل
…
تنابلة يحفرون الرساسا
والرساس في البيتين جمع رس، وهي البئر. والرس واد في قول زهير في معلقته:
بكرن بكورًا واستحرن بسحرة
…
فهن لوادي الرس كاليد للفم
وقوله في هذه الآية: {وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا} ، جمع قرن. وهو هنا الجيل من الناس الذين اقترنوا في الوجود في زمان من الأزمنة.