الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقوله: يزيل الهام عن مقيله. يعني: يزيل الرؤوس عن مواضعها من الأعناق. ومعلوم أن المقيل فيه المحل الذي تسكن فيه الرؤوس. والظاهر أن من هذا القبيل قول أحيحة بن الجلاح الأنصاري:
وما تدري وإن أجمعت أمرًا
…
بأي الأرض يدركك المقيل
وعليه فالمعنى: بأي الأرض يدركك الثواء والإِقامة بسبب الموت أو غيره من الأسباب.
وصيغة التفضيل في قوله هنا: {خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (24)} تكلمنا على مثلها قريبًا في الكلام على قوله تعالى: {قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ} الآية.
•
قوله تعالى: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا (25)}
.
ذكر جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة أن السماء تتشقق يوم القيامة بالغمام، وأن الملائكة تنزل تنزيلًا. وقال القرطبي: تتشقق السماء بالغمام، أي: عن الغمام. قال: والباء وعن يتعاقبان كقولك: رميت بالقوس، وعن القوس. انتهى. ويستأنس لمعنى عن بقوله تعالى:{يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا} الآية.
وهذه الأمور الثلاثة المذكورة في هذه الآية الكريمة من تشقق السماء يوم القيامة ووجود الغمام، وتنزيل الملائكة كلها جاءت موضحة في غير هذا الموضع.
أما تشقق السماء يوم القيامة فقد بينه جل وعلا في آيات كثيرة
من كتابه، كقوله تعالى:{فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ (37)} وقوله تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (15) وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (16)} وقوله: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} الآية، وقوله:{فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (8)} وَإِذَا {وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ (9)} الآية، فقوله: فرجت، أي: شقت، فكان فيها فروج، أي: شقوق، كقوله تعالى:{إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ (1)} وقوله: {وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا (19)} .
وأما الغمام ونزول الملائكة، فقد ذكرهما معًا في قوله تعالى:{هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ} الآية. وقد ذكر جلَّ وعلا نزول الملائكة في آيات أخرى كقوله: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22)} وقوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ} الآية، وقوله تعالى:{مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ (8)} .
قال الزمخشري: والمعنى: أن السماء تنفتح بغمام يخرج منها، وفي الغمام الملائكة ينزلون، وفي أيديهم صحف أعمال العباد. انتهى منه.
وقرأ هذا الحرف نافع وابن كثير وابن عامر تشقق بتشديد الشين، والباقون بتخفيفها بحذف إحدى التاءين. وقرأ ابن كثير: وننزل الملائكة بنونين الأولى مضمومة، والثانية ساكنة مع تخفيف الزاي، وضم اللام، مضارع أنزل، والملائكة بالنصب مفعول به، والباقون بنون واحدة وكسر الزاي المشددة ماضيًا مبنيًا للمفعول، والملائكة مرفوعًا نائب فاعل نزل. والأظهر أن يوم منصوب بـ "اذكر" مقدرًا، كما قاله القرطبي. والعلم عند الله تعالى.