المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ميراث ذوي الفروض - الممتع في شرح المقنع - ت ابن دهيش ط ٣ - جـ ٣

[ابن المنجى، أبو البركات]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب العارية

- ‌كتاب الغصب

- ‌باب الشفعة

- ‌باب الوديعة

- ‌باب إحياء المَوَات

- ‌باب الجُعالة

- ‌باب اللقطة

- ‌باب اللقيط

- ‌كتاب الوقف

- ‌باب الهبة والعطية

- ‌كتاب الوصايا

- ‌كتاب الفرائض

- ‌باب ميراث ذوي الفروض

- ‌باب العصبات

- ‌باب أصول المسائل

- ‌باب تصحيح المسائل

- ‌باب المناسخات

- ‌باب قسمة التركات

- ‌باب ذوي الأرحام

- ‌باب ميراث الحمل

- ‌باب ميراث المفقود

- ‌باب ميراث الخنثى

- ‌باب ميراث الغرقى ومن عمي موتهم

- ‌باب ميراث أهل الملل

- ‌باب ميراث المطلقة

- ‌باب الإقرار بمشارك في الميراث

- ‌باب ميراث القاتل

- ‌باب ميراث المعتق بعضه

- ‌باب الولاء

- ‌كتاب العتق

- ‌باب التدبير

- ‌باب الكتابة

- ‌باب أحكام أمهات الأولاد

- ‌كتاب النكاح

- ‌باب أركان النكاح وشروطه

- ‌باب المحرمات في النكاح

- ‌باب الشروط في النكاح

- ‌باب حكم العيوب في النكاح

- ‌باب نكاح الكفار

- ‌كتاب الصداق

- ‌باب الوليمة

- ‌باب عشرة النساء

- ‌كتاب الخلع

- ‌نهاية السقط من المطبوعة

الفصل: ‌باب ميراث ذوي الفروض

‌باب ميراث ذوي الفروض

الميراث أصله: مِوْراث (1). انقلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها. وذوي جمع ذو. والفروض: جمع فرض. وقد تقدم أن "ذو" معناها: صاحب. وأن الفرض معناه: التقدير. فمعنى ذوي الفروض: أصحاب التقادير.

قال المصنف رحمه تعالى: (وهم عشرة: الزوجان، والأبوان، والجد، والجدة، والبنت، وبنت الابن، والأخت من كل جهة، والأخ من الأم؛ فللزوج الربع إذا كان لها ولد أو ولد ابن، والنصف مع عدمهما. وللمرأة الثمن إذا كان له ولد أو ولد ابن، والربع مع عدمهما).

أما كون ذوي الفروض عشرة؛ فلأن كل من ذُكر له فرض؛ لما يأتي ذكره في موضعه، وهم عشرة.

فإن قيل: ما تقدم مشعرٌ بأمرين:

أحدهما: أن ذوي الفروض عشرة. وقد ذكرت الدلالة عليه.

وثانيهما: أن غير العشرة لا يكون من ذوي الفروض، ولم يذكر الدلالة عليه.

قيل: دليله الإجماع.

ولأن الأصل عدم التقدير.

وأما قول المصنف رحمه الله تعالى: الزوجان

إلى قوله: والأخ من الأم؛ فتعداد للعشرة، وبيان المراد بها.

وأما كون الزوج له الربع مع من ذُكر والنصف مع عدمه، وكون المرأة لها الثمن مع من ذكر والربع مع عدمه؛ فلأن الله تعالى قال: {ولكم نصفُ ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولدٌ فلكم الربع مما تركن من بعد وصية

(1) في أ: مورث.

ص: 311

يوصين بها أو دين ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم} [النساء: 12].

فإن قيل: الحجب من النصف إلى الربع ومن الربع إلى الثمن بالولد ظاهر فلم يحصل ذلك الحجب بولد الابن؟

قيل: لأنه ولد بدليل دخوله في: {يوصيكم الله في أولادكم} [النساء: 11].

والمراد بقول المصنف: وللمرأة الثمن المرأة الواحدة فأكثر إلى أربع؛ لاستواء الكل في قدر الميراث.

فإن قيل: فلم جعل الجماعة مثل الواحدة؟

قيل: لأنه لو فرض لكل واحدةٍ الربع وهن أربع لأخذن المال كله وزاد فرضهن على فرض الزوج.

ص: 312

فصل [في أحوال الأب]

قال المصنف رحمه الله تعالى: (وللأب ثلاثة أحوال: حال يرث فيها السدس بالفرض. وهي مع ذكور الولد أو ولد الابن، وحال يرث بالتعصيب. وهي مع عدم الولد وولد الابن، وحال يجتمع له الفرض والتعصيب. وهي مع إناث الولد أو ولد الابن)(1).

أما كون الأب له ثلاثة أحوال؛ فلأنه تارة يرث بالفرض، وتارة بالتعصيب، وتارة بهما.

وأما كون إحدى أحواله: حالاً يرث فيها السدس بالفرض. وهي مع ذكور الولد أو ولد الابن؛ فلأن الله تعالى قال: {ولأبويه لكل واحدٍ منهما السدس مما ترك إن كان له ولد} [النساء: 11].

فإن قيل: الولد يقع على الذكر والأنثى. فلم خصص هنا بالذكر؟

قيل: لأن الغرض الإرث بالفرض لا غير. ولو كان الولد أنثى لاجتمع له مع الفرض التعصيب؛ لما يأتي.

وأما كون إحدى أحواله: حالاً يرث فيها بالتعصيب وهي مع عدم الولد وولد الابن؛ فلأن الله تعالى قال: {فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث} [النساء: 11] أضاف المال إليهما، وجعل للأم الثلث. فكان الباقي للأب. وهذا شأن التعصيب.

وأما كون إحدى أحواله: حالاً يجتمع له فيها الإرث بالفرض والتعصيب. وهي مع إناث الولد أو ولد الابن؛ فلأنه إذا كان في المسألة بنت أو بنات أخذ

(1) في أ: وللأب ثلاثة أحوال: حال يرث فيها بالتعصيب وهي مع عدم الولد وولد الابن، وحال يرث فيها السدس بالفرض وهي مع ذكور الولد أو ولد الابن، وحال يرث فيها بالفرض وبالتعصيب وهي مع إناث الولد أو ولد الابن.

ص: 313

السدس بالفرض؛ لقوله تعالى: {ولأبويه لكل واحدٍ منهما السدس مما ترك (1) إن كان له ولد} [النساء: 11]، ويرث الباقي بعد فرض البنت أو البنات بالتعصيب؛ لقوله عليه السلام:«فما بقي فهو لأولى رجلٍ ذكر» (2) متفق عليه.

