المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الزكاة الزكاة في اللغة: النماء والزيادة، يقال: زكا الزرع إذا - الممتع في شرح المقنع - ت ابن دهيش ط ٣ - جـ ١

[ابن المنجى، أبو البركات]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الطبعة الثالثة

- ‌تقديم

- ‌المبحث الأولحياة المؤلف

- ‌حياة المؤلف:

- ‌مولده

- ‌أسرته:

- ‌نشأته وطلبه للعلم:

- ‌مصنفاته

- ‌أخلاقه وثناء العلماء عليه

- ‌تلاميذه:

- ‌وفاته:

- ‌المبحث الثانيترجمة الإمام مو فق الدين ابن قدامة

- ‌اسمه ونسبه:

- ‌مولده ونشأته:

- ‌طلبه للعلم ورحلاته:

- ‌مشايخه:

- ‌تلاميذه:

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌بلوغه درجة الاجتهاد:

- ‌أولاده:

- ‌مصنفاته:

- ‌شعره:

- ‌رثاؤه:

- ‌المبحث الثالثأهمية كتاب الممتع في شرح المقنع

- ‌المبحث الرابعمنهجه في كتاب الممتع

- ‌المبحث الخامسموارده في كتاب الممتع

- ‌المبحث السادسالنسخ الخطية للكتاب

- ‌وصف النسخ الخطية للكتاب

- ‌نماذج من المخطوطات

- ‌[مقدمة المصنف]

- ‌كتاب الطهارة:

- ‌باب المياه

- ‌فصل [في الماء الطاهر غير المطهر]

- ‌فصل [الماء النجس]

- ‌باب الآنية:

- ‌باب الاستنجاء:

- ‌باب السواك وسنة الوضوء

- ‌باب فرض الوضوء وصفته:

- ‌فصل [في صفة الوضوء]

- ‌باب مسح الخفين

- ‌باب نواقض الوضوء

- ‌باب الغَسل

- ‌فصل [في الأغسال المستحبة]

- ‌فصل في صفة الغسل

- ‌باب التيمم

- ‌باب إزالة النجاسة

- ‌باب الحيض

- ‌كتاب الصلاة

- ‌باب الأذان والإقامة

- ‌باب شروط الصلاة

- ‌باب ستر العورة

- ‌باب اجتناب النجاسات

- ‌باب استقبال القبلة

- ‌باب النية

- ‌باب صفة الصلاة

- ‌باب سجود السهو

- ‌باب صلاة التطوع

- ‌باب صلاة الجماعة

- ‌باب صلاة أهل الأعذار

- ‌باب صلاة الجمعة

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌باب صلاة الاستسقاء

- ‌كتاب الجنائز

- ‌كتاب الزكاة

- ‌باب زكاة بهيمة الأنعام

- ‌باب زكاة الخارج من الأرض

- ‌باب زكاة الأثمان

- ‌باب زكاة العروض

- ‌باب زكاة الفطر

- ‌باب إخراج الزكاة

- ‌باب ذكر أهل الزكاة

الفصل: ‌ ‌كتاب الزكاة الزكاة في اللغة: النماء والزيادة، يقال: زكا الزرع إذا

‌كتاب الزكاة

الزكاة في اللغة: النماء والزيادة، يقال: زكا الزرع إذا نمى وزاد.

وفي الشرع: عبارة عن حق يجب في المال.

وهي واجبة بالكتاب والسنة والإجماع: أما الكتاب فقوله تعالى: {أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} [البقرة: 43].

وأما السنة فقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ لما بعثه إلى اليمن: «أعلمهم أن الله قد فرض عليهم صدقةً تؤخذ من أغنيائهم فَتُرَدّ في فقرائهم» (1) متفق عليه.

وأما الإجماع؛ فلأن المسلمين أجمعوا في جميع الأعصار على وجوب الصلاة والزكاة، وأجمعت الصحابة على قتال مانعي الزكاة.

قال المصنف رحمه الله: (تجب الزكاة في أربعة أصناف من المال: السائمة من بهيمة الأنعام، والخارج من الأرض، والأثمان، وعروض التجارة).

أما كون الزكاة تجب في السائمة، وهي: التي تُرعى لا التي تُعلف من بهيمة الأنعام وهي: الإبل والبقر والغنم فلأن ابن عمر روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أيما صاحب إبل أو بقر أو غنم لم يؤد زكاتها إلا بُطح -وفي لفظ: إلا طُرح- يوم القيامة بقاعٍ قَرقرٍ تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها وأخفافها، كلما نَفِدَتْ أخراها عادت عليه أولاها» (2).

وأما كونها تجب في الخارج من الأرض، وهو: الزرع والثمر والمعدن والركاز: أما في الزرع والثمر فلقوله تعالى: {والنخلَ والزرعَ مختلفاً أُكُلُهُ والزيتون والرمان متشابهاً وغير متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده} [الأنعام: 141].

وقوله تعالى: {يا أيها الذين ءامنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض} [البقرة: 267].

(1) أخرجه البخاري في صحيحه (4090) 4: 1580 كتاب المغازي، باب بعث أبي موسى ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما إلى اليمن قبل حجة الوداع.

وأخرجه مسلم في صحيحه (19) 1: 50 كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام.

(2)

أخرجه مسلم في صحيحه (990) 2: 686 كتاب الزكاة، باب تغليظ عقوبة من لا يؤدي الزكاة، عن أبي ذر.

ص: 663

وقوله عليه السلام: «فيما سقت السماء والعيون أو كان (1) عثرياً العشر وفيما سقي بالنضح نصف العشر» (2) رواه البخاري.

