الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجواب الثالث: أن المعنى: لا يحسبن الكافر الذين كفروا معجزين في الأرض. وعزا هذا القول لعلي بن سليمان، وهو كالذي قبله إلَّا أن الفاعل في الأول النبي صلى الله عليه وسلم، وفي الثاني الكافر.
وقال الزمخشري: وقرئ لا يحسبن بالياء، وفيه أوجه: أن يكون معجزين في الأرض هما المفعولان. والمعنى: لا يحسبن الذين كفروا أحدًا يعجز الله في الأرض، حتى يطمعوا هم في مثل ذلك. وهذا معنى قوي جيد، وأن يكون فيه ضمير الرسول؛ لتقدم ذكره في قوله:{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} وأن يكون الأصل: لا يحسبنهم الذين كفروا معجزين، ثم حذف الضمير الذي هو المفعول الأول. وكأن الذي سوغ ذلك أن الفاعل والمفعولين لما كانت لشيء واحد، اقتنع بذكر اثنين عن ذكر الثالث. اهـ.
وما ذكره النحاس وأبو حاتم وغيرهما من أن قراءة من قرأ: لا يحسبن بالياء التحتية خطأ أو لحن كلام ساقط لا يلتفت إليه؛ لأنها قراءة سبعية ثابتة ثبوتًا لا يمكن الطعن فيه، وقرأ بها من السبعة: ابن عامر، وحمزة كما تقدم.
وأظهر الأجوبة عندي: أن معجزين في الأرض هما المفعولان، فالمفعول الأول معجزين، والمفعول الثاني دل عليه قوله: في الأرض، أي: لا تحسبن معجزين الله موجودين أو كائنين في الأرض. والعلم عند الله تعالى.
•
قوله تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا}
.
لأهل العلم في هذه الآية أقوال راجعة إلى قولين:
أحدهما: أن المصدر الذي هو دعاء مضاف إلى مفعوله، وهو الرسول صلى الله عليه وسلم ، وعلى هذا فالرسول مدعو.
الثاني: أن المصدر المذكور مضاف إلى فاعله، وهو الرسول صلى الله عليه وسلم ، وعلى هذا فالرسول داع.
وإيضاح معنى قول من قال: إن المصدر مضاف إلى مفعوله، أن المعنى: لا تجعلوا دعاءكم الرسول إذا دعوتموه كدعاء بعضكم بعضكم بعضًا، فلا تقولوا له: يا محمد مصرّحين باسمه، ولا ترفعوا أصواتكم عنده كما يفعل بعضكم مع بعض، بل قولوا له: يا نبي الله، يا رسول الله، مع خفض الصوت احترامًا له صلى الله عليه وسلم .
وهذا القول هو الذي تشهد له آيات من كتاب الله تعالى، كقوله:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2) إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى} الآية. وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4) وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا} الآية. وهذا القول في الآية مروي عن سعيد بن جبير، ومجاهد، وقتادة. كما ذكره عنهم القرطبي، وذكره ابن كثير عن الضحاك، عن ابن عباس، وذكره أيضًا عن سعيد بن جبير، ومجاهد، ومقاتل، ونقله أيضًا عن مالك عن زيد بن أسلم، ثم قال: إن هذا القول هو الظاهر، واستدل له بالآيات التي ذكرنا.
وأما على القول الثاني: وهو أن المصدر مضاف إلى فاعله ففي المعنى وجهان: