المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌58 - باب مصادر غير الثلاثي - المساعد على تسهيل الفوائد - جـ ٢

[ابن عقيل]

الفصل: ‌58 - باب مصادر غير الثلاثي

‌58 - باب مصادر غير الثلاثي

(يصاغ المصدر من كل ماض أوله همزة وصل، بكسر ثالثه، وزيادة ألف قبل آخره) .. نحو: اقتدر اقتداراً، واستخرج استخراجاً؛ وليس المراد من قوله: يصاغ المصدر من كل ماض، اشتقاق المصدر من الفعل، فينافي هذا ما سبق له في المفعول المطلق، وإنما المراد بيان بنية المصدر التي يتعلق بها الفعل المذكور؛ فالمعنى أن الاستقراء دل على أن مصادر ما كان كذلك من الأفعال، على هذه الهيئة يكون؛ ونحو هذا قول سيبويه: وأما فاعلت فإن المصدر منه الذي لا ينكسر أبداً: مفاعلة، وأورد أنه ينبغي تقييد ما ذكر، فيقال: من كل ماض أوله همزة وصل، وليس أصله: تفاعل، ولا تفعل، فإن هذين لا يكسر ثالث مصدريهما، ولا يزاد ألف قبل آخريهما، بل تقول في: اطاير: اطايراً، وفي اطير: اطيُّراً، والأصل: تطاير وتطير، فأدغمت التاء في الطاء؛ وإذا حمل كلام المصنف على البنية الأصلية لم يرد هذا.

(ومن كل ماض أوله تاء المطاوعة أو شبهها، بضم ما قبل آخره، إن صح الآخر) - نحو: تكسر تكسراً، وتصبر تصبراً، وتضارب تضارباً، والأخيران لشبههما؛ وجاء في تفعل تفعال نحو: تكلم تكلاماً، وتحمل تحمالاً؛ وجاء في: تفاوت فتح الواو وكسرها، وفي: تطاعن: طعنان، وقالوا أيضاً القياس، وهو: تطاعن.

(وإلا خلف الضم الكسر) - نحو: تعدى تعدياً، وترامى ترامياً.

ص: 625

(ويصاغ من أفعل على إفعال) - نحو: أكرم إكراماً، وآلى إيلاء.

(ومن فعل على تفعيل) - نحو: كلم تكليماً.

(وقد يشركه تفعلة) - نحو: ذكر تذكرة، وحلل اليمين تحللة.

(ويغني عنه غالباً فيما لامه همزة) - فيغلب في المهموز تفعلة تفعيلاً، فتقول: خطأ تخطئة، وجزأ تجزئة، ويجوز: تخطيئاً وتجزيئاً؛ وزعم أبو زيد أن التفعيل فيه في كلام العرب أكثر، وظاهر كلام سيبويه أنه لا يجوز إلا فيما سمع؛ وحكي منه تنبيئاً وبهذا أخذ الشلوبين، فيما حكى ابن عصفور.

(ووجوباً في المعتل) - نحو: زكى تزكية وحيا تحية، بالإدغام وجوباً، وقال المازني: يجوز الإدغام، وهو الأكثر والأحسن.

(وتنزي دلوها تنزياً من الضرورات) - يعني قوله:

561 -

باتت تنزي دلوها تنزياً

كما تنزي شهلة صبياً

فجاء المعتل على تفعيل شذوذاً. وأما:

حتى اتقوها بالسلام والتحيي

فجمع تحية كتمرة وتمر.

(ومصدر فاعل مفاعلة وفعال) - نحو: خاصم مخاصمة وخصاماً، وواعد مواعدة ووعاداً.

ص: 626

(وندر فيما فاؤه ياء) - أي فعال، لاستثقال الكسرة في الياء، فتقول: ياسرة مياسرة، وياومه مياومة؛ وحكى ابن سيدة: يواماً، وهو نادر.

(ومصدر فعلل والملحق به بزيادة هاء التأنيث في آخره) - نحو: دحرج دحرجة وجلبب جلببة.

(أو بكسر أوله وزيادة ألف في آخره) - قالوا: سرهف سرهافاً، وليس هو بمقيس، ولم يسمع في دحرج دحراج، ولا في الملحق بفعلل، إلا حيقال مصدر حوقل؛ ويقال: سرهفت الصبي وسرعفته أحسنت غذاءه.

(وفتح أول هذا إن كان كالزلزال جائز) - فتقول في المضاعف: فعلالاً بكسر الفاء وفتحها نحو: صلصل صلصالا، وقلقل قلقالاً، مع فعللة كزلزلة وصلصلة وقلقلة.

(والغالب أن يراد به حينئذ اسم فاعل) - فإذا فتح أول فعلال غلب لاسم الفاعل، كصلصال بمعنى مصلصل، ووسواس في معنى موسوس.

(وربما ورد كذلك مصدر فوعل) - أي جاء على فعلال، بكسر الفاء، قالوا: حوقل حوقلة، وهو المقاس، وقالوا: حيقالاً، كما قالوا في سرهف: سرهافاً، والأصل: حوقال، فقلبت الواو ياء للكسرة كميزان، قال:

562 -

يا قوم قد حوقلت أو دنوت

وشر حيقال الرجال الموت

ص: 627

(وقد يقال: فعَّل فعالاً) - نحو: كلم كلاماً، وكذب كذاباً، وجاء مخففاً، قرئ:(وكذبوا بآياتنا كذاباً).

(وفاعل فيعالاً) - نحو: ضارب ضيراباً.

(وتفعل تفعالاً) - نحو: تحمل تحمالاً.

