الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الشفعة
الشفعة ثابتة بالسنة والإجماع: أما السنة فما (1) روى جابر قال: «قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعةِ فيما لم يُقْسَم، فإذا وَقَعَتِ الحدودُ وصُرِّفتِ الطرقُ فلا شُفعة» (2). متفق عليه.
وللبخاري: «إنما جعلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم الشفعةَ فيما لم يُقْسَم، فإذا وَقَعَتِ الحدودُ وصُرِّفَتِ الطرقُ فلا شُفعة» (4).
وأما الإجماع فقال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على إثبات الشفعة للشريك الذي لم يقاسم: فيما بيع من أرضٍ أو دارٍ أو حائط.
قال المصنف رحمه الله: (وهي: استحقاق الإنسان انتزاع حصة شريكه من يد مشتريها. ولا يحل الاحتيال لإسقاطها).
أما قول المصنف رحمه الله: وهي
…
إلى مشتريها؛ فبيان لمعنى الشفعة. ولا يخفى ما فيه من الاحتراز.
وأما كونه لا يحلّ الاحتيال لإسقاطها؛ فلأن الحيلة حرام، لما روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«لا ترتكبوا ما ارتكبَ اليهود فتستحلُوا محارمَ اللهِ بأدنى الحِيَل» (5).
(1) في هـ: فلما.
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه (2138) 2: 787 كتاب الشفعة، باب الشفعة ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود فلا شفعة.
وأخرجه مسلم في صحيحه (1608) 3: 1229 كتاب المساقاة، باب الشفعة.
(3)
أخرجه مسلم في الموضع السابق.
(4)
أخرجه البخاري في صحيحه (6575) 6: 2558 كتاب الحيل، باب في الهبة والشفعة.
(5)
رواه ابن بطة في إبطال الحيل 42.
وقال عليه السلام: «لعنَ اللهُ اليهودَ. إن الله لما حرّمَ عليهم شحومَ الميتةِ جَمَلُوهُ، ثم بَاعُوهُ، وأكلُوا ثمنَه» (1).
ولأن الله حرّم الحيل في غير موضع من كتابه.
فعلى هذا لو احتال لإسقاط الشفعة لم تسقط؛ لأن الحيلة إذا كانت حراماً وجب أن يكون وجودها كعدمها.
ولأن الشفعة وُضعت لدفع الضرر، فلو سقطت بالحيل للحق الضرر. فلم تسقط، كما لو أراد المشتري إسقاطها بالوقف ونحوه.
قال: (ولا تثبت إلا بشروط خمسة:
أحدها: أن يكون مبيعاً. ولا شفعة فيما انتقل بغير عوض بحالٍ، ولا فيما عوضه غير المال، كالصداق، وعوض الخُلع، والصلح عن دم العمد في أحد الوجهين).
أما كون الشفعة لا تثبت إلا بالشروط الخمسة الآتي ذكرها، فلما يأتي ذكره فيها.
وأما كون أحد الشروط: أن يكون المشفوع مبيعاً؛ فلأن غير المبيع ليس منصوصاً عليه، ولا في معنى المنصوص عليه.
وأما كونه لا شفعة فيما انتقل بغير عوض، كالهبة بغير ثواب، والصدقة، والوصية، والإرث؛ فلأنه ليس بمبيع.
ولأن الأخذ يقتضي دفع العوض، ولم يقصد بما ذكر المعاوضة.
وأما كونه لا شفعة فيما عوضه غير المال كما ذكره المصنف رحمه الله في وجهٍ قاله أبو بكر؛ فلأنه ملك بغير مالٍ. فلم تجب فيه شفعةٌ، كالهبة والإرث.
وأما كونه فيه الشفعة في وجهٍ قاله ابن حامد؛ فلأنه عقد معاوضة. فجاز أن تثبت الشفعة في الأرض المملوكة به، كالبيع.
والأول أولى.
(1) أخرجه البخاري في صحيحه (2121) 2: 779 كتاب البيوع، باب بيع الميتة والأصنام.
وأخرجه مسلم في صحيحه (1581) 3: 1207 كتاب المساقاة، باب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام.
قال القاضي: هو قياس المذهب. ووجهه ما تقدم.
ولأنه إما أن يؤخذ في الصداق بمهر المثل أو بالقيمة. والأول باطل؛ لأنه تقويم البضع (1) على الأجانب وإضرارٌ بالشفيع؛ لأن مهر المثل يتفاوت مع المسمى إذ (2) المهر يُسامح فيه في العادة. بخلاف البيع.
والثاني: باطل، لأن القيمة ليست بعوضٍ للمبيع.
وأما قياس الأخذ على البيع فلا يصح؛ لأنه يمكن الأخذ فيه بالعوض.
(1) في هـ: للبعض.
(2)
في هـ: إذا.
فصل [الشرط الثاني]
قال المصنف رحمه الله: (الثاني: أن يكون شقصاً مشاعاً من عقار ينقسم. فأما المقسوم المحدود (1) فلا شفعة لجاره فيه).
أما كون الثاني من شروط الشفعة: أن يكون المشفوع شقصاً مشاعاً من عقار ينقسم: أما اشتراط كونه شقصاً؛ فلأنه إذا لم يكن شقصاً يكون كُلاًّ. فيكون الأخذ به أخذاً بالجوار، والجوار لا تؤخذ به شفعة؛ لما يأتي إن شاء الله تعالى.
وأما اشتراط كونه مشاعاً؛ فلأنه إذا لم يكن كذلك يكون مقسوماً. ولا شفعة في المقسوم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الشفعةُ فيما لم يُقْسَمْ، فإذا وَقَعَتِ الحدودُ وصُرِّفَتِ الطرقُ فلا شُفعة» (2).
وفي رواية أبي داود: «وإذا قُسّمتِ الأرضُ وَحُدَّتْ فلا شُفعةَ فيها» (3).
ولأن الشفعة تثبت في موضع الوفاق على خلاف الأصل لمعنى معدوم في محل النزاع، فلا يثبت فيه. بيان كون المعنى معدوماً أن الشريك ربما دخل عليه شريك فيتأذى به، فتدعوه الحاجة إلى مقاسمته، فيدخل عليه الضرر بنقص قيمة ملكه، وما يحتاج إلى إحداثه من المرافق، وهذا لا يوجد في المقسوم.
وأما اشتراط كونه من عقار؛ فلأن غير العقار لا نص فيه، ولا هو في معنى المنصوص عليه.
وأما اشتراط كون العقار مما ينقسم؛ فلأن ما لا يمكن قسمته كغير العقار، وذلك لا شفعة فيه. فكذا هنا.
(1) في ج: المحدد.
(2)
سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..
(3)
أخرجه أبو داود في سننه (3515) 3: 286 كتاب البيوع، باب في الشفعة.
وأما كونه لا شفعة لجار المقسوم المحدود (1) فيه؛ فلما تقدم في اشتراط كون المشفوع مشاعاً.
