المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌52 - باب ترخيم المنادى - المساعد على تسهيل الفوائد - جـ ٢

[ابن عقيل]

الفصل: ‌52 - باب ترخيم المنادى

‌52 - باب ترخيم المنادى

والترخيم لغة: التسهيل، ومنه: صوت رخيم أي سهل لين؛ وقيل: الرأفة والإشفاق؛ واصطلاحاً حذف آخر الاسم باضطراد، فلا يقال في يد إنه مرخم، وإنما قال: المنادى ليخرج ترخيم التصغير.

(يجوز ترخيم المنادى المبني) - أي للنداء، فيخرج حذام ونحوه، فإنه لا يرخم؛ وخرج بالمبني المضاف والمطول والمستغاث مجروراً باللام؛ وأجاز ابن خروف ترخيم غيره، واحتج بقوله:

525 -

أعام لك ابن صعصة بن سعد

وقال ابن الضائع: هذا ضرورة؛ وقال أبو الفضل الصفار: المجرور لا يرخم لشبهه المضاف، لأنه معرب، وغيره يرخم؛ وفي المستغاث لغتان: يا لزيد، ويا زيد؛ وفيما أنشد ابن خروف، نداء المستغاث بغير ياء، والمعروف خلافه،

ص: 546

وأورد على المصنف المندوب إذا لحقته علامة الندبة، وكذا الأسماء المختصة بالنداء إذا قيل بأنها أعلام.

(إن كان مؤنثاً بالهاء مطلقاً) - فلا يشترط في ترخيمه علمية ولا زيادة على الثلاثة، قال بعض العرب: يا شا ارجني، أي يا شاة أقيمي، لا تسرحي. رجن بالمكان يرجن رجونا أقام به. ويرد عليه فلة، فلا يرخم كغيره من المختص بالنداء؛ وعن المبرد اشتراط العلمية فيما فيه الهاء، فمنع ترخيم النكرة المقصودة، ومذهب سيبويه والجمهور الجواز، ومنه ما سبق، وقوله:

526 -

يا ناق سيري عنقاً فسيحاً

إلى سليمان فنستريحا

وفي البديع أنه إنما منع ترخيم النكرة العامة نحو: شجرة ونخلة، وأنه يرخم منها ما كان مقصوداً.

(أو علماً زائداً على الثلاثة) - فلا يرخم اسم الجنس العاري من التاء؛ وأجاز بعضهم ترخيمه مقصوداً، فأجاز في غضنفر: يا غضنف، وسمع من كلامهم؛ أطرق كرا، أي يا كروان، ويا صاح أي يا صاحب؛ ولا يرخم موصول ولا اسم إشارة، وأما الثلاثي المجرد كبكر وعمرو، فسيأتي الكلام فيه.

ص: 547

(بحذف عجزه إن كان مركباً) - فأما المركب بإسناد فسيأتي الكلام عليه، وأما تركيب المزج فنحو: حضرموت وسيبويه وخمسة عشر علماً، فإنهي رخم عند البصريين، ولم يسمع، بل قاسوه على ما فيه تاء التأنيث؛ وأما ما أنشد أبو زيد:

527 -

أقاتلي الحجاج إن لم أزر له

دراب، وأترك عند هند فؤاديا

يريد دراب جرد، فمن الترخيم في غير النداء ضرورة، وهو شاذ؛ ومنع الفراء ترخيم الثالث، ومنع أكثر الكوفيين الثاني، ويرخم عند البصريين بحذف عجزه، فتقول: يا حضر ويا سيب ويا خمسة، بالفتح إن انتظرت الحرف، وبالضم إن لم تنتظر؛ واقتصر الفراء على حذف الهاء فيما آخره صوت، وقال: تقلب الياء ألفاً، فتقول: يا سيبوا؛ وقال ابن كيسان: لا يحذف العجز بكماله إن حصل لبس، كأن يكون ثم من اسمه: حضر، ومن اسمه: حضرموت، قال: فإن حذفت من الثاني الحرف والحرفين فلا بأس؛ وقال الذين يحذفون العجز: إن حصل لبس، رفع بترخيمه على لغة من ينتظر، كما يفعل في قائمة ونحوه، وتقول في الوقف: يا خمسة، بالهاء، على لغة من ينتظر ومن لا ينتظر؛ قاله ابن العلج، قال: وبعضهم يقف بالتاء.

