الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل: "فيما يعتبر بعد توفر الشروط السابقة
"
يشترط لصحة الجماعة سبعة شروط: أن لا يتقدم المأموم على إمامه بعقبه، أو بأليته إن صلى قاعدًا، أو بجنبه إن صلى مضطجعًا، فإن ساواه كره ويندب تخلفه عنه قليلًا ويقف الذكر عن يمينه، فإن جاء آخر فعن يساره، ثم يتقدم الإمام أو يتأخران وهو أفضل،
ــ
فصل: فيما يعتبر بعد توفر الشروط السابقة
"يشترط لصحة الجماعة" بعد توفر الصفات المعتبرة في الإمام "سبعة شروط":
الأول: "أن لا يتقدم المأموم على إمامه" في الموقف لما صح من قوله صلى الله عليه وسلم: "إنما جعل الإمام ليؤتم به" 1 والائتمام الاتباع والمتقدم غير تابع، ولو شك في تقدمه عليه لم يؤثر سواء جاء من خلفه أو أمامه لأن الأصل عدم المبطل والعبرة في التقدم "بعقبه" التي اعتمد عليها من رجليه أو من إحداهما وهو مؤخر القدم مما يلي الأرض هذا إن صلى قائمًا "أو بأليته إن صلى قاعدًا" وإن كان راكبًا "أو بجنبه إن صلى مضطجعًا" أو برأسه إن كان مستلقيًا فمتى تقدم في غير صلاة شدة الخوف في جزء من صلاته بشيء مما ذكر لم تصح صلاته لما مر، وأفهم تعبيره بالعقب أنه لا أثر للأصابع تقدمت أو تأخرت لأن عدم العقب يستلزم تقدم المنكب بخلاف تقدم غيره، نعم لو تأخر وتقدمت رؤوس أصابعه على عقب الإمام فإن اعتمد على العقب صح أو على رؤوس الأصابع، فلا. "فإن ساواه" بالعقب "كره" ولم يحصل له شيء من فضل الجماعة "ويندب" للمأموم الذكر ولو صبيًّا اقتدى وحده بمصل مستور "تخلفه عنه قليلا" إظهارًا لرتبة الإمام "ويقف الذكر" المذكور كما ذكر "عن يمينه" لما صح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه وقف عن يساره صلى الله عليه وسلم فأخذ برأسه فأقامه عن يمينه2، وبه يعلم أنه يندب للإمام إذا فعل أحد المأمومين خلاف السنة أن يرشده إليها بيده أو غيرها إن وثق منه بالامتثال، أما إذا لم يقف عن يمينه أو تأخر كثيرًا فإنه يكره له ذلك ويفوته فضل الجماعة، "فإن جاء آخر فعن يساره" أي الإمام يقف ويكره وقوفه عن يمين المأموم ويفوته به فضل
1 روي في الصحاح من طرق كثيرة، فرواه البخاري في الصلاة باب 18، والأذان باب 51 و74 و82 و128، وتقصير الصلاة باب 17، والسهو باب 9، والمرضى باب 12، ومسلم في الصلاة حديث 77 و82 و86 و89، وأبو داود في الصلاة باب 68، والترمذي في الصلاة باب 150، والنسائي في الأئمة باب 38 و40، والافتتاح باب 30، والتطبيق باب 22، وابن ماجه في الإقامة باب 13 و144، والدارمي وأحمد ومالك وغيرهم كثير.
2 رواه البخاري في العلم باب 41، والوضوء باب 5، والأذان باب 57 و59 و161، واللباس باب 71، والأدب باب 118، والتوحيد باب 27، ومسلم في صلاة المسافرين وقصرها حديث 181 و182 و184-189 و192 و193، والنسائي في الإمامة باب 22، والتطبيق باب 63، وابن ماجه في الطهارة باب 48، والإقامة باب 44.