والأب حينئذٍ أولى رجلٍ ذكر.

(1) قوله: {مما ترك} سقط من الأصل.

(2)

سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..

ص: 314

فصل [في حكم ميراث الجد]

قال المصنف رحمه الله تعالى: (وللجد هذه الأحوال الثلاثة وحال رابعٌ. وهي مع الإخوة والأخوات من الأبوين أو الأب فإنه يقاسمهم كأخ. إلا أن يكون الثلث خيراً له فيأخذه، والباقي لهم).

أما كون الجد له الأحوال الثلاثة المتقدم ذكرها؛ فلأنه أبٌ وقد ورّثه رسول الله صلى الله عليه وسلم السدس (1). رواه سعيد بن منصور.

وأما كونه له حال رابع. وهي: مع الإخوة والأخوات من الأبوين أو الأب؛ فلأنه يرث معهم في الجملة؛ لأنه لا سبيل إلى إسقاطه بالإخوة والأخوات، ولا بالعكس؛ لاستوائهما في سبب الاستحقاق؛ لأن كل واحدٍ منهما يدلي بالأب: الجد؛ لأنه أبوه. والأخ؛ لأنه ابنه. وقرابة البنوّة لا تنقص عن قرابة الأبوّة. بل ربما كانت أقوى؛ لأن الأبوّة ربما سقطت بالبنوّة. فإذا لم يسقط بهم فلا أقل من أن لا يسقطوا به.

وأما كونه يقاسمهم كأخٍ إذا لم يكن الثلث خيراً له؛ فلما تقدم من الاستواء المذكور.

وأما كونه يأخذ الثلث إذا كان خيراً له والباقي للإخوة؛ فلأن زيد بن ثابت هكذا كان يصنع (2) وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفرضكم زيد» (3).

(1) أخرجه سعيد بن منصور في سننه (38) 1: 44 باب الجد.

وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 6: 244 كتاب الفرائض، باب ميراث الجد.

(2)

أخرجه سعيد بن منصور في سننه (39) 1: 45 باب الجد.

(3)

أخرجه سعيد بن منصور في سننه (4) 1: 28 كتاب الفرائض، باب الحث على تعليم الفرائض.

وأخرجه الحاكم في مستدركه (7962) 4: 372 كتاب الفرائض. وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

ص: 315

قال: (فإن كان معهم ذو فرضٍ أخذ فرضه. ثم للجد الأحظ من: المقاسمة كأخٍ، وثلث الباقي، وسدس جميع المال).

أما كون ذي الفرض يأخذ فرضه؛ فلأن ذلك له؛ لما تقدم في موضعه.

وأما كون الجد له الأحظ من: المقاسمة بعد إخراج فرض ذي الفرض، ومن ثلث الباقي، ومن سدس جميع المال؛ فلأن ذلك له مع عدم فرض ذي الفرض. فكذا مع وجوده بعد إخراج نصيبه.

فإن قيل: مع عدم ذي الفرض (1) كان له ثلث الجميع.

قيل: ما يؤخذ بالفرض كأنه ذهب من المال فصار ثلث الباقي بمنزلة ثلث الجميع.

فعلى هذا إذا زاد الإخوة عن اثنين أو من يَعْدِلُهم من الإناث فلا حظ له في المقاسمة. ومتى نقصوا عن ذلك فلا حظ له في ثلث الباقي. ومتى نقصت الفروض عن النصف فلا حظ له في السدس. وإذا كانت الفروض النصف استوى السدس وثلث الباقي. ومتى كانت الإخوة اثنين استوى ثلث الباقي والمقاسمة.

قال: (فإن لم يفضل عن الفرض إلا السدس فهو له وسقط من معه منهم. إلا في الأكدرية وهي: زوجٌ وأمٌ وأختٌ وجدٌ: فللزوج النصف، وللأم الثلث، وللجد السدس، وللأخت النصف، ثم يقسم نصف الأخت وسدس الجد بينهما على ثلاثة. فتضربها في المسألة وعولها وهو تسعة يكون سبعة وعشرين: للزوج تسعة، وللأم ستة، وللجد ثمانية، وللأخت أربعة. ولا يعول من مسائل الجد غيرها. ولا يفرض لأختٍ مع جدٍ إلا فيها).

أما كون السدس للجد إذا لم يفضل عن الفرض إلا ذلك؛ فلأنه لا يجوز نقصانه عن السدس؛ لأنه يرثه مع الولد فمع غيره بطريق الأولى.

ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أطعم الجد السدس (2)، ولا يجوز أن ينقص منه.

وأما كون من مع الجد من الإخوة والأخوات من الأبوين أو الأب يسقط فيما ذكر إذا لم تكن الأكدرية؛ فلأنهم عصبة، وقد استوعبت الفروض المال.

(1) في أزيادة: فكذا مع وجوده.

(2)

سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..

ص: 316

وأما كون الأخت لا تسقط في الأكدرية؛ فلأن زيداً قضى فيها بذلك (1). والذي حمله على عولها أنه لو لم يفرض للأخت لسقطت، وليس في الفريضة من يسقطها. والذي حمله على ضم نصف الأخت إلى سدس الجد أنها لا ترث معه إلا بحكم المقاسمة.

وسميت الأكدرية؛ لأنها كدرت أصول زيد؛ لأنه لا عول عنده في مسائل الجد وقد أعالها. ولا فرض عنده لأختٍ مع جدٍ وقد فرض لها معه.

ولأنه جمع سهامهما (2) ثم قسمها ولا نظير له.

وقيل: سميت أكدرية؛ لأن عبدالملك بن مروان سأل عنها رجلاً اسمه: الأكدر فأفتى فيها على مذهب زيد وأخطأ فيها فنسبت إليه.

وأما قول المصنف رحمه الله: وهي زوجٌ وأمٌ وأختٌ وجدٌ؛ فبيان للأكدرية. وأصلها من ستة؛ لأن فيها سدساً ونصفاً، وتعول إلى تسعة؛ لأن الزوج له النصف ثلاثة، وللأم لها الثلث سهمان، والأخت لها النصف ثلاثة، والجد له السدس سهم. ثم يجمع سهم الأخت والجد وهو أربعة فيقسم بينهما على ثلاثة لا تصح فتضرب ثلاثة في تسعة تكون سبعة وعشرين، ثم من له شيء من أصل المسألة مضروب في المسألة: فللزوج ثلاثة مضروبة في ثلاثة بتسعة، وللأم اثنان في ثلاثة بستة، وللأخت والجد أربعة في ثلاثة باثني عشر بينهما أثلاثاً: للجد ثمانية، وللأخت أربعة.

