الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
لَهُمَا وَلِأَحَدِهِمَا شَرْطُ الْخِيَارِ فِي أَنْوَاعِ الْبَيْعِ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ كَرِبَوِيٍّ وَسَلَمٍ
ــ
تتمة:
اتفقا على التفرق والفسخ واختلفا في السابق .. فههنا تقابل أصلان، قال الشيخ:(ينبغي أن يقال: من سبق بدعوى الفسخ .. قبل قوله، فإن تساويا أو سبق أحدهما بدعوى التفرق .. صدق النافي للفسخ كما في الرجعة) اهـ
والذي قاله وجه محكي في (فروع ابن القطان) رحمه الله.
قال: (فصل:
لهما ولأحدهما شرط الخيار) بالإجماع كذا قاله الرافعي، وفي كلام الدارمي ما ينازع فيه.
فأما جوازه للمشتري .. فاستدل له بالحديث الآتي، وأما للبائع ولهما .. فبالقياس عليه.
ويجوز أن يشترط لأحدهما خيار يوم وللآخر خيار يومين أو ثلاثة وأن يشترط لأجنبي على الأصح؛ لأن الحاجة قد تدعو إلى اشتراطه له؛ لكونه أعرف بالمعقود عليه، لكن لا يجوز للوكيل اشتراطه إلا لنفسه أو موكله.
قال: (في أنواع البيع) كبيع الحيوان والعقار وغيرهما وكالصلح حيث جعلناه بيعًا.
واحترز بتقييده بـ (البيع) عن الفسوخ والطلاق والعتاق والإبراء والنكاح والإجارة.
قال: (إلا أن يشترط القبض في المجلس كربوي وسلم)؛ فإنه لا يجوز اشتراطه لهما ولا لأحدهما، لأن الخيار أعظم غررًا من الأجل، فإذا امتنع الأجل .. امتنع الخيار من باب أولى.
وَإِنَّمَا يَجُوزُ فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ لَا تَزِيدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ،
ــ
وشمل قوله: (كربوي): الصرف وبيع الطعام بالطعام.
وأشار المصنف بالمثالين إلى: أنه لا فرق بين ما يشترط فيه القبض من الجانبين أو من أحدهما، لكن يرد على حصره: المصراة؛ فإنه يمتنع فيها اشتراط الخيار ثلاثًا للبائع، وإذا اشترى من يعتق عليه .. فإنه يمتنع شرط الخيار فيه للمشتري وحده؛ لأنه يلزم من ثبوته عدم ثبوته، والحوالة إذا جعلناها بيعًا .. فإنه لا خيار فيها، والشفعة لا يثبت فيها خيار الشرط وإن ثبت فيها خيار المجلس دون خيار الشرط في وجه، ولا يثبت في الهبة بثواب، وما عدا هذه المواضع يتلازم الخياران في الوفاق والخلاف.
قال: (وإنما يجوز في مدة معلومة)؛ نفيًا للغرر، فلو شرطه مطلقًا أو قدره بمدة مجهولة كمجيء زيد .. بطل العقد، خلافًا لمالك حيث قال: يصح، ويحمل على ما تقتضيه العادة فيه.
ولو تبايعا نهارًا بشرط الخيار إلى الليل .. لم تدخل الغاية.
قال: (لا تزيد على ثلاثة أيام)؛ لأن الأصل امتناعه لكونه مخالفًا لوضع البيع، لكن وردت السنة بالثلاث في المصراة فاقتصر عليه.
واستدل لأن الثلاث مدة قريبة مغتفرة بقوله تعالى: {ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب، فعقروها فقال تمتعوا في داركم ثلثة أيام} .
ولخصوص الخيار بما روى البيهقي [5/ 273] وابن ماجه [2355] بإسناد حسن عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: سمعت رجلًا من الأنصار يشكو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا يزال يغبن في البيع، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:(إذا بايعت .. فقل: لا خلابة، ثم أنت بالخيار في كل سلعة ابتعتها ثلاث ليال)، ورواه البخاري في (تاريخه)[8/ 17] كذلك مرسلًا.
والحديث إلى قوله: (لا خلابة) رواه الشيخان [خ2117 - م1533]، وما زاد على ذلك مرسل، لكن يحتج به لإجماع الأمة على جواز شرط الخيار ثلاثة أيام فما دونها،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فلو زاد عليها .. بطل العقد جزمًا، ولم يخرجوه على تفريق الصفقة؛ لأن القاعدة في تفريق الصفقة: أن يجمع بين ما يجوز وما لا يجوز فيعقد عليهما، وهنا جمع بينهما في الشرط والشروط الفاسدة مبطلة للعقد كما تقدم.
