المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الأصول والثمار - النجم الوهاج في شرح المنهاج - جـ ٤

[الدميري]

الفصل: ‌باب الأصول والثمار

‌بَابُ الأُصُولِ وَالثِّمَارِ

قَالَ: بِعْتُكَ هَذِهِ الأَرْضَ أَوِ السَّاحَةَ أَوِ الْبُقْعَةَ، وَفِيهَا بِنَاءٌ وَشَجَرٌ .. فَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ دُونَ الرَّهْنِ

ــ

باب الأصول والثمار

أخذ المصنف هذه الترجمة من (التنبيه)، ولا تكاد تعرف لغيرهما، والمراد بـ (الأصول): الشجر وكل ما يثمر مرة بعد أخرى.

قال: (قال: بعتك هذه الأرض أو الساحة أو البقعة، وفيها بناء وشجر .. فالمذهب: أنه يدخل في البيع دون الرهن)؛ لأن البيع أقوى، بدليل: أنه ينقل الملك فاستتبع بخلاف الرهن، وادعى ابن حزم الإجماع على الاستتباع في البيع، لا جرم كان القطع بالدخول أظهر الطرق.

والثانية: القطع بعدم الدخول فيهما؛ لخروجهما عن مسمى الأرض.

قال الشيخ: وهو القياس، وصححه الإمام والغزالي.

وقال الرافعي: إنه أوضح في المعنى.

والثالثة: قولان بالنقل والتخريج.

والرابعة: يدخلان في البيع وفي الرهن قولان كالحمل.

ومحل الطرق: إذا أطلق، فإن نص على الدخول .. دخلا، أو الخروج .. فلا.

ولو قال: بحقوقها .. دخلا عند الأكثرين.

وقيل: لا؛ لأن الحقوق إنما تقع على الطرق ومجاري الماء ونحوها.

والهبة كالبيع؛ لأنها تزيل الملك، ففيها وفي الوقف الخلاف، والإقرار كالرهن.

والمصنف أطلق الشجر، ومحله: في الشجر الرطب، أما اليابس .. فلا يدخل؛

ص: 184

وَأُصُولُ الْبَقْلِ الَّتِي تَبْقى سَنَتَيْنِ –كَالْقَتِّ وَالْهِنْدِبَاءِ- كَالشَّجَرِ

ــ

لأن الغصن اليابس لا يدخل في بيع الشجرة كما سيأتي.

و (الساحة): الناحية والفضاء بين الأبنية، والجمع: ساح وساحات وسوح، والتصغير: سويحة.

و (البقعة) بضم الباء وفتحها: أعلى قطعة في الأرض، والجمع: بقع.

قال: (وأصول البقل التي تبقى سنتين –كالقت والهندباء- كالشجر)؛ لبقائها، فتجري فيها الطرق، وعن الجويني: القطع بدخولها؛ لأنها كامنة في الأرض نازلة منزلة أجزائها.

وقول المصنف: (سنتين) هو مثنى لا مجموع، فيفهم: أن ما يبقى سنة فقط ويثمر مرارًا كالبطيخ والخيار ليس كالشجر، وفيه وجهان في (الحاوي)، والنص: أنه كالشجر.

و (القت) بفتح القاف وتشديد التاء المثناة من فوق: علف الدواب ويقال له: القرط والرطبة.

و (الهندباء) بفتح الدال وكسرها يمد ويقصر معروف.

روى القزويني عن علي رضي الله عنه أنه قال: (على كل ورقة من الهندباء وزن حبة من ماء الجنة) رواه الحافظ أبو نعيم في (الطب النبوي) عنه صلى الله عليه وسلم بلفظ: (عليكم بالهندباء؛ فإنه ما من يوم إلا وهو يقطر عليه قطرة من قطر الجنة).

و (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب من البقول الهندباء).

وكذلك الحكم في الكرفس والنعناع والكراث والطرخون، ولا خلاف أن الجزة الظاهرة عند البيع للبائع فيجب شرط القطع؛ لئلا يطول فيختلط.

وما ثمره يجنى مرة بعد أخرى كالبنفسج والنرجس والبطيخ والقثاء والباذنجان

ص: 185

وَلَا يَدْخُلُ مَا يُؤْخَذُ دَفْعَةً كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَسَائِرِ الزُّرُوعِ. وَيَصِحُّ بَيْعُ الأَرْضِ الْمَزْرُوعَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إِنْ جَهِلَهُ،

ــ

جميعه كالشجر تجري فيه الطرق المتقدمة.

وأما الموز .. فالصحيح: أنه كالشجر، وإذا قلنا: إن أصول البقل لا تدخل في بيع الأرض .. فهي باقية على ملك البائع وتبقى كالأشجار، وإن قلنا: تدخل .. فقد تقدم: أن الجزة الظاهرة للبائع بلا خلاف، والداخل إنما هو الكامن في الأرض.

قال: (ولا يدخل ما يؤخذ دفعة كالحنطة والشعير وسائر الزروع) سواء كان يحصد كالزرع أو يقلع كالجزر والفجل والثوم والبصل، سواء أطلق أو قال: بحقوقها؛ لأنه نماء ظاهر لا يراد للبقاء فلم يدخل في بيع الأرض كالطلع المؤبر.

