الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
60 - باب أسماء الأفعال والأصوات
وحكمه باسميتها جار على مذهب البصريين، ودليله تنوينها؛ وقال الكوفيون: هي أفعال، نظراً إلى معناها؛ وعلى الأول الأكثرون أنها اسم لمعنى الفعل، وهو ظاهر كلام سيبويه، وقيل للفظه.
(أسماء الأفعال ألفاظ تقوم مقامها) - أي مقام الأفعال في الدلالة على معانيها وفي عملها.
(غير متصرفة تصرفها) - أي تصرف الأفعال، فلا تتصرف في نفسها ولا في معمولها؛ بل تلزم ما وضعت عليه من لفظ، ويتأخر المعمول.
(ولا تصرف الأسماء) - فلا تكون مبتدأ ولا فاعلاً ولا نحو ذلك مما يقع في الأسماء غيرها؛ وأما قوله:
568 -
فدعوا: نزال، فكنت أول نازل
…
وعلام أركبه إذا لم أنزل
فمن الإسناد اللفظي.
(وحكمها غالباً في التعدي واللزوم والإظهار والإضمار، حكم الأفعال الموافقتها معنى) - استظهر بغالباً على آمين، فهو بمعنى استجب، وهذا متعد نحو: اللهم استجب دعاءنا، ولا يقال: آمين دعاءنا؛ وبقيتها موافق فيما ذكر، ولذا يتعدى رويد نحو: رويد زيداً، كما تقول: أمهل زيداً؛ ولا يتعدى صه، كما لا يتعدى اسكت. ويلزم إضمار الفاعل في هذين ونحوهما، ولا يلزم في هيهات ونحوه، ومن إظهاره:
569 -
فهيهات هيهات العقيق وأهله
…
وهيهات خل بالعقيق نواصله
ونصوا على أن اسم الفعل لا يعمل مضمراً، فلا يحمل كلامه على ذلك؛ وقول سيبويه في: زيداً فاقتله: إن شئت نصبته على عليك، كأنك قلت: عليك زيداً فاقتله، محمول على أنه تفسير معنى.
(ولا علامة للمضمر المرتفع بها) - أي لا يبرز معها المضمر مطلقاً، فتقول: صه يا زيد، ويا زيدان، ويا زيدون، ويا هند، ويا هندان، ويا هندات؛ بخلاف الفعل، فتقول: اسكتا واسكتوا واسكتي واسكتن.
(وبروزه مع شبهها في عدم التصرف دليل فعليته) - نحو: هلم، في لغة تميم، إذ يقولون: هلمي وهلما وهلموا وهلممن؛ فهي عندهم فعل.
(وأكثرها أوامر) - نحو: صه ومه ودراك، وما سيأتي.
(وقد تدل على حدث ماض) - نحو: هيهات بمعنى بعد، وشتان بمعنى افترق.
(أو حاضر) - نحو: أف أي أتضجر.
(وقد تضمن معنى نفي أو نهي أو استفهام) - فمثال النفي ما حكى اللحياني عن الكسائي، أنه سمع أعرابياً من بني عامر يقول: إذا قيل لنا: أبقي عندكم شيء؟ قلنا: همهام، أي لم يبق شيء؛ وحكاه الكسائي عنهم بالياء والميم؛ ذكر هذا ابن سيدة في المحكم، وذكره أيضاً ابن جني في كتاب التعاقب من تأليفه.
ومثال الاستفهام: مهيم؟ ومنه قوله عليه السلام لعبد الرحمن بن عوف، وقد رأى عليه أثر صفرة:"مهيم"؟ فقال: تزوجت يا رسول الله!
أي أحدث لك شيء؟
(أو تعجب استحسان) - نحو:
571 -
وا! بأبي أنت وفوك الأشنب
…
كأنما ذر عليه الزرنب
(أو تندم) - نحو:
572 -
سألتاني الطلاق إذ رأتاني
…
قل مالي، قد جئتماني بنكر
ويكأن من يكن له نشب
…
يحبب، ومن يفتقر يعش عيش ضر
فهذا تعجب تندم.