وفي كون من ذكر لا شفعة له تنبيهٌ على أن جار غير المقسوم لا شفعة له، لأنه إذا لم تثبت الشفعة لجار المقسوم فلئلا تثبت لجار غيره بطريق الأولى.
فإن قيل: فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الجارُ أحقُّ بِصَقَبِهِ» (2). رواه البخاري.
وفي حديث جابر: «الجارُ أحقُ بشفعتهِ يُنتظَرُ به إذا كانَ غَائباً» (3). رواه الترمذي. وقال: هو (4) حديث حسن.
وفي حديث آخر: «جارُ الدارِ أحقُ بدارِ جارِه» (5).
قيل: أما الأول فليس بصريح؛ لأن الصَّقَب القرب. فيحتمل أنه أحق بإحسان جاره وصلته وعيادته وغير ذلك. وخبرنا صريح فيقدم عليه. وخبر جابر معارَض بما ذكرنا من الحديث الصريح الراجح عليه. وأما ما عدا ذلك ففيه مقال.
ثم يحتمل أنه أراد بالجار الشريك، ومثله تسمية أحد الزوجين جاراً. قال الشاعر:
أجارتَنا بِيني فإنّكِ طالِقَة
(1) في ج: المحدد.
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه (6579) 6: 2560 كتاب الحِيَل، باب احتيال العامل ليهدَى له. واللفظ له.
وأخرجه أبو داود في سننه (3516) 3: 286 كتاب البيوع، باب في الشفعة.
وأخرجه النسائي في سننه (4702) 7: 320 كتاب البيوع، ذكر الشفعة وأحكامها.
وأخرجه ابن ماجة في سننه (2495) 2: 833 كتاب الشفعة، باب الشفعة بالجوار. كلهم بلفظ:«بسقبه» .
(3)
أخرجه أبو داود في سننه (3518) 3: 286 كتاب البيوع، باب في الشفعة.
وأخرجه الترمذي في جامعه (1369) 3: 651 كتاب الأحكام، باب ما جاء في الشفعة للغائب.
وأخرجه ابن ماجة في سننه (2494) 2: 833 كتاب الشفعة، باب الشفعة بالجوار.
(4)
زيادة من ج.
(5)
أخرجه أبو داود في سننه (3517) 3: 286 كتاب البيوع، باب في الشفعة.
وأخرجه الترمذي في جامعه (1368) 3: 650 كتاب الأحكام، باب ما جاء في الشفعة. قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
قال: (ولا شفعة فيما لا تجب قسمته، كالحمام الصغير، والبئر، والطرق، والعراص الضيقة. وما ليس بعقارٍ، كالشجر، والحيوان، والبناء المفرد في إحدى الروايتين. إلا أن البناء والغراس يؤخذ تبعاً للأرض. ولا تؤخذ الثمرة والزرع تبعاً في أحد الوجهين).
أما كون الشفعة لا تثبت فيما لا تجب قسمته كما مثّل المصنف رحمه الله في روايةٍ؛ فلأن ذلك لا يمكن قسمته شرعاً؛ لما فيها من الضرر.
وقوله: «الشفعةُ فيما لم يُقْسَمْ، فإذا وَقَعَتِ الحدودُ وصُرِّفَتِ الطرقُ فلا شُفعة» (1) مشعرٌ بأن الشفعة إنما تكون فيما يمكن قسمته.
وأما كون الشفعة لا تثبت فيما ليس بعقارٍ كما مثل المصنف رحمه الله في روايةٍ؛ فلأن ذلك لا يبقى على الدوام فلم تجب الشفعة فيه، كالصبرة.
وأما كون الشفعة تثبت في ذلك كله في روايةٍ؛ فلعموم قوله صلى الله عليه وسلم (2): «الشفعة فيما لم يُقْسَم» (3).
ولأن الشفعة وضعت لإزالة الضرر، ووجود الضرر بالشركة فيما لم يُقْسَم أبلغ منه فيما يُقْسَم.
ولأن ابن أبي مليكة روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الشُفعةُ في كلِّ شَيء» (4).
وكلام المصنف في المغني يقتضي نصر الأول؛ لما تقدم.
ولأنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا شُفعةَ في فِناءٍ ولا طَريقٍ ولا مَنْقَبَة» (5) رواه أبو عبيد في غريبه.
وعن عثمان: «لا شُفعةَ في بِئرٍ ولا فَحْل» (6).
ولأن إثبات الشفعة في هذا يضر بالبائع؛ لأنه لا يمكنه أن يتخلص من إثبات الشفعة في نصيبه بالقسمة، وقد يمتنع المشتري من الشراء لأجل الشفيع فيتضرر
(1) سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..
(2)
زيادة من ج.
(3)
سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..
(4)
أخرجه الترمذي في جامعه (1371) 3: 654 كتاب الأحكام، باب ما جاء أن الشريك شفيع.
(5)
أخرجه أبو عبيد في غريبه 1: 432.
(6)
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 6: 105 كتاب الشفعة، باب الشفعه فيما لم يقسم.
البائع، وقد يمتنع البيع فتسقط الشفعة. فيؤدي إثباتها إلى انتفائها. ويجاب عن قولهم: ما لم يقسم أكثر ضرراً بأن الضرر الموجب لثبوت الشفعة هو الحاجة إلى إحداث المرافق، وذلك غير موجود فيما لا يمكن قسمته.
وأما كون البناء والغراس يؤخذ تبعاً للأرض؛ فلأن قوله عليه السلام المتقدم ذكره، وقضاءه بالشفعة في كل شِرْكٍ: ربعةٍ أو حائطٍ يدخلُ فيه البناء والغراس.
وفي قول المصنف: تبعاً؛ تنبيهٌ على أنه لا يؤخذ البناء والغراس بالأصالة، لأنهما لا تجب قسمتهما عند انفرادهما.
وأما كون الثمرة والزرع لا تؤخذ تبعاً في وجهٍ، فلأن ذلك لا يدخل في البيع. فلا تؤخذ بالشفعة، كقُماش الدار.
وأما كونه يؤخذ تبعاً، فبالقياس على البناء والغراس.
فصل [الشرط الثالث]
قال المصنف رحمه الله: (الثالث: المطالبة بها على الفور ساعة يعلم. نصُّه عليه. وقال القاضي: له طلبها في المجلس وإن طال، فإن أخّره سقطت شفعته. إلا أن يعلم وهو غائب فيشهد على الطلب بها، ثم إن أخّر الطلب بعد الإشهاد عند إمكانه أو لم يشهد ولكن سار في طلبها فعلى وجهين).
أما كون الثالث من شروط الشفعة: المطالبة بها على الفور ساعة يعلم على منصوص الإمام أحمد؛ فلما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الشفعةُ لمن وَاثَبهَا» (1).
وروي عنه عليه السلام أنه قال: «الشفعةُ كنشطةِ العِقالِ إن قُيدتْ بَركتْ، وإن بركتْ (2) فاللومُ على من تَركها» (3).
وفي سنن ابن ماجة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الشفعةُ كَحَلِّ العِقَال» (4).
ولأنه خيار يثبت لإزالة الضرر. فكان على الفور، كخيار العيب على رواية.
