المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب نواقض الوضوء - الممتع في شرح المقنع - ت ابن دهيش ط ٣ - جـ ١

[ابن المنجى، أبو البركات]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الطبعة الثالثة

- ‌تقديم

- ‌المبحث الأولحياة المؤلف

- ‌حياة المؤلف:

- ‌مولده

- ‌أسرته:

- ‌نشأته وطلبه للعلم:

- ‌مصنفاته

- ‌أخلاقه وثناء العلماء عليه

- ‌تلاميذه:

- ‌وفاته:

- ‌المبحث الثانيترجمة الإمام مو فق الدين ابن قدامة

- ‌اسمه ونسبه:

- ‌مولده ونشأته:

- ‌طلبه للعلم ورحلاته:

- ‌مشايخه:

- ‌تلاميذه:

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌بلوغه درجة الاجتهاد:

- ‌أولاده:

- ‌مصنفاته:

- ‌شعره:

- ‌رثاؤه:

- ‌المبحث الثالثأهمية كتاب الممتع في شرح المقنع

- ‌المبحث الرابعمنهجه في كتاب الممتع

- ‌المبحث الخامسموارده في كتاب الممتع

- ‌المبحث السادسالنسخ الخطية للكتاب

- ‌وصف النسخ الخطية للكتاب

- ‌نماذج من المخطوطات

- ‌[مقدمة المصنف]

- ‌كتاب الطهارة:

- ‌باب المياه

- ‌فصل [في الماء الطاهر غير المطهر]

- ‌فصل [الماء النجس]

- ‌باب الآنية:

- ‌باب الاستنجاء:

- ‌باب السواك وسنة الوضوء

- ‌باب فرض الوضوء وصفته:

- ‌فصل [في صفة الوضوء]

- ‌باب مسح الخفين

- ‌باب نواقض الوضوء

- ‌باب الغَسل

- ‌فصل [في الأغسال المستحبة]

- ‌فصل في صفة الغسل

- ‌باب التيمم

- ‌باب إزالة النجاسة

- ‌باب الحيض

- ‌كتاب الصلاة

- ‌باب الأذان والإقامة

- ‌باب شروط الصلاة

- ‌باب ستر العورة

- ‌باب اجتناب النجاسات

- ‌باب استقبال القبلة

- ‌باب النية

- ‌باب صفة الصلاة

- ‌باب سجود السهو

- ‌باب صلاة التطوع

- ‌باب صلاة الجماعة

- ‌باب صلاة أهل الأعذار

- ‌باب صلاة الجمعة

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌باب صلاة الاستسقاء

- ‌كتاب الجنائز

- ‌كتاب الزكاة

- ‌باب زكاة بهيمة الأنعام

- ‌باب زكاة الخارج من الأرض

- ‌باب زكاة الأثمان

- ‌باب زكاة العروض

- ‌باب زكاة الفطر

- ‌باب إخراج الزكاة

- ‌باب ذكر أهل الزكاة

الفصل: ‌باب نواقض الوضوء

‌باب نواقض الوضوء

قال المصنف رحمه الله: (وهي ثمانية: الخارج من السبيلين قليلاً كان أو كثيرًا نادرًا أو معتادًا).

أما كون نواقض الوضوء ثمانية؛ فلأن الناقض يكون تارة خارجًا من السبيلين، وتارة خروج النجاسات من سائر البدن، وتارة زوال العقل، وتارة مس الذكر، وتارة مس بشرته بشرة أنثى لشهوة، وتارة غسل ميت، وتارة أكل لحم جزور، وتارة الردة عن الإسلام.

وأما كون الخارج من السبيلين المعتاد كالبول والغائط والوذي والمذي والريح من نواقض الوضوء فلقوله تعالى: {أو جاء أحد منكم من الغائط} [المائدة: 6].

ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ولكن من غائط وبول ونوم» (1).

و«قوله صلى الله عليه وسلم في المذي: يغسل ذكره ويتوضأ» (2).

[وقوله صلى الله عليه وسلم](3): «لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا» (4).