قال: (ويصح بيع الأرض المزروعة على المذهب) كالدار المشحونة بالأمتعة، والمراد: المزروعة بزرع يؤخذ دفعة، كذا قيد الشيخ محل الطرق، أما إذا كان يحصد مرة بعد أخرى .. فيصح قطعًا، كذا قاله المتولي.

والرافعي أطلق الوجهين.

والطريق الثاني: تخريجها على القولين في بيع الدار المستأجرة، وفرق الأصحاب بأن يد المستأجر حائلة.

والثالثة: القطع بالبطلان؛ لجهالة مدة بقاء الزرع.

قال: (وللمشتري الخيار إن جهله)؛ لتأخير الانتفاع، فإن تركه له .. سقط خياره.

وصورة المسألة: أن يكون قد رآها بلا زرع ثم اشترى بعد أن زرعت ولم يرها عند العقد، فلو رضي البائع بتسليم الزرع للمشتري أو قلعه إن لم يضر قلعه بالأرض .. فلا خيار.

ص: 186

وَلَا يَمْنَعُ الزَّرْعَ دُخُولُ الأَرْضِ في يَدِ الْمُشْتَرِي وَضَمَانِهِ إِذَا حَصَلَتِ التَّخْلِيَةُ فِي الأَصَحِّ. وَالْبَذْرُ كَالزَّرْعِ. وَالأَصَحُّ: أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لِلْمُشْتَرِي مُدَّةَ بَقَاءِ الزَّرْعِ

ــ

قال: (ولا يمنع الزرع دخول الأرض في يد المشتري وضمانه إذا حصلت التخلية في الأصح)؛ لوجود التسليم في عين المبيع.

والثاني: لا؛ لأنه لا يقدر على الانتفاع في الحال.

وقول المصنف: (وضمانه) لا حاجة إليه، ولهذا لم يذكره في (المحرر).

قال: (والبذر كالزرع) ومعناه: أن لكل بذر حكم زرعه، فإن كان زرعه يدوم كنوى النخل والجوز واللوز وبزر الكراث ونحوه من البقول .. فحكمه في الدخول تحت بيع الأرض كالأشجار، وإن كانت تؤخذ دفعة واحدة .. فلا ويبقى إلى أوان الحصاد.

ويتخير المشتري عند جهله، فإن تركه البائع له .. سقط خياره وعليه القبول، ولو قال: أفرغ الأرض منه، وأمكن في زمن يسير .. سقط أيضًا.

قال: (والأصح: أنه لا أجرة للمشتري مدة بقاء الزرع) لا قبل القبض ولا بعده؛ لأنه رضي بتلف هذه المنفعة، فأشبه ما لو باع دارًا مشحونة بالأمتعة لا يستحق المشتري الأجرة لمدة التفريغ.

والثاني: يجب، وصححه الغزالي والجرجاني.

ومحل الوجهين: إذا كان المشتري جاهلًا، فإن علم .. فلا أجرة له قطعًا.

فلو قلع الزرع قبل المدة بجائحة أو جزه البائع .. وجب عليه تسليم الأرض؛ لأنه إنما استحق من الأرض ما كان صلاحًا لذلك الزرع.

ص: 187

وَلَوْ بَاعَ أَرْضًا مَعَ بَذْرٍ أَوْ زَرْعٍ لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ .. بَطَلَ فِي الجَمِيعٍ، وَقِيلَ: فِي الأَرْضِ قَوْلَانِ. ويَدْخُلُ فِي بَيْعِ الأَرْضِ الْحِجَارَةُ الْمَخْلُوقةُ فِيهَا، دُونَ الْمَدْفُونَةِ، وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي إِنْ عَلِمَ،

ــ

قال: (ولو باع أرضًا مع بذر أو زرع لا يفرد بالبيع .. بطل في الجميع، وقيل: في الأرض قولان) كل من البذر والزرع قد يفرد بالبيع وقد لا يفرد، فالذي يفرد كالبذر الذي رآه المشتري قبل بذره ولم يتغير وقدر على أخذه .. يجوز بيعه جزمًا، وكذلك الزرع المرئي المنتفع به، فإن كان البذر غير معلوم أو تعفن والزرع مستور بالأرض كالفُجل أو بما ليس من صلاحه كالحنطة في سنبلها .. فهذا لا يفرد بالبيع، فإذا باعه مع الأرض .. ففيه الطريقان المذكوران، ومدركهما ما تقدم في تفريق الصفقة.

فإن جعلنا الإجارة فيما يصح بالقسط .. بطل هنا في الجميع؛ لتعذر التقسيط، وإن جعلنا الإجارة بالجميع .. جاء في الأرض القولان: فالصحيح هنا: موافق للصحيح هناك.

وقوله: (لا يفرد) راجع إلى البذر والزرع، وإنما أفرد الضمير؛ لأنه بعد العطف بـ (أو) يجب أن يكون كذلك.

قال: (ويدخل في بيع الأرض الحجارة المخلوقة فيها)؛ لأنها من جملة أجزائها، وكذلك الثابتة فيها، فإن كانت تضر بالزرع والغرس .. فهذا عيب إذا كانت الأرض مما يقصد لذلك.

وفي وجه: أنه ليس بعيب وإنما هو فوات فضيلة.

ومن الذي يدخل في بيعها: السواقي التي تشرب منها الأرض، وأنهارها، وعين ماء فيها.

