المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [في صفة الوضوء] - الممتع في شرح المقنع - ت ابن دهيش ط ٣ - جـ ١

[ابن المنجى، أبو البركات]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الطبعة الثالثة

- ‌تقديم

- ‌المبحث الأولحياة المؤلف

- ‌حياة المؤلف:

- ‌مولده

- ‌أسرته:

- ‌نشأته وطلبه للعلم:

- ‌مصنفاته

- ‌أخلاقه وثناء العلماء عليه

- ‌تلاميذه:

- ‌وفاته:

- ‌المبحث الثانيترجمة الإمام مو فق الدين ابن قدامة

- ‌اسمه ونسبه:

- ‌مولده ونشأته:

- ‌طلبه للعلم ورحلاته:

- ‌مشايخه:

- ‌تلاميذه:

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌بلوغه درجة الاجتهاد:

- ‌أولاده:

- ‌مصنفاته:

- ‌شعره:

- ‌رثاؤه:

- ‌المبحث الثالثأهمية كتاب الممتع في شرح المقنع

- ‌المبحث الرابعمنهجه في كتاب الممتع

- ‌المبحث الخامسموارده في كتاب الممتع

- ‌المبحث السادسالنسخ الخطية للكتاب

- ‌وصف النسخ الخطية للكتاب

- ‌نماذج من المخطوطات

- ‌[مقدمة المصنف]

- ‌كتاب الطهارة:

- ‌باب المياه

- ‌فصل [في الماء الطاهر غير المطهر]

- ‌فصل [الماء النجس]

- ‌باب الآنية:

- ‌باب الاستنجاء:

- ‌باب السواك وسنة الوضوء

- ‌باب فرض الوضوء وصفته:

- ‌فصل [في صفة الوضوء]

- ‌باب مسح الخفين

- ‌باب نواقض الوضوء

- ‌باب الغَسل

- ‌فصل [في الأغسال المستحبة]

- ‌فصل في صفة الغسل

- ‌باب التيمم

- ‌باب إزالة النجاسة

- ‌باب الحيض

- ‌كتاب الصلاة

- ‌باب الأذان والإقامة

- ‌باب شروط الصلاة

- ‌باب ستر العورة

- ‌باب اجتناب النجاسات

- ‌باب استقبال القبلة

- ‌باب النية

- ‌باب صفة الصلاة

- ‌باب سجود السهو

- ‌باب صلاة التطوع

- ‌باب صلاة الجماعة

- ‌باب صلاة أهل الأعذار

- ‌باب صلاة الجمعة

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌باب صلاة الاستسقاء

- ‌كتاب الجنائز

- ‌كتاب الزكاة

- ‌باب زكاة بهيمة الأنعام

- ‌باب زكاة الخارج من الأرض

- ‌باب زكاة الأثمان

- ‌باب زكاة العروض

- ‌باب زكاة الفطر

- ‌باب إخراج الزكاة

- ‌باب ذكر أهل الزكاة

الفصل: ‌فصل [في صفة الوضوء]

‌فصل [في صفة الوضوء]

قال المصنف رحمه الله: (وصفة الوضوء: أن ينوي، ثم يسمي، ويغسل يديه ثلاثًا، ثم يتمضمض، ويستنشق ثلاثًا من غرفة وإن شاء من ثلاث وإن شاء من ست وهما واجبان في الطهارتين، وعنه أن الاستنشاق وحده واجب، وعنه أنهما واجبان في الكبرى دون الصغرى).

أما كون صفة الوضوء أن ينوي إلى آخره فلما تقدم وما يأتي من الأدلة الدالة على وجوب ذلك ومسنونيته.

أما النية فلما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم: «الأعمال بالنيات» (1).

وقوله: «لا عمل إلا بنية» (2).

وأما التسمية فلما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم: «لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه» (3).

وأما غسل اليدين ثلاثًا والمضمضة والاستنشاق ثلاثًا ثلاثًا؛ فلأن أكثر من وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر «أنه غسل يديه ومضمض واستنشق ثلاثًا» (4).