(وافعلل فعليلة) - نحو: اطمأن طمأنينة، واقشعر قشعريرة؛ وكلامه يقتضي المصدرية، وظاهر كلام سيبويه أنهما غير مصدرين، بل اسمان وضعا موضع المصدر، كنبات في قوله تعالى:(أنبتكم من الأرض نباتاً).

(وفعلل فعللى) - نحو: قهقر قهقرى، أي رجع على قفاه.

(وفعللاء) - نحو: قرفص القرفصاء، والمقس: قرفصة.

(وندر فعال، غير مصدر) - كقثاء وحناء.

(ما لم تبدل أول عينه ياء) - كقيراط، وأصله: قراط، بدليل قراريط.

(وأندر منه فيعال، غير مصدر) - نحو قولهم: ناقة ميلاع من الملع، وهو السير السريع الخفيف، يقال: ملعت الناقة في سيرها وانملعت.

(وقد يغني في التكثير عن التفعيل التفعال) - فتقول لقصد الكثرة: التضراب والترداد؛ ومذهب سيبويه وبقية البصريين أن هذا مصدر فعل المخفف، وأنه جيء به لذلك لقصد التكثير، كما تضعف عين الفعل كذلك؛ وذهب الفراء وغيره من الكوفيين إلى أنه مصدر المضعف العين، وهو مقتضى ظاهر كلام المصنف، وهذا المصدر بفتح التاء، فأما تلقاء وتبيان فاسمان وضعا

ص: 628

موضع المصدر، أي اللقاء والبيان، هذا هو قول سيبويه؛ وزعم الأعلم أن الكسر شذوذ، والمعنى على التكثير.

(أو الفعيلي) - كالدليلى أي الدلالة الكثيرة، والهريمى أي الهرم الكثير، وليسا من فعل المضعف، بل من المخفف، خلافاً لما يوهمه قول المصنف؛ ومع كثرة هذا النوع هو غير مطرد، وقيل: مطرد.

(وقد يغني الفعيلى أيضاً عن التفاعل) - نحو: كان بينهم رميتى أي ترام، وترام تفاعل، وأصله: ترامو، بقلب الياء واواً للضمة، والعمل المؤدي إلى كون آخر الاسم واواً مضموماً ما قبلهان يجب عنده قلب الواو ياء، والضمة كسرة، كما في أدل.

(فصل): (تلزم تاء التأنيث الإفعال والاستفعال، معتلي العين، عوضاً من المحذوف) - نحو: أقام إقامة، وأبان إبانة، واستقام استقامة، واستبان استبانة، والأصل إقوام وإبيان، واستقوام واستبيان؛ ويأتي في التصريف بيان المحذوف؛ وجاء منه شيء على الأصل، قالوا: أغيمت السماء إغياماً، واستحوذ استحواذاً.

(وربما خلوا منه) - أي من التاء، مع بقاء الإعلال بالحذف، قال سيبويه: وإن شئت لم تعوض، وتركت الحذف على الأصل، قال تعالى:(وإقام الصلاة) انتهى.

ص: 629

وقالوا: استفاه الرجل استفاهاً؛ وقال الفراء: إنما تحذف التاء عند تعويض الإضافة منها؛

وقال ابن عصفور: لا يجوز حذفها إلا حيث سمع، ولا يقاس عليه. انتهى. وهو مخالف لظاهر كلام سيبويه، لكن حجته قلة ما ورد.

(وتلحق سائر أمثلة الباب المجردة منها، دلالة على المرة) - نحو: أعطيت إعطاءة، واستخرجت استخراجة، وكذا الباقي، إذا كانت مقيسة، فلا يقال: كلمته كلامة، بل تكليمة، وإن كان في المصدر التاء، دل على الوحدة بالصفة، نحو: قابله مقابلة واحدة، وكذا يدل بالقرينة المعنوية.

(ويصاغ مثل اسم مفعول كل منها، دالاً على حدثه أو زمانه أو مكانه) - فمكرم يستعمل للمصدر أي الإكرام، ولوقت الإكرام، ولمكانه، وكذا مستخرج ونحوه، قال تعالى:(ومزقناهم كل ممزق) أي تمزيق؛ ويقولون: هذا مخرجنا ومدخلنا، للوقت أو المكان.

(فصل): (يجيء المصدر على زنة اسم المفعول، في الثلاثي قليلاً) - ثبت هذا الفصل في نسخة البهاء الرقي، وهو آخر أصحاب المصنف، وعلى النسخة خط المصنف، رحمهما الله.

ومثال ذلك: المرفوع والموضوع، بمعنى الرفع والوضع، وهذا قول الأخفش والفراء، ولم يثبت سيبويه ذلك، وقال في هذين: إنهما بمعنى الشيء الذي ترفعه وتضعه، تقول: هذا مرفوع ما عندي وموضوعه، أي ما أرفعه وأضعه.

(وفي غيره كثيراً) - وهذا في معنى قوله: ويصاغ مثل اسم مفعول كل

ص: 630

منهما، دالاً على حدثه

وقد جاء في غير الثلاثي لفظ مفعول للمصدر، فيما ذهب إليه الفراء، قال: العرب يجعلون المصدر في كثير من الكلام مفعولاً، ومن ذلك: الميسور والمعسور، بمعنى الإيسار والإعسار. انتهى. وجعل سيبويه الميسور والمعسور للزمان، أي زمان يوسر فيه ويعسر، كقولك: هذا وقت مضروب فيه زيد، وعجبت من زمان مضروب فيه عمرو.

(وربما جاء في الثلاثي بلفظ اسم الفاعل) - نحو: قم قائماً، أي قياماً، ومنه: الكاذبة بمعنى الكذب، والكافية بمعنى الكفاية، قال:

563 -

كفى بالنأي من أسماء كاف

أي كفاية.

ص: 631