وفي دخول الماء الذي فيها الخلاف الآتي.

قال: (دون المدفونة) كالأقمشة والكنوز، ولأن عادة أهل الحجاز يحفرون الأرض ويدفنون فيها الحجارة إلى وقت الحاجة.

قال: (ولا خيار للمشتري إن علم) وإن تضرر بقلع البائع.

ص: 188

وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ النَّقْلُ، وَكَذَا إِنْ جَهِلَ وَلَمْ يَضُرَّ قَلْعُهَا، وَإِنْ ضَرَّ .. فَلَهُ الْخِيَارُ، فَإِنْ أَجَازَ .. لَزِمَ الْبَائِعَ النَّقْلُ وَتَسْوِيَةُ الأَرْضِ، وَفِي وُجُوبِ أُجْرَةِ مِثْلِ مُدَّةِ النَّقْلِ أَوْجُهٌ، أَصَحُّهَا: تَجِبُ إِنْ نَقَلَ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا قَبْلَهُ. وَيَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْبُسْتَانِ: الأَرْضُ وَالشَّجَرُ وَالْحِيطَانُ،

ــ

قال: (ويلزم البائع النقل)؛ تفريغًا لملك المشتري، بخلاف الزرع؛ فإن له أمدًا ينتظر.

قال: (وكذا إن جهل ولم يضر قلعها)؛ لزوال العيب من غير ضرر، وللبائع النقل، ويلزمه تسوية الأرض.

قال: (وإن ضر .. فله الخيار)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار في الإسلام).

قال: (فإن أجاز .. لزم البائع النقل وتسوية الأرض) سواء كان النقل قبل القبض أو بعده؛ وذلك بأن يعيد التراب المزال بالقلع من فوق الحجارة مكانه.

ويبعد أن يقال: يسويها بتراب آخر من خارج أو مما فيها؛ لأن في الأول: إيجاب عين لم تدخل في البيع، وفي الثاني: تغيير المبيع.

قال: (وفي وجوب أجرة مثل مدة النقل أوجه أصحها: تجب إن نقل بعد القبض لا قبله) أما عدم وجوبها قبل القبض .. فلأن ذلك كتعييب البائع، وهو كالآفة السماوية على الأصح.

وأما وجوبها بعد القبض .. فلتفويته على المشتري منفعة تلك المدة.

والوجه الثاني: تجب قبل القبض وبعده، ومأخذه جعل جناية البائع كالأجنبي.

والثالث: لا تجب قبل القبض ولا بعده؛ لأن قبض الأرض وفيها الحجارة ليس قبضًا تامًا.

قال الرافعي: ويجري هذا الخلاف في وجوب الأرش لو بقي في الأرض بعد التسوية عيب، واستبعده الشيخ.

قال: (ويدخل في بيع البستان: الأرض والشجر والحيطان)؛ لدخولها في

ص: 189

وَكَذَا الْبِنَاءُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَفِي بَيْعِ الْقَرْيَةِ: الأَبْنِيَةُ وَسَاحَاتٌ يُحِيطُ بِهَا السُّورُ، لَا الْمَزَارِعُ عَلَى الصَّحِيحِ،

ــ

مسماه، وكذلك (الباغ) وهو: البستان بالعجمية، و (الكرم) أيضًا يطلق في الشام والعراق والعجم على البستان سواء كان فيه عنب أم لا.

فإذا قال: بعتك الباغ أو الكرم أو البستان .. دخل في البيع: الأرض والأشجار والحيطان بلا خلاف، وكذا قضبان الشجر، إلا ما لا يدخل في بيع الشجرة من اليابس، وأوراق الفرصاد، وأغصان الخلاف، ويدخل في بيع الكرم: العريش على الأصح.

و (البستان) معرب، وجمعه: بساتين.

قال: (وكذا البناء على المذهب)؛ لدخوله في مسماه أيضًا، بل لا يسمى بستانًا إلا بذلك، ورجح الغزالي مقابله.

ونسبة الأبنية إلى البستان كنسبة الشجر إلى الدار، فإذا باع دارًا وفيها شجر .. ففي دخولها فيها الطرق التي في بيع الأرض.

وفي وجه ثالث: إن كثرت بحيث لا تسمى بستانًا .. لم تدخل، وإلا .. دخلت.

قال: (وفي بيع القرية: الأبنية وساحات يحيط بها السور)؛ لدخولها في الاسم، ودخل عين السور، ولابد منه؛ لأن كل ذلك داخل تحت اسمها، وينبغي أن يدخل حريمها في بيعها كما في حريم الدار.

قال: (لا المزارع على الصحيح)؛ لأنه لو حلف: لا يدخل قرية .. لم يحنث بدخول مزارعها.

والثاني –وهو قول الإمام والغزالي-: أنها تدخل، وعن ابن كج: إن قال: بحقوقها .. دخلت، وإن اقتصر عليها .. لم تدخل قطعًا.

ص: 190

وَفِي بَيْعِ الدَّارِ: الأَرْضُ، وَكُلُّ بِنَاءٍ حَتَّى حَمَّامُهَا، لَا الْمَنْقُولُ كَالدَّلْوِ وَالْبَكَرَةِ وَالسَّرِيرِ،

ــ

قال: (وفي بيع الدار: الأرض، وكل بناء)؛ لأن الدار اسم للأرض والبناء فيدخل الكانون والتنور المبنيان.