(1) سبق تخريجه ص: 188.

(2)

لم أجده هكذا. وأخرج البيهقي في السنن الكبرى عن أنس: «إنه لا عمل لمن لا نية له» . 1: 41 كتاب الطهارة، باب الاستياك بالأصابع.

(3)

سبق تخريجه ص: 183.

(4)

عن حمران بن أبان قال: «رأيت عثمان توضأ فأفرغ على يديه ثلاثا فغسلهما .. الحديث» . أخرجه أبو داود في سننه (106) 1: 26 كتاب الطهارة، باب صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وعن أبي علقمة «أن عثمان دعا بماء فأفرغ بيده اليمنى على اليسرى ثم غسلهما إلى الكوعين. قال: ثم مضمض واستنشق ثلاثا» . أخرجه أبو داود في سننه (109) 1: 27 كتاب الطهارة، باب صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ص: 147

وأما كون المضمضة والاستنشاق من غرفةٍ، وإن شاء من ثلاث، وإن شاء من ست؛ فلأن الكل مروي: أما الغرفة؛ فلأن في حديث عبدالله بن زيد «أنه صلى الله عليه وسلم مضمض واستنشق من كف واحدة ثلاثًا» (1).

وأما الثلاث؛ فلأن في بعض ألفاظ الحديث المتفق عليه: «أدخل يده الإناء فمضمض واستنشق ثلاثًا بثلاث غرفات» (2).

وأما الست ففي حديث جد طلحة بن مصرف قال: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفصل بين المضمضة والاستنشاق» (3) رواه أبو داود.

ووضوءه كان ثلاثًا ثلاثًا فلزم كونهما من ست.

وأما كونهما واجبين في طهارتي الحدث والجنابة على المذهب: أما في الطهارة من الحدث فلقوله تعالى: {فاغسلوا وجوهكم} [المائدة: 6] وهما داخلان في حكم الوجه؛ لأن لهما حكم الظاهر لأن الصائم يفطر بوصول القيء إليهما. ولا يفطر بوضع الماء فيهما، ولا يحد بوضع الخمر فيهما، ولا يحصل الرضاع المحرم بوصول اللبن إليهما، ويجب غسلهما من النجاسة فيدخلان في عموم الآية.

وأما في طهارة (4) الجنابة فبطريق الأولى لأنهما يجب فيهما غسل ما تحت الشعور الكثيفة بخلاف طهارة الحدث.

وأما كون الاستنشاق وحده واجبًا على روايةٍ: أما في طهارة الحدث فلما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم لينتثر» (5) متفق عليه.

وأما في طهارة الجنابة فلما تقدم.

(1) أخرجه مسلم في صحيحه (235) 1: 210 كتاب الطهارة، باب في وضوء النبي صلى الله عليه وسلم.

(2)

أخرجه البخاري في صحيحه (189) 1: 82 كتاب الوضوء، باب مسح الرأس مرة.

(3)

أخرجه أبو داود في سننه (139) 1: 34 كتاب الطهارة، باب في الفرق بين المضمضة والاستنشاق.

(4)

في ب: وأما طهارة في.

(5)

أخرجه البخاري في صحيحه (160) 1: 72 كتاب الوضوء، باب الاستجمار وتراً.

وأخرجه مسلم في صحيحه (237) 1: 212 كتاب الطهارة، باب الإيتار في الاستنثار والاستجمار.

ص: 148

وأما كونهما واجبين في الكبرى دون الصغرى على روايةٍ: أما وجوبهما في الكبرى وهي الطهارة من الجنابة؛ فلأن الطهارة من ذلك يعم جميع البدن ويجب فيهما غسل ما تحت الشعور الكثيفة وما تحت الخفين.

وأما عدم وجوبهما في الصغرى وهي طهارة الوضوء؛ فلأن الله تعالى لم يذكرهما في الأعضاء المنصوص عليهما.

