الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأن لا يخالطه دقيق ونحوه وأن يقصده فلو سفته الريح فردده لم يكفه، وأن يمسح وجهه ويديه بضربتين، وأن يزيل النجاسة أولا، وأن يجتهد في القبلة قبله، وأن يقع بعد دخول الوقت، وأن يتيمم لكل فرض عيني.
ــ
بقي اسمه. "و" الثاني: "أن يكون طاهرًا" قال الله تعالى: {صَعِيدًا طَيِّبًا} ، قال ابن عباس رضي الله عنهما وغيره: ترابًا طاهرًا. "و" الثالث "أن لا يكون مستعملا" كالماء بل أولى وهو ما بقي بمحل التيمم أو تناثر بعد مسه العضو وإن لم يعرض عنه. "و" الرابع: "أن لا يخالطه دقيق ونحوه" وإن قل الخليط لأنه يمنع وصول التراب للعضو. "و" الخامس: "أن يقصده" أي التراب بأن ينقله إلى العضو الممسوح ولو بفعل غيره بإذنه أو يتمعك1 بوجهه أو يديه في الأرض لقوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43]، أي اقصدوه. "فلو" انتفى النقل كأن "سفته"2 أي التراب "الريح عليه" عند وقوفه فيها ولو بقصد ذلك على عضو تيممه "فردده" عليه ونوى "لم يكفه" ذلك لانتفاء القصد بانتفاء المحقق له لأنه لم يقصد التراب وإنما التراب أتاه. "و" السادس:"أن يمسح وجهه ويديه بضربتين" وإن أمكن بضربة بخرقة3 لخبر أبي داود والحاكم وإن كان فيهما مقال. "و" السابع: "أن يزيل النجاسة أولا" فلو تيمم قبل إزالتها لم يجز على المعتمد سواء نجاسة محل النحو وغيرها لأنه للإباحة ولا إباحة مع المانع فأشبه التيمم قبل الوقت بخلاف ما لو تيمم عاريًا وعنده سترة لأن ستر العورة أخف من إزالة الخبث ولهذا لا إعادة على العاري بخلاف ذي الخبث. "و" الثامن "أن يجتهد في القبلة قبله" فلو تيمم قبل الاجتهاد فيها لم يصح على الأوجه ويفارق ستر العورة بما مر، وإما صح طهر المستحاضة قبله مع أنه للإباحة لأنه أقوى إذ الماء يرفع الحدث أصالة بخلاف التراب. "و" التاسع:"أن يقع" التيمم للصلاة التي يريد فعلها "بعد دخول الوقت" الذي يصح فعلها فيه لأنه طهارة ضرورة ولا ضرورة قبله فيتيمم للنافلة المطلقة فيما عدا وقت الكراهة وللصلاة على الميت بعد طهره وللاستسقاء بعد تجمع الناس وللفائتة بعد تذكرها. "و" العاشر: "أن يتيمم لكل فرض عيني" لأن التيمم طهارة ضرورة فيقدر بقدرها، نعم يجوز تمكين الحليل مرارًا وجمعه مع فرض بتيمم واحد للمشقة وله فعل الجنائز وإن كثرت مع فرض عيني لشبهها بالنافلة في جواز الترك وتعينها بانفراد المكلف عارض.
1 تمعك: تمرغ في التراب وتقلب فيه.
2 سفته: ذرته أو حملته.
3 للحديث الذي رواه أبو داود في الطهارة باب 125 "حديث 336" عن جابر قال: خرجنا في سفر فأصاب رجلا منا حجر فشجه في رأسه ثم احتلم فسأل أصحابه فقال: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ قالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء، فاغتسل فمات. فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك فقال:"قتلوه قتلهم الله ألا سألوا إذ لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال؛ إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر أو يعصب على جرحه خرقة ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده".
فصل: "في أركان التيمم
"
فروض التيمم خمسة:
الأول: النقل.
الثاني: نية الاستباحة، ويجب قرنها بالضرب واستدامتها إلى مسح وجهه فإن نوى بتيممه استباحة الفرض صلى الفرض والنفل، أو استباحة النفل أو الصلاة أو صلاة الجنازة لم يصل به الفرض.
الثالث: مسح وجهه.
الرابع: مسح يديه إلى المرفقين.
الخامس: الترتيب بين المسحين.
وسننه: التسمية وتقديم اليمنى، ومسح أعلى وجهه، وتخفيف الغبار، والموالاة، وتفريق الأصابع عند الضرب ونزع الخاتم، ويجب نزعه في الضربة الثانية، ومن سننه إمرار اليد على العضو، ومسح العضد وعدم التكرار والاستقبال والشهادتان بعده، ومن لم يجد ماء ولا ترابًا صلى الفرض وحده وأعاد بالماء.