وأما في المعدن والركاز فلقوله عليه السلام: «وفي المعدن الصدقة» .

وقوله: «وفي الركاز الخمس» (3).

و«لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ زكاة المعادن القَبَلِيّة من بلال بن الحارث» (4) رواه الجوزجاني.

وأما كونها تجب في الأثمان، وهي: الذهب والفضة فلقوله تعالى: {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم (5)} [التوبة: 34].

وقوله عليه السلام: «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي زكاتها إلا صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم

مختصر» (6) رواه مسلم.

وفي حديث أنس: «وفي الرقة ربع العشر» (7) رواه البخاري.

وأما كونها تجب في عروض التجارة فلقوله تعالى: {خذ من أموالهم صدقة} [التوبة: 103]، وقوله:{والذين في أموالهم حق معلوم} [المعارج: 24]، ولما روى سمرة بن جندب قال:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نخرج الصدقة مما نعد للبيع» (8) رواه أبو داود.

(1) ساقط من ب.

(2)

أخرجه البخاري في صحيحه (1412) 2: 540 كتاب الزكاة، باب العشر فيما يسقي من ماء السماء وبالماء الجاري.

(3)

سيأتي تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..

(4)

أخرجه أبو داود في سننه (3061) 3: 173 كتاب الخراج والإمارة والفيء، باب في إقطاع الأرضين.

وأخرجه مالك في الموطأ (8) 1: 213 كتاب الزكاة، باب الزكاة في المعادن.

(5)

ساقط من ب.

(6)

أخرجه مسلم في صحيحه (987) 2: 682 كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة.

(7)

أخرجه البخاري في صحيحه (1386) 2: 527 كتاب الزكاة، باب زكاة الغنم.

(8)

أخرجه أبو داود في سننه (1562) 2: 95 كتاب الزكاة، باب العروض إذا كانت للتجارة هل فيها من زكاة.

ص: 664

قال: (ولا تجب في غير ذلك. وقال أصحابنا: تجب في المتولد بين الوحشي والأهلي، وفي بقر الوحش روايتان).

أما قول المصنف رحمه الله: ولا تجب في غير ذلك؛ فمعناه غير ما تقدم ذكره من بهيمة الأنعام والخارج من الأرض والأثمان وعروض التجارة.

وأما كون الزكاة لا تجب في ذلك؛ فلما يأتي ذكره في مواضعه.

وأما مواضعه فأشياء:

أحدها: المتولد بين الوحشي والأهلي، ولا تجب الزكاة في ذلك عند المصنف لأن الإيجاب من الشرع ولم يرد بما يدل على الوجوب، ولا يصح قياسه على شيء مما تقدم.

وقال أصحابنا: تجب في ذلك؛ لأنه اجتمع فيه سببان:

أحدهما: يوجب والآخر لا يوجب فوجبت الزكاة تغليباً.

وثانيها: بقر الوحش، وفي وجوب الزكاة فيها روايتان:

إحداهما: لا تجب؛ لما ذكر في المتولد.

والثانية: تجب؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ: «خذ من كل ثلاثين من البقر تبيعاً، ومن كل أربعين مسنة» (1). ودليل عمومه وتناوله لبقر الوحش جواز استثناء ذلك منه.

قال صاحب النهاية فيها: هي المعتمدة في المذهب والمنصورة في الخلاف.

ويؤيد الأولى: أن بقر الوحش يفارق البقر الأهلية في الصورة والمقاصد لأنها لا تعد للحرث والسقي ولا تدخل في مطلق الوكالة ولا تجزئ في الهدي والأضحية ويحرم إتلافها والتعرض لها في الحرم.

وثالثها: العبيد والخيل والحمير، ولا زكاة في شيء من ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم:«ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة» (2) متفق عليه.

(1) أخرجه أبو داود في سننه (1576) 2: 101 كتاب الزكاة، باب في زكاة السائمة.

وأخرجه الترمذي في جامعه (622) 3: 19 كتاب الزكاة، باب ما جاء في زكاة البقر.

وأخرجه النسائي في سننه (2453) 5: 26 كتاب الزكاة، باب زكاة البقر.

وأخرجه ابن ماجة في سننه (1803) 1: 576 كتاب الزكاة، باب صدقة البقر.

(2)

أخرجه البخاري في صحيحه (1395) 2: 532 كتاب الزكاة، باب ليس على المسلم في عبده صدقة.

وأخرجه مسلم في صحيحه (982) 2: 675 كتاب الزكاة، باب لا زكاة على المسلم في عبده وفرسه.

ص: 665

وفي لفظ: «إلا زكاة الفطر في الرقيق» (1).

وروى أبو عبيد عن النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس في الجبهة ولا في النخة ولا في الكُسعة صدقة» (2).

والجبْهة: الخيل، والنخة: الرقيق (3)، والكُسْعَةُ: بضم الكاف الحمير (4).

ورابعها: المعلوفة من بهيمة الأنعام، ولا زكاة فيها لما يأتي في أول باب زكاة بهيمة الأنعام (5).

وخامسها: ما عدا ذلك من عقار وثياب وما أشبه ذلك ولا زكاة في شيء من ذلك لما تقدم في المتولد.

قال: (ولا تجب إلا بشروط خمسة: الإسلام، والحرية فلا تجب على كافر ولا عبد ولا مكاتب فإن ملّك السيد عبده مالاً وقلنا أنه يملكه فلا زكاة فيه، وإن قلنا لا يملكه فزكاته على سيده).

أما كون الزكاة لا تجب إلا بالشروط المذكورة؛ فلما يأتي ذكره في مواضعها.