قال: (ثم يغسل وجهه ثلاثًا من منابت شعر الرأس إلى ما انحدر من اللَّحْيَيْن والذقن طولاً مع ما استرسل من اللحية ومن الأذن إلى الأذن عرضًا).

أما كون من تقدم ذكره يغسل وجهه فلما تقدم أول الباب.

وأما كونه يغسله ثلاثًا؛ فلأن أكثر من وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر «أنه غسل وجهه ثلاثًا» (1).

وأما كون الغسل من منابت شعر الرأس إلى ما انحدر من اللّحْيَيْن والذقن لهؤلاء؛ فلأن ذلك كله من الوجه لحصول المواجهة به. والمعتبر في منابت الشعر المعتاد. ولا عبرة بالأذرع. وهو: الذي شعره نابت في أعلا جبهته. ولا بالأصلع. وهو: الذي انحسر شعر رأسه عن مقدمه.

وأما قول المصنف رحمه الله: مع ما استرسل من اللحية فمعناه أنه يجب غسل المسترسل من اللحية. وفي ذلك روايتان:

إحداهما: أنه يجب كما ذكره المصنف رحمه الله لأنه شعر نابت في محل الفرض أشبه الحاجب.

ولأن الشعر المذكور يحصل به المواجهة. فوجب غسله كالبشرة.

والرواية الثانية: لا يجب؛ لأنه نازل عن محل الفرض أشبه الذؤابة.

وأما كون الغسل من الأذن إلى الأذن عرضًا؛ فلأن ذلك كله من الوجه لحصول المواجهة به.

(1) أخرجه البخاري في صحيحه (162) 1: 72 كتاب الوضوء، باب المضمضة في الوضوء.

وأخرجه مسلم في صحيحه (236) 1: 211 كتاب الطهارة، باب في وضوء النبي صلى الله عليه وسلم. كلاهما من حديث عثمان رضي الله عنه.

ص: 149

قال: (فإن كان فيه شعر خفيف يصف البشرة وجب غسلها معه، وإن كان يسترها أجزأه غسل ظاهره. ويستحب تخليله).

أما كون غسل الشعر الذي يصف البشرة يجب مع غسل البشرة؛ فلأن المواجهة تحصل بهما.

ولأن الشعر الذي يصف البشرة غير ساتر لما تحته فوجب أن لا يسقط فرض المحل قياسًا على الخف المخرق.

وأما كون غسل ظاهر الشعر الساتر للبشرة يجزئ؛ فلأن الله تعالى أمر بغسل الوجه والشعر المذكور تحصل المواجهة به لا بما تحته فوجب تعلق الحكم به لا بما تحته.

و«لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان كثيف اللحية عظيم الهامة» (1) وثبت أنه توضأ مرة (2)

والمرة لا يصل فيها الماء إلى ما تحت الشعر من البشرة.

ولأن الشعر المذكور شعر يستتر ما تحته فوجب أن ينتقل الفرض إليه قياسًا على شعر الرأس.

وأما كون تخليل الشعر المذكور يستحب فلما تقدم في سنن الوضوء (3).

قال: (ثم يغسل يديه إلى المرفقين ثلاثًا ويدخل المرفقين في الغسل).

أما كون من تقدم ذكره يغسل يديه إلى المرفقين فلقوله تعالى: {وأيديكم إلى المرافق} [المائدة: 6].

(1) أخرجه أحمد في مسنده (1122) 1: 134.

(2)

روى ابن عباس قال: «توضأ النبي صلى الله عليه وسلم مرة مرة» .

أخرجه البخاري في صحيحه (156) 1: 70 كتاب الوضوء، باب الوضوء مرة مرة.

وأخرجه أبو داود في سننه (138) 1: 34 كتاب الطهارة، باب الوضوء مرة مرة.

وأخرجه الترمذي في جامعه (42) 1: 60 أبواب الطهارة، باب ما جاء في الوضوء مرة مرة.