وأما كون ذلك كذلك قليلاً كان أو كثيرًا فلعموم ما تقدم.

وأما كون الخارج من السبيلين النادر كالدم والدود والشعر والحصا من

(1) أخرجه الترمذي في جامعه (96) 1: 159 أبواب الطهارة، باب المسح على الخفين للمسافر والمقيم.

وأخرجه النسائي في سننه (127) 1: 83 كتاب الطهارة، باب التوقيت في المسح على الخفين للمسافر.

(2)

أخرجه مسلم في صحيحه (303) 1: 247 كتاب الحيض، باب المذي.

(3)

ساقط من ب.

(4)

أخرجه البخاري في صحيحه (137) 1: 64 كتاب الوضوء، باب لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن.

وأخرجه مسلم في صحيحه (361) 1: 276 كتاب الحيض، باب الدليل على أن من تيقن الطهارة ثم شك في الحدث فله أن يصلي بطهارته تلك.

ص: 168

نواقض الوضوء؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المستحاضة تتوضأ عند كل صلاة» (1) رواه أبو داود.

ودمها غير معتاد.

وأما كون ذلك كذلك قليلاً كان أو كثيرًا فكالخارج المعتاد.

قال: (الثاني: خروج النجاسات من سائر البدن. فإن كانت غائطًا أو بولاً نقض قليلها، وإن كانت غيرهما لم ينقض إلا كثيرها. وهو ما فحش في النفس، وحكي عنه أن قليلها ينقض).

أما كون خروج قليل الغائط والبول من غير السبيلين ينقض الوضوء فلما تقدم من عموم قوله تعالى: {أو جاء أحد منكم من الغائط} [المائدة: 6]، وعموم قوله صلى الله عليه وسلم:«ولكن من غائط أو بول أو نوم» (2).

ولأن ذلك خارج معتاد أشبه الخارج من المخرج.

وأما كون خروج قليل النجاسات من سائر البدن غير الغائط والبول كالدم والصديد والقيح لا ينقض الوضوء على المذهب؛ فلأن مفهوم «قول ابن عباس في الدم: إذا كان فاحشًا فعليه الإعادة» (3) يدل عليه.

قال أحمد رضي الله عنه: عِدّة من الصحابة تكلموا فيه. ابن عمر عصر بيده فخرج الدم فصلى ولم يتوضأ (4). وابن أبي أوفى عصر دملاً. وذكر غيرهما ولم يعرف لهم مخالف من الصحابة فكان إجماعًا.

وأما كونه ينقض على روايةٍ فقياس على الغائط.

(1) أخرجه أبو داود في سننه (297) 1: 80 كتاب الطهارة، باب من قال تغتسل من طهر إلى طهر. نحوه عن عدي بن ثابت عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم «في المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها ثم تغتسل وتصلي والوضوء عند كل صلاة» .

وأخرجه الترمذي في جامعه (126) 1: 220 أبواب الطهارة، باب ما جاء أن المستحاضة تتوضأ لكل صلاة، مثل لفظ أبي داود.

(2)

سبق تخريجه ص: 168.

(3)

أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 2: 405 كتاب الطهارة، باب ما يجب غسله من الدم.

(4)

سيأتي تخريجه ص: 262.

ص: 169

والأول أصح؛ لما تقدم.

وأما كون خروج كثير ذلك ينقض؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث فاطمة: «أنه دم عرق فتوضئي لكل صلاة» (1) رواه الترمذي.

ولأنها نجاسة خارجة من البدن أشبه الخارج من السبيل.

وأما كون الكثير الناقض للوضوء هو ما فحش في النفس دون غيره؛ فلأن ابن عباس قال: هو ما فحش في نفسك.

وعن الإمام أحمد: هو شبر في شبر.

وعنه: ما يرفعه الأصابع العشر.

والأول هو ظاهر المذهب.

قال الخلال: الذي استقر عليه مذهبه - يعني الإمام أحمد رضي الله عنه أنه - أي أن الكثير - قدر ما يستقبحه كل إنسان في نفسه.