وأما كون الإسلام من شروط وجوب الزكاة؛ فلأن الزكاة تتصف بصفات يمتنع أن يتصف بها الكافر منها: أن الأداء قربة وطاعة والكفر يضاد ذلك.

ومنها: أنه طهرة والكافر لا يطهره إلا الإسلام.

ومنها: أنه يفتقر إلى النية ولا يصح من الكافر كالصوم.

وأما كون الحرية من شروطه فلأن العبد: إما مكاتب، وذلك لا زكاة عليه لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم:«لا زكاة في مال المكاتب» (6).

وقال ابن عمر: «المكاتب عبد ما بقي عليه درهم وليس في ماله زكاة» (7)، ورواه أيضاً مرفوعاً (8).

(1) أخرجه أبو داود في سننه (1594) 2: 108 كتاب الزكاة، باب صدقة الرقيق.

(2)

أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 4: 118 كتاب الزكاة، باب لا صدقة في الخيل.

(3)

في ج: الحمير.

(4)

في ج: الرقيق.

(5)

ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..

(6)

أخرجه الدارقطني في سننه (1) 2: 108 باب ليس في مال المكاتب زكاة حتى يعتق، عن جابر.

(7)

أخرجه مالك في الموطأ (1) 2: 603 كتاب المكاتب، باب القضاء في المكاتب. بلفظ:«المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء» .

وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 10: 324 كتاب المكاتب، باب المكاتب عبد ما بقي عليه درهم.

(8)

رواه ابن قانع عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً وأعله. أفاده الحافظ ابن حجر في تلخيصه 4: 398.

وأخرجه أبو داود في سننه (3926) 4: 20 كتاب العتق، باب في المكاتب يؤدي بعض كتابته فيعجز أو يموت. عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بلفظ:«المكاتب عبد ما بقي عليه من مكاتبته درهم» .

ص: 666

وقال جابر: «ليس في مال المكاتب زكاة حتى يعتق» (1). ولا يعرف لهم مخالف فكان إجماعاً.

ولأن ملكه متزلزل لأنه بفرضية أن يعجز وهو محجور عليه لا (2) يرث ولا يورث. وهو مشغول بوفاء نجومه.

وإما عبد قن لا مال له وذلك لا زكاة عليه؛ لأنه لا مال له فلا وجه لوجوب الزكاة عليه لأن الزكاة متعلقة بالمال وهو مفقود.

وإما عبد قن ملّكه سيده مالاً فإن قلنا أنه يملكه فلا زكاة عليه ولا على السيد: أما عليه فلأن ملكه ضعيف متزلزل متعرض للزوال بأخذ سيده له، وأما على السيد فلأنه إذا لم تجب على العبد الزكاة في ملكه لكونه متزلزلاً فلأن لا تجب على السيد بطريق الأولى.

وإن قلنا أنه لا يملكه فزكاته على السيد؛ لأنه ما انتقل عنه، وهو مالك له مستجمع فيه جميع الشرائط المعتبرة أشبه المال الذي لم يملكه العبد أصلاً.

قال: (والثالث: ملك نصاب فإن نقص عنه فلا زكاة فيه إلا أن يكون نقصاً يسيراً كالحبة والحبتين).

أما كون ملك النصاب من شروط وجوب الزكاة: أما في الإبل فلقوله صلى الله عليه وسلم: «ليس فيما دون خمس ذود صدقة» (3).

(1) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 4: 109 كتاب الزكاة، باب ليس في مال المكاتب زكاة.

(2)

في ب: ولا.

(3)

أخرجه أبو داود في سننه (1558) 2: 94 كتاب الزكاة، باب ما تجب فيه الزكاة.

وأخرجه الترمذي في جامعه (626) 3: 22 كتاب الزكاة، باب ما جاء في صدقة الزرع والتمر والحبوب.

ص: 667

وأما في البقر فـ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر معاذاً أن يأخذ من البقر من كل ثلاثين تبيعاً» (1). وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ليس فيما دون ثلاثين من البقر شيء» (2).

وأما في الغنم فلقوله صلى الله عليه وسلم: «وإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة شاة واحدة فليس فيها إلا أن يشاء ربها» (3) رواه البخاري.

وأما في الزرع والثمر فلقوله صلى الله عليه وسلم: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة (4» ) (5).

وأما في المعدن فلأنه خارج من الأرض تَلحق المؤونة في إخراجه أشبه الزرع والثمر.

فإن قيل: الركاز خارج من الأرض ولا يشترط له نصاب؟

قيل: الركاز الواجب فيه ليس بزكاة على قول، ويجب فيه (6) الخمس فشبهه بالغنيمة أكثر من الزكاة، والغنيمة لا نصاب لها فكذا ما يشبهها، والمعدن الواجب فيه زكاة ومقداره مقدار زكاة الذهب والفضة فاعتبر فيه النصاب كالذهب والفضة.

وأما (7) في الذهب فلما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ليس في أقل من عشرين مثقالاً من الذهب صدقة» (8) رواه أبو عبيد.

وأما في الفضة فلقوله عليه السلام: «ليس فيما دون خمس أواق صدقة» (9) متفق عليه.

(1) سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..

(2)

لم أقف عليه مرفوعاً. وقد أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه موقوفاً على علي (9939)، وفي (9940) موقوفاً على أبي سعيد الخدري 2:364. كتاب الزكاة، من قال: إذا كانت البقر دون ثلاثين فليس فيها شيء.

(3)

أخرجه البخاري في صحيحه (1386) 2: 527 كتاب الزكاة، باب زكاة الغنم.

