الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل: "في سنن تتعلق بالنسك
"
ويسن الغسل للإحرام، ولدخول مكة، ولوقوف عرفة ومزدلفة ولرمي أيام التشريق، وتطييب بدنه للإحرام دون ثوبه، ولبس إزار ورداء أبيضين جديدين ثم مغسولين
ــ
فصل: في سنن تتعلق بالنسك
"ويسن الغسل للإحرام" بسائر كيفياته للاتباع حتى للحائض والنفساء؛ لأن القصد التنظف لكن تسن لهما النية والأولى لهما تأخير الإحرام إلى الطهر إن أمكن وحتى غير المميز فليغسله وليه، ومن عجز عنه لفقد الماء حسًّا أو شرعًا تيمم ندبًا لأن الغسل يراد للقربة والنظافة، فإذا فات أحدهما بقي الآخر، ويجري ذلك في سائر الأغسال الآتية. "ولدخول مكة" وإن كان حلالا للاتباع، نعم من خرج من مكة وأحرم بالعمرة من قريب بحيث لا يغلب التغير في مسافته كالتنعيم واغتسل للإحرام لم يسن له الغسل لدخولها لحصول النظافة بالغسل السابق، وكذا من أحرم بالحج من ذلك، ويسن الغسل أيضًا لدخول الحرم ولدخول الكعبة ولدخول المدينة. "ولوقوف عرفة" والأفضل أنه يكون بعد الزوال "و" للوقوف في "مزدلفة" على المشعر الحرام ويكون بعد الفجر. "ولرمي" جمار كل يوم من "أيام التشريق" لآثار وردت في ذلك ولأن هذه المواضع يجتمع بها الناس فأشبه غسل الجمعة ونحوها، والأفضل أن يكون الغسل للرمي بعد الزوال، وأفهم كلامه أن لا يسن الغسل لرمي جمرة العقبة يوم النحر ولا لمبيت مزدلفة ولا لطواف القدوم أو الإفاضة أو الحلق وهو كذلك اكتفاء بما قبل الثلاثة الأول مع اتساع وقت ما عدا الثاني والثالث "و" يستحب "تطييب بدنه للإحرام" بعد الغسل للاتباع1 رجلا كان أو غيره لانعزال المرأة هنا عن الرجال بخلافها في الصلاة في جماعتهم، وأفضل أنواع الطيب المسك والأولى خلطه بماء الورد "دون ثوبه" فلا يندب له تطييبه بل يكره ولا يحرم بما تبقى عينه بعد الإحرام، وله استدامته ولو في ثوبه لا شده فيه، ولو أخذه من بدنه أو ثوبه ثم أعاده إليه وهو محرم أو نزع ثوبه المطيب ثم لبسه لزمته الفدية. وكذا لو مسه بيده عمدًا ولا أثر لانتقاله بعرق للعذر "و" يستحب للرجل قبل الإحرام "لبس إزار ورداء" للاتباع2 "أبيضين" لخبر مسلم "البسوا من ثيابكم البياض" 3 "جديدين ثم" إن لم يجدهما
1 عن عائشة رضي الله عنها قال: "كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه حين يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت". رواه البخاري في صحيحه "الأحاديث 1539 و1754 و5922 و5928 و5930" ومسلم في الحج "حديث 31"، وباقي الستة ومالك وأحمد.
2 روى البخاري في الحج، باب ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزر "حديث 1545" عن ابن عباس رضي الله عنهما: "انطلق النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة بعدما ترجل وادهن ولبس إزاره ورداءه هو وأصحابه
…
". إلخ.
3 لم أجده بهذا اللفظ في مسلم؛ ورواه بهذا اللفظ أبو داود في الطب باب 14 واللباس باب 13 "حديث 3878 و4061" والترمذي في الجنائز باب 38 والزينة باب 98، وأحمد في المسند "1/ 247، 363" والطبراني في الكبير "12/ 65، 66".
ونعلين، وركعتان يحرم بعدهما مستقبلا عند ابتداء سيره، ويستحب دخول مكة قبل الوقوف، ومن أعلاها نهارًا ماشيًا حافيًا، وأن يطوف للقدوم إن كان حاجًّا أو قارنًا ودخل مكة قبل الوقوف.
ــ
لبس "مغسولين" ويندب غسل جديد يغلب احتمال النجاسة في مثله "ونعلين" لخبر أبي عوانة: "ليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين"1 ويكره المصبوغ إلا المزعفر والمعصفر فإنهما يحرمان أما المرأة والخنثى فلا حرج عليهما في غير الوجه والكفين ويستحب له قبل الغسل أن يتنظف بقص شارب وأخذ شعر إبط وعانة وظفر إلا في عشر ذي الحجة لمريد التضحية "و" يسن بعد فعل ما ذكر "ركعتان" أي صلاتهما بنية سنة الإحرام للاتباع ولا يصليهما في وقت الكراهة لحرمتهما فيه في غير حرم مكة، ويجزئ عنهما الفريضة والنافلة لكن إن نواهما مع ذلك حصل ثوابهما أيضًا وإلا سقط عنه الطلب ولم يثب عليهما نظير ما مر في تحية المسجد، ثم إذا صلاهما "يحرم بعدهما" حال كونه "مستقبلا" للقبلة عند الإحرام لخبر البخاري بذلك والأفضل أن يحرم "عند ابتداء سيره" فيحرم الراكب إذا استوت به دابته قائمة لطريق مكة والماشي إذا توجه إلى طريق مكة للاتباع في الأول وقياسًا عليه في الثاني "ويستحب" للحاج "دخول مكة قبل الوقوف" بعرفة للاتباع2 ولكثرة ما يفوز به من الفضائل التي تفوته لو دخلها بعد الوقوف "و" يستحب أن يدخلها "من أعلاها" وهو المسمى الآت بالحجون وإن لم يكن في طريقه للاتباع3 وأن يدخلها "نهارًا" والأفضل أوله بعد صلاة الصبح للاتباع4 و"ماشيًا" و"حافيًا" إن لم تلحقه مشقة ولم يخف تنجس رجله ولم يضعفه عن الوظائف؛ لأنه أشبه بالتواضع والأدب، ومن ثم ندب له المشي والحفاء من أول الحرم بقيده المذكور، ودخول المرأة في نحو هودجها أفضل، وينبغي أن يستحضر عند دخول الحرم ومكة من الخشوع والخضوع والتواضع ما أمكن، ولا يزال كذلك حتى يدخل من باب السلام، فإذا وقع بصره على الكعبة أو وصل الأعمى أو من في الظلمة إلى محل يراها لو زال مانع الرؤية وقف ودعا بالمأثور في ذلك وبما أحب "وأن يطوف للقدوم" عند دخوله المسجد مقدمًا له على تغيير ثيابه واكتراء منزله وغيرهما إن أمكنه، نعم إن رأى الجماعة قائمة أو قرب
1 ذكر في حاشية الأذكار النووية "ص174" وقال: رواه أبو عوانة في صحيحه وصححه ابن المنذر ولم يتعرض لتخريج مستند ذلك الحافظ.
2 رواه مسلم في الحج "حديث 147" ضمن حديث جابر الطويل.
3 روى البخاري في الحج، باب من أين يدخل مكة "حديث 1575" عن ابن عمر قال:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل مكة من التثنية العليا ويخرج من التثنية السفلى" وروى أيضًا عن عائشة "حديث 1577": "أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء إلى مكة دخل من أعلاها وخرج من أسفلها".
4 عن ابن عمر: "أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة نهارًا" رواه الترمذي وقال: حديث حسن.