وقال ابن عقيل: إنما يعتبر ما يفحش في نفوس أوساط الناس لا المبتذلين ولا الموسوسين كما يعتبر في اللقطة فيما لا تتبعه همة (2) نفوس أوساط الناس غير ذي الشرف وأهل الدناءة.

قال: (الثالث: زوال العقل إلا النوم اليسير جالسًا أو قائمًا. وعنه أن نوم الراكع والساجد لا ينقض يسيره).

أما كون زوال العقل بغير النوم من نواقض الوضوء؛ فلأن زائل العقل لا يشعر بخروج الخارج.

ولأن زوال العقل بالنوم ينقض لما يأتي؛ فلأن ينقض بغيره بطريق الأولى لأن زواله بغير النوم أشد من زواله بالنوم لأن زائل العقل بغير النوم لا ينتبه إذا نُبّه بخلاف زائل العقل بالنوم فإنه إذا نُبه انتبه.

وأما كون زواله بالنوم الكثير من نواقض الوضوء؛ فلأن مقتضى الدليل نقض الوضوء بزوال العقل مطلقًا لما تقدم. تُرك العمل به في النوم اليسير لما يأتي فيجب أن يبقى فيما عداه على مقتضاه.

(1) أخرجه الترمذي في جامعه (129) 1: 229 أبواب الطهارة، باب ما جاء في المستحاضة، أنها تغتسل عند كل صلاة.

(2)

في ب: الهمة.

ص: 170

ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «العين وكاء السه فمن نام فليتوضأ» (1) رواه أبو داود.

ولأن النوم مظنة للحدث فقام مقامه كسائر المظان.

وأما كون (2) نوم المضطجع من نواقض الوضوء فلعموم ما تقدم.

ولأن المحل يكون منفتحًا حال اضطجاعه.

وأما كون يسير نوم الجالس لا ينقض فـ «لأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا ينتظرون العشاء، فينامون قعودًا ثم يصلون ولا يتوضؤون» (3) رواه مسلم.

ولأن النوم إنما نقض لأنه مظنة لخروج الريح من غير أن يعلم به ولا يحصل ذلك هنا لأن محل الحدث مُنضمٌ.

وأما كون يسير نوم القائم لا ينقض؛ فلأنه في معنى الجالس لاشتراكهما في انضمام محل الحدث.

وأما كون يسير نوم الراكع والساجد ينقض على المذهب فلعموم الحديث المتقدم.

وأما كونه لا ينقض على روايةٍ؛ فلأن حالهما حال من أحوال الصلاة أشبه الجالس.

والأول أولى لما تقدم. وقياسهما على الجالس لا يصح لأن محل الحدث فيهما منفتح بخلاف الجالس.

فإن قيل: ما اليسير غير الناقض؟

قيل: المرجع فيه إلى العرف لأنه لا حد له في الشرع فرجع فيه إلى العرف كالقبض والحِرز.

(1) أخرجه أبو داود في سننه (203) 1: 52 كتاب الطهارة، باب الوضوء من النوم. ولفظه:«وِكَاءُ السَّةِ العَيْنَانِ، فمن نامَ فَليتوضَّأ» .

وأخرجه ابن ماجة في سننه (477) 1: 161 كتاب الطهارة، باب الوضوء من النوم.

(2)

في ب: كونه.

(3)

أخرجه مسلم في صحيحه (376) 1: 284 كتاب الحيض، باب الدليل على أن نوم الجالس لا ينقض الوضوء.

ص: 171

قال: (الرابع: مس الذكر بيده ببطن (1) كفه أو بظهره).

أما كون مس الذكر من نواقض الوضوء فلما روت بسرة بنت صفوان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من مس ذكره فليتوضأ» (2) قال الترمذي: هذا حديث صحيح.

وأما كون مس الذكر ينقض ببطن الكف أو بظهره فلشمول الحديث لذلك.

وعن الإمام أحمد لا ينقض مسه بظاهر الكف لأن اللمس غالبًا إنما يستعمل بباطن الكف.

