الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب صلاة العيدين
سمي العيد عيداً لأنه يعود كل سنة.
وقيل: لأنه يعود فيه السرور.
والأصل فيهما الكتاب والسنة والإجماع:
أما الكتاب فقوله تعالى: {فصل لربك وانحر} [الكوثر: 2]. قيل في التفسير: أنها صلاة العيد.
وأما السنة فقد ثبت بالتواتر «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة العيدين» (2).
وأما الإجماع فأجمع المسلمون على مشروعيتهما في الجملة.
قال المصنف رحمه الله: (وهي فرض على الكفاية. إذا اتفق أهل بلد على تركها قاتلهم الإمام).
أما كون صلاة العيد فرضاً على الكفاية؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده يداومون عليها.
ولأنها من شعائر الإسلام الظاهرة فكانت فرضاً على الكفاية كالجهاد.
(1) أخرجه أبو داود في سننه (1134) 1: 295 كتاب الصلاة، باب صلاة العيدين.
وأخرجه النسائي في سننه (1556) 3: 179 كتاب صلاة العيدين، باب رفع الإمام يديه عند مسألة إمساك المطر. نحوه.
(2)
سوف يأتي سرد أحاديث صلاة العيدين لاحقاً.
وإنما لم تجب على الأعيان؛ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر للأعرابي خمس صلوات قال: هل عليّ غيرها؟ قال: لا» (1).
وأما كون الإمام يقاتل أهل بلد اتفقوا على تركها؛ فلأنهم تركوا شيئاً من شعائر الإسلام الظاهرة فشرع للإمام أن يقاتلهم كتركهم الأذان.
قال: (وأول وقتها إذا ارتفعت الشمس. وآخره إذا زالت. فإن لم يَعلم بالعيد إلا بعد الزوال خرج من الغد فصلى بهم).
أما كون أول وقت صلاة العيد إذا ارتفعت الشمس؛ فلما روى الحسن «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغدو إلى الأضحى والفطر حين تطلع الشمس فيتم طلوعها. وكان يفتتح الصلاة وقت حضوره» .
وروي «أنه كان يصلي والشمس على رؤوس الجبال كالعمائم على رؤوس الرجال» .
وأما كون آخره إذا زالت؛ فلأنها شاركت الضحى في أول وقتها فكذلك يجب أن تشاركها في آخره.
وأما كون الإمام يخرج من الغد ويصلي بالناس صلاة العيد إذا لم يعلم بالعيد إلا بعد الزوال؛ فلما روى أبو عمير بن أنس عن عمومة له من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم «أن ركباً جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشهدوا أنهم رأوا الهلال بالأمس. فأمرهم أن يفطروا فإذا أصبحوا أن يغدوا إلى مصلاهم» (2). رواه أبو داود.
قال: (ويسن تقديم الأضحى وتأخير الفطر. والأكل في الفطر قبل الصلاة. والإمساك في الأضحى حتى يصلي. والغسل والتبكير إليها بعد الصبح ماشياً على
(1) أخرجه البخاري في صحيحه (46) 1: 25 كتاب الإيمان، باب الزكاة من الإسلام.
وأخرجه مسلم في صحيحه (11) 1: 40 كتاب الإيمان، باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام.
(2)
أخرجه أبو داود في سننه (1157) 1: 300 كتاب الصلاة، باب إذا لم يخرج الإمام للعيد من يومه يخرج من الغد.
وأخرجه النسائي في سننه (1557) 3: 180 كتاب صلاة العيدين، باب الخروج إلى العيدين من الغد.
وأخرجه ابن ماجة في سننه (1653) 1: 529 كتاب الصيام، باب ما جاء في الشهادة على رؤية الهلال.
أحسن هيئة إلا المعتكف فإنه يخرج في ثياب اعتكافه أو إماماً يتأخر إلى وقت الصلاة. وإذا غدا من طريق رجع في أخرى).
أما كون تقديم الأضحى وتأخير الفطر يسن؛ فلما روى عمرو بن حزم «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقدم الأضحى ويؤخر الفطر» (1).
ولأن السنة إخراج الفطرة قبل الصلاة ففي تأخير الصلاة توسيع لوقتها.
ولا تجوز الأضحية إلا بعد الصلاة ففي تعجيلها مبادرة إلى الأضحية.
