الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل: "في موانع الحج
"
ويجوز للأبوين منع الولد غير المكي من الإحرام بتطوع حج أو عمرة دون الفرض، وللزوج منع الزوجة من الفرض والمسنون، وللسيد منع رقيقه من ذلك فرضًا أو
ــ
كسبع الكبيرة" تقريبًا "شاة" وتجب أيضًا فيما جاوزت سبع الكبيرة ولم تنته إلى حد الكبر لكن تكون الواجبة فيها أعظم من الشاة الواجبة في سبع الكبيرة، والدم هنا تخيير وتعديل كما مر في جزاء الصيد، فحينئذ "يتخير بين ذبح ذلك" والتصدق به كما مر. "والتصدق بقيمته طعامًا" يجزئ في الفطرة نظير ما مر أيضًا "والصيام بعدد الأمداد" والمنكسر منها "وفي الشجرة" الحرمية "الصغيرة جدًّا قيمتها" تخييرًا وتعديلا أيضًا فحينئذ "يتصدق بقدرها" أي القيمة "طعامًا" يجزئ في الفطرة "أو يصوم بعدد الأمداد" والمنكسر منها.
فصل: في موانع الحج
وهي ستة: الأول: الأبوة "ويجوز للأبوين" أي لكل منهما وإن علا أو كان هناك أقرب منه "منع الولد" وإن سفل "غير المكي من الإحرام بتطوع حج أو عمرة" ابتداء ودوامًا لأنه أولى باعتبار إذنهما من فرض الكفاية المعتبر فيه ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم في خبر الصحيحين لرجل استأذنه في الجهاد "ألك أبوان؟ " قال: نعم، قال:"استأذنتهما؟ " قال: لا قال: "فيهما فجاهد" 1 أما المكي ونحوه فليس لهما منعه على ما بحثه الأذرعي لقصر السفر "دون الفرض" فليس لهما منعه منه لا ابتداء ولا إتماما لأنه فرض عين بخلاف الجهاد، ويشمل ذلك من لم يحج حجة الإسلام فليس لهما منعه منها وإن كان فقيرًا على احتمال فيه؛ لأنه إذا تكلفها تجزئه عن حجة الإسلام فتقع فرضًا، ويسن استئذانهما في الفرض أيضًا.
الثاني: الزوجية يسن له الحج بزوجته للأمر به في الصحيحين، ويسن لها أن لا تحرم بغير إذنه، نعم يمتنع على الأمة ذلك إلا بإذن الزوج والسيد. والفرق أن الحج لازم للحرة فتعارض في حقها واجبان الحج وطاعة الزوج فجاز لها الإحرام وندب لها الاستئذان، بخلاف الأمة لا يجب عليها الحج، ولذا حرم على الزوجة صوم النفل بغير إذنه لا الفرض، وقياسه أنه يحرم على الحرة الإحرام هنا بالنفل بغير إذن. "وللزوج منع الزوجة من" النسك "الفرض
1 رواه البخاري في الجهاد باب 138 والأدب باب 3، ومسلم في البر والصلة حديث 5، وأبو داود في الجهاد باب 31، والنسائي في الجهاد باب 6، وأحمد في المسند "2/ 165، 172، 188، 193، 197، 221".
سنة، فإن أحرموا بغير إذنهم تحللوا هم. والمحصر عن الحج والعمرة بذبح ما يجزئ في الأضحية، ثم الحلق مع اقتران نية التحلل بهما، ومن عجز عن الذبح أطعم بقيمة الشاة، فإن عجز صام بعدد الأمداد، والرقيق يتحلل بالنية مع الحلق فقط، ويتعين محل الإحصار
ــ
والمسنون" لأن حقه على الفور والنسك على التراخي، ويفارق الصوم والصيام بطول مدته بخلافهما. نعم إن سافرت معه بإذنه وأحرمت بحيث لا يفوت عليه استمتاعها البتة بأن كان محرمًا وكان إحرامها يفرغ قبل إحرامه أو يفرغان معًا لم يكن له منعها لأنه تعنت، وليس له منعها من نذر معين قبل النكاح أو بعده لكن بإذنه، ولا منع الحابسة نفسها لقبض المهر لأن لها السفر بغير إذنه.
الثالث: الرق فإذا أحرم قن بإذن سيده لم يحلله وإن أفسده؛ لأنه عقد لازم عقده بإذنه ولمشتريه الفسخ إن جهل إحرامه ويحرم عليه الإحرام بغير إذن سيده. "وللسيد منع رقيقه" ولو مكاتبًا وأم ولد ومبعضًا ليس بينه وبين سيده مهايأة1 أو بينهما مهايأة والنوبة للسيد "من ذلك" أي النسك "فرضًا" كان "أو سنة" لأن منافعه مستغرقة للسيد "فإن أحرموا" أي الفرع والزوجة والقن "بغير إذنهم" أي الأصل والزوج والسيد جاز لهم تحليلهم بأن يأمروهم به فيلزمهم حينئذ التحلل، فإن امتنعت الزوجة والأمة مع تمكنها منه فللزوج والسيد وطؤهما وسائر الاستمتاع بهما والإثم عليهما دونه، وليس للفرع والزوجة التحلل بغير أمر، بخلاف العبد فإن له ذلك بغير أمر السيد، ويفرق بأن معصيته أشد لملك السيد منافعه وعدم مخاطبته بالنسك بخلافهما في جميع ذلك، وإنما لم يلزمه بغير إذن وإن كان الخروج من المعصية واجبًا لكونه تلبس بعبادة في الجملة مع جواز رضا السيد بداومه، وإذا أمروهم "تحللوا" وجوبًا كما تقرر.