(ومع الألف إن كان: اثنا عشر أو اثنتا عشرة) - فتقول: يا اثن ويا اثنة، بحذف عشر والألف قبله، كما تقول في ترخيم: اثنين واثنتين: يا اثن

ص: 548

ويا اثنة، بحذف النون والألف، لتنزل عشر منزلة النون. قال في البسيط: ومن جعله من باب المضاف ويقول: لا يرخم المضاف، لا يرخمه.

(وإن كان) - أي المنادى العلم الزائد المبني غير المؤنث بالهاء.

(مفرداً فيحذف آخره) - فتقول في شمردل علماً: يا شمرد؛ ويدخل في هذا ما كان كناية عن العلم، فتقول في: فلان: يا فلا تعال؛ قال الجرمي: سمعته من العرب، ومنع مع هذا ترخيم طامر من قولهم: يا طامر بن طامر.

واستشكل ذلك الفارسي من جهة أن طامراً كناية، وهو علم، لحذف التنوين في قولهم: طامر بن طامر، كما في قولهم: فلان بن فلان، فليكن مثل فلان في الترخيم؛ وأجيب بأن فلاناً كناية عن علم، وطامر ليس كذلك؛ إذ قال اللغويون: معناه: بعيد بن بعيد؛ وبعضهم يقول: هو كناية عن من لا يعرف ولا يعرف أبوه، فهو كناية عن ما لا يرخم، فأجرى مجراه؛ وأما حذف التنوين في الوصف بابن، فلاتفاق الموصوف وما أضيف إليه ابن في اللفظ.

(مصحوباً، إن لم يكن هاء تأنيث) - فإن كان اقتصر على حذفها نحو: ميمونة.

(بما قبله من حرف لين) - خرج الصحيح كجعفر وسفرجل.

(زائد) - خرج الأصلي كمختار ومنقاد؛ وأجاز الأخفش حذفه نحو: يا مخت ويا منق.

(ساكن) - خرج المتحرك نحو: مسرول، وقال الكوفيون فيما آخره ثلاث زوائد، وقيل الآخر حرف علة، تحذف الثلاثة، فتقول في: حولايا وبردرايا:

ص: 549

يا حول ويا برد، واقتصر البصريون على حذف الحرف الأخير؛ وقياس قول الكوفيين حذف الثلاثة أيضاً في: رهبوتا ورغبوتا.

(مسبوق بحركة تجانسه ظاهرة) - نحو: منصور وعمار.

(أو مقدرة) - كمصطفون، علماً؛ وخرج فردوس ونحوه، وسيأتي.

(وبأكثر من حرفين) - خرج نحو: عماد وسعيد وثمود، ويأتي ما فيه من خلاف. وشمل كلام المصنف نحو: منصور وعمار ومحضير وحمراء وسكران وسرحان وزيدان وزيدون وهندات. ومنع الكوفيون ترخيم ما سمي به من مثنى ومجموع على حدِّه؛ وأجازه البصريون، أعرب على الحرف الأخير أو بحرفين؛ وشمل أيضاً نحو: طائفي ورهبوت؛ ومن المسموع:

528 -

يا مرو إن مطيتي محبوسة

ترجو الحباء وربها لم ييئس

529 -

يا أسم صبراً على ما كان من حدث

إن الحوادث ملقي ومنتظر

ص: 550

أي يا مروان ويا أسماء.

(وإلا فغير مصحوب) - أي وإلا يكن كذلك، فيحذف الآخر غير مصحوب، فتقول: يا ميمون في ميمونة، ويا جعف في جعفر، ويا مسرو في مسرول، ويا مختا في مختار، ويا فردو في فردوس، ويا يدا في يدان، وكذا يا بنو في: بنون؛ وفي البديع في: يدان علماً أنك تحذفهما وإن بقيت الكلمة على حرفين، لأنها قد استعملت كذلك؛ قال: ومنهم من حذف النون فقط. انتهى. وهذا الثاني هو المشهور؛ وقال في: قرشب إن بعضهم قال بحذف المشدد، لأن الباءين للإلحاق بقرطعب، فهما زائدان صارا بالإدغام في قوة حرف واحد.