وأما كون الأكل في الفطر قبل الصلاة والإمساك في الأضحى حتى يصلي يسن؛ فلما روى بريدة قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يفطر. ولا يَطعم يوم النحر حتى يصلي» (2) رواه الترمذي.
وأما كون الغسل يسن فلما ذكر في الأغسال المستحبة.
وأما كون التبكير إلى صلاة العيد لغير الإمام يسن فليحصل له الدنو من موضع الإمام وانتظار الصلاة فيكثر ثوابه.
وأما كون المشي إليها يسن؛ فلأن علياً رضي الله قال: «من السنةِ أن تأتي العيدَ ماشياً» (3) رواه الترمذي. وقال: حديث حسن.
(1) لم أقف عليه هكذا، وقد أخرج الشافعي في مسنده عن أبي الحويرث «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى عمرو بن حزم وهو بنجران أن عجِّل الأضاحي، وأخر الفطر، وذكّر الناس» (342) 1: 152 كتاب الصلاة، باب: صلاة العيدين.
(2)
أخرجه الترمذي في جامعه (542) 2: 426 أبواب الصلاة، باب ما جاء في الأكل يوم الفطر قبل الخروج. نحوه.
وأخرجه ابن ماجة في سننه (1756) 1: 558 كتاب الصيام، باب في الأكل يوم الفطر قبل أن يخرج. نحوه.
وأخرجه أحمد في مسنده (23033) 5: 352.
قال الترمذي: حديث غريب.
(3)
أخرجه الترمذي في جامعه (530) 2: 410 أبواب الصلاة، باب ما جاء في المشي يوم العيد.
وأخرجه ابن ماجة في سننه (1296) 1: 411 كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الخروج إلى العيد ماشياً.
قال الترمذي: هذا حديث حسن والعمل على هذا الحديث عند أكثر أهل العلم يستحبون أن يخرج الرجل إلى العيد ماشياً وأن يأكل شيئاً قبل أن يخرج لصلاة الفطر.
وأما كون حسن الهيئة لغير المعتكف يسن؛ فـ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبس برده الأحمر ويعتم في العيدين والجمعة (1» ) (2) رواه ابن عبدالبر.
وأما كون المعتكف يسن له أن يخرج في ثياب اعتكافه؛ فلأن في ذلك إبقاء لأثر العبادة والنسك.
وأما كون الإمام يسن له أن يتأخر إلى وقت الصلاة؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم هكذا كان يفعل.
ولأن الإمام يُنتظر ولا يَنتظر.
وأما كون الرجوع من طريق غير التي غدا منها يسن؛ فلأن جابراً قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق» (3) رواه البخاري.
قال: (وهل من شرطها الاستيطان، وإذن الإمام، والعدد المشترط للجمعة؟ على روايتين).
أما كون جميع ذلك من شرط صلاة العيد على روايةٍ؛ فلأنها صلاة بها خطبة راتبة. أشبهت الجمعة.
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم وافق العيد في حجه ولم يصل.
وأما كون شيء من ذلك ليس من شرطها على روايةٍ؛ فلأنها صلاة لم ينقل إليها شيء من فرض. فلم يعتبر فيها شيء من ذلك، كسائر الصلوات.
ولأنها تقضى بغير خلاف في المذهب مع عدم هذه الشرائط وما صح في القضاء صح في الأداء.
فعلى هذا يجوز إقامتها بغير إذن الإمام ويجوز إقامتها للمسافرين كسائر الصلوات.
وإنما لم يقمها النبي صلى الله عليه وسلم في حجه؛ لأنه اشتغل عنها بالمناسك لأنها أهم لأنها فرض عين، وصلاة العيد سنة في حق المسافر.
(1) ساقط من ب.
(2)
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 3: 280 كتاب صلاة العيدين، باب الزينة للعيد.
(3)
أخرجه البخاري في صحيحه (943) 1: 334 كتاب العيدين، باب من خالف الطريق إذا رجع يوم العيد.
قال: (وتسن في الصحراء. وتكره في الجامع إلا من عذر).
أما كون صلاة العيد تسن في الصحراء؛ فلما روى أبو سعيد الخدري «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصليها في الصحراء وكذلك الخلفاء بعده» (1).
وأما كونها تكره في الجامع مع عدم العذر؛ فلأنه خلاف فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعل الخلفاء بعده.
وأما كونها لا تكره في الجامع لعذر من مطر ونحوه؛ فلما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: «أصابنا مطر في يوم عيد فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد» (2) رواه أبو داود.
