الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب المناسخات
قال المصنف رحمه الله تعالى: (ومعناها: أن يموت بعض ورثة الميت قبل قسمة تركته. ولها ثلاثة أحوال:
أحدها: أن يكون ورثة الثاني يرثونه على حسب ميراثهم من الأول مثل أن يكونوا (1) عصبة لهما. فاقسم المال بين من بقي منهم. ولا ينظر إلى الميت الأول).
أما قول المصنف رحمه الله: ومعناها أن يموت بعض ورثة الميت قبل قسم تركته؛ فبيان لمعنى المناسخات.
وأما كونها لها ثلاثة أحوال؛ فلأن الوارث تارة يرث الثاني على حسب ما ورث الأول، وتارة لا يرث منه شيئاً، وتارة ما عدا الحالين المذكورين. وسيأتي بيان ذلك كله في مواضعه.
وأما كون أحدها: أن يكون ورثة الثاني يرثونه على حسب ميراثهم من الأول؛ فظاهر.
وأما قول المصنف رحمه الله: مثل أن يكونوا (2) عصبة لهما؛ فبيان لما تقدمه.
وأما كون المال يقسّم على من بقي ولا ينظر إلى الميت الأول؛ فلأن من (3) بقي هم أصحاب المال وهو بينهم بالسوية. فلا حاجة إلى النظر إلى الميت الأول (4).
فإن قيل: ما مثال ذلك؟
(1) في أ: يكون.
(2)
مثل السابق.
(3)
في أ: ما.
(4)
ساقط من أ.
قيل: مثاله أربعة إخوة، وأخت. مات أخ ثم مات آخر. فالأخ والأخت الباقيان عصبة للأول والثاني. فالمال بينهما على ثلاثة: للأخ سهمان، وللأخت سهم.
قال المصنف في المغني: وقد يتفق هذا في أصحاب الفروض في مسائل يسيرة؛ كرجل مات عن امرأةٍ، وثلاثة بنين، وبنت. فإن للمرأة من الأولى سهماً مثل سهم البنت وكنصف سهم ابنٍ وكذلك لها من الثانية. هذا لفظه. وفي المسألة حذف تقديره: كرجلٍ مات عن امرأةٍ وثلاثة بنين وبنت ثم مات أحد البنين والمرأة أمّهم. وتحقيق المسألة: أن الأولى تصح من ثمانية: للمرأة منها سهم، وللبنت سهم، ولكل ابنٍ سهمان. والثانية تصح من ستة: للأم سهم، وللبنت سهم، ولكل ابنٍ سهمان. فللأم من الثانية لكونها أماً مثل ما لها من الأولى؛ لكونها زوجة فلا حاجة إلى العمل بل اقسم المال كله (1) على ستة كما تقدم في العصبة لهما.
قال: (الثاني: أن يكون ما بعد الميت الأول (2) من الموتى لا يرث بعضهم بعضاً؛ كإخوة خلّف كل واحدٍ منهم بنيه فاجعل مسائلهم كعددٍ انكسرت عليهم سهامهم، وصحح على ما ذكرنا في باب التصحيح).
أما كون مسائل من ذكر تجعل كعددٍ انكسرت عليهم سهامهم؛ فلأن كل مسألة لمستحقها فهي كالعدد المذكور.
وأما كونها تصحح على ما ذكر في باب التصحيح؛ فلأن المسائل كالأعداد. وطريق تصحيحها ما تقدم في الباب المذكور (3) فكذا ما يشبهها.
فعلى هذا قل: مسألة الأول من ثلاثة؛ لأن الميت أبو الإخوة الثلاثة، أو أخوهم، ثم انظر في مسألة الثاني والثالث هل ينقسم سهمه على وارثه أم لا؟ فإن انقسم فلا كلام، وإن لم ينقسم ولم يوافق كمسألة المصنف رحمه الله تعالى فإنه (4) جعل لكل أخٍ بنين وذلك جمع، وأقله ثلاثة، وسهمه لا يصح عليهم ولا يوافق.