ولا فرق بين ذكره وذكر غيره في النقض لأن نصه على نقضه بمس ذكره مع إباحة مسه تنبيه على النقض بمس ذكر غيره مع كونه معصية بل بطريق الأولى.

وفي بعض الألفاظ: «من مس الذكر فليتوضأ» (3).

ولا بين كون الممسوس صغيرًا أو كبيرًا حيًا أو ميتًا. ولا بين كون اللامس عامدًا أو ساهيًا أو صغيرًا أو كبيرًا. ولا بين رأس الذكر وأصله لشمول الاسم لذلك كله.

وعن الإمام أحمد في السهو أنه لا ينقض لأنه معفو عنه. وأن النقض مختص برأس الذكر دون أصله لأنه مظنة الشهوة غالبًا.

قال: (ولا ينقض مسه بذراعه. وفي مس الذكر المقطوع وجهان).

أما كون مس الذكر بالذراع لا ينقض؛ فلأن الحكم المعلق على مطلق اليد في الشرع يحمل على الكوع دليله السارق.

وعن أحمد رضي الله عنه ينقض لأنه من يده.

(1) في المقنع: بيده أو ببطن.

(2)

أخرجه الترمذي في جامعه (82) 1: 126 أبواب الطهارة، باب الوضوء من مس الذكر.

وأخرجه ابن ماجة في سننه (479) 1: 161 كتاب الطهارة، باب الوضوء من مس الذكر.

وأخرجه أحمد في مسنده (27333) 6: 406.

وأخرجه مالك في الموطأ (58) 1: 63 كتاب الطهارة، باب الوضوء من مس الفرج.

وأخرجه الشافعي في مسنده (87) 1: 34، كتاب الطهارة، باب في نواقض الوضوء.

(3)

أخرجه أبو داود في سننه (181) 1: 46 كتاب الطهارة، باب الوضوء من مس الذكر.

وأخرجه ابن ماجة في سننه (479) 1: 161 كتاب الطهارة، باب الوضوء من مس الذكر.

ص: 172

والأول أصح لما ذكر.

وأما كون مس الذكر المقطوع ينقض في وجه فلبقاء الاسم.

وأما كونه لا ينقض في وجه فلذهاب الحرمة والشهوة أشبه فرج البهيمة.

قال: (وإذا لمس قبل الخنثى المشكل وذكره انتقض وضوؤه. وإن مس أحدهما لم ينتقض إلا أن يمس الرجل ذكره لشهوة).

أما كون من لمس قبل الخنثى المشكل وذكره ينتقض وضوؤه؛ فلأن لمس الفرج هنا متيقن لأن الخنثى إن كان ذكرًا فقد لمس ذكره وإن كان أنثى فقد مس فرجها.

وأما كون من لمس أحدهما غير المستثنى لاينتقض وضوؤه فلاحتمال أن يكون غير فرج فلا ينتقض الوضوء مع قيام الاحتمال.

وأما كون الرجل إذا لمس ذكر الخنثى لشهوة ينتقض وضوؤه؛ فلأن الخنثى إن كان رجلاً فقد لمس ذكرًا وإن كان امرأة فقد لمس الرجل امرأة لشهوة. هذا تعليل كلام المصنف رحمه الله.

واعلم أنه إذا لمس أحدهما ينتقض في روايةٍ أخرى لم يذكرها المصنف هنا. وهي أن تلمس المرأة قُبُلَه لشهوة؛ لأن الخنثى إن كان امرأة فقد لمست المرأة فرج امرأة، وإن كان رجلاً فقد لمسته لشهوة. صرح به صاحب المجرد فيه.

قال: (وفي مس الدبر ومس المرأة فرجها روايتان. وعنه لا ينقض مس الفرج بحال).

أما كون مس الدبر ينقض في روايةٍ فلعموم قوله: «من مس ذكره فليتوضأ» (1).

وقياسًا على الذكر.

وأما كونه لا ينقض في روايةٍ؛ فلأنه لم يرد فيه نص صريح. وقوله: «من مس فرجه» المراد به الذكر لأن المشهور من الحديث: «من مس ذكره فليتوضأ» والمطلق يجب حمله على المقيد.