وأخرجه النسائي في سننه (101) 1: 73 كتاب الطهارة، مسح الأذنين.

(3)

ص: 140.

ص: 150

وأما كونه يغسلهما ثلاثًا؛ فلأن أكثر من وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر أنه غسل يديه ثلاثًا (1).

وأما كونه يدخل المرفقين في الغسل؛ فلأن جابرًا قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ أمَرَّ الماء على مرفقيه» (2) رواه الدارقطني.

وفعله صلى الله عليه وسلم مبين لكلام الله.

وإلى تَرِدُ وما بعدها داخل كقوله: كقرأت القرآن من أوله إلى آخره، وترد وما بعدها غير داخل؛ كقولك: سرت من بغداد إلى الكوفة. وإذا كان كذلك وجب أن تكون المرافق هنا داخلة لبيان رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولأن الحدث (3) متيقن. وقد شك في زواله بدون غسل المرفقين فوجب أن يجب غسلهما لأن التيقن لا يزول إلا بمثله.

قال: (ثم يمسح رأسه: فيبدأ بيديه من مقدم رأسه. ثم يمرهما إلى قفاه. ثم يردهما إلى مقدمه. ويجب مسح جميعه مع الأذنين. وعنه يجزئ مسح أكثره. ولا يستحب تكراره، وعنه يستحب).

أما كون من تقدم ذكره يمسح رأسه فلقوله تعالى: {وامسحوا برءوسكم} [المائدة: 6].

وأما كونه يبدأ بيديه من مقدم رأسه ويمرهما إلى قفاه ويردهما إلى مقدمه؛ فلأن عبدالله بن زيد قال في صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم «ثم مسح رأسه بيديه. فأقبل بهما وأدبر مرة واحدة. وفي روايةٍ: بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه» (4) متفق عليه.

(1) كذا في حديث عبدالله بن زيد وعثمان وعلي وغيرهم، وقد سبق تخريجها.

(2)

أخرجه الدارقطني في سننه (15) 1: 83 كتاب الطهارة، باب وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم.وفي إسناده ابن عقيل، قال الدارقطني: ليس بقوي.

(3)

في ب: حدث.

(4)

أخرجه البخاري في صحيحه (183) 1: 80 كتاب الوضوء، باب مسح الرأس كُله.

وأخرجه مسلم في صحيحه (235) 1: 211 كتاب الطهارة، باب في وضوء النبي صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه أبو داود في سننه (118) 1: 29 كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه الترمذي في جامعه (32) 1: 47 أبواب الطهارة، باب ما جاء في مسح الرأس أنه يبدأ بمقدم الرأس إلى مؤخره.

وأخرجه النسائي في سننه (98) 1: 71 كتاب الطهارة، باب صفة مسح الراس.

وأخرجه ابن ماجة في سننه (434) 1: 149 كتاب الطهارة، باب ما جاء في مسح الرأس.

وأخرجه أحمد في مسنده (16475) 4: 39.

ص: 151

وأما كونه يجب عليه مسح جميعه على المذهب؛ فلأن الباء في قوله تعالى: {وامسحوا برءوسكم} [المائدة: 6] ليست للتبعيض.

قال ابن برهان: من زعم أن الباء للتبعيض فقد جاء أهلَ العربية بما لا يعرفونه.

وإذا لم تكن للتبعيض تعين كونها للإلصاق وذلك يوجب مسح الجميع.

وأما كونه يجزئه مسح الأكثر على روايةٍ؛ فلأن الكل قد يطلق ويراد به الأكثر كما يقال: جاء العسكر. إذا جاء أكثره.

وعن الإمام أحمد يجزئ المرأة مسح مقدمة رأسها بخلاف الرجل؛ «لأن عائشة رضي الله عنها كانت تمسح مقدم رأسها» .

وعنه: يجزئهما مسح البعض؛ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم مسح بناصيته وعمامته» (1) رواه مسلم.

والأول أصح لما تقدم.