وأما كون الشفعة لمن طلبها في المجلس وإن طال على قول القاضي؛ فلأن المجلس في حكم حالة العقد، ولهذا إذا وُجد القبض فيه فيما يشترط فيه القبض صح العقد.
وأما كونها تسقط إذا أخّر المطالبة بها عن ساعة العلم أو المجلس على الاختلاف المتقدم؛ فلما تقدم من أنه يشترط المطالبة حال العلم أو حال المجلس.
(1) لم أقف عليه مرفوعا. وقد أخرجه عبدالرزاق في مصنفه من قول شريح (14406) 8: 83 كتاب البيوع، باب: الشفيع يأذن قبل البيع
…
(2)
في ج: «الشفعة كحلّ العقال إن قيدت بركت وإن تُركت
…
».
(3)
ر تلخيص الحبير 3: 125 - 126.
(4)
أخرجه ابن ماجة في سننه (2500) 2: 835 كتاب الشفعة، باب طلب الشفعة. قال في الزوائد: في إسناده محمد ابن عبدالرحمن البيلماني، قال فيه ابن عدي: كل ما يرويه البيلماني فالبلاء فيه منه، وإذا روى عنه محمد بن الحارث فهما ضعيفان. وقال: حدث عن أبيه نسخة كلها موضوعة. لا يجوز الاحتجاج به، ولا أذكره إلى على وجه التعجب.
وأما كونها لا تسقط إذا علم وهو غائب وأشهد على الطلب بها؛ فلأنه لا يمكنه الطلب وهو غائب.
وأما كونها تسقط إذا أخّر الطلب بعد الإشهاد عند إمكانه، أو لم يشهد لكن سار في طلبها على وجهٍ؛ فلأنه تارك للطلب في الأولى ولبدله في الثانية. فسقطت شفعته، كما لو كان حاضراً ولم (1) يشهد.
وأما كونها لا تسقط على وجهٍ: أما في الأولى؛ فلأن عليه في السفر عقيب الإشهاد ضرراً لالتزامه كلفته، وقد تكون له حوائج وتجارة تنقطع وتضيع لغيبته، والتوكيل بجُعْلٍ فيه غرامة، وبغيره فيه مِنَّة.
وأما في الثانية؛ فلأن السير لأجل طلب الشفعة فلم تسقط معه. أشبه ما لو أشهد على الطلب.
واعلم أن المصنف رحمه الله قال في المغني: وإن أخّر القدوم بعد الإشهاد. بدل قوله: وإن أخر الطلب بعد الإشهاد. [وهو صحيح؛ لأنه لا وجه لإسقاط الشفعة بتأخير الطلب بعد الإشهاد](2) وهو غائب؛ لأن الطلب حينئذ لا يمكن. بخلاف (3) القدوم فإنه ممكن. وتأخير ما يمكن لإسقاطه الشفعة وجه. بخلاف تأخير ما لا يمكن.
قال: (وإن ترك الطلب والإشهاد لعجزه عنهما (4) كالمريض والمحبوس. ومَنْ لا يجد من يشهده، أو لإظهارهم زيادة في الثمن، أو نقصاً في المبيع، أو أنه موهوب له، أو أن المشتري غيره، أو أخبره من لا يُقبل خبره فلم يصدقه: فهو على شفعته).
أما كون الشفيع على شفعته مع العجز المذكور (5)؛ فلأنه معذورٌ في ذلك. أشبه ما لو لم يعلم.
(1) في هـ: أو لم.
(2)
ساقط من أ.
(3)
في هـ: تحدد.
(4)
في هـ: عنها.
(5)
في ج: مع العجز وعدم الوجدان.
وأما كونه على شفعته إذا أظهر المشتري زيادة في الثمن، أو نقصاً في المبيع، أو أن المبيع موهوب له، أو أن المشتري غيره؛ فلأنه لم يعلم الحال على وجهه. أشبه ما لو لم يعلم بالبيع.
وأما كونه على شفعته إذا أخبره من لا يقبل خبره فلم يصدقه؛ فلأن خبر من لا يُقبل خبره مع عدم تصديق الشفيع له يكون وجوده كعدمه.
وفي قول المصنف رحمه الله: أو أخبره من لا يقبل خبره فلم يصدقه؛ إشعارٌ بأنه إذا أخبره من لا يقبل خبره فصدقه تسقط شفعته وهو صحيح؛ لأن تصديقه اعتراف بوقوع البيع، وهو غير مطالب بالشفعة. فوجب أن تسقط، كما لو أخبره به ثقة.
قال: (وإن أخبره من يُقبل خبره فلم يصدقه، أو قال للمشتري: بعني ما اشتريت أو صالحني: سقطت شفعته).
أما كون الشفعة تسقط بإخبار من يقبل خبره، كرجلين عدلين وإن لم يصدقهما الشفيع؛ فلأن مثل ذلك يوجب ثبوت البيع صدَّق الشفيع أو لم يصدق.
وأما كونها تسقط بقول المشتري: بعني ما اشتريت أو صالحني؛ فلأنه يدل على رضاه بشرائه. فوجب أن تسقط شفعته لذلك، ولتأخير طلبها عن ثبوت البيع.
قال: (وإن دلّ في البيع، أو تَوَكَّل لأحد المتبايعين، أو جُعِل له الخيار فاختار إمضاء البيع: فهو على شفعته. وإن أسقط شفعته قبل البيع لم تسقط. ويحتمل أن تسقط).
أما كون الشفيع على شفعته فيما إذا دلّ، أو تَوَكَّل، أو أمضى ما جعل له الخيار فيه؛ فلأن جميع ما ذكر سبب ثبوت الشفعة. فلم تسقط به، كما لو أذن في البيع أو عفا عن الشفعة قبل تمام البيع.
ولأن المسقط للشفعة الرضى بتركها، وليس فيما ذكر رضى بالترك بل ربما كان ذلك وسيلة إلى الأخذ.
وأما كون الشفعة لا تسقط بإسقاطها قبل البيع على المذهب؛ فلأنه إسقاط حقٍّ قبل وجوبه. فلم تسقط، كما لو أبرأه مما يجب له، أو كما لو أسقطت (1) المرأة مهرها قبل التزويج.
وأما كونه يحتمل أن تسقط؛ فلأن مفهوم قوله صلى الله عليه وسلم: «فإن باع ولم يؤذنه فهو أحق به» (2) أنه إذا باع بإذنه لا (3) حق له فيه. وذكر المصنف في المغني هذا الاحتمال رواية. وأجاب عن الحديث بأن النبي صلى الله عليه وسلم يحتمل أنه أراد العرض عليه ليبتاع ذلك إن (4) أراد فتخف عليه المؤونة، ويكتفي أخذ المشتري للشقص. لا أنه يسقط حقه بإذنه.
قال: (وإن ترك الولي شفعةً للصبي، فيها حظ: لم تسقط، وله الأخذ بها إذا كبر. وإن تركها لعدم الحظ فيها سقطت. ذكره ابن حامد. وقال القاضي: يحتمل أن لا تسقط).