(4)

ساقط من ب.

(5)

سيأتي تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..

(6)

ساقط من ب.

(7)

في ب: وما.

(8)

أخرجه أبو عبيد في الأموال (1113) 370 باب فروض زكاة الذهب والورق

(9)

أخرجه البخاري في صحيحه (1340) 2: 509 كتاب الزكاة، باب ما أدي زكاته فليس بكنز.

وأخرجه مسلم في صحيحه (979) 2: 673 كتاب الزكاة.

ص: 668

وقوله في حديث عمرو بن شعيب المتقدم: «وليس فيما دون مائتي درهم صدقة» (1).

وأما في عروض التجارة فلأن الزكاة تجب في قيمتها وهي إما ذهب أو فضة وكل واحد منهما داخل فيما تقدم.

وأما كون النصاب إذا نقص نقصاً غير يسير كالدرهم (2) من نصاب الفضة، والدانق من نصاب الذهب لا زكاة فيه فلما تقدم من اشتراط ملك النصاب لوجوب الزكاة.

وأما كونه إذا نقص نقصاً يسيراً كالدانق من نصاب الفضة، والحبة والحبتين من نصاب الذهب فلأن الزكاة وجبت مواساة ونقصان ذلك لا يخل بالمواساة.

ولأن اليسير لا حكم له في أحكام كثيرة كالعمل اليسير في الصلاة، وانكشاف اليسير من العورة، والعفو عن اليسير من الدم في الصلاة، وفي نقض الوضوء فكذا يعفى عنه هنا.

قال: (وتجب فيما زاد على النصاب بالحساب إلا في السائمة).

أما كون الزكاة تجب فيما زاد على النصاب بالحساب -في غير السائمة- من الخارج من الأرض والأثمان وعروض التجارة فلعموم قوله: «هاتوا ربع عشور أموالكم» (3).

وقوله: «وفي الرقة ربع العشر» (4).

وفي لفظ: «فإذا كانت مائتي درهم ففيها خمسة دراهم وما زاد فبحساب ذلك» (5) رواه أبو داود.

ولأنه لا ضرر في التشقيص في جميع ذلك بخلاف السائمة.

(1) هو تكملة للحديث قبل السابق.

(2)

في ب: كالدراهم.

(3)

أخرجه أبو داود في سننه (1572) 2: 99 كتاب الزكاة، باب في زكاة السائمة.

(4)

سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..

(5)

أخرجه أبو داود في سننه (1573) 2: 100 كتاب الزكاة، باب في زكاة السائمة.

ص: 669

وأما كونها لا تجب في السائمة فيما زاد بالحساب فلأن النبي صلى الله عليه وسلم أوجب شيئاً في عدد ثم لم يوجب فيما زاد بحسابه ولو وجب في الزائد بحسابه لذكره.

ولأنه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ليس في الإبل شيء حتى تبلغ خمساً فإذا بلغت خمساً ففيها شاة ولا شيء في زيادتها حتى تبلغ عشراً» .

وفي آخر: «وإذا زادت الغنم على ثلاثمائة فليس فيما دون المائة شيء حتى تبلغ مائة» .

وروى أبو عبيد في غريبه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس في الأوقاص صدقة» (1). وقال: الوقص: ما بين النصابين.

وفي حديث معاذ «أنه قيل له: أمرت في الأوقاص بشيء؟ فقال: لا وسأسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله فقال: لا» (2) رواه الدارقطني.

قال: (الرابع: تمام الملك فلا زكاة في دين الكتابة ولا في السائمة الموقوفة ولا في حصة المضارب من الربح قبل القسمة على أحد الوجهين فيهما).

أما كون تمام الملك من شروط وجوب الزكاة فلأن الملك الناقص ليس نعمة كاملة والزكاة إنما وجبت في مقابلة النعمة الكاملة.

وأما كون دين الكتابة لا زكاة فيه فلأن النعمة فيه ليست كاملة لكون العبد يملك تعجيز نفسه والامتناع من الأداء.

وأما كون السائمة الموقوفة لا زكاة فيها على وجه فلأن الملك لا يثبت فيها في وجهٍ ويثبت في آخر ثبوتاً ناقصاً لا يتمكن من التصرف فيه بأنواع التصرفات.

وأما كون حصة المضارب قبل القسمة لا زكاة فيها على وجه؛ فلأنها لا تملك على وجه وتملك على آخر ملكاً ضعيفاً لأنها وقاية لرأس المال.

وأما كون السائمة الموقوفة فيها زكاة على وجه؛ فلعموم قوله عليه السلام: «في أربعين شاة شاة» (3).

(1) أخرجه أبو عبيد في غريبه 2: 244 عن معاذ بلفظ: «أنه أتي بوقص وهو باليمن فقال: لم يأمرني فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء» .

(2)

أخرجه الدارقطني في سننه (22) 2: 99 كتاب الزكاة، باب ليس في الخضروات صدقة.

(3)

أخرجه ابن ماجة في سننه (1807) 1: 578 كتاب الزكاة، باب صدقة الغنم.

ص: 670

وأما كون حصة المضارب فيها زكاة على وجه؛ فلأنها مال من الأموال حال من المانع لوجوب الزكاة فيدخل في عموم الأدلة الدالة على وجوب الزكاة في مثل ذلك.

فإن قيل: لم ثنّى المصنف رحمه الله الضمير في فيهما؟

قيل: للإشعار بأن الخلاف المذكور هنا إنما هو في السائمة الموقوفة وحصة المضارب قبل القسمة دون دين الكتابة.