قال: (ويبدأ بالصلاة. فيصلي ركعتين: يكبر في الأولى بعد الاستفتاح وقبل التعوذ ستاً. وفي الثانية بعد القيام من السجود خمساً. يرفع يديه مع كل تكبيرة. ويقول: الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليماً. وإن أحب قال غير ذلك).
أما كون إمام صلاة العيد يبدأ بالصلاة؛ فـ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفتتح الصلاة وقت حضوره» (3).
وأما كونه يصلي العيد ركعتين؛ فلما روى ابن عباس «أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم الفطر فصلى ركعتين لم يصل قبلها ولا بعدها» (4) متفق عليه.
(1) عن أبي سعيد الخدري قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى فأول شيء يبدأ به الصلاة ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس والناس جلوس على صفوفهم فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم فإن كان يريد أن يقطع بعثاً قطعه أو يأمر بشيء أمر به ثم ينصرف. قال أبو سعيد: فلم يزل الناس على ذلك
…
».
أخرجه البخاري في صحيحه (913) 1: 326 كتاب العيدين، باب الخروج إلى المصلى بغير منبر.
(2)
أخرجه أبو داود في سننه (1160) 1: 301 كتاب الصلاة، باب يصلى بالناس العيد في المسجد إذا كان يوم مطر.
وأخرجه ابن ماجة في سننه (1313) 1: 416 كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة العيد في المسجد إذا كان مطر.
(3)
كما في حديث أبي سعيد الخدري. وقد سبق ذكره وتخريجه في الحديث قبل السابق.
(4)
أخرجه البخاري في صحيحه (921) 1: 327 كتاب العيدين، باب الخطبة بعد العيد.
وأخرجه مسلم في صحيحه (884) 2: 606 كتاب صلاة العيدين، باب ترك الصلاة، قبل العيد وبعدها، في المصلى.
ولقول عمر رضي الله عنه: «صلاة الأضحى ركعتان وصلاة الفطر ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم وقد خاب من افترى» (1) رواه الإمام أحمد في المسند.
وأما كونه يكبر في الأولى ستاً وفي الثانية خمساً؛ فلما روت عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «التكبير في الفطر والأضحى في الأولى سبع تكبيرات وفي الثانية خمس تكبيرات سوى تكبيرتي الركوع» (2) رواه أبو داود.
والسابعة في الأولى هي تكبيرة الإحرام وإنما جعلت من السبع لأنها في حال القيام بخلاف تكبيرة القيام فإنها قبله.
وأما كون تكبيرة الأولى بعد الاستفتاح؛ فلأن الاستفتاح يراد لابتداء الصلاة فكان في أولها كسائر الصلوات.
وأما كونه قبل التعوذ؛ فلما روى أبو سعيد «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ قبل القراءة» (3).
ولأنه يراد للقراءة فينبغي أن تتعقبه القراءة.
وأما كون المصلي يرفع يديه مع كل تكبيرة؛ فلما روى عمر «أنه كان يرفع يديه مع كل تكبيرة في الجنازة وفي العيد» (4) رواه الأثرم.
(1) أخرجه النسائي في سننه (1566) 3: 183 كتاب صلاة العيدين، عدد صلاة العيدين.
وأخرجه ابن ماجة سننه (1063) و (1064) 1: 338 كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب تقصير الصلاة في السفر. وليس عندهما:«وقد خاب من افترى» .
وأخرجه أحمد في مسنده (257) 1: 37.
(2)
أخرجه أبو داود في سننه (1149) 1: 299 كتاب الصلاة، باب التكبير في العيدين.
(3)
أخرجه أبو داود في سننه (775) 1: 206 كتاب الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بسبحانك اللهم بحمدك.
وأخرجه الترمذي في جامعه (242) 2: 9 أبواب الصلاة، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة.
(4)
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 3: 293 كتاب صلاة العيدين، باب رفع اليدين في تكبير العيد.
وأما كونه يقول: الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً، وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليماً؛ فلأنه متضمن حمد الله والثناء عليه والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بين كل تكبيرتين وذلك مطلوب لما روى عقبة بن عامر قال:«سألت عبدالله بن مسعود عما نقوله بعد تكبيرات العيد فقال: نحمد الله ونثني عليه ونصلي على النبي صلى الله عليه وسلم» (1).
ولأنها تكبيرات في حال قيام فسن أن يتخللها ذكر؛ لأن المقصود يحصل منه.
