الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الأذان والإقامة
الأذان (1) في اللغة: الإعلام. قال الله تعالى: {وأذان من الله ورسوله} [التوبة: 3] أي وإعلام. وقال تعالى: {فقل آذنتكم على سواء} [الأنبياء: 109] أي أعلمتكم فاستوينا في العلم.
قال الشاعر (2):
آذَنَتْنَا بِبَيْنِها أسماءُ
…
رب ثاوٍ يَمَلُّ منه الثَّواءُ
وقال الحطيئة (3):
أَلَا إنّ ليْلى آذَنَتْ بِقُفُولٍ
…
وما آذَنَتْ ذا حَاجَةَ برَحِيلِ
وفي الشرع: [هو](4) الإعلام بدخول الوقت للصلاة.
يقال: أذّن يُؤذن أذاناً وتأذيناً أي أعلم الناس بدخول الوقت للصلاة. وشُدد للمبالغة والتكثير؛ لأن المؤذن يكرر الشهادتين.
والإقامة في اللغة: الإدامة. ومنه قوله تعالى: {ويقيمون الصلاة} [البقرة: 3] أي ويديمون فعلها.
وفي الشرع هنا: إعلام الحاضرين بقيام الصلاة ليقوموا فيصطفوا.
والأصل في الأذان قوله تعالى: {يا أيها الذين ءامنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة} [الجمعة: 9]، ، وقوله تعالى:{وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزواً ولعبا} [المائدة: 58]، ، وقوله صلى الله عليه وسلم:«لو يعلم الناس ما في النداء ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه» (5) رواه البخاري.
(1) سقط عنوان الباب من ب.
(2)
ديوانه بتحقيق: د. أميل بديع يعقوب، ص 19.
(3)
ديوانه بشرح ابن السكيت والسكري والسجستاني، تحقيق: نعمان أمين طه، ص 5.
(4)
زيادة من ج.
(5)
أخرجه البخاري في صحيحه (624) 1: 233 كتاب الجماعة والإمامة، باب الصف الأول.
وأخرجه مسلم في صحيحه (437) 1: 325 كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف كلاهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
قال المصنف رحمه الله: (وهما مشروعان للصلوات الخمس دون غيرها. للرجال دون النساء).
أما كون الأذان والإقامة مشروعين للصلوات الخمس للرجال؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُؤذن له للصلوات الخمس وتقام سفراً وحضراً.
وأما كونهما غير مشروعين في غير الصلوات الخمس؛ فلأن ذلك لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما كونهما غير مشروعين للنساء؛ فلأنهما مشروعان للإعلام. يسن فيهما رفع الصوت ورفع الصوت مكروه للنساء لأن صوتهن عورة.
وقد روى النجاد بإسناده عن أسماء قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ليس على النساء أذان ولا إقامة ولا جمعة
…
مختصر» (1).
قال: (وهما فرض على الكفاية. إن اتفق أهل بلد على تركهما قاتلهم الإمام).
أما كون الأذان فرضاً على الكفاية؛ فلما روى مالك بن الحويرث قال: «أتينا النبي صلى الله عليه وسلم فأقمنا عنده عشرين يوماً. وكان رحيماً رفيقاً. فظن أننا قد اشتقنا إلى أهلنا. فقال: ارجعوا إلى أهلكم. وليؤذن أحدكم وليؤمكم أكبركم» (2) متفق عليه.
أمر أحدهم بالأذان فظاهر الأمر الوجوب فيكون ذلك فرضاً على الكفاية للإجماع على أنه ليس فرضاً على الأعيان.
(1) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 1: 408 ذكر جماع أبواب الأذان والإقامة، باب ليس على النساء أذان ولا إقامة.
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه (653) 1: 242 كتاب الجماعة والإمامة، باب إذا استووا في القراءة فليؤمهم أكبرهم.
وأخرجه مسلم في صحيحه (674) 1: 465 كتاب المساجد، باب من أحق بالإقامة.
وقد روى أبو الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من ثلاثة لا يُؤذن ولا يُقام فيهم إلا استحوذ عليهم الشيطان» (1) رواه البخاري.
ولأن الأذان من شعائر الإسلام أشبه الجهاد.
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم واظب عليه سفراً وحضراً ولو كان ذلك غير واجب لبين حكمه بالترك ولو مرة.
وأما كون الإقامة فرضاً على الكفاية؛ فلأنها كأذان معنى فوجب أن تكون كالأذان حكماً.
