المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب الولاء قال الله تعالى: {فإن لم تعلموا ءاباءهم فإخوانُكم في - الممتع في شرح المقنع - ت ابن دهيش ط ٣ - جـ ٣

[ابن المنجى، أبو البركات]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب العارية

- ‌كتاب الغصب

- ‌باب الشفعة

- ‌باب الوديعة

- ‌باب إحياء المَوَات

- ‌باب الجُعالة

- ‌باب اللقطة

- ‌باب اللقيط

- ‌كتاب الوقف

- ‌باب الهبة والعطية

- ‌كتاب الوصايا

- ‌كتاب الفرائض

- ‌باب ميراث ذوي الفروض

- ‌باب العصبات

- ‌باب أصول المسائل

- ‌باب تصحيح المسائل

- ‌باب المناسخات

- ‌باب قسمة التركات

- ‌باب ذوي الأرحام

- ‌باب ميراث الحمل

- ‌باب ميراث المفقود

- ‌باب ميراث الخنثى

- ‌باب ميراث الغرقى ومن عمي موتهم

- ‌باب ميراث أهل الملل

- ‌باب ميراث المطلقة

- ‌باب الإقرار بمشارك في الميراث

- ‌باب ميراث القاتل

- ‌باب ميراث المعتق بعضه

- ‌باب الولاء

- ‌كتاب العتق

- ‌باب التدبير

- ‌باب الكتابة

- ‌باب أحكام أمهات الأولاد

- ‌كتاب النكاح

- ‌باب أركان النكاح وشروطه

- ‌باب المحرمات في النكاح

- ‌باب الشروط في النكاح

- ‌باب حكم العيوب في النكاح

- ‌باب نكاح الكفار

- ‌كتاب الصداق

- ‌باب الوليمة

- ‌باب عشرة النساء

- ‌كتاب الخلع

- ‌نهاية السقط من المطبوعة

الفصل: ‌ ‌باب الولاء قال الله تعالى: {فإن لم تعلموا ءاباءهم فإخوانُكم في

‌باب الولاء

قال الله تعالى: {فإن لم تعلموا ءاباءهم فإخوانُكم في الدين ومَوَاليكم} [الأحزاب: 5].

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «الولاء لمن أعتق» (1) متفق عليه.

وقال عليه السلام: «الولاء لحمة كلحمة النسب» (2).

قال المصنف رحمه الله تعالى: (كل من أعتق عبداً أو عتق عليه برحمٍ أو كتابةٍ أو تدبيرٍ أو استيلادٍ أو وصيةٍ بعتقه: فله عليه الولاء، وعلى أولاده من زوجةٍ معتقةٍ، أو من أمته، وعلى معتقيه ومعتقي أولاده وأولادهم ومعتقهم أبداً ما تناسلوا).

أما كون الولاء للمعتِق على المعتَق بالمباشرة فظاهر؛ لأن الحديث يتناوله بصريحه.

وأما كونه له على من يعتق عليه بأحد الأسباب المذكورة؛ فلأنه عتق بسبب من جهته. أشبه ما لو باشره بالعتق.

وأما كون الولاء له على أولاد من له عليه الولاء وإن نزلوا؛ فلأن الولد تابع له.

ولأنه إذا كان الولاء له على الأصل. فلأن يكون له على الفرع بطريق الأولى.

ولأن الولد جزءٌ من الوالد أو كالجزء. فإذا كان الولاء له على الوالد. فلأن يكون له على جزئه أو ما هو كجزئه بطريق الأولى.

(1) أخرجه البخاري في صحيحه (2060) 2: 759 كتاب البيوع، باب إذا اشترط شروطاً في البيع لا تحل.

وأخرجه مسلم في صحيحه (1504) 2: 1141 كتاب العتق، باب إنما الولاء لمن أعتق.

(2)

سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..

