الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الفرائض
الفرائض: جمع فريضة. روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «العلمُ ثلاثةٌ، وما سوى ذلك فهو فضلٌ: آيةٌ مُحْكَمَة، وسنةٌ قائمَة، وفريضةٌ عادلَة» (1). رواه أبو داود.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «تَعلموا الفرائضَ وعَلموه. فإنهُ نصفُ العلمِ. وهو يُنسى. وهو أولُ شيء يُنزع من أمتي» (2). أخرجه ابن ماجة.
قال المصنف: (وهي: قسمة المواريث. وأسباب التوارث ثلاثة: رحم، ونكاح، وولاء. لا غير. وعنه: أنه يثبت بالموالاة، والمعاقدة، وإسلامه على يديه، وكونهما من أهل الديوان. ولا عمل عليه).
أما قول المصنف رحمه الله تعالى: وهي قسمة المواريث؛ فبيان لمعنى (3) الفرائض شرعاً.
وأما كون أسباب التوارث ثلاثة؛ فلأن سبب التوارث تارة يكون رحماً، وتارة نكاحاً، وتارة ولاء.
وأما كون الرحم -وهي القرابة- أحد أسباب التوارث؛ فلأن الله تعالى قال: {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثلُ حَظِّ الأنثيين} [النساء: 11]، وقال: {وإن كان رجل يورث كلالةً أو امرأة وله أخ أو أختٌ فلكل واحدٍ منهما السدس
…
الآية} [النساء: 12]، وقال: {يستفتونك قل الله يُفْتيكم في الكَلالة
…
الآية} [النساء: 176]، وقال: {وألوا الأرحام بعضُهم أولى ببعض في كتاب الله
…
الآية} [الأنفال: 75].
(1) أخرجه أبو داود في سننه (2885) 3: 119 كتاب الفرائض، باب ما جاء في تعليم الفرائض.
وأخرجه ابن ماجة في سننه (54) 1: 21 المقدمة، باب اجتناب الرأي والقياس.
(2)
أخرجه ابن ماجة في سننه (2719) 2: 908 كتاب الفرائض، باب الحث على تعليم الفرائض.
وأخرجه الدارقطني في سننه (1) 4: 67 كتاب الفرائض.
(3)
في أ: للمعنى.
وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَلحِقُوا الفرائضَ لأهلِهَا. فما بَقِيَ فهوَ لأَوْلَى رجلٍ ذَكَر» (1). متفق عليه.
وروى جابر قال: «جاءتْ امرأةُ سعدِ بن الربيع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بابنتَيْهَا من سعد. فقالت: هاتانِ ابنتا سعد قُتل أبوهما معكَ يومَ أحدٍ شهيداً، وإن عمهما (2) أخذَ مالهما ولا يُنكحان إلا ولهما مال. قال: يَقضي الله في ذلك فنزلت آية الميراث. فبعثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمهما. فقال: أعطِ ابنتي سعدٍ الثلثين، وأمهما الثمن، وما بقيَ فهوَ لك» (3). رواه أبو داود والترمذي.
وأما كون النكاح ثاني أسباب التوارث؛ فلأن الله تعالى قال: {ولكم نصف ما ترك أزواجُكم إن لم يكن لهنّ ولد
…
الآية} [النساء: 12].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث بنتي سعد: «أعط أمهما الثمن» (4).
وأما كون الولاء ثالث أسباب التوارث؛ فلما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: «الولاء لمن أعتق» (5).
وقال: «الولاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النسبِ لا تُبَاعُ ولا تُوهَب» (6).
وروي عن عبدالله بن شداد قال: «كان لبنت حمزة مولى أعتقته. فتركَ ابنته ومولاته. فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم بنته النصفَ وأعطى مولاته بنتَ حمزةَ النصف» (7).
(1) أخرجه البخاري في صحيحه (6356) 6: 2478 كتاب الفرائض، ميراث الجد مع الأب والإخوة.
وأخرجه مسلم في صحيحه (1615) 3: 1233 كتاب الفرائض، باب ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر.
(2)
في أ: عمها.
(3)
أخرجه أبو داود في سننه (2891) 3: 120 كتاب الفرائض، باب ما جاء في ميراث الصلب.
وأخرجه الترمذي في جامعه (2092) 4: 414 كتاب الفرائض، باب ما جاء في ميراث البنات.
وأخرجه ابن ماجة في سننه (2720) 2: 908 كتاب الفرائض، باب فرائض الصلب.
(4)
سبق قريباً.
(5)
سيأتي تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..
(6)
أخرجه ابن حبان في صحيحه (4950) 11: 325 كتاب البيوع، ذكر العلة التي من أجلها نهي عن بيع الولاء وعن هبته.
