الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل: "في صفات الأئمة المستحبة
"
أحق الناس بالإمامة الوالي، فيتقدم أو يقدم غيره ولو في ملك غيره، والساكن بملك أو إعارة أو إجارة أو وقف أو وصية أو نحوها يتقدم أو يقدم أيضًا، إلا أن المعير أحق من المستعير، والسيد أحق من عبده الذي ليس بمكاتب، والإمام الراتب أحق من غير الوالي فيتقدم أو يقدم، ثم قدم الأفقه ثم الأقرأ ثم الأورع ثم من سبق بالهجرة هو أو
ــ
على تكبيرة اشترط أن ينوي بها الإحرام وأن يتمها قبل أن يصير أقرب إلى أقل الركوع، فإن نوى بها الهوي أو مع التحرم أو أطلق لم تنعقد صلاته.
فصل: في صفات الأئمة المستحبة
"أحق الناس بالإمامة الوالي" في محل ولايته الأعلى فالأعلى وإن اختص غيره بسائر الصفات الآتية للخبر الصحيح: "لا يؤمنَّ الرجلُ الرجلَ في سلطانه" 1، ومحل ذلك في غير من ولاه الإمام الأعظم أو نائبه، أما من ولاه أحدهما في مسجد فهو أولى من والي البلد وقاضيها، وفيمن تضمنت ولايته الإمامة عرفًا بخلاف نحو ولاة الحروب والشرطة فلا حق لهم في الإمامة وحيث كان الوالي أحق "فيتقدم" بنفسه "أو غيره" لأن الحق له فينيب فيه من شاء. "ولو" أقيمت الصلاة "في ملك غيره" وقد رضي المالك بإقامتها في ملكه؛ لأن تقدم المالك وغيره بحضرته من غير استئذانه لا يليق ببذل الطاعة له "و" الأحق بعد الوالي فيما إذا أقيمت الصلاة في مملوك الرقبة أو المنفعة "الساكن" يعني المستحق لتلك المنفعة "بملك أو إعارة أو إجارة أو وقف أو وصية أو نحوها" فحينئذ "يتقدم" بنفسه "أو يقدم أيضًا" لما مر في الوالي ولخبر أبي داود:"لا يؤمنَّ الرجلُ الرجلَ في بيته" 2 والحاصل أن مقدم المقدم هنا وفي جميع ما أتى كالمقدم وإن كان من قدمه غيره أهل للإمامة كالمرأة المستحقة لمنفعة محل أقيمت الجماعة فيه والشريكان يعتبر إذنهما ولا يتقدم أو يقدم أحدهما إلا بإذن الآخر أو وكيله، ولا حق لولي المحجور في التقديم ولا التقدم والساكن أولى كما تقرر "إلا" في مسائل منها "أن المعير أحق" بالتقديم والتقدم "من المستعير" لأنه مالك للمنفعة وللرجوع فيها متى شاء. "و" منها أن "السيد أحق" بما ذكر "من عبده" أي قنه "الذي ليس بمكاتب" لأنه المالك بخلاف المكاتب كتابة صحيحة فإنه أحق من السيد لأنه مستقل بالتصرف. "والإمام الراتب" بمحل الجماعة "أحق من غير الوالي" وإن اختص الغير بما يأتي "فيتقدم أو يقدم" من تصح
1 رواه مسلم في المساجد ومواضع الصلاة حديث 290 و291، وأبو داود في الصلاة باب 60، والترمذي في الصلاة باب 60 والأدب باب 24، والنسائي في الإمامة باب 3 و6، وابن ماجه في الإقامة باب 46.
2 لم أجده بهذا اللفظ في أبي داود، والذي فيه مثل الرواية السابقة "في سلطانه". راجع سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب 60، حديث 583.