ص: 439

واشترط المصنف رحمه الله تعالى في الولاء على الأولاد: أن يكونوا من زوجةٍ معتقة أو من أمته؛ لأن الزوجة إن كانت حرة الأصل لم يكن على الأولاد ولاء؛ لما سيأتي دليله في موضعه إن شاء الله تعالى.

والأمة إن كانت لغيره كان الولد عبداً، وإن عتق كان ولاؤه لمعتقه.

وأما كون الولاء له على معتقي المعتق ومعتقي أولاده؛ فلأن الولاء يثبت على المعتق للإنعام عليه والمنعِمُ على المنعَمِ عليه مُنعِمٌ عليه.

وأما كونه له ذلك على معتقي أولاد معتقيه وأولاد معتقي أولاد معتقيه (1)؛ فلأن نسبة الوالد إليهم كنسبة ولد المعتق إليه.

وأما كونه له ذلك على معتقي أولاد معتقي أولاد معتقيه (2) وإن بعد ذلك؛ فلأن المنعم على المنعم على من أعتقه منعم على من أعتقه وإن بعد.

قال: (ويرث به عند عدم العصبة من النسب، ثم يرث به عصباته من بعده الأقرب فالأقرب. وعنه: في المكاتب إذا أدى إلى الورثة أن ولاءه لهم. وإن أدى إليهما فولاؤه بينهما. ومن كان أحد أبويه حر الأصل ولم يمسّه رقٌ فلا ولاء عليه).

أما كون المعتِق يرث بالولاء عند عدم العصبة؛ فلما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم (3)«الولاء لحمة كلحمة النسب» (4)، ومن توريث النبي صلى الله عليه وسلم له عند عدم العصبة، ومن توريثه بنت حمزة من الذي أعتقته (5).

وأما كون عصباته من بعده ترث؛ فلأنه حق من حقوقه. فوجب أن ترث به عصباته؛ كالنسب.

وأما كون ذلك للأقرب فالأقرب؛ فلأن الإرث بالولاء مشبه بالإرث بالنسب. فوجب أن يثبت فيه حكمه.

(1) في أ: على أولاد معتقه وأولاد معتقي أولاد معتقه.

(2)

في أ: معتقه.

(3)

زيادة من ج.

(4)

سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..

(5)

سبق ذكره ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..

ص: 440

وأما كون ولاء المكاتب إذا أدى إلى الورثة لهم على روايةٍ؛ فلأن المكاتب عبد فإذا مات السيد انتقل إلى الورثة مكاتباً. فإذا أدى عتق عليهم؛ كما لو اشتراه شخص فأدى إليه.

وأما كون ولائه بينهما إذا أدى إليهما على روايةٍ؛ فلأن العتق (1) يتبع الأداء في رواية.

وأما كون من كان أحد أبويه حر الأصل ولم يمسه رقٌّ لا ولاء عليه؛ فلأن الأم إن كانت حرة الأصل فالولد يتبعها في انتفاء الرق إذا كان الأب رقيقاً. فلأن يتبعها في نفي الولاء وحده أولى.

والأب إن كان حر الأصل فالولد يتبعه فيما إذا كان عليه ولاء بحيث يصير الولاء عليه لموالي أبيه (2). فلأن يتبعه في سقوط الولاء عنه بطريق الأولى.

قال: (ومن أعتق سائبةً أو في زكاته أو نذره أو كفارته ففيه روايتان:

أحدهما: له عليه الولاء.

والثانية: لا ولاء له عليه. وما رجع من ميراثه ردّ في مثله يُشترى به رقابٌ يعتقهم).

أما كون العتق سائبة فأن يقول لعبده: أعتقتك سائبة، أو أعتقتك ولا ولاء لي عليك.

وأما كون الولاء للمعتِق على المعتَق سائبةً في روايةٍ؛ فلدخوله في قوله عليه السلام: «الولاءُ لمن أعتَقْ» (3).

وأما كونه لا ولاء له عليه وما رجع من ميراثه يُشترَى به مثله في روايةٍ؛ فلأنه جعله لله.

