الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
30 - باب العدد
(مفسر ما بين عشرة ومائة واحدٌ منصوب) - وهو من أحد عشر إلى تسعة وتسعين، والمؤنث كإحدى عشرة كالمذكر، قال تعالى:(إني رأيت أحد عشر كوكباً)، (فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً)، (وواعدنا موسى ثلاثين ليلة). وأجاز الفراء: عندي أحد عشر رجالاً، وقام ثلاثون رجالاً؛ وأعرب الزمخشري "أسباطاً" من قوله تعالى:"اثنتي عشرة أسباطاً" تمييزاً، وأعربه غيره بدلاً من اثنتي عشرة، والتمييز محذوف، والتقدير: اثنتي عشرة فرقة.
(ويضاف غيره) - أي غير ما بين عشرة ومائة.
(إلى مفسره مجموعاً مع ما بين اثنين وأحد عشر) - وهو من ثلاثة إلى عشرة نحو: ثلاثة رجال، وعشر نساء.
(ما لم يكن مائة) - أي المفسر.
(فيفرد) - نحو: ثلاث مائة.
(غالباً) - استظهر به على مجيئه مجموعاً نحو: ثلاث مئين ومئات، ومنه:
50 -
ثلاث مئين للملوك وفي بها
…
ردائي .......................
وأنشد المبرد:
51 -
* ثلاث مئينٍ قد مررن كواملا*
والأكثرون يخصونه بالشعر؛ وظاهر كلام سيبويه جوازه في الكلام.
وقال الفراء: بعض العرب تقول: عشر مائة أي مكان ألف، قال: وأهل هذه اللغة يقولون: ثلاث مئين، وأربع مئين. انتهى.
وعلم من تخصيصه المائة بالذكر أن الألف لا تفرد، وهو كذلك، فتقول: ثلاثة آلاف، لا غير.
(ومفرداً مع مائة فصاعداً) - نحو: مائة درهم، وألف درهم.
(وقد يجمع معها) - أي مع المائة، كقراءة حمزة والكسائي:(ثلاث مائة سنين) بإضافة مائة؛ قال الفراء: من العرب من يضع السنين موضع السنة.
(وقد يُفْرد تمييزاً) - أي يفرد ما كان مجروراً بعد مائة، فينصب على التمييز نحو: عندي مائة درهماً، ومائتان كتاباً، ومنه:
52 -
*إذا عاش الفتى مائتين عاماً *
وخص المغاربة هذا بالضرورة، وكلام سيبويه عليه، قال: وقد جاء في الشعر بعض هذا منوناً.
(وربما قيل: عِشْرو درهمٍ، وأربعو ثوبه، وخمسةٌ أثواباً، ونحو ذلك) - حكى الكسائي أن من العرب من يضيف العشرين وأخواته إلى المفسر منكراً ومعرفاً؛ وأشار المصنف بقوله: وربما إلى قلة ذلك، وقال المغاربة إن هذا شاذ لا يقاس عليه، وقالوا في باب خمسة: إن كان المعدود جامداً فالأحسن الإضافة، كثلاثة أثواب، ثم الفصل بمن، ثم النصب تمييزاً؛ وإن كان صفة فالأحسن الإتباع نحو: ثلاثة صالحون، ثم النصب حالاً، والإضافة أضعفها. وقضية هذا: إجازة ثلاثةً أثواباً بالنصب قياساً، وهو قول الفراء، ولم يُجز ذلك سيبويه في الكلام، بل قال: قد ينون في الشعر وينصب ما بعده؛ ويمكن رد كلام المغاربة إليه، بأن يكون مرادهم أنه ضرورة حسنة، كما قالوا إن مائتين درهماً أحسن من مائة درهماً، مع أنهما معاً ضرورة؛ والمعنى أن ثلاثة أثواباً حسن في محله وهو الشعر.
(ولا يفسر واحدٌ واثنان) - فلا يقال: واحد درهم، ولا اثنان درهم، بل يقتصر على درهم ودرهمين.
(و"ثنتا حنظل" ضرورة) - يريد قوله:
53 -
كأن خُصييه من التدلدل
…
ظرفُ عجوز فيه ثنتا حنظل
وقياسه: حنظلتان، إلا أنه جمع بني العدد والمعدود ضرورة، ولم يضف في الشعر إلى مثنى، لم يقولوا: اثنا رجلين، ولا ثنتا امرأتين، وجاء أيضاً نحو: ثنتا حنظل في شذوذ من الكلام؛ حكى أبو زيد: شربت قدحاً واثنيه، وشربت اثني مُد البصرة، يريد اثني قدح واثني مُد.
(ولا يُجمع المفسر جمع تصحيح، ولا بمثال كثرةٍ، من غير باب مفاعل، إن كثر استعمال غيرهما، إلا قليلاً) - والحاصل في المسألة أن ثلاثة وأخواتها إلى العشرة لا تضاف بكثرة إلى جمع تصحيح إلا أن عدم في ذلك الاسم جمع التكسير نحو: (سبع بقرات)، و (تسع آيات)، ويستثنى من هذا ما إذا جاور ما أهمل فيه جمع التكسير نحو:(سبع سنبلات) لمجاورة (سبع بقرات) حسُن ذلك، وإن كان قد جُمع على سنابل؛ وإذا وجد للاسم جمع تكسير، فإن لم يكن له إلا بناء القلة أو بناء الكثرة أضيف إلى ما له منهما نحو:(في أربعة أيام)، وثلاثة رجال، وإن وجدا معاً، فإن كان ما للكثرة من باب مفاعل، وما للقلة هو التصحيح لم يضف إلى جمع التصحيح إلا على قلة،
فيكثر: ثلاث زيانب، وثلاث أحامر، ويقل: ثلاث زينبات، وثلاثة أحمرين، قال تعالى:(سبع سنابل)(عشرة مساكين)، ويستثنى ما سبق من المجاورة.
وإن كان ما للكثرة من غير باب مفاعل، فإن كثر في الاسم غير التصحيح أو يغر الكثرة، لم يَجُز التصحيح أو الكثرة إلا قليلاً، فتقول: ثلاثة أفلس، ويقل: ثلاثة فلوس، قال تعالى:(أربعة أشهر)، وتقول: ثلاثة زيود، ويقل: ثلاثة زيدين، وتقول: ثلاث هنود، ويقل: ثلاث هندات.
وإن قل غيرهما فيه أوثِرَ التصحيح والكثرة، فيكثر: ثلاث سعادات، وثلاثة شسوع، ويقل: ثلاث سعائد، وثلاثة أشسع.
وكلام المصنف يدل على أنه يقل جمع المفسر بالواو والنون، وبالألف والتاء، إن كثر غيره، فيقل: ثلاثة زيدين، وثلاث هندات، لكثرة زيود وهنود، فإن لم يكثر يغره بأن لم يوجد كسبع بقرات، أو وجد قليلاً كثلاث سعادات، لقلة سعائد تعين؛ ويدل على أنه لا يجمع، على مثال كثرة من غير باب مفاعل، وإن كثر غيره إلا قليلاً، فيكثر: ثلاثة أفلس، ويقل: ثلاثة فلوس، لكثرة أفلس وقلة فلوس، يكثر ثلاثة شسوع، ويقل: ثلاثة أشسع للعكس؛ ويدل على أنه يجمع على مفاعل كثيراً ونحوه، وإن وجد جمع كثرة غيره أو جمع قلة بصيغة التصحيح أو غيرهما، فثلاث صحائف أكثر وأفصح من
ثلاث صحف، قال تعالى:(سبع طرائق)، وثلاثة أحامر أكثر من ثلاثة أحمرين، وتنزيله على ما سبق من التقسيم لا يخفى.