أما كون شفعة الصبي إذا تركها وليه، وله فيها حظ: لا تسقط؛ فلأن الشفعة وجبت بالبيع وإسقاط الولي لذلك لا يصح؛ لأنه إسقاط حقٍ للمولى عليه لا حظ له في إسقاطه. فلم يصح، كالإبراء، وإسقاط خيار الرد بالعيب. وإذا ثبت أنه ليس له الإسقاط فَتَرَكَه أولى أن لا يكون موجباً للسقوط. فيعمل موجب البيع عمله لسلامته عن الموجب للسقوط.
وأما كون الصبي له الأخذ بها إذا كبر؛ فلأنه لم يتمكن من الأخذ إلا في ذلك الوقت.
وأما كونها تسقط إذا تركها الولي لعدم الحظ فيها على قول ابن حامد؛ فلأن الولي فعل ما له فعله. فلم يجز للصبي نقضه، كالرد بالعيب.
ولأنه فعل ما فيه الحظ للصبي. فصح، كالأخذ مع الحظ.
(1) في هـ: أسقط.
(2)
سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..
(3)
في هـ: فلا.
(4)
ساقط من هـ.
وأما كونها لا تسقط على قول القاضي؛ فلأن المستحق للشفعة: له أخذها. سواء كان له فيها حظ أو لم يكن. وإنما يعتبر الحظ في حق الولي، فإذا زال الحجر ثبت للصبي إذا كبر الأخذ على الوجه الذي يثبت للشريك من البيع (1).
(1) في هـ: للشريك زمن.
فصل [الشرط الرابع]
قال المصنف رحمه الله: (الرابع: أن يأخذ جميع المبيع. فإن طلب أخذ البعض سقطت شفعته).
أما كون الرابع من شروط الشفعة: أن يأخذ الشفيع جميع المبيع؛ فلأن في أخذ بعضه إضراراً بالمشتري بتبعيض الصفقة عليه، والضرر لا يزال بالضرر.
ولأن الشفعة تثبت على خلاف الأصل، دفعاً لضرر الشريك الداخل، خوفاً من سوء المشاركة ومؤونة القسمة. فإذا أخذ بعض الشقص لم يندفع الضرر المذكور.
وأما كون الشفعة تسقط إذا طلب الشفيع (1) أخذ البعض؛ فلأنها لا تتبعض لما تقدم. فإذا سقط بعضها (2) سقط جميعها، كالقصاص.
قال: (فإن كانا شفيعين فالشفعة بينهما على قدر مُلْكَيْهِما. وعنه: على عدد الرؤوس. فإن ترك أحدهما شفعته لم يكن للآخر أن يأخذ إلا الكل أو يترك).
أما كون الشفعة بين الشفيعين على قدر ملكيهما على المذهب؛ فلأن ذلك حقٌّ يستفاد بسبب الملك. فكان على قدر الأملاك، كالغلة.
وأما كونها بينهما على عدد الرؤوس على روايةٍ اختارها ابن عقيل؛ فلأن كل واحدٍ منهما لو انفرد استحق الجميع. فإذا اجتمعا تساويا، كالبنين (3)، وكسراية العتق.
قال المصنف رحمه الله: والصحيح في المذهب أنها تقسم على قدر الأملاك؛ لما ذكر. وما ذكر دليلاً (4) للرواية الثانية ينتقضُ بالفرسانِ والرجّالة في الغنيمة فإنّ من
(1) سقط لفظي: طلب الشفيع من هـ.
(2)
ساقط من هـ.
(3)
في هـ: كالبنتين.
(4)
ساقط من هـ.
انفرد منهم أخذ الكل، فإذا اجتمعوا تفاضلوا، وكذلك أصحاب الديون والوصايا.
وأما كون أحد الشريكين إذا ترك شريكُه الأخذ لم يكن له أن يأخذ إلا الكل أو يترك؛ فلما تقدم من أن في أخذ البعض إضراراً بالمشتري.
قال: (فإن كان المشتري شريكاً فالشفعة بينه وبين الآخر. فإن ترك شفعته ليوجب الكل على شريكه لم يكن له ذلك).
أما كون الشفعة بين المشتري الشريك وبين شريكه؛ فلأنهما تساويا في الشركة. فوجب أن يتساويا في الشفعة، كما لو كان المشتري أجنبياً.
وأما كون المشتري ليس له أن يترك شفعته ليوجب الكل على شريكه؛ فلأن ملكه استقر على قدر حقه، وجرى مجرى الشفيعين إذا حضر أحدهما فأخذ جميع الشقص، ثم حضر الآخر فطلب حقه من الشفعة، فقال الآخذ: خذ الكل أو دعه.
قال: (وإن كانت دارٌ بين اثنين، فباع أحدهما نصيبه لأجنبي صفقتين، ثم علم شريكه: فله أن يأخذ بالبيعين، وله أن يأخذ بأحدهما. فإن أخذ بالثاني شاركه المشتري في شفعته في أحد الوجهين، وإن أخذ بالأول لم يشاركه. وإن أخذ بهما لم يشاركه في شفعة الأول. وهل يشاركه في شفعة الثاني؟ على وجهين).
أما كون الشفيع له الأخذ بالبيعين؛ فلأنه شفيع فيهما.
وأما كونه له الأخذ بأحدهما؛ فلأن كل واحدٍ منهما عقدٌ مستقلٌ بنفسه. وهو يستحقها (1). فإذا أسقط البعض كان له ذلك، كما لو أسقط حقه من الكل.
وأما كون المشتري يُشارك الشفيع في شفعته إذا أخذ بالثاني في وجهٍ، فلأن الشفيع بإسقاط (2) حقه من البيع الأول استقر ملك المشتري. فصار شريكه. فشاركه في البيع الثاني.
(1) في أ: مستحقها.
(2)
في هـ: بإسقاطه.
وأما كونه لا يُشاركه المشتري في وجهٍ، فلأن ملك المشتري لم يستقر على المبيع. بدليل أن للشفيع أخذه (1) بعد البيع الثاني فلم يستحق به شفعة.
وأما كونه لا يُشاركه إذا أخذ بالأول؛ فلأنه لم يَسبق له شركة.
وأما كونه لا يُشاركه في شفعة الأول إذا أخذ بالبيعين؛ فلما ذكر من عدم الشركة.
وأما كونه يُشاركه في شفعة الثاني ففيه وجهان، وجههما ما تقدم قبل.
قال: (وإن اشترى اثنان حقَّ واحد فللشفيع أخذ حقِّ أحدهما. وإن اشترى واحدٌ حقَّ اثنين، أو اشترى واحد شقصين من أرضين صفقة واحدة: فللشفيع أخذ أحدهما على أصح الوجهين).
أما كون الشفيع له أخذ حق أحد الشريكين المشتريين حقَّ واحد؛ فلأن العقد مع الاثنين بمنزلة عقدين.
وأما كونه له أخذ أحد الحقين إذا اشترى واحد حق اثنين على وجهٍ؛ فلأن تعدد البائع كتعدد المشتري.