وعن الإمام أحمد أنها سنة؛ لما روى الأثرم بإسناده عن علقمة والأسود قالا: «دخلنا على عبدالله فقام فصلى بلا أذان ولا إقامة» (2).
و«لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمسيء في صلاته: إذا أدركتَ الصلاة فأحسن الوضوء. ثم استقبل القبلة فكبر» (3). ولم يأمره بأذان ولا إقامة.
والصحيح الأول لما ذكر.
وحديث المسيء يدل على أن الأذان والإقامة ليسا ركناً ولا شرطا لأن النبي صلى الله عليه وسلم بين له الأركان والشرائط ونحن نقول به. وذلك لا ينفي كونهما فرضين على الكفاية.
فإن قيل: ذلك يختص أهل البلدان أم يعم البلدان والقرى والصحراء جماعة وفرادى؟
قيل: يختص أهل البلدان. ذكره القاضي؛ لأنها هي المواضع التي يقصد فيها شعائر الإسلام غالباً. وتختص الجماعة بذلك.
(1) أخرجه أبو داود في سننه (547) 1: 150 كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة، ولفظه:«ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان فعليك بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية» .
وأخرجه النسائي في سننه (847) 2: 106 كتاب الإمامة، التشديد في ترك الجماعة، نحوه.
وأخرجه أحمد في مسنده (21758) 5: 196، نحوه. ولم أره عند البخاري.
(2)
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 1: 406 ذكر جماع أبواب الأذان والإقامة، باب الاكتفاء بأذان الجماعة وإقامتهم.
(3)
حديث المسيء في صلاته: أخرجه البخاري في صحيحه (724) 1: 263 كتاب صفة الصلاة، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها، في الحضر والسفر.
وأخرجه مسلم في صحيحه (397) 1: 298 كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة
…
، كلاهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وقيل: يعم ما ذكر.
وهو الصحيح من المذهب لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤذن له ويقام سفراً وحضراً.
ويكفي أذان واحد لجميع أهل البلد الصغير والمحلة الكبيرة إذا كان يسمعهم جميعهم؛ لأن الغرض إسماعهم. وذلك حاصل بما ذكر.
وأما كون الإمام يُقاتل أهل بلد اتفقوا على تركهم الأذان والإقامة؛ فلأنهم تركوا ما هو من شعائر الإسلام الظاهرة. فكان للإمام أن يقاتلهم؛ كما لو تركوا الجهاد.
وظاهر كلام المصنف رحمه الله هنا أن ما ذكر مرتب على القول بفرضهما على الكفاية لأنه قال: وهما فرض على الكفاية إن اتفق أهل بلد. وهو ظاهر كلامه في المغني أيضاً؛ لأنه حكى أنهما فرض كفاية. ثم قال: فعلى هذا إذا قام به قوم سقط عن الباقين. فإن اتفق أهل بلد على تركهما قاتلهم الإمام. فعلى هذا يكون قتال الإمام لهم لتركهم الواجب كقتال مانعي الزكاة.
وقال صاحب النهاية فيها: سواء قلنا أنهما سنة أو واجب متى اتفق أهل بلد على تركهما قاتلهم الإمام لأنهما من أعلام الدين الظاهرة فلا يرخص في تعطيلهما لأن الشعائر المستمرة الظاهرة في الشريعة لو خلا منها قطرٌ لتبادر الخلق بالإنكار والاستنكار.
قال: (ولا يجوز أخذ الأجرة عليهما في أظهر الروايتين. فإن لم يوجد متطوع بهما رَزق الإمامُ من بيت المال من يقوم بهما).
أما كون أخذ الأجرة على الأذان لا يجوز في أظهر الروايتين؛ فلما روى عثمان بن أبي العاص أنه قال: «إن آخر ما عهد إلي النبي صلى الله عليه وسلم أن اتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً» (2). قال الترمذي: حديث حسن.
(1) أخرجه البخاري في صحيحه (584) 1: 221 كتاب الأذان، باب رفع الصوت بالنداء.
(2)
أخرجه أبو داود في سننه (531) 1: 146 كتاب الصلاة، باب أخذ الأجر على التأذين.
وأخرجه الترمذي في جامعه (209) 1: 409 أبوب الصلاة، باب ما جاء في كراهية أن يأخذ المؤذن أجراً.
وأخرجه أحمد في مسنده (16314) 4: 21.
ولأنه يقع قربة لفاعله أشبه الإمامة.