وفي البناء قول غريب بعيد: إنه لا يدخل.

ولا فرق في البناء بين العلو والسفل، وتدخل: الأجنحة، والرواشن، والدرج، والمراقي المعقودة، والآجر، والبلاط المفروش، وتدخل المظلة التي على بابها مبنية على جدارها، خلافًا لأبي حنيفة.

لنا: أنها كالميزاب، وهو متفق على دخوله.

قال: (حتى حمامها)؛ لأنه من جملة مرافقها.

وحكى عن نصه: أن الحمام لا يدخل، وحمله الربيع على (حمامات الحجاز) وهي: بيوت من خشب تنقل.

قال: (لا المنقول كالدلو والبكرة والسرير)؛ لخروجها عن مسماها.

و (الدلو) بفتح الدال، الغالب عليه التأنيث.

و (البكرة) بفتح الكاف وإسكانها لغتان، والمراد: بكرة البئر التي يستقى عليها، وجمعها: بَكَر بالتحريك.

قال الجوهري: وهو من شواذ الجمع؛ لأن فعلة لا تجمع على فعل إلا أحرفًا يسيرة، وتجمع على: بكرات.

قال الراجز:

شرُّ الدِّلاءِ الوَلْغةُ الملازمهْ .... والبَكَراتُ شَرُّهنَّ الصائمهْ

يعني: التي لا تدور.

ص: 191

وَتَدْخُلُ الأَبْوَابُ الْمَنْصُوبَةُ وَحِلَقُهَا وَالإِجَّانَاتُ وَالرَّفُّ وَالسُّلَّمُ الْمُسَمَّرَانِ، وَكَذَا الأَسْفَلُ مِنْ حَجَرَيِ الرَّحَى عَلَى الصَّحِيحِ، وَالأَعْلَى، وَمِفْتَاحُ غَلَقٍ مُثْبَتٌ فِي الأَصَحِّ،

ــ

قال: (وتدخل الأبواب المنصوبة وحلقها والإجانات والرف والسلم المسمران)؛ لأن الجميع معدود من أجزاء الدار؛ لاتصالها بها، أما المقلوعة .. فلا تدخل.

وتدخل: الأغاليق المثبتة والضبات قطعًا، وما أثبت من الخوابي والدنان، وخشب القصار، ومعجن الخباز، والدرابزين، وصندوق الطحان الذي يجعل فيه القمح فوق الحجر على الأصح في الجميع.

و (الإجانات) جمع: إجانة، وهي: الإناء الذي تغسل فيه الثياب، وفيها ثلاث لغات: كسر الهمزة وتشديد الجيم، وفتح الهمزة، وكسرها مع التخفيف.

و (السلم): المرقاة، تذكر وتؤنث، ولفظه مأخوذ من السلامة.

قال: (وكذا الأسفل من حجري الرحى على الصحيح) إذا كان مثبتًا؛ لأنها تعد في العرف جزءًا لاتصالها.

والثاني –وهو الأقيس عند الإمام-: لا يدخل؛ لأنه منقول، ووقع في (الكفاية): انه لا خلاف في اندراج الأسفل، والخلاف فيه في غالب الكتب.

و (الرحى) معروفة مؤنثة، والألف منقلبة من الياء، تقول: هما رحيان، والجمع: أرحاء.

قال: (والأعلى، ومفتاح غلق مثبت في الأصح)؛ لأنهما تابعان لشيء مثبت.

والثاني: لا، كسائر المنقولات، والوجهان في الأعلى إذا أدخلنا الأسفل، وإلا .. فلا يدخل قطعًا، والوجهان يجريان في ألواح الدكاكين، ولا خلاف في اندراج الحجرين في اسم الطاحون.

ص: 192

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

غريبة:

جرت العادة بأن مشتري العقار يأخذ كتب أصوله من البائع، فتدخل في البيع تبعًا –كمفتاح الغلق المثبت- وتصير المكاتيب منتقلة إلى المشتري تبعًا للعقار، وينزل الأمر في ذلك على العادة، فإن كان للبائع بقية حق في المكتوب .. يخصم مكتوبه ويسلم إليه؛ لبقاء الحق الذي فيه، وإذا لم يبق له فيه حق .. أمر بتسليمه للمشتري، كذا أفتى به مشايخ العصر.

والمنقول في المسألة: أن من باع شيئًا لا يلزمه تسليم كتب الأصل إلى المشتري؛ لأنها ملكه، وحجته عند الدرك كما جزم في (الكفاية)، وسيأتي في (كتاب القضاء) عند قول المصنف:(أو أن يكتب له محضرًا بما جرى من غير حكم أو سجلًا بما حكم به استحب).

فروع:

الأول: لابد في بيع الدار من ذكر الحدود الأربعة، فلو اقتصر على حدين .. لم يكف، وإن ذكر ثلاثة، فإن كانت لا تتميز بذكرها .. لم يصح، وإن تميزت بذلك .. فالصحيح: الصحة.

وقيل: لابد من ذكر الرابع.

ص: 193

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقال ابن الرفعة: الذي يظهر من كلام الأصحاب الصحة إذا تميزت بغير ذكر الحدود.

