الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل: "في الجمع بالسفر والمطر
"
يجوز الجمع بين العصرين والعشاءين تقديمًا وتأخيرًا وتركه أفضل إلا لمن وجد في
ــ
السنة. "و" الثالث: "أن ينوي القصر في الإحرام" أي عنده بأن يقرنها به يقينًا ويستديم الجزم بها لأن لا يأتي بما ينافيها إلى السلام لأن الأصل الإتمام فاحتيج في الخروج منه إلى قصد جازم، فإن لم يجزم بها أو عرض ما ينافيها كأن تردد هل يقطعها أو شك هل نوى القصر أو لا؟ أتم وإن تذكر حالا لأنه الأصل، وبه فارق الشك في أصل النية إذا تذكر حالا، نعم لا يضر تعليقها بنية إمامه بأن ظن سفره ولم يعلم قصره فقال: إن قصر قصرت وإن أتم أتممت لأن الظاهرة من حال المسافر القصر، وإنما لم يضر التعليق لأن الحكم معلق بصلاة إمامه وإن جزم. "و" الرابع:"أن يدوم سفره من أول الصلاة إلى آخرها" فإن انتهت به سفينته إلى محل إقامته أو سارت به منها أن نوى الإقامة أو شك هل نواها أو هل هذه البلدة التي انتهى إليها هي بلده أو لا وهو في أثناء الصلاة في الجميع أتم لزوال الرخصة أو الشك في زواله.
فصل: في الجمع بالسفر والمطر
"يجوز" في السفر الذي يجوز فيه القصر "الجمع بين العصرين" أي الظهر والعصر وغلبت لشرفها لأنها الوسطى. "و" بين "العشاءين" أي المغرب والعشاء وغلبت لأنها أفضل، وعبر غيره بالمغربين كأنه توهم أن في هذه تسمية المغرب عشاء وهو مكروه وليس كذلك، فلا اعتراض على المصنف "تقديمًا وتأخيرًا" ويكون كل أداء لأن وقتيهما صارا كالوقت الواحد، نعم يمتنع جمع التقديم للمتحيرة وفاقد الطهورين وكل من لم تسقط صلاته؛ لأن شرطه كما يأتي وقوع الأولى معتدًا بها وما يجب إعاته لا اعتداد به لأنها إنما فعلت لحرمة الوقت، أما الصبح مع غيرها والعصر مع المغرب فلا جمع فيهما لأنه لم يرد بخلاف ما ذكره، فقد صح "أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا ارتحل قبل الزوال أخر الظهر إلى وقت العصر ثم نزل فجمع بينهما فإن زالت قبل ارتحاله صلاهما ثم ركب، وأنه كان إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء"1 أي في وقت العشاء. "وتركه" أي الجمع "أفضل" لا رعاية لخلاف من منعه لأنه عارض السنة الصحيحة الدالة على الجواز كما تقرر، بل أن فيه إخلاء أحد الوقتين عن وظيفته، وبه فارق ندب القصر فيما مر2 "إلا لمن وجد في نفسه كراهة الجمع أو شك في
1 رواه أبو داود في صلاة السفر باب 5 "حديث رقم 1206" من حديث معاذ بن جبل، و"حديث رقم 1218" من حديث أنس بن مالك. ورواه أيضًا الترمذي في الجمعة باب 42، والنسائي في المواقيت باب 45 و46.
2 راجع قوله في المتن: "
…
والإتمام أفضل إلا في ثلاث مراحل ولمن وجد في نفسه كراهة القصر" في باب كيفية صلاة المسافر قبل صفحات.
نفسه كراهة الجمع أو شك في جوازه، أو يصلي منفردًا لو ترك الجمع، وشروط التقديم أربعة: البداءة بالأولى، ونية الجمع ولو مع السلام، والموالاة بينهما، ودوام السفر إلى الإحرام بالثانية، ويشترط في التأخير نيته قبل خروج وقت الأولى ولو بقدر ركعة ودوام السفر إلى تمامها وإلا صارت الظهر قضاء، ويجوز الجمع بالمطر تقديمًا لمن صلى جماعة في مكان بعيد وتأذى بالمطر في طريقه.
ــ
جوازه" أو كان ممن يقتدى به فيسن له الجمع نظير ما مر في القصر. "أو" كان "يصلي منفردًا لو ترك الجمع" وفي جماعة لو جمع فالأفضل الجمع أيضًا لاشتماله على فضيلة لم يشتمل عليها ترك الجمع، ومثل الجماعة في ذلك سائر الفضائل المتعلقة بالصلاة، فمتى اقترنت صلاته في الجمع بكماله ولو ترك الجمع فات ذلك الكمال كان الجمع أفضل، والأفضل للمسافر الحاج جمع العصرين تقديمًا بمسجد نمرة1، وجمع العشاءين تأخيرًا بمزدلفة إن كان يصليهما قبل مضي وقت الاختيار للعشاء للاتباع فيهما وفي ذلك صور كثيرة.
"وشروط" جمع "التقديم أربعة" الأول: "البداءة بالأولى" للاتباع ولأن الثانية تابعة فلا تتقدم على متبوعها، ولو قدم الأولى وبان فسادها فسدت الثانية. "و" الثاني:"نية الجمع" فيها "ولو مع السلام" منها أو بعد نية الترك بأن نواه ثم نوى تركه ثم نواه تمييزًا للتقديم المشروع عن التقديم سهوًا أو عبثًا وفارق القصر بأنه يلزم من تأخر نيته عن الإحرام تأدي جزء على التمام. "و" الثالث: "الموالاة بينهما" في الفعل للاتباع في الجمع بنمرة وقياسًا عليه في غير ذلك، ولأن الجمع يجعلهما كصلاة واحدة فوجبت الموالاة كركعات الصلاة، ولا يضر الفصل بزمن يسير عرفًا ولو بغير شغل، بخلاف الطويل عرفًا ولو بعذر كسهو وإغماء ومنه صلاة ركعتين. "و" الرابع:"دوام السفر" من حين الإحرام بالأولى "إلى" تمام "الإحرام بالثانية" فالإقامة قبل الإحرام بها مبطلة للجمع لزوال العذر. ولا يشترط في جمع التأخير شيء من الشروط الثلاثة الأول لكنها سنة فيه. "و" إنما "يشترط في" جمع "التأخير" شيئان: الأول شرط لجواز التأخير وكون الأولى أداء وهو "نيته قبل خروج وقت الأولى" ويجزئ بالنسبة إلى الأداء تأخير النية إلى زمن. "ولو" كان "بقدر ركعة" وأما الجواز فشرطه أن ينوي وقد بقي من وقت الأولى ما يسعها أو أكثرها وإلا عصى وإن كانت أداء، وعلى الأول تحمل عبارة الروضة وأصلها، وعلى الثاني تحمل عبارة المجموع وغيره، فلا تنافي بين العبارات خلافًا لمن ظنه."و" الثاني شرط لكون الأولى أداء وهو "دوام السفر إلى تمامها" أي الثانية "وإلا" يدم إلى ذلك بأن أقام ولو في أثنائها "صارت" الأولى وهي "الظهر" أو المغرب "قضاء" لأنها تابعة للثانية في
1 في معجم البلدان لياقوت: نمرة، ناحية بعرفة نزل بها النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: الحرم من طريق الطائف على طرف عرفة من نمرة على أحد عشر ميلا، وقيل: نمرة الجبل الذي عليه أصاب الحرم عن يمينك إذا خرجت من المأزمين تريد الموقف، قال الأزرقي: حيث ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع؛ ونمرة أيضًا: موضع بقديد.