وأما كونه ليس له ذلك على وجهٍ؛ فلأن فيه تبعيضاً للصفقة على المشتري، وذلك ضرر (2) عليه.
والأول أصح، لما ذكر من التعدد.
وأما كونه له أخذ أحد الشقصين إذا اشترى واحد شقصين من أرضين صفقة واحدة على وجهٍ؛ فلأن الضرر قد يلحقه بأرضٍ دون أرض.
وأما كونه ليس له ذلك على وجهٍ؛ فلما ذكر من التبعيض على المشتري.
والأول أصح؛ لما ذكر.
ولأن كل واحدٍ منهما يُستحق بسببٍ غير الآخر. فجرى مجرى الشريكين.
(1) في هـ: أخذ.
(2)
في هـ: ضرراً.
قال: (وإن باع شقصاً وسيفاً فللشفيع أخذ الشقص بحصته من الثمن. ويحتمل أن لا يجوز).
أما كون الشفيع له أخذ الشقص بحصته من الثمن على المذهب؛ فلأن الشقص تجب فيه الشفعة إذا بيع منفرداً. فكذلك إذا بيع مع غيره.
فعلى هذا يُقَوَّم، ويؤخذ بقيمته.
وأما كونه يحتمل أن لا يجوز؛ فلأن في ذلك تبعيضاً للصفقة على المشتري، وذلك ضرر به.
قال: (وإن تلف بعض المبيع فله أخذ الباقي بحصته من الثمن. وقال ابن حامد: إن كان تلفه بفعل الله تعالى فليس له أخذه إلا بجميع الثمن).
أما كون الشفيع له أخذ (1) الباقي من التالف بحصته من الثمن على المذهب؛ فلأنه تعذّر أخذ الكل. فجاز أخذ الباقي، كما لو أتلفه آدمي.
وأما كونه ليس له الأخذ إلا (2) بجميع الثمن إذا كان تلفه بفعل الله على قول ابن حامد؛ فلأن في أخذه بالبعض إضراراً بالمشتري، فلم يكن له ذلك، كما لو أخذ البعض مع بقاء الجميع.
(1) ساقط من هـ.
(2)
مثل السابق.
فصل [الشرط الخامس]
قال المصنف رحمه الله: (الخامس: أن يكون للشفيع ملك سابق. فإن اشترى اثنان داراً صفقة واحدة فلا شفعة لأحدهما على صاحبه. فإن ادعى كل واحد السبق، فتحالفا، أو تعارضت بينتاهما: فلا شفعة لهما).
أما كون الخامس من شروط الشفعة: أن يكون للشفيع ملك سابق؛ فلأن الشفعة ثبتت لإزالة الضرر عن شريك البائع، فإذا لم يكن له ملك سابق على الشراء لم يكن شريكاً للبائع.
وأما كونه لا شفعة لأحد المشتريين داراً صفقة واحدة على صاحبه؛ فلأن شرط استحقاق الشفعة سبقُ الملك، وهو معدوم هنا.
وأما كونه لا شفعة لهما إذا ادعى كل واحدٍ منهما السبق فتحالفا أو تعارضت بينتاهما؛ فلأن من شرطها أن يكون الملك سابقاً على الشراء ولم يتحقق ذلك.
قال: (ولا شفعة بشركة الوقف في أحد الوجهين).
أما كونه لا شفعة بشركة الوقف في وجهٍ، فلأن مستحق الوقف: إما غير مالك، والشفعة لا تثبت لغير المالك. وإما مالك لكن ملكه غير تام لكونه لا يستفيد به تصرفاً في الرقبة. والملك غير التام لا يستفاد به ملك تام.
ولأن الوقف لا تستحق فيه الشفعة. فلم تجب به، كغير المنقسم.
وأما كون الشفعة تستحق بذلك في وجهٍ؛ فكالملك الطَّلْق.
وقال المصنف في المغني: قال أبو الخطاب: هذا -يعني هذين الوجهين- ينبني على الملك في الوقف، وفيه روايتان. فإن قيل: الوقف مملوك تثبت فيه الشفعة، وإلا فلا.
فصل [إذا تصرف المشتري في المبيع]
قال المصنف رحمه الله: (وإن تصرّف المشتري في المبيع قبل الطلب بوقفٍ، أو هبةٍ: سقطت الشفعة. نص عليه. وقال أبو بكر: لا تسقط).
أما كون الشفعة تسقط بالتصرف بما ذُكر على المنصوص؛ فلأن الشفعة تثبت في المملوك للمشتري، وقد خرج هذا عن كونه مملوكاً له.
وأما كونها لا تسقط على قول أبي بكر؛ فلأن حقَّ الشفيع سابق على ما ذكر. فلم يكن للمشتري التصرف بما يبطل حقه.
ولأن الشفيع يملك فسخ البيع مع إمكان الأخذ به، فلأن يملك فسخ عقدٍ لا يمكنه الأخذ به بطريق الأولى.
قال: (وإن باع فللشفيع الأخذ بأيّ البيعين شاء. فإن أخذ بالأول رجع الثاني على الأول).
أما كون الشفيع له الأخذ بأيّ البيعين شاء؛ فلأن كل واحدٍ منهما له ملك سابقٌ عليه.
وأما كون الثاني يرجع على الأول إذا أخذ الشفيع بالبيع الأول؛ فلأنه لم يُسَلَّم له المعوض (1). فكان له الرجوع بالعوض.
قال: (وإن فسخ البيع بعيب، أو إقالة، أو تحالف: فللشفيع أخذه. ويأخذه في التحالف بما حلف عليه البائع).
أما كون الشفيع له أخذ ذلك مع الفسخ بما ذُكر؛ فلأن حقه سابقٌ على ذلك كله، ولا يمكنه الأخذ بما وجد بعد البيع.
(1) في هـ: العوض.
فإن قيل: الإقالة: إن قيل (1) هي فسخ لا تُستحق بها شفعة، وإن (2) قيل: هي بيع تُستحق بها الشفعة. وهاهنا قد حكم المصنف رحمه الله بالأخذ مطلقاً.
قيل: الأخذ هنا بالبيع لا بالإقالة. وأما الأخذ بالإقالة فصورته: أن شخصاً حصل له نصيبٌ في عقارٍ بعد أن باع بعض الشركة نصيبه. ثم يقايل هو والمشتري بعد أن ملك الشخص النصيب. فهاهنا هل يملك الشخص الشفعة؟ ينبني على أن الإقالة فسخ أو بيع. أما الشريك هنا فملكه سابقٌ على البيع، فبنفس البيع استحق الشفعة.
فإن قيل: ينبغي أن لا يستحق الشفعة؛ لأن الإقالةَ رفعت البيع، وإذا ارتفع البيع زال سبب الاستحقاق.
قيل: الإقالة إما بيعٌ وإما فسخٌ في الحال. ولا يصح أن يكون رفعا للعقد، وإلا لوجب على المشتري ردّ الكسب والولد ونحو ذلك؛ لأن العقد لو ارتفع لكان ذلك كله نماء ملك البائع.