ولو حضر ذكران صفًا خلفه وكذا المرأة أو النسوة، ويقف خلفه الرجال ثم الصبيان إن لم يسبقوا إلى الصف الأول، فإن سبقوا فهم أحق به، ثم النساء وتقف إمامتهن وسطهن، وإمام العراة غير المستور وسطهم، ويكره وقوفه منفردًا عن الصف، فإن لم يجد سعة
ــ
الجماعة. "ثم" بعد إحرامه "يتقدم الإمام أو يتأخران" حالة القيام لا غيره "وهو" أي تأخرهما حيث أمكن كل من التقدم والتأخر "أفضل" فإن لم يمكن إلا أحدهما فعل وأصل ذلك خبر مسلم عن جابر رضي الله عنه: "قمت عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم فأدارني عن يمينه ثم جاء جبار بن صخر فأقامه عن يساره فأخذ بأيدينا جميعًا فدفعنا حتى أقامنا خلفه" ولكون الإمام متبوعًا لم يلق به الانتقال من مكانه، أما إذا تأخر من على اليمين قبل إحرام الثاني أو لم يتأخرا أو تأخرا في غير القيام فيكره ويفوت به فضل الجماعة. "ولو حضر" ابتداء معًا أو مرتبًا "ذكران" ولو بالغًا وصبيًا "صفا خلفه وكذا" إذا حضرت "المرأة" وحدها "أو النسوة" وحدهن فإنها تقوم أو يقمن خلفه لا عن يمينه ولا عن يساره للاتباع "ويقف" ندبًا فيما إذا تعددت أصناف المأمومين "خلفه الرجال" صفًّا "ثم" بعد الرجال إن كمل صفهم "الصبيان" صفًّا ثانيًا وإن تميزوا عن البالغين بعلم ونحوه هذا "إن لم يسبقوا" أي الصبيان "إلى الصف الأول فإن سبقوا" إليه "فهم أحق به" من الرجال فلا ينحون عنه لهم لأنهم من الجنس بخلاف الخناثى والنساء ثم بعد الصبيان وإن لم يكمل صفهم الخناثى "ثم" بعدهم وإن لم يكمل صفهم "النساء" للخبر الصحيح:"ليليني منكم أولو الأحلام والنهي" أي البالغون العاقلون "ثم الذين يلونهم ثلاثًا" 1، ومتى خولف الترتيب المذكور كره، وكذا كل مندوب يتعلق بالموقف فإنه يكره مخالفته وتفوت به فضيلة الجماعة كما قدمته في كثير من ذلك ويقاس به ما يأتي "وتقف" ندبًا "إمامتهن" أي النساء "وسطهن"، لأنه أستر لها. "و" يقف "إمام العراة" البصراء "غير المستور وسطهم" بسكون السين ويقفون صفًّا واحدًا إن أمكن لئلا ينظر بعضهم إلى عورة بعض فإن كانوا عميًا أو في ظلمة تقدم إمامهم. "ويكره" للمأموم "وقوفه منفردًا عن الصف" إذا وجد فيه سعة لما صح من النهي عنه وأمر المنفرد بالإعادة في خبر الترمذي2 الذي حسنه محول على الندب على أن الشافعي رضي الله عنه ضعفه "فإن لم يجد سعة" في الصف "أحرم"
1 رواه مسلم في الصلاة "حديث 122" عن أبي مسعود قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول: "استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم، ليلني منكم أولو الأحلام والنهي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم". ورواه أيضًا "حديث 123" بلفظ: "ليليني منكم أولو الأحلام والنهي ثم الذين يلونهم -ثلاثًا- وإياكم وهيشات الأسواق".
2 في المواقيت باب 56 من حديث وابصة: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يصلي خلف الصف وحده فأمره أن يعيد الصلاة". ورواه أيضًا أبو داود في الصلاة باب 99 "حديث 682" وابن ماجه في الإقامة باب 54، وأحمد في المسند "4/ 23، 228".
أحرم ثم جرَّ واحدًا ويندب أن يساعده المجرور.