(ولا يسوغ ثلاثة كلاب ونحوه تأوله بثلاثة من كذا، خلافاً للمبرد) - أجاز في المقتضب: ثلاثة حمير، وخمسة كلاب ونحوهما، على إرادة مِنْ؛ ورُدَّ بأنه لا معنى إذاً في التقييد بجمع القلة، لأن كل جمع كثرة صالح لما ذكر، فيقال حينئذ: ثلاثة فلوس، وثلاث دور، على تقدير: من فلوس، ومن دور.
(وإن كان المفسر اسم جنس أو جمع فُصل بمِنْ) - فتقول: عندي ثلاث من الشجر، وثلاثة من القوم، قال تعالى:(أربعة من الطير).
(وإن ندر مضافاً إليه لم يُقَسْ عليه) - كقول العرب: خمسة رجلة، ونحو:"ليس فيما دون خمس ذَوْدٍ صدقة"، والأصل قَرْنُ هذا المفسر بمن؛ وفي المسألة ثلاثة مذاهب:
أحدها أن إضافة اسم العدد إلى اسم الجمع أو اسم الجنس لا تنقاس، وهو قول الأخفش، وتبعه المصنف.
والثاني اقتياس ذلك، لكنه قليل، واختاره صاحب البسيط، وهو قول أبي علي.
والثالث أنه إن كان اسم الجمع يستعمل للقلة جاز، وإن كان يستعمل
للكثرة، أو لها وللقلة لم يجز، فتقول: ثلاث ذَوْدٍ، وثلاثة نفر، وتسعة رهط، لأنها لا تكون إلا للقليل، ولا تقول: ثلاثة بشر، لأن بشراً يكون للكثير، ولا ثلاثة قوم، لأن قوماً يكون للقليل وللكثير، واختاره ابن عصفور مرة، وأفهم كلامه مرة أخرى المذهب الثاني.
(ويغني عن تمييز العدد إضافته إلى غيره) - فتقول: اقبض عشرتك، وعشري زيد، من غير مفسر، لأنك لم تضفه إلا وهو عند السامع معلوم الجنس، فاستغنى عن مفسره، قال:
54 -
وما أنت؟ أم ما رسومُ الديار
…
وستوك قد كربت تكمل
(فصل) - (تحذف تاء الثلاثة وأخواتها، إن كان واحد المعدود مؤنث المعنى حقيقة) - نحو: ثلاث فتيات.
(أو مجازاً) - نحو: ثلاث درجات. وعلم من قوله: واحد المعدود أن تأنيث الجمع دون الواحد لا اعتبار به، فتقول: ثلاثة سجلات، لأن الواحد مذكر؛ وعلم من قوله: مؤنث المعنى، أن تأنيث المفرد مع تذكير المعنى لا أثر له نحو: طلحة علَم مذكر؛ وعُلِمَ أيضاً أنها تثبت إن لم يكن واحد المعدود كما ذكر نحو: ثلاثة رجال؛ ومما وُجه به ذلك أن الثلاثة وأخواتها أسماء جماعات كزمرة وأمة وفرقة، فالأصل أن تكون بالياء لتوافق الأسماء التي هي بمنزلتها، واستصحب هذا الأصل مع المذكر لتقدم رتبته.
(أو كان المعدود اسم جنسٍ أو جمع مؤنثاً) - نحو: عندي ثلاث من البط،
وأربع من الإبل. واحترز بمؤنث من المذكر، فتقول: عندي ثلاثة من الموز، لأنه لم يستعمل إلا مذكراً؛ وقال تعالى:(فخذ أربعةً من الطير).
(غير نائب عن جمع مذكر) - قالوا: ثلاثة رَجِلة، فأثبتوا التاء في العدد، وإن كان حقها أن لا تثبت، لأن اسم الجنس أو الجمع لا يعتبر في التأنيث والتذكير حالُ واحدِهِ، وإنما يعتبر حاله، بدليل قولهم: ثلاث من البط ذكور، وواحده بطة ذكر، ولم يقولوا: ثلاثة، بل ثلاث.
وإنما ثبتت التاء في ثلاثة رَجْلة، لأن رَجُلة نائب عن جمع مفرده راجل، فعُدل عن جمع راجل على أفعال، كصاحب وأصحاب، إلى فَعِلة، فثبتت التاء في عدده، كما كانت تثبت مع المنوب عنه. وَرِجَّلة بفتح الراء وكسرها، فإذا أزلت التاء فالفتح لا غير، كالركب والصحب.
(ولا مسبوق بوصف يدل على التذكير) - فإن سبق اسم الجنس أو اسم الجمع المؤنثين دليل تذكير، لزم بقاء التاء نحو: لي ثلاثة ذكور من البط، وأربعة فحول من الإبل، وإن تأخر الوصف الدال على التذكير لم يعتبر، فتقول: لي ثلاث من البط ذكور، وثلاث من الإبل فحول، وهذا ظاهر كلام المصنف، أعني لزوم التاء عند السبق المذكور، وصرح بذلك في الشرح، وهو ظاهر كلام سيبويه، وأجاز بعض المغاربة حذف التاء ملاحظة لما بعدُ، قال: والولى ملاحظة المقدم.
(وربما أول مذكر بمؤنث، ومؤنث بمذكر، فجيء بالعدد على حسب التأويل) - فالأول كقوله:
55 -
وإن كلاباً هذه عشرُ أبطن
…
وأنت بريء من قبائلها العشر
أول الأبطن بالقبائل فأنث؛ واثاني كقوله:
56 -
ثلاثة أنفس، وثلاث ذَوْد
…
لقد جار الزمان على عيالي
أول الأنفس بالأشخاص فذكر.
(وإن كان في المذكور لغتان، فالحذف والإثبات سيان) - كحال وعضُد، فتقول على لغة من ذكر: ثلاثة أحوال، وثلاثة أعضاد، وعلى لغة من أنث: ثلاث أحوال، وثلاث أعضاد، وكذلك أكثر أسماء الأجناس المميز واحدها بالتاء نحو: ثلاثة من النمل، وثلاث من النحل.
(وإن كان المذكور صفة نابت عن الموصوف، اعتُبر غالباً حاله لا حالها) - فتقول: ثلاثة ربعات بالتاء إن أردت رجالاً، وثلاث ربعات، بلا تاء إن أردت نساء، ومنه قوله تعالى:(فله عشر أمثالها)، أي عشر حسنات أمثالها؛ ولو اعتبرت الصفة لقيل: عشرة أمثالها، لأن واحد أمثال مذكر. واحترز بغالباً من دواب، فإن من العرب من يسقط التاء معها، مع تذكير الموصوف، لجريان دابة مجرى الأسماء الجامدة.
(فصل) - (يُعطف العشرون وأخواته على النيف) - أخواته ثلاثون إلى تسعين، والنيف في التعيين تسعة فما دونها، وفي غير التعيين بضعة، كما سيأتي، ويقال في التأينث: بضع، كما يقال فيه تسع فما دونها، فلا يقال لشيء من هذه: نيف إلا وبعده عشر أو عشرون أو بعض أخواتها، ويقال في المصذكر: ثلاثة وعشرون، وفي المؤنث: ثلاث وعشرون، كما يقال عند عدم العطف: ثلاثة وثلاث.
(وهو إن قُصد التعيين واحد أو أحد، واثنان وثلاثة، وواحدة أو إحدى واثنتان وثلاث، إلى تسعة في التذكير، وتسع في التأنيث) - فتقول: أحد أو واحد وعشرون، وهكذا إلى تسعة وعشرين، وتسع وعشرين.
(وإن لم يُقصد التعيين فيهما) - أي في التذكير والتأنيث.
(فبضعة وبضع) - فتقول: عندي بضعة وعشرون درهما، وبضع وعشرون جارية؛ فيعلم أن الذي عندك يزيد على العقد المذكور، لكنه متردد بين تسعة فما دونها إلى ثلاثة، لأن بضعة وبضعاً يطلقان في اللغة على ثلاثة إلى تسعة، وهما بكسر الباء، من بضعت الشيء قطعته، كأنه قطعة من العدد.