ــ
فصل: في أركان التيمم
"فروض التيمم" أي أركانه "خمسة: الأول النقل" للتراب إلى العضو كما مر بدليله "الثاني: نية الاستباحة" لم يتوقف على التيمم كمس المصحف وتمكين الحليل1 في حق نحو الحائض "ويجب قرنها بالضرب" يعني النقل أول الأركان "واستدامتها إلى مسح" شيء من "وجهه" فلو أحدث مع النقل أو بعده قبل المسح أو عزبت بينهما بطل النقل وعليه إعادته لأنه أول الأركان لكنه غير مقصود فاشترط استدامتها إلى المقصود. "فإن نوى بتيممه استباحة الفرض صلى الفرض والنفل" وإن لم يستبحه لأن استباحة الأعلى تبيح الأدنى ولا عكس "أو استباحة النفل أو الصلاة أو صلاة الجنازة لم يصل به الفرض" إذ هو أصل فلا يجعل تابعًا للنفل ولا لمطلق الصلاة إذ الأحوط بتنزيلها على النفل ولا لصلاة الجنازة لما مر أنها تشبه النفل أو استباحة ما عدا الصلاة كمس المصحف لم يستبحها فالمراتب ثلاث أعلاها الأولى ثم الثانية بأقسامها. "الثالث: مسح" ظاهر "وجهه" كما مر في الوضوء للآية2 إلا أنه هنا لا يجب إيصال التراب إلى باطن الشعر وإن خف ومما يغفل عنه المقبل من أنفه على شفته. "الرابع: مسح يديه إلى المرفقين" للآية كالوضوء. "الخامس: الترتيب بين المسحين" لا النقلتين بأن يقدم ولو جنبًا مسح الوجه ثم اليدين كالوضوء. "وسننه" أي التيمم "التسمية" أوله ولو لنحو جنب. "وتقديم اليمنى" على اليسرى "و" تقديم "مسح أعلى وجهه" على أسفله كالوضوء في جميع ذلك "وتخفيف الغبار" من كفه الماسحة إن كثر لئلا يتشوه خلقه "والموالاة" فيه بتقدير
1 الحليل: الزوج.
2 الآية 6 من سورة المائدة: {
…
وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} .
فصل: "في الحيض والاستحاضة والنفاس
"
وأقل الحيض يوم وليلة، وأكثره خمسة عشر يومًا بلياليها، وغالبه ست أو سبع،
ــ
التراب ماء كالوضوء "وتفريق الأصابع عند الضرب" لأنه أبلغ في إثارة الغبار "ونزع الخاتم" في الضربة الأولى ليكون مسح الوجه بجميع اليد، "ويجب نزعه" أي الخاتم "في الضربة الثانية" عند المسح ليصل الغبار إلى محله ولا يكفي تحريكه لأنه لا يوصله إلى ما تحته بخلافه في الماء. "ومن سننه إمرار اليد على العضو" كالدلك في الوضوء، "ومسح العضو" كالوضوء أيضًا "وعدم التكرار" للمسح لأن المطلوب فيه تخفيف الغبار. "والاستقبال والشهادتان بعده" كالوضوء فيهما. "ومن لم يجد ماء ولا ترابًا صلى" وجوبًا "الفرض وحده" لحرمة الوقت وهي صلاة صحيحة فيبطلها ما يبطل غيرها بخلاف النفل إذ لا ضرورة إليه، "وأعاد بالماء" مطلقًا وبالتراب إن وجده بمحل يسقط به الفرض وإلا فلا فائدة في الإعادة به، ويجوز له فعل الجمعة بل يجب وإن وجب عليه قضاء الظهر.
فصل: في الحيض والاستحاضة والنفاس
الحيض لغة: السيلان. وشرعًا: دم جبلة1 يخرج من أقصى رحم المرأة في أوقات الصحة.
"وأقل" زمن "الحيض" تقطع الدم أو اتصل "يوم وليلة" أي قدرهما متصلًا وهو أربع وعشرون ساعة فما نقص عن ذلك فليس بحيض بخلاف ما بلغه عن الاتصال أو التفريق فإنه حيض وإن كان ماء أصفر أو كدرًا ليس على لون الدم لأنه أذى فشملته الآية2. "وأكثره" زمنًا "خمسة عشر يومًا بلياليها" وإن لم يتصل "وغالبه ست أو سبع" كل ذلك باستقراء الإمام الشافعي رضي الله عنه ومن وافقه إذ لا ضابط له لغة ولا شرعًا فرجع إلى المتعارف بالاستقراء، "ووقته" أي أقل سنة يتصور أن ترى الأنثى فيه حيضًا "بعد تسع سنين" قمرية ولو بالبلاد الباردة تقريبًا حتى إذا رأته قبل تمامها بدون ستة عشر يومًا كان حيضًا أو بأكثر كان دم فساد ولا آخر لسنه فما دامت حية فهو ممكن في حقها. "وأقل طهر" فاصل "بين الحيضتين خمسة عشر يومًا بلياليها" بالاستقراء أيضًا، وخرج بالحيضتين الطهر بين حيض ونفاس فإنه
1 الجُبْلَة والجِبِلَّة: الخلقة والطبيعة "المعجم الوسيط، ص106".
2 وهي قوله تعالى في الآية 222 من سورة البقرة: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} .
ووقته بعد تسع سنين، وأقل الطهر بين الحيضتين خمسة عشر يومًا بلياليها، ويحرم ما يحرم بالجنابة، ومرور المسجد إن خافت تلويثه، والصوم، والطلاق فيه، والاستمتاع بما بين السرة والركبة، ويجب عليها قضاء الصوم دون الصلاة.