وأخرجه الحاكم في مستدركه (7990) 4: 379 كتاب الفرائض. وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
(7)
أخرجه سعيد بن منصور في سننه (174) 1: 73 كتاب الفرائض، باب ميراث المولى مع الورثة.
وأما كون أسباب التوارث الأسباب الثلاثة لا غير؛ فلأن الإرث يستدعي دليلاً، والأصل عدمه.
وأما كون التوارث يثبت بالموالاة والمعاقدة على روايةٍ؛ فلأن الله تعالى قال: {والذين عَقَدَت أيمانُكم فآتوهم نَصِيبهم} [النساء: 33]. أي من الإرث. «كان الرجل في ابتداء الإسلام يقول للرجل: دمي دمك، ومالي مالك، تنصرني وأنصرك، وترثني وأرثك. فيتعاقدان (1) الحلف بينهما على ذلك. فيتوارثان به دون القرابة» (2).
والأول أصح؛ لأن ذلك نُسخ بقوله تعالى: {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض
…
الآية} [الأنفال: 75].
وأما كونه يثبت بإسلام الشخص على يدي غيره على روايةٍ؛ فلما روى راشد بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أسلمَ على يديه رجل فهوَ مولاهُ يرثهُ ويَدِي عنه» (3). رواه سعيد.
وروي عن تميم الداري أنه قال: «يا رسول الله! ما السنةُ في الرجلِ يسلمُ على يدي (4) الرجل؟ فقال: هوَ أولى (5) الناسَ بمحيَاهُ ومماتِه» (6). رواه أبو داود والترمذي. وقال: لا أظنه متصلاً.
والأول أصح؛ لما تقدم من النسخ المذكور، والأخبار المذكورة ضعيفة.
وأما كونه يثبت بكونهما من أهل الديوان على روايةٍ؛ فلأنه يروى عن عمر رضي الله عنه. ذكره أبو الخطاب في تهذيبه.
(1) في ج: فيتعاقلان.
(2)
أخرجه عبدالرزاق في مصنفه (19167) 10: 305 - 306 كتاب الفرائض، باب الحلفاء.
(3)
أخرجه سعيد بن منصور في سننه (201) 1: 78 كتاب الفرائض، باب من أسلم على الميراث قبل أن يقسم. ويدي عنه: أي يعطي الدية ويؤديها عنه.
(4)
في أ: يد.
(5)
في ج: أحق.
(6)
أخرجه أبو داود في سننه (2918) 3: 127 كتاب الفرائض، باب في الرجل يسلم على يدي الرجل.
وأخرجه الترمذي في جامعه (2112) 4: 427 كتاب الفرائض، باب ما جاء في ميراث الذي يسلم على يدي الرجل.
وأخرجه ابن ماجة في سننه (2752) 2: 919 كتاب الفرائض، باب الرجل يسلم على يدي الرجل.
والأول أصح؛ لما تقدم. وفعل عمر محمول على أنه فعل ذلك للمصلحة لا للإرث.
وأما قول المصنف رحمه الله تعالى: ولا عمل عليه؛ فعائد إلى ما ذكر من أن الإرث يثبت بالموالاة والمعاقدة وإسلامه على يديه، وكونهما من أهل الديوان على رواية. وإنما ذلك كذلك؛ لأن الأصح غيره. وقد تقدم دليله.
قال: (والمجمع على توريثهم من الذكور عشرة: الابن، وابنه وإن نزل، والأب، وأبوه وإن علا، والأخ من كل جهة، وابن الأخ إلا من الأم، والعم وابنه كذلك، والزوج، ومولى النعمة.
ومن الإناث سبع: البنت، وبنت الابن، والأم، والجدة، والأخت، والمرأة، ومولاة النعمة).
أما كون عدد المجمع على توريثهم سبعة عشر: عشرة من الذكور، وسبعاً من الإناث؛ فلأن تفصيلهم يدل على ذلك.
وأما كونهم مجمعاً على توريثهم فذكره غير واحدٍ من أهل العلم، وقد دل النص على توريثهم:
أما الابن وابنه وإن نزل؛ فلأن الله تعالى قال: {يوصيكم الله في أولادكم} [النساء: 11]، وقال عليه السلام:«ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر» (1) متفق عليه.
وأما الأب؛ فلأن الله تعالى قال: {ولأبويه لكل واحدٍ منهما السدس} [النساء: 11].
وأما الجد وإن علا فيحتمل أن يدخل في عموم قوله: {ولأبويه} [النساء: 11]؛ كما دخل ابن الابن في قوله: {يوصيكم الله في أولادكم} [النساء: 11]. ويحتمل أن يثبت إرثه بأن النبي صلى الله عليه وسلم ورثه السدس (2).
(1) سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..
(2)
سيأتي تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..