(أو استعظام) - ومنه قوله عليه السلام لأبي طلحة: "بخ بخ، ذلك مال رابح"؛ قال ابن دريد: معنى بخ تعظيم الأمر وتفخيمه.
(وقدي صحب بعضها لا النافية) -[نحو: لا لعاً].
(فمنها لخذ: ها وهاء مجردين) - أي من كاف الخطاب، فتقول: ها يا زيد، ويا هند، ويا زيدان، ويا هندان، ويا زيدون، ويا هندات، وكذلك هاء بالمد.
(ومتلوين بكاف الخطاب بحسب المعنى) - نحو: هاك هاك هاكما هاكم هاكن، وهاءكَ وهاءكِ وهاءكما وهاءكم وهاءكن؛ قال الفراء: وإلحاق الكاف لغة بني ذبيان.
(وتخلفه همزة هاء مصرفة تصريفه) - أي تخلف الكاف الهمزة مصرفة
تصريف الكاف بحسب المعنى، نحو: هاء هاء هاؤما هاؤم هاؤن، وهي أفصح اللغات، وبها جاء القرآن، قال تعالى:(هاؤم اقرؤوا كتابيه)، وهي في هذه اللغات اسم فعل، لاستكنان الضمير فيها استكنانه في أسماء الأفعال؛ ومن العرب من يجعلها فعلاً فيقول: هاء يا رجل، هائي يا امرأة، هائيا يا رجلان أو يا امرأتان، هاؤوا يا رجال، هائن يا نساء، حكاه الأخفش.
وقد يقال: هأ وهاء مصرفين مع المخاطب تصريف خف ودار، ويقول المخاطب بهما: ما أَهاء وما أُهاء، أي ما آخذ وما أُعطى.
(ومنها لأحضر أو أقبل هلم الحجازية) - نحو: (قل هلم شهداءكم) أي أحضروهم، فيتعدى كأحضر، وقال تعالى:(هلم إلينا) أي أقبلوا، فعديت بإلى كأقبل؛ ومنهم من يعديها باللام نحو: هلم للثريد، وقالوا أيضاً: هلم الثريد أي ائته.
واحترز بالحجازية من التميمية، فهي عندهم فعل، لاتصال الضمائر بها، على حداتصالها بالأفعال، فتقول: هلم يا رجل، وهلمي يا امرأة، وهلما يا رجلان أو يا امرأتان، وهلموا يا رجال، وهلممن يا نساء؛ وأما الحجازيون فلا يفعلون ذلك، بل تكون بلفظ واحد للجميع، لأنها عندهم اسم فعل.
وهي مركبة عند الجمهور؛ ثم قال البصريون منهم: مركبة من هاء التنبيه ولم من قولهم: لم الله شعثه جمعه، والمعنى: اجمع نفسك إلينا، فحذف ألف ها تخفيفاً لكثرة الاستعمال؛ وقال الفراء: مركبة من هل للزجر، وأم بمعنى اقصد، فألقيت حركة الهمزة على الساكن قبلها وحذفت؛ ويدل للبصريين قولهم: هالم، ذكره في البسيط.
(ولقدم أو عجل أو أقبل حيهل) - وهي مركبة من حي بمعنى أقبل، وهل بمعنى عجل، وعند التركيب تكون بمعنى ما ذكر، فتتعدى بنفسها، ومن كلامهم: حي هلا الصلاة، وبالباء كعجل، وبإلى كأقبل؛ وتفرد، ومنه: حي على الصلاة، قال الصفار: ولا يصل بنفسه حينئذ؛ ويقال: هلا الثريد وإلى الثريد؛ ويقال: حيَّهَل وحيَّهْل، وقد ينونان، ومنه: إذا ذكر الصالحون فحيهلاً بعمر، أي ائت، وحيَّهْلا بإثبات الألف وصلاً ووقفاً بغير تنوين.