قال: (ومن كان له دين على مليء من صداق أو غيره زَكّاهُ إذا قبضه لما مضى، وفي الدين على غير المليء والمؤجل والمجحود والمغصوب والضائع روايتان:

أحدهما: هو كالدين على المليء. والثاني: لا زكاة فيه.

قال الخرقي: واللقطة إذا جاء ربها زكاها للحول الذي كان الملتقط ممنوعاً منها).

أما كون من له مال على مليء من صداق وغيره يزكيه إذا قبضه لما مضى؛ فلعموم النصوص المتقدم ذكرها.

ولأنه مال تام الملك يمكن استيفاؤه فوجبت فيه الزكاة كسائر الأموال.

ولا بد أن يلحظ أن المليء بالدين مقر غير مماطل به ولا غاصب له؛ لأنه إذا لم يكن كذلك يكون ما يأتي من الخلاف.

وإنما أطلق المصنف رحمه الله ذلك وأوجب في الدين على المليء؛ اكتفاء بما يأتي.

وإنما لم يجب أداء الزكاة قبل قبض (1) الدين لأن الزكاة تجب مواساة وليس من المواساة إخراج زكاة مال لم يقبضه.

وأما كون الدين على غير المليء، والدين المؤجل، والمجحود، والمغصوب، والضائع كالدين على المليء في وجوب الزكاة وعدم وجوب أدائها قبل قبضه على روايةٍ: أما في الوجوب فلعموم الأدلة الدالة على الوجوب في مثل ذلك كقوله صلى الله عليه وسلم: «في أربعين شاة شاة» (2) وقوله: «وفي الرقة ربع العشر» (3) وما أشبه ذلك.

(1) زيادة يقتضيها السياق.

(2)

سبق تخريجه في الحديث السابق.

(3)

سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..

ص: 671

ولأنه مال تام نظراً إلى الجنس والقدر والحول فوجبت فيه الزكاة كالدين على مليء.

ولأنه لم يوجد في ذلك سوى الحيلولة من التصرف وذلك لا يمنع الزكاة كما لو أُسرَ صاحب المال أو كان المال مرهوناً.

وأما في عدم وجوب أدائها قبل قبضه فلأنه إذا لم يجب في الدين الحالّ على مليء قبل قبضه فلأن لا يجب في ذلك قبل قبضه بطريق الأولى.

وأما كونه لا زكاة فيه أصلاً على روايةٍ فلأنه يروى عن عثمان وابن عمر أنهما قالا: «لا زكاة في مال الضمان» ، ولا يعرف لهما مخالف وباقي الصور في معنى ذلك.

ولأن الزكاة وجبت في مقابلة الانتفاع بالنماء حقيقة أو مظنة بدليل أنها لا توجب في العقار وذلك مفقود هنا.

فإن قيل: ما مال الضمان؟

قيل: هو المال الموجود الذي لا يعرف مالكه موضعه.

وأما قول المصنف رحمه: قال الخرقي: واللقطة إذا جاء ربها زكاها للحول الذي كان الملتقط ممنوعاً منها؛ فتأكيد لوجوب الزكاة فيما تقدم، ولذلك قال قال (1) الخرقي: بغير واو.

ولأن ذلك تصريح في اللقطة حال ضَياعها وتنبيه على الوجوب في بقية الصور.

قال: (ولا زكاة في مال من عليه دين ينقص النصاب إلا في المواشي والحبوب في إحدى الروايتين).

أما كون مال من (2) عليه دين ينقص النصاب إذا كان غير المواشي والحبوب كالأموال الباطنة من الذهب والفضة وعروض التجارة والمستخرج من المعدن لا زكاة

(1) ساقط من ب.

(2)

ساقط من ب.

ص: 672

فيه فلما روى السائب بن يزيد قال: سمعت عثمان بن عفان يقول: «هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليقضه وليزك بقية ماله» (1) رواه سعيد.

قال عثمان ذلك بمحضر من الصحابة ولم ينكروه فكان إجماعاً.

وروى نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان لرجل ألف درهم وعليه ألف درهم فلا زكاة عليه» .

و«لأنه صلى الله عليه وسلم أمر بأخذ الصدقة من الأغنياء» (2) ومن عليه دين فقير بدليل أنه يجوز له أن يأخذ من الصدقة لوفاء دينه.

وأما كون مال من عليه دين ينقص النصاب إذا كان المواشي والحبوب والثمار -وتسمى الأموال الظاهرة- لا زكاة فيه في رواية فلما تقدم في الأموال الباطنة.

وأما كونه فيه الزكاة في رواية فـ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث سعاته إلى أرباب الأموال الظاهرة فيأخذون زكاتها على الكره والرضى» ، وكذلك الأئمة بعده ولم يسألوا أربابها عن الدين، ولم يكن هو والخلفاء بعده يفعلون ذلك في الأموال الباطنة فوجب حمل كلام عثمان على الأموال الباطنة جمعاً بينه وبين فعل سعاته صلى الله عليه وسلم وفعل الخلفاء بعده.

ولأن الأموال الظاهرة تعلق بها أطماع الفقراء، والحاجة إلى تحصينها وحفظها أوفر بخلاف الباطنة.

وفي قول المصنف رحمه الله: دين ينقص النصاب؛ إشارة إلى أن الدين الذي يمنع وجوب الزكاة هو الذي ينقص النصاب؛ كمن عليه دين خمسة دراهم وله مائتا درهم، وتنبيه على أنه إذا كان له مثل ما عليه من الدين لا زكاة عليه؛ لأنه إذا منع ما ينقص النصاب به فلأن يمنع ما يقابله بجملته بطريق الأولى.