(خلافاً للفراء في نحو: عماد وسعيد وثمود) - مما قبل حرف العلة فيه حرفان، فيحذف الآخر وحرف العلة، فتقول: يا عم ويا سع ويا ثم، كما يقول هو والبصريون: يا عم في عمار، ويا إدر في إدريس، ويا منص في منصور؛ وخص بعضهم خلاف الفراء بثمود ونحوه، وذكر أنه يوافق البصريين في عماد وسعيد، فلا يحذف إلا الأخير، وفرق بأن يا ثمو يؤدي إلى كون آخر الاسم

ص: 551

المعرب واواً مضموماً ما قبلها؛ وحكى ابن كيسان في المختار أن بعض النحويين يقول في ترخيم سعيد: يا سع؛ فحصل في المسألة ثلاثة أقوال، وقال الفراء في: هرقل ونحوه، مما قبل الآخر فيه ساكن صحيح، وليس مصحوباً بأكثر من حرفين، بحذف الآخر والساكن قبله؛ لأنه لو أبقى الساكن أشبه الأدوات، وقال البصريون: لا يحذف إلا الأخير.

(وله وللجرمي في نحو: فردوس وغرنيق) - فيقولان: يا فرد ويا غرن، كما يقال: يا منص ويا إدر في منصور وإدريس؛ وقال الجرمي فيما حكى أبو علي في البصريات إن أكثرهم يحذف.

والغرنيق بضم الغين المعجمة وفتح النون من طير الماء، طويل العنق؛ وأما الرجل فغرنيق وغرنوق، بكسر العين وفتح النون فيهما، وغرنيق بالضم وغرانق، وهو النبات الناعم، والجمع الغرانق بالفتح والغرانيق والغرانقة.

(ولا يرخم الثلاثي المحرك الوسط، العاري من هاء التأنيث، خلافاً للكوفيين، إلا الكسائي) - فيقال عندهم: يا حك في حكم، ولم يرد به سماع؛ وفي شرح الجمل لابن بابشاذ، نقل ذلك عن الكوفيين والأخفش، وهذا يقتضي دخول الكسائي، فهو رأس الكوفيين؛ وحكاه ابن هشام عن الفراء وجماعة؛ ونقله ابن العلج عن الفراء وأكثر النحويين؛ وقال الجرجاني: لم ينكره أصحابنا، لأنه قياس، ينزلون الحركة منزلة الحرف؛ وأما الساكن الوسط كهند وعمرو، فنقل ابن عصفور الاتفاق على منع ترخيمه؛ وقال ابن هشامك أجاز ترخيمه أبو الحسن وحده، فيما حكى عنه، والمشهور عنه مذهب الفراء، وحكى أبو البقاء جواز ذلك عن بعض الكوفيين.

ص: 552

(ويجوز ترخيم الجملة، وفاقاً لسيبويه) - النحويون متفقون على منع ترخيم العلم المركب تركيب إسناد؛ ونص سيبويه في باب الترخيم على المنع، قال: الحكاية لا ترخم، ومثل بتأبط شرا، وبرق نحره، قال: ولو رخمت هذا لرخمت رجلاً يسمى:

530 -

يا دار عبلة بالجواء تكلمي

قال المصنف: ونص في النسب على أن من العرب من يرخمه، فيقول: يا تأبط. انتهى. والذي في النسب: وإذا أضفت إلى الحكاية حذفت، وتركت الصدر، وذلك قولك: تأبطي؛ ويدلك على ذلك أن من العرب من يفرد فيقول: يا تأبط أقبل، فيجعل الأول مفرداً، فكذا يفرد في الإضافة، يعني النسب. وليس هذا نصاً في الترخيم؛ لاحتمال إرادة الإفراد لا على جهة الترخيم، أي ينادى مرة: يا تأبط شرا، ومرة: يا تأبط. ولذا قال: يفرد دون ترخيم، وأتى به مبنياً على الضم.

(فصل): (تقدير ثبوت المحذوف للترخيم أعرف من تقدير التمام بدونه) - وقال في البديع: هو أكثر استعمالاً وأقوى في النحو، ولا يبالي بعدم النظير بعد الحذف، ويقال في هذا: على لغة من ينتظر الحرف، وفي الآخر: من

ص: 553

لا ينتظر؛ وعلى الأولى قراءة بعضهم: (ونادوا يا مال ليقض)، وعلى الثانية ما روى سيبويه من قول بعض العرب: يا طلح، بضم الحاء.

(فلا يغير على الأعرف ما بقي) - بل يبقى على حركته نحو: يا جعف، أو سكونه نحو: يا هرق؛ والتزم الكوفيون في الثاني اللغة الثانية، وسبق قول الفراء فيه.

