الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المنتجة الجائزة شرعًا؛ لأن الاقتصاد الموجود الآن في أقطار الدنيا لا يبيحه الشرع الكريم؛ لأن الذين نظموا طرقه ليسوا بمسلمين، فمعاملات البنوك والشركات لا تجد شيئًا منها يجوز شرعًا، لأنها إما مشتملة على زيادات ربوية، أو على غرر لا تجوز معه المعاملة، كأنواع التأمين المتعارفة عند الشركات اليوم في أقطار الدنيا، فإنك لا تكاد تجد شيئا منها سالمًا من الغرر، وتحريم بيع الغرر ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم. ومن المعلوم أن من يدعي إباحة أنواع التأمين المعروفة عند الشركات من المعاصرين أنه مخطئ في ذلك، وأنه لا دليل معه، بل الأدلة الصحيحة على خلاف ما يقول. والعلم عند الله تعالى.
•
قوله تعالى: {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72)}
أي: إذا مروا بأهل اللغو والمشتغلين به مروا معرضين عنهم كرامًا مكرمين أنفسهم عن الخوض معهم في لغوهم، وهو كل كلام لا خير فيه، كما تقدم.
وهذا المعنى الذي دلت عليه هذه الآية الكريمة أوضحه جلَّ وعلا بقوله: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ (55)} وقد قدمنا الآيات الدالة على معاملة عباد الرحمن للجاهلين في سورة مريم في الكلام على قوله تعالى: {قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي} الآية.
•
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73)}
.
قال الزمخشري: {لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا} ليس بنفي للخرور، وإنما
هو إثبات له، ونفي للصمم والعمى، كما تقول: لا يلقاني زيد مسلِّمًا، هو نفي للسلام، لا للقاء.
والمعنى: أنهم إذا ذكروا بها أكبوا عليها حرصًا على استماعها وأقبلوا على المذكر بها، وهم في إكبابهم عليها سامعون بآذان واعية، مبصرون بعيون راعية. انتهى محل الغرض منه.
ولا يخفى أن لهذه الآية الكريمة دلالتين: دلالة بالمنطوق، ودلالة بالمفهوم، فقد دلت بمنطوقها على أن من صفات عباد الرحمن أنهم إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها، أي: لم يكبوا عليها في حال كونهم صمًا عن سماع ما فيها من الحق، وعميانًا عن إبصاره، بل هم يكبون عليها سامعين ما فيها من الحق مبصرين له.
وهذا المعنى دلت عليه آيات أخر من كتاب الله، كقوله تعالى:{وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} الآية. ومعلوم أن من تليت عليه آيات هذا القرآن، فزادته إيمانًا أنه لم يخر عليها أصم أعمى، وكقوله تعالى:{وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (124)} وقوله تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} إلى غير ذلك من الآيات.
وقد دلت الآية المذكورة أيضًا بمفهومها: أن الكفرة المخالفين لعباد الرحمن الموصوفين في هذه الآيات إذا ذكروا بآيات ربهم خروا عليهما صمًا وعميانًا، أي؛ لا يسمعون ما فيها من الحق، ولا يبصرونه، حتى كأنهم لم يسمعوها أصلًا.
وهذا المعنى الذي دلت عليه هذه الآية الكريمة بمفهومها