(1) سبق تخريجه ص: 172.

ص: 173

وأما كون مس المرأة فرجها ينقض في روايةٍ فلما روى أحمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا مست إحداكن فرجها فلتتوضأ» (1).

ولما تقدم من عموم قوله: «من مس فرجه فليتوضأ» (2).

ولأنه أحد الفرجين أشبه الآخر.

وأما كونه لا ينقض في روايةٍ فلما تقدم من أن المطلق يحمل على المقيد. والحديث ضعيف.

وأما كون مس الفرج لا ينقض بحال على روايةٍ فلما روى قيس بن طلق عن أبيه «أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يمس ذكره وهو في الصلاة. فقال: هل هو إلا بضعة منك» (1) رواه أبو داود.

والأول أصح لما تقدم من حديث بنت صفوان (2).

وعن زيد بن خالد الجهني قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من مس فرجه فليتوضأ» (3).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم «إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه حتى لا يكون بينه وبينه حجاب ولا ستر فليتوضأ وضوءه للصلاة» (4) رواه الدارقطني.

وأما حديث قيس بن طلق فضعيف. وعلى تقدير صحته هو منسوخ؛ لأنه كان في أول الهجرة، وما روي في النقض متأخر عن ذلك.

(1) أخرجه أحمد في مسنده (7076) 2: 223.

(2)

سبق تخريجه ص: 172.

(3)

أخرجه أبو داود في سننه (182) 1: 46 كتاب الطهارة، باب الرخصة في ذلك.

وأخرجه الترمذي في جامعه (85) 1: 131 كتاب الطهارة، باب ما جاء في ترك الوضوء من مس الذكر نحوه.

وأخرجه النسائي في سننه (165) 1: 101 كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء من ذلك.

وأخرجه ابن ماجة في سننه (483) 1: 163 كتاب الطهارة، باب الرخصة في ذلك، نحوه.

قال الترمذي: هذا الحديث أحسن شيء روي في هذا الباب.

(4)

سبق تخريه ص: 172.

(5)

أخرجه أحمد في مسنده 5: 194. وذكره الترمذي في جامعه 1: 128.

(6)

أخرجه الدارقطني في سننه (6) 1: 147 كتاب الطهارة، باب ما وري في لمس القبل والدبر

ص: 174

قال: (الخامس: أن تمس بشرته بشرة أنثى لشهوة. وعنه لا ينقض. وعنه ينقض لمسها بكل حال. ولا ينقض لمس الشعر والسن والظفر والأمرد. وفي نقض وضوء الملموس روايتان).

أما كون مس بشرة الرجل بشرة أنثى لشهوة من نواقض الوضوء على المذهب فلما يأتي.

وأما كونه لا ينقض بحال على روايةٍ فـ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم قبّل امرأة من نسائه وخرج إلى الصلاة ولم يتوضأ» (1) رواه أبو داود.

وأما كونه ينقض بكل حال على روايةٍ فلقوله تعالى: {أو لمستم النساء} [المائدة: 6] قراءة ابن مسعود.

والأول هو الصحيح لأن فيه جمعًا بين القرآن الكريم وبين فعل النبي صلى الله عليه وسلم. فتحمل الآية على السهو، ويحمل فعله على أنه كان لغير شهوة.

ولا فرق في هذا اللمس بين الأجنبية وذات المحرم. والصغيرة والكبيرة. والحية والميتة لعموم الآية ووجود العلة.

واختار الشريف أبو جعفر وابن عقيل أن لمس الميتة لا ينقض لأنها ليست محلاً للشهوة فهي كالرجل.

وهذا اللمس مختص بالعضو المتصل؛ لأن المنفصل خرج أن يكون محلاً للشهوة.

وأما كون لمس الشعر والسن والظفر لا ينقض؛ فلأن ذلك ينفصل عن المرأة حال السلامة أشبه الدمع والعرق.

ولأنه لا يقع على المرأة الطلاق بإضافته إليه، ولا الظِّهار فكذلك لا ينقض الوضوء.

وأما لمس الأمرد لا ينقض فلعدم تناول الآية له.