و«لأن ابن عمرَ أعتقَ عبداً سائبة فماتَ فاشترى بمالهِ رِقاباً فأعتقهُم» .

(1) في أ: المعتق.

(2)

في أ: ابنه.

(3)

سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..

ص: 441

قال المصنف في المغني: والأول أصح في الأثر والنظر؛ لما روي عن عطاء «أن طارق بن المرقع أعتقَ سوائبَ فماتُوا فكتبَ عمر: أن ادفعْ مالَ الرجلِ إلى مولاهُ فإن قبلهُ وإلا فاشترِ بهِ رِقاباً فأعتقهمْ عنْه» (1).

وروي «أن رجلاً جاء إلى عبدالله فقال: إني أعتقت عبداً لي وجعلته سائبة فمات وترك مالاً ولم يدع وارثاً. فقال عبدالله: أنت وليّ نعمته

مختصر» (2) رواه مسلم.

وأما فعل ابن عمر فمحمول على الورع (3)؛ لأن في ذلك جمعاً بين فعله وقوله مع موافقة الآثار المذكورة.

وأما كون الولاء للمعتِق على المعتَق في زكاته في روايةٍ؛ فلدخوله في الحديث.

ولأن عائشة اشترت بريرة بشرط العتق (4) وهو يوجب العتق، ولم يمنع ذلك ثبوت الولاء لها عليها.

وأما كونه لا ولاء له عليه في روايةٍ؛ فلأنه أعتقه من غير ماله. فلم يكن له الولاء عليه؛ كما لو دفعها إلى الساعي فاشترى بها وأعتق، وكما لو دفع إلى المكاتب مالاً فأداه في كتابته.

والفرق بين ذلك وبين اشتراط العتق: أنه في الاشتراط أعتق ماله.

وأما كون الولاء للمعتِق على المعتَق في نذره أو كفارته في روايةٍ، وكونه لا ولاء له عليه في روايةٍ؛ فلاشتراكه مع المعتق في كونه من شيء واجب عليه صرفه في جهته.

(1) أخرجه سعيد بن منصور في سننه (223) 1: 83 كتاب الفرائض باب ميراث السائبة.

وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 10: 300 كتاب الولاء، باب من أعتق عبداً له سائبة.

(2)

أخرجه البيهقي في الموضع السابق. ولم أره في مسلم

(3)

في أ: الفروع.

(4)

أخرجه البخاري في صحيحه (2060) 2: 759 كتاب البيوع، باب إذا اشترط شروطاً في البيع لا تحل.

وأخرجه مسلم في صحيحه (1504) 2: 1141 كتاب العتق، باب إنما الولاء لمن أعتق.

ص: 442

قال: (ومن أعتق عبدَه عن ميتٍ أو حيٍّ بلا أمره فولاؤه للمعتق. وإن أعتقه عنه بأمره فالولاءُ للمعتق عنه).

أما كون الولاء للمعتِق فيما إذا أعتق عبده عن غيره بلا أمره؛ فلأنه معتق فدخل في قوله عليه السلام: «وإنما الولاء لمن أعتق» (1).

وأما كون الولاء للمعتق عنه فيما إذا أعتقه عنه بأمره؛ فلأنه نائبٌ عنه في الإعتاق. فكان الولاء للمعتق عنه؛ كما لو باشره.

قال: (فإذا قال: أعتق عبدك عني وعليّ ثمنه ففعل فالثمن عليه والولاء للمعتق عنه. وإن قال: أعتقه والثمن عليّ ففعل فالثمن عليه والولاء للمعتق).

أما كون الثمن على القائل في المسألة الأولى والولاء للمعتق عنه؛ فلأنه أعتق عنه بشرط العوض فتقدر ابتياعه منه ثم توكيله في عتقه (2) ليصح عتقه عنه فيكون الثمن عليه والولاء له؛ كما لو ابتاعه منه ثم وكله في عتقه.

وأما كون الثمن عليه في المسألة الثانية؛ فلأنه جعل له جعلاً على إعتاق عبده. فلزمه ذلك بالعمل؛ كما لو قال: من بنى هذا الحائط فله دينار فبناه إنسان.