وقال مالك رضي الله عنه: تجوز الزيادة على الثلاث بحسب الحاجة، حتى لو اشترى ضيعة يحتاج النظر فيها إلى شهر فصاعدًا .. جاز اشتراطه.
وعن أحمد: تجوز الزيادة بغير تحديد.
والرجل الذي كان يخدع في البيع .. قال المصنف في (مبهماته) والبخاري في (تاريخه): إنه منقذ –بالذال المعجمة- والد حبان- بفتح الحاء- وكان قد بلغ مئة وعشرين سنة.
وقال الخطيب البغدادي والبيهقي والمصنف في (شرح مسلم): إنه حبان بن منقذ، وجزم ابن الأثير بهما، وحبان ومنقذ صحابيان أنصاريان.
وقوله: (لا خلابة) هو بكسر الخاء المعجمة، ومعناه: لا غبن ولا خديعة، وهذه اللفظة في الشرع عبارة عن اشتراط الخيار ثلاثًا، فإذا أطلقاها وكانا عالمين بمعناها .. ثبت، وإن كان جاهلين .. فلا، وكذا إن علمها البائع دون المشتري على الأصح.
ويدخل في الثلاث ما اشتملت عليه من الليالي للضرورة، بخلاف مدة مسح الخف فهي ثلاثة أيام وثلاث ليال.
ويشترط اتصال المدة بالعقد فلو شرط ثلاثًا في آخر الشهر، أو خيار الغد دون اليوم، أو متى شاء .. بطل البيع، ولو شرطا ثلاثًا ثم أسقطا اليوم الأول .. سقط الجميع.
ويشترط أن لا يكون المبيع مما يتسارع إليه الفساد قبل الثلاث، فإن كان كذلك وشرطا فيه المدة .. فوجهان:
وَيُحْسَبُ مِنَ الْعَقْدِ، وَقِيلَ: مِنَ التَّفَرُّقِ. وَالأَظْهَرُ: أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ .. فَمِلْكُ الْمَبِيعِ لَهُ، وَإِنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي .. فَلَهُ، وَإِنْ كَانَ لَهُمَا .. فَمَوْقوُفٌ، فَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ .. بَانَ أَنَّهُ لِلْمُشْتَرِي مِنْ حِينِ الْعَقْدِ، وَإِلَّا .. فَلِلْبَائِعِ
ــ
أصحهما: يبطل أيضًا.
والثاني: يصح ويباع عند الإشراف على الفساد ويقام ثمنه مُقامه.
وحيث حكما بفساد العقد بشرط فاسد فحذفاه في المجلس .. لم ينقلب صحيحًا.
قال: (ويحسب من العقد) أي عند الإطلاق؛ لأن سببه العقد فاستعقبه، فلو شرطاه من التفرق .. بطل في الأصح.
قال: (وقيل: من التفرق)؛ لأنه لا فائدة له من خيار المجلس.
قال: (والأظهر: أنه إن كان الخيار للبائع .. فملك المبيع له، وإن كان للمشتري .. فله، وإن كان لهما .. فموقوف، فإن تم البيع .. بانَ أنه للمشتري من حين العقد، وإلا .. فللبائع) مجموع ما في المسألة ثلاثة أقوال:
أحدها: الملك للبائع.
والثاني: للمشتري.
والثالث: موقوف.
والمذكور في الكتاب توسط ذكره جماعة وعليه الفتوى، وهي جارية في خيار المجلس وخيار الشرط، وينبني عليها الملك في الأكساب وما في معناها، كاللبن والبيض والثمرة ومهر الجارية الموطوءة بشبهة وغير ذلك.
وأما النفقة .. فقال الجيلي: إن قلنا: الملك لأحدهما .. فهي عليه، وإن قلنا: موقوف .. فعليهما.
وقال ابن الرفعة: يتجه أن يكون كالكسب ويعضده ما قاله الرافعي في نفقة الموصى به، قال: وحيث حكمنا بالملك في البيع لأحدهما .. حكمنا بملك الثمن للآخر، وحيث قلنا: أنه موقوف .. فالملك في الثمن كذلك.