ولأن الإجماع منعقد على الاستيعاب في التيمم في قوله: {فامسحوا بوجوهكم} [المائدة: 6] فليكن الباقي قوله: {وامسحوا برءوسكم} [المائدة: 6] كذلك.

وإما إطلاق الكل وإرادة الأكثر فمجاز. والأصل الحقيقة.

وأما مسح النبي صلى الله عليه وسلم بناصيته وعمامته فلا حجة فيه لأن مسح العمامة جائز عندنا. وإذا ظهرت ناصيته مسح عليها وعلى باقي العمامة فلا يكون ذلك مسحًا لبعض الرأس لأن مسح العمامة ناب عن مسح باقي الرأس فيكون الرأس جميعه ممسوحًا.

وأما كونه يمسح جميعه مع الأذنين؛ فلأنهما منه لقوله صلى الله عليه وسلم: «الأذنان من الرأس» (2) رواه أبو داود.

(1) أخرجه مسلم في صحيحه (274) 1: 230 كتاب الطهارة، باب المسح على الناصية والعمامة.

(2)

أخرجه أبو داود في سننه (134) 1: 33 كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم.

أخرجه ابن ماجة في سننه (444) 1: 152 كتاب الطهارة، باب الأذنان من الرأس.

ص: 152

وروت الرُّبَيِّع «أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح برأسه وصدغيه وأذنيه مسحة واحدة» (1) رواه الترمذي، وقال: حديث صحيح.

وأما كون المسح لا يستحب تكراره على المذهب؛ فلأن أكثر من وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر «أنه مسح مرة واحدة» (2).

ولأنه ممسوح في طهارة أشبه التيمم.

وأما كونه يستحب على روايةٍ فـ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثًا ثلاثًا» (3) رواه الإمام أحمد.

وروى أبو داود عن عثمان «أنه غسل ذراعيه ثلاثًا، ومسح برأسه ثلاثًا. ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل مثل هذا» (4).

ولأنه أصل في الطهارة أشبه الغسل.

قال: (ثم يغسل رجليه ثلاثًا إلى الكعبين، ويدخلهما في الغسل. ويخلل أصابعه).

أما كون من تقدم ذكره يغسل رجليه فلما تقدم من قوله تعالى: {وأرجلَكم} .

وأما كونه يغسلهما ثلاثًا؛ فلأن أكثر من وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر «أنه غسلهما ثلاثًا» (5).

وأما كونه يُدخل الكعبين في الغسل فلما تقدم في المرفقين وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: «ويل للأعقاب من النار» (6).

وأما كونه يخلل أصابعه فلما تقدم في سنن الوضوء (7).

(1) أخرجه الترمذي في جامعه (34) 1: 48 أبواب الطهارة، باب ما جاء أن مسح الرأس مرة.

(2)

كما في حديث الرُّبَيِّع السابق.

(3)

أخرجه الترمذي في جامعه (44) 1: 63 أبواب الطهارة، باب ما جاء في الوضوء ثلاثًا ثلاثًا.

وأخرجه أحمد في مسنده (1344) 1: 156.

(4)

أخرجه أبو داود في سننه (110) 1: 27 كتاب الطهارة، باب صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(5)

أخرجه البخاري في صحيحه (158) 1: 71 كتاب الوضوء، باب الوضوء ثلاثاً ثلاثاً.

(6)

سبق تخريجه ص: 142.

(7)

ص: 140.

ص: 153

قال: (وإن كان أقطع غَسَلَ ما بقي من محل الفرض فإن لم يبق شيء سقط).

أما كون من تقدم ذكره يغسل ما بقي بعد القطع من محل الفرض فلقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» (1).

وأما كون الغسل يسقط إذا لم يبق من محل الفرض شيء فلفوات المحل.

قال: (ثم يرفع نظره إلى السماء، ويقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. وتباح معونته وتنشيف أعضائه ولا يستحب).