وأما كونه يجوز على روايةٍ؛ فلأن فعله عمل معلوم يجوز أخذ الرزق عليه [فجاز أخذ الأجرة عليه](1) كسائر الأعمال.
والأولى أصح؛ لأن دليل الثانية قياس مع وجود النص وذلك فاسد.
وأما كون أخذ الأجرة على الإقامة لا يجوز ففيه الروايتان المذكورتان لأنها كالأذان معنى فكذا يجب أن تكون حكماً.
وأما كون الإمام يَرزق من بيت المال من يقوم بهما إذا لم يوجد متطوع بهما؛ فلأن الحاجة داعية إليه فجاز إعطاء الرزق عليه كالجهاد.
وتقييد المصنف رحمه الله رزق الإمام بعدم وجدان متطوع مشعر بأنه إذا وجد متطوع بهما لم يرزقه من بيت المال. وهو صحيح لأن بيت المال مُرْصَدٌ للمصلحة ولا مصلحة في الرزق مع وجدان المتطوع فلا يفعل لعدم المصلحة.
قال: (وينبغي أن يكون المؤذن صَيِّتاً أميناً عالماً بالأوقات).
أما كون المؤذن ينبغي أن يكون صيتاً فـ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبدالله: ألقه على بلال فإنه أندى صوتاً» (2).
ولأنه أبلغ في الإعلام المقصود بالأذان.
وأما كونه ينبغي أن يكون أميناً؛ فلأنه يحتاج إلى ذلك لكونه يُؤمَن على الأوقات، وعلى الكف عن النظر إلى الجيران.
وأما كونه ينبغي أن يكون عالماً بالأوقات فليتمكن من الأذان في أول الأوقات.
قال: (فإن تشاح فيه نفسان قدم أفضلهما في ذلك. ثم أفضلهما في دينه وعقله. ثم من يختاره الجيران، فإن استويا أقرع بينهما).
أما كون أفضل المؤذنيْن في ذلك -أي في الصوت والأمانة والعلم بالأوقات- يقدم إذا تشاحا؛ فـ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم قدم بلالاً على عبدالله لكونه أندى صوتاً منه» (3). والأمران الآخران في معناه.
(1) زيادة من ج.
(2)
سوف يأتي تخريجه ص: 269 من حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه.
(3)
سبق تخريجه في الحديث قبل السابق.
وأما كون أفضلهما في دينه وعقله يقدم؛ فلأنه إذا قدم بالأفضل في الصوت؛ فلأن يقدم بالأفضل في ذلك بطريق الأولى؛ لأن مراعاة الدين والعقل أولى من مراعاة الصوت لأن ضرر فقد الدين أو العقل شديد؛ لأنه يتعدى إلى رؤية الجيران وغير ذلك بخلاف ضرر فَقْدِ حسن الصوت؛ فلأنه لا يؤدي إلى ذلك.
وأما كون من يختاره الجيران يقدم بعد ما تقدم ذكره؛ فلأنهم أعلم بمن يبلغهم صوته ولا ينظر إلى حريمهم ويكف عن عوراتهم فاعتبر اختيارهم ورجح به كالإمامة.
وأما كونهما يقرع بينهما إذا استويا؛ فلقوله صلى الله عليه وسلم: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه» (1) متفق عليه.
و«لأنه لما تشاح الناس يوم القادسية في الأذان فاختصموا إلى سعد أقرع بينهم» (2).
فإن قيل: ظاهر كلام المصنف رحمه الله يقتضي تقديم من يختاره الجيران على القرعة.
قيل: في ذلك روايتان.
إحداهما: هو كذلك؛ لما ذكر قبل.
والثانية: يقدم من خرجت له القرعة لأن القرعة تزيل الإبهام وتجعل من خرجت له كالمستحق المتعين.
قال: (والأذان خمس عشرة كلمة. لا ترجيع فيه. والإقامة إحدى عشرة كلمة. فإن رجع في الأذان أو ثنى الإقامة فلا بأس. ويقول في أذان الصبح: الصلاة خير من النوم مرتين).
أما كون الأذان خمس عشرة كلمة، والإقامة إحدى عشرة كلمة؛ فلما روى عبدالله بن زيد قال: «لما أَمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناقوس يُعمل لجمع الناس للصلاة وهو كاره لموافقة النصارى. طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوساً. فقلت له: يا
(1) أخرجه البخاري في صحيحه (590) 1: 222 كتاب الأذان، باب الاستهمام في الأذان.