(إلا بتحريك آخر تلا ألفاً، وكان مدغماً في المحذوف) - نحو: إسحار، لبنت، ومضار، اسم فاعل أو مفعول؛ وخرج: خدب ومحمر، فيبقى ما قبل آخر كل منهما على سكونه بعد حذف الآخر للترخيم؛ وقال الفراء: يحرك بما كان له من حركة، فتقول: يا محمر، إذ أصله: محمرر.

(بفتحة إن كان أصلي السكون) - فإذا سميت بأسحار، ثم رخمت، فقال سيبويه: تحذف الراء الأخيرة، وتفتح الساكنة لأجل الألف، فتقول: يا أسحار؛ ثم قال السيرافي وجماعة: هذا لازم؛ وقيل: هو اختيار، ويجوز معه الكسر للساكنين؛ وقيل: يسقط كل ساكن يبقى حتى ينتهي لمتحرك، فتقول على هذا: يا أسح.

ص: 554

(وإلا فبالحركة التي كانت له) - فتقول: يا مضار، بالكسر، إن كان في الأصل اسم فاعل، وبالفتح إن كان اسم مفعول.

(خلافاً لأكثرهم في رد ما حذف لأجل واو الجمع) - فإذا سميت رجلاً: قاضون أو مصطفون، ثم رخمت على الأعرف، قال الأكثرون: يرد المحذوف، لحذف سبب حذفه، فتقول: يا قاضي ويا مصطفى؛ وقال بعض النحاة: لا يرد؛ لأن ما حذف للترخيم منتظر، واختاره المصنف، فتقول: يا قاض، بالضم، ويا مصطف، بالفتح؛ ويجوز على اللغة الأخرى: يا قاضي ويا قاض، ويا مصطفى ويا مصطف.

(ولا يمنع الترخيم، على الأعرف، من نحو: ثمود، خلافاً للفراء، في التزام حذف واوه) - فتقول: يا ثمو، وسبب الحذف الذي سبق ذكره عن الفراء غير صحيح، لانتظار المحذوف للترخيم.

(ويتعين الأعرف، فيم يوهم تقدير تمامه تذكير مؤنث) - فلا يرخم عمرة وحفصة إلا على لغة الانتظار، لئلا يلتبس بنداء من اسمه عمرو وحفص؛ وكذا ضخمة، لو رخم على غير الأعرف التبس بصفة المذكر؛ هذا كلام المصنف؛ والمغاربة يخصون هذا بالصفات، وأما الأعلام فلا يمتنع فيها ذلك عندهم، فتقول في قائمة ونحوه علماً: يا قائم على اللغتين؛ ولا يجوز فيه صفة إلا اللغة الأولى؛ وهو ظاهر كلام سيبويه؛ لكن التعليل باللبس يقتضي عدم التفرقة عند

ص: 555

حصوله، وبه علل سيبويه والمذكورون؛ ويخرج من كلام المصنف وغيره جواز يا ربع، على لغة من لا ينتظر، يريد يا ربعة، إذ لا لبس.

(وفيما يلزم بتقدير تمامه عدم النظير) - فلو سميت بطيلسان، بكسر اللام رخمته على لغة من ينتظر؛ وغلا لزم بتقدير التمام عدم النظير؛ لأن فيعلا، بكسر العين غير موجود في الصحيح؛ وما ذكره المصنف في طيلسان ذكره الأخفش فيه، وهو قول المازني والمبرد، ونقل بعضهم نحوه عن سيبويه، فيصير عند هؤلاء في الترخيم على اللغة الثانية ما يكون عليه الكلام، ونقل ابن أصبغ عن كثير منلانحويين اشتراط كون الباقي من الكلمة الصحيحة أو المعتلة له نظير من الكلمة التامة، إذا رخم على لغة من لا ينتظر، وهو الصحيح؛ وأجاز أبو سعيد السيرافي وغيره من النحويين الترخيم على اللغة المذكورة، ولم يعتبروا ما يؤول إليه الاسم بعد الترخيم وتقدير التمام، من كونه ليس على وزن من أوزانهم، أو كون الكلام يكون عليه أولاً، صحيحاً كان أو معتلاً.

(ويعطى آخر المقدر التمام ما يستحقه لو تمم به وضعاً) - فتظهر الضمة إن كان صحيحاً، نحو: يا حار في حارث، ويا هرق في هرقل، وتقدر إن كان معتلاً نحو: يا ناجي بسكون الياء في ناجية، وتقول في ثمود: يا ثمي.

