الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68) ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (69)} والفوج: الجماعة من الناس. ومنه قوله تعالى: {يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2)} وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {فَهُمْ يُوزَعُونَ (19)} أي: يرد أولهم على آخرهم حتى يجتمعوا، ثم يدفعون جميعًا كما قاله غير واحد.
•
قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (84)}
.
قال ابن كثير في تفسير الآية الكريمة، أي: يسألون عن اعتقادهم وأعمالهم، ومقصوده بسؤالهم عن اعتقادهم قولهه تعالى:{أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي} ؛ لأن التصديق بآيات الله التي هي هذا القرآن من عقائد الإيمان التي لا بد منها، كما هو معلوم في حديث جبريل وغيره، ومقصوده بسؤالهم عن أعمالهم قوله تعالى:{أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (84)} والسؤال المذكور سؤال توبيخ وتقريع، فقد وبخهم تعالى فيه على فساد الاعتقاد، وفساد الأعمال، والتوبيخ عليهما معًا المذكور هنا جاء مثله في قوله تعالى:{فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى (31) وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (32)} كما أشار له ابن كثير رحمه الله فقوله تعالى: فلا صدق، وقوله: ولكن كذب توبيخ على فساد الاعتقاد. وقوله: ولا صلى: توبيخ على إضاعة العمل.
•
قوله تعالى: {وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ (85)}
.
الظاهر أن القول الذي وقع عليهم هو كلمة العذاب، كما
يوضحه قوله تعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (13)} ونحو ذلك من الآيات.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ (85)} ظاهره أن الكفار لا ينطقون يوم القيامة، كما يفهم ذلك من قوله تعالى:{هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ (35) وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (36)} وقوله تعالى: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا} الآية، مع أنه بينت آيات أخر من كتاب الله أنهم ينطقون يوم القيامة، ويعتذرون، كقوله تعالى عنهم:{وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (23)} وقوله تعالى عنهم: {فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ} وقوله: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا} الآية. وقوله تعالى عنهم: {رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ (106) رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107)} وقوله تعالى: {وَنَادَوْا يَامَالِكُ} الآية، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على كلامهم يوم القيامة.
وقد بينا الجواب عن هذا في كتابنا (دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب) في سورة المرسلات في الكلام على قوله تعالى: {هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ (35)} وما ذكرنا من الآيات، فذكرنا أن من أوجه الجواب عن ذلك أن القيامة مواطن، ففي بعضها ينطقون، وفي بعضها لا ينطقون، فإثبات النطق لهم ونفيه عنهم كلاهما منزل على حال ووقت غير حال الآخر ووقته. ومنها أن نطقهم المثبت لهم خاص بما لا فائد لهم فيه، والنطق المنفي عنهم خاص بمالهم فيه فائدة. ومنها غير ذلك، وقد ذكرنا شيئًا من أجوبة ذلك في الفرقان، وطه والإسراء.