(ويستعملان أيضاً دون تنييف) - فلا يكون بعدهما عشرة ولا عشرون ولا شيء من أخواتها، قال تعالى:(في بضع سنين).
(وتُجعل العشرة) - أي والعشر.
(مع النيف) - إن قُصد به التعيين، كأحد وإحدى، إلى تسعة وتسع، أو لا، كبضعة وبضع.
(اسماً واحداً مبنياً على الفتح) - نحو: أحد عشر رجلاً، وإحدى عشرة امرأة، وبضعة عشر، وبضع عشرة؛ والأصل العطف، فحذف العاطف، وبني الاسمان، لتضمن معنى حرف العطف، وكانت الحركة فتحة، طلباً للتخفيف.
وأجاز الكوفيون إضافة الأول إلى الثاني، وأنشدوا:
57 -
عُلق من عنائه وشقوته
…
بنت ثماني عشرةٍ من حجته
(ما لم يظهر العاطف) - فإن ظهر زال التركيب، وأعرب الجزآن، فتقول: عندي ثلاثة وعشرة، إن أردت المذكر، وثلاث وعشر، إن أردت المؤنث، وجاء من فك التركيب قوله:
58 -
كأن بها البدر ابنُ عشر وأربع
…
إذا هبواتُ الصيف عنه تجلتِ
(ولتاء الثلاثة والتسعة وما بينهما، عند عطف عشرين وأخواتها، ما لها قبل التنييف) - فتثبت التاء للمذكر، وتسقط للمؤنث، فتقول: عندي ثلاثة وعشرون رجلاً، وثلاث وعشرون جارية، وكذا تفعل في نيفٍ عدم التعيين، فتقول: بضعة وعشرون للمذكر، وبضع وعشرون للمؤنث.
(ولتاء العشرة في التركيب عكس ما لها قبله) - فتسقط في المذكر، وتثبت في المؤنث، فتقول: ثلاثة عشر، أو بضعة عشر رجلاً، وثلاث عشرة، أو بضع عشرة امرأة.
(ويسكن شينها في التأنيث الحجازيون) - فتقول: ثلاث عشرة، أو بضع عشرة امرأة، بتسكين الشين، وأما مع المذكر فتفتح، فتقول: ثلاثة عشر أو بضعة عشر رجلاً، بفتح الشين.
(ويكسرها التميميون) - فيقولون: ثلاث عشرة أو بضع عشرة امرأة، بكسر الشين، وعلى لغتهم قرأ بعض القراء:(فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً).
(وقد تفتح) - قرأ الأعمش: (اثنتا عشرة) بالفتح.
(وربما سكن عين عشَر) - فمن العرب من يقول: أحد عْشر، بسكون العين لتوالي الحركات؛ وقرأ يزيد بن القعقاع:(أحد عْشر كوكباً) بتسكين العين؛ وقرأ هبيرة، صاحب حفص:(اثنا عْشر شهرا)
بسكون العين، وفيها الجمع بين الساكنين، على غير حدهما، ومنهم من يسكن الحاء في أحد عشر.
(ويقال في مذكر ما دون ثلاثة عشر: أحد عشر، واثنا عشر؛ وفي مؤنثه: إحدى عشرة، واثنتا عشرة) - وأصل أحد وإحدى وحد ووحدى، فأبدلت واوهما همزة على غير قياس.
(وربما قيل: وحد عشر، وواحد عشر، وواحدة عشرة) -فمن قال: وحد عشر، نطق بالأصل ولم يبدل، ومن قال: واحد عشر وواحدة عشرة، جرى على القياس، لأن اسم العدد إنما هو واحدٌ وواحدة، ولذا إذا عددت قلت: واحد اثنان ثلاثة، واحدة ثنتان ثلاث.
(وإعراب اثنا واثنتا باق، لوقوع ما بعدهما موقع النون) - وهذا مذهب الجمهور، وهو أنهما معربان؛ وذهب ابن درستويه وابن كيسان إلى أنهما مبنيان كالباقي؛ ويدل للإعراب كونهما بالألف رفعا، وبالياء جراً ونصباً، ولو كانا مبنيين لكانا بالياء على كل حال؛ ولم يوجد شيء من الأسماء المثناة قد ركب مع غيره من الأسماء؛ وعشر وعشرة مع اثنا واثنتا مبنيان على الفتح، لتضمن معنى حرف العطف، وقيل: لوقوعهما موقع النون.
(ولذلك لا يضافان) - أي لوقوع ما بعدهما موقع النون، فلا يقال: اثنا عشرك، وإنما لم يحذف ما بعدهما كما تحذف النون للإضافة، فيقال: اثناك واثنتاك، للإلباس، وإنما يقال: اثنا عشر، واثنتا عشرة لك.
(بخلاف أخواتهما) - فتقول: أحد عشرك، وكذا الباقي مما للمذكر والمؤنث كذلك نحو: ثلاث عشرتهن، وثماني عشرتهن.
(وقد يجري ما أضيف منهما مجرى بعلبك أو ابن عرس، ولا يقاس على الأول، خلافاً للأخفش، ولا على الثاني، خلافاً للفراء) - الأجود فيما أضيف من هذا المركب بقاء الجزأين على ما كانا عليه قبل الإضافة من البناء على الفتح، كما يفعل ذلك فيهما عند دخول ال، وهو في ال إجماع، فتقول: هذه خمسة عشرك بفتح الجزأين، كما تقول: الخمسة عشر، بفتحهما.
وحكى سيبويه عن بعض العرب إعراب الجزء الثاني مع بقاء الأول على الفتح نحو: أحد عشرُك مع أحد عشر زيدٍ، برفع الراء في الأول، وكسرها في الثاني، وفتح الصدرين، وإليه أشار المصنف بقوله: مجرى بعلبك؛ وأجاز الأخفش القياس على هذا، وهي لغة ضعيفة عند سيبويه.
وحكى الفراء أنه سمع من أبي فقعس الأسدي وأ [ي الهيثم العقيلي: ما فعلت خمسة عشرك، بإضافة الصدر إلى العجز، وإليه أشار المصنف بقوله: أو ابن عرس، وأثبت الفراء ذلك قياساً مطرداً؛ ونسبه ابن عصفور مرة إلى الكوفيين، ومرة إلى الفراء، واختار ابن عصفور في المسألة ما سبق عن الأخفش، وقال إنه الأفصح، وقال في بناء الجزأين معاً إنه ضعيف.
(ولا يجوز بإجماع ثماني عشرة إلا في الشعر) - وكذا قال في الشرح إن ذلك لا يجوز بإجماع إلا في الشعر، ويعني إضافة النيف إلى العقد؛ وقد سبق أن
الكوفيين يجيزون ذلك في المركب مطلقاً، إلا أن البناء عندهم أجود، ولا يختص ذلك بثماني عشرة، إلا أنه موضع السماع الذي ذكره الكوفيون، والبصريون حملوا ذلك على الضرورة إن صح النقل فيه.
(وياء الثماني في التركيب مفتوحة أو ساكنة أو محذوفة، بعد كسرة أو فتحة) - ياء الثمني زائدة، وهو اسم أجرى في إعرابه مجرى المنقوص، تقول: جاءني ثمانٍ كقاضٍ ومررت بثمانٍ، ورأيت ثمانياً، واستعملت في التركيب أربع استعمالات:
أحدها: فتح الياء، وهو الوجه، كما يفتح صدر غيره في المركبات، فتقول: ثماني عشرة بفتح الياء، كما تقول: أحد عشر.
