الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (74)} وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (10)} .
قال الحسن البصري: انظروا إلى هذا الكرم والجود، قتلوا أولياءه وهو يدعوهم إلى التوبة والرحمة. انتهى كلام ابن كثير رحمه الله تعالى. وما ذكره واضح.
والآيات الدالة على مثله كثيرة، كقوله تعالى:{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} وقوله تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا} الآية، إلى غير ذلك من الآيات.
•
قوله تعالى: {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ}
.
ذكر جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة: أن الكفار قالوا في نبينا صلى الله عليه وسلم: ما لهذا الرسول، يعنون ما لهذا الذي يدَّعي أنه رسول، وذلك كقول فرعون في موسى:{قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (27)} أي: ما له يأكل الطعام كما نأكله، فهو محتاج إلى الأكل كاحتياجنا إليه، ويمشي في الأسواق، أي: لاحتياجه إلى البيع والشراء، ليحصل بذلك قوته. يعنون أنه لو كان رسولًا من عند الله، لكان ملكًا من الملائكة لا يحتاج إلى الطعام، ولا إلى المشي في الأسواق.
وادعاء الكفار أن الذي يأكل كما يأكل الناس، ويحتاج إلى المشي في الأسواق، لقضاء حاجته منها، لا يمكن أن يكون رسولًا،
وأن الله لا يرسل إلَّا ملكًا، لا يحتاج للطعام، ولا للمشي في الأسواق، جاء موضحًا في آيات كثيرة، وجاء في آيات أيضًا تكذيب الكفار في دعواهم هذه الباطلة.
فمن الآيات الدالة على قولهم مثل ما ذكر عنهم في هذه الآية قوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (33) وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (34)} وقوله تعالى: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا (94)} وقوله تعالى عنهم: {أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا} الآية، وقوله تعالى:{أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ} الآية. وقوله: {فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ} الآية. وقوله تعالى: {قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} .
ومن الآيات التي كذبهم الله بها في دعواهم هذه الباطلة، وبين فيها أن الرسل يأكلون ويمشون في الأسواق ويتزوجون ويولد لهم، وأنهم من جملة البشر إلَّا أنه فضلهم بوحيه ورسالته، وأنه لو أرسل للبشر ملكًا لجعله رجلًا، وأنه لو كانت في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزل عليهم ملكًا رسولًا؛ لأن المرسل من جنس المرسل إليهم = قوله تعالى في هذه السورة الكريمة:{وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ} وقوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً} وقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} أي: ولم نجعلهم ملائكة؛ لأن كونهم رجالًا وكونهم من أهل القرى، صريح في أنهم ليسوا ملائكة، وقوله تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