وأخرجه مسلم في صحيحه (437) 1: 325 كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها وفضل الأول فالأول منها، والازدحام على الصف الأول، كلاهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 1: 428 - 429 كتاب الصلاة، باب الاستهام على الأذان.
وعلقه البخاري في صحيحه 1: 222 كتاب الأذان، باب الاستهام في الأذان. ولفظه: ويذكر: أن أقواماً اختلفوا في الأذان، فأقرع بينهم سعد.
عبدالله! ألا تبيع الناقوس؟ قال: وما تصنع به؟ قلت: ندعو به إلى الصلاة. فقال: ألا أدلك على ما هو خير من ذلك. فقلت له: بلى. قال: تقول: الله أكبر الله أكبر. الله أكبر الله أكبر. أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله. أشهد أن محمداً رسول الله أشهد أن محمداً رسول الله. حي على الصلاة حي على الصلاة. حي على الفلاح حي على الفلاح. الله أكبر الله أكبر. لا إله إلا الله. ثم استأخر عني غير بعيد. قال: ثم تقول إذا أقمت الصلاة: الله أكبر الله أكبر. أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمداً رسول الله. حي على الصلاة حي على الفلاح. قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة. الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله. فلما أصبحت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما رأيت. قال: إنها رؤيا حق إن شاء الله. فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت. فليؤذن به فإنه أندى صوتاً منك. قال: فجعلت أُلقيه عليه ويؤذن به. فسمع عمر ذلك وهو في بيته. فخرج يجر رداءه. فقال: يا رسول الله! والذي بعثك بالحق لقد رأيتُ مثل الذي رأى. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحمد لله» (1) رواه أبو داود.
وذكر الترمذي آخره بهذا الطريق. وقال: حديث عبدالله بن زيد حديث حسن صحيح.
فإن قيل: ما معنى هذه (2) الكلمات؟ .
قيل: معنى حي على الصلاة أقبلوا إلى الصلاة.
وقيل: أسرعوا.
ومعنى الفلاح البقاء لأن المصلي يدخل الجنة إن شاء الله فيبقى فيها ويخلد.
وقيل: هو الرشد والخير. وطَالِبُهُما مفلح لأنه يصير إلى الفلاح.
وقيل: هو إدراك الطلب والظفَر.
وأما كون الأذان لا ترجيع فيه. وهو: أن يُكرر لفظ الشهادتين يَخفض بهما صوته. ثم يرفعه؛ فلأن أذان عبدالله لا ترجيع فيه.
(1) أخرجه أبو داود في سننه (499) 1: 135 كتاب الصلاة، باب كيف الأذان.
وأخرجه الترمذي في جامعه (189) 1: 385 أبواب الصلاة، باب ما جاء في بدء الأذان.
وأخرجه أحمد في مسنده (16524) 4: 43.
(2)
في ب: هذا.
وأما كون المؤذن إذا رجَّع في الأذان لا بأس فـ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم علم أبا محذورة الأذان مُرَجّعاً» (1). رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
قيل لأحمد رحمة الله عليه: حديث أبي محذورة بعد فتح مكة. قال: أليس قد رَجَع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وأقر بلالاً على أذانه. أشار الإمام أحمد رحمة الله عليه إلى ترجيح أذان بلال من حيث إنه مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإن أذانه آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما كونه إذا ثنى الإقامة. وهو: أن يقيم كما يؤذن بزيادة قد قامت الصلاة مرتين لا بأس؛ فلأن في حديث عبدالله بن زيد في بعض طرقه «أنه أقام مثل أذانه» (2) رواه أبو داود.
وأما قول المصنف رحمه الله: فلا بأس؛ فمشعر بأن الأولى أن لا يرجع الأذان ولا يثني الإقامة. وهو صحيح لأن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يفعل ذلك في أذانه ولا في إقامته.
وفي الحديث: «أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالاً أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة» (3) متفق عليه.
وروى ابن عمر [قال](4): «كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين مرتين والإقامة واحدة. غير أن المؤذن كان إذا قال: قد قامت الصلاة قالها مرتين» (5).
(1) أخرجه الترمذي في جامعه (191) 1: 366 أبواب الصلاة، باب ما جاء في الترجيع في الأذان.
(2)
أخرجه أبو داود في سننه (506) 1: 138 كتاب الصلاة، باب كيف الأذان، ولفظه: «
…
فأذن ثم قعد قعدة ثم قام فقال مثلها إلا أنه يقول: قد قامت الصلاة».