الشرط الثاني: أنيعلم بانتقالات إمامه برؤية أو سماع ولو من مبلغ.
الشرط الثالث: أن يجتمعا في مسجد وإن بعدت المسافة وحالت الأبنية وأغلق الباب بشرط إمكان المرور، فإن كانا في غير مسجد اشترط أن لا يكون بينهما وبين كل
ــ
مع الإمام "ثم جر" ندبًا في القيام "واحدًا" من الصف إليه ليصطف معه خروجًا من الخلاف ومحله إن جوز أنه يوافقه وإلا فلا جر بل يمتنع لخوف الفتنة وأن يكون حرًّا لئلا يدخل غيره في ضمانه، وأن يكون الصف أكثر من اثنين لئلا يصير الآخر منفردًا، "ويندب أن يساعده المجرور" لينال فضل المعاونة على البر والتقوى وذلك يعادل فضيلة ما فات عليه من الصف، ويحرم الجر قبل الإحرام لأنه يصير المجرور منفردًا، أما إذا وجد سعة في صف من الصفوف وإن زاد ما بينه وبين صفها على ثلاثة صفوف فأكثر فالسنة أن يخترق الصفوف إلى أن يدخلها، والمراد بها أن يكون بحيث لو دخل بينهم لوسعه من غير مشقة تحصل لأحد منهم ولو كان عن يمين الإمام محل يسعه لم يخترق بل يقف فيه.
"الشرط الثاني" لصحة الجماعة "أن يعمل بانتقالات إمامه" أو يظنها ليتمكن من متابعته ويحصل ذلك "برؤية" للإمام أو لبعض المأمومين "أو سماع" نحو أعمى ومن في ظلمة نحو صوت "ولو من مبلغ" بشرط كونه عدل رواية؛ لأن غيره لا يجوز الاعتماد عليه ويكفي الأعمى والأصم مس ثقة بجانبه.
"الشرط الثالث: أن يجتمعا" أي الإمام والمأموم في موقف إذ من مقاصد الاقتداء اجتماع جمع في مكان كما عهد عليه الجماعات في العصر الخالية ومبنى العبادات على رعاية الاتباع ثم هما إما أن يكونا في مسجد أو غيره من فضاء أو بناء أو يكون أحدهما بمسجد والآخر بغيره، فإن كانا "في مسجد" أو مساجد تنافذت أبوابها، وإن كانت مغلقة غير مسمرة أو انفرد كل مسجد بإمام ومؤذن وجماعة صح الاقتداء. "وإن بعدت المسافة" كأن زادت على ثلاثمائة ذراع فأكثر "وحالت الأبنية" النافذة أو اختلفت كبئر وسطح ومنارة داخلين فيه. "و" إن "أغلق الباب" المنصوب على كل مما ذكر غلقا مجردًا من غير تسمير، لأنه كله مبني للصلاة فالمجتمعون فيه مجتمعون لإقامة الجماعة مؤدون لشعارها فلم يؤثر اختلاف الأبنية. "بشرط إمكان المرور" من كل منها إلى الآخر، لأنها حينئذ كالبناء الواحد، بخلاف ما إذا كان في بناء لا ينفذ كأن سمر بابه وكسطحه الذي ليس له مرقى، وإن كان له مرقى منه من خارجه أو حال بين جانبيه أو بين المساجد المذكورة نهر أو طريق قديم بأن سبقا وجوده أو جودها فلا تصح القدوة حينئذ مع بعد المسافة أو الحيلولة الآتية كما لو وقف من وراء شباك بجدار المسجد، وقول الإسنوي لا يضر سهو وكالمسجد في ذلك رحبته، والمراد بها هنا ما كان خارجه محجرًا عليه لأجله، وإن جهل أمرها أو كان بينها وبين طريق لا حريمه وهو المحل المتصل