وأما كونه لا يعول من مسائل الجد غيرها، ولا يفرض لأخت مع الجد إلا فيها؛ فلأن ذلك مذهب زيد، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«أفرضكم زيد» (3).

قال: (وإن لم يكن فيها زوج فللأم الثلث، وما بقي بين الجد والأخت على ثلاثة فتصح من تسعة، وتسمى: الخرقاء؛ لكثرة اختلاف الصحابة فيها).

أما كون المسألة المذكورة تصح من تسعة؛ فلأن أصلها من ثلاثة؛ لأن فيها ثلثاً، وما بقي للأم الثلث سهم. يبقى سهمان بين الجد والأخت على ثلاثة، لأن

(1) أخرجه سعيد بن منصور في سننه (65) 1: 50 كتاب الفرائض، باب: قول عمر في الجد.

وأخرجه الدارمي في سننه (2926) 2: 244 كتاب الفرائض، باب الأكدرية.

(2)

في أ: سهامها.

(3)

سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..

ص: 317

المقاسمة هنا أحظ له واثنان على ثلاثة لا تصح فتضرب ثلاثة في ثلاثة تكون تسعة: للأم ثلاثة، وللجد أربعة، وللأخت اثنان.

وأما كونها تسمى الخرقاء؛ فلما ذكر المصنف؛ لأن الأقوال لما كثرت كأنها خرقتها.

فإن قيل: ما كثرة اختلاف الصحابة فيها؟

قيل: سبعة أقوال: قول الصديق رضي الله عنه وموافقيه: للأم الثلث، والباقي للجد. وقول زيد وموافقيه وهو ما تقدم. وقول عليّ: للأخت النصف، وللأم الثلث، وللجد السدس. وقول عمر وعبدالله: للأخت النصف، وللأم ثلث الباقي، وما بقي للجد. وقول ابن مسعود: للأخت النصف، والباقي بين الجد والأم نصفين فتصح من أربعة. وعن عثمان: المال بينهم أثلاثاً.

قال: (وولد الأب كولد الأبوين (1) في مقاسمة الجد إذا انفردوا. فإن اجتمعوا عادّ ولد الأبوين الجد بولد الأب. ثم أخذوا منهم ما حصل لهم. إلا أن يكون ولد الأبوين أختاً واحدة فتأخذ تمام النصف وما فضل لهم. ولا يتفق هذا في مسألة فيها فرض غير السدس).

أما كون ولد الأب كولد الأبوين في مقاسمة الجد إذا انفردوا؛ فلأن حكم ميراثهم في غير هذا الموضع. فكذا في هذا.

وأما كون ولد الأبوين يعادّ الجد بولد الأب؛ فلأن الجد لا يُسقط ولد الأب بدليل ميراثه معه إذا انفرد.

فإن قيل: ما معنى عادّ؟

قيل: زاحم.

وأما كون ولد الأبوين يأخذون جميع ما حصل لولد الأب إذا لم يكن ولد الأبوين أختاً واحدة، وكون الأخت الواحدة من ولد الأبوين تأخذ تمام النصف؛ فلأنهما أولى بذلك منه. بدليل ما لو اجتمعا ولا جدّ.

(1) في أ: الابن.

ص: 318

فعلى هذا ولد الأبوين إن كان ذكراً أو أختين أخذ جميع ما في يد ولد الأب؛ لأنه حقه. وإن كان أختاً واحدةً لم تأخذ إلا تمام النصف؛ لأن فرضها لا يزيد على نصفٍ، وما بقي فهو لولد الأب؛ لأنه إنما يؤخذ منه لكون ولد الأبوين أولى وقد زالت أولويته هنا؛ لاستكمال حقه.

وأما كون ما ذكر لا يتفق في مسألة فيها فرض غير السدس فبالسَّبْر.

قال: (فإذا كان جدٌ، وأختٌ من أبوين، وأختٌ من أبٍ: فالمال بينهم على أربعة: للجد سهمان، ولكل أختٍ سهم، ثم رجعت الأخت من الأبوين فأخذت ما في يد أختها كله).

أما كون المال فيما ذكر بين الجد والأختين المذكورتين على أربعة؛ فلأن المقاسمة أحظ للجد فيجعل كأختين. يكون ذلك أربعة: للجد سهمان، ولكل أختٍ سهم.

وأما كون الأخت من الأبوين ترجع فتأخذ ما في يد أختها كله؛ فلما تقدم من أنها تستحق تمام النصف.

قال: (فإن كان معهم أخٌ من أبٍ: فللجد الثلث، وللأخت النصف. يبقى للأخ وأخته السدس على ثلاثة. فتصح من ثمانية عشر).

أما كون الجد له الثلث؛ فلأنه أحظ له.

وأما كون الأخت لها النصف؛ فلأنها أخت لأبوين.

وأما كون ما يبقى للأخ وأخته؛ فلأنهما عصبة لكونهما لأب.

وأما كون ذلك السدس؛ فظاهر.

وأما كونه على ثلاثةٍ؛ فلأن الأخ باثنين والأخت بواحد.

وأما كون المسألة المذكورة تصح من ثمانية عشر؛ فلأن العدد المنكسر عليه ثلاثة. فإذا ضربتها في أصل المسألة وهي ستة تكون ثمانية عشر.

قال: (فإن كان معهم أمٌ: فلها السدس، وللجد ثلث الباقي، وللأخت النصف، والباقي لهم. فتصح من أربعة وخمسين. وتسمى: مختصرة زيد).

أما كون الأم لها السدس؛ فلأن ذلك فرضها مع الإخوة.

ص: 319

وأما كون الجد له ثلث الباقي؛ فلأنه أحظ له.

وأما كون الأخت لها النصف؛ فلأنها لأبوين.

وأما كون الباقي للأخ وأخته؛ فلأنهما (1) عصبته لكونهما لأب.

وأما كون المسألة تصح من أربعة وخمسين؛ فلأن أصلها من ستة، لأن فيها سدساً ونصفاً: للأم سهم، وللأخت ثلاثة، وللجد ثلث الباقي. لا تصح فابسط ذلك أثلاثاً تكن ثمانية عشر: للأم السدس ثلاثة، وللجد ثلث الباقي خمسة، وللأخت تسعة. يبقى سهم على ثلاثة لا تصح فاضرب ثمانية عشر في ثلاثة يكون أربعة وخمسين: للأم ثلاثة في ثلاثة بتسعة، وللجد خمسة في ثلاثة بخمسة عشر، وللأخت تسعة في ثلاثة بسبعة وعشرين. يبقى ثلاثة: للأخ سهمان، وللأخت سهم.