وأخرجه أحمد في مسنده 5: 246.
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 1: 420 - 421 كتاب الصلاة، باب ما روي في تثنية الأذان والإقامة.
(3)
أخرجه البخاري في صحيحه (582) 1: 220 كتاب الأذان، باب الإقامة واحدة.
وأخرجه مسلم في صحيحه (378) 1: 286 كتاب الصلاة، باب الأمر يشفع الأذان.
(4)
زيادة من ج.
(5)
أخرجه أبو داود في سننه (510) 1: 141 كتاب الصلاة، باب في الإقامة.
وأخرجه النسائي في سننه (668) 2: 20 كتاب الأذان، كيف الإقامة.
وأخرجه أحمد في مسنده (5569) 2: 85.
وأما كونه يقول في أذان الصبح: الصلاة خير من النوم مرتين؛ فلما روى أبو محذورة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن كان في أذان الصبح قلت: الصلاة خير من النوم مرتين» (1) رواه النسائي.
قال: (ويستحب أن يَتَرَسَّلَ في الأذان. ويحدر الإقامة (2). ويؤذن قائماً متطهراً على موضع عال مستقبل القبلة. فإذا بلغ الحيعلة التفت يميناً وشمالاً ولم يستدر. ويجعل أصبعيه في أذنيه. ويتولاهما معاً. ويقيم في موضع أذانه إلا أن يشق عليه).
أما كون المؤذن يستحب أن يَتَرَسّل في الأذان -وهو التمهل والتأني. من قولهم جاء فلان على رِسْله- وأن يحدر الإقامة وهو الإسراع؛ فلقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أذنت فترسل وإذا أقمت فاحدر» (3). رواه أبو داود والترمذي. وقال: حديث غريب.
وأما كونه يستحب أن يؤذن قائماً؛ فـ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال: قم فأذن» (4).
ولأنه أبلغ في الإسماع.
وأما كونه يستحب أن يؤذن متطهراً؛ فلأن أبا هريرة قال: «لا يؤذن إلا متوضئ» (5). وروي مرفوعاً. أخرجه الترمذي.
وأما كونه يستحب أن يؤذن على موضع عال؛ فلأنه أبلغ في الإعلام.
(1) أخرجه أبو داود في سننه (500) 1: 136 كتاب الصلاة، باب كيف الأذان.
وأخرجه النسائي في سننه (647) 2: 13 كتاب الأذان، التثويب في أذان الفجر.
(2)
في المقنع: ويحدر في الإقامة.
(3)
أخرجه الترمذي في جامعه (195) 1: 373 أبواب الصلاة، باب ما جاء في الترسل في الأذان.
قال الترمذي: حديث جابر هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث عبد المنعم وهو إسناد مجهول وعبد المنعم شيخ بصري. ولم أره عند أبي داود.
(4)
أخرجه البخاري في صحيحه (570) 1: 214 كتاب مواقيت الصلاة، باب الأذان بعد ذهاب الوقت.
وأخرجه مسلم في صحيحه (377) 1: 285 كتاب الصلاة، باب بدء الأذان. بلفظ:«يا بلال! قم. فناد بالصلاة» .
(5)
أخرجه الترمذي في جامعه (200) مرفوعاً، وفي (201) موقوفاً 1: 389 أبواب الصلاة، باب ما جاء في كراهية الأذان بغير وضوء.
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 1: 397 مرفوعاً.
قال الترمذي: وهذا -أي الموقوف- أصح من الحديث الأول -أي المرفوع-. ثم قال: والزهري لم يسمع من أبي هريرة. وقال البيهقي: والصحيح رواية يونس وغيره عن الزهري قال: قال أبو هريرة.
وأما كونه يستحب أن يؤذن مستقبل القبلة فاقتداء بمؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولأنه دعاء إلى جهة القبلة فاقتضى أن يكون من (1) سنته التوجه إليها.
وأما كونه يستحب أن يلتفت إذا بلغ الحيعلة يميناً وشمالاً ولا يستدبر القبلة؛ فلما روى أبو جحيفة قال: «أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في قبة له حمراء من أدم. فأذن بلال فجعلت أتتبع فاه يقول يميناً وشمالاً: حي على الصلاة حي على الفلاح» (2) متفق عليه.
وفي لفظ: «ولم يستدر» (3) رواه أبو داود.