ــ
يكون دون ذلك، فلو رأت حامل الدم ثم طهرت يومًا مثلا ثم ولدت فالدم بعد الولادة نفاس وقبلها حيض، ولو رأت النفاس ستين ثم طهرت يومًا مثلا ثم رأت الدم حيضًا على المعتمد. "ويحرم به" أي الحيض "ما يحرم بالجنابة" مما مر وزيادة على ذلك منها الطهارة بنية التعبد إلا في نحو أغسال الحج. "و" منها "مرور المسجد إن خافت تلويثه" صيانة له ومثلها كل ذي جراحة نضاحة فإن أمنته كره لها لغلظ حدثها وبه فارق ما مر في الجنب. "و" منها "الصوم" إجماعًا. "و" منها "الطلاق فيه" وإن لم تبذل له في مقابلته مالا لتضررها بطول مدة التبرص إذ ما بقي منه لا يحسب من العدة، ومن ثم لو كانت حاملا وكانت عدتها تنقضي بالحمل بأن يكون لاحقًا بالمطلق ولو احتمالا لم يحرم "والاستمتاع بما بين السرة والركبة" سواء بالوطء ومع حائل وهو كبيرة يكفر مستحله وغيره1 لا مع حائل لقوله تعالى:{فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222]، وصح أنه صلى الله عليه وسلم لما سئل عما يحل من الحائض قال:"ما فوق الإزار" 2، وخص بمفهومه عموم خبر مسلم:"اصنعوا كل شيء إلا النكاح" 3، ولم يعكس عملا بالأحوط لخبر:"من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه" 4، وشمل تعبيره بالاستمتاع تبعًا للروضة5 وغيرها النظر والمس بشهوة لا بغيرها، لكن عبر في التحقيق6 وغيره بالمباشرة الشاملة للمس ولو بلا شهوة دون النظر ولو بشهوة، والأوجه ما أفاده كلام المصنف وغيره من أن التحريم منوط بالتمتع، وبحث الإسنوي أن تمتعها بما بين سرته وركبته كعكسه فيحرم واعترضه كثيرون بما فيه نظر، والذي يتجه أن له أن يلمس يدها بذكره لأنها تمتع بما فوق السرة والركبة، بخلاف ما إذا لمسته هي لتمتعها بما بين سرته وركبته فيحرم على كل تمكين الآخر مما يحرم عليه، وخرج بما بين السرة والركبة ما عداه ومنه السرة والركبة ويستمر تحريم ذلك عليهما إلى أن ينقطع وتغتسل أو تتيمم بشرطه، نعم الصوم
1 أي الوطء.
2 رواه أبو داود في الطهارة باب 82 "حديث رقم 212" من حديث حزام بن حكيم عن عمه، ورقم "213" من حديث معاذ بن جبل.
3 رواه مسلم في الحيض "حديث 16" وأبو داود في الطهارة باب 102 "حديث 258" من حديث أنس بن مالك.
4 ذكره بهذا اللفظ الزبيدي في إتحاف السادة المتقين "4/ 159، 7/ 275".
5 هو كتاب "روضة الطالبين وعمدة المتقين" في الفروع للإمام النووي سنة 676هـ، وعليه مختصرات وشروح كثيرة، انظر كشف الظنون "ص929، 930".
6 للإمام النووي.
فصل: "في المستحاضة
والمستحاضة تغسل فرجها ثم تحشوه، إلا إذا أحرقها الدم، أو كانت صائمة، فإن لم يكفها تعصب بخرقة ثم تتوضأ، أو تتيمم في الوقت، وتبادر بالصلاة، وإن أخرت لغير مصلحة الصلاة استأنفت، وتجب الطهارة، وتجديد التعصيب لكل فرض، وسلس البول
ــ
والطلاق يحلان بمجرد الانقطاع "ويجب عليها" أي الحائض "قضاء الصوم" بأمر جديد "دون الصلاة" إجماعًا فيهما للمشقة في قضائها لتكررها دون قضائه.
فصل: في المستحاضة
والاستحاضة دم علة يخرج من عرق فمه في أدنى الرحم، وقيل هو المتصلة بدم الحيض خاصة وغيره دم فساد والخلاف لفظي.