وأما كون الولاء للمعتق؛ فلأنه لم يأمره بإعتاقه عنه ولا قصد به المعتق ذلك. فلم يوجد ما يقتضي صرفه إليه فيبقى للمعتق؛ لما تقدم في الحديث.

قال: (وإن قال الكافر لرجلٍ: أعتق عبدك المسلم عني وعليّ ثمنه ففعل فهل يصح؟ على وجهين)(3).

أما كون ما ذكر لا يصح على وجهٍ؛ فلأنه تلزم من الصحة ثبوت الملك المقدر للكافر على المسلم، والمقدر كالمحقق، وثبوت المحقق لا يجوز؛ لما فيه من الصَّغَار. فكذلك ثبوت ما يشبهه.

وأما كونه يصح على وجهٍ؛ فلأنه يحصل له نفعٌ عظيم في مقابلة ثبوت الملك المقدر؛ لأن خلاص الرقبة فيه نفع عظيم؛ لأنه يصير متهيئاً للطاعات وإكمال القربات.

(1) سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..

(2)

في أ: ثم عتقه.

(3)

في أ: وعليّ ثمني ففعل فهل يصح فعلى وجهين.

ص: 443

قال: (ومن أعتق عبداً يُباينه في دينه فله ولاؤه وهل يرث به؟ على روايتين: أحدهما: لا يرث؛ لكن إن كان له عصبة على دين المعتَق ورثَه. وإن أسلم الكافر منهما ورث المعتِق روايةً واحدة).

أما كون من أعتق عبداً يباينه في دينه له ولاؤه؛ فلأنه معتق. فيدخل في عموم قوله عليه السلام: «وإنما الولاء لمن أعتق» (1).

وأما كونه يرث به (2) على روايةٍ؛ فلأنه يروى عن علي أنه قال: «الولاءُ شعبةٌ منَ الرّق» (3).

وأما كونه لا يرث به على روايةٍ؛ فلقوله عليه السلام: «لا يرثُ المسلمُ الكافرَ، ولا الكافرُ المسلمَ» (4).

ولأنه ميراث. فمنعه منه تباين الدين؛ كميراث النسب.

قال المصنف في المغني: وهذا -يعني عدم الإرث- أصح في الأثر والنظر. وظاهر كلام أحمد الإرث به (5)؛ لأنه شبهه بالرق فلم يصر تباين الدين. بخلاف الإرث بالنسب.

فعلى هذا إذا مات معتق وخلّف مولاه المباين له في دينه وعصبة له على وفق دين المعتق يكون ميراثه لمولاه على الرواية الأولى ولعصبة مولاه على الثانية. وإن أسلم الكافر من السيد والمعتق ورثه السيد قولاً واحداً؛ لأن الولاء له ولا مانع من الإرث. فوجب ثبوته عملاً بالمقتضي السالم عن المعارض.

(1) سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..

(2)

في أ: يرثه.

(3)

أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 10: 302 - 303 كتاب الولاء، باب: المولى المعتَق إذا مات ولم يكن له عصبة قام المعتِق مقام العصبة.

(4)

سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..

(5)

ساقط من أ.

ص: 444

فصل [في إرث النساء من الولاء]

قال المصنف رحمه الله تعالى: (ولا يرثُ النساء من الولاء إلا ما أعتقن، أو أعتق من أعتقن، أو كاتبن، أو كاتب من كاتبن. وعنه: في بنت المعتق خاصة ترث. والأول أصح).

أما كون النساء لا يرثن بالولاء من لم يعتقنه (1) وإن أعتقه موروثهن على المذهب؛ فلأن المرأة من موروثها المعتق بمنزلة النسب من الأخ والعم ونحوهما فولده من العتيق بمنزلة ولد أخيه وعمه، ولا ترث منهم الأنثى. فكذلك هاهنا.