وأما كونه يستحب أن يجعل أصبعيه في أذنيه؛ فلأن في حديث أبي جحيفة: «وأصبعاه في أذنيه» (4) رواه الترمذي.
وأما كونه يستحب أن يتولى الأذان والإقامة معاً؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن أخا صداء أذّن ومن أذّن فهو يقيم» (5) من المسند.
ولأنهما فصلان من الذكر يندبان للصلاة فاستحب أن يتولاهما واحد كالخطبتين.
وأما كونه يستحب أن يقيم في موضع أذانه إذا لم يشق عليه؛ فلأن الإقامة مشروعة للإعلام فشرعت في موضع الأذان ليكون أبلغ.
ولأنه فصل باق من الذكر يتقدم عليه فصل من جنسه فكان محلهما واحد كالخطبتين.
فإن قيل: المراد بالإقامة في موضع الأذان عدم التأخر عنه مطلقاً أم لا.
قيل: التأخر عنه باليسير غير البعيد لا يخل بالسنة لأن في حديث عبدالله بن زيد «فاستأخر غير بعيد» (6).
(1) زيادة من ج.
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه (608) 1: 227 كتاب الأذان، باب هل يتبع المؤذن فاه هاهنا وهاهنا؟ .
وأخرجه مسلم في صحيحه (503) 1: 360 كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود.
(3)
أخرجه أبو داود في سننه (520) 1: 143 كتاب الصلاة، باب في المؤذن يستدير في أذانه.
(4)
أخرجه الترمذي في جامعه (197) 1: 375 أبواب الصلاة، باب ما جاء في إدخال الإصبع في الأذن عند الأذان، وقال: حسن صحيح وعليه العمل عند أهل العلم يستحبون أن يدخل المؤذن أصبعيه في أذنيه في الأذان.
وأخرجه أحمد في مسنده (18781) 4: 308.
(5)
سوف يأتي تخريجه ص: 274 من حديث زياد بن الحارث الصدائي.
(6)
حديث عبدالله بن زيد سبق تخريجه ص: 269 ولم أقف على هذا اللفظ.
وأما كونه لا يستحب ذلك إذا شق عليه مثل أن يكون في منارة أو شبهها؛ فلأن فيه تفويتاً للركعة الأولى.
قال: (ولا يصح الأذان إلا مرتباً متوالياً. فإن نكسه أو فرق بينه بسكوت طويل أو كلام كثير أو محرم لم يعتد به).
أما كون الأذان لا يصح إلا مرتباً متوالياً؛ فلأنه [لا يعلم أنه أذان بدونهما.
ولأنه] (1) شرع في الأصل مرتباً متوالياً وعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا محذورة مرتباً متوالياً.
وأما كونه لا يعتد به إذا نكسه وهو أن يجعل آخره أوله وأوله آخره أو نحو ذلك، أو فرق بينه بسكوت طويل أو كلام كثير؛ فلما ذكر من أنه لا يعلم أنه أذان مع ذلك.
وأما كونه لا يعتد به إذا فرق بينه بكلام محرم وإن قل كالقذف والسب؛ فلأنه فعل يخرجه عن أهلية الأذان أشبه الردة.
قال: (ولا يجوز قبل دخول الوقت (2) إلا الفجر فإنه يؤذن لها بعد نصف الليل. ويستحب أن يجلس بعد أذان المغرب جلسة خفيفة ثم يقيم).
أما كون الأذان لا يجوز قبل دخول الوقت في غير الفجر؛ فلأن الأذان شرع للإعلام بالوقت فلو جاز قبل الوقت لذهب مقصوده.
وأما كونه يجوز في الفجر قبل ذلك؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم» (3) متفق عليه.
وهذا يدل على دوام ذلك.
فإن قيل: هذا يدل على الجواز لكن بشرط كونهما مؤذنين كمؤذني رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قيل: كونهما مؤذنين ليس بشرط. بدليل ما روى زياد بن الحارث الصدائي قال: «لما كان أذان الصبح أمرني النبي صلى الله عليه وسلم فأذنت. فجعلت أقول: أقيم يا رسول
(1) ساقط من ب.
(2)
في المقنع: ولا يجوز إلا بعد دخول الوقت.
(3)
أخرجه البخاري في صحيحه (595) 1: 224 كتاب الأذان، باب الأذان بعد الفجر.