الثاني: تسكينها نحو: ثماني عشرة، كما سكنت ياء معدي كرب، لشبهها عند التركيب ياء دردبيس.
الثالث: حذفها وكسر النون لأنها ياء زائدة، وبقيت الكسرة دليلاً عليها نحو: ثمان عشرة.
الرابع: حذفها وفتح النون، لأنها لما كانت تحذف في الإفراد كان الآخر النون، فجعلت فتحة بناء التركيب عليه.
(وقد تحذف) - أي الياء.
(في الإفراد، ويجعل الإعراب في متلوها) - أي متلو الياء وهو النون فتقول: هذه ثمان، ورأيت ثمانا، ومررت بثمان. قال:
59 -
لها ثنايا أربع حسانُ
…
وأربع، فثغرها ثمان
(وقد يُفعل ذلك) - أي حذف الياء، ويجعل الإعراب على ما قبلها.
(برَباع) - وهو ما فوق الثني من الحيوان.
(وشناح) - وهو الطويل.
(وجوار وشبهها) - وهو جمع فاعلة المعتلة اللام على فواعل نحو: غاشية وغواش، وناصية ونواص؛ والفرق بين هذا ورباع وشناح أن الياء في هذين زائدة، بخلاف الجمع المذكور، والمشهور في هذا الباب كله إثبات الياء وإجراء الكلمة مجرى المنقوص؛ فمعظم العرب يقول: هذا الرباعي والشناحي، ورأيت الرباعي والشناحي، ومررت بالرباعي والشناحي، وبعضهم يحذف، وسهل ذلك عليهم زيادتها، فتقول: هذا رباع وشناح، وبعضهم يحذف، وسهل ذلك عليهم زيادتها، فتقول: هذا رباع وشناح، ومررت برباع وشناح، ورأيت رباعاً وشناحاً؛ وقرأ ابن مسعود:(وله الجوارُ المنشآت) برفع الراء، وبعض السلف:"ومن فوقهم غواش" برفع الشين.
(وقد يستعمل أحد استعمال واحد في غير تنييف) - كقوله تعالى: (وإن أحد من المشركين استجارك)، (قل هو الله أحد)، وقوله:
60 -
وقد ظهرت فلا تخفي على أحد
…
إلا على أحد لا يعرف القمرا
أي إلا على واحد.
(وقد يغني بعد نفي أو استفهام عن قوم أو نسوة) - نحو: (فما منكم من أحد عنه حاجزين) أي من قوم؛ وكقول أبي عبيدة: يا رسول الله، أحد خيرٌ منا؟ أي أأحدٌ، فحذف همزة الاستفهام، والمعنى: أقومٌ؛ وكقوله تعالى: (لستُن كأحد من النساء) أي كنسوة. وحق أحد إذا أغنى عن قوم أو نسوة التنكير.
(وتعريفه حينئذ نادر) - أي حين إذ يغني، قال اللحياني: قالوا: ما أنت من الأحد، أي من الناس، وأنشد:
61 -
وليس يظلمني في أمر غانية
…
إلا كعمرو، وما عمرو من الأحد
(ولا تستعمل إحدى في تنييف وغيره دون إضافة) - هكذا وقع في نسخ التسهيل، ولم يتعرض لهذا في شرحه كلامه؛ وصوابه:
(ولا تستعمل إحدى في غير تنييف دون إضافة) - فلا تقول: جاء
إحدى، بل: إحدى النساء مثلاً، قال تعالى:(قالت إحداهما)، (إنها لإحدى الكبر)، (إحدى الحسنيين)، (إحدى ابنتي هاتين)، ولا يضاف إلى علم؛ وقول النابغة:
62 -
* إحدى بلي وما هام الفؤادُ بها *
وبَلِيُّ حيُّ من قضاعة، مؤول على حذف مضاف، أي إحدى نساء بَلِيّ، وأما في التنييف فلا يضاف، نحو: إحدى عشرة، وإحدى وعشرون.
(وقد يقال لما يُستعظم مما لا نظير له: هو أحَدَّ الأحَدِين، وإحدى الإحَد) - ومعناه إحدى الدواهي التي يقال لكل واحدة منها لا نظير لها؛ وزاد ثعلب: وأحد الآحاد، بهذا المعنى، قال:
63 -
حتى استثاروا في إحدى الإحد
…
ليثاً هزبراً ذا سلاح مُعتدِ
(ويختص أحد بعد نفي محض أو نهي أو شبههما بعموم من يعقل، لازم الإفراد والتذكير) - فتقول: ما جاء أحد، ولا يقم أحد، ومثال شبه النفي: ليتني أسمع أحداً يتكلم، المعنى: لا أسمع أحداً يتكلم، ذكره الفراء في كتاب
الحد؛ وشبه النهي: لأضربن أحداً يقول ذلك، المعنى: لا يقل أحد ذلك، ذكره الفراء أيضاً في كتاب الحد، وساقه مساقاً يشعر بشهرته.
واحترز بالمحض من أليس ونحوه، فلا تقول: أليس أحدٌ يفعل؟ قال المصنف: ومن: ما زال ونحوه، فلا تقول: ما زال أحدٌ يفعل.
وهذا هو مذهب الفراء، وهو الصحيح، وأجازه الكسائي في المستقبل نحو: ما يزال أحد يقول ذلك؛ وأجازه هشام فيه وفي الماضي.
والمراد بأحد في هذا الاستعمال من يعقل على سبيل الإحاطة، ولذا لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث ولا يعرف، لأنه قصد به حالة واحدة، بخلاف رجل ونحوه من النكرات، فإنه وإن استعمل في النهي والنفي للعموم، فإنه يصح أن يراد به الوحدة أيضاً.
(ولا يقع بعد إيجاب يراد به العموم، خلافاً للمبرد) - نص سيبويه وغيره على أن أحداً هذا لا يقع في الإيجاب، وأجاز المبرد ذلك عند العموم، وجعل منه: قام كل أحد، وقال غيره: إن أحداً هذا ليس هو المختص بالنفي، بل بمعنى واحد، وعم بكل، ومادة هذا واو وحاء ودال، ومادة المختص بالنفي همزة وحاء ودال.
وظاهر كلام المصنف ان هذا المختص بالنفي هو المستعمل في التنييف؛ وكلام غيره على خلافه، والذي للتنييف عندهم هو الذي فاؤه واو أبدل منها الهمزة. وقضية كلام المصنف في توافقهما أن تقول بقول المبرد، أعني إجازة وقوعه في الإيجاب العام، إلا أن تقول إن الاستقراء اقتضى أنه لا يستعمل للعموم إلا مع غير الإيجاب، وهو منتقض بإفادته العموم في: كل أحد يقول ذلك، ولا ينكر أن هذا من كلامهم؛ ويجاب عن هذا بأن العموم لكل، وعموم أحد تبع له في ذلك، فخالف: ما قام من أحد. فالحاصل أن الاستقراء على أن أحداً لا يفيد بنفسه العموم إلا في غير الإيجاب؛ وإذا انتهى البحث إلى هذا هان الأمر.
(ومثله) - أي مثل أحد المذكور آنفاً في الاختصاص بالنفي والنهي وشبههما وجميع ما تقدم.
(عَريب وديار وشفر وكتيع وكراب ودَعْوِيّ ونُمِّيّ وداريّ ودُوريّ وطُوريّ وطُوئيّ وطُؤويّ وطَأوي ودُبِّيّ ودُبَيج ودِبّيج وأريم وأرم ووابر ووابن وتأمور وتُؤمور) - فهذه ثنتان وعشرون كلمة كلها مختصة بما سبق ذكره، وزاد غيره ألفاظاً انتهت إلى ست عشرة لفظة، فالمجموع ثمان وثلاثون كلمة، ومن المزيد: طُوراني وطارف وأنيس.