صفين أكثر من ثلاثمائة ذراع تقريبًا، فلا يضر زيادة ثلاثة أذرع، وأن لا يكون بينهما جدار أو باب مغلق أو مردود أو شباك، ولا يضر تخلل الشارع والنهر الكبير، والبحر بين سفينتين، وإذا وقف أحدهما في سفل والآخر في علو اشترط محاذاة أحدهما الآخر في غير المسجد والآكام، ولو كان الإمام في المسجد والمأموم خارجه فالثلاثمائة محسوبة من
ــ
به المهيأ لمصلحته فليس له حكمه في شيء. "فإن كانا" أي الإمام والمأموم "في غير المسجد" كفضاء "اشترط أن لا يكون بينهما وبين كل صفين أكثر من ثلاثمائة ذراع" بذراع الآدمي المعتدل وهو شبران "تقريبًا فلا يضر زيادة ثلاثة أذرع" ونحوها وما قاربها كما في المجموع وغيره فتقييد البغوي1 التابع له المصنف بثلاثة ضعيف وهذا التقييد مأخوذ من العرف، وعلم من كلام المصنف أنه لا يضر بلوغ ما بين الإمام والأخير فراسخ. "و" اشتراط القرب حيث لم يجمعهما مسجد يعم ما لو كانا في فضاءين أو فلكين2 مكشوفين أو مسقفين أو بناءين كصحن3 وصفة4 سواء في ذلك المدرسة والرباط وغيرهما، فالشرط في الكل القرب على المعتمد بشرط "أن لا يكون بينهما جدار أو باب مغلق أو مردود أو شباك" لمنعه الاستطراق وإن لم يمنع المشاهدة وصفف5 المدارس الشرقية أو الغربية إذا كان الواقف فيها لا يرى الإمام ولا من خلفه ولا تصح قدوته به، وعند إمكان المرور والرؤية لا يضر انعطاف وازورار في جهة الإمام ويضر في غيرها. "ولا يضر تخلل الشارع والنهر الكبير" وإن لم يمكن عبوره والنار ونحوها. "و" لا تخلل "البحر بين سفينتين"؛ لأن هذه تعد للحيلولة فلا يسمى واحد منها حائلا عرفًا وحيث كان بين البناءين سواء أكان أحدهما مسجدًا أم لا منفذ يمكن الاستطراق منه ولا يمنع المشاهدة صحت قدوة أحدهما بالآخر، لكن إن وقف أحد المأمومين في مقابل المنفذ حتى يرى الإمام أو من معه في بنائه وهذا في حق من في المكان الآخر كالإمام؛ لأنهم تبع له في المشاهدة فيضر تقدمهم عليه في الموقف وإلا حرم "وإذا وقف أحدهما" أي الإمام والمأموم "في سفل والآخر في علو اشترط محاذاة أحدهما الآخر في غير المسجد والآكام" بأن يحاذي رأس الأسفل قدم الأعلى وإلا لم يعدا مجتمعين، ويعتبر غير المعتدل بالمعتدل وهذا ضعيف خلافًا لجمع متأخرين وإن تبعهم المصنف والمعتمد أن ذلك
1 هو أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد المعروف بابن الفراء البغوي الشافعي، فقيه، محدث، مفسر. توفي بمرو الروذ سنة 516، وقيل: 515هـ. من تصانيفه: معالم التنزيل، مصابيح السنة، التهذيب في فروع الفقه الشافعي، وغيرهما "معجم المؤلفين: 1/ 644".
2 أي سفينتين.
3 الصحن: ساحة وسط الدار أو المسجد "المعجم الوسيط: ص508".
4 الصفة: الظلة، والبهو الواسع العالي السقف "المعجم الوسيط: ص517".
5 جمع صفة.
آخر المسجد، نعم إن صلى في علو داره بصلاة الإمام في المسجد قال الشافعي: لم تصح، ويكره ارتفاع أحدهما على الآخر بغير حاجة.
الشرط الرابع: نية القدوة أو الجماعة، فلو تابع بلا نية أو مع الشك فيها بطلت إن طال انتظاره.