وأما كونها تسمى مختصرة زيد؛ لكونه لو قاسم بالجد لانتقلت الستة إلى ستة وثلاثين: للأم ستة، وللجد عشرة، وللأخت ثمانية عشر. يبقى سهمان على ثلاثة لا تصح فتضرب ستة وثلاثين في ثلاثة يكون مائة وثمانية ترجع بالاختصار إلى أربعة وخمسين.

قال: (فإن كان معهما أخٌ آخر صحت من تسعين، وتسمى تسعينية زيد).

أما كون المسألة المذكورة تصح من تسعين؛ فلأن السهم الباقي المذكور ينقسم حينئذٍ على خمسة. فتضرب ثمانية عشر في خمسة يكون تسعين: للأم ثلاثة في خمسة بخمسة عشر، وللجد خمسة في خمسة بخمسة وعشرين، وللأخت تسعة في خمسة بخمسة وأربعين. يبقى خمسة لكل أخٍ سهمان، وللأخت سهم.

وأما كونها تسمى تسعينية زيد؛ فلأن زيداً صححها من تسعين.

(1) في أ: فلأنها.

ص: 320

فصل [في أحوال الأم]

قال المصنف رحمه الله: (وللأم أربعة أحوال: حال لها السدس. وهي: مع وجود الولد، أو ولد الابن، أو اثنين من الإخوة والأخوات. وحال لها الثلث. وهي: مع عدم هؤلاء. وحال لها ثلث ما بقي وهي في (1) زوج وأبوين وامرأة وأبوين. لها ثلث الباقي بعد فرض الزوجين).

أما كون الأم لها أربعة أحوال؛ فلأنها تارة ترث السدس، وتارة الثلث، وتارة ثلث ما بقي، وتارة بالفرض، والتعصيب في رواية. وسيأتي (2) دليل ذلك كله في مواضعه.

وأما كون أحد أحوالها: حالاً لها السدس. وهي: مع وجود الولد، أو ولد الابن، أو اثنين من الإخوة والأخوات: أما مع وجود الولد؛ فلأن الله تعالى قال: {ولأبويه لكل واحدٍ منهما السدس مما ترك إن كان له ولد} [النساء: 11].

وأما مع ولد الابن؛ فلأنه ولد فيدخل فيما تقدم. وإنما لم يكن ولد البنت كذلك؛ لأن نسبته إلى أبيه لا إلى أمه، ومنه قول الشاعر:

بنونا بنو أبنائنا، وبناتنا

بنوهن أبناء الرجال الأباعد

وأما مع وجود اثنين من (3) الإخوة والأخوات؛ فلأن الله تعالى قال: {فإن كان له إخوةٌ فلأمه السدس} [النساء: 11].

فإن قيل: الإخوة جمع. وأقله ثلاثة. فلم انحجبت عن الثلث إلى السدس باثنين؟

(1) ساقط من أ.

(2)

في أ: سيأتي.

(3)

في أ: مع.

ص: 321

قيل: «لأن ابن عباس قال لعثمان: ليس الأخوان إخوة في لسان قومك. فلم تحجب الأم؟ فقال: لا أستطيع أن أرد شيئاً كان قبلي ومضى في البلدان وتوارث به الناس» (1). وفي هذا دليل على إجماع الصحابة على ذلك قبل حدوث المخالف.

ولأن كل حجب تعلق بعدد كان أوله اثنين؛ كحجب البنات لبنات الابن، والأخوات من الأبوين للأخوات من الأب.

ولأن الله تعالى قال: {وإن كانوا إخوة رجالاً ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين} [النساء: 176]، وهذا ثابت في أخ وأخت. ومن أهل اللغة من يجعل الاثنين جمعا حقيقة، ومنهم من يستعمله مجازا فيصرف إليه بالدليل.

وأما كون أحد أحوالها: حالاً لها الثلث وهي مع عدم من تقدم ذكره؛ فلأن الله تعالى قال: {فإن لم يكن له ولدٌ وورثه أبواه فلأمه الثلث} [النساء: 11].

وأما كون أحد أحوالها: حالاً لها ثلث ما بقي. وهي: في زوج وأبوين وامرأة وأبوين؛ فـ «لأن عمر رضي الله عنه قضى لها بثلث ما بقي بعد فرض الزوجين» (2). وتابعه عثمان وابن مسعود وزيد بن ثابت.

فإن قيل: فرض الأم عند عدم الولد وولد الابن والاثنين من الإخوة والأخوات الثلث؛ لما تقدم. وليس في هذه المسألة واحد ممن ذكر، وقد احتج ابن عباس على ذلك؛ بعموم الآية.

قيل: الحجة معه لولا إجماع الصحابة على مخالفته.

ولأن الأم لو أخذت ثلث المال كله في مسألة الزوج لأخذت أكثر من الأب. وذلك لا يجوز.

ولأن الفريضة لو جمعت أبوين كان للأم ثلث الباقي؛ كما لو كان معهم بنت.

فعلى هذا مسألة الزوج تصح من ستة: للزوج ثلاثة، وللأب سهمان، وللأم سهم. ومسألة المرأة تصح من أربعة: للمرأة سهم، وللأب سهمان، وللأم سهم.

(1) أخرجه الحاكم في مستدركه (7960) 4: 372 كتاب الفرائض.

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (31044، 31045) 6: 243 كتاب الفرائض، في امرأة وأبوين من كم هي؟

ص: 322

قال: (وحال رابعٌ: وهي: إذا لم يكن لولدها أبٌ؛ لكونه ولد زناً أو منفياً بلعان: فإنه ينقطع تعصيبه من جهة من نفاه. فلا يرثه هو ولا أحد من عصباته، وترث أمه وذوو الفروض منه فروضهم وعصبته عصبة أمه (1). وعنه: أنها هي عصبته فإن لم تكن فعصبتها عصبته).

أما كون الأم لها حال رابع؛ فلأن لها حالاً تكون فيها عصبة لولدها في روايةٍ. وذلك في صورتين:

أحدهما: إذا كان ولدها من الزنا؛ لأنه لا ينتسب إلى الزاني. فيجب أن يكون الحكم في الميراث منه كحكم ولد الملاعنة؛ لاستوائهما في انقطاع نسبهما من الزاني والملاعن.