وأما كونه يأخذه في التحالف بما (3) حلف عليه البائع؛ فلأن الإنسان لا يجبر على نقل ملكه بغير ثمنٍ يرضيه، ولهذا ردّ المبيع في مسألة التحالف إلى البائع.
قال: (وإن أجّره أخذه الشفيع، وله الأجرة من (4) يوم أخذه. وإن استغله فالغَلّة له. وإن أخذه الشفيع وفيه زرع أو ثمرة ظاهرة فهو للمشتري مبقىً إلى الحصاد والجذاذ).
أما كون الشفيع له الأخذ مع إجارة المشتري للمشفوع؛ فلأن الإجارة لا تمنع ملك الملك. بدليل أنه يصح بيع المؤجَّر.
وأما كون الأجرة له من يوم أخذه؛ فلأنها نماء ملكه بحكم الشفعة. أشبه ما لو اشتراه.
(1) سقط لفظي: إن قيل من هـ.
(2)
في هـ: فإن.
(3)
ساقط من هـ.
(4)
مثل السابق.
وأما كون الغلّة التي استغلها المشتري له؛ فلأن الخراج بالضمان. ولو تلف المبيع كان من ضمانه. فكذلك تكون غلته له.
وأما كون الزرع أو الثمرة الظاهرة للمشتري مبقىً إلى الحصاد والجذاذ إذا أخذ المشفوعَ وفيه ذلك؛ فلأن المشتري فعل ذلك في ملكه. أشبه ما لو اشترى أرضاً فيها زرع أو ثمرة ظاهرة.
ولأن جميع ما ذُكر حَدَثَ في ملك المشتري. وأَخْذُ الشفيع له بمنزلة شراءٍ ثانٍ. أشبه ما لو اشتراه ابتداء.
فإن قيل: إذا كان بمنزلة شراءٍ ثانٍ يجب أنه إذا أخذه وقد أجّره المشتري لا يستحق الأجرة، كما لو اشترى عيناً مؤجرة.
قيل: الشفيع يستحق الانتزاع على الوجه الذي وقع عليه العقد، والعقد وقع مشتملاً على المنفعة. فمقتضى هذا أن يستحق نفس المنفعة. لكن عارضه أن المشتري تصرف فيها بالإجارة، وتصرفه نافذٌ لكونه مالكاً، وإذا تعذر أخذ عين المنفعة وجب الرجوع ببدلها لكونه غير متعذر.
قال: (وإن قاسم المشتري وكيل الشفيع، أو قاسم الشفيع لكونه أَظْهَرَ له زيادة في الثمن أو نحوه، أو غرس، أو بنى: فللشفيع أن يدفع إليه قيمة الغراس والبناء ويملكه أو يقلعه، ويضمن النقص. فإن اختار أخذه فأراد المشتري قلعه فله ذلك، إذا لم يكن فيه ضرر).
أما كون الشفيع له الخيرة بين دفع ما ذكر وملكه له وبين قلعه وضمان نقصه؛ فلأن ضررهما لا يزول إلا بذلك، وقد قال عليه السلام:«لا ضرر ولا ضرار» (1) رواه ابن ماجة.
وأما كون المشتري له قلع ذلك مع اختيار الشفيع الأخذ؛ فلأن ذلك ملكه. واشترط المصنف رحمه الله في كون المشتري له القلع عدم الضرر على الشفيع؛ لأن الضرر لا يزال بالضرر.
(1) سيأتي تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..
قال: (وإن باع الشفيع ملكه قبل العلم لم تسقط شفعته في أحد الوجهين. وللمشتري الشفعة فيما باعه الشفيع في أصح الوجهين).
أما كون الشفيع لا تسقط شفعته إذا باع ملكه قبل علمه ببيع نصيب شريكه في وجهٍ قاله أبو الخطاب؛ فلأنها تثبت له. فلا تسقط بالبيع بعده.
وأما كونها تسقط في وجهٍ قاله القاضي؛ فلأنها تثبت لإزالة الضرر الحاصل بالشركة، وقد زال بالبيع.
ولأنه زال السبب الذي تستحق به الشفعة، وهو الملك الذي يخاف الضرر بسببه، فصار كمن اشترى معيباً فلم يعلم بعيبه حتى زال أو حتى باعه.
وأما كون المشتري له الشفعة فيما باعه الشفيع في وجهٍ، فلأن له ملكاً سابقاً على بيع الشفيع. فملك الأخذ به.
وأما كونه لا شفعة له في وجهٍ، فلأن ملكه ضعيف، لكونه بعَرَضِيَّة الأخذ بالشفعة.
قال: (وإن مات الشفيع بطلت الشفعة. إلا أن يموت بعد طلبها فتكون لوارثه).
أما كون الشفعة تبطل بالموت قبل طلبها؛ فلأن الشفعة حقُّ فسخٍ، ثبت لا لفوات جزء. فلم يورث، كالرجوع في الهبة.
ولأنه نوع خيار جعل للتمليك. أشبه خيار القبول. ويتخرّج أن لا يبطل (1)، كخيار الرد بالعيب.
والفرق بينهما: أن خيار الرد ثبت لفوات جزء وقد نبّه على ذلك فيما تقدم من قوله: لا لفوات جزء.
وأما كونها لا تبطل إذا طلبها الشفيع ثم مات؛ فلأن الشقص يصير ملكاً له بنفس الطلب.
فعلى هذا يكون لوارثه من بعده، كسائر حقوقه.
(1) ساقط من هـ.
فصل [في الثمن الذي يأخذ به الشفيع]
قال المصنف رحمه الله: (ويأخذ الشفيع بالثمن الذي وقع العقد عليه. وإن عجز عنه، أو عن بعضه: سقطت شفعته).
أما كون الشفيع يأخذ المبيع بالثمن المذكور؛ فلأن في حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «هو أحق به بالثمن» (1). رواه أبو إسحاق الجوزجاني في المترجم.
ولأن الشفيع إنما يستحق الشقص بالبيع. فكان مستحقاً له بالثمن، كالمشتري.
فإن قيل: ينبغي أن يأخذه بقيمته، كالمضطر إلى طعام غيره.
قيل: المضطر استحقه بسبب حاجته فكان المرجع (2) في بدله إلى قيمته، والشفيع استحقه لأجل البيع. ولهذا لو انتقل بهبة أو ميراث لم يستحق الشفعة. وإذا استحق ذلك بالبيع وجب أن يكون بالعوض الثابت بالبيع.
وأما كون الشفعة تسقط بالعجز عن الثمن أو عن بعضه؛ فلأن الأخذ بلا ثمن، أو ببعض الثمن: ضررٌ بالمشتري، والضرر لا يزال بالضرر.
قال: (وما يُحَطُّ من الثمن، أو يُزاد فيه في مدة الخيار: يُلحق به. وما كان بعد ذلك لا يلحق).
أما كون ما يُحَطُّ من الثمن أو يُزاد فيه في مدة الخيار يلحق بالثمن؛ فلأن زمن الخيار بمنزلة حالة العقد، والتغيير اللاحق حالة العقد ملحقٌ. فكذلك ما هو بمنزلته.