أما كون من فرغ مِن وضوءه يرفع نظره إلى السماء ويقول: أشهد أن لا إله إلا الله إلى آخره فلما روى عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من توضأ فأحسن وضوءه ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء» (2) رواه مسلم.

وروى أبو داود: «من توضأ فأحسن الوضوء ثم رفع نظره إلى السماء وقال

الحديث إلى آخره» (3).

وأما كون معونة المتطهر؛ مثل أن يغرف ماء الغسل أو الوضوء إليه، أو يحمله شخص له، أو يصب عليه: يباح؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُحمل له الماء ويصب

(1) أخرجه البخاري في صحيحه (6858) 6: 2658 كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه مسلم في صحيحه (1337) 4: 1830 كتاب الفضائل، باب توقيره صلى الله عليه وسلم .. كلاهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(2)

أخرجه مسلم في صحيحه (234) 1: 209 كتاب الطهارة، باب الذكر المستحب عقب الوضوء.

ورواه الترمذي وزاد فيه: «اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين» (55) 1: 77 أبواب الطهارة، باب فيما يقال بعد الوضوء.

(3)

أخرجه أبو داود في سننه (170) 1: 44 كتاب الطهارة، باب ما يقول الرجل إذا توضأ.

وأخرجه أحمد في مسنده (121) 1: 20.

ص: 154

عليه. قال أنس: «كان النبي صلى الله عليه وسلم ينطلق في حاجته فآتيه أنا وغلام نحوي بإداوة ماء يستنجي به» (1) متفق على معناه.

وفي روايةٍ المغيرة: «أنه جعل يصب الماء عليه وهو يتوضأ» (2). [متفق عليه.

وعن صفوان بن عسال قال: «صببت على النبي صلى الله عليه وسلم الماء في السفر والحضر في الوضوء» (3). رواه ابن ماجة] (4).

وأما كون تنشيف أعضائه يباح فلما روى قيس بن سعد قال: «أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في منزلنا. فأمر له سعد بغسل فاغتسل به. ثم ناوله ملحفة مصبوغة بزعفران أو ورس فاشتمل بها» (5) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة.

وعن الإمام أحمد يكره ذلك لما روت ميمونة «أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل فأتته بالمنديل فلم يردها وجعل ينفض الماء بيده» (6) متفق عليه.

وأما كون ذلك لا يستحب؛ فلأنه إزالة لأثر العبادة فلم يستحب كإزالة دم الشهيد.

ولأنه لم يرو عن النبي صلى الله عليه وسلم المداومة عليه ولو كان أفضل لداوم عليه.

(1) أخرجه البخاري في صحيحه (151) 1: 69 كتاب الوضوء، باب حَمل العنزة مع الماء في الاستنجاء.

وأخرجه مسلم في صحيحه (271) 1: 227 كتاب الطهارة، باب الاستنجاء بالماء من التبرز.

(2)

أخرجه البخاري في صحيحه (180) 1: 78 كتاب الوضوء، باب الرجل يُوضئ صاحبه.

وأخرجه مسلم في صحيحه (274) 1: 227 كتاب الطهارة، باب الاستنجاء بالماء من التبرز.

(3)

أخرجه ابن ماجة في سننه (391) 1: 138 كتاب الطهارة، باب الرجل يستعين على وضوئه فيصب عليه.

(4)

ساقط من ب.

(5)

أخرجه أبو داود في سننه (5185) 4: 347 كتاب الأدب، باب كم مرة يسلم الرجل في الاستئذان.

وأخرجه ابن ماجة في سننه (466) 1: 158 كتاب الطهارة، باب المنديل بعد الوضوء وبعد الغسل.

وأخرجه أحمد في مسنده (15513) 3: 421.

(6)

أخرجه البخاري في صحيحه (270) 1: 106 كتاب الغسل، باب من توضأ في الجنابة ثم غسل سائر جسده ولم يعد غسل مواضع الوضوء.

وأخرجه مسلم في صحيحه (317) 1: 254 كتاب الحيض، باب صة غسل الجنابة.

ص: 155