(1) أخرجه مالك في الموطأ (17) 1: 216 كتاب الزكاة، باب الزكاة في الدين.

وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 4: 148 كتاب الزكاة، باب الدين مع الصدقة.

(2)

أخرجه البخاري في صحيحه (4090) 4: 1580 كتاب المغازي، باب بعث أبي موسى ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما إلى اليمن قبل حجة الوداع.

وأخرجه مسلم في صحيحه (19) 1: 50 كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام.

ص: 673

قال: (والكفارة كالدين في أحد الوجهين).

أما كون الكفارة كالدين في منع وجوب الزكاة في وجهٍ فلأنها دين يجب قضاؤه أشبه دين الآدمي يؤيده قول النبي صلى الله عليه وسلم: «دين الله أحق أن يقضى» (1).

وأما كونها لا تمنع وجوب الزكاة في وجهٍ فلأن الزكاة آكد لتعلقها بالعين على اختلاف.

ولأن دين الآدمي تتوجه المطالبة به بخلاف دين الله من الكفارة.

ولأن الكفارة بالمال لها بدل وهو الصوم بخلاف الزكاة.

قال: (الخامس: مضي الحول شرط إلا في الخارج من الأرض، فإذا استفاد مالاً فلا زكاة فيه حتى يتم عليه الحول إلا نتاج السائمة وربح التجارة فإن حولهما حول أصلهما إن كان نصاباً وإن لم يكن نصاباً فحوله من حين كمل النصاب).

أما كون مضي الحول من شروط وجوب الزكاة في غير الخارج من الأرض فلقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول» (2) رواه الترمذي وابن ماجة.

ولأن الزكاة إنما تجب في مال تام فوجب أن يعتبر له الحول ليكمل النماء فيه فيواسي من نمائه.

وأما كونه غير شرط في الخارج من الأرض وهو الحبوب والثمار والركاز والمعدن: أما في الحبوب والثمار فلأن الله تعالى أمر بالإيتاء يوم الحصاد فقال: {وآتوا حقه يوم حصاده} [الأنعام: 141] وذلك ينفي اعتبار الحول.

(1) أخرجه البخاري في صحيحه (1852) 2: 690 كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم.

وأخرجه مسلم في صحيحه (1148) 2: 804 كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت.

(2)

أخرجه الترمذي في جامعه (631) 3: 25 كتاب الزكاة، باب ما جاء لا زكاة على المال المستفاد حتى يحول عليه الحول.

وأخرجه ابن ماجة في سننه (1792) 1: 571 كتاب الزكاة، باب من استفاد مالاً. قال في الزوائد: إسناده ضعيف لضعف حارثة بن محمد، وهو ابن أبي الرَجّال. قال السندي: قلت: لفظه «من استفاد مالاً فلا زكاة عليه حتى يحول عليه الحول» رواه ابن عمر مرفوعاً بإسناد فيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم. وقال: وهو ضعيف في الحديث كثير الغلط. ضعفه غير واحد. ورواه عنه موقوفاً. وقال: هذا أصح. ورواه غير واحد موقوفاً.

ص: 674

وأما في الركاز والمعدن فلأن الحول يراد لتكامل النماء وبوجودهما يحصل النماء فلم يشترط لهما الحول كالحبوب والثمار.

وأما كون المستفاد غير النتاج وربح التجارة كالمستفاد بإرث أو عقد من هبة ونحوها لا زكاة فيه حتى يتم عليه الحول فلأن عموم قوله صلى الله عليه وسلم: «لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول» (1) يدل عليه.

وروي عنه صلى الله عليه وسلم: «ليس في المستفاد زكاة حتى يحول عليه الحول» (2) رواه الترمذي. وقال: روي موقوفاً على ابن عمر وهو أصح.

ولأنه أصلٌ في نفسه تجب الزكاة في عينه فوجب أن لا يعتبر حوله بغيره قياساً على ما لو استفاده ولا مال له.

وأما كون نتاج سائمته حوله حول أصله إن كان (3) الأصل نصاباً فلقول عمر رضي الله عنه: «اعتد عليهم بالسخلة ولا تأخذها منهم» (4) رواه مالك في الموطأ.

وعن علي أنه قال: «عد عليهم الصغار والكبار» . ولا يعرف لهما مخالف.

ولأن الغنم تختلف أوقات ولادتها فإفراد كل سخلة يشق فيجعل تبعاً للأمهات.

ولأنها تابعة لها حقيقة في الملك فتتبعها في الحول.

وأما كون ربح تجارته في ذلك مثل نتاج سائمته فلأنه مثله في كونه تبعاً للأصل وفي عدم ضبط حوله فوجب أن يلحق به.

وأما كون حول ذلك من حين كمل النصاب إذا لم يكن الأصل نصاباً فلأن الأصل لا تجب فيه الزكاة فيما تجب فيه الزكاة لنقصانه عن النصاب فانتفت التبعية قبل الكمال فإذا كمل النصاب اعتبر الحول حينئذ لأنه حينئذ يتحقق فيه التبعية لما وجبت فيه الزكاة.

(1) سبق تخريجه في الحديث السابق.

(2)

أخرجه الترمذي في جامعه (631) مرفوعاً، و (632) موقوفاً 3: 25 كتاب الزكاة، باب ما جاء لا زكاة على المال المستفاد حتى يحول عليه الحول.

(3)

ساقط من ب.

(4)

أخرجه مالك في الموطأ (26) 1: 223 كتاب الزكاة، باب ما جاء فيما يعتد به من السخل في الصدقة.

