الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ (86)} وقوله: {فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ (28)} وقوله تعالى: {كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (82)} والآيات بمثل ذلك كثيرة معلومة.
•
قوله تعالى: {وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا (19)}
.
قال ابن كثير: ومن يظلم منكم، أي: يشرك باللَّه، وذكره القرطبي عن ابن عباس رضي الله عنهما. وهذا التفسير تشهد له آيات من كتاب الله، كقوله تعالى:{وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (254)} وقوله تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ (106)} وقوله تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13)} وقد ثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم فسر الظلم في قوله تعالى: {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} قال: أي: بشرك، كما قدمناه موضحًا.
•
قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً}
.
ذكر جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة أنه جعل بعض الناس فتنة لبعض.
وهذا المعنى الذي دلت عليه الآية ذكره في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا} الآية.
وقال القرطبي في تفسير قوله: {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً} ومعنى هذا: أن كل واحد مختبر بصاحبه، فالغني ممتحن بالفقير، عليه أن يواسيه، ولا يسخر منه، والفقير ممتحن بالغني،
عليه أن لا يحسده، ولا يأخذ منه إلَّا ما أعطاه، وأن يصبر كل واحد منهما على الحق، كما قال الضحاك في معنى: أتصبرون، أي: على الحق، وأصحاب البلايا يقولون: لِمَ لَمْ نعاف، والأعمى يقول: لم لم أجعل كالبصير؟ وهكذا صاحب كل آفة، والرسول المخصوص بكرامة النبوة فتنة لأشراف الناس من الكفار في عصره، وكذلك العلماء، وحكام العدل، ألا ترى إلى قولهم:{وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31)} فالفتنة أن يحسد المبتلى المعافى، ويحقر المعافى المبتلى، والصبر أن يحبس كلاهما نفسه، هذا عن البطر، وذلك عن الضجر. انتهى محل الغرض من كلام القرطبي.
وإذا علمت معنى كون بعضهم فتنة لبعض. فاعلم أن قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ} الآية. فيه فتنة أغنياء الكفار بفقراء المسلمين، حيث احتقروهم وازدروهم، وأنكروا أن يكون الله من عليهم دونهم، لأنهم في زعمهم لفقرهم، ورثاثة حالهم لا يمكن أن يرحمهم الله ويعطيهم من فضله الواسع، كما قال تعالى عنهم أنهم قالوا فيهم:{لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ} وقال: {أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا} إلى غير ذلك من الآيات. وسيوبخهم الله يوم القيامة على احتقارهم لهم في الدنيا، كما قال تعالى:{أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (49)} وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30). . .} إلى قوله تعالى: {فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (34) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (35) هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36)} وقوله تعالى: {وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} .