وأخرجه مسلم في صحيحه (1092) 1: 768 كتاب الصيام، باب بيان أن الدخول في الصوم
…
، كلاهما من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
الله! فجعل ينظر إلى ناحية المشرق. ويقول: لا. حتى إذا طلع الفجر نزل فبرز. ثم انصرف إلي وقد تلاحق أصحابه فتوضأ فأراد بلال أن يقيم
…
الحديث» (1). رواه الترمذي.
ولأن الفجرَ وقتُها وقت نوم الناس فجاز تقديم الأذان ليتأهبوا.
ويحتمل أن فيهم من احتلم أو جامع فينتبه ليغتسل فيدرك الصلاة في أول وقتها.
وأما كون الجواز المذكور يختص بعد نصف الليل؛ فلأن الليل إذا تنصف ترجح جانب الفجر.
والمستحب أن لا يكون بين الأذان وطلوع الفجر إلا شيء قليل «لأنه كان بين أذان بلال وبين أذان ابن أم مكتوم قدر ما ينزل هذا ويطلع هذا» (2).
ويستحب أن يكون مؤذنان: أحدهما قبل طلوع الفجر، والآخر عند طلوعه اقتداء بمؤذني رسول الله صلى الله عليه وسلم. وليحصل الإعلام من أحدهما بقرب الوقت، ومن الآخر بدخول الوقت.
وأما كون المؤذن يستحب أن يجلس بعد أذان المغرب جلسة خفيفة ثم يقيم؛ فلما روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «جلوس المؤذن بين الأذان والإقامة في المغرب سنة» (3) رواه تمام في الفوائد.
(1) أخرجه أبو داود في سننه (514) 1: 142 كتاب الصلاة، باب في الرجل يؤذن ويقيم آخر.
وأخرجه الترمذي في جامعه (199) 1: 383 أبواب الصلاة، باب ما جاء أن من أذن فهو يقيم.
وأخرجه ابن ماجة في سننه (717) 1: 237 كتاب الأذان والسنة فيها، باب السنة في الأذان.
وأخرجه أحمد في مسنده (17572) 4: 169.
(2)
أخرجه مسلم في صحيحه (1092) 2: 768 كتاب الصيام، باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر
…
ولفظه: «ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويرقى هذا» .
وأخرجه أحمد في مسنده (24214) 6: 44، مثله.
(3)
أخرجه تمام في فوائده (265) 1: 293.
قال المناوي: فيه هشيم بن بشير أورده الذهبي في الضعفاء. وقال: ثقة يدلس وهو في الزهري لين. فيض القدير 3: 350.
وقال في تيسير الوصول: إسناده لين. 1: 487.
وأخرجه الديلمي في فردوس الأخبار 2: 175 ولفظه: «جلوس الإمام بين الأذان والإقامة من السنة» .
قال: (ومن جمع بين صلاتين أو قضى فوائت أذّن وأقام للأولى ثم أقام لكل صلاة بعدها).
أما كون من جمع بين صلاتين يؤذن ويقيم للأولى ثم يقيم؛ فلما روى جابر «أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بينهما -أي بين المغرب والعشاء- بجَمْع بأذان وإقامتين» (1).
وأما كون من قضى فوائت يؤذن ويقيم للأولى ثم يقيم لكل صلاة بعدها فـ «لأن المشركين شغلوا النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق عن أربع صلوات حتى ذهب من الليل ما شاء الله. فأمر بلالاً فأذن وأقام وصلى الظهر. ثم أمره فأقام وصلى العصر. ثم أمره فأقام وصلى المغرب. ثم أمره فأقام فصلى العشاء» (2) رواه أحمد.
قال: (وهل يجزئ أذان المميز للبالغين؟ على روايتين).
أما إجزاء أذان المميز على روايةٍ. ومعناه: أنه يعتد به؛ فلأنه ذَكَرٌ تصح صلاته أشبه البالغ.
وروى ابن المنذر بإسناده عن عبدالله بن أنس قال: «كان عمومتي يأمروني أن أؤذن لهم وأنا غلام لم أحتلم وأنس بن مالك شاهد فلم ينكر ذلك عليهم» . وهذا مما يظهر ولا يخفى فيكون كالإجماع.
وأما عدم إجزائه على روايةٍ؛ فلأنه لا يقبل خبره فلم يصح الإعلام بأذانه.
قال: (وهل يعتد بأذان الفاسق والملحن؟ على وجهين).
أما كون أذان الفاسق لا يعتد به على وجهٍ؛ فلأنه لا يقبل خبره.