وأما كونهن يرثن ما أعتقن

إلى آخره؛ فلأن عائشة أعتقت بريرة. وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيها: «إنما الولاء لمن أعتق» (2) متفق عليه.

وقال صلى الله عليه وسلم: «تحوزُ المرأةُ ثلاثةُ مواريث: عَتيقَهَا ولقِيطَهَا وولَدَهَا الذي لاعنتْ عليه» (3). قال الترمذي: حديث حسن.

ولأن المرأة منعمة بالإعتاق. أشبهت الرجل.

وأما كون بنت المعتق خاصة ترث على روايةٍ؛ فلما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ورّث بنت حمزة من الذي أعتقه حمزة (4).

وأما كون الأول أصح؛ فلأن البنت من النساء فلا ترث معتق ابنها كسائر النساء. وأما الحديث فقال عبدالله بن شداد: «كان لبنت حمزة مولى أعتقته فمات وترك ابنته ومولاته بنت حمزة. فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأعطى ابنته النصف وأعطى مولاته بنت حمزة النصف -قال عبدالله بن شداد: أنا أعلم بها لأنها أختي

(1) في أ: يعتقه إلى آخره.

(2)

سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..

(3)

سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..

(4)

سبق ذكره ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..

ص: 445

من أمي أمنا سلمى-» (1). رواه اللبان بإسناده. وقال: هذا أصح مما روى إبراهيم. يعني أن الولاء (2) كان لحمزة.

قال: (ولا يرث منه ذو فرضٍ إلا الأب والجد يرثان السدس مع الابن، والجد يرث الثلث مع الإخوة إذا كان أحظ له).

أما كون ذي الفرض غير الأب والجد لا يرث من الولاء؛ كالأخ من الأم والزوج إذا لم يكونا ابني عم؛ فلأنه مختص بالعصبات، وليس من ذكر عصبة بحال.

وأما كون الأب يرث السدس مع الابن؛ فلأنه عصبة في الجملة، وهو يرث السدس مع الابن في غير الولاء. فكذا في الولاء.

وأما كون الجد يرث ذلك مع الابن؛ فلأنه يرث ذلك معه مع عدم الأب في غير الولاء. فكذا فيه.

وأما كونه يرث الثلث مع الإخوة إذا كان أحظ له؛ فلأنه يرث ذلك معهم في غير الولاء. فكذلك في الولاء.

قال: (والولاء لا يورث وإنما يورث به ولا يباعُ ولا يوهب).

أما كون الولاء لا يورث وإنما يورث به؛ لأنه قول عمر وعلي وزيد بن ثابت وابن مسعود وأبي بن كعب وابن عمر وأبي مسعود البدري وأسامة بن زيد [رضي الله عنهم](3).

ولأن النبي صلى الله عليه وسلم شبهه بالنسب (4)، والنسب لا يورَث وإنما يورَث به.

وأما كونه لا يباع ولا يوهب؛ فـ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهَى عن بيعِ الولاءِ وهبتِه» (5). [متفق عليه](6).

(1) أخرجه سعيد بن منصور في سننه (174) 1: 73 كتاب الفرائض، باب ميراث المولى مع الورثة.

(2)

في أ: المولى.

(3)

زيادة من ج.

(4)

وذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: «الولاء لحمة كلحمة النسب» . وقد سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..

(5)

أخرجه البخاري في صحيحه (2398) 2: 896 كتاب العتق، باب بيع الولاء وهبته.

وأخرجه مسلم في صحيحه (1506) 2: 1145 كتاب العتق، باب النهي عن بيع الولاء وهبته.

(6)

زيادة من ج.

ص: 446

قال: (وهو للكِبَر (1). فإذا مات المعتق وخلف عتيقه وابنين فمات أحد الابنين بعده عن ابن، ثم مات العتيق فالميراث لابن المعتق. وإن مات الابنان بعده وقبل مولاه وخلّف أحدهما ابناً والآخر تسعة فولاؤه بينهم على عددهم لكل واحدٍ عشرة).