(وإن كان ثنائياً ذا لين ضعيف، إن لم يعلم له ثالث) - فإذا سميت بلات، ثم رخمت على لغة من لا ينتظر، حذفت التاء، وضعفت الألف، وتقلب همزة لحركتها، فتقول: يا لاء.

(وجيء به إن علم) - نحو: ذات علماً، فتقول في ترخيمه على هذه اللغة: يا ذوا، حذفت التاء، ورددت المحذوف، إذ أصله: ذوات، ولذا قيل: ذواتا في

ص: 556

التثنية؛ ولا فرق بين التي بمعنى صاحب والطائية، لقول بعضهم في التثنية: يعجبني ذواتا خرجتا؛ وتقول في شاة علماً: يا شاه، بحذف التاء، ويرد ما حذف منه، وهو هاء، لقولهم: شويهه وشياه.

(فصل): (قد يقدر حذف هاء التأنيث ترخيماً، فتقحم مفتوحة) - أكثر ما يستعمل ما فيه هاء التأنيث بالترخيم بحذفها، فتقول: يا طلح أقبل، وإذا أثبتوها ضموها نحو: يا طلحة، وجاء عن العرب: يا طلحة، بفتح التاء، وممن ذكره سيبويه، ومنه:

531 -

كليني لهم يا أميمة ناصب

وليل أقاسيه بطيء الكواكب

ثم قيل: الاسم مرخم، والتاء أقحمت ساكنة بين الحاء مثلاً وحركتها، لأن الحركة بعد الحرف فحركت بحركة الحاء، لأن تاء التأنيث يفتح ما قبلها؛ وهذا قول جماعة منهم الفارسي، أو زادوا التاء بعد الترخيم، ليعلم أنها هي المحذوفة للترخيم، وفتحت إتباعاً، وهو قول آخرين، ويدل عليه كلام سيبويه.

ص: 557

وإطلاق الإقحام على الأول على معنى أنه إدخال الشيء بين شيئين؛ وعلى الثاني على معنى زيادة الشيء في غير موضعه، والاسم على القولين مرخم على لغة من ينتظر؛ وقيل: هو غير مرخم، وفتحت التاء إتباعاً لحركة الحاء، فأتبع الثاني للأول، كما أتبع الأول الثاني في: يا زيد بن عمرو، ففتحت الدال، والاسم مبني على الضم تقديراً؛ وهذا ذهب إليه المصنف في الشرح، وقال: إنه أسهل من دعوى سيبويه: حذف التاء وإقحامها؛ وفي البسيط أنه قال به من المتأخرين ابن طلحة.

(ولا يفعل ذلك بألفه الممدودة، خلافاً لقوم) - في إجازتهم: يا حمراء هلمي، بالفتح قياساً على يا أميمة، وهو ضعيف، لخروج فتح التاء عن القياس.

(ولا يستغنى، غالباً، في الوقف على المرخم، بحذفها عن إعادتها) - فتقول: يا طلحه، بهاء ساكنة، ثم قيل: هي التي كانت عادت لتبين حركة الحاء، وصارت هاء للوقف.

وحاصل هذا القول أنك إذا وقفت لا ترخيم، وإنما يكون في الوصل؛ وقيل: هي هاء السكت، وهو ظاهر كلام سيبويه، حيث شبهه بارمه، وإنما تلحق هذه الهاء على القولين إذا رخمت على لغة من ينتظر.

واستظهر بغالباً على ما حكى سيبويه من أن من العرب من يقف بغيرها فيقول: يا حرمل، قال ابن عصفور: ولا يقاس عليه؛ قيل: وظاهر كلام سيبويه خلاف قوله؛ قال: أكثر العرب يلتزمون الوقف بالهاء، ومنهم من يقف بغيرها، وشبهه بارم؛ الأكثر في الوقف: ارمه ومنهم من يقول: ارم،

ص: 558

بالسكون. انتهى. ويأتي قريباً من كلام سيبويه ما يقتضي أن الحذف بشرطه ضرورة.