ونقل الرافعي في (القضاء على الغائب) عن ابن أبي عصرون: أنه يكتب إلى قاضي بلد المال في العقار الحدود الأربعة، ولا يجوز الاقتصار على حدين أو ثلاثة.

قال الشيخ: ولا يخفى الفرق بين البيع وكتابة القاضي، فالأولى في البيع عند التمييز: الصحة، وسيأتي الفرع في (الإجارة) و (الوقف) و (القضاء على الغائب) و (الدعاوى) إن شاء الله تعالى.

الثاني: باع دارًا فيها تراب .. قال البغوي: إن كان مفروشًا فيها أو مجموعًا جعل دكة للتأبيد .. دخل، وإن جمع للنقل أو الاستعمال عند الحاجة .. لم يدخل.

الثالث: يدخل البئر والصهريج قطعًا، أما الماء الذي في البئر، فإن قلنا: لا يملك .. لم يدخل في البيع وكل من حازه ملكه، وإن قلنا: يملك، وهو الأصح .. فالموجود منه عند البيع كالثمرة المؤبرة، إن شرط .. دخل، وإن لم يشرط .. لم يدخل، ويفسد البيع؛ لاختلاطه بما سيحدث على ملك المشتري كالثمرة المتلاحقة.

ص: 194

وَفِي بَيْعِ الدَّابَّةِ: نَعْلُهَا، وَكَذَا ثِيَابُ الْعَبْدِ فِي بَيْعِهِ فِي الأَصَحِّ

ــ

وفي وجه غريب: أن الماء يتبع في البيع كالثمرة غير المؤبرة، وصححه ابن أبي عصرون، وعمل الناس عليه في شراء الدور والبساتين، وهو خلاف المشهور.

ولو باع ماء البئر وحده .. لم يصح؛ لعدم إمكان تسليمه.

وأما ماء الصهريج .. فلا يدخل في البيع كسائر المائعات.

الرابع: يدخل في بيع السفينة آلاتها المتصلة، وفي دخول المنفصلة التي لا يستغنى عنها كالقلع والمجاذيف وجهان، كالوجهين في المفتاح.

قال: (وفي بيع الدابة: نعلها) أي: المسمر فيها؛ لأن العرف يقضي باستتباعه، وهذا لا خلاف فيه، وكذا برة البعير إلا أن تكون من ذهب أو فضة فلا تدخل، ولا يدخل الحبل والسرج واللجام.

قال: (وكذا ثياب العبد في بيعه في الأصح)؛ للعرف، وبهذا قال أبو حنيفة.

وعلى هذا: في اشتراط رؤيتها نظر، والمراد به: ثيابه التي عليه حال البيع، ولو عبر المصنف بالرقيق .. كان أشمل.

وأصل هذه المسألة: ما رواه الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما [خ2379 - م1543/ 80]: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من باع عبدًا وله مال .. فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع) وفيه دليل لمالك.

والقول القديم: أن العبد يملك بتمليك السيد.

وقال الشافعي في الجديد وأبو حنيفة: لا يملك، وتأولا الحديث على أن

ص: 195

قُلْتُ: الأَصَحُّ: لَا تَدْخُلُ ثِيَابُ الْعَبْدِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.

فَرْعٌ:

بَاعَ شَجَرَةً .. دَخَلَ عُرُوقُهَا وَوَرَقُهَا -وَفِي وَرَقِ التُّوتِ وَجْهٌ-

ــ

المراد: أن يكون في يد العبد شيء من مال السيد فأضيف إليه للاختصاص، كما يقال: رحل الدابة، وسرج الفرس، فإذا باع السيد العبد .. فذلك المال للبائع؛ لأنه ملكه إلا أن يشترطه المبتاع فيصح، ويكون قد باع العبد والمال بثمن واحد، وذلك جائز بشرط الاحتراز عن الربا.

ومحل هذا: إذا قال: بعتك هذا العبد بما له، فإن قال: وما له .. فلا تبعية وكل منهما مقصود تشترط فيه جميع شروط البيع، ولو رده بعيب .. رد مع ما له.

قال: (قلت: الأصح: لا تدخل ثياب العبد والله أعلم)؛ اقتصارًا على اللفظ، كما أن سرج الدابة لا يدخل في بيعها، ونسب الماوردي هذا القول إلى جميع الفقهاء.

والثالث: يدخل ساتر العورة فقط للضرورة، ومحل هذه الأوجه: في الثياب إذا كان لابسها.

تتمة:

لا يدخل القرط الذي في أذن الرقيق ولا الخاتم الذي في يده بلا خلاف، وجعلوا المداس كذلك، والقياس: أن يكون كالثياب.

قال: (فرع:

باع شجرة) إما مفردة أو مع الأرض بالتصريح أو تبعًا على قول التبعية لها.

قال: (.. دخل عروقها، وورقها) كثمار سائر الأشجار.

قال: (وفي ورق التوت وجه)؛ لأنه يقصد لتربية الدود فكان كالثمرة، لكن شرطه: أن يكون في زمن الربيع، وأن يكون توته أبيض، ولهذا عدل المصنف عن تعبير (المحرر) بورق الفرصاد وأن يكون ورق الأنثى؛ لأن ورق الذكر لا يصلح

ص: 196

وَأَغْصَانُهَا إِلَّا الْيَابِسَ،

ــ

لذلك كما قاله في (المطلب) ، وأجرى بعضهم هذا الوجه في ورق النبق.