وأما الأخ من كل جهةٍ. والمراد به من الأبوين أو من الأب أو من الأم: أما الأخ من الأبوين أو الأب؛ فلأن الله تعالى قال: {وهو يرثها إن لم يكن لها ولد} [النساء: 176]. وأما الأخ من الأم؛ فلأن الله تعالى قال: {وله أخ أو أخت فلكل واحدٍ منهما السدس} [النساء: 12].
وأما ابن الأخ من الأبوين أو من الأب والعم وابنه؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما أبقت الفرائض فلأولى رجلٍ ذكر» (1)، وقال في حديث بنتي سعدٍ للعم:«وما بقي فهو لك» (2).
وأما الزوج؛ فلأن الله تعالى قال: {ولكم نصفُ ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد} [النساء: 12].
وأما مولى النعمة والمراد به المعتق؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنما الولاء لمن أعتق» (3)، وقال:«الولاءُ لحمة كلحمة النسب» (4).
وأما البنت؛ فلقوله تعالى: {وإن كانت واحدةً فلها النصفُ} [النساء: 11].
وأما بنت الابن؛ فلأنها بمنزلة بنت. فإذا أخذت البنت النصف تعين كون السدس لها؛ لأن فرض البنتين الثلثان لقوله تعالى: {فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك} [النساء: 11].
فإن قيل: ظاهر هذا الجمع فلم حكم بالثلثين للبنتين؟
قيل (5): لأن قوله صلى الله عليه وسلم: «أعط ابنتي سعد الثلثين» (6): بيّنَهُ. قاله المفسرون. وسيأتي بيان ذلك مستقصى في موضعه إن شاء الله تعالى (7).
وأما الأم؛ فلأن الله تعالى قال: {ولأبويه لكل واحد منهما السدس} [النساء: 11]، وقال:{وورثه أبواه فلأمه الثلث} [النساء: 11].
(1) سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..
(2)
سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..
(3)
سيأتي تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..
(4)
سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..
(5)
ساقط من أ.
(6)
سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..
(7)
ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..
وأما الجدة؛ فـ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم أطعمها السدس» (1) رواه أبو داود.
وأما الأخت فقد تكون لأبوين وقد تكون لأب وقد تكون لأم: أما التي لأبوين أو لأب؛ فلأن الله تعالى قال: {وله أخت فلها نصف ما ترك} [النساء: 176]. وأما الأخت لأم؛ فلأن الله تعالى قال: {وله أخ أو أخت فلكل واحدٍ منهما السدس} [النساء: 12].
وأما المرأة؛ فلأن الله تعالى قال: {ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد
…
الآية} [النساء: 12].
وأما مولاة النعمة والمراد بها المعتقة؛ فلدخولها في قوله عليه السلام: «إنما الولاء لمن أعتق» (2). و «الولاء لحمة كلحمة النسب» (3).
قال: (والوارث ثلاثة: ذوو فرض، وعصبات، وذوو رحم).
أما كون الوارث ثلاثة؛ فلأن الوارث تارة يكون ذا فرض، وتارة عصبة، وتارة ذا رحم.
وأما "ذو" فهو بمعنى صاحب.
وأما "الفرض" فهو التقدير. ومنه: فَرَض القاضي النفقة. أي قدّرها. فذو الفرض معناه: صاحب التقدير. أي: الذي قُدّر له شيء معلوم في كتابٍ أو سنة.
وأما "العصبة" فهو الوارث بغير تقدير. والعصَبةُ مأخوذ من العَصْبِ وهو الشدة، ومنه: عصابة الرأس. والمعنى هنا: أن الميت يشتدّ أزره وجانبه بولده وبأبيه وبإخوته وما أشبه ذلك.
وأما "ذو الرحم" فهو الذي يدلي بقرابة الأم.
فإن قيل: في هذا إشكالان:
أحدهما: أن ولد الأم يدلي بقرابة الأم وليس بذي رحم في الميراث.
وثانيهما: أن بنات العم وبنات الأخ من ذوي الأرحام ولا يدلون بقرابة الأم.
(1) أخرجه أبو داود في سننه (2895) 3: 122 كتاب الفرائض، باب في الجدة.
(2)
سيأتي تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..
(3)
سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..
قيل: أما ولد الأم فهو ذو رحم حقيقة إلا أنه لما ورث بالفرض صار هذا الوصف مغموراً بالنسبة إليه؛ لأنه إذا اجتمع سببان أحدهما أقوى من الآخر يصير الأضعف مغموراً بالنسبة إلى الأقوى. لا سيما إذا كان أحد السببين في الجملة ليس بسببٍ مع وجود الآخر؛ كميراث ذي الرحم مع ذي الفرض. ومما (1) يبين أنه في الحقيقة ذو رحمٍ أنه لو كان عبداً فملكه عتق عليه؛ لأنه ذو رحمه.
وأما بنات العم والأخ (2).
(1) في أ: وكما.
(2)
بياض في الأصول.