(أو تعويض ألف منها) - قال سيبويه: واعلم أن الشعراء إذا اضطروا حذفوا هذه الهاء في الوقف؛ وذلك لأنهم يجعلون المدة التي تلحق القوافي بدلاً منها؛ وهذا الكلام يقتضي أن يا حرمل أقل من هذا، وأن هذا ضرورة، وعليه جرى ابن عصفور، قال: ولا يجوز الوقف بغيرها إلا في الضرورة، وبشرط كون ألف الإطلاق عوضاً منها؛ ومنه:

532 -

عوجي علينا واربعي يا فاطما

أما ترين الدمع مني ساجما

وقوله:

533 -

قفي قبل التفرق يا ضباعا

ولا يك موقف منك الوداعا

(ويرخم في الضرورة ما ليس منادى من صالح للنداء) - خرج بما لا يصلح كاسم فيه ال فإن حذف منه فمن الحذف الذي ليس بترخيم، نحو قول لبيد:

ص: 559

534 -

عفت المنا بمتالع فأبان

يريد المنازل؛ ويروى: درس؛ ومتالع بضم الميم جبل، وأبان جبل أيضاً، ويقال: أبانان، والمراد متالع وأبان، كما قيل: العمران.

(وإن خلا من علمية وهاء تأنيث) - فيرخم في غير النداء العلم وغيره، سواء كان بالهاء أم لا؛ وفي كلام بعضهم منع ترخيم العاري من الهاء غير العلم؛ وصرح بالجواز غيره فقال: يجوز في غير النداء ترخيم ما لا يرخم في النداء، كخالد اسم فاعل، وأنشد:

535 -

ليس حي على المنون بخال

اي بخالد.

(على تقدير التمام بإجماع) - وهي لغة من لا ينتظر، نحو:

536 -

مررت بعقب وهو قد ذل للعدا

فعدوا لقائي له خير ناصر

ص: 560

ونحو:

537 -

أسعد بن مال ألم تعلموا

وذو الرأي مهما يقل يصدق

(وعلى نية المحذوف، خلافاً للمبرد) - لثبوت السماع، قال:

538 -

ألا أضحت حبالكم رماما

وأضحت منك شاسعة أماما

أي أمامة؛ وقال المبرد: الرواية:

وما عهد كعهدك يا أماما

وهذه إن صحت لا تدفع ما رواه سيبويه؛ وقال:

539 -

إن ابن حارث إن أشتق لرؤيته

أو أمتدحه فإن الناس قد علموا

ص: 561

(ولا يُرخَّم في غيرها منادى عار من الشروط، إلا ما شذ من: يا صاح) - وأصله: يا صاحب، فهو نكرة مقبل عليها، خالية من هاء التأنيث، ولا يرخم، لكن كثرة الاستعمال جعلته كالعلَم، ولم يسمع ترخيمه إلا على لغة من ينتظر؛ وهذا قول الشلوبين؛ وقال ابن خروف: أصله: صاحبي، وهو شاذ، وفيه اللغات الخمس التي في غلامي، ومنها البناء على الضم بعد الحذف، وحينئذ يرخَّم كأنه علم.

(وأطرق كرا، على الأشهر) - من قولهم:

541 -

أطرق كرا

إن النعام في القرى

ص: 562

والأشهر أنه ترخيم كروان، على لغة من لا ينتظر، فحذف الزائدان، وقلبت الواو ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها؛ وإنما كان شاذاً لأنه نكرة مثل صاحب، وحذف حرف النداء من نحوه شاذ عند غير المصنف؛ ففيه حينئذ شذوذان عند غيره؛ وقال المبرد: الكرا ذكر الكروان، فلا ترخيم، وشذوذه للثاني.

(وشاع ترخيم المنادى المضاف، بحذف آخر المضاف إليه) - وهذا قول الكوفيين؛ ويرخم بحذف المذكور على قياسه لو كان هو المنادى؛ واحتجوا بقوله:

542 -

خذوا حظكم يا آل عِكْرِمَ واذكروا

أواصرنا والرحم بالغيب تذكر

ومنع البصريون ذلك، لأنه غير منادى، وخرَّج سيبويه السماع على الترخيم في غير النداء ضرورة.

(وندر حذف المضاف إليه بأسره) - قال عدي بن زيد:

ص: 563

543 -

يا عبد هل تذكرني ساعة

في موكب أو رائداً للقنيص

أي يا عبد هند، وهو علم، فإنه يخاطب عبد هند اللخمي؛ والقنيص والقنص الصيد، ويقال للصائد أيضاً قنيص كقانص وقناص.

(وحذف آخر المضاف) - قال أوس بن حجر:

544 -

يا علقم الخير قد طالت إقامتنا

هل كان منا إلى ذي الغمر تسريح؟

ص: 564