وأما كون ما بعد ذلك لا يُلحق به؛ فلأن الزيادة حينئذٍ هبةٌ، يشترط لها شروط الهبة، والنقصان إبراء. فلا يثبت شيء منهما في حق الشفيع.
(1) أخرجه أحمد في مسنده (15135) 3: 382.
(2)
في هـ: المرجوع.
ولأن (1) ذلك وجد بعد استقرار العقد. فلم يثبت في حق الشفيع، كما لو وهب أحدهما الآخر (2) عيناً أخرى.
قال: (وإن كان مؤجلاً أخذه الشفيع بالأجل إن (3) كان ملياً، وإلا أقام كفيلاً ملياً وأخذ به).
أما كون الشفيع يأخذ المشفوع المبيع بثمنٍ مؤجلٍ بالأجل؛ فلأن الشفيع يستحق الأخذ بقدر الثمن وصفته، والتأجيل من صفته.
وأما قول المصنف رحمه الله: إن كان ملياً وإلا أقام كفيلاً ملياً؛ فتنبيهٌ على اشتراط الملاءة أو إقامة الشفيع كفيلاً ملياً في استحقاق الشفعة؛ لأنه لو أخذ بدون ذلك لتضرر المشتري، والضرر لا يزال بالضرر.
قال: (وإن كان الثمن عرضاً أعطاه مثله إن كان ذا مثل، وإلا قيمته).
أما كون الشفيع يعطي المثل إذا كان الثمن (4) مِثْلِياًّ، كالحنطة والشعير ونحو ذلك؛ فلأنه أقرب إلى مساواة ما دفعه. ولهذا يجب المثل في الإتلاف، والقرض، ونحو ذلك.
وأما كونه يعطى القيمة إذا كان عرضاً لا مثل له، كالثياب والحيوان، فلتعذر المثل.
ولأن (5) ذلك بدله في الإتلاف.
وفي كلام المصنف رحمه الله تنبيهٌ على أن كون الثمن غير مثلي لا يمنع استحقاق الشفعة. وصرح به في المغني؛ لأنه أحد نوعي الثمن. فجاز أن تثبت به الشفعة، كالمثلي.
(1) في هـ: فلأن.
(2)
في هـ: للآخر.
(3)
في هـ: وإن.
(4)
في هـ: عرضاً.
(5)
في هـ: فلأن.
قال: (وإن اختلفا في قدر الثمن فالقول قول المشتري. إلا أن يكون للشفيع بينة).
أما كون القول قول المشتري فيما ذُكر إذا لم تكن للشفيع بينة؛ فلأن الملك له، فلا ينزع من يده بقول المدعي.
ولأنه العاقد فهو أعرفُ بالثمن.
وأما كونه لا يقبل قوله إذا كان للشفيع بينة؛ فلأنها تكذّبه.
قال: (وإن قال المشتري: اشتريته بألف، وأقام البائع بينة أنه باعه بألفين: فللشفيع أخذه بألف. فإن قال المشتري: غلطتُ. فهل يُقبل قوله مع يمينه؟ على وجهين).
أما كون الشفيع يأخذ المشفوع بألفٍ إذا قال المشتري: اشتريته بذلك، وأقام البائع بينة بألفين؛ فلأن المشتري يقر بأن البينة كاذبة، وأنه ظلم في الألف الآخر. فلم يستحق الرجوع به.
وأما كون المشتري إذا قال: غلطتُ لا يقبل قوله مع يمينه على وجهٍ؛ فلأنه رجع عن إقراره بعد تعلق حق غيره.
وأما كونه يُقبل على وجهٍ؛ فلأنه لو أخبر في المرابحة بثمنٍ، ثم قال: غلطتُ قُبِل. فكذا هذا.
قال: (وإن ادعى أنك اشتريته بألف، فقال: بل اتهبته أو ورثته: فالقول قوله مع يمينه. فإن نكل عنها، أو قامت للشفيع بينة: فله أخذه، ويقال للمشتري: إما أن تقبل الثمن، وإما أن تبرئ منه).
أما كون القول قول مدعي الهبة والميراث مع يمينه؛ فلأن الأصل معه.
ولأن المثبت للشفعة البيع، ولم يتحقق.
وأما كونه يحلف، فلاحتمال صدق خصمه.
وأما كون الشفيع له الأخذ إذا نكل المشتري عن اليمين؛ فلأن النكول قائمٌ مقام الإقرار. ولو أقرّ بالبيع لأخذ بالشفعة. فكذلك (1) ما قام مقامه.
(1) في هـ: فكذا.
وأما كونه له الأخذ إذا قامت له بينة؛ فلأن البيع يثبت بحقوقه. والأخذ بالشفعة من حقوقه.
وأما كونه يقال للمشتري بعد أخذ المشفوع منه: إما أن تقبل الثمن، وإما أن تبرئ منه؛ فلأن الثمن صار مستحقاً له. فيقال له ذلك لتحصل براءة الشفيع.
قال: (وإن كان عوضاً في الخلع، أو النكاح، أو عن دم عمد فقال القاضي: يأخذه بقيمته. وقال غيره: يأخذه بالدية، ومهر المثل).
أما كون الشفيع يأخذ ما ذكر بقيمته على قول القاضي؛ فلأنه مَلَك الشِّقْص القابل للشفعة ببدلٍ، ليس بمثلي. فوجب الرجوع إلى القيمة، كما لو ملكه بسلعة لا مثل لها.
وأما كونه يأخذه بالدية ومهر المثل على قول غيره؛ فلأن ذلك بدل المشفوع. فوجب أن يؤخذ به، كالثمن.
واعلم أن الاختلاف في صفة الأخذ يعتمد الأخذ بالشفعة في الصور (1) المذكورة. وفيه وجهان:
أحدهما: لا شفعة فيها.
قال المصنف رحمه الله في المغني: ظاهر كلام الخرقي أنه لا شفعة فيه، وهو قول أبي بكر. ثم قال: قال (2) القاضي: هو قياس المذهب؛ لأن ما يقابل المبيع ليس بمال.
ولأن الأخذ: إما بالقيمة وهو ممتنع؛ لأنه ليس بعوض للمبيع، وإما بالمهر وفيه تقويم البضع على الأجانب وإضرار بالشفيع؛ لأن مهر المثل يتفاوت مع المسمى؛ لأن المهر يُسامح به في العادة. بخلاف البيع.
فإن قيل: ظاهر كلام المصنف رحمه الله هنا أن القاضي يثبت استحقاق الشفعة، وما ذكر في المغني يناقضه!
(1) في هـ: الصورة.
(2)
ساقط من هـ.
قيل: قول القاضي هنا في صفة الأخذ لا في أصله. ويجب حمل كلامه هنا على ذلك دفعاً للتناقض، وقد صرح بذلك في المغني فقال: وقال ابن حامد: تجب فيه الشفعة. ثم قال: قال القاضي: قياس قول ابن حامد يأخذ الشقص بقيمته.
والوجه الثاني: فيه الشفعة؛ لأنه عقد معاوضةٍ. فجاز أن تثبت الشفعة في الأرض المملوكة به، كالبيع.