ص: 675

قال: (وإن ملك نصاباً صغاراً انعقد عليه الحول حين ملكه، وعنه: لا ينعقد حتى يبلغ سناً يجزئ مثله في الزكاة).

أما كون الحول ينعقد حين ملكه ذلك على المذهب فلأن الصغار إذا حال عليها حول من حين ملكها تدخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم: «في أربعين شاة شاة» (1) لأن الشاة تقع على الكبير والصغير.

ولأن الصغير كالكبير في ذلك لقوله عليه السلام لساعيه: «عد عليهم صغيرها وكبيرها» .

ولأن أبا بكر رضي الله عنه قال: «لو منعوني عَناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم» (2)، والعَناق: لا تجب في الكبار.

وأما كونه لا ينعقد حتى يبلغ سناً يجزئ مثله في الزكاة على روايةٍ فلأن مصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أمرني أن لا آخذ من راضع شيئاً، إنما حقنا في التبيعة والجذعة» (3).

قال: (ومتى نقص النصاب في بعض الحول أو باعه أو أبدله بغير جنسه انقطع الحول إلا أن يقصد بذلك الفرار من الزكاة عند قرب وجوبها فلا تسقط، وإن أبدله بنصاب من جنسه بنى على حوله، ويتخرج أن ينقطع).

أما كون الحول ينقطع بنقصان النصاب في بعض الحول فلأنه يصدق عليه أنه مال لم يحل عليه الحول لأن الحول على شيء يجب أن يكون حائلاً عليه بكماله. والمراد بنقص النصاب في بعض الحول نقصان النصاب في زمن كبير من الحول فلو كان الزمن يسيراً كالساعة والساعتين لم يؤثر. وذكر المصنف رحمه الله في المغني ذلك ونسبه إلى

(1) سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..

(2)

أخرجه البخاري في صحيحه (6855) 6: 2657 كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه مسلم في صحيحه (20) 1: 51 كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله محمد رسول الله.

(3)

لم أجده هكذا. وقد أخرج أبو داود نحوه عن سويد بن غفلة قال: سرت أو قال: أخبرني من سار مع مصدق النبي صلى الله عليه وسلم فإذا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أن لا تأخذ من راضع لبن» (1579) 2: 102 كتاب الزكاة، باب في زكاة السائمة.

ص: 676

أبي بكر وعلله بأن اليسير معفو عنه فلم يؤثر كسائر ما تقدم ذكره في نقصان النصاب من الحبة والحبتين. ولم يفرق أبو بكر بين كون النقص في وسط الحول أو طرفه. وظاهر كلام القاضي أن اليسير في وسط الحول مؤثر.

وأما كونه ينقطع إذا باعه أو أبدله بغير جنسه كما لو باع أربعين من الغنم بعشرين ديناراً أو مائتي درهم بثلاثين من البقر ولم يقصد الفرار من الزكاة فلأن كل واحد من المالين لم يحل عليه حول فيدخل في قوله صلى الله عليه وسلم: «لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول» (1).

وأما كونه لا ينقطع الحول إذا قصد بالبيع أو الإبدال الفرار فلأن الله تعالى ذم من تعرض لإسقاط الزكاة فوجب أن لا تسقط.

ولأنه قصد الفرار من زكاة فعورض بنقيض قصده كالقاتل.

وأما قول المصنف رحمه الله: عند قرب وجوبها؛ فإشارة إلى أن ذلك مظنة قصد الفرار. بخلاف ما إذا باعها في أول الحول أو نصفه فإن المظنة هناك منتفية أو بعيدة.

وأما كون من أبدل النصاب بنصاب من جنسه يبني على حوله على المذهب؛ فلأنه نصاب يُضم إليه نماؤه في الحول فبني حول بدله من جنسه على حوله كالعروض.

وأما كونه يتخرج أن ينقطع فلأن كل واحد منهما لم يحل عليه الحول.

قال: (وإذا تم الحول وجبت الزكاة في عين المال، وعنه: تجب في الذمة).

أما كون الزكاة إذا تم الحول تجب في عين المال على المذهب فلقوله عليه السلام: «في كل أربعين شاة شاة» (2)، و «فيما سقت السماء العشر» (3) وغير ذلك من الألفاظ الواردة بحرف "في" المقتضي للظرفية.

وأما كونها تجب في الذمة على روايةٍ فلأنه يجوز إخراجها من غير النصاب أشبه صدقة الفطر.

(1) سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..

(2)

سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..

(3)

سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..

ص: 677

ولأنها لو وجبت فيه لامتنع تصرف المالك فيه بدون إذن الفقير، وَلَتَمكن الفقير من إلزامه أداء الزكاة من عين المال، ولسقطت بتلف المال من غير تفريط.

قال: (ولا يعتبر في وجوبها إمكان الأداء، ولا تسقط بتلف المال، وعنه: أنها تسقط إذا لم يفرط).

أما كون وجوب الزكاة لا يعتبر فيه (1) إمكان الأداء فلأن الزكاة حق للفقير فلم يعتبر فيه إمكان الأداء كالدين للآدمي فإنه تجب له على من هو عليه أمكنه الأداء أو لا.

ولأن قوله صلى الله عليه وسلم: «لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول» (2) يدل بمفهومه على الوجوب بعد الحول أمكن الأداء أو لا.

وأما كونها لا تسقط بتلف المال إذا فرط مثل أن يتمكن من الإخراج ولم يفعل فلأنه مفرط متعد بفعله فوجب أن لا يسقط ما وجب عليه كما لو أتلف هذا المال، والجامع بينهما الاشتراك في التعدي.