(1) زيادة من ج.
(2)
في أ: الأولى.
(3)
باب تصحيح المسائل ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..
(4)
في أ: لأنه.
فصحح المسألة الثانية والثالثة والرابعة، وانظر هل الثلاث متباينات أو متوافقات أو متناسبات أو متماثلاث. وهو المعني بجعل المسائل كعددٍ انسكرت عليهم سهامهم. فإن كانت المسائل متبايناتٍ فاضرب بعضها في بعض، ثم اضرب ما بلغ في المسألة الأولى. وهو المعني بقوله: وصحح على ما ذكرنا؛ لأنه هكذا صحح الأعداد المتباينة. وإن كانت متوافقة فاضرب بعضها في وفق بعض، ثم في (1) المسألة الأولى. وإن كانت متناسبةً فاضرب أكثرها في الأولى. وإن كانت متماثلة فاضرب إحداها في المسألة الأولى.
فإن قيل: ما مثال ذلك؟
قيل: مثال المتباينة: مات أحد الإخوة وخلّف ابنين، والآخر ثلاثة، والآخر خمسة. فمسألة كل واحدٍ بعدد أولاده. فاضرب اثنين في ثلاثة تكن ستة، ثم في خمسة تكن ثلاثين، ثم في المسألة الأولى تكن تسعين.
ومثال المتوافقة: أن يخلّف الأول أربعة، والثاني ستة، والثالث تسعة، والستة توافق الأربعة والتسعة. فاضرب ستة في اثنين يكن اثني عشر، ثم انظر هل بين ذلك وبين التسعة موافقة تجدها هنا بالثلث. فاضرب اثني عشر في ثلاثة تكن ستة وثلاثين، ثم اضرب ذلك في المسألة الأولى تكن مائة وثمانية.
ومثال المتناسبة: أن يخلّف الأول اثنين، والثاني أربعة، والثالث ثمانية. فاضرب ثمانية في المسألة الأولى تكن أربعة وعشرين.
ومثال المتماثلة: أن يخلّف الأول اثنين، والثاني اثنين، والثالث اثنين. فاضرب اثنين في المسألة الأولى تكن ستة.
(1) ساقط من أ.
قال: (الثالث: ما عدا ذلك. فصحح مسألة الأول، وانظر ما صار إلى الثاني فاقتسمه على مسألته. فإن انقسم صحت المسألتان مما صحت به الأولى؛ كرجل خلّف امرأة وبنتاً وأخاً ثم ماتت البنت وخلّفت زوجاً وبنتاً وعمها فإن لها أربعة، ومسألتها من أربعة فصحت المسألتان من ثمانية، وصار للأخ أربعة).
أما قول المصنف رحمه الله تعالى: ما عدا ذلك فالمراد ما عدا الحالين المذكورين قبل، ويشمل ذلك صوراً:
أحدها: أن يكون في المسألة من يرث من الأول دون الثاني وبالعكس كما مثل المصنف رحمه الله. فإن المرأة لا ترث من الثاني، وزوج البنت وبنتها لا ترثان من الأول. فطريق العمل أن تصحح المسألة الأولى وهي من ثمانية؛ لأن فيها نصفاً وثمناً، وما بقي للمرأة الثمن سهم، وللبنت النصف أربعة، والباقي للأخ وهو ثلاثة، ثم ينظر ما صار إلى الثاني وهو هنا أربعة؛ لأن الميت البنت فتقسمها على مسألة ورثتها وهي من أربعة؛ لأن فيها ربعاً ونصفاً وما بقي للزوج الربع سهم، وللبنت النصف اثنان، وللعم ما بقي سهم فيكون مجموع ما حصل له من الأولى والثانية أربعة ثلاثة من الأولى، وسهم من الثانية.
وثانيها: أن يكون في المسألة من يرث من الأولى دون الثانية وورثة الثاني هم بقية ورثة الأول؛ كرجلٍ خلّف زوجة، وسبعة بنين، ثم مات أحد البنين فالمسألة الأولى من ثمانية: للزوجة سهم، ولكل ابنٍ سهم. والمسألة الثانية من سبعة: لكل أخٍ سهم، ومجموع ما حصل لكل واحدٍ سهمان.
وثالثها: أن يكون في المسألة من يرث من الثاني دون الأول؛ كرجلٍ خلّف ثلاثة بنين فمات أحدهم وخلّف زوجة وأخويه. مسألة الأول من ثلاثة، والثاني من أربعة.
ورابعها: أن يكون ورثة الأول لا يرثون الثاني على حسب ما ورثوا الأول؛ كرجلٍ مات وخلّف أماً وأخوين، ثم مات أحد الأخوين وخلّف أمه وأخاه. مسألة الأول من ستة، وتصح من اثني عشر. ومسألة الثاني من ثلاثة وسهمه من الأول خمسة وذلك على ثلاثة لا يصح ولا يوافق فاضرب اثني عشر في خمسة يكن ستين.
قال: (فإن لم ينقسم وافقتَ بين سهامه ومسألته، ثم ضربتَ وفق مسألته في المسألة الأولى، ثم كل من له شيء من الأولى مضروب في وفق (1) الثانية. ومن له شيء من الثانية مضروب في وفق سهام الميت الثاني؛ مثل: أن تكون الزوجة أماً للبنت في مسألتنا فإن مسألتها من اثني عشر توافق سهامها بالربع فترجع إلى ربعها ثلاثة تضربها في الأولى تكن أربعة وعشرين).
أما (2) كون عامل المسألة يوافق بين السهام والمسألة؛ فلما تقدم.
وأما كونه يضرب وفق المسألة في المسألة الأولى؛ فلأن ذلك كافٍ في خروج ذلك بلا كسر.
وأما كون كل من له شيء من الأولى مضروباً في وفق الثانية
…
إلى آخره؛ فلأن به (3) يعلم مقدار ما لكل واحد.
وأما قول المصنف رحمه الله تعالى: مثل أن تكون الزوجة أماً للبنت في مسألتنا؛ فبيان لمسألة يقع التوافق بين سهام الثاني ومسألته.
والمراد بقوله: في مسألتنا في المسألة الأولى.
وأما قوله: فإن مسألتها من اثني عشر. فالمراد به مسألة البنت. وإنما كانت من ذلك؛ لأن فيها سدساً وربعاً ونصفاً.
وأما كون مسألتها توافق سهامها بالربع؛ فلأن لها من الأولى أربعة وبينها وبين اثني عشر موافقة بالأرباع.
وأما كون مسألتها ترجع إلى ربعها ثلاثة؛ فلأنها وفقها.
وأما كون الثلاثة تضرب في المسألة الأولى وهي ثمانية؛ فلتصح المسألتان من عددٍ واحد.
وأما كونها تكون أربعة وعشرين؛ فلأن الثلاثة إذا ضربت في ثمانية يكون كذلك.
(1) ساقط من أ.
(2)
في أ: وأما.
(3)
في أ: فلأنه.
فعلى هذا يقال: للمرأة من الأولى سهمٌ مضروبٌ في ثلاثة بثلاثة، وللأخ ثلاثة في ثلاثة بتسعة، وللزوج من المسألة الثانية ثلاثة مضروبة في أحد بثلاثة؛ لأن الواحد وفق ما خلّف الميت الثاني؛ لأن البنت ورثت من المسألة الأولى أربعة والواحد وفقها؛ لأنه ربعه، وللبنت ستة في أحدٍ بستة، وللأم سهمان في أحدٍ بسهمين، وللعم سهم في أحدٍ بسهم. فمجموع ما حصل لهم من المسألتين أربعة وعشرون وهو الذي صحت فيه المسألتان. فعلى هذا فقس.
قال: (وإن لم توافق سهامه مسألته ضربت الثانية في الأولى، وكل من له شيء من الأولى مضروب في الثانية، ومن له شيء من الثانية مضروب في سهام الثاني؛ مثل: أن تخلّف البنت (1) بنتين فإن مسألتهما تعول إلى ثلاثة عشر تضربها في الأولى تكن مائة وأربعة، وتعمل على ما ذكرنا).
أما كون المسألة الثانية تضرب في الأولى؛ فلما تقدم غير مرة.
وأما كون كل (2) من له شيء من الأولى مضروباً في الثانية
…
إلى آخره؛ فلما تقدم.
وأما قول المصنف رحمه الله: مثل أن تخلّف البنت بنتين؛ فبيان لمسألةٍ لا توافق سهام الميت مسألته.
وأما كون مسألة البنت تعول إلى ثلاثة عشر؛ فلأن فيها ثلثين بثمانية، وربعاً بثلاثة، وسدساً باثنين.
وأما كونها تضرب في الأولى؛ فلما تقدم.
وأما كونها تكون مائة وأربعة؛ فلأن ثلاثة عشر إذا ضربت في ثمانية يكون ذلك.
وأما كونها تعمل على ما ذكر قبل؛ فلما ذكر.
فعلى هذا يقال: للمرأة من الأولى سهم مضروب في ثلاثة عشر بثلاثة عشر، وللأخ ثلاثة في ثلاثة عشر بتسعة وثلاثين، وللزوج من الثانية ثلاثة في أربعة باثني
(1) في أ: الميت.
(2)
ساقط من أ.
عشر؛ لأن الأربعة هي التي ورثتها البنت الميتة، وللبنتين ثمانية في أربعة باثنين وثلاثين، وللأم سهمان في أربعة بثمانية.
قال: (فإن مات ثالث جمعت سهامه مما صحت منه الأوليان وعملت فيها عملك في مسألة الثاني مع الأول. وكذلك يصنع في الرابع ومن بعده).
أما كون سهام الثالث مما صحت منه الأوليان يجمع؛ فلأن ذلك كله له.
وأما كون العامل يعمل في المسألة الثالثة مثل العمل في مسألة الثاني مع الأول؛ فلأنها في معناها.
فإن قيل: ما مثال ذلك؟
قيل: مثاله: رجل مات وخلّف زوجة وسبعة بنين. المسألة من ثمانية: للزوجة سهم، ولكل ابنٍ سهم. مات أحدهم وخلّف زوجة وبنتاً والإخوة. المسألة من ثمانية وتصح من ستة عشر: للميت الثاني من المسألة الأولى سهم على ستة عشر لا تصح ولا توافق. اضرب ستة عشر في ثمانية تكن مائة وثمانية وعشرين: للزوجة من الأولى سهم في ستة عشر بستة عشر، ولكل ابنٍ ستة عشر، وللزوجة من الثانية سهمان في سهم بسهمين، وللبنت ثمانية في سهم بثمانية، ولكل أخٍ سهم في سهم بسهم. ثم مات أحد الإخوة وخلّف زوجةً وبنتاً وبقية إخوته فمجموع ما حصل له من المسألتين سبعة عشر: ستة عشر بالبنوّة، وسهم بالأخوّة، ومسألته من ثمانية، وتصح من أربعين، وليس بينها وبين ما له من الميراث سبعة عشر موافقة فاضرب أربعين في مائة وثمانية وعشرين تكن خمسة آلاف ومائة وعشرين: لزوجة الأول ستمائة وأربعون، ولزوجة الثاني ثمانون، ولزوجة الثالث خمسة وثمانون، ولبنت الثاني ثلثمائة وعشرون، ولبنت الثالث ثلثمائة وأربعون، ولكل أخٍ من الأولى والثانية والثالثة سبعمائة.
وأما قول المصنف رحمه الله تعالى: وكذلك يصنع في الرابع ومن بعده فمعناه: إذا مات أربعة فأكثر يصنع بهم مثل ما صنعت فيما تقدم. وقد تبين (1) كيفية العمل فلا حاجة إلى إعادتها. والله أعلم.
(1) في ج: تقدم.