فصل [مسائل من الشفعة]
قال المصنف رحمه الله: (ولا شفعة في بيع الخيار قبل انقضائه. نص عليه. ويحتمل أن يجب).
أما كونه لا شفعة في بيع الخيار قبل انقضائه على المنصوص؛ فلأن في الأخذ التزام المشتري بالعقد (1) قبل رضاه بالتزامه، وإيجاب العهدة عليه، وتفويت (2) حقه من الرجوع في عين الثمن.
وأما كونه يحتمل أن يجب؛ فلأن الملك انتقل إلى المشتري. فوجب أن تجب الشفعة لشريكه؛ لإزالة ضرر الشركة.
قال: (وإن أقر البائع بالبيع وأنكر المشتري فهل تجب الشفعة؟ على وجهين).
أما كون الشفعة فيما ذُكر تجب على وجهٍ؛ فلأن البائع أقرّ بحقين: حقٌ للمشتري، وحقٌ للشفيع. فإذا سقط حق المشتري بإنكاره لم يسقط حق الشفيع، كما لو أقرّ بدارٍ لرجلين، فأنكر أحدهما.
وأما كونها لا تجب على وجهٍ؛ فلأن الشفعة فرعُ البيع، فإذا لم يثبت البيع لم يثبت فرعُه.
قال المصنف في المغني: نصر الشريف أبو جعفر في مسائله يعني الأول. وقال: لا نصّ فيه عن أحمد.
قال: (وعهدة الشفيع على المشتري، وعهدة المشتري على البائع).
(1) في هـ: العقد.
(2)
في هـ: وتفوت.
أما كون عهدة الشفيع على المشتري. ومعناها (1): أن الشفيع إذا أخذ الشقص فوجده مستحقاً، فعهدة الرجوع بالثمن على المشتري لا على البائع؛ فلأن الشفيع يملكه من جهة المشتري. فوجب أن يرجع عليه؛ لكونه بائعه.
ولأن الشفعة مستحقة بعد الشراء وحصول الملك للمشتري، ثم يزول الملك من المشتري إلى الشفيع بالثمن. فكانت العهدة عليه، كما لو أخذه منه ببيع.
وأما كون عهدة المشتري على البائع. ومعناها: أنه إذا رجع عليه يرجع هو على البائع؛ فلأن ملكه من جهته. فكان له الرجوع عليه؛ لما ذكر في الشفيع مع المشتري.
قال: (فإن أبى المشتري قبض المبيع أجبره الحاكم عليه. وقال أبو الخطاب: قياس المذهب أن يأخذه الشفيع من يد البائع).
أما كون الحاكم يجبر المشتري على قبض المبيع؛ فلأن القبض واجب ليحصل حق الشفيع من تسليمه. ومن شأن الحاكم: أن يجبر الممتنع على فعل ما يجب فعله؛ لما فيه من قطع التنازع.
وأما كون الشفيع يأخذ المشفوع من يد البائع على قول أبي الخطاب؛ فلأن البيع يلزم من غير قبض.
قال: (وإذا ورث اثنان شقصاً عن أبيهما، فباع أحدهما نصيبه: فالشفعة بين أخيه وشريك أبيه. ولا شفعة لكافر على مسلم).
أما كون الشفعة بين الوارث (2) وشريك أبيه؛ فلأنهما شريكان حال ثبوت الشفعة. فكان بينهما، كما لو ملكا كلاهما (3) بسببٍ واحد.
ولأن الشفعة تثبت لدفع ضرر (4) الشريك الداخل على شركائه بسبب شركته وهو موجود هاهنا.
(1) في ج: ومعناه.
(2)
في هـ: الأخ.
(3)
في ج: ملكوا كلهم.
(4)
في هـ: الضرر.
وأما كون الكافر لا شفعة له على مسلمٍ؛ فلما روى الدارقطني في العلل بإسناده عن أنس أن (1) النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا شُفعة لنصراني» (2).
ولأنه معنى يُملك به، يترتب وجوبه على وجود ملكٍ مخصوصٍ. فلم تجب للذمي على المسلم، كالزكاة.
ولأنه معنى يختص العقار، فلا يثبت لذمي على مسلم؛ كالاستعلاء في البنيان.
وفي قول المصنف رحمه الله: ولا شُفعة لكافرٍ على مسلمٍ؛ إشعارٌ بأن للذمي على الذمي شُفعة. وصرح به في المغني؛ لعموم الأدلة المقتضية لثبوت الشفعة، وزوال المعنى المذكور في المسلم.
قال: (وهل تجب الشفعة للمضارب على رب المال، أو لرب المال على المضارب فيما يشتريه للمضاربة؟ على وجهين).
أما كون الشفعة تجب للمضارب -والمراد بذلك: أن المضارب إذا كان له شقص في دارٍ، فاشترى بمال المضاربة بقيتها- على وجهٍ؛ فلأن في ذلك دفعاً لضرر الشركة.
وأما كونها لا تجب على وجهٍ؛ فلأن له في مال المضاربة تعلقٌ (3) في الجملة. أشبه رب المال.
وقال المصنف في المغني: إن لم يكن له في مال المضاربة ربحٌ فله الشفعة. وإن كان فيها (4) ربحٌ، وقلنا: لا يملكه بالظهور فكذلك. وإن قلنا: يملكه بالظهور ففيه وجهان، كما في رب المال.
وقال صاحب النهاية فيها بعد أن حكى قريباً مما ذُكر: وعندي أنه لا شُفعة للعامل فيما اشتراه، كالوكيل والوصي.
(1) في هـ: عن.
(2)
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 6: 108 كتاب الشفعة، باب روايه ألفاظ منكرة يذكرها بعض الفقهاء في مسائل الشفعة.
وأخرجه الطبراني في الصغير 1: 206.
(3)
في هـ: تعلقه.
(4)
في هـ: بها.
وأما كون الشفعة تجب لرب المال على المضارب -والمراد بذلك: أن يكون له شقصٌ في دارٍ فيشتري المضارب من مال المضاربة بقيتها- على وجهٍ؛ فلأن مال المضاربة كالمنفرد بنفسه لتعلق حق الغير به.
ولأن المضارب يستحق البيع، ورب المال يثبت الملك لنفسه بالشفعة ليقطع حق العامل من ذلك، وصار ذلك بمنزلة ما إذا كان المشتري شريكاً، فإن الشفعة بينه وبين شريكه، وهذه شفعة في الحقيقة لم تجلب ملكاً وإنما أثبتته وقررته. فكذلك هاهنا.
وأما كونها لا تجب له على وجهٍ؛ فلأن الملك وقع له. فلا يستحق الشفعة على نفسه.
وقال المصنف في المغني: هذان الوجهان مبنيان على شراء رب المال من مال المضاربة.
وقال صاحب النهاية فيها بعد أن ذكر التعليل المذكور قبل: هذا تكلّف. والصحيح نفي الشفعة. والشقص كسائر أموال القراض. والله أعلم (1).
(1) زيادة من ج.