وفي (البيان): شجر الحناء يجوز أن يكون كالفرصاد، ويجوز أن يقطع بأنه للبائع؛ لأنه لا ثمرة له إلا الورق، وألحق القمولي بذلك ورق النيلة.

و (التوت) بالمثناة في آخره على الأشهر.

قال: (وأغصانها)؛ لاشتمالها عليها، وعبارته تشمل: أغصان الخلاف، وفيها اختلاف في كلام الإمام: جزم هنا بالدخول، وفي (باب الوقف) بعدمه، وحكى في (باب الرهن) وجهين مطلقين.

وقال القاضي حسين: لا تدخل أغصان الخلاف؛ لأنها كالثمرة.

ومن محاسن كلام ابن يونس: وفي أغصان الخلاف خلاف، وفي (الصحاح) و (المحكم) و (كفاية المتحفظ) و (عجائب المخلوقات): أن (الخلاف): الصفصاف، والصواب: أنه شجر البان وأغصانه ثمرته التي تشم، لكن في الصفصاف نوع بأرض الشام يقال له: الحلاف بالحاء المهملة وتخفيف اللام.

قال: (إلا اليابس) فلا يدخل في بيع الشجرة الرطبة؛ لأن العادة فيه القطع كالثمرة.

قال البغوي: ويحتمل أن يدخل كالصوف على الظهر، وفيه نظر.

ص: 197

وَيَصِحُّ بَيْعُهَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ أوِ الْقَلْعِ، وَبِشَرْطِ الإِبْقَاءِ، وَالإِطْلَاقُ يَقْتَضِي الإِبْقَاءَ، وَالأَصَحُّ: أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْمَغْرِسُ لَكِنْ يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهُ مَا بَقِيَتِ الشَّجَرَةُ

ــ

قال: (ويصح بيعها بشرط القطع أو القلع) سواء كانت رطبة أو يابسة، وتدخل العروق عند شرط القلع لا القطع بل تبقى للبائع.

قال: (وبشرط الإبقاء) إذا كانت رطبة، فإن كانت يابسة .. لزم المشتري تفريغ الأرض منها كما سيأتي.

فلو شرط إبقاءها لم يصح البيع كبيع ثمرة مؤبرة بشرط عدم القطع أوان الجذاذ.

قال: (والإطلاق يقتضي الإبقاء) تحكيمًا للعادة.

فول استخلف شيء من الشجرة حولها .. هل يستحق إبقاؤه كالأصل أو يؤمر المشتري بقطعه؟ قال القمولي: فيه احتمالان: والأول: أظهر.

وقال ابن الرفعة: إن علم استخلافه كشجر الموز .. فلا شك في وجوب إبقائه.

قال: (والأصح: أنه لا يدخل المغرس) حيث استحق الإبقاء سواء كان بالشرط أم بالإطلاق؛ لأن اسم الشجرة لا يتناوله.

والثاني: دخل؛ لأنه يستحق الانتفاع به لا إلى غاية.

و (المغرس) بكسر الراء: موضع الغرس.

قال الشيخ: والقول بملكه .. فيه إشكال من جهة: أن الشجرة تكبر وتمتد عروقها فيؤدي إلى أن يتجدد له ملك في كل وقت لما لم يملكه عند البيع، ولا خلاف: أن مغرس اليابسة لا يدخل.

ثم إذا قلنا بدخول المغرس فانقلعت الشجرة أو قلعها المالك .. كان له أن يغرس بدلها، وله أن يبيع المغرس، وعلى الأصح: ليس له ذلك.

قال: (لكن يستحق منفعته ما بقيت الشجرة) بحكم الاستتباع.

قال ابن الرفعة: مما تعم به البلوى ولم أقف فيه على نقل: أن يبيع البناء والأرض مستأجرة معه ولم تنقض مدة الإجارة وعلم المشتري ذلك هل نقول: يستحق الإبقاء

ص: 198

وَلَوْ كَانَتْ يَابِسَةً .. لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ الْقَلْعُ. وَثَمَرَةُ النَّخْلِ الْمَبِيعِ إِنْ شُرِطَتْ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي .. عُمِلَ بِهِ، وَإِلَّا: فإِنْ لَمْ يَتَأَبَّرْ مِنْهَا شَيْءٌ .. فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي، وَإِلَّا .. فَلِلْبَائِعِ

ــ

بقية المدة بغير عوض -كما لو كانت مملوكة له- أو بالأجرة؟ قال: والأشبه: الثاني، والعمل عليه.

ولو كانت الأرض موصى له بمنفعتها .. فيشبه إلحاقها بالمملوكة حتى لا يستحق عليه أجرة في حياته ولا بعد مماته.

قال: (ولو كانت يابسة .. لزم المشتري القلع)؛ لاقتضاء العرف ذلك.

قال: (وثمرة النخل المبيع إن شرطت للبائع أو للمشتري .. عمل به) سواء كانت قبل التأبير أو بعده وفاء بالشرط.

قال المتولي: وكذلك إذا شرط غير المؤبر للمشتري .. فهو تأكيد.

قال الشيخ: وينبغي أن يكون كشرط الحمل.