الرابع: الإحصار العام بأن يمنع المحرم عن المضي في نسكه من جميع الطرق إلا بقتال أو بذل مال فلهم حينئذ التحلل وإن اتسع الوقت ولو منعوا من الرجوع أيضًا.
الخامس: الإحصار الخاص فإذا حبس ظلمًا أو بدين وهو معسر فله التحلل.
السادس: الدين وليس للدائن التحليل وله منعه من السفر إلا إن أعسر أو تأجل الدين وإن لم يبق من أجله إلا لحظة وإذا تحلل الثلاثة الأول "هم والمحصر" بقسميه "عن الحج، و" كذا عن "العمرة" فليكن تحللهم "بذبح ما يجزئ في الأضحية ثم" بعد الذبح "الحلق مع اقتران نية التحلل بهما" أي بالذبح والحلق "ومن عجز عن الذبح" بالطريق السابق في دم نحو التمتع "أطعم بقيمة الشاة فإن عجز" عن الإطعام "صام بعدد الإمداد" والمنكسر "والرقيق" وكذا الحر الذي لم يجد دمًا أو طعامًا "يتحلل بالنية مع الحلق فقط ويتعين محل الإحصار" من
1 تهايأ القوم على الأمر: توافقوا وتمالئوا "المعجم الوسيط: ص1002".
ولا قضاء عليهم، ومن شرط التحلل لفراغ زاد أو مرض أو غير ذلك جاز، ويتحلل من فاته الوقوف بطواف وسعي وحلق، ويقضي وعليه دم كدم المتمتع ويذبحه في حجة القضاء، وكل دم وجب يجب ذبحه في الحرم إلا دم الإحصار، والأفضل في الحج في منى، وفي العمرة المروة في أي وقت شاء، ويصرفه إلى مساكينه.
ــ
الحل وإن أمكنه بعثه إلى طرق الحرم للذبح وتفرقة اللحم وتفرقة الطعام ولما لزمه من سائر الدماء لأنه صار في حقه كالحرم في حق غيره ولا يتعين للصوم محل، ويتوقف التحلل على الذبح أو الإطعام لا على الصوم لطول مدته. "ولا قضاء عليهم" إذا تحللوا لأنه لا تقصير منهم بل الأمر كما كان قبل الإحرام، فإن أحصر في قضاء أو نذر معين في عام حصره بقي في ذمته كما كان، وكذا حجة الإسلام أو النذر إذا استقرت بأن وجدت فيها شروط الاستطاعة قبل حصره، وإن أحصر في حج تطوع أو إسلام أو نذر لم يستقر لم يلزمه شيء في التطوع أصلا ولا في الأخيرين حتى يستطيع.
"ومن شرط التحلل" من إحرامه عند الشروع فيه "لفراغ زاد أو مرض أو غير ذلك" كضلال طريق وخطأ في العدد "جاز" وحينئذ فله التحلل به كما له أن يخرج من الصوم فيما لو نذره بشرط أن يخرج منه بعذر، ثم إن شرطه بهدي لزمه أو بلا هدي أو أطلق لم يلزمه فيكون تحلله بالنية فقط، ولو قال: إن مرضت فأنا حلال فمرض صار حلالا بنفس المرض وله شرط قلب حجه عمرة بنحو المرض، وإنما لم يجز التحلل بنحو المرض بلا شرط كالإحصار لأن التحلل لا يفيد زوال نحو المرض بخلاف التحلل بالإحصار بل يصبر حتى يزول عذره، فإن كان محرمًا بعمرة أتمها أو بحج وفاته تحلل بعمل عمرة. "ويتحلل من فاته الوقوف" بعرفة وجوبًا فيحرم عليه استدامة إحرامه إلى قابل لزوال وقته كالابتداء، فلو استدامه حتى حج به من قابل لم يجز ويكون تحلله "بطواف وسعي" إن لم يكن سعي بعد طواف القدوم. "وحلق" بنية التحلل وإن لم ينو العمرة ولا تجزئه عن عمرة الإسلام ولا يجب رمي ولا مبيت وإن بقي وقتهما وبما فعله من عمل العمرة يحصل التحلل الثاني، وأما الأول فيحصل بواحد من الحلق والطواف المتبوع بالسعي لسقوط حكم الرمي بالفوات فصار كمن رمى "ويقضي" حجه فورًا وجوبًا إن كان تطوعًا لأنه لا يخلو عن تقصير فإن كان فرضًا بقي في ذمته كما كان "وعليه دم" وإن كان الفوات بعذر كنوم ونسيان "كدم التمتع" فيكون دم ترتيب وتقدير "ويذبحه" وجوبًا "في حجة القضاء" أي بعد الإحرام بها أو بعد دخول وقت الإحرام به وذلك في قابل، كما أن دم التمتع لا يجب إلا بالإحرام بالحج.
واعلم أن الدماء أربعة: دم ترتيب وتقدير، ودم تخيير وتعديل، ودم تخيير وتقدير، ودم ترتيب وتعديل، ومعنى الترتيب أنه لا يجوز العدول للبدل إلا بعد العجز عن الأصل والتخيير عكسه، ومعنى التقدير أن الشرع قدر الصوم المعدول إليه والتعديل عكسه، فالأول: دم التمتع والقران والفوات وترك الإحرام من الميقات والرمي والمبيتين وطواف الوداع.