ــ
ليس بشرط. "ولو كان الإمام في المسجد والمأموم خارجه فالثلاثمائة" الذراع "محسوبة من آخر المسجد" لا من آخر مصل فيه؛ لأنه مبني للصلاة فلا يدخل منه شيء في الحد الفاصل، وفي عكس صورة المصنف تعتبر المسافة من صدره. "نعم إن صلى" المأموم "في علو داره بصلاة الإمام في المسجد قال الشافعي" رضي الله عنه:"لم تصح" صلاته أي سواء كانا متحاذيين أم لا ويوافقه نصه -فيمن صلى بأبي قبيس بصلاة الإمام في المسجد الحرام- على المنع وصوبه الإسنوي لكن المعتمد نصه الآخر في أبي قبيس على الصحة وإن كان أعلى منه والنص في السطح وأبي قبيس محمول على ما إذا لم يمكن المرور للإمام إلا بالعطاف من غير جهة الإمام أو على ما إذا بعدت المسافة أو حالت أبنية هناك منعت الرؤية فعلم أنه يعتبر في الاستطراق أن يكون استطراقًا عاديًا وأن يكون من جهة الإمام، وأن لا يكون هناك ازورار وانعطاف بأن يكون بحيث لو ذهب للإمام من مصلاه لا يلتفت عن القبلة بحيث يبقي ظهره إليها وإلا ضر لتحقيق الانعطاف حينئذ من غير جهة الإمام، وأنه لا فرق في ذلك بين المصلي على نحو جبل أو سطح. "ويكره" في المسجد وغيره "ارتفاع أحدهما" أي الإمام أو المأموم "على الآخر" للنهي عن ارتفاع الإمام وقياسًا عليه في ارتفاع المأموم، هذا إن كان الارتفاع "بغير حاجة" وإلا كتعليم المأموم كيفية الصلاة أو تبليغ تكبيرة الإمام فلا يكره بل يندب.
"الشرط الرابع: نية" نحو "القدوة أو الجماعة" أو الائتمام بالإمام الحاضر أو بمن في المحراب أو نحو ذلك. "فلو تابع" في فعل أو سلام "بلا نية أو مع الشك فيها بطلت" صلاته "إن طال" عرفًا "انتظاره" له ليتبعه في ذلك الركن؛ لأنه وقف صلاته على صلاة غيره بلا رابط بينهما، والتقييد في مسألة الشك بالطول والمتابعة هو الأوجه خلافًا لجمع، وإنما أبطل الشك في أصل النية مع الانتظار الكثير وإن لم يتابع وباليسير مع المتابعة لأن الشك في أصلها ليس في صلاة بخلافه هنا فإن غايته أنه كالمنفرد، فلا بد من مبطل وهو المتابعة مع الانتظار الكثير، ولو عرض ذلك الشك في الجمعة أبطلها حيث طال زمنه لأن نية الجماعة شرط فيها فالشط فيها كالشك في أصل النية، وأفهم كلام أنه لو تابعة اتفاقًا أو بعد انتظار يسير أو انتظره كثيرًا بلا متابعة لم تبطل لأنه في الأولى لا يسمى متابعة وفي الثانية يغتفر لقلته وفي الثالثة لم يتحقق الانتظار لفائدته وهي المتابعة فألغى النظر إليه وأنه لا يجب تعيين الإمام بل لو عينه وأخطأ بطلت صلاته إلا أن يشير إليه لأنه يجب التعرض له في الجملة، بخلاف ما لو عين الإمام المأموم فأخطأ فإنه لا يضر مطلقًا لأنه لا يجب التعرض له في الجملة ولا تفصيلا
الشرط الخامس: توافق نظم صلاتيهما، فإن اختلف كمكتوبة وكسوف أو جنازة لم تصح القدوة، ويصح الظهر خلف العصر والمغرب، والقضاء خلف الأداء وعكسه، والفرض خلف النفل وعكسه.