ولأنه ليس محلاً للشهوة شرعًا.

(1) أخرجه أبو داود في سننه (179) 1: 46 كتاب الطهارة، باب الوضوء من القبلة.

وأخرجه الترمذي في جامعه (86) 1: 133 أبواب الطهارة، باب ما جاء في ترك الوضوء من القبلة.

وأخرجه النسائي في سننه (170) 1: 104 كتاب الطهارة، ترك الوضوء من القبلة.

ص: 175

وأما كون وضوء الملموس ينقض في روايةٍ فقياسًا على اللامس.

وأما كونه لا ينقض في روايةٍ فلعموم تناول الآية لذلك. وقياسه على اللامس لا يصح لأن الحدث في حقه أدعى منه حق الملموس.

قال: (السادس: غسل الميت.

السابع: أكل لحم الجزور لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «توضأوا من لحوم الإبل ولا توضأوا من لحوم الغنم» (1). فإن شرب من لبنها فعلى روايتين. وإن أكل من كبدها أو طحالها فعلى وجهين).

أما كون غسل الميت من نواقض الوضوء فـ «لأن عمر وابن عباس كانا يأمران غاسل الميت بالوضوء» .

وعن أبي هريرة قال: «أقل ما فيه الوضوء» .

ولم يعرف لهم مخالف فكان إجماعًا.

ولأن الغالب أنه لا يسلم أن تقع يده على فرجه فكانت مظنة ذلك قائمة مقام حقيقته كالنوم.

وأما كون أكل لحم الجزور من نواقض الوضوء فلما ذكر المصنف من قول النبي صلى الله عليه وسلم: «توضأوا من لحوم الإبل ولا توضأوا من لحوم الغنم» رواه الإمام أحمد.

ولا فرق في النقض به بين كونه نيًا أو مطبوخًا أو مشويًا. ولا بين كون الآكل عالمًا أو جاهلاً لعموم الحديث.

فإن قيل: فقد روى جابر «كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مسته النار» (2) رواه النسائي.

قيل: لا دلالة في ذلك إلا على نسخ وجوب الوضوء مما مسته النار لأجل كونه ممسوسًا بالنار. ونحن نقول به ولذلك ينتقض الوضوء بأكل لحم الجزور نيًا.

(1) أخرجه ابن ماجة في سننه (497) 1: 166 كتاب الطهارة، باب ما جاء في الوضوء من لحوم الإبل.

(2)

أخرجه أبو داود في سننه (192) 1: 49 كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء مما مست النار.

وأخرجه الترمذي في جامعه (80) 1: 116 أبواب الطهارة، باب ما جاء في ترك الوضوء مما غيرت النار.

وأخرجه النسائي في سننه (185) 1: 108 كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء مما غيرت النار.

وأخرجه ابن ماجة في سننه (489) 1: 164 كتاب الطهارة، باب الرخصة في ذلك.

ص: 176

وعن الإمام أحمد رحمه الله أن من لم يعلم بالحديث لا ينتقض وضوؤه لعذره.

وعنه: لا ينقض بحال؛ لقوله عليه السلام: «الوضوء مما يخرج لا مما يدخل» (1) رواه الدارقطني.

ولأنه مأكول أشبه لحم الغنم.

والصحيح الأول لما ذكرنا.

ولأن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم: «أتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: لا. قال: أتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم» (2) رواه مسلم.

والأحاديث في هذا صحيحة كثيرة.

فإن قيل: المراد بالوضوء غسل اليدين لأن الوضوء المقرون بالأكل يراد به الغسل ولذلك حمل عليه «أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالوضوء قبل الطعام وبعده» (3).

قيل: هذا التأويل غير صحيح من وجوه أربعة:

أحدها: أنه حمل للأمر على الاستحباب وهو ظاهر في الوجوب.

الثاني: أنه حمل للوضوء الوارد من الشرع على غير موضوعه الشرعي.