(وقد يغني عن نفي ما قبل أحد نفيُ ما بعده إن تضمن ضميره) - مثاله ما حكى سيبويه أن أحداً لا يقول ذلك. قال سيبويه: وهو ضعيف خبيث.
(أو ما يقوم مقامه) - أي مقام الضمير كقوله:
64 -
ولو سُئلت عنا نوار وأهلها
…
إذن أحد لم تنطق الشفتان
أي شفتاه؛ وهو عند من لا يرى قيام ال مقام الضمير، على حذف الضمير، أي لم تنطق الشفتان منه.
(وقد لا يصحبُ شَفْر نفياً) - كقوله:
65 -
فوالله ما ينفك منا عداوة
…
ولا منهم ما دام من نسلنا شفر
(وقد تضم شينه)
(فصل): (لا يثنى ولا يجمع من أسماء العدد المفتقرة إلى تمييز إلا مائة وألف) - فلا يقال: ثلاثتان ونحوه للاستغناء بستة، كما استغنى بثلاثين وما بعدها عن جمع عشرة، ويقال: ألفان ومائتان وآلاف وألوف ومئات ومئون، لأنه لم يوضع لتثنيتهما ولا لجمعهما صيغة مخصوصة.
وخرج بقوله: المفتقرة
…
أحد واثنان، ولو أسقطه وقال: لا يثنى ولا يجمع من أسماء العدد إلا مائة وألف، كما قال غيره كان أولى، فإن ما عدا المذكورين من أسماء العدد لا يُفعل به ذلك، افتقر إلى تمييز أم لم يفتقر، فواحد إذا أريد به العدد لم يثن ولم يجمع، وكذلك اثنان، وإن أريد بواحد الصفة نحو: مررت برجل واحد ثُنَّيَ ومنه:
66 -
* فلما التقينا واحدين علوته *
وجمع، منه:
67 -
* طاروا إليه زرافات ووحدانا *
وجمع أيضاً بالواو والنون، قال:
68 -
* وقد رجعوا كحي واحدينا *
(واختُصَّ الألف بالتمييز مطلقاً) - فيميز به ثلاثة وأخواته نحو: ثلاثة آلاف، وأحد عشر وعشرون وأخواتهما نحو: أحد عشر ألفاً، وعشرون ألفاً، وأحد وعشرون وأخواته نحو: أحد وعشرون ألفاً، ومائة وألف وما تفرع منهما نحو: مائة ألف، ومائتي ألف، وألف ألف، ومائة ألف ألف.
(ولم يميز بالمائة إلا ثلاث وإحدى عشرة وأخواتهما) - فتقول: ثلاثمائة إلى تسعمائة؛ قال المصنف: وتقول: إحدى عشرة مائة إلى تسع عشرة مائة؛ ويحتاج ما ذكره إلى سماع؛ وأما ما في الحديث أن جابراً قال: "كنا خمس عشرة مائة"، يعني أهل الحديبية، وأن البراء قال:"كنا يوم الحديبية أربع عشرة مائة"، فيحتمل أن يكون من لفظ الراوي عنهما، ممن لا يتقن العربية. فالمعروف في مثل هذا إنما هو: ألف وأربعمائة، وألف وخمسمائة، ونحو ذلك.
وفهم من حصر المصنف أنه لا يقال: عشرون مائة، ولا عشر مائة، وإنما
ترك ذلك للاستغناء بألفين وألف؛ على أن الفراء حكى أن بعض العرب يقول: عشر مائة، وقد سبق هذا، إلا أن الأولى لغة أكثر العرب.
(وإذا قُصد تعريفُ العدد أدخل حرفُه عليه، إن كان مفرداً غير مفسر، أو مفسراً بتمييز) - فالمفردُ من العدد غير المفسر هو الواحد إلى العشرة إذا لم يضف ثلاثة وما بعدها، وعشرون وأخواته، ومائة وألف إذا لم يضافا فتقول: الواحد والاثنان والمائة والألف، والمفسر بالتمييز نحو: عشرون درهماً وأخواته، فتقول: العشرون أو الثلاثون درهما، قال المصنف: والمائة درهما، والألف درهما؛ قال: وهذا على لغة من لا يضيف، يعني مائة وألفاً إلى التمييز. وهذا ذكره ابن كيسان، ونصوص النحويين على أن مميز مائة وألف مجرور بالإضافة لا غير، وأما ما ورد من أن حذيفة قال:"أتخاف علينا يا رسول الله، ونحن ما بين الست مائة إلى السبع مائة" بالنصب، فقد عرفت ما يقال فيه.
(وعلى الآخر إن كان مضافاً) - فتقول: قبضت ألف الدرهم، وإنما قال على الآخر، ولم يقل على الثاني، ليشمل ما فيه أكثر من إضافة، نحو: قبضت خمسمائة ألف الدينار.
(وعليهما شذوذاً لا قياساً، خلافاً للكوفيين) - روى الكوفيون مصاحبة ال للجزأين في العدد المضاف نحو: قبضت العشرة الدراهم، والخمسة الأثواب؛ وحكى أبو زيد ذلك عن قوم من العرب ليسوا فصحاء، وهو عند البصريين، إن صح، محمول على زيادة ال في الأول، وهو شاذ يحفظ ولا يقاس عليه.
(ويدخل على الأول والثاني إن كان معطوفاً ومعطوفاً عليه) - وهو إجماع، أعني جوازه، فتقول: قبضت الأحد والعشرين درهماً؛ وأجاز قوم: الأحد عشرين درهماً، وأجازه الأبدي تشبيهاً بالأحد عشر درهماً، ولا يجوز: أحد والعشرون درهماً، وأجاز قوم: الأحد والعشرون الدرهم.
(وعلى الأول إن كان مركباً) - نحو: قبضت الخمسة عشر درهماً؛ ولا يجيز أكثر أهل البصرة غير هذا، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:"إن كنت صائماً فصُمْ الثلاث عشرة والأربع عشرة والخمس عشرة"، أي يوم الثلاث عشرة ليلة، وهكذا الباقي، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه.
(وقد يدخل على جزأيه بضعف) - نحو: قبضت الخمسة العشر درهما، حكاه الأخفش عن العرب، وأجازه الكوفيون.
(وعليهما وعلى التمييز بقبح) - نحو: قبضت الخمسة العشر الدرهم، حكاه الأخفش، وأجازه الكوفيون وطائفة من الكتاب، والحق قصره على السماع كالذي قبله، مع إمكان تأويلهما بزيادة ال في الجزء الثاني والتمييز.
(فصل) - (حكم العدد المميز بشيئين في التركيب لمذكرهما مطلقاً، إن وُجد العقل) -فتقول عند تمييز المركب بمذكر ومؤنث عاقلين: وجدت خمسة عشر رجلاً وامرأة، ولا تقول: خمس عشرة، بل تغلب المذكر مطلقاً، أي قدمته، كما مثل، أو أخرته نحو: خمسة عشر امرأة ورجلاً، أو وصلت التمييز كما
مثل، أو فصلته ببين نحو: خمسة عشر بين رجل وامرأة، أو بين امرأة ورجل، ويفعل ذلك ولو لم يكن إلا رجل واحد.
(وإلا فلسابقهما، بشرط الاتصال) - أي وإلا يوجد العقل فيهما نحو: اشتريت ستة عشر جملاً وناقة، أو ست عشرة ناقة وجملاً.
(ولمؤنثهما إن فُصلا ببين وعدم العقل) - نحو: عندي ست عشرة بين ناقة وجمل، أو بين جمل وناقة؛ وقال سيبويه: يجوز في القياس خمسة عشر من بين يوم وليلة، وليس بجيد كلام العرب؛ قال السيرافي: إنما جاز لأنك تقول: ثلاثة أيام، وتريد مع لياليها، قال تعالى:(ألا تكلم الناس ثلاثة أيام)، (وألا تكلم الناس ثلاث ليال)، والقصة واحدة.