الشرط السادس: الموافقة في سنة فاحشة المخالفة، فلو ترك الإمام سجدة التلاوة وسجدها المأموم أو عكسه أو ترك الإمام التشهد الأول وتشهده المأموم بطلت، وإن تشهد
ــ
وأن الإمام لا تلزمه نية الإمامة وهو كذلك بل تسن له وإلا لم تحصل له فضيلة الجماعة ومحله في غير الجمعة أما فيها فتلزمه نية الإمامة مقترنة بالتحرم.
"الشرط الخامس: توافق نظم صلاتيهما" أي الإمام والمأموم بأن يتفقا في الأفعال الظاهرة وإن اختلفا عددًا "فإن اختلف" نظم صلاتيهما "كمكتوبة" أو فرض آخر أو نفل "وكسوف" أو كمكتوبة أو فرض آخر "أو" نفل أو "جنازة لم تصح القدوة" ممن يصلي غير الجنازة بمصليها وغير الكسوف بمصليه وعكسهما لتعذر المتابعة، ومن ثم يصح الاقتداء بإمام الكسوف في القيام الثاني من الركعة الثانية لإمكان المتابعة حينئذ، وإلا لم يصح الاقتداء بمصلي الجنازة أو الكسوف، ويفارق عند الأفعال المخالفة؛ لأن ربط إحدى الصلاتين بالأخرى مع تنافيهما مبطل ومثلهما1 سجدتا التلاوة والشكر وإن صحت إحداهما خلف الأخرى، ويصح الفرض خلف صلاة التسبيح وعند تطويل ما يبطل تطويله كالاعتدال ينتظره في الركن الذي بعده. "ويصح" مع الكراهة المفوتة لفضيلة الجماعة "الظهر خلف" مصلى "العصر و" خلف مصلي "المغرب" وعكسه لاتحاد النظم وإن اختلفا عددًا ونية "والقضاء خلف" مصلي "الأداء وعكسه والفرض خلف" مصلي "النفل وعكسه" لاتفاق النظم في الجميع وحيث كانت صلاة الإمام أطول تخير المأموم عند إتمام صلاته بين أن يسلم وأن ينتظر وهو أفضل ومحل حل انتظاره حيث لم يفعل تشهدًا لم يفعله الإمام، فلو صلى المغرب خلف مصلي العشاء امتنع الانتظار، وإن جلس الإمام للاستراحة في الثالثة أو الصبح خلف الظهر جاز الانتظار إن جلس الإمام للتشهد الأول وتشهد؛ لأنه حينئذ يكون مستصحبًا تشهد الإمام، فإن لم يجلس أو جلس ولم يتشهد لزم المأموم المفارقة لئلا يحدث تشهد لم يفعله الإمام.
"الشرط السادس: الموافقة" للإمام "في سنة فاحشة المخالفة" يعني تفحش المخالفة بها "فلو ترك الإمام سجدة التلاوة وسجدها المأموم أو عكسه" بأن سجدها الإمام وتركها المأموم "أو ترك الإمام التشهد الأول وتشهده المأموم بطلت" صلاته إن علم وتعمد وإن لحقه عن القرب لعدوله عن فرض المتابعة إلى سنة ويخالف ذلك سجود السهو والتسليمة الثانية لأنهما يفعلان بعد فراغ الإمام، أما غير فاحشة المخالفة كجلسة الاستراحة فلا يضر الإتيان بها، ومثلها القنوت لمن أدرك الإمام في
1 أي الكسوف والجنازة.
الإمام وقام المأموم عمدًا لم تبطل، ويندب له العود.