أما قول المصنف رحمه الله تعالى: وهو للكِبَر (2)؛ فمعناه أن المعتق يرثه من عصبات سيده أقربهم إليه وأولاهم بميراثه يوم مات.

قال ابن سيرين: إذا مات المعتق نظر إلى أقرب الناس إلى الذي أعتقه فيجعل ميراثه له. وسيتضح ذلك بالمسألة المذكورة بعد.

وأما كون الميراث لابن المعتق دون ابن ابنه فيما إذا مات المعتق وخلّف عتيقه وابنين فمات أحد الابنين بعده عن ابن ثم مات المعتق؛ فلأن ابن المعتق أقرب عصبة السيد؛ لأن السيد لو مات وترك ابنه وابن ابنه كان ميراثه لابنه دون ابن ابنه.

وأما كون الولاء بين البنين على عددهم لكل واحدٍ عشرة فيما إذا مات الابنان بعده وقبل المولى وخلّف أحدهما ابناً والآخر تسعة؛ فلأن السيد لو مات كان ميراثه بينهم كذلك. فكذلك ميراث مولاه.

قال: (وإذا اشترى رجلٌ وأخته أباهما أو أخاهما فعتق ثم اشترى عبداً فأعتقه، ثم مات المعتق، ثم مات مولاه: ورثه الرجل دون أخته. وإذا ماتت المرأة وخلّفت ابنها وعصبتها ومولاها فولاؤه لابنها، وعقله على عصبتها).

أما كون الإرث في المسألة الأولى للرجل دون أخته؛ فلأنه عصبة المعتق، والأخت مولاة المعتق، وعصبة المعتق مقدمة على معتق المعتق.

وأما كون الولاء لابن المرأة وعقله على عصبتها؛ فلما روى زياد بن أبي مريم «أن امرأةً أعتقتْ عبداً لها ثمّ توفيتْ، وتركتْ ابناً لها وأخاها ثم توفي مولَاهَا من بعدها. فأتَى أخو المرأةِ وابنَهَا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ميراثِهِ. فقال عليه السلام: ميراثُهُ

(1) في أ: الكبر.

(2)

في أ: الكبر.

ص: 447

لابنِ المرأةِ. فقالَ أخوهَا: لوْ جَرَّ جريرةً كانتْ عليّ ويكون ميراثهُ لهذا؟ قال: نعم» (1).

وروى إبراهيم قال: «اختصمَ عليّ والزبير في مولىَ صفية. فقال عليّ: مولى عمتي وأنا أعقلُ عنه، وقال الزبير (2): مولى أمي وأنا أرثُه. فقضى عمر للزبير بميراثِهِ، وقضى علَى عليٍّ بالعقل» (3). رواه الإمام أحمد وسعيد في السنن رضي الله عنهما.

(1) أخرجه الدارمي في سننه (3005) 2: 253 كتاب الفرائض، باب الولاء.

(2)

في أ: قال الزبير.

(3)

أخرجه سعيد بن منصور في سننه (274) 1: 94 كتاب الفرائض، باب الرجل يعتق فيموت ويترك ورثة ثم يموت المعتق.

ص: 448

فصل في جر الولاء

قال المصنف رحمه الله تعالى: (كل من باشرَ العتق أو عتق عليه لا ينتقل عنه بحال. فأما إن تزوج العبد معتقة فأولدها فولاء ولدها لمولى أمه. فإن أعتق العبد سيده انجرّ ولاء ولده إليه، ولا يعود إلى موالي الأم بحال).

أما كون ولاء من باشر العتق أو عتق عليه لا ينتقل عنه بحال؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم أثبت الولاء له.

ولأن غيره ليس مثله في النعمة.

ولأن مقتضى الدليل أن لا ينتقل حق عن مستحقه. خولف فيمن اشترى أبا من عليهم الولاء تبعا لأمهم للحديث. فيبقى فيما عداه على مقتضى الدليل.