قال: (وإلا: فإن لم يتأبر منها شيء .. فهي للمشتري، وإلا .. فللبائع).

روى الشيخان [خ2204 - م1543/ 77] عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من باع نخلًا قد أبرت .. فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع).

دل بمنطوقه على: أن المؤبر للبائع.

وبمفهوم الشرط على: أن ما لم يؤبر المشتري.

ودل الاستثناء على: أنها تكون للمشتري عند اشتراطها له.

وخالف أبو حنيفة فقال: تبقى الثمار للبائع أبرت أم لم تؤبر.

واقتضت عبارة المصنف: أنه لا فرق بين طلع الإناث والذكور وهو الأصح.

ص: 199

وَمَا يَخْرُجُ ثَمَرُهُ بِلَا نَوْرٍ –كَتِينٍ وَعِنَبٍ- إِنْ بَرَزَ ثَمَرُهُ .. فَلِلْبَائِعِ، وَإِلَّا .. فَلِلْمُشْتَرِي

ــ

وقيل: إن طلع الذكر .. للبائع مطلقًا تشقق أم لم يتشقق؛ لأنه ثمرة، وحيث حكمنا بأن الثمرة للبائع .. فالكمام للمشتري.

و (التأبير) في اللغة: وضع طلع الذكور في الإناث بعد تشققها، وفي إطلاق كثيرين: أنه التشقق؛ وهو المراد هنا سواء كان بنفسه أم بغيره، ولهذا عدل المصنف عن (تؤبر) إلى (يتأبر)؛ لأن المقصود الظهور، لا يعرف في ذلك خلاف بين العلماء إلا أن ابن حزم جَمَدَ جمودًا عجيبًا فقال: إن ظهرت بغير تأبير .. لم يحل اشتراطها.

تنبيه:

الثمرة غير المؤبرة تتبع في البيع والصلح والإجارة والصداق والخلع قطعًا، ولا تتبع في الرجوع بالطلاق قطعًا، وهل تتبع في الرجوع بالفلس، أو تتبع المرهون بغير رضا الراهن، وفي الهبة والوصية، ورجوع الوالد في هبة ولده؟ وجهان.

قال: (وما يخرج ثمره بلا نور كتين وعنب) وكذلك الجوز والفستق (إن برز ثمره .. فللبائع، وإلا .. فللمشتري)؛ لأن الظهور هنا كالتشقق في النخل، فإن ظهر بعضه دون بعض، فما ظهر .. فللبائع، وما لم يظهر .. للمشتري، قاله البغوي وغيره.

قال الرافعي: وهو محل التوقف.

وقد صرح المتولي والروياني بذلك في التين، وقالا: لا خلاف فيه، وفرقا بينه وبين النخل؛ بأن ثمرة النخل ثمرة عام واحد وهي لا تحمل في السنة إلا مرة، والتين

ص: 200

وَمَا يَخْرُجُ فِي نَوْرِهِ ثُمَّ يَسْقطُ كَمِشْمِشٍ وَتُفَّاحٍ .. فَلِلْمُشْتَرِي إِنْ لَمْ تَنْعَقِدِ الثَّمَرَةُ، وَكَذَا إِنِ انْعَقَدَتْ وَلَمْ يَتَناثَرِ النَّوْرُ فِي الأًصَحِّ، وبَعْدَ التَّنَاثُرِ لِلْبَائِعِ. وَلَوْ بَاعَ نَخَلَاتِ بُسْتانٍ مُطْلِعَةً وَبَعْضُهَا مُؤَبَّرٌ .. فَلِلْبَائِعِ،

ــ

يحمل حملين مرة بعد أخرى، فكانت الأولى للبائع، والثانية للمشتري، والتوت الشامي كالتين.

و (النور): الزهر على أي لون كان.

وقيل: النور: ما كان أبيض، والزهر: ما كان أصفر.

قال: (وما يخرج في نوره ثم يسقط) أي: النور (كمشمش وتفاح .. فللمشتري إن لم تنعقد الثمرة)؛ لأنها كالمعدومة، وكذا الكمثرى والإجاص والسفرجل والخوخ وشبهه، والله أعلم.

و (المشمش) بكسر الميمين على المشهور، وعن أبي عبيدة فتحهما أيضًا.

قال: (وكذا إن انعقدت ولم يتناثر النور في الأصح)؛ قياسًا على ثمرة النخل إذا لم يتشقق عنها الكمام.

والثاني: أنها للبائع؛ لأنها كالثمرة المؤبرة التي عليها القشر الرقيق.

قال: (وبعد التناثر للبائع)؛ لظهورها، ومن هذا القسم: الرمان واللوز، ومن الرياحين: الورد والياسمين.

قال: (ولو باع نخلات بستان مطلعة وبعضها مؤبر .. فللبائع)؛ لأن الباطن صائر إلى الظهور، وإنما لم يفرد كل واحد بحكم؛ لأجل المشقة وسوء المشاركة واختلاف الأيدي، فأتبعنا الباطن للظاهر؛ لأنه أولى من العكس، كما جعلنا أساس الدار تابعًا لها.

وذكر المصنف (النخلات) على سبيل المثال، فلو باع البستان كله .. كان كذلك.