وأما كونه يقول غير ذلك إذا أحب؛ فلأن الغرض الذكر بين التكبيرات لا ذكر مخصوص. ولذلك لم يرد الشرع بذكر بعينه.
قال: (ثم يقرأ بعد الفاتحة في الأولى بسبح وفي الثانية بالغاشية. ويجهر بالقراءة. ويكون بعد التكبير في الركعتين. وعنه يوالي بين القراءتين).
أما كون مصلي العيد يقرأ بعد الفاتحة في الأولى من صلاة العيدين بسبح والثانية الغاشية؛ فلما روى النعمان بن بشير قال (2): «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين والجمعة بسبح اسم ربك الأعلى وهل أتاك حديث الغاشية
…
مختصر» (3) رواه مسلم.
(1) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 3: 291 كتاب صلاة العيدين، باب يأتي بدعاء الافتتاح عقيب تكبيرة الافتتاح، ولفظه: عن علقمة «أن ابن مسعود وأبا موسى وحذيفة خرج إليهم الوليد بن عقبة قبل العيد فقال: لهم إن هذا العيد قد دنا فكيف التكبير فيه؟ فقال عبدالله: تبدأ فتكبر تكبيرة تفتتح بها الصلاة وتحمد ربك وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم تدعو وتكبر وتفعل مثل ذلك ثم تكبر وتفعل مثل ذلك ثم تكبر وتفعل مثل ذلك ثم تكبر وتفعل مثل ذلك ثم تقرأ وتركع ثم تقوم فتقرأ وتحمد ربك وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم تدعو ثم تكبر وتفعل مثل ذلك ثم تكبر وتفعل مثل ذلك ثم تكبر وتفعل مثل ذلك ثم تكبر وتفعل مثل ذلك» .
قال البيهقي: وهذا من قول عبدالله بن مسعود رضى الله عنه موقوف عليه فنتابعه في الوقوف بين كل تكبيرتين للذكر إذ لم يُرْو خلافه عن غيره ونخالفه في عدد التكبيرات وتقديمهن على القراءة في الركعتين جميعاً بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم فعل أهل الحرمين وعمل المسلمين إلى يومنا هذا.
(2)
ساقط من ب.
(3)
أخرجه مسلم في صحيحه (878) 2: 598 كتاب الجمعة، باب ما يقرأ في صلاة الجمعة.
ولأن فيها حثاً على الصدقة في قوله تعالى: {قد أفلح من تزكى? وذكر اسم ربه فصلى} [الأعلى: 14 - 15]. هكذا فسره سعيد بن المسيب وعمر بن عبدالعزيز.
وأما كونها يجهر بالقراءة فيها؛ فلأن الذين نقلوا عنه أنه كان يقرأ بسورةِ كذا سمعوه يقرأ بذلك جهراً.
وأما كون قراءته بعد التكبير في الركعتين على المذهب؛ فلما روى كثير بن عبدالله عن أبيه عن جده «أن النبي صلى الله عليه وسلم كبّر في العيدين في الأولى سبعاً قبل القراءة وفي الثانية خمساً قبل القراءة» (1) رواه الأثرم والترمذي. وقال: هو حديث حسن.
وأما كونه يوالي بين القراءتين على روايةٍ؛ فلما روى أبو موسى «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في العيدين تكبيره على الجنازة ويوالي بين القراءتين» (2) رواه أبو داود.
وروى أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «التكبير في العيد [سبعاً] قبل القراءة وخمساً بعد القراءة» (3) رواه الإمام أحمد.
قال: (فإذا سلم خطب خطبتين: يجلس بينهما. يستفتح الأولى بتسع تكبيرات. والثانية بسبع. يحثهم في خطبة الفطر على الصدقة. ويبين لهم ما يخرجون. ويرغبهم في الأضحية في الأضحى. ويبين لهم حكم الأضحية).
أما كون الإمام المذكور يخطب خطبتين؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك.
وأما كونه يجلس بينهما؛ فلما روي عن جابر قال: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فطر أو أضحى فخطب قائماً ثم قعد قعدة ثم قام» (4) رواه ابن ماجة.
ولأنهما كخطبتي الجمعة.
(1) أخرجه الترمذي في جامعه (536) 2: 416 أبواب الصلاة، باب ما جاء في التكبير في العيدين.