وأما كونها لا تسقط إذا لم يفرط مثل أن لا يجد من يدفع ذلك إليه على المذهب فلأن الزكاة حق آدمي أو مشتملة عليه فلا تسقط بعد وجوبها وإن لم يفرط كدين الآدمي.

وأما كونها تسقط على روايةٍ فلأنه معذور حيث لم يجد من يدفع إليه.

ولأنه إذا لم يتمكن من الأداء تكون الزكاة في يده أمانة فلم يضمنها كالوديعة وسائر الأمانات.

(1) زيادة يقتضيها السياق.

(2)

سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..

ص: 678

قال: (وإذا مضى حولان على نصاب لم يؤد زكاتهما فعليه زكاة واحدة إن قلنا تجب في العين، وزكاتان إن قلنا تجب في الذمة. إلا ما كان زكاته الغنم من الإبل فإن عليه لكل حول زكاة. وإن كان أكثر من نصاب فعليه زكاة جميعه لكل حول إن قلنا تجب في الذمة وإن قلنا تجب في العين نقص من زكاته كل حول بقدر نقصه بها).

أما كون من مضى على نصاب له حولان لم يؤد زكاتهما عليه زكاة واحدة إذا قيل تجب في العين ولم تكن زكاته الغنم من الإبل فلأن المال حينئذ يعتبر ناقصاً عن النصاب لتعلق حق الفقراء بشاة منه فلا يجب فيه للحول الثاني زكاة لنقصانه فلم يبق إلا زكاة الحول الأول.

وأما كونه عليه زكاتان إذا قيل الزكاة تجب في الذمة فلأن المال نصاب كامل في الحولين فتجب لكل حول زكاة.

وأما كونه عليه لكل حول زكاة فيما إذا كانت زكاته الغنم من الإبل سواء قيل تجب في العين أو في الذمة فلأن الزكاة متى كانت من غير جنس المال لا تجب في العين البتة فإذاً لا ينقص النصاب في الحولين وإذا لم ينقص واحد منهما وجب لكل واحد زكاته لوجود المقتضي للوجوب السالم عن معارضة النقص (1).

وقال صاحب المستوعب فيه: الحكم في ذلك كالحكم في الأول لأن النقص (2) حكمي فلم تعتبر المماثلة فيه.

وأما كونه عليه زكاة جميع المال لكل حول إذا كان أكثر من نصاب، وقيل: الزكاة تجب في الذمة فلأن الزكاة إذا وجبت في الذمة لم تتعلق بشيء من المال فإذا حال عليه حولان وجبت زكاة جميعه لكل حول.

وأما كونه ينقص من زكاته كل حول بقدر نقصه بها إذا قيل تجب في العين فلأن الزكاة إذا وجبت في العين نقص من المال مقدار الزكاة لتعلقها بالعين فوجب أن لا

(1) في ب: النص.

(2)

مثل السابق.

ص: 679

تجب فيه زكاة لكونه مستحقاً للفقراء وإذا لم تجب الزكاة في مقدار ذلك وجب أن ينقص من الجميع مقدار زكاة النقص الذي تعلقت به الزكاة.

فإن قيل: ما مثال ذلك؟

قيل: مثاله أن يكون له أربعمائة درهم.

فإن قيل: الزكاة تجب في الذمة فالواجب في الحولين عشرون، وإن قيل: تجب في العين فالواجب تسعة عشر درهماً ونصف درهم وربع درهم؛ لأنه تعلق قدر الواجب في الحول الأول بالمال في الحول الثاني فينقص عشرة ويبقى ثلاثمائة وتسعون درهماً زكاتها ما تقدم.

فإن قيل: قول المصنف رحمه الله يدل على أن النقص يعم الحولين لأنه قال: كل حول؟

[قيل: مراده](1) بعد الأول لأن الأول لما حال لم يكن قبل ذلك وجب شيء حتى ينقص بقدره على القول بالوجوب في العين.

قال: (وإذا مات من عليه الزكاة أخذت من تركته، فإن كان عليه دين اقتسموا بالحصص).

أما كون من مات وعليه الزكاة يؤخذ من تركته فلقوله صلى الله عليه وسلم: «فدين الله أحق بالقضاء» (2).

ولأنه حق واجب تصح الوصية به فلم يسقط بالموت كدين الآدمي.

وأما كون مستحق الزكاة والدين يقتسمون بالحصص فلأن كل واحد من الزكاة والدين واجب فوجب أن تقسم التركة بين مستحقيها كدين الآدميين (3).

فعلى هذا لو كانت الزكاة خمسة دراهم والدين عشرين قسمت التركة بينهما أخماساً.

فإن قيل: القول المذكور عام فيما إذا قيل الزكاة تجب في الذمة أو في العين؟

(1) ساقط من ب.

(2)

أخرجه البخاري في صحيحه (1852) 2: 690 كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم.

وأخرجه مسلم في صحيحه (1148) 2: 804 كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت.

(3)

في ب: آدميين.

ص: 680

قيل: في المسألة غير الذي ذكره المصنف رحمه الله هنا وجهان:

أحدهما: تقدم الزكاة على الدين ومستندها تعلقها بالعين لأنها إذا تعلقت بالعين صارت بمنزلة صاحب الدين الذي له به رهن وصاحب الدين الذي لا رهن له، ومتى اجتمع شخصان أحدهما له رهن والآخر لا رهن له ولم تف التركة بدينهما فإنه يقدم دين من له رهن.

والوجه الثاني: يقدم دين الآدمي لأن حقه مبني على الشح بخلاف حق الله تعالى.

ويمكن الجواب عن هذا أيضاً بأن الزكاة حق آدمي أو مشتملة على حق آدمي.

ص: 681