(ولأمهل تيد ورويد) - فتقول: تيد زيداً، ورويد زيداً، أي أمهله، وقال الفارسي: تيد من التؤدة، فالفاء أبدلت تاء، والعين همزة أبدلت منها الياء لزوماً، كما حكى سيبويه من قول بعضهم؛ بيس؛ ورويد عند البصريين تصغير إرواد تصغير ترخيم، وعند الفراء تصغير رود بمعنى المهل؛ ويدل للبصريين تعديه، ولو كان بمعنى المهل لم يتعد.
(ما لم ينصب حالاً) - نحو: ساروا رويداً، فهو حال من ضمير المصدر، والتقدير: ساروا أي السير في حال كونه رويداً، وأضمر لدلالة سار عليه، نحو: من كذب كان شراً له، أي كان هو، أي الكذب.
(أو مصدر نائباً عن أرود مفرداً، أو مضافاً إلى المفعول) - نحو: رويداً زيداً، ومن إضافته إلى المفعول قولهم: رويد نفسه، أي دع نفسه، ويضاف أيضاً إلى الفاعل نحو قولهم: رويدك زيداً، ويحتمل غير ذلك؛ والمبرد يمنع النصب به لتصغيره، والفارسي أجازه، واستعمل تيد أيضاً مصدراً؛ وحكى البغداديون: تيدك زيداً، وهو محتمل.
(أو نعتاً لمصدر مذكور) - نحو: ساروا سيراً رويداً.
(أو مقدر) - وعليه خرج أكثر المعربين: ساروا رويداً، والتقدير عندهم: سيراً رويداً؛ وما سبق من الحالية هو قول سيبويه، وهو الصحيح.
(ولأسرع هيْت وهيَّت وهَيَّا وهِيَّا وهَيْك وهيَّك) - ونحو تفسيره بأسرع تفسير بعضهم له بأقبل أو ائت أو فعال، وقيل: معنى هيت لك جئت لك؛ والمعروف ما تقدم، والكاف اللاحقة له حرف خطاب، واللام في لك للبيتين، مثلها في: سقيا لك، أي لك أعني.
(ولدع بله وكذاك) - نحو: بله زيداً، قال سيبويه: أي دع زيداً؟ ويخفض ما بعدها نحو: بله زيد، فتكون مصدراً عند سيبويه، وحرف جر عند الأخفش، ذكره في الاستثناء؛ وحكى بعض اللغويين النصب بكذاك، ومنه قول جرير:
573 -
يقلن، وقد تلاحقت المطايا
…
كذاك القول إن عليك عينا
أي دع القول، وهي مركبة من كاف التشبيه واسم الإشارة، والكاف بعدها للخطاب.
(ولاسكت صه) - قال في البسيط: وهي في الأصل صوت استعمل استعمال أسماء الأفعال؛ وفسره بعضهم باكفف، ورد بعدم تعدي صه؛ ويجوز كون صه كآمين، مما جاء على غير الغالب، كما سبق ذكره، وسيأتي مثله، وكسرت أيضاً بلا تنوين وبه.
(ولا نكفف إيها ومه) - وهذا التفسير أولى من قول بعضهم: إنما هي بمعنى اكفف، لما سبق في صه، وفيه ذلك البحث؛ وفسر بعضهم مه باسكت؛ ومن العرب من يترك تنوين إيها فيقول: إيه ومه مبنية على السكون؛ ومنهم من يكسر بلا تنوين وبه.
(ولحدث إيه) - وهي ساكنة، ومنهم من يكسر مع التنوين ودونه،
وقال الصفار البطليوسي: إنه بمعنى حدث أو زد، لكن استعمل لازماً، لا يقال: إيه كذا. انتهى. وفي البسيط أن التنوين يلزم إيه على مذهب سيبويه، وأن اللغويين نقلوا إيه.