وثانيهما: إذا كان ولدها منفياً بلعان.

وأما كون المنفي بلعان ينقطع تعصيبه من جهة من نفاه؛ فلأن في حديث سهل بن سعد في المتلاعنين: «ففرّقَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بينهما، وقضَى أن لا يُدعَى ولدهَا لأب» (2) رواه أبو داود.

وفي حديث ابن عمر: «وألحق الولد بالمرأة» (3) متفق عليه.

وأما كون من نفاه لا يرث المنفي؛ فلأنه لما انقطع بينهما التعصيب أشبه الأجنبي.

وأما كونه لا يرثه أحدٌ من عصبات من نفاه؛ فلأنه إذا لم يرثه من نفاه فلأن لا يرثه عصباته وهم يدلون به بطريق الأولى.

وأما كون الأم وذوي الفروض يرثون قدر فروضهم؛ فلأن أصحاب الفروض يقدَّمُون على العصبة.

وأما كون عصبته عصبة أمه على روايةٍ؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألحقوا

(1) في أ: وترثه أمه وذوو الفرض منهم وعصبته وعصبة أمه.

(2)

أخرجه أبو داود في سننه (2256) 2: 277 أبواب الطلاق، باب في اللعان.

(3)

أخرجه البخاري في صحيحه (6367) 6: 2480 كتاب الفرائض، باب ميراث الملاعنة.

وأخرجه مسلم في صحيحه (1494) 2: 1132 كتاب اللعان.

ص: 323

الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجلٍ ذكر» (1)، وعصبات أمه أولى رجل بالملاعن عليه.

وعن علي «أنه ألحق ولد الملاعنة بعصبة أمه» (2).

وأما كون أمه عصبته على روايةٍ فإن لم تكن فعصبتها عصبته؛ فلما عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده «أن النبي صلى الله عليه وسلم جعلَ ميراثَ ابن الملاعنةِ لأمه ولورثتِهَا من بعدِهَا» (3) رواه أبو داود.

وروى واثلة بن الأسقع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تحُوزُ المرأةُ ثلاثةَ مواريث: عَتيقَهَا ولقِيطَهَا وولَدَهَا الذي لاعنتْ عليه» (4). رواه أبو داود والترمذي. وقال: حديث حسن غريب.

وعن عبدالله بن عبيد (5) بن عمير قال: «كتبتُ إلى صديقٍ لي من أهلِ المدينةِ من بني زُريقٍ أسألُه عن ولدِ الملاعنة لمن قضَى به رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فكتبَ إليَّ سألتُ. فأُخبرتُ أنه قضى به لأمّهِ. هي بمنزلةِ أبيهِ وأمّه» (6). رواه أبو داود.

(1) سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (31320) 6: 276 كتاب الفرائض، في ابن الملاعنة إذا ماتت أمه من يرثه ومن عصبته.

وأخرجه الدارمي في سننه (2957) 2: 248 كتاب الفرائض، باب في ميراث ابن الملاعنة.

(3)

أخرجه أبو داود في سننه (2908) 3: 125 كتاب الفرائض، باب ميراث ابن الملاعنة.

(4)

أخرجه أبو داود في سننه (2906) 3: 125 كتاب الفرائض، باب ميراث ابن الملاعنة.

وأخرجه الترمذي في جامعه (2115) 4: 429 كتاب الفرائض، باب ما جاء ما يرث النساء من الولاء.

وأخرجه ابن ماجة في سننه (2742) 2: 916 كتاب الفرائض، باب تحوز المرأة ثلاث مواريث.

(5)

في أ: عبيد الله.

(6)

أخرجه الدارمي في سننه (2955) 2: 247 كتاب الفرائض، باب في ميراث ابن الملاعنة.

وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 6: 259 كتاب الفرائض، باب ميراث ولد الملاعنة.

وأخرجه أبو داود في المراسيل 8 ص: 191 باب ما جاء في الفرائض، ولفظه: عن عبدالله بن عبيد عن رجل من أهل الشام: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ولد الملاعنه عصبته أمه» .

ص: 324

قال: (فإذا خلّف أماً وخالاً: فلأمه الثلث وباقيه للخال، وعلى الرواية الأخرى: الكل للأم. وإن كان معهم أخ فله السدس والباقي له أو للأم على الرواية الثانية).

أما كون من خلّف أماً وخالاً لأمه الثلث وباقي المال للخال على الرواية الأولى؛ فلأن فرض الأم والحالة هذه الثلث، والباقي لعصبة الميت وهو الخال؛ لأنه أخو أمه.

وأما كون الكل للأم على الرواية الأخرى؛ فلأنها صاحبة فرض وعصبته عليها. فتأخذ الثلث بالفرض والباقي بالتعصيب.

وأما كون الأخ له السدس إذا كان مع الأم والخال؛ فلأن فرض الأخ من الأم السدس.

وأما كون الباقي للخال على الرواية الأولى وللأم على الرواية الثانية؛ فلما تقدم ذكره.

ولا بد أن يلحظ في الباقي أنه بعد ثلث الأم وسدس الأخ؛ لأنه لولا ذلك لما كان للأم شيء على الرواية الأولى، وليس كذلك وفاقاً.

قال: (وإذا مات ابنُ ابنٍ ملاعنةٍ وخلّف أمه وجدته: فلأمه الثلث وباقيه للجدة على إحدى الروايتين، وهذه جدة ورثت مع أمٍّ أكثر منها).

أما كون الثلث للأم؛ فلأنه فرضها في هذه المسألة.

وأما كون باقي المال للجدة على إحدى الروايتين؛ فلأنها هي الملاعنة وهي عصبة الملاعن عليه على روايةٍ فيكون لها الباقي؛ لأنها عصبة أبيه وعصبة أبي الشخص عصبة له.

فإن قيل: على الرواية الأخرى ما الحكم؟

قيل: يكون الباقي للأم؛ لأنه إذا قيل ليست الجدة عصبة له كان الباقي للأم بالرد؛ لأن الميت لا عصبة له، ولا صاحب فرضٍ غيرها.

وأما كون هذه جدة ورثت مع أمّ أكثر منها؛ فلأنها ورثت الثلثين مع إرث الأم الثلث، وذلك إرث جدةٍ مع أمٍّ، وهو أكثر من نصيب الأم. وإنما ورثت

ص: 325

معها؛ لأن الجدة عصبةٌ على روايةٍ. وإنما ورثت أكثر منها؛ لأن العصبة له الباقي، والباقي هنا أكثر، ويعايا بهذه المسألة؛ لأن الجدة ورثت مثلي (1) الأم.