"والمستحاضة" يجب عليها أمور منها "تغسل فرجها" عما فيه من النجاسة "ثم تحشوه" بنحو قطنة "إلا إذا" تأذت به كأن "أحرقها الدم" فحينئذ لا يلزمها "أو كانت صائمة" فحينئذ يلزمها ترك الحشو والاقتصار على الشد نهارًا رعاية لمصلحة الصوم، وإنما روعيت مصلحة الصلاة فيمن ابتلع بعض خيط قبل الفجر وطرفه خارج لأن المحذور هنا لا ينتفي بالكلية فإن الحشو يتنجس وهي حاملته بخلافه ثم "فإن لم يكفها" الحشوة لكثرة الدم وكان يندفع أو يقل بالعصب ولم تتأذ به "تعصب" بعد الحشو "بخرقة" مشقوقة الطرفين بأن تدخلها بين فخذيها وتلصقها بأعلى الفرج إلصاقًا جيدًا ثم تخرج طرفًا لجهة البطن وطرفًا لجهة الظهر وتربطها بنحو خرطقة تشدها بوسطها. "ثم تتوضأ أو تتيمم" عقب ذلك، ومر في الوضوء أنه يجب الموالاة في جميع ذلك وإنما يجوز لها فعل ذلك "في الوقت" لا قبله كالتيمم "وتبادر" وجوبًا عقب الطهر "بالصلاة" تقليلًا للحدث. "فإن أخرت لغير مصلحة الصلاة" كالأكل "استأنفت" جميع ما ذكر وجوبًا، وإن لم تزل العصابة عن محلها ولا ظهر الدم من جانبها لتكرر حدثها مع استغنائها عن احتماله بالمبادرة، أما إذا أخرت لمصلحة الصلاة كإجابة المؤذن والاجتهاد في القبلة وستر العورة وانتظار الجمعة والجماعة وغير ذلك من سائر الكمالات المطلوبة منها لأجل الصلاة فإنه لا يضر مراعاة لمصلحة الصلاة. "وتجب الطهارة وتجديد التعصيب" وغيره مما مر على الوجه السابق وإن لم يزل عن محله نظير ما مر "لكل فرض" عيني أو انتقاض طهر أو تأخير الصلاة عنه كما مر أو خروج دم بتقصير في نحو شد لما صح من أمره صلى الله عليه وسلم لها1
1 هي فاطمة بنت أبي حبيش. والحديث رواه البخاري في الوضوء، باب غسل الدم "حديث رقم 228" عن عائشة قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني امرأة أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا، إنما ذلك عرق وليس بحيض، فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلى ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت".
وسلس المذي والودي مثلها، وأقل النفاس لحظة، وأكثره ستون يومًا، وغالبه أربعون يومًا، ويحرم به ما يحرم بالحيض.
ــ
بالوضوء لكل صلاة، ولها مع الفرض ما شاءت من النوافل "وسلس البول وسلس المذي والودي" ونحوها "مثلها" في جميع ما مر، نعم سلس المني يلزمه الغسل لكل فرض، ولو استمسك الحدث بالجلوس في الصلاة وجب بلا إعادة، ولا يجوز للسلس أن يعلق قارورة يقطر فيها بوله. "وأقل النفاس" وهو الدم الخارج بعد فراغ الرحم "لحظة" يعني لا حد لأقله بل ما وجد منه نفاس وإن قل "وأكثره ستون يومًا وغالبه أربعون يومًا" بالاستقراء، "ويحرم به ما يحرم بالحيض" مما مر قياسًا عليه.
تتمة: يجب على النساء أن يتعلمن ما يحتجن إليه من هذا الباب كغيره، فإن كان زوجها عالمًا لزمه تعليمها وإلا فلها الخروج ما لزمها تعلمه عينًا بل يجب ويحرم منعها إلا أن يسأل ويخبرها وهو ثقة وليس لها خروج إلى مجلس ذكر أو علم غير واجب عيني إلا برضاه.
باب الصلاة
مدخل
…
باب: الصلاة
تجب الصلاة على كل مسلم بالغ عاقل طاهر، فلا قضاء على كافر إلا المرتد، ولا على صبي ولا حائض ونفساء ولا مجنون إلا المرتد، ولا على مغمى عليه إلا السكران المتعدي بسكره، ويجب على الولي والسيد أمر الصبي المميز بها لسبع سنين، وضربه عليها لعشر، وإذا بلغ الصبي أو أفاق المجنون أو المغمى عليه أو أسلم الكافر أو طهرت
ــ
باب: الصلاة
هي لغة: الدعاء. وشرعًا: أقوال وأفعال غالبًا مفتتحة بالتكبير المقترن بالنية مختتمة بالتسليم، وأصلها قبل الإجماع الآيات والأحاديث الشهيرة.