الشرط السابع: المتابعة فإن قارنه في التحرم بطلت، وكذا إن تقدم عليه بركنين فعليين أو تأخر عنه بهما لغير عذر، وإن قارنه في غير التحرم أو تقدم عليه بركن فعلي أو تأخر عنه به لم يضر، ويحرم تقدمه عليه بركن فعلي وإن تخلف بعذر كبطء قراءة بلا وسوسة واشتغال
ــ
السجدة الأولى وفارق التشهد الأول بأنه لم يحدث غير ما فعله الإمام وإنما طول ما كان فيه، ومن ثم لو أتى الإمام ببعض التشهد وقام عنه جاز للمأموم إكماله؛ لأنه حينئذ مستصحب كالقنوت. "وإن تشهد الإمام وقام المأموم" سهو لزمه العود وإلا بطلت صلاته أو "عمدًا لم تبطل" صلاته بعدمه؛ لأنه انتقل إلى فرض آخر وهو القيام. "ويندب له العود" خروجًا من خلاف من أوجبه.
"الشرط السابع: المتابعة" للإمام كما سيعلم من كلامه، وأما المتابعة المندوبة فهي أن يجري على أثره في الأفعال والأقوال بحيث يكون ابتداؤه بكل منهما متأخرًا عن ابتداء الإمام ومتقدمًا على فراغه منه، ويشترط تيقن تأخر جميع تكبيرته للإحرام عن جميع تكبيرة إمامه. "فإن قارنه في التحرم" أو في بعضه أو شك فيه أو بعده هل قارنه فيه أو لا وطال زمن الشك أو اعتقد تأخر تحرمه فبان تقدمه "بطلت صلاته يعني لم تنعقد للخبر الصحيح:"إذا كبر فكبروا" 1 ولأنه نوى الاقتداء بغير مصل إذ يتبين بتمام تكبيرة الإحرام الدخول في الصلاة من أولها. "وكذا" تبطل صلاة المأموم "إن تقدم عليه" أي على إمامه عامدًا عالمًا بالتحريم "بركنين فعليين" ولو غير طويلين بأن يركع المأموم فلما أراد إمامه أن يركع رفع فلما أراد أن يرفع سجد فبمجرد سجوده تبطل صلاته وفارق ما يأتي في التخلف بأن التقدم أفحش فأبطل السبق بالركنين ولو على التعاقب؛ لأنهما لم يجتمعا في الركوع ولا في الاعتدال. "أو تأخر عنه بهما" أي بركنين فعليين تامين ولو غير طويلين كأن ركع الإمام واعتدل وهوى للسجود وإن كان إلى القيام أقرب والمأموم قائم أو سجد الإمام السجدة الثانية وقام وقرأ وهوى للركوع والمأموم جالس بين السجدتين هذا إن كان "لغير عذر" مما يأتي كأن تخلف لإكمال السنة كالسورة "وإن قارنه في غير التحرم" من أفعال الصلاة لم يضر وإن قارنه في السلام لكن يكره ذلك وتفوته به فضيلة الجماعة. "أو تقدم عليه بركن فعلي أو تأخر عنه به لم يضر" لعدم فحش المخالفة. "ويحرم تقدمه عليه بركن فعلي" تام كأن ركع ورفع والإمام قائم للخبر الصحيح: "أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار"2 أما إذا لم يتم كأن
1 رواه البخاري في الصلاة باب 18، والأذان باب 82 و128، وتقصير الصلاة باب 17، ومسلم في الصلاة حديث 62 و77 و86 و87 و89، ورواه أيضًا بقية الستة وأحمد.
2 رواه البخاري في الأذان باب 53، ومسلم في الصلاة حديث 115 و116 و119، والترمذي في الجمعة باب 56، وأبو داود في الصلاة باب 75، والنسائي في الإمامة باب 38، وابن ماجه في الإقامة باب 41، وأحمد في المسند "2/ 260، 271، 425، 469، 472، 504".
الموافق بدعاء الافتتاح أو ركع إمامه فشك في الفاتحة أو تذكر تركها، أو أسرع الإمام قراءته عذر إلى ثلاثة أركان طويلة، فإن زاد نوى المفارقة أو وافقه وأتى بركعة بعد سلامه هذا في الموافق -وهو من أدرك مع الإمام قدر الفاتحة- وأما المسبوق إذا ركع الإمام في فاتحته، فإن اشتغل بسنة كدعاء الافتتاح أو التعوذ قرأ بقدرها، ثم إن أدركه في الركوع أدرك الركعة، وإلا فاتته ووافقه، ويأتي بركعة، وإن لم يشتغل بسنة قطع القراءة وركع معه.