(1) في أ: مثل.

ص: 326

فصل [في حكم ميراث الجدات]

(وللجدّات السدس. واحدةً كانت أو أكثر إذا تحاذين).

أما كون الجدة الواحدة لها السدس؛ فلما روى قبيصة بن ذُؤيب قال: «جاءتِ الجدةُ إلى أبي بكر تطلبُ ميراثها. فقال: ما لكِ في كتاب الله شيء وما علمتُ لكِ في سنةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم من شيء. ولكن ارجعي حتى أسألَ الناسَ. فقال المغيرة بن شعبة: حضرتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس. فقال: هل معكَ غيرك؟ فشهد له محمد بن مسلمة. فأمضاهُ لها أبو بكر» (1).

وأما كون الجدات لهن ذلك وإن كثرن؛ فلأن تكملة الحديث المذكور: «فلما كان عمرُ جاءت الجدة الأخرى. فقال: ما لكِ في كتابِ الله شيء وما كان القضاءُ الذي قضى به أبو بكر إلا في غيرك، وما (2) أنا بزائدٍ في الفرائضِ شيئاً. ولكن تعودُ إلى السدس. فإن اجتمعتما (3) فهو لكما. وأيكما خَلتْ به فهو لها» (4). رواه أبو داود والترمذي. وقال: حديث حسن صحيح.

وأما قول المصنف رحمه الله تعالى: إذا تحاذين فشرط في كونهن لهن ذلك؛ لأن بعضهن (5) إذا كان أقرب من بعض له حكم يأتي بيانه بعد (6) إن شاء الله تعالى.

(1) سيأتي تخريجه في الحديث الآتي.

(2)

في أ: وأما.

(3)

في أ: اجتمعا.

(4)

أخرجه أبو داود في سننه (2894) 3: 121 كتاب الفرائض، باب في الجدة.

وأخرجه الترمذي في جامعه (2101) 4: 420 كتاب الفرائض، باب ما جاء في ميراث الجدة.

وأخرجه ابن ماجة في سننه (2724) 2: 909 كتاب الفرائض، باب ميراث الجدة.

(5)

سقط لفظي: لأن بعضهن من أ.

(6)

زيادة من ج.

ص: 327

قال: (فإن كان بعضُهن أقرب من بعض: فالميراث لأقربهن. وعنه: أن القربى من جهة الأب لا تحجب البعدى من جهة الأم).

أما كون الميراث لأقرب الجدات من جهة الأم كانت الجدة أو من جهة الأب؛ فلأن الأقرب أبداً يحجب الأبعد. دليله: الآباء والأبناء.

وأما كون القربى من جهة الأب لا تحجب البعدى من جهة الأم على روايةٍ؛ فلأن الذي تدلي به الجدة (1) من جهة الأب لا يحجب الجدة من جهة الأم فلأن لا يحجبها هي وهي تدلي به أولى.

وبهذا فارقتها التي من جهة الأم فإنها تدلي بالأم وهي تحجب جميع الجدات.

قال: (ولا يرث أكثر من ثلاث جدات: أم الأم، وأم الأب، وأم الجد. ومن كان من أمهاتهن وإن علت درجتهن. فأما أم أبي الأم وأم أبي الجد فلا ميراث لهما).

أما كون الجدات لا يرث منهن أكثر من ثلاث وهن من ذكرن ومن كان من أمهاتهن؛ فـ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم ورّثَ ثلاثَ جداتٍ: ثنتين من قبلِ الأبِ، وواحدة من قبلِ الأم» (2). أخرجه أبو عبيد والدارقطني.

وروى سعيد عن إبراهيم أنه قال: «كانوا يورّثون من الجدات ثلاثاً: ثنتين من قبل الأب: وواحدةٍ من قبل الأم» (3). وفي ذلك دلالة على التحديد وعدم إرث الزائد على الثلاث.

وأما كون أم أبي الأم، وأم أبي الجد: لا ميراث لهما؛ فلأنهما من ذوي الأرحام. والمراد: نفي الإرث بكونهما جدتين لا بكونهما من ذوي الأرحام؛ لأن الكلام في ميراث الجدة المستحقة بنفسها لا بسبب غيرها.

(1) في أ: الجد.

(2)

أخرجه الدارقطني في سننه (76) 4: 91 كتاب الفرائض.

وأخرجه سعيد بن منصور في سننه (79) 1: 54 كتاب الفرائض، باب الجدات.

(3)

أخرجه سعيد بن منصور في سننه (94) 1: 57 كتاب الفرائض، باب الجدات.

ص: 328

قال: (والجدات المتحاذيات: أمُّ أمِّ أمٍّ، وأمُّ أمِّ أبٍ، وأمُّ أبي أبٍ. وترث الجدة وابنها حيٌ. وعنه: لا ترث).

أما كون الجدات المتحاذيات من ذُكر؛ فلتساويهن في كون كل واحدةٍ ليس بينها وبين ولد ولدها غير واحدة، ولا يتصور ذلك في أول جدةٍ؛ لأن من الثلاث أم الجد فلا تحاذيها إلا ثاني جدةٍ. وأقل ما يمكن ذلك مثْل الذي مثّل المصنف رحمه الله.

وأما كون الجدة ترث وابنها حيٌ على المذهب؛ فلما روى ابن مسعود قال: «أولُ جدةٍ أطعمَهَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم السدسَ: أم أبٍ معَ ابنها وابنُها حَي» (1). رواه الترمذي.

وأما كونها لا ترث على روايةٍ؛ فلأنها تدلي بابنها. فلم ترث معه؛ كالجد مع الأب، وأم الأم مع الأم.

والأول أصح؛ للحديث.

ولأنها ترث ميراث الأم لا ميراث الأب. فلا تحجب به؛ كأم الأم.

فإن قيل: لو كان ابنها عماً.

قيل: ترث معه قولاً واحداً؛ لأنها لا تدلي به البتّة.

قال: (وإن اجتمعت جدةٌ ذات قرابتين مع أخرى فلها ثلثا السدس في قياس قوله، وللأخرى ثلثه).

أما كون الجدة ذات القرابتين لها ثلثا السدس؛ فلأن الجدة شخص ذات قرابتين ترث بكل واحدةٍ (2) منهما منفردة. فوجب أن ترث بكل واحدة (3) منهما إذا اجتمعا؛ كابن العم إذا كان أخاً لأم أو زوجاً.

فإن قيل: ما المراد من قول المصنف: في قياس قوله؟

(1) أخرجه الترمذي في جامعه (2102) 4: 421 كتاب الفرائض، باب ما جاء في ميراث الجدة مع ابنها.