وأخرجه ابن ماجة في سننه (1277) 1: 407 كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في كم يكبر الإمام في صلاة العيدين.
(2)
أخرجه أبو داود في سننه (1153) 1: 299 كتاب الصلاة، باب التكبير في العيدين.
وأخرجه أحمد في مسنده (19235) ط إحياء التراث. وليس عندهما: «ويوالي بين القراءتين» .
(3)
أخرجه أحمد في مسنده (8664) 2: 356. وما بين المعكوفين من المسند.
(4)
أخرجه ابن ماجة في سننه (1289) 1: 409 كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في الخطبة في العيدين.
وأما كونه يكبر فيهما؛ فلما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه كان يفتتح خطبة العيد بالتكبير» .
وأما كون التكبير تسعاً في الأولى وسبعاً في الثانية؛ فلما روى عبيدالله بن عبدالله بن عتبة أنه قال: «من السنة أن يكبر في الأولى تسعاً وفي الثانية سبعاً» رواه سعيد.
وهذا ينصرف إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم وسنة أصحابه.
وأما كونه يحثهم في الفطر على الصدقة ويبين لهم ما يخرجون. ويرغبهم في الأضحية في الأضحى ويبين لهم حكم الأضحية فليعلم الجاهل ويذكر العالم.
قال: (والتكبيرات الزوائد والذكر بينهما والخطبتان سنة. ولا يتنفل قبل الصلاة ولا بعدها في موضعها).
أما كون التكبيرات الزوائد والذكر بينهما سنة؛ فلأن ذلك ذكرٌ بعد تكبيرة الافتتاح وقبل القراءة فكان سنة لا واجباً كالاستفتاح.
وأما كون الخطبتين سنة؛ فلأن عبدالله بن السائب قال: «شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد. فلما قضى الصلاة قال: إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس. ومن أحب أن يذهب فليذهب» (1) رواه أبو داود وابن ماجة وهو مرسل.
ولو كانت الخطبة في العيد واجبة لوجب حضورها واستماعها كخطبة العيد.
وأما كون مصلي العيد لا يتنفل قبل الصلاة ولا بعدها؛ فلما تقدم من حديث ابن عباس «أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم الفطر فصلى ركعتين لم يصل قبلها ولا بعدها» (2) متفق عليه.
(1) أخرجه أبو داود في سننه (1155) 1: 300 كتاب الصلاة، باب الجلوس للخطبة.
وأخرجه النسائي في سننه (1571) 3: 185 كتاب صلاة العيدين، التخيير بين الجلوس في الخطبة للعيدين.
وأخرجه ابن ماجة في سننه (1290) 1: 410 كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في انتظار الخطبة بعد الصلاة.
(2)
سبق تخريجه ص: 567.
وأما قول المصنف رحمه الله: في موضعها؛ فمعناه من موضع تقام فيه. صرح به أبو الخطاب.
قال: (ومن كبر قبل سلام الإمام صلى ما فاته على صفته. وإن فاتته الصلاة استحب أن يقضيها على صفتها. وعنه يقضيها أربعاً. وعنه أنه مخير بين ركعتين وأربع).
أما كون من كبر قبل سلام الإمام يصلي ما فاته على صفته؛ فلأن صلاة العيد أصل بنفسها فتدرك بإدراك التشهد كسائر الصلوات.
ولعموم قوله عليه السلام: «ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا» (2).
وأما كون من فاتته الصلاة يستحب له أن يقضيها؛ فليتدارك بذلك ما فاته.
وأما كونه يقضيها على صفتها أي على صفة أدائها على روايةٍ؛ فـ «لأن أنساً رضي الله عنه كان إذا لم يحضر العيد مع الناس جمع أهله وولده وصلى بهم ركعتين» (3).
ولأنها صلاة يتوالى فيها التكبير حال القيام، فإذا فاتت قُضيت على صفتها كصلاة الجنازة على القبر.
ولأنه قضاء صلاة فكان على صفتها كسائر الصلوات.
وأما كونه يقضيها أربعاً على روايةٍ؛ فـ «لأن ابن مسعود رضي الله عنه كان يقضيها أربعاً» (4).
(1) لم أقف عليه هكذا، وقد سبق ذكر حديث ثعلبة بن زهدم «أن عليا استخلف أبا مسعود على الناس فخرج يوم عيد فقال يا أيها الناس! إنه ليس من السنة أن يصلى قبل الإمام». ر ص:552.
