الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل: "في الجماع في رمضان وما يجب له
ويجب الكفارة على من أفسد صوم رمضان بالجماع ولو في دبر، وبهيمة، لا على المرأة ولا من جامع ناسيًا أو مكرهًا، ولا على من أفسد صوم غير رمضان، ولا على من
ــ
"ويحرم الوصال في الصوم" الفرض والنفل عنه في الصحيحين1 وهو صوم يوم فأكثر من غير أن يتناول بينهما في الليل مفطرًا، وعلة ذلك الضعف مع كون ذلك من خصوصياته صلى الله عليه وسلم ففطم2 الناس عنه وإن لم يكن فيه ضعف، ومن ثم لو أكل ناسيًا كثيرًا قبل الغروب حرم عليه الوصال مع انتفاء الضعف، ولو ترك غير الصائم الأكل أيامًا ولم يضره ذلك لم يحرم عليه.
فصل: في الجماع في رمضان وما يجب به
"ويحب" التعذير و"الكفارة" الآتية "على من أفسد" على نفسه "صوم" يوم من "رمضان بالجماع" الذي يأثم به من حيث الصوم "ولو" كان الجماع "في دبر" من رجل أو امرأة "و" فرج أو دبر "بهيمة" لما صح من أمره صلى الله عليه وسلم لمن جامع في نهار رمضان بالإعتاق، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا3، وكالإفساد منع الانعقاد كاستدامة مجامع أصبح فتلزمه الكفارة أيضًا وسيأتي ما خرج به، وإنما تجب الكفارة هنا على الواطئ "لا على المرأة" الموطوءة ولا على الرجل الموطوء وإن فسد صومهما بالجماع بأن يولج فيهما مع نحو نوم ثم يستديمان ذلك بعد الاستيقاظ لأنه لم يؤمر بها في الخبر إلا الرجل المواقع مع الحاجة إلى البيان ولأنها غرم مالي يتعلق بالجماع فيختص بالرجل الواطئ كالمهر. "ولا" تجب الكفارة "على من جامع" أي وطئ ولم يفسده صومه كأن جامع "ناسيًا" أو جاهلًا وقرب إسلامه أو نشأ ببادية بعيدة عن العلماء "أو مكرهًا" لعذرهما "ولا على من أفسد صوم" غيره كأن أفسد مريض أو مسافر صوم امرأة لأنها لو أفسدت صوم نفسها بالجماع لم تلزمها كفارة فأولى لأن لا يلزم غيرها إذا أفسده، ولا على من أفسد بجماعه صوم "غير
1 روى البخاري في الصوم باب 49 "حديث 1966" ومسلم في الصيام "حديث 58" عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم والوصال" مرتين، قيل: إنك تواصل. قال: "إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني، فاكلفوا من العمل ما تطيقون"؛ وفي لفظ آخر "البخاري حديث 1965، ومسلم حديث 59" أن أبا هريرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال في الصوم، فقال له رجل من المسلمين: إنك تواصل يا رسول الله. قال: "وأيكم مثلي؟ إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني". فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يومًا ثم يومًا ثم رأوا الهلال. فقال: "لو تأخر لزدتكم" كالتنكيل لهم حين أبوا أن ينتهوا.
2 فطم: قطع.
3 رواه البخاري من حديث أبي هريرة "الأحاديث 1936 و1937 و2600، و5368 و6087 و6164 و6709 و6710 و6711 و6821".
أفطر بغير الجماع، ولا على المسافر والمريض وإن زنيا، ولا على من ظن أنه ليل فتبين نهارًا. وهي: عتق رقبة مؤمنة سليمة من العيوب التي تخل بالعمل، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، فإن لم يقدر أطعم ستين مسكينًا كل واحد مدًّا، وتسقط الكفارة بطرو الجنون والموت في أثناء النهار، لا بالمرض والسفر ولا بالإعسار، ولكل يوم يفسده كفارة.
ــ
رمضان" كالقضاء والنذر لورود النص في رمضان وهو مختص بفضائل لا يشركه فيها غيره. "ولا على من أفطر بغير الجماع" كاستمناء وإن جامع بعده لورود النص في الجماع وهو أغلظ من غيره. "ولا على" من لا يأثم بجماعه نحو "المسافر والمريض" إذا جامع بنية الترخص لعدم تعديه. ولا على من أثم به لكن لا من حيث الصوم كمريض ومسافر وإن جامعا حليلتيهما من غير نية الترخص. "و" كذا "إن زنيا" فإنهما وإن أثما لكن لا لأجل الصوم وحده بل لأجله مع عدم نية الترخص في الأولى ولأجل الزنى في الثانية ولأن الإفطار مباح فيصير شبهة في درء الكفارة. "و" علم مما مر آنفًا أنها1 "لا" تجب "على" غير آثم ومن أمثلته غير ما مر "من ظن أنه" أي الزمن الذي جامع فيه "ليل فتبين نهارًا" بأن غلط فظن بقاء الليل أو دخوله، وكذا لو شك في بقائه أو دخوله، فجامع ثم بان له أنه جامع نهارًا لأن الكفارة تسقط بالشبهة وإن لم يجز له الإفطار بذلك ولا تلزم أيضًا من أكل ناسيًا فظن أنه أفطر فجامع لأنه جامع معتقدًا أنه غير صائم لكن يفطر بالجماع، ومن رأى هلال رمضان وحده فردت شهادته لزمه صومه فإن جامع لزمته الكفارة. "و" أي الكفارة هنا كهي في الظهار فيأتي فيها هنا جميع ما قالوه ثم ومن ذلك أنه يجب "عتق رقبة" كاملة الرق عتقًا خاليًا عن شائبة عوض."مؤمنة سليمة من العيوب التي تخل بالعمل" والكسب إخلالًا بينًا وإن لم تسلم عما يثبت الرد في البيع، ويمنع الإجزاء في غرة الجنين لأن المقصود من عتق الرقبة تكميل حاله ليتفرغ لوظائف الأحرار من العبادات وغيرها، وذلك إنما يحصل بقدرته على القيام بكفايته فيجزئ مقطوع أصابع الرجلين ومقطوع الخنصر أو البنصر من يد واحدة وأنامله العليا من غير الإبهام، وأعرج يتابع المشي، وأعور لم يضعف بصر سليمته2 ضعفًا يضر بالعمل إضرارًا بينًا، ومقطوع الأذن والأنف وأعوج الكراع3 وأجذم وممسوح ومفقود الأسنان ومن لا يحسن صنعة ولا يجزئ زمن4 ولا مجنون ومريض لا يرجى برؤه، ومقطوع الخنصر والبنصر أن الإبهام أو السبابة أو الوسطى أو أنملة من الإبهام أو أنملتين من الوسطى أو السبابة، والشلل كالقطع. "فإن لم يجد" رقبة كاملة بأن يعسر عليه تحصيلها وقت الأداء لا الوجوب لكونه يحتاجها أو ثمنها لخدمة تليق به أو كفايته أو كفاية ممونه5 سنة مطعمًا وملبسًا
1 أي الكفارة.
2 أي عينه السليمة.
3 الكراع من الإنسان: ما دون الركبة إلى الكعب.
4 الزمن: من به زمانة، وهو مرض يدوم.
5 أي مؤنته.