(ولسابقهما في الإضافة مطلقاً) - نحو: عندي عشرة أعبد إماء، أو عشرة إماء وأعبد، ولا فرق بين العاقل وغيره.
(والمراد بكُتِبَ لعَشر بين يوم وليلة، عشر ليال وعشرة أيام، وباشتريت عشرة بين عبد وأمة، خمسة أعبد وخمس آم) - والفرق استتباع الأيام الليالي وبالعكس، فالعدد المذكور لكل من الليالي والأيام، وأما في غير الليالي والأيام فنصف العدد المذكور ذكور ونصفه إناث، إذ لا استتباع ولا دليل على تفاوت.
(فصل) - (يؤرخ بالليالي لسبقها) - والتاريخ عدد الليالي والأيام
بالنسبة إلى ما مضى وإلى ما بقي من سنة أو شهر؛ يقال: أرَّخ ووَرَّخ لغتان، تأريخاً وتؤريخاً، كتأكيد وتوكيد، ولما كانت الليالي سابقة على الأيام اعتمدت في التاريخ؛ فإذا قيل: كُتب لخمس، فمعناه لخمس ليال، فسكت عن الأيام لعدم الحاجة إلى ذكرها؛ وزعم قوم منهم الزجاجي، أن هذا من تغليب المؤنث على المذكر، ورُد عليهم بأن التغليب إنما هو في لفظ يعم القبيلين، ويجري عليهما معاً حكم أحدهما نحو:(فمنهم من يمشي) فأعاد ضمير الذكور العقلاء على كل دابة تغليباً.
(فيقال أول الشهر: كتب لأول ليلة منه، أو لغُرَّته أو مُهله أو مستهله) - وكذا في أول شهر كذا، هذا إن أرَّخت أول ليلة منه، وإن أرخت نهاراً قلت: في أول يوم.
(ثم لليلة خلت، ثم خلتا، ثم خلون إلى العشر) - وقال غيره: وإّا أرخت بعد مضي يوم قلت: ليوم مضى، أو يومين، قلت: ليومين مضيا. وإنما قيل: خلون، لأن التقدير: لثلاث ليال، وكذا إلى العشر، فالعدد مضاف إلى معدود جمع، ولو ظهر لكانت النون أحسن من التاء، كالأجذاع انكسرن.
(ثم خلت إلى النصف من كذا) - فتقول: لإحدى عشرة خلت وهكذا إلى أربع عشرة خلت، وإنما قيل: خلت، لأن التقدير: لإحدى عشرة ليلة، فلو ذكر المميز لكان الفعل هكذا، ولو قلت: خلون مراعاة للعدد جاز، إلا أن الأجود خلت، لأنه جمع كثرة، بخلاف ثلاث وأخواته، فلذا كانت النون هناك أحسن، وكان العكس هنا، وبعد أربع عشرة تقول: كتب لنصف شهر كذا.
(وهو أجود من: لخمس عشرة خلت أو بقيت) - أي التأريخ بالنصف أجود من التأريخ بالعدد الماضي أو المستقبل.
(ثم لأربع عشرة بقيت، إلى عشر بقين، إلى ليلة بقيت) - والكلام في أربع عشرة بقيت، وعشر بقين كما سبق في خلت وخلون؛ وقضية هذا أنه إنما يؤرخ في النصف الأول بما مضى، وفي الثاني بما بقي. وقال بعض المغاربة: إن منهم من يؤرخ بما مضى، لأنه محقق، بخلاف ما بقي، والأكثرون يؤرخون بالقليل فيما مضى أو بقى، فإذا تساويا فالخيار، ثم إذا أرخوا بما بقى منهم من يتحفظ فيقول: إن بقيت، ومنهم من لا يتحفظ.
(ثم لآخر ليلة منه، أو سلخه أو انسلاخه، ثم لآخر يوم منه، أو سلخه أو انسلاخه) - قال بعض المغاربة: المنسلخ آخر يوم من الشهر، وقال أبو عمرو: الديداء أو الدأداء من الشهر آخره.
(وقد تخلف التاء النون، وبالعكس) - فتقول: لثلاث خلت أو بقيت، وهكذا ما كان نحوه، وتقول: لأربع عشرة خلون أو بقين، وكذا نحوه، وقد سبق تقرير ذلك.
(فصل): (يصاغ موازن فاعل من اثنين إلى عشرة بمعنى بعض أصله فيُفرد) - فيقال: ثان وثانية، وثالث وثالثة، إلى عاشر وعاشرة، بالتاء للمؤنث، وبلا تاء للمذكر.
(أو يضاف إلى أصله) -نحو: ثالث ثلاثة، وعاشر عشرة، وإنما قال
المصنف: من اثنين، وإن كان فاعل استعمل فيما قبل ذلك كواحد، لأن المقصود بيان ما يضاف إلى أصله ويفرد، وهذا لم يُصنع من اسم العدد كثان وما معه، فلا يأتي فيه الاستعمالان، لأنه اسم العدد، لكنه جار على الفعل كثانٍ وباقيها، قالوا: وحد يحد فهو واحد، وثنى يثني فهو ثان، وثلث يثلث فهو ثالث، وكذا الباقي، فالجميع على صيغة فاعل إلا أن واحداً ليس له أصل يضاف إليه، بخلاف الباقي، وهذا هو الباب المترجم بباب اسم الفاعل المشتق من العدد، وبعض النحويين يعد واحداً مع ثان وباقيها لأنه داخل تحت هذه الترجمة.
(وينصبه إن كان اثنين) - فتقول: هذا ثانٍ اثنين، بتنوين ثان ونصب اثنين مفعولاً به، لأن العرب تقول: ثنيت الرجل إذا كنت الثاني منهما.
(لا مطلقاً، خلافاً للأخفش) - والحاصل في المسألة ثلاثة أقوال: أحدهما: وجوب الإضافة، فيضاف اسم الفاعل المشتق من العدد إلى أصله وجوباً سواء كان ثانياً أم غيره، فتقول: ثان اثنين، وثانية اثنتين، وثالث ثلاثة وكذا الباقي، بالإضافة لا غير؛ وهذا هو المشهور، وهو مبني على أن العرب لم تقل: ثنيت الاثنين، ولا ثلثت الثلاثة، وكذا الباقي.
والثاني: جواز النصب مع الإضافة فيها كلها، على معنى متمم اثنين، ويقال: ثانٍ اثنين بنصب اثنين، لأن العرب قالوا: ثنيت الرجلين أي كنت ثانيهما، وهو اختيار المصنف.
والثالث: التفصيل بين ثان وباقيها، فلا يقال: ثالث ثلاثة، بنصب ثلاثة، وكذا الباقي بعده، لأن العرب لم تستعمل منه فعلاً بهذا المعنى،
ويقال: ثانٍ اثنين بنصب اثنين، لأن العرب قالوا: ثنيت الرجلين أي كنت ثانيهما، وهو اختيار المصنف.
(ويضاف المصوغ من تسعة فما دونها إلى المركب المصدر بأصله) - فتقول: هذا تاسع تسعة عشر، وهذه تاسعة تسع عشرة، إلى حادي أحد عشر وحادية إحدى عشرة، والأصل: تاسع عشر تسعة عشر، فأزيل التركيب، ويعرب فاعل لزواله.
(أو يعطف عليه العشرون وأخواته) - فيقال: التاسع والعشرون، والحادي والعشرون، وكذا باقي أخوات العشرين.