ــ
ركع قبله ولم يعتدل فيكره، ويسن له العود ليوافقه فإن سها بالركوع قبله تخير بين العود والدوام ويكره التأخر بركن. "وإن تخلف" المأموم "بعذر كبطء قراءة" واجبة "بلا وسوسة" بل لعجز لسانه ونحوه "واشتغال" المأموم "الموافق بدعاء الافتتاح" والتعوذ عن الفاتحة حتى ركع الإمام أو قاربه الركوع "أو" كان "ركع إمامه فشك" بعد ركوعه وقبل أن يركع هو "في الفاتحة" هل قرأها أم لا؟ ومثلها بدلها. "أو تذكر تركها أو" كان "أسرع الإمام قراءته"، وركع قبل أن يتم المأموم فاتحته وإن لم يكن بطيء القراءة "عذر" في التخلف عن الإمام لإتمام قراءة ما بقي عليه لعذره بوجوب ذلك عليه بخلاف تخلفه لمندوب كقراءة السورة أو لوسوسة بأن كان يردد الكلمات من غير موجب سواء كانت ظاهرة أو خفية، فإنه متى كان بتمام ركنين فعليين بطلت صلاته لعدم عذره وحيث عذر بالتخلف كما في الصورة التي ذكرناها فإنما يتخلف "إلى" تمام "ثلاثة أركان طويلة"، وهي المقصودة بنفسها فلا يعد منها القصير وهو الاعتدال والجلوس بين السجدتين فيسعى على ترتيب نظم صلاة نفسه حيث فرغ قبل قيام الإمام من السجدة الثانية وجلوسه بعدها. "فإن زاد" التخلف على ذلك بأن لم يفرغ إلا والإمام منتصب للقيام أو جالس للتشهد "نوى المفارقة" إن شاء وجرى على ترتيب صلاة نفسه "أو وافقه" فيما هو فيه بأن يترك قراءته ويتبع الإمام في القيام أو التشهد "وأتى بركعة" بدل هذه الركعة التي فاتته "بعد سلامه" أي سلام الإمام كالمسبوق ولا يجوز له بلا نية المفارقة الجري على ترتيب صلاة نفسه، فإن فعل عامدًا عالمًا بطلت صلاته لما فيه من المخالفة الفاحشة. "وهذا" كله "في الموافق وهو من أدرك مع الإمام قدر الفاتحة" سواء الركعة الأولى وغيرها. "وأما المسبوق" وهو من لم يدرك مع الإمام من الركعة الأولى أو غيرها قدرًا يسع الفاتحة "إذا ركع الإمام" وهو باق "في فاتحته" إلى الآن لم يكملها "فإن" كان قد "اشتغل" قبلها "بسنة كدعاء الافتتاح" أو التعوذ أو سكت أو سمع قراءة الإمام أو غيره "قرأ" وجوبًا من الفاتحة "بقدرها" أي بقدر حروف السنة التي اشتغل بها وبقدر زمن السكوت الذي اشتغل به لتقصيره بعدوله عن الفرض إليها إذ السنة للمسبوق أن لا يشتغل بسنة غير الفاتحة، فإن ركع ولم يقرأ قدر ما فوته بطلت صلاته إن علم وتعمد وإلا فركعة. "ثم" إذا اشتغل بقراءة قدر ما فوته "إن" أكمله و"أدركه" أي الإمام "في الركوع أدرك الركعة" كغيره "وإلا" يدركه فيه بأن لم يطمئن قبل ارتفاع الإمام عن أقله فإن فرغ والإمام في الاعتدال "فاتته" الركعة على اضطراب طويل فيه بين المتأخرين.