(ولأغرويها) - يقال: غرِيَ بكذا يغرى غراء بالمد لصق، والمد شاذ، والإغراء التسليط، وهو راجع لمعنى اللصوق، فمعنى ويها تسلط، وبعضهم يقول: هو اسم لانزجر أواغر؛ وقال ابن درستويه: إنما هو حض لا غير، ولا يكون زجراً.
(ولاستجب آمين وأمين) - بالمد والقصر، وفيه أيضاً الإمالة وتشديد الميم.
(ولارفق بس) - قال أبو عبيدة: يقال: بسبست الإبل وأبسيت لغتان إذا زجرتها وقلت لها: بس بس.
(ولقرقر قرقار) - قال أبو النجم:
576 -
قالت له ريح الصبا قرقار
أي قالت للسحاب: قرقر، أي صوِّت، ويقال: جرجار بمعنى قرقار، حكاه ابن خالويه؛ وقال المبرد: قرقار حكاية صوت كغاق، والأول قول سيبويه.
(ولبعد هيهات) - والحجاز يفتح التاء، وأسد وتميم تكسر، وبعضهم يضم، وقرئ بهن، وذكر فيها ستة وثلاثون وجهاً، وعلى الفتح تكتب هاء، وعلى الكسر تاء، وعلى الضم، قال الفارسي: تكتب تاء، وقال ابن جني: هاء.
(ولسرع سرعان ووشكان مثلثين) - فيضم أول كل منهما ويفتح ويكسر، والثاني منهما ساكن، وقالوا في وشكان بضم الواو أشكان، بقلب الهمزة واواً، ويستعمل سرعان خبراً محضاً، وخبراً فيه معنى التعجب، ومنه قولهم: سرعان ما صنعته كذا، أي ما أسرع ما صنعته؛ ويقال: وشك يوشك وشكا سرع، ويقال: قرُبَ، ومنه: يوشك للمقاربة، ويستعمل وشكان مصدراً نحو: عجبت من وشكان ذلك، أي سرعته.
(ولافترق: شتان) - وعلى هذا لا يكتفي باسم واحد، فلا يقال: شتان زيد، كما لا يقال: افترق زيد، بل شتان زيد وعمرو؛ وفسره بعضهم ببعد، وعلى هذا يكتفي بالواحد، ويجوز: شتان ما بين زيد وعمرو، وأنكره الأصمعي، وفي البسيط: أجازه الأصمعي، ومنعه الأكثرون. انتهى. وهو خلاف المعروف؛ وأصله البناء على السكون، وحرك لالتقاء الساكنين بالكسر على الأصل فيه، وبالفتح للتخفيف.
(ولأبطأ بطآن) - وفسره بعضهم ببطؤ، يقال: بطآن هذا الأمر، وبطآن ذا خروجاً، وفيه معنى التعجب.
(ولأعجب: واهأ ووي) - قال الشاعر:
577 -
واهاً لسلمى ثم واهاً واها
…
هي المنى لو أننا نلناها
أي أعجب؛ وقال تعالى: (وي كأن الله يبسط الرزق لمن يشاء) قال الأخفش: أي أعجب لأن الله، فالكاف عنده للخطاب، وقال الخليل وسيبويه: هي وي دخلت على كأن للتشبيه؛ وذكر المصنف في الكافية الشافية لهذا المعنى: وا أيضاً ومنه:
مكرر 571 وا! . بأبي أنت وفوك الأشنب
…
كأنما ذر عليه الزرنب
وقال في شرح الكافية إن وي وواهاً أكثر من وا.
(ولأتوجع: أوه) - وهذه اللغة المشهورة فيها، ويقال: أوه وأوتاه.
(ولأتضجر: أف) - وفي البسيط: معناه: الضجر، وقيل: أضجر، وقيل: ضجرت، وذكر فيها لغات كثيرة تقارب الأربعين.
(ما لم يؤنث بالتاء فينتصب مصدراً) - يقال في الدعاء على الشخص: أفة وتفة، فينتصب انتصاب المصدر الواقع بدلاً من اللفظ بالفعل نحو: عقراً.