وَيَحْصُلُ الْفَسْخُ وَالإِجَازَةُ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهِمَا كَفَسَخْتُ الْبَيْعَ، وَرَفَعْتُهُ، وَاسْتَرْجَعْتُ الْمَبِيعَ، وَفِي الإِجَازَةِ: أَجَزْتُهُ، وَأَمْضَيْتُهُ. وَوَطْءُ الْبَائِعِ وَإِعْتَاقُهُ فَسْخٌ، وَكَذَا بَيْعُهُ وَإِجَارَتُهُ وَتَزْوِيجُهُ فِي الأَصَحِّ
ــ
أما إذا شرطا الخيار لأجنبي .. فلم أر من تعرض لمن يكون فيه الملك والذي يظهر: أنه موقوف.
قال: (ويحصل الفسخ والإجازة بلفظ يدل عليهما كفسخت البيع، ورفعته، واسترجعت المبيع، وفي الإجازة: أجزته، وأمضيته)؛ لأنها صريحة في المقصود.
قال: (ووطء البائع وإعتاقه فسخ)؛ لأن الوطء يشعر باختيار الإمساك، والإعتاق يتضمنه، ووطؤه في هذه الحالة حلال وإعتاقه نافذ، وخالف الرجعة حيث لا تحصل بالوطء؛ لأن الملك يحصل بالفعل كالاحتطاب فكذلك تداركه، بخلاف النكاح، ومحل هذا في غير الإيلاج في فرج المشكل؛ فإنه إذا حصل من البائع أو المشتري لا يكون فسخًا ولا إجازة.
وأما مقدمات الوطء كالقبلة ونحوها .. فالأصح: أنها ليست فسخًا عند المصنف، والأشبه في (المطلب): أنها فسخ؛ لأنها لا تباح إلا بالملك.
والركوب والاستخدام ليس فسخًا في الأصل خلافًا للبغوي.
ثم إذا قلنا: وطء البائع فسخ .. فهل هو على إطلاقه، أو محله فيمن يبيح الملك وطأها في حال حتى لو كانت أخته لا يكون فسخًا؟ لا نقل فيه، والذي يظهر: أنه ليس بفسخ كما لو تلوط بالغلام.
قال: (وكذا بيعه وإجارته وتزويجه في الأصح)؛ لدلالتها على ظهور الندم.
والثاني: لا؛ لأن الأصل بقاء العقد فيستصحبه إلى أن يوجد الفسخ صريحًا.
وقال الرافعي: يجري هذا الخلاف في الوقف والهبة والرهن إذا اتصلا بالقبض، فإن جعلنا هذه التصرفات فسخًا. كانت صحيحة في الأصح؛ قياسًا على العتق.
وَالأَصَحُّ: أَنَّ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ مِنَ الْمُشْتَرِي إِجَازَةٌ، وَأَنَّ الْعَرْضَ عَلَى الْبَيْعِ وَالتَّوْكِيلَ فِيهِ لَيْسَ فَسْخًا مِنَ الْبَائِعِ، وَلَا إِجَازَةً منَ الْمُشْتَرِي
ــ
قال: (والأصح: أن هذه التصرفات) وهي الوطء وما بعده (من المشتري إجازة)؛ لأن وطء البائع اختيار للمبيع فكذا وطء المشتري.
والثاني: لا؛ لأن الفسخ بالعيب لا يمنعه الوطء فكذا هنا.
ومحل الوجهين في الوطء والعتق: إذا لم يأذن البائع فيهما، فإن أذن .. كان إجازة منهما جزمًا.
وأما البيع وما بعده، فإن لم يأذن فيه البائع .. لم ينفذ، لكنه إجازة من المشتري في الأصح، وإن أذن فيه .. فالأصح: صحته، وهو إجازة قطعًا.
واحترز المصنف بـ (التصرفات) عن الإذن فيها، فمجرد ذلك لا يكون إجازة من البائع، حتى لو رجع قبل التصرف .. كان على خياره، قاله الصيدلاني وغيره.
قال في (شرح المهذب): وفيه نظر؛ لأن الاعتبار بالدلالة على الرضا، وهو حاصل بمجرد الإذن.
قال: (وأن العرض على البيع والتوكيل فيه ليس فسخًا من البائع، ولا إجازة من المشتري)؛ لأنهما لا يقتضيان إزالة ملك.
والثاني: نعم؛ قياسًا على الرجوع عن الوصية.
ويجريان في الرهن والهبة إذا لم يقبضا.
تتمة:
الوجهان في التوكيل حكاهما المتولي تفريعًا على قولنا: البيع فسخ.
وفي (الرافعي): أن في العرض على البيع والإذن والتوكيل وجهين في كونهما فسخًا من البائع أو إجازة من المشتري، فإن أراد بالإذن التوكيل .. فهو عطف الشيء