"تجب" الصلاة وجوبًا موسعًا إلى أن يبقى من وقتها ما يسعها مع مقدماتها إن احتاج إليها فيجوز تأخيرها إلى ذلك بشرط أن يعزم على الفعل فيه "على كل مسلم" بخلاف الكافر فإنه وإن كان مخاطبًا بها لكن في الآخرة ليترتب عقابها عليه لا في الدنيا لأنا نقره على تركها بنحو الجزية. "بالغ" لا صبي وإن لزم وليه أمره بها "عاقل" لا مجنون "طاهر" لا حائض ونفساء "فلا قضاء على كافر" أصلي أسلم ترغيبًا له في الإسلام "إلا المرتد" فعليه بعد الإسلام قضاء جميع ما فاته تغليظًا عليه "ولا" قضاء "على صبي" لعدم تكليفه وإن صحت منه "ولا حائض ونفساء" لأنهما مكلفان بتركها ومن ثم حرم عليهما قضاؤها وقيل: يكره. "ولا مجنون" لعدم تكليفه "إلا المرتد" فلزمه قضاؤها حتى أيام الجنون تغليظًا عليه. "ولا" قضاء "على" نحو "مغمى عليه" ومعتوه ومبرسم1 لعدم تكليفهم إلا المرتد فإنه يقضي مطلقًا كما علم مما مرّ و"إلا السكران المتعدي بسكره" فيلزمه قضاء الزمن الذي ينتهي إليه الشكر غالبًا دون ما زاد عليه من أيام الجنون ونحوه، وفارق المرتد بأن من جن في ردته مرتد في جنونه حكمًا، ومن جن في سكره ليس بسكران في دوام جنونه قطعًا، وإنما منع نحو الحيض القضاء ولو مع الردة لأن سقوط الصلاة عن الحائض عزيمة لأنها مكلفة بالترك، وعن نحو المجنون رخصة، والمرتد والسكران ليسا من أهلها وكذا لا قضاء باستعجال الحيض بخلاف استعجال الجنون، أما إذا لم يتعد بسكره كما إذا تناول شيئًا لا يعلم أنه مزيل للعقل فلا قضاء عليه كما مر في الإغماء لعذره. "ويجب على الولي" الأب أو الجد ثم الوصي أو القيم "والسيد" والملتقط والمودع والمستعير ونحوهم تعليم المميز أن النبي صلى الله عليه وسلم ولد بمكة وبعث بها ومات بالمدينة ودفن فيها ثم "أمر" كلٍ من "الصبي المميز" والصبية المميزة "بها" أي بالصلاة بشروطها. "لسبع" أي بعد سبع من السنين وإن ميز قبلها، ولا بد مع صيغة الأمر من التهديد "وضربه" وضربها "عليها لعشر" أي بعد
1 المبرسم: المصاب بعلة البرسام؛ وهي ذات الجنب، وهو التهاب في الغشاء المحيط بالرئة "المعجم الوسيط: ص49".
الحائض أو النفساء قبل خروج الوقت ولو بتكبيرة التحرم وجب القضاء بشرط بقاء السلامة من الموانع بقدر ما يسع الطهارة والصلاة، ويجب قضاء ما قبلها إن جمعت معها بشرط السلامة من الموانع قدر الفرضين والطهارة، ولو جن أو حاضت أو أغمي عليه أول الوقت وجب القضاء إن مضى قدر الفرض مع الطهر إن لم يمكن تقديمه.
ــ
العشر لما صح من قوله صلى الله عليه وسلم: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر" 1 وحكمة ذلك التمرين على العبادة والتمييز أن يصير بحيث يأكل وحده ويشرب وحده ويستنجي وحده ويختلف باختلاف أحوال الصبيان فقد يحصل مع الخمس وقد لا يحصل إلا مع العشر، وعلى من ذكر أيضًا نهيه عن المحرمات حتى الصغائر وتعليمه الواجبات ونحوها وأمره بها كالسواك وحضور الجماعات وسائر الوظائف الدينية، ولا يسقط الأمر والضرب عمن ذكر إلا بالبلوغ مع الرشد، "وإذا" زال المانع السابق كأن "بلغ الصبي" أو الصبية "أو أفاق المجنون أو المغمى عليه أو أسلم الكافر أو طهرت الحائض أو النفساء قبل خروج الوقت ولو بتكبيرة التحرم" أي بقدر ما يسعها "وجب القضاء" لصلاة ذلك الوقت "بشرط بقاء السلامة من الموانع بقدر ما يسع الطهارة والصلاة" قياسًا على اقتداء المسافر بمتم في جزء من صلاته بجامع لزوم الإتمام ثم ولزوم القضاء هنا. "ويجب" أيضًا "قضاء ما قبلها إن جمعت معها" كالظهر مع العصر والمغرب مع العشاء لأن وقتها وقت لها حالة العذر فحالة الضرورة أولى، بخلاف ما يجمع معها كالعشاء مع الصبح وهي مع الظهر والعصر مع المغرب فلا تلزم وإنما تجب مع قبلية تجمع "بشرط" بقاء "السلامة من الموانع قدر الفرضين والطهارة" بأن يبقى بعد زوال العذر سالمًا من الموانع زمنًا يسع أخف ما يمكن كركعتين للمسافر القاصر، ولا بد أن يسع مع ذلك مؤداة وجبت عليه بخلاف ما لو أدرك ركعة آخر العصر مثلًا، وخلا من الموانع قدر ما يسعها وطهرها فعاد المانع بعد أن أدرك من وقت المغرب ما يسعها فإنه يتعين صرفه للمغرب وما فضل لا يكفي للعصر فلا تلزم هذا إن لم يشرع في العصر قبل الغروب وإلا تعين صرفه العصر لعدم تمكنه حينئذ من المغرب، ولو أدرك ما يسع العصر والمغرب مع الطهارة دون الظهر تعين صرفه للمغرب والعصر، وكذا يقال فيما لو أدرك آخر وقت العشاء، "ولو جن" البالغ "أو حاضت" أو نفست المرأة "أو أغمي عليه أول الوقت" أو أثناءه واستغرق المانع باقيه "وجب القضاء" لصلاة الوقت مع فرض قبلها إن صلح لجمعه معها "إن مضى قدر الفرض مع الطهر إن لم يمكن تقديمه" كتيمم وطهر سلس لأنه أدرك من وقتها ما يمكن فيه فعلها فلا تسقط بما طرأ بعده كما لو هلك النصاب بعد الحول وإمكان الأداء بخلاف الشروط التي يمكن تقديمها كوضوء الرفاهية فلا يشترك اتساع ما أدركه إلا للصلاة فقط لإمكان تقديم الطهر في الجملة، وإنما لم يؤثر هنا إدراك ما لا يسع
1 رواه أبو داود في الصلاة باب 26 "حديث رقم 495" من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
فصل: "في مواقيت الصلاة"
وأول وقت الظهر زوال الشمس، وآخره مصير ظل كل شيء مثله غير ظل الاستواء، ولها وقت فضيلة أوله ثم اختيار إلى آخره.