(2)

في أ: واحد.

(3)

مثل السابق.

ص: 329

قيل: يحتمل أنه أراد القياس على المجوس؛ لأنهم يرثون بجميع قراباتهم، ويحتمل أنه أراد القياس على ابن العم المذكور. والضمير في قوله راجع إلى الإمام أحمد؛ لأنه يقول بالإرث بالجهتين في المسألتين.

ص: 330

فصل [في حكم ميراث البنات]

قال المصنف رحمه الله تعالى: (وللبنت الواحدة النصف. فإن كانت (1) اثنتين فصاعداً فلهن الثلثان).

أما كون البنت الواحدة لها النصف؛ فلأن الله تعالى قال: {وإن كانت واحدةً فلها النصف} [النساء: 11].

وأما كون الاثنتين فصاعداً (2) لهما الثلثان: فاختلف أهل العلم في علته. فقيل: هي قوله: {فإن كُنّ نِساءً فوقَ اثنتين فلهن ثُلُثا ما ترك} [النساء: 11]. والتقدير: فإن كن نساءً اثنتين، وفوق صِلَة؛ كقوله تعالى (3):{فاضربوا فوق الأعناق} [الأنفال: 12] أي: اضربوا الأعناق. ويؤيد هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم حين نزلت هذه الآية أرسل إلى أخي سعد بن الربيع فقال: «أعط ابنتي سعد الثلثين» (4)؛ لأن قوله يقع مبيناً لكلام الله لا سيما إذا كان عقيبه. ويؤيده أيضاً أن سبب الآية قصة ابنتي سعد.

وقيل: السنة الثابتة.

وقيل: التنبيه؛ لأن الله تعالى جَعَل للأختين الثلثين بقوله: {فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك} [النساء: 176]؛ لأنه إذا جعل للأختين الثلثين فالبنتان أولى؛ لأنهما أقرب منهما.

وقيل: الإجماع.

وقيل: القياس.

وأما كون أكثر من ثنتين لهن الثلثان؛ فللآية المذكورة.

(1) في أ: كانا.

(2)

ساقط من أ.

(3)

زيادة من ج.

(4)

سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..

ص: 331

قال: (وبنات الابن بمنزلة البنات إذا لم يكن بنات. فإن كانت بنت وبنات ابنٍ: فللبنت النصف، ولبنات الابن واحدةً كانت أو أكثر من ذلك السدس تكملة الثلثين. إلا أن يكون معهن ذكر فيعصبهن فيما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين).

أما كون بنات الابن بمنزلة البنات إذا لم يكن بنات؛ فلأن بنت الابن بنته كما أن ابن الابن ابنه، وإذا كان كذلك دخلن في قوله:{يوصيكم الله في أولادكم (1) الآية} [النساء: 11].

وإنما اشترط في كون بنات الابن بمنزلة البنات عدم البنات؛ لأن البنات الموجودات يأخذن الثلثين فلم يبق لبنات الابن من فرض البنات شيء. وكان ينبغي أن يقول: إذا لم يكن له بنتان؛ لأن بنات الابن لا يرثن مع البنتين شيئاً؛ لما ذكر.

وأما كون البنت لها النصف مع بنات الابن؛ فلأنه فرض الواحدة؛ لما تقدم.

وأما كون بنات الابن واحدة كانت أو أكثر لهن السدس تكملة الثلثين إذا لم يكن معهن ذكر؛ فلأن فرض البنات وإن كثرن الثلثان: أخذت البنت النصف؛ لأنه مفروض لها، والاسم متناولها حقيقةً فبقي البقية تمام الثلثين.

و«لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى بنت الابن مع البنت السدس» (2).

وأما كونهن إذا كان معهن ذكر يعصبهن فيما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين؛ فلأن قوله تعالى: {يوصيكم الله في أولادكم} [النساء: 11] يشمل بنات الابن إذا كان معهن ذكر.

ولأنه في درجتهن فيعصبهن؛ كالابن مع أخواته.

قال: (وإن استكمل البنات الثلثين سقط بنات الابن. إلا أن يكون معهن أو أنزل منهن ذكرٌ فيعصبهن فيما بقي).

أما كون بنات الابن تسقط إذا استكملت البنات الثلثين ولم يكن معهن من تقدم ذكره؛ فلأنهن يرثن ميراث البنات ولم يبق منه شيء.

(1) سقط لفظي: في أولادكم من أ.

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (31069) 6: 245 كتاب الفرائض، في ابنة وأخت وابنت ابن.

ص: 332

[وأما كونهن إذا كان معهن ذكر يعصبهن فيما بقي؛ فلما تقدم قبل](1).

وأما كونهن إذا كان معهن ذكر أنزل منهن يعصبهن فيما بقي؛ فلأنه ابنٌ في الجملة. أشبه الابن الذي معهن.

(1) ساقط من أ.

ص: 333

فصل [في حكم ميراث الأخوات]

قال المصنف رحمه الله تعالى: (وفرض الأخوات من الأبوين مثل فرض البنات سواء. والأخوات من الأب معهن؛ كبنات الابن مع البنات سواء. إلا أنه لا يعصبهن إلا أخوهن).

أما كون فرض الأخوات من الأبوين مثلَ فرض البنات سواء: للواحدة النصف وللاثنتين فصاعداً الثلثان؛ فلأن الله تعالى قال: {وله أختٌ فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولدٌ فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك} [النساء: 176].

وأما كون الأخوات من الأب مع الأخوات من الأبوين؛ كبنات الابن مع البنات سواء غير ما استثنى؛ فلأنهن يرثن ميراث الأخوات؛ كما يرث بنات الابن ميراث البنات.

فعلى هذا إذا كان له أختٌ لأبوين وأخواتٌ لأب أخذت التي لأبوين النصف؛ لأنه فرض الأخت الواحدة، وللأخوات السدس تكملة الثلثين. فإن كان معهن أخ عصبهن؛ لأن قوله تعالى:{وإن كانوا إخوةً رجالاً ونساءً فللذكر مثل حظِّ الأنثيين} [النساء: 176] يشملهم. وإن كان للميت أختان لأبوين فصاعداً سقط الأخوات لأبٍ؛ لأنه لم يبق من فرض الأخوات شيء. إلا أن يكون معهن أخ فيعصبهن ويرثن الباقي؛ لما تقدم من شمول الآية لذلك.