(وقد يرفع) - وهو أيضاً على معنى الدعاء كالمنصوب، وهو مبتدأ محذوف الخبر.
(ولأتكره: إخ وكخ) - ومنه الخبر، أن الحسن أخذ تمرة من تمر الصدقة، فجعلها في فيه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كخ كخ"، حتى ألقاها من فيه.
(ولأجيب: هاء) - فهذه كلها من قوله: واهاً إلى هاء بمعنى الفعل المضارع، وكذا بجل وما معه في أحد الوجهين، وهي أكثر مما جاء بمعنى الماضي، والذي للأمر أكثر من الذي بمعنى الضمارع.
(ولأكتفي: بجل وقط وقد في أحد الوجهين) - والوجه الآخر كونها بمعنى حسب، فلا تكون اسم فعل، فعلى الأول تقول: بجلني وقطني وقدني، فتأتي بنون الوقاية، والمعنى يكفيني؛ وعلى الثاني تحذف النون وتصل بها الياء، كما تقول: حسبي، وقد اجتمع الوجهان في قوله:
578 -
قدني من نصر الخبيبين قدي
(ومنها) - أي من أسماء الأفعال، وهذا النوع يسميه النحويون بالإغراء، وهو في اصطلاحهم وضع الظرف أو الجار والمجرور موضع فعل الأمر، ولم يأت منه في الخبر إلا قول بعضهم: إلي، وقد قيل له: إليك أي تنح.
(ظروف) - وفي بعض النسخ: "وشبهها"، وهو حسن، فسيأتي أن منها ما هو جار ومجرور، والنسخة الأخرى جارية على اصطلاح كثير من النحويين في إطلاق الظرف على ما يشمل الجار والمجرور، وما يتبادر من مفهوم الظرف.
(كمكانك بمعنى اثبت) - وقول من فسره بتأخر يرجع إلى ذلك، وحفظ الكوفيون تعديه، قالوا: مكانك زيداً، أي انتظر.
(وعندك ولديك ودونك بمعنى خذ) - فتكون متعدية نحو: عندك زيداً، وكذا الآخران؛ وحكى الإغراء بلديك الجوهري.
(ووراءك بمعنى تأخر) - وبعضهم يفسره بتلفت، وتفسيره بانظر شرح معنى.
(وأمامك بمعنى تقدم) - وبعضهم يقول: تلفت، وقول بعضهم: تبصر أو تخوف شرح معنى.
(وإليك وإلي بمعنى تنح وأتنحى) - فتنح يرجع إلى إليك، وأتنحى يرجع إلى إلي، يقال: إليك، فتقول: إلي، ويفسر بما ذكر المصنف، وبعضهم يقول: تنحيت، وهذا كله على قول البصريين؛ وفسر الكوفيون وابن السكيت إليك بأمسك، فجعلوه متعدياً، تقول: إليك زيداً، أي أمسكه، وليس بمحفوظ من كلام العرب، وقد أولع بتعديه شعراء الأندلس.
(وعليك وعلي وعليه بمعنى الزم وأولني وليلزم) - فالزم راجع إلى عليك، تقول: عليك زيداً، أي الزمه، وقد يعدى عليك بالباء، ومنه:"عليك بذات الدين"، وأولني راجع إلى علي، فتقول: علي زيداً، أي أولنيه، فهي في معنى ما يتعدى إلى اثنين، وليلزم راجع إلى عليه؛ وأجاز بعضهم إغراء الغائب كما يؤمر، فيقال: ليقم زيد، والأكثر على أنه شاذ، فلا يقوى اسم واحد على قيامه مقام الحرف والفعل، لتنافي أحكامهما، ولذا لم يجئ اسم فعل للنهي، والذي شذ من ذلك قول بعضهم: عليه رجلاً ليسني، ذكره سيبويه، قاله شخص قيل له: إن فلاناً آخذك.