وأول وقت العصر إذا خرج وقت الظهر، وزاد قليلا، ولها أربعة أوقات: فضيلة
ــ
بخلاف نظيره آخر الوقت كما مر لإمكان البناء على ما أوقعه فيه بعد خروجه بخلافه هنا، ولا تجب الثانية هنا، وإن اتسع لها وقت الخلو من زمن الأولى كما أفهمه كلامه بخلاف عكسه السابق؛ لأن وقت الأولى لا يصلح للثانية إذا صلاهما جمعًا بخلاف العكس.
فصل: في مواقيت الصلاة
والأصل فيها حديث جبريل المشهور1.
"أول وقت الظهر زوال الشمس" وهو ميلها عن وسط السماء المسمى بلوغها إليه بحالة الاستواء إلى جهة المغرب في الظاهر لنا بزيادة الظل أو حدوثه لا نفس الميل فإنه يوجد قبل ظهوره لنا وليس هو أول الوقت. "وآخره مصير ظل كل شيء مثله غير ظل الاستواء" إن وجد، أما دخوله بالزوال فإجماع، وأما خروجه بالزيادة على ظل المثل فلحديث جبريل وغيره. "ولها" أي الظهر "وقت فضيلة أوله" على ما يأتي تحريره2 "ثم" وقت "اختيار" ويمتد "إلى" أن يبقى ما يسعها من "آخره" على المعتمد ووقت عذر وهو وقت العصر لمن يجمع ووقت ضرورة بأن يزول المانع وقد بقي من الوقت قدر تكبيرة كما مر ووقت الفضيلة والحرمة والضرورة يجري في سائر الصلوات. "وأول وقت العصر إذا خرج وقت الظهر و" لا يظهر ذلك إلا إن "زاد" ظل الشيء على مثله "قليلا" وليست هذه الزيادة فاصلة بين الوقتين بل هي من وقت العصر لخبر مسلم:"وقت الظهر إذا زالت الشمس ما لم يحضر العصر" 3،
1 وهو الحديث الذي رواه أبو داود في الصلاة باب 2 "حديث 393" والترمذي في المواقيت باب 1، من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمني جبريل عليه السلام عند البيت مرتين، فصلى بي الظهر حين زالت الشمس وكانت قدر الشراك، وصلى بي العصر حين كان ظله مثله، وصلى بي -يعني المغرب- حين أفطر الصائم، وصلى بي العشاء حين غاب الشفق، وصلى بي الفجر حين حرم الطعام والشراب على الصائم، فلما كان الغد صلى بي الظهر حين كان ظله مثله، وصلى بي العصر حين كان ظله مثليه وصلى بي المغرب حين أفطر الصائم، وصلى بي العشاء إلى ثلث الليل، وصلى بي الفجر فأسفر، ثم التفت إلي فقال: يا محمد هذا وقت الأنبياء من قبلك، والوقت ما بين هذين الوقتين".
2 وهو قوله في المتن: "وأفضل الأعمال الصلاة أول الوقت".
3 رواه مسلم في المساجد ومواضع الصلاة "حديث 173" عن عبد الله بن عمرو بلفظ: "وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر"، ورواه برقم "174" بلفظ: "
…
ووقت صلاة الظهر إذا زالت الشمس عن بطن السماء ما لم يحضر العصر".
أوله، واختيار إلى مصير الظل مثلين، ثم جواز إلى الاصفرار، ثم كراهة إلى آخره.
وأول المغرب بالغروب، ويبقى حتى يغيب الشفق الأحمر، وهو أول وقت العشاء.
ولها ثلاثة أوقات: وقت فضيلة أوله، ثم وقت اختيار إلى ثلث الليل، ثم وقت جواز إلى الفجر الصادق، وهو المنتشر ضوؤه معترضًا بالأفق، وهو أول وقت الصبح.