أحد آبائه، ثم من سبق إسلامه ثم النسيب، ثم حسن الذكر، ثم نظيف الثوب، ثم نظيف البدن وطيب الصنعة، ثم حسن الصوت ثم حسن الصورة، فإن استووا أقرع، والعدل أولى من الفاسق وإن كان أفقه أو أقرأ، والبالغ أولى من الصبي وإن كان أفقه أو أقرأ، والحر أولى من العبد، ويستوي العبد الفقيه والحر غير الفقيه، والمقيم أولى من المسافر، وولد الحلال أولى من ولد الزنى، والأعمى مثل البصير.
ــ
إمامته وإن كان هناك أفضل منه للخبر السابق ولو لم يحضر الراتب سن الإرسال إليه ليحضر أو يأذن، فإن خيف فوت أول الوقت ولا فتنة ولا تأذي لو تقدم غيره سن لواحد أن يؤم بالقوم، ولو ضاق الوقت أو كان المسجد مطروقًا جمعوا مطلقًا. "ثم" إن لم يكن هناك أولى باعتبار المكان كأن كانوا بموات أو مسجد ولا إمام له راتب أو له إمام وأسقط حقه وجعله للأولى "قدم" باعتبار الصفة "الأفقه" بأحكام الصلاة على من بعده لاحتياج الصلاة إلى مزيد الفقه بل مزيده أكثر من نحو القراءة. "ثم" إن استوى اثنان في الفقه وأحدهما أقرأ قدم "الأقرأ" أي الأحفظ لأن الصلاة أشد احتياجًا إليه من الأورع. "ثم" إن استويا فقهًا وقراءة قدم "الأورع" أي الأكثر ورعًا وهو اجتناب الشبهات خوفًا من الله تعالى ومن لزمه حسن السيرة والعفة. "ثم" إن استويا فقهًا وقراءة وورعًا قدم "من سبق الهجرة" إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى دار الإسلام سواء كان السابق "هو أو أحد آبائه" لخبر مسلم1 وجعل الهجرة هنا هو المعتمد. "ثم" بعد من ذكر يقدم الأسن لخبر مسلم أيضًا2، والمراد به "من سبق إسلامه" كشاب أسلم أمس على شيخ أسلم اليوم فإن أسلما معًا قدم الأكبر سنًّا، ويقدم المسلم بنفسه على المسلم بالتبعية. "ثم" بعد ما ذكر يقدم "النسيب" بما يعتبر في الكفاءة فيقدم الهاشمي ثم المطلبي ثم بقية قريش ثم بقية العرب، ويقدم ابن الصالح والعالم على غيره، "ثم" بعد ما ذكر يقدم "حسن الذكر" لأنه أهيب ممن بعده والقلوب إليه أميل. "ثم" بعده "نظيف الثوب ثم" بعده نظيف البدن وطيب الصنعة" عن الأوساخ لذلك. "ثم" بعده "حسن الصوت ثم حسن الصورة" أي الوجه لذلك أيضًا، وهذا الذي ذكره آخذًَا لأكثره من الروضة ولبعضه من التحقيق هو المعتمد لأن المدار كما أشعر به تعليلهم على ما هو أفضى إلى استمالة القلوب، وكل واحد ممن ذكر أفضى إلى ذلك مما بعده كما لا يخفى، وحينئذ فالأولى بعد الاستواء في النسب وما قبله الأحسن ذكرًا فالأنظف ثوبًا فبدنًا فصنعة فالأحسن صوتًا فوجهًا. "فإن استووا" في جميع ما ذكر وتشابهوا "أقرع" بينهم ندبًا قطعًا للنزاع "والعدل" ولو قنًّا3 "أولى" بالتقديم والتقدم "من
1 رواه في المساجد ومواضع الصلاة "حديث 291" عن أبي مسعود قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله وأقدمهم قراءة، فإن كانت قراءتهم سواء فليؤمهم أقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فليؤمهم أكبرهم سنًا، ولا تؤمن الرجل في أهله في سلطانه، ولا تجلس على تكرمته في بيته إلا أن يأذن لك".
2 راجع تخريج الحديث السابق.
3 القن: العبد الذي كان أبوه مملوكًا لمواليه.