ص: 201

فَإِنْ أَفْرَدَ مَا لَمْ يُؤَبَّرْ .. فَلِلْمُشْتَرِي فِي الأَصَحِّ، وَلوْ كَانَتْ فِي بُسْتَانَيْنِ .. فَالأَصَحُّ: إِفْرَادُ كُلِّ بُسْتانٍ بِحُكْمِهِ. وَإِذَا بَقِيَتِ الثَّمَرَةُ لِلْبَائِعِ، فَإِنْ شَرَطَ الْقَطْعَ .. لَزِمَهُ، وَإِلَّا .. فَلَهُ تَرْكُهَا إِلَى الْجَذَاذِ

ــ

ومحل الاتفاق على هذا: إذا كانت من نوع واحد، فإن اختلف النوع .. فكذلك في الأصح.

وقال ابن خيران: المؤبر للبائع، وغيره للمشتري.

قال: (فإن أفرد ما لم يؤبر .. فللمشتري في الأصح)؛ لأن التبعية قد انقطعت بإفراده بالبيع.

والثاني: للبائع؛ اكتفاء بدخول وقت التأبير.

قال: (ولو كانت في بستانين .. فالأصح: إفراد كل بستان بحكمه)؛ لأن اختلاف البقاع له أثر بيِّن في وقت التأبير.

والثاني: أن غير المؤبر يتبع المؤبر؛ لأنهما اجتمعا في صفقة واحدة فأشبها نخيل البستان الواحد، ولا فرق بين أن يكونا متلاصقين أو متباعدين، إلا أن ابن الرفعة اشترط أن يكونا في إقليم واحد.

قال الشيخ: وظاهر إطلاقه: أنه لا فرق بين أن يتحد النوع أو يختلف، وهو فيما إذا اتحد مصرح به، وفيما إذا اختلف غريب.

أما إذا قلنا بعدم التبعية في البستان الواحد .. ففي البستانين أولى، وشرط التبعية: اتحاد المالك، فلو باع نخيله أو بستانه المؤبر مع شيء لغيره لم يتأبر .. لم يتبعه في الأصح.

قال: (وإذا بقيت الثمرة للبائع) إما بالشرط، وإما بالحكم عند التأبير.

قال (فإن شرط القطع .. لزمه)؛ وفاء به.

قال: (وإلا .. فله تركها إلى) أوان (الجذاذ)؛ تحكيمًا للعادة، كما يجب تبقية الزرع إلى أوان الحصاد وإبقاء المتاع في السفينة في اللجة إلى الوصول إلى الشط، ثم إذا جاء أوان الجذاذ .. ليس له الصبر حتى يأخذها على التدريج ولا تأخيرها إلى تناهي نضجها، بل المعتبر في ذلك العادة.

ص: 202

وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا السَّقْيُ إِنِ انْتَفَعَ بِهِ الشَّجَرُ والثَّمَرُ، وَلَا مَنْعَ لِلآخَرِ، وَإِنْ ضَرَّهُمَا .. لَمْ يَجُزْ إِلَّا بِرِضَاهُمَا، وَإِنْ ضَرَّ أَحَدَهُمَا وَتَنَازَعَا .. فُسِخَ الْعَقْدُ إِلَّا أَنْ يُسَامِحَ الْمُتَضَرِّرُ، وَقِيلَ: لِطَالِبِ السَّقْيِ أَنْ يَسْقِيَ. وَلَوْ كَانَ الثَّمَرُ يَمْتَصُّ رُطُوبَةَ الشَّجَرِ .. لَزِمَ الْبَائِعَ أَنْ يَقْطَعَ أَوْ يَسْقِيَ

ــ

هذا إذا لم تكن الثمرة مما يعتاد قطعه قبل النضج، فإن كان كذلك كاللوز الأخضر في بلاد لا ينتهي فيها .. كلف البائع قطعها قبل ذلك؛ لأن هذا أوان جذاذها.

وكذلك إذا تعذر السقي لانقطاع الماء وعظم ضرر النخل ببقاء الثمرة .. فالأصح: أنه ليس له الإبقاء.

و (الجذاذ) بذالين معجمتين: القطع، و {عطاء غير مجذوذ} أي: غير مقطوع، بل هو ممتد إلى غير نهاية.

قال: (ولكل منهما السقي إن انتفع به الشجر والثمر، ولا منع للآخر)؛ لأن المنع من ذلك إضرار وقد نهي عنه.

قال: (وإن ضرهما .. لم يجز إلا برضاهما)؛ لأن الحق لهما لا يعدوهما، فإن رضيا .. جاز.

قال: (وإن ضر أحدهما وتنازعا .. فسخ العقد)؛ لعدم أولوية أحدهما على الآخر، وهل يفسخ البائع أو الحاكم؟ فيه في (المطلب) وجهان.

قال: (إلا أن يسامح المتضرر) فلا فسخ؛ لزوال النزاع.

قال: (وقيل: لطالب السقي أن يسقي)؛ لدخول الآخر في العقد على ذلك، وحيث احتاج البائع إلى سقي ثمرته .. كانت المؤنة عليه.

قال: (ولو كان الثمر) أي: الباقي على ملك البائع (يمتص رطوبة الشجر .. لزم البائع أن يقطع أو يسقي)؛ دفعًا لضرر المشتري، فإن تعذر السقي لانقطاع الماء .. ففيه القولان السابقان.

ص: 203