الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكَذَا لَوْ شَرَطَ رَهْنَ الثَّمَنِ فِي الأَظْهَرِ.
فَصْلٌ:
إِذَا لَزِمَ الرَّهْنُ .. فَالْيَدُ فِيهِ لِلْمُرْتَهِنِ،
ــ
يظهر: أن هذا ليس بشرط ولا يلتفت إليه أيضًا، ويكون الإذن صحيحًا والبيع صحيحًا؛ لأنه ليس فيه إلا التصريح بقصده، وأنه الحامل له على الإذن وذلك لا يقتضي اشتراطًا.
قال: (وكذا لو شرط رهن الثمن في الأظهر) أي: أذن في البيع بشرط أن يجعل الثمن رهنًا مكانه .. لم يصح؛ لأن الثمن مجهول عند الإذن، كذا علله الرافعي وغيره، ومقتضى هذه العلة: أن الثمن لو كان معلومًا .. صح.
والثاني: يصح؛ لأن الرهن قد ينتقل من العين إلى البدل.
قال الشيخ: ومحل القولين: إذا كان الدين مؤجلًا سواء شرط كون الثمن رهنًا أم جعله رهنًا، فلو كان حالًا وشرط كون ثمنه رهنًا .. فيصح قطعًا؛ لأنه زاد تأكيدًا، لأن ذلك حكمه إذا أطلق الإذن، وفي المؤجل إذا أطلق الإذن .. بطل الرهن بالبيع.
تتمة:
يجرى القولان: فيما إذا أذن له في الإعتاق بشرط جعل القيمة رهنًا، أو في الوطء بهذا الشرط إن أحبل، وإذا اختلفا في الإذن بعد البيع فقال المرتهن: أذنت في البيع بشرط أن يرهن الثمