الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب ميراث القاتل
قال المصنف رحمه الله تعالى: (كل قتلٍ مضمون بقصاص أو ديةٍ أو كفارةٍ يمنع القاتل ميراث المقتول سواء كان عمداً أو خطأ بمباشرةٍ أو سبب، صغيراً كان القاتل أو كبيراً).
أما كون القتل يمنع القاتل الإرث في الجملة؛ فلما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ليسَ لقاتلٍ شيء» (1). رواه ابن عبدالبر.
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «منْ قتلَ قتيلاً فإنهُ لا يرثهُ، وإن لم يكنْ لهُ وارثٌ غيرهُ، وإن كانَ والدهُ أو ولده» (2) رواه الإمام أحمد.
وروي عن عمر «أنه أعطى دية (3) ابن قتادة المذحجي لأخيه دون أبيه وكان قد حذفه بسيف فقتله» (4). واشتهر ذلك بين الصحابة ولم يُنكر فكان إجماعاً.
وقال عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ليس لقاتل شيء» (5). رواه مالك في موطئه.
(1) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 8: 186 كتاب قتال أهل البغي، باب العادل يقتل الباغي أو الباغي يقتل العادل
…
(2)
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 6: 220 كتاب الفرائض، باب لا يرث القاتل.
(3)
ساقط من أ.
(4)
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 8: 72 كتاب الديات، باب أسنان دية العمد إذا زال فيه القصاص. ولفظه: عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده «أن قتادة بن عبدالله كانت له أمة ترعى غنمه فبعثها يوماً ترعاها فقال له ابنه منها: حتى متى تستأمي أمي والله لا تستأمها أكثر مما استأميتها فأصاب عرقوبه فطعن في خاصرته فمات قال: فذكر ذلك سراقة بن مالك بن جعشم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال له: وائتني من قابل ومعك أربعون أو قال: عشرون ومائة من الإبل قال: ففعل فأخذ عمر رضي الله عنه منها ثلاثين حقة وثلاثين جذعة وأربعين ما بين ثنية إلى بازل عامها كلها خلفة فأعطاها إخوته ولم يورث منها أباه شيئاً. وقال: لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يقاد والد بولد لقتلتك أو لضربت عنقك» .
(5)
أخرجه أحمد في مسنده (347) 1: 49.
وأخرجه مالك في موطئه (10) 2: 660 كتاب العقول، باب ما جاء في ميراث العقل والتغليظ فيه.
ولأن توريث القاتل يفضي إلى تكثير القتل؛ لأن الوارث ربما استعجل موت موروثه ليأخذ ماله؛ كما فعل الاسرائيلي الذي قتل عمه فأنزل الله فيه (1) قصة البقرة.
وأما كون كل قتل مضمون بقصاص؛ كالقتل العمد، أو دية كالخطأ، أو كفارة؛ كمن رمي إلى صف الكفار ولم يعلم أن فيهم مسلماً، وكان فيهم موروثه المسلم سواء كان عمداً أو خطأ بمباشرة أو سبب، صغيراً كان القاتل أو كبيراً: يمنع القاتل ميراث المقتول؛ فلأنه قاتل. فيدخل في الأحاديث المتقدم ذكرها غير مساوٍ لغير المضمون. فوجب المنع عملاً بالمقتضي السالم عن المعارض.
قال: (وما لا يضمن بشيء من هذا؛ كالقتل قصاصاً أو حداً أو دفعاً عن نفسه، وقتل العادل الباغي، والباغي العادل: فلا يمنع. وعنه: لا يرث الباغي العادل ولا العادل الباغي فيُخَرَّج منه أن كل قاتلٍ لا يرث).
أما كون ما لا يضمن من القتل كالقتل قصاصاً أو حداً أو دفعاً عن نفسه لا يمنع الإرث على المذهب؛ فلأن فاعله فعل فعلاً مأذوناً فيه. فلم يمنع الميراث؛ كما لو أطعمه وسقاه فأفضى إلى تلفه.
ولأنه حرم الميراث فيما تقدم كيلا يفضي إلى إيجاد القتل المحرم، وزجراً عن إعدام النفس المعصومة وهو مفقود هنا. بل كونه مانعاً من الإرث مفضٍ إلى منع إقامة الحد الواجب، واستيفاء الحق المشروع. وإذا ثبت كونه غير مانعٍ من الإرث وجب كونه وارثاً؛ لعموم الأدلة المقتضية للإرث السالمة عن المانع.
وأما كون قتل العادل الباغي لا يمنع الإرث على روايةٍ؛ فلما تقدم ذكره.
وأما كونه يمنعه على ذلك؛ فلعموم الحديث المتقدم ذكره.
وأما كون قتل الباغي العادل لا يمنع الإرث على روايةٍ؛ فلأنه غير مضمون. أشبه قتل العادل الباغي.
وأما كونه يمنعه على روايةٍ؛ فلعموم الحديث المتقدم ذكره.
(1) ساقط من أ.
وأما كون قتل العادل الباغي يُخَرَّج منه أن كل قاتل لا يرث؛ فلأن العادل مأذون له في القتل. فإذا منع من الإرث مع الإذن جاز أن يمنع منه كل قاتل؛ لأن أعلى مراتبه: أن يكون مأذوناً له في ذلك. ويعضده عموم الأحاديث في القاتل.
والأول أولى؛ لما ذكر.