(ويقيس على هذه الكسائي) - فيقيس على ما سمع من هذه الظروف والمجرورات غيرها، فيجوز عنده الإغراء بكل ظرف وجرور، بشرط أن لا يكون على حرف واحد نحو: بك ولك؛ ومنهم من أطلق الجواز، ومذهب البصريين القصر على السماع.
(وعلى قرقار الأخفش) - فيجيز بناء اسم فعل الأمر من كل رباعي مجرد، فيقول: دحراج أي دحرج، قياساً على ما سمع من قولهم: قرقار أي قرقر، وعرعار أي عرعر؛ والقرقرة صوت الرعد، والعرعرة لعبة الصبيان، فقرقار معناه: صوِّت، وعرعاه معناه: هلموا للعرعرة، وتحقيقه: عرعروا، أي العبوا العرعرة، فالصبي يقول: عرعار ليدعو غيره إلى العرعرة؛ ومذهب سيبويه أن ذلك لا ينقاس لقلة ما سمع منه، وهو قول الجمهور.
(ووافق سيبويه في القياس على فعال) - فيجوز عند سيبويه والأخفش بناء اسم فعل الأمر على فعال من كل فعل ثلاثي متصرف تام نحو: ضراب زيداً، أي اضربه، قياساً على ما سمع من ذلك لكثرته، وهو الصحيح؛ وذهب المبرد وغيره إلى أنه لا ينقاس، لأنه ابتداع اسم لم ينطقوا به؛ ولا يبنى من جامد وناقص، فلا يقال في: هب زيداً كذا: وهاب، ولا في: كن كذا: كوان.
(وسمع الأخفش من العرب الفصحاء: علي عبد الله زيداً) - أي بجر عبد الله.
(فموضع الضمير البارز المتصل بها) - أي بعلى وهو الياء، واحترز من المستكن فإن موضعه رفع، ففي علي ضمير مرفوع مستتر، لقيامها مقام الأمر، وإذا أكدته رفعت فتقول: عليك أنت نفسك زيداً.
(وبأخواتها) - نو: عليك ولديك ودونك وعليه.
(مجرور) - لحكاية الأخفش جر تابعه، وعبد الله بدل، على طريقة الأخفش، ولكن الجمهور على أنه نادر، وقد سبق ذلك بباب البدل، فتقول إذا أكدت المجرور: عليك نفسك زيداً، وإلى الجر ذهب البصريون.
(لا مرفوع، خلافاً للفراء) - ورد قوله بأن الكاف ليست من ضمائر الرفع.
(ولا منصوب، خلافاً للكسائي) - لقولهم: عليك زيداً، بمعنى خذه، وخذ إنما يتعدى لواحد؛ وذهب ابن بابشاذ إلى أن الكاف في هذه وأخواتها حرف للخطاب، كما في ذلك ورويدك وأخواتهما من أسماء الإشارة وأسماء الأفعال، على أن من الكوفيين من قال إنها في رويدك ونحوه من اسم الفعل في موضع رفع.
(ولا يتقدم عند غيره معمول شيء منها) - أي غير الكسائي، فيجوز عنده: زيداً عليك، وزيداً رويد، كما يجوز في الفعل، ونقل بعضهم ذلك عن الكوفيين، واستثنى بعضهم، منهم الفراء، ومذهب البصريين المنع، لعدم تصرفها، فلا تؤنث ولا تلحقها ضمائر الرفع كما تلحق الأفعال، وأما (كتاب الله عليكم) فمنصوب على المصدرية، نحو:(وعد الله) أي كتب الله ذلك
عليكم كتاباً.
(وما نون منها نكرة، وما لم ينون معرفة) - هذا قول الجمهور، وقيل: كلها معارف تعريف علم الجنس؛ ومما نون دائماً واهاً، ومما لم ينون نزال، ومما جاء بالوجهين صه.
(وكلها مبني لشبه الحرف، بلزوم النيابة عن الأفعال، وعدم مصاحبة العوامل) - واحترز بعدم المصاحبة من المصدر النائب مناب الفعل نحو: ضرباً زيداً.