وأما كون الولاء لمولى الأم فيما إذا تزوج العبد معتقة فأولدها؛ فلأن مولى الأم هو سبب الإنعام على الولد؛ لكونه انعتق بعتق أمه.

وأما كون الولاء ينجرّ إلى سيد العبد إذا أعتقه فلما روى عبدالرحمن عن الزبير «أنه لما قدمَ خيبر رأى فتيةً لُعْساً فأعجبهُ ظرْفُهم وجمالُهم. فسألَ عنهم. فقيلَ: موالي رافع بن خديج وأبوهم مملوك لآلِ الحرقة. فاشترَى الزبيرُ أباهمْ فأعتقه، وقال لأولاده: انتسبوا إليّ فإن ولاءكمْ لي. فقال رافع: الولاءُ لي فإنهم عتقُوا بعتقي أمهم. فاحتكمُوا إلى عثمان فقضَى بالولاءِ للزبير» (1). فاجتمعت الصحابة عليه.

ولأن الانتساب إلى الأب تعذر لما كان عبداً. فإذا عتق زال ذلك. فوجب عوده؛ لزوال التعذر.

وأما كون الولاء لا يعود إلى موالي الأم بحال. والمراد بذلك: أنه إذا انقرض موالي الأب لا يرجع الولاء إلى موالي الأم بل يكون لبيت المال؛ فلأن الولاء جرى

(1) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 10: 307 كتاب الولاء، باب ما جاء في جر الولاء.

ص: 449

مجرى الانتساب ولو انقرض الأب وآباؤه لم تعد النسبة (1) إلى الأم. فكذلك الولاء. وإذا لم تعد إلى موالي الأم، ولم يبق من موالي الأب أحد تعين كونه لبيت المال؛ كما لو مات المعتق ولا موالي له.

قال: (وإن أعتق الجد لم يجرّ ولاءهم في أصح الروايتين. وعنه: يجره).

أما كون معتق الجد لا يجر ولاء ولد ولده على روايةٍ؛ فلأنه لا نص فيه.

وأما كونه يجره على روايةٍ؛ فلأنه أب في الجملة. فجره؛ كالأب.

ولأن الجد يقوم مقام الأب في التعصيب وأحكام النسب. فكذلك في جر الولاء.

وأما (2) كون الأولى وهي أصح في المذهب؛ فلأن الأصل بقاء الولاء لمستحقه. خولف هذا الأصل فيما إذا أعتق الأب؛ للاتفاق عليه. والجد لا يساويه بدليل أنه لو أعتق الأب بعد الجد جره عنه موالي الجد إليه، ولو أسلم الجد لم يتبعه ولد ولده.

ولأن الجد يدلي بغيره. فيبقى فيما عداه على مقتضى الأصل.

قال: (وإن اشترى الابن أباه عتق عليه وله ولاؤه وولاء إخوته، ويبقى ولاؤه لمولى أمه؛ لأنه لا يجر ولاء نفسه).

أما كون الابن إذا اشترى أباه يعتق عليه؛ فلقوله صلى الله عليه وسلم: «منْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فهوَ حُرّ» (3).

وأما كونه له ولاؤه؛ فلأنه عتق بسبب شرائه له فكان ولاؤه له؛ كما لو باشره بالعتق.

وأما كونه له ولاء إخوته؛ فلأنهم تبع لأبيهم.

وأما كون ولائِه يبقى لمولى أمه؛ فلما ذكر المصنف رحمه الله تعالى.

(1) في أ: يعد النسب.

(2)

في أ: أما.

(3)

أخرجه أبو داود في سننه (3949) 4: 26 كتاب العتق، باب فيمن ملك ذا رحم محرم.

وأخرجه الترمذي في جامعه (1365) 3: 492 كتاب الأحكام، باب ما جاء فيمن ملك ذا رحم محرم.

وأخرجه ابن ماجة في سننه (2524) 2: 843 كتاب العتق، باب من ملك ذا رحم محرم فهو حر.