(أو تركب معه العشرة تركيبها مع النيف مقتصراً عليه) - فيقال: التاسع عشر، والحادي عشر، وكذا ما بينهما، ويبني الجزآن، كما يبني الصدر والعجز في تسعة عشر وأخواتها، ويعطى فاعل ما يستحقه اسم الفاعل من لحاق التاء في التأنيث، وسقوطها في التذكير، ويجعل العجزفي التذكير والتأنيث كما كان مع أحد وإحدى وأخواتهما فتقول في المؤنث: التاسعة عشرة والحادية عشرة، وفي المذكر: التاسع عشر والحادي عشر، وهذا الوجه أنكره المغاربة، بناء على أن أصله: تاسع عشر تسعة عشر، فحذف عشر من الأول، وتسعة من الثاني، وكذا الباقي، ومن ثم قيل: هذا إجحاف يحتاج إلى سماع، وفيه بحث.
(أو مضافاً إلى المركب المطابق له) - فيقال: حادي عشر أحد عشر إلى تاسع عشر تسعة عشر، وفي المؤنث: تاسعة عشرة تسع عشرة، إلى حادية عشرة إحدى عشرة، وأول هذين المركبين مضاف إلى ثانيهما، وكلاهما مبني.
(وقد يعرب الأول مضافاً إلى الثاني مبنياً عند الاقتصار على ثالث عشر ونحوه) - فيقال: هذا ثالثُ عشر، ورأيت ثالث عشر، ومررت بثالث عشر، بإعراب ثالث رفعاً ونصباً وجراً، وبناء عشر على الفتح، وكذا الباقي، والأصل: ثالث عشر ثلاثة عشر، فحذف عجز المركب الأول غير منوي، فأعرب الصدر، وحذف صدر المركب الثاني منوياً فبقي عجزه على بنائه؛ نظيره: لا حول وقوة، ببناء قوة على تقدير لا، وهذا الوجه حكاه الكسائي وهو عند المغاربة شاذ لا يقاس عليه.
(ويستعملُ الاستعمال المذكور في الزائد على عشرة الواحدُ مجعولاً حادياً) - فيستعمل واحد استعمال فاعل المصوغ من اثنين وأخواته، بعد تحويله إلى حادٍ، فتقول: حادي عشر، وحادية عشرة، والحادي والعشرون، والحادية والعشرون، وحادي مقلوب واحد، جعلت فاؤه مكان لامه، فانقلبت ياء لكسر ما قبلها، وقال الفراء: ليس مقلوباً، بل هو من حدا يحدو ساق، فالواحد الزائد يسوق العشرة، وحكى الكسائي: واحد عشر على القياس، إذ النقل: وحَد يَحِدُ.
(وإن قُصد بفاعل المصوغ من ثلاثة إلى عشرة جعلُ الذي تحت أصله معدوداً به استعمل مع المجعول استعمال جاعل، لأن له فعلاً) - فتقول: هذا ثالث اثنين، أي جاعل اثنين ثلاثة، فإن كان ماضياً وجبت الإضافة، أو غيره جازت؛ وذِكرُ جاعل أولى من ذكر مُصَيِّر، وإن كان هذا هو المشهور، لموافقة جاعل المذكور وزناً ومعنى، فإذا قصدت الحال أو الاستقبال جاز أن
تقول: رابع ثلاثة، بتنوين رابع ونصب ثلاثة، كما تفعل مع اسم الفاعل، وكذا الباقي. ولم يذكر النحويون فيه سماعاً، بل قاسوه، وذلك لوجود الفعل، قالوا: ثلَثْتُ الاثنين، وربَعْتُ الثلاثة، إلى عشرتُ التسعة، ولم يذكر سيبويه النصب به، وتأوله على الماضي، ومصدر هذه الأفعال فَعْل كضَرْب، فكان حقه أن يقول: المصوغ من ثلث إلى عَشْر، فإن كان فاعلاً من المصدر أخذ، لكنه قال ذلك توسعاً للتقريب على المتعلم.
وأفهم قوله: من ثلاثة أن ذلك لا يكون في اثنين، فلا تقول: ثاني واحد، لا بجر واحد ولا بنصبه، بل لا يضاف إلا إلى اثنين نحو:(ثاني اثنين) أي أحدهما، هذا مذهب سيبويه، وأجاز الأخفش: ثاني واحد، وقال الكسائي: من العرب من يقول: ثاني واحد.
وأفاد قوله: لأن له فعلاً، أن من لا فعل له لا يعامل بهذه المعاملة كثاني اثنين وثالث ثلاثة، إذ لا يقال: ثنيت الاثنين، ولا ثلثت الثلاثة، وأجاز الجرمي: ثالث ثلاثة، وثلثت الثلاثة.
(وقد يجاوَزُ به العشرة فيقال: رابعُ ثلاثة عشر، أو رابعُ عشر ثلاثة عشر، ونحو ذلك، وفاقاً لسيبويه، بشرط الإضافة) - فيستعمل فاعل مع المركب الذي تحت أصله كما استعمل مع المفرد، فكما كنت تقول: ثالث اثنين، كذلك تقول: ثالث اثني عشر، وكذا الباقي، ويجوز أن يفرد اسم الفاعل كما مثل فتعربه حينئذ، ويجوز أن تركبه مع عشر فتقول: ثالث عشر اثني عشر، فتبنيه، وكذا الباقي، وهذا أجازه سيبويه قياساً على: ثالث اثنين وأخواته، وعليه أيضاً النحويون المتقدمون، ومنعه الجمهور ومنهم الأخفش
والمازني والمبرد، لأن الفعل لم يسمع بهذا المعنى، لم يقولوا: ربعت الثلاثة عشر أي صيرتهم أربعة عشر، وهذا الرد قد يقال إنه إنما يقتضي لو ثبت أن لا يُنصب، وسيبويه ومن قال مثل قوله يوافق على وجوب الإضافة فيه مع تركيب فاعل وإفراده، على أن من النحويين من أجاز: ثالث اثني عشر، بالتنوين، وحكى بعضهم أن العرب تقول: ربعت الثلاثة عشر أي رددتهم أربعة عشر.
(وحكى فاعل المذكور في الأحوال كلها بالنسبة إلى التذكير والتأنيث حكم اسم فاعل) -فيكون للمؤنث بالتاء، وللمذكر بلا تاء، فتقول: ثان وثانية إلى عاشر وعاشرة، وثاني اثنين وثانية اثنتين، وثالث ثلاثة وثالثة ثلاث، وثالث اثنين وثالثة اثنتين، والثالث والثلاثون رجلاً، والثالثة والثلاثون امرأة، والثالث عشر ثلاثة عشر، والثالث ثلاثة عشر، وثالث عشر، والثالثة عشرة ثلاث عشرة، والثالثة ثلاث عشرة، وثالثة عشرة، ورابع عشر ثلاثة عشر، ورابع ثلاثة عشر، ورابعة عشر ثلاث عشرة، ورابعة ثلاث عشرة.
(فصل) - (استُعمل كخمسة عشر ظروف كيوم يوم، وصباح مساء، وبين بين) - ولا يقاس على ما سمع من ذلك، وسمع في الزمان مع ما ذكر: أزمانَ أزمانَ، قال:
69 -
إذ نحن في غرة الدنيا وبهجتها
…
والدار جامعة أزمان أزمانا
ومعنى فلان يأتينا يومَ يومَ، وصباح مساء، كل يوم، وكل صباح ومساء. ولا يقال قياساً على هذا: وقتَ وقتَ، ونهار ليل، وعام عام، إلا إن سمع، والمسموع في المكان: بين بين، فلا يقال: خلفَ خلفَ ولا أمامَ أمامَ، والبناء لتضمن معنى الواو كخمسة عشر، والأصل: يوم ويوم، وصباح ومساء.
(وأحوال أصلها العطف) - وهي ألفاظ محفوظة لا يقاس عليها لكنها أكثر من الظرف.
(كتفرقوا شَغَرَ بَغَرَ) - أي منتشرين، كأنه من شغر البلد إذا خلا، وبغر النجم أي الثريا سقط وهاج بالمطر، فبتفرقهم شغرت أماكنهم، وسقطوا في تلك الوجوه.