ولها أربعة أوقات: وقت فضيلة أوله، ثم اختيار إلى الإسفار، ثم جواز إلى الحمرة، ثم كراهة، ويكره تسمية المغرب عشاء والعشاء عتمة، ويكره النوم قبلها
ــ
وقوله صلى الله عليه وسلم في خبر جبريل: "صلى بي الظهر حين كان ظله مثله" 1، أي فرغ منها حينئذ كما شرع في العصر في اليوم الأول حينئذ قاله الشافعي رضي الله عنه نافيًا به اشتراكهما في وقت واحد المصرح بعدمه خبر مسلم السابق. "ولها أربعة أوقات" بل سبعة "فضيلة" يصح فيها وفيما عطف عليها الجر بدلا من أوقات والرفع بدلا من أربعة "أوله واختيار إلى مصير الظل مثلين" غير ظل الاستواء "ثم جواز" بلا كراهة "إلى الاصفرار ثم كراهة إلى آخره" أي إلى بقاء ما يسعها ووقت عذر ووقت ضرورة ووقت حرمة. "وأول" وقت "المغرب بالغروب" إجماعًا "ويبقى حتى يغيب الشفق الأحمر" كما في خبر مسلم2، وخرج بالأحمر ما بعده من الأصفر ثم الأبيض ولها وقت فضيلة وحرمة وضرورة وعذر واختيار وهو وقت الفضيلة. "وهو" يعني غيبوبة الشفق الأحمر "أول وقت العشاء" للإجماع على دخوله بالشفق والأحمر هو المتبادر منه. "ولها ثلاثة أوقات" بل سبعة كالعصر "وقت فضيلة أوله ثم وقت اختيار إلى ثلث الليل" الأول "ثم وقت جواز" بلا كراهة إلى الفجر الكاذب ثم بكراهة إلى بقاء ما يسعها ثم وقت حرمة "إلى الفجر الصادق" ولها وقت ضرورة ووقت عذر "وهو" أي الفجر الصادق "المنتشر ضوؤه معترضًا بالأفق" أي نواحي السماء وقبله يطلع الكاذب مستطيلا ثم يذهب وتعقبه ظلمة "وهو" أي الفجر الصادق "أول وقت الصبح" لخبر مسلم" "وقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس"3، "ولها أربعة أوقات" بل ستة "وقت فضيلة أوله ثم اختيار إلى الإسفار ثم جواز" بلا كراهة "إلى الحمرة ثم كراهة" إلى أن يبقى ما يسعها ثم حرمة ولها وقت ضرورة. "ويكره تسمية المغرب عشاء والعشاء عتمة" للنهي الصحيح عنها. "ويكره النوم قبلها" ولو قبل دخول وقتها على الأوجه خشية الفوات وكالعشاء في هذه غيرها، نعم يحرم النوم الذي لم يغلب حيث توهم الفوات بعد دخول الوقت وكذا قبله على ما اعتمده كثيرون
1 هو الحديث المتقدم في الحاشية "1" من الصفحة السابقة.
2 رواه مسلم في المساجد ومواضع الصلاة "الأحاديث 171 و172 و173 و174 و176 و177 و178 و179"، وليس فيها لفظ:"الأحمر".
3 رواه مسلم بهذا اللفظ في المساجد ومواضع الصلاة "حديث رقم 173".
بالبلد الحار لمن يصلي جماعة في موضع بعيد إلى حصول الظل، ولمن تيقن السترة آخر الوقت، ولمن تيقن الجماعة آخره، وكذا لو ظنها ولم يفحش التأخير، وللغيم حتى يتيقن الوقت أو يخاف الفوات، ومن صلى ركعة في الوقت فهي أداء أو دونها فقضاء، ويحرم تأخيرها إلى أن يقع بعضها خارجه.
ــ
وإقامة "حين دخل الوقت" أي عقب دخوله فلا يشترط تقدمها عليه بل لو أخر من هو متلبس بها بقدرها لم تفته الفضيلة على ما في الذخائر1 ولا يكلف العجلة على غير العادة بل يعتبر في حق كل أحد الوسط المعتدل من فعل نفسه ولا يضر التأخير لعذر آخر كخروج من محل تركه الصلاة فيه وسيأتي وكقليل أكل وكلام عرفًا، والحاصل أن كل تأخير فيه تحصيل كمال خلا عنه التقديم يكون أفضل. "و" من ذلك أنه "يسن التأخير عن أول الوقت للإبراد بالظهر لا الجمعة" وإنما يسن بشروط كونه "في الحر" الشديد وكونه "بالبلد الحار" وكونه "لمن يصلي جماعة" وكونها تقام "في موضع" مسجد أو غيره وكونهم يقصدون الذهاب إلى محل "بعيد" بأن يكون في مجيئه مشقة تذهب الخشوع أو كماله وكونهم يمشون إليها في الشمس لما صح من قوله صلى الله عليه وسلم:"إذا اشتد الحر فأبردوا بالظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم" 2 أي غليانها وانتشار لهبها دل بفحواه على أنه لا بد من الشروط المذكورة، فلا يسن الإبراد في غير شدة الحر ولو بقطر حار ولا في قطر بارد أو معتدل وإن اتفق فيه شدة حر ولا لمن يصلي منفردًا أو جماعة ببيت أو بمحل حضرة جماعة لا يأتيهم غيرهم أو يأتيهم من قرب أو من بعد لكن يجد ظلا يمشي فيه إذ ليس في ذلك كثير مشقة، وإذا سن الإبراد سن التأخير "إلى حصول الظل" الذي يقي غالب الجماعة من الشمس وغايته نصف الوقت. "و" منه أن يسن التأخير أيضًا "لمن" أي لعار "تيقن السترة آخر الوقت" لأن الصلاة بها أفضل "ولمن تيقن الجماعة آخره" أي بحيث يبقى ما يسعها لذلك. "وكذا لو ظنها ولو يفحش التأخير" عرفًا لذلك أيضًا فإن انتفى ما ذكر فالتقديم أفضل. "و" أن يسن أيضًا "للغيم" ونحوه مما يمنع العلم بدخول الوقت "حتى يتيقن الوقت" أي دخوله بأن تطلع الشمس مثلا فيراها أو يخبره بها ثقة. "أو" حتى يخاف الفوات "للصلاة. ومن صلى ركعة" من الصلاة "في الوقت فهي" أي الصلاة كلها "أداء أو" صلى "دونها فقضاء" لما صح من قوله صلى الله عليه وسلم:"من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة" 3
1 لعله "الذخائر في فروع الشافعية" للقاضي أبي المعالي مجلى بن جميع المخزومي الشافعي المتوفى سنة 550هـ، وهو من الكتب المعتبرة في هذا المذهب "كشف الظنون: ص822".