(1) أخرجه الدارقطني في سننه (1) 1: 151 كتاب الطهارة، باب في الوضوء من الخارج من البدن. وفي إسناده الفضيل بن المختار وهو ضعيف جدا، وفيه شعبة مولى ابن عباس، وهو ضعيف ر. تخليص الحبير 1: 207 - 208.

وأخرج البيهقي في السنن الكبرى عن أبي ظبيان عن ابن عباس «أنه ذكر عنده الوضوء من الطعام -قال الأعمش: مرة- والحجامة للصائم. فقال: إنما الوضوء مما يخرج وليس مما يدخل» . 4: 261 كتاب الصيام، باب الإفطار بالطعام وبغير الطعام.

(2)

أخرجه مسلم في صحيحه (360) 1: 275 كتاب الحيض، باب الوضوء من لحوم الإبل.

وأخرجه أبو داود في سننه (184) 1: 47 كتاب الطهارة، باب الوضوء من لحوم الإبل.

وأخرجه الترمذي في جامعه (81) 1: 122 كتاب الطهارة، باب ما جاء في الوضوء من لحوم الإبل.

وأخرجه ابن ماجة في سننه (494) 1: 166 كتاب الطهارة، باب ما جاء في الوضوء من لحوم الإبل.

وأخرجه أحمد في مسنده (18700) 4: 304.

قال الترمذي: قال إسحاق: صح في هذا الباب حديثان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث البراء، وحديث جابر. وهو قول أحمد وإسحاق. اهـ.

(3)

عن سلمان، قال:«قرأت في التوراة أن بَركة الطعام الوضوءُ قبله، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: بركة الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده» .

أخرجه أبو داود في سننه (3761) 3: 345 كتاب الأطعمة، باب في غسل اليد قبل الطعام.

وأخرجه الترمذي في جامعه (1846) 4: 281 كتاب الأطعمة، باب ما جاء في الوضوء قبل الطعام وبعده.

ص: 177

الثالث: أنه جمع بين ما أمر النبي صلى الله عليه وسلم وبين ما نهى عنه فـ «إنه صلى الله عليه وسلم أمر بالوضوء من لحم الإبل ونهى عنه من لحم الغنم» والخصم يقول يستحب فيهما.

الرابع: أن السائل سأل عن الوضوء من لحم الإبل والصلاة في مباركها، والوضوء المقترن بالصلاة لا يفهم منه غير الوضوء الشرعي.

وأما كون الشرب من لبنها ينقض على روايةٍ فلما روي عن أسيد بن حضير «أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ألبان الإبل. فقال: توضؤا من ألبانها» (1) رواه الإمام أحمد رضي الله عنه وابن ماجة.

وأما كونه لا ينقض على روايةٍ؛ فلأن الحديث الصحيح إنما ورد في اللحم فيجب الاقتصار عليه.

وأما كون الأكل من كبدها أو طحالها ينقض على وجه؛ فلأن ذلك من جملة الجزور فإطلاق لفظ اللحم تناوله بدليل أن الله تعالى لما حرم لحم الخنزير تناول ذلك جميع أجزائه.

وأما كونه لا ينقض على وجه؛ فلأنه لم يرد فيه نص ولا هو في معنى ما نص عليه فوجب بقاؤه على ما كان عليه.

فإن قيل: ما حكم دهنها وسنامها ومرقها وسائر أجزائها.

قيل: حكم كبدها لاشتراك ذلك كله فيما ذكر قبل.

قال: (الثامن: الردة عن الإسلام).

أما كون الردة وهي الإتيان بما يخرج به عن الإسلام من نطق أو اعتقاد أو شك من نواقض الوضوء فلقوله تعالى: {لئن أشركت ليحبطن عملك} [الزمر: 65]. والوضوء عمل وهو باق حكمًا يبطل بجميع مبطلات الوضوء.

ولأنه عبادة فأفسدته الردة كالصلاة.

(1) أخرجه ابن ماجة في سننه (496) 1: 166 كتاب الطهارة، باب ما جاء في الوضوء من لحوم الإبل.

وأخرجه أحمد في مسنده (19120) 4: 352.

قال البوصيري: إسناده ضعيف لضعف حجاج بن أرطأة وتدليسه. وقد خالفه غيره.