(2)
سبق تخريجه ص: 459.
(3)
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (5802) 2: 4 كتاب الصلاة، الرجل تفوته الصلاة في العيد كم يصلي؟
(4)
أخرجه ابن أبي شيبة في الموضع السابق (5799) ولفظه: «من فاته العيد فليصل أربعا» .
قال أحمد: ويقوي هذا عندي ما روي عن علي رضي الله «أنه كان يستخلف على ضعفة الناس من يصلي بهم في المسجد أربعاً» (1).
ولأنها صلاة شرع لها الجمع والخطبة أشبهت صلاة الجمعة.
وأما كونه مخيراً بين ركعتين وأربع على روايةٍ؛ فلعموم أدلة الروايتين قبل.
قال: (ويسن التكبير في ليلتي العيدين وفي الأضحى. يكبر عقيب كل فريضة في جماعة. وعنه: أنه يكبر وإن كان وحده من صلاة الفجر يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق إلا المحرم فإنه يكبر من صلاة الظهر يوم النحر).
أما كون التكبير يسن في ليلتي العيدين؛ فلقوله تعالى: {ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم} [البقرة: 185].
و«كان علي رضي الله عنه يكبر حتى يسمع أهل الطريق» (2).
وأما كون التكبير في الأضحى لغير المحرم من صلاة الفجر يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق؛ [فلما روى جابر رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصبح يوم عرفة. ثم أقبل علينا. فقال: الله أكبر. ومد التكبير إلى آخر أيام التشريق» (3). رواه الأثرم.
وقيل للإمام أحمد رحمه الله: بأي حديث تذهب إلى أن التكبير من صلاة الفجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق؟ ] (4) قال: بإجماع عمر وعلي وابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم.
وأما كون المحرم يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى العصر من آخر أيام التشريق؛ فلأن المحرم قبل ذلك مشتغل بالتلبية.
(1) سبق تخريجه ص: 552.
(2)
لم أقف عليه هكذا، وقد أخرج ابن أبي شيبة عن حنش بن المعتمر «أن عليا يوم أضحى كبّر حتى انتهى إلى العيد». (5624) 1: 488 كتاب الصلاة، في التكبير إذا خرج إلى العيد.
(3)
أخرجه الدارقطني في سننه (27) 2: 49 كتاب العيدين.
(4)
ساقط من ب.
وأما كون التكبير المسنون مختصاً بمن يصلي جماعة على المذهب فـ «لأن ابن عمر رضي الله عنهما كان لا يكبر إذا صلى (1) وحده» .
وقال ابن عباس: «إنما التكبير على من صلى جماعة» رواه ابن المنذر.
ولأنه ذكر مختص بوقت العيد فاختص بالجماعة كالخطبة.
وأما كونه يسن عقيب الفريضة وإن صلى وحده على روايةٍ؛ فلأنه ذكر مشروع للمسبوق أشبه التسليمة الثانية.
قال: (وإن نسي التكبير قضاه ما لم يحدث أو يخرج من المسجد).
أما كون من نسي التكبير يقضيه ما لم يحدث أو يخرج من المسجد؛ فلأن فيه استدراكاً لما فات وتحصيلاً للمصلحة المسنونة السالمة عن معارضة ما يأتي بعد.
وأما كونه لا يقضيه إذا أحدث؛ فلأن الحدث مبطل للصلاة فالتكبير التابع لها بطريق الأولى.
وأما كونه لا يقضيه إذا خرج من المسجد؛ فلأن الفصل طال وهي سنة فات محلها.
ولأنه ذكر متصل بالصلاة فمنع الخروجُ من المسجد قضاءه كسجود السهو.
قال: (وفي التكبير عقيب صلاة العيد وجهان. وصفة التكبير شفعاً: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد).
أما كون التكبير عقيب صلاة العيد يسن في وجه. قال ابن عقيل: الأشبه بالمذهب ذلك؛ فلأنها صلاة مفروضة مؤقتة أشبهت الصلاة المفروضة.
وأما كونه لا يسن في وجه قال أبو الخطاب: وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمة الله عليه؛ فلأنها ليست فرض عين أشبهت سائر السنن.
وأما كون صفة التكبير كما ذكره المصنف رحمه الله؛ فلأن جابراً روى «أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر اثنتين» .
ولأن ابن المنذر رواه عن عمر وابن مسعود.
(1) سقط لفظ: صلى من ب.