وكون صه ونحوه من أسماء الأفعال غير معمول لشيء هو قول الأخفش، ونقله المصنف عن المحققين، ونقله الخضراوي عن الجمهور واختاره، ومذهب سيبويه والمازني وغيرهما أنها معمولة، وعلى الخلاف يتخرج دونك وأخواته، فعلى الأول هي مبنية، وهو محكي عن الأخفش وابن جني، وعلى الثاني معربة؛ وعلى أن أسماء الأفعال معمولة قيل: منصوبة، وقيل مرفوعة على الابتداء، والضمير المرفوع فيها يسد مسد الخبر. وقيل: بنيت أسماء الأفعال لوقوعها موقع المبني، ورد بأف؛ وقيل: لتضمن معنى لام الأمر، ورد به وبهيهات.
(وما أمكنت مصدريته أو فعليته لم يعد منها) - كسقياً لك ورعياً وتعال وهات.
(فصل): (وضع الأصوات إما لزجر كهلا للخيل) - اسم الصوت ما وضع لخطاب ما لا يعقل أو نحوه كصغار البشر، أو لحكاية الأصوات؛ وقوله للخيل أي لاستحثاث الخيل، وذكر غيره أنها لاستحثاث غير العاقل، وجاء للعاقل في قوله:
581 -
ألا حييا ليلى وقولا لها: هلا
(وعدس للبغل) - أي لاستحثاثه وزجره عن الإبطاء، نحو:
582 -
عدس ما لعباد عليك إمارة
…
نجوت، وهذا تحملين طليق
وقيل: هو اسم لكل بغلة، ومنه:
583 -
إذا حملت بزتي على عدس
…
على التي بين الحمار والفرس
فما أبالي من غدا ومن جلس
(وهيد وهاد، وده وجه، وعاه وعيه، وحوب وحاي وعاي وهاب للإبل، وهيج وعاج وحل للناقة، وحلا وحاب وحب وجاه للبعير، وإس وهس وهج وفاع للغنم، وهج وهجاً
للكلب، وسع وحج للضأن، ووح وحو للبقر، وعز وعيز وحز وحيز للعنز، وحر للحمار، وجاه للسبع).
(وإما لدعاء كأو وهبي للفرس، ودوه للربع،
وعوه للجحش، وبس للغنم، وجوت وجيء للإبل الموردة، وتؤ وتا للتيس المنزى، ونخ مخففاً ومشدداً للبعير المناخ، وهدع لصغار الإبل المسكنة، وسأ وتشؤ للحمار المورد، ودج للدجاج، وقوس للكلب).
(وإما للحكاية كغاق للغراب، وماء للظبية، وشيب لشرب الإبل، وعيط للمتلاعبين، وطيخ للضاحك، وطاق للضرب، وطق لوقع الحجارة، وقب لوقع السيف، وخاز باز للذباب، وخاق باق للنكاح، وقاش ماش وحاث باث للقماش، كأنه سمي بصوته).
ولقد أكثر من التمثيل، ولو اقتصر على تمثيل كل نوع بواحد لكان أجود. وقد تكلم على أسماء الأصوات ابن القطاع في مصنف له في ذلك وفي المصادر.
(وحكم جميعها البناء) - لشبهها الحرف المهمل في كونها غير عاملة ولا معمولة.
(وقد يعرب بعضها لوقوعه موقع متمكن) - كقوله:
586 -
إذ لمتي مثل جناح غاق
(وربما سمي بعضها باسم فبني لسده مسد الحكاية كمض المعبر به عن صوت مغن عن لا) - ومض صويت مع ضم الشفتين بمعنى لا، لكن فيه إطماع، لأنه غير رد صريح، قال الراجز:
587 -
سألتها الوصل فقالت: مض
…
حركت لي رأسها بالنغض
وفي أمثالهم: إن في مض لمطمعاً.