(وشَذَر مَذَر) - هو بفتح الشين والميم وكسرهما، وقيل: الميم بدل من الياء، ومعناه: ذهبوا في كل وجه، والشذر قطع الذهب، والشذرة القطعة والشذر أيضاً صغار اللؤلؤ، ومذرت البيضة والمعدة بكسر الذال فسدت، وكأنهم بتفرقهم وخروجهم إلى غير أوطانهم فسدت أحوالهم.
(وجَذَعَ مَذَع) - أي متقطعين، والجذع القطع وتحزيز في اللحم، وحكى أبو عبيد عن الكسائي: مذَع في الخبر إذا حدثك بعضه وكتم البعض فهو يرجع إلى معنى القطع.
(وأخْوَلَ أخْولَ) - أي شيئاً بعد شيء، قال ضابئ يصف ثوراً:
70 -
يُساقط عنه روقه ضارياتها
…
سقاط شرار القين أخول أخولا
وذهب القوم أخول أخول إذا تفرقوا شتى.
(وتركت البلاد حيث بيث) - أي مبحوثة، يقال: استحاث الشيء تطلبه وقد ضاع في التراب، وباث عن الشيء يبوث بَوْثاً، واستباث عنه بحث عنه، ويقال: تركتهم حيث بيث، أي متفرقين متبددين، وكذلك حوْثاً بَوْثاً، وحَوْثَ بَوْثَ، وحاثِ باثِ بالبناء على الكسر، وحيث بيث بكسر الحاء والباء.
(وهو جاري بيت بيت) - أي ملاصقاً.
(ولقيته كِفَّة كِفَّةً) - أي مواجهاً، قال الأحمر: لقيته كفة كفة مثل لقيته مواجهة.
(وأخبرته صحرة بحرة) - أي متكشفاً، وقال الجوهري: يقال: لقيته صحرة بحرة، وهي غير مُجراة، إذا رأيته وليس بينك وبينه ساتر. انتهى. ولا يعني بغير مجراة منع الصرف، إنما يعني عدم التنوين للبناء، وقد صرح في نظائرهما بالبناء، والصناحِرُ الذي يقابل قِرنه في الصحراء ولا يخاتله، أي لا يخدعه.
(وأحوال أصلها الإضافة) - وهي محفوظة أيضاً.
(كبادي بدا أو بادي بدي) - يقال: افعل ذلك بادي بدا أو بادي بدي، بمعنى مبدوءاً به، وياء بادي فيهما ساكنة كياء معدي كرب، وبادي اسم فاعل من بدي كبقي، وهي لغة الأنصار، والمشهور في اللغة بدأ بالهمز، وبداء مصدر بدي موازن بقي، وبدي بكسر الدال لعله اسم فاعل كشج، وجمعه مع بادي تأكيد كجمع بادي مع بدا.
(وأيدي سبا وأيادي سبا) - قالوا: ذهبوا أيدي سبا وأيادي سبا أي متفرقين.
(وقد يُجرُ بالإضافة الثاني من مركب الظروف) - فيقال: جئتك يوم يوم بجر يوم الثاني، وصباح مساء بجر مساء، وبين بين بجر بين الثاني، والمعنى كالبناء أي كل يوم وكل صباح ومساء وبني هؤلاء وبين هؤلاء.
(ومن بيت بيت وتالييه) - وهماكفة كفة، وصحرة بحرة، فتقول: هو جاري بيت بيت بالإضافة، حكاه سيبويه عن بعض العرب، وكذا لقيته كفة كفةٍ وصحرة بحرةٍ بإضافة الأول للثاني، والمعنى مع الإضافة كالمعنى مع البناء.
(ويتعين ذلك للخلو من الظرفية) -كقوله:
71 -
ولولا يومُ يومٍ ما أردنا
…
جزاء والقروض لها وفاء
أخرج يوماً عن الظرفية باستعماله مبتدأ فتعينت الإضافة، إذا لم يثبت التركيب إلا عند الظرفية.
(وقد يقال: بادئ بدءٍ، وبادي بداء، وبديءٍ أو بدءٍ، وبدءَ ذي بدءٍ أو ذي بدأةٍ، أو ذي بداءةٍ) - هذا بإضافة الأول للثاني، والمعنى كالبناء؛ وجاء هذا الهمز على المشهور في اللغة.
(وقد يقال: سبأ بالتنوين) - وأصله: سبأ بالهمز، وهو اسم رجل ولد عامة قبائل اليمن.
وقال ابن دريد في كتاب الاشتقاق: سبأ لقب واسمه عبد شمس وهو يُصرف ولا يُصرف: وقال الزجاج في قوله تعالى: (وجئتك من سبأ) هي مدينة تعرف بمأرب من صنعاء على ثلاث ليال، يُصرف لأنه اسم البلد، ولا يصرف لأنه اسم مدينة، وقولهم: أيدي وأيادي سبأ بالتنوين أبدلوا فيه الهمزة ألفاً وأضافوا فصار سباً كعصاً والمعنى مع الإضافة والبناء واحد.
(وحاثِ باثِ) - أي بالبناء على الكسر، إما على أصل حركة التقاء الساكنين، وإما كراهية توالي ست فتحات، لأن الألفين بمنزلة فتحتين.
(وحَوْثاً بَوْثاً) - وقد تقدم ذكره وذكر بقية اللغات؛ وعين الكلمتين واو، وقد تلعبوا بها في هذا الاجتماع؛ فمن قال: حاثِ قلب الواو ألفاً لتحركها وانفتاح
ما قبلها؛ ومن قال: حيث بيث صير الواو ياء لانكسار ما قبلها؛ والأصل حَوْثَ وبَوْثَ، قاله الصاغاني؛ وقيل في حيث بيث إن الثاني قلب للأول، كما في قولهم:"لا دَرَيْتَ ولا تليتَ"؛ وفي حوْثَ بَوْثَ إنالأول قلب للثاني، كقولهم: وقعوا في حَوْصَ بَوْصَ؛ وفيه نظر.
(وكَفَّة عن كَفَّة) - فيصير في هذا ثلاث استعمالات: كَفَّة كَفَّةَ بالبناء، كَفَّةَ كفَّةٍ بالإضافة، كَفَّةً عن كَفَّةٍ؛ والجميع بفتح الكاف، والمعنى واحد.
(وألحقوا بهذا: وقعوا في حَيْص بَيْصَ، وحِيصَ بِيصَ، والخازَ بازَ) - أي ألحق بما ذكر من الظرف والحال ما ليس بواحد منهما.
ومعنى وقعوا في حيص بيص: وقعوا في شدة ذات تأخر وتقدم، من حاص عن الشيء يحيص تأخر عنه خوفاً منه؛ وباص يبوص بَوْصاً تقدم، وحيص بيص بالياء فيهما لمشاكلة الثاني الأول، كما في:"لا دريت ولا تليت"؛ ومن قال: حوص بوص، عكس نحو: مأزورات غير مأجورات".
وحكى أبو عمرو: وقعوا في حَيْص بَيْصَ، وحِيصَ بِيصَ، وحَيْصِ بَيْصِ. وقالوا أيضاً: حاص باص. وفي الخاز باز لغات: بناء الجزأين على الفتح كحاث
باث، تشبيهاً بخمسة عشر، وعلى الكسر كحاثِ باثِ بكسر الثاء فيهما، وفتح الأول أو كسره؛ قيل: وضم الثاني، وفيه بحث؛ وإعراب الأول وإضافته إلى الثاني معرباً، وخزْباز كقرطاس؛ وخاز باء كقاصعاء، غير مصروف، وهو عشب وذباب وصوت الذباب، وداء في اللهازم، وبعض أسماء السنور.