ولأنه قد روي في الحديث: «وليؤذن لكم خياركم» (3).
(1) أخرجه مسلم في صحيحه (1218) 2: 886 كتاب الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم.
(2)
أخرجه الترمذي في جامعه (179) 1: 337 أبواب الصلاة، باب ما جاء في الرجل تفوته الصلوات بأيتهن يبدأ.
وأخرجه النسائي في سننه (622) 1: 297 كتاب الصلاة، باب كيف يقضي الفائت من الصلاة.
وأخرجه أحمد في مسنده (3555) 1: 375.
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 1: 403 كتاب الصلاة، باب الأذان والإقامة للجمع بين صلوات فائتات.
وللحديث شاهد عند الشافعي في كتاب الأم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه 1: 75.
(3)
أخرجه أبو داود في سننه (590) 1: 161 كتاب الصلاة، باب من أحق بالإمامة.
وأخرجه ابن ماجة في سننه (726) 1: 240 كتاب الأذان والسنة فيها، باب فضل الأذان وثواب المؤذنين.
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 1: 426 كتاب الصلاة، باب لا يؤذن إلا عدل ثقة
…
من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
ولأنه يستحب أن يؤذن على موضع عال فإذا لم يكن عدلاً فلا يؤمن منه النظر إلى العورات.
وأما كونه يعتد به على وجهٍ؛ فلأنه أذان رجل مكلف فاعتد به كأذان العدل.
وأما كون الأذان الملحن وهو الأذان الذي فيه تمديد لا يعتد به على وجهٍ؛ فلما روى ابن عباس قال: «كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذن يطرب. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الأذان سهل سمح فإن كان أذانك سهلاً سمحاً وإلا فلا تؤذن» (1) رواه الدارقطني.
ولأنه يخرج الكلام عن حد الإفهام.
وأما كونه يعتد به على وجهٍ؛ فلأن المقصود الإعلام وهو يحصل به أشبه غير الملحن.
قال: (ويستحب لمن سمع المؤذن أن يقول كما يقول إلا في الحيعلة فإنه يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ويقول بعد فراغه: اللهم! رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد).
أما كون من سمع المؤذن يستحب له أن يقول كما يقول في غير الحيعلة؛ فلما روى أبو سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول» (2) متفق عليه.
وأما كونه يستحب له أن يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله في الحيعلة؛ فلما روى عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا قال المؤذن: الله أكبر الله أكبر. فقال أحدكم: الله أكبر الله أكبر. ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله. فقال: أشهد أن لا إله إلا الله. ثم قال: أشهد أن محمداً رسول الله.
(1) أخرجه الدارقطني في سننه (11) 1: 239، كتاب الصلاة، باب ذكر الإقامة واختلاف الروايات فيها.
وأخرجه ابن الجوزي في كتاب الموضوعات 2: 82 باب الأذان سَمْح. ثم نقل عن ابن حبان أنه قال: ليس لهذا الحديث أصل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإسحاق -أحد رواة الحديث- لا يحل الاحتجاج به ولا الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار.
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه (586) 1: 221 كتاب الأذان، باب ما يقول إذا سمع المنادي.
وأخرجه مسلم في صحيحه (384) 1: 288 كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لمن سمعه ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يسأل الله له الوسيلة.
فقال: أشهد أن محمداً رسول الله. ثم قال: حي على الصلاة. فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله. ثم قال: حي على الفلاح. فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله. ثم قال: الله أكبر الله أكبر. فقال: الله أكبر الله أكبر. ثم قال: لا إله إلا الله. قال: لا إله إلا الله خالصاً من قلبه دخل الجنة» (1) رواه مسلم.
وأما كونه يستحب له أن يقول بعد فراغه: اللهم! رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد؛ فلما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قال حين يسمع النداء: اللهم! رب هذه الدعوة التامة وذكر إلى قوله: الذي وعدته. حلت له الشفاعة يوم القيامة» (2) رواه البخاري.
ولم يذكر الدرجة الرفيعة، ولم يُعَرّف المقام ولا المحمود. ورواه غيره معرفاً لهما.
(1) أخرجه مسلم في صحيحه (385) 1: 289 كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لمن سمعه ثم يصلي على النبيّ صلى الله عليه وسلم.
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه (589) 1: 222 كتاب الأذان، باب الدعاء عند النداء.
وأخرجه النسائي في سننه (680) 2: 27 كتاب الأذان، باب الدعاء عند الأذان.