2 رواه البخاري في الوقت باب 9 و10، والأذان باب 18، وبدء الخلق باب 10، ومسلم في المساجد حديث 180 و181 و183 و184 و186. وأبو داود في الصلاة باب 4. والترمذي في المواقيت باب 5، والنسائي في المواقيت باب 5، وابن ماجه في الصلاة باب 4، والطب باب 19.
3 رواه البخاري في مواقيت الصلاة باب 30 "حديث رقم 580" ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة "حديث رقم 161" من حديث أبي هريرة.
فصل: "في مواقيت الصلاة
"
…
والحديث بعدها إلا في خير أو حاجة.
وأفضل الأعمال الصلاة أول الوقت، ويحصل ذلك بأن يشتغل بأسباب الصلاة حين دخل الوقت، ويسن التأخير عن أول الوقت للإبراد بالظهر لا الجمعة في الحر
ــ
لكن خالف في السبكي وغيره. "و" يكره "الحديث" وسائر الصنائع "بعدها" أي بعد فعلها ولو مجموعة جمع تقديم على ما زعمه ابن العماد1 خشية الفوات أيضًا "إلا في خير" كمذاكرة علم شرعي أو آلة له وإيناس ضيف وملاطفة زوجة. "أو حاجة" كمراجعة حساب لأن ذلك خير أو عذر ناجز فلا يترك لمفسدة متوهمة، وقد ورد:"كان النبي صلى الله عليه وسلم يحدثنا عامة ليله عن بني إسرائيل"2. "وأفضل الأعمال" البدنية بعد الإسلام "الصلاة" ففرضها أفضل الفرائض ونفلها أفضل النوافل للأدلة الكثيرة في ذلك، وقيل الحج وقيل الطواف وقيل غير ذلك، وأفضل أحوال الصلاة المؤقتة من حيث الوقت مع عدم العذر أن توقع" أول الوقت" ولو عشاء لأن ذلك من المحافظة عليها المأمور بها في آية: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} ، ولما صح أنه صلى الله عليه وسلم سئل أي الأعمال أفضل؟ فقال: "الصلاة لأول وقتها" 3، ومن أنه كان يصلي العشاء لسقوط القمر ليلة ثالثة4، ومن أن نساء المؤمنين كن ينقلبن بعد صلاة الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يعرفهن أحد من الغلس5 فخبر: "أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر" 6، وخبر: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يؤخر العشاء"7 معارضان بذلك. "ويحصل ذلك" الفضل الذي في مقابلة التعجيل "بأن يشتغل" أول الوقت "بأسباب الصلاة" كطهر وستر وأذان
1 هو شهاب الدين أبو العباس أحمد بن عماد بن محمد بن يوسف الأقفهسي ثم القاهري الشافعي، ويعرف بابن العماد، ولد قبل 750هـ، وتوفي سنة 808هـ. من تصانيفه: عدة شروح على منهاج الطالبين في الفقه الشافعي. انظر معجم المؤلفين "1/ 214".
2 رواه الحاكم في المستدرك عن عمران بن الحصين.
3 رواه من حديث ابن مسعود البخاري في مواقيت الصلاة باب "حديث 527" ومسلم في الإيمان "حديث 137 و140" وأحمد "1/ 418، 442، 444".
4 رواه بلفظ: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها لسقوط القمر لثالثة" الترمذي في الصلاة باب 9، والنسائي في المواقيت باب 19، وأبو داود في الصلاة باب 7 "حديث 419" والدارمي في الصلاة باب 18، كلهم من حديث النعمان بن بشير.
5 رواه البخاري في المواقيت باب 27، والأذان باب 163 و165، ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة حديث 232، وأبو داود في الصلاة باب 8، والنسائي في المواقت باب 25، والسهو باب 101، وابن ماجه في الصلاة باب 2، ومالك في الصلاة حديث 4، وأحمد في المسند "6/ 37، 179، 248، 259".
6 رواه الترمذي في الصلاة باب 3، والنسائي في المواقت باب 27، والدارمي في الصلاة باب 21، وأحمد في المسند "5/ 429".
7 رواه البخاري في المواقيت باب 13، ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة "حديث 237".