وأما كونهن لا يعصبهن غير أخيهن. بخلاف بنات الابن؛ فلأن ابن الأخ ليس بأخ. بخلاف ابن الابن (1) فإنه ابن.

(1) في أ: ابن ابن الابن.

ص: 334

قال: (والأخوات مع البنات عصبةٌ يرثن ما فضل؛ كالإخوة. وليست لهن معهن فريضة مسماة).

أما كون الأخوات مع البنات عصبة؛ فـ «لأن ابن مسعود قال في بنت وبنت ابن وأخت (1): لأقضين فيها بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: للبنت النصف ولبنت الابن السدس، وما بقي فللأخت» (2). رواه البخاري وغيره.

وأما كونهن يرثن ما فضل كالإخوة؛ فلأن هذا شأن العصبة.

وأما كونهن ليست لهن معهن فريضة مسماةٌ؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفرض للأخت مع البنت شيئاً في الحديث المذكور. بل جعل لها ما بقي، وليس هذا شأن صاحب الفرض.

(1) ساقط من أ.

(2)

أخرجه البخاري في صحيحه (6355) 6: 2477 كتاب الفرائض، باب ميراث ابنة ابن مع ابنة.

وأخرجه أبو داود في سننه (2890) 3: 120 كتاب الفرائض، باب ما جاء في ميراث الصلب.

وأخرجه الترمذي في جامعه (2093) 4: 415 كتاب الفرائض، باب ما جاء في ميراث ابنة الابن مع ابنة الصلب.

وأخرجه ابن ماجة في سننه (2721) 2: 909 كتاب الفرائض، باب فرائض الصلب.

قال الترمذي: حديث حسن صحيح.

ص: 335

فصل [في حكم ميراث ولد الأ م]

قال المصنف رحمه الله: (وللواحد من ولد الأم السدس. ذكراً كان أو أنثى. فإن كانا اثنين فصاعداً فلهم الثلث بينهم بالسوية).

أما كون الواحد من ولد الأم له السدس؛ فلأن الله تعالى قال: {وإن كان رجلٌ يورث كلالةً أو امرأةً وله أخٌ أو أختٌ فلكل واحدٍ منهما السدس} [النساء: 12].

وأما كونه له ذلك ذكراً كان أو أنثى؛ فلأن الله تعالى سوى بينهما في قوله: {وله أخٌ أو أختٌ فلكل واحدٍ منهما السدس} [النساء: 12].

وأما كون الاثنين فصاعداً منهم لهم الثلث بالسوية؛ فلأن الله تعالى قال: {فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث} [النساء: 12]، والشركة تقتضي التسوية. بدليل ما لو وصى لهم أو وهب لهم شيئاً.

ص: 336

فصل في الحجب

قال المصنف رحمه الله تعالى: (يَسقط الجد بالأب، وكل جدٍ بمن هو أقرب منه، والجدات بالأم، وولد الابن بالابن، وولد الأبوين بثلاثة: بالابن، وابنه، والأب).

أما كون الجد يسقط بالأب؛ فلأنه يدلي به.

وأما كون كل جدٍ يسقط بمن هو أقرب منه؛ فلأن القريب بالنسبة إلى البعيد أب.

وأما كون الجدات تسقط بالأم؛ فلأنهن يرثن ميراثها. ولا فرق بين الجدة التي من قبل الأم وبين الجدة التي من قبل الأب؛ لما ذكر.

أما الجدة التي من قبل الأم فظاهر؛ لأنها تدلي بالأم فأسقطتها.

وأما التي من قبل الأب؛ فلأنها (1) لو ورثت بالأب لما ورثت معه؛ لأن الشخص يسقط بمن يدلي به.

وأما كون ولد الابن يسقط بالابن؛ فلأن الابن ولد حقيقة. بخلاف ولد الابن.

ولأن ولد الابن يُدلي بالابن.

وأما كون ولد الأبوين يسقط بالابن وابنه؛ فلأن الله تعالى شرط في ميراثهم عدم الابن؛ لأنه قال: {إن امرؤٌ هلك ليس له ولدٌ وله أختٌ فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد

الآية} [النساء: 176].

فإن قيل: الولد يشمل الذكر والأنثى. فلم خصصتُمُ الحجب بالذكر؟

قيل: لأن ما تقدم دل على أن الأخوات مع البنات عصبة. فيخرج من الآية ذلك. عملاً بالدليل. فيبقى فيما عداه على مقتضاه.

(1) في أ: فلأنهما.

ص: 337

وأما كونه يسقط بالأب؛ فلأن الله تعالى شرط في ميراث ولد الأبوين كون الميت كلالة؛ لأنه قال: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤٌ هلك

الآية} [النساء: 176]. والكلالة: من لا ولد له ولا والد.

فإن قيل: مقتضى ذلك أن تحجبه الأم أيضاً.

قيل: نعم. إلا أنه دل الدليل على ميراثه معها فيبقى فيما عداه على مقتضاه.

قال: (ويَسقط ولد الأب بهؤلاء الثلاثة، وبالأخ من الأبوين).

أما كون ولد الأب يَسقط بالثلاثة المذكورة؛ فلأنها تُسقط ولد الأبوين فولد الأب بطريق الأولى.

وأما كونه يَسقط بولد الأبوين؛ فلأن علياً رضي الله عنه روى «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضَى بالدينِ قبلَ الوصيةِ، وأن أعيانَ بني الأم يتوارثونَ دونَ بني العلاتِ الرجلُ يرثُ أخاهُ لأبيهِ وأمهِ دونَ أخيهِ لأبيه» (1). رواه الترمذي.

ولأن ولد الأبوين أولى؛ لقوة قرابته بالأم.

قال: (ويَسقط ولد الأم بأربعة: بالولد ذكراً كان أو نثى، وولد الابن، والأب، والجد).

أما كون ولد الأم يسقط بالأربعة المذكورة؛ فلأن الله تعالى شرط في ميراثه كون الميت كلالة؛ لأنه قال: {وإن كان رجلٌ يورَثُ كلالةً أو امرأةٌ وله أخٌ أو أختٌ

الآية} [النساء: 12]. والكلالة: من لا ولد له ولا والد.

وأما كونه يسقط بالولد ذكراً كان أو نثى؛ فلأن اللفظ عامٌ، ولم يقم دليلٌ على تخصيص الذكر. فيجب العمل بالعامّ السالم عن المخصص له (2).

(1) أخرجه الترمذي في جامعه (2094) 4: 416 كتاب الفرائض، باب ما جاء في ميراث الإخوة من الأب والأم.

(2)

ساقط من أ.

ص: 338