ص: 178

ولأن الردة حدث بدليل قول ابن عباس: «الحدث حدثان حدث اللسان وحدث الفرج وأشدهما حدث اللسان» . فيفسد الوضوء لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ» (1) متفق عليه.

قال: (ومن تيقن الطهارة وشك في الحدث، أو تيقن الحدث وشك في الطهارة بنى على اليقين. فإن تيقنهما وشك في السابق منهما نظر في حاله قبلهما فإن [كان] (2) متطهرًا فهو محدث، وإن كان محدثًا فهو متطهر).

أما كون من تيقن الطهارة وشك في الحدث يبني على اليقين وهو الطهارة هنا فلما روى عبدالله بن زيد «شكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة. قال: لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا» (3) متفق عليه.

ولأن اليقين لا يزول بالشك.

وأما كون من تيقن الحدث وشك في الطهارة يبني على اليقين وهو الحدث هنا فلما تقدم من أن اليقين لا يزول بالشك.

ولأنه إذا بنى من تيقن الطهارة وشك في الحدث على اليقين؛ فلأن يبني من تيقن الحدث وشك في الطهارة على اليقين بطريق الأولى.

وأما كون من تيقن الطهارة والحدث وشك في السابق منهما محدثًا إذا كان قبلهما متطهرًا؛ فلأنه تيقن الحدث بعد طهارته الأولى وشك في الطهارة الثانية هل كانت بعد الحدث أو قبله فلا يزول عن اليقين بالشك.

(1) أخرجه البخاري في صحيحه (6554) 6: 2551 كتاب الحيل، باب في الصلاة.

وأخرجه مسلم في صحيحه (225) 1: 204 كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة.

(2)

زيادة من المقنع.

(3)

أخرجه البخاري في صحيحه (137) 1: 64 كتاب الوضوء، باب لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن.

وأخرجه مسلم في صحيحه (361) 1: 276 كتاب الحيض، باب الدليل على أن من تيقن الطهارة ثم شك في الحدث فله أن يصلي بطهارته تلك.

ص: 179

وأما كونه متطهرًا إذا كان قبلهما محدثًا؛ فلأنه تيقن بعد حدثه الأول طهارة وشك هل كان الحدث الآخر قبل طهارته أو بعدها؟ فلا يزول عن اليقين بالشك.

قال: (ومن أحدث حرم (1) عليه الصلاة، والطواف، ومس المصحف).

أما كون من أحدث يحرم عليه الصلاة فلقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ» (2).

وأما كونه يحرم عليه الطواف فلقوله صلى الله عليه وسلم: «الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام» (3) رواه الشافعي في مسنده.

وأما كونه يحرم عليه مس المصحف فلقول الله تعالى: {لا يمسه إلا المطهرون} [الواقعة: 79].

ولقوله عليه السلام: «لا تمس القرآن إلا وأنت طاهر» (4) رواه الأثرم.

(1) في المقنع: حرمت.

(2)

سبق تخريجه ص: 218.

(3)

أخرجه الترمذي في جامعه (960) 3: 293 كتاب الحج، باب ما جاء في الكلام في الطواف.

وأخرجه الحاكم في مستدركه 2: 267 كلاهما عن ابن عباس.

وأخرجه الشافعي في مسنده عن ابن عمر 1: 348 كتاب الحج، باب: فيما يلزم الحاج بعد دخول مكة. ولفظه: «أقلوا الكلام في الطواف، فإنما أنتم في الصلاة» .

وقد أطال الكلام عليه الحافظ ابن حجر في تلخيصه 1: 225 - 227.

(4)

أخرجه الدارقطني في سننه (6) 1: 122 - 123 كتاب الطهارة، باب نهي المحدث عن مس القرآن.

وأخرجه الحاكم في المعرفة 3: 485. والطبراني في الكبير (3135) 3: 205. كلهم عن حكيم بن حزام، وفي إسناده سويد أبو حاتم، وهو ضعيف. ر تلخيص الحبير 1:227.

ص: 180