ص: 450

قال: (وإن اشترى الولد عبداً فأعتقه، ثم اشترى العتيق أبا معتقه فأعتقه: ثبت له ولاؤه وجر ولاء معتقه فصار كل واحدٍ منهما مولى الآخر. ومثله لو أعتق الحربي عبداً ثم سبى العبد مُعتقه فأعتقه فلكل واحد منهما ولاء صاحبه).

أما كون الولاء يثبت للعتيق على أبي معتقه؛ فلأنه معتقُه.

وأما كونه يجر ولاء معتقه؛ فلأنه أعتق أباه.

وأما كون كل واحدٍ منهما يصير مولى الآخر؛ فلأن الولد مولى المعتق؛ لأنه أعتقه والمعتق مولى الولد؛ لأنه أعتق أباه.

ولا بد أن يلحظ أن الولد كان من معتقه ليكون الولاء عليه لمولى أمه حتى ينجر ولاؤه إلى المعتق بشراء أبيه. ولو قدر أن الولد من حرة الأصل لم يكن عليه ولاء فضلاً أن ينجر إلى أحد.

وأما كون الحربي إذا أعتق عبداً ثم سبى العبد معتقه فأعتقه مثل ما تقدم ذكره؛ فلأنهما سواء معنى فكذا يجب (1) أن يكون حكماً.

وأما كون كل واحدٍ منهما له ولاء صاحبه؛ فلأن كل واحدٍ منعم على الآخر بخلاص رقبته من الرق.

(1) في أ: يجوز.

ص: 451

فصل في دور الولاء

قال المصنف رحمه الله تعالى: (إذا اشترى ابنٌ وبنت معتقة أباهما فعتق عليهما: صار ولاؤه لهما نصفين، وجر كل واحدٍ منهما نصف ولاء صاحبه، ويبقى نصفه لمولى أمه).

أما كون ولاء الأب المعتق يصير لابنه وبنته المشتريين له نصفين؛ فلأن كل واحدٍ عتق عليه نصفه.

وأما كون كل واحدٍ منهما يجر نصف ولاء (1) صاحبه؛ فلأن ولاء الولد تابع لولاء الأب.

وأما كون نصفه يبقى لمولى أمه؛ فلأن الشخص لا يجر ولاء نفسه.

قال: (فإن مات الأب ورثاه أثلاثاً. وإن ماتت البنت بعده ورثها أخوها بالنسب ثم إذا مات أخوها فماله لمواليه وهم: أخته وموالي أمه: فلموالي أمه النصف (2)، والنصف الآخر لموالي الأخت وهم: أخوها وموالي أمها. فلموالي أمها نصف ذلك وهو الربع يبقى الربع وهو الجزء الدائر؛ لأنه خرج من الأخ وعاد إليه ففيه وجهان:

أحدهما: أنه لموالي الأم.

والثاني: أنه لبيت المال؛ لأنه لا مستحق له).

أما كون الابن والبنت يرثان الأب أثلاثاً؛ فلأن ميراث النسب مقدمٌ على الولاء، وميراث النسب للذكر مثل حظ الأنثيين.

وأما كون الأخ يرث أخته بالنسب؛ فظاهر.

(1) ساقط من أ.

(2)

في أ: بالنصف.

ص: 452

وأما كون مال الأخ لمواليه؛ فلأنه لا مناسب له.

وأما كون النصف لموالي الأم والنصف الآخر لموالي الأخت (1)؛ فلأن الولاء بينهما نصفين.

وأما كون الربع من النصف الذي لموالي الأخت لموالي الأم؛ فلأن ولاء الأخت بين الأخ وموالى الأخت نصفين.

وأما كون الربع هو الجزء الدائر؛ فلما ذكر المصنف.

وأما كونه لموالي الأم في وجهٍ؛ فلأنهم أولى من غيرهم (2).

وأما كونه لبيت المال في وجهٍ؛ فلما ذكر المصنف رحمه الله من أنه لا مستحق له.

(1) في أ: لموالي الأخت لموالي الأم.

(2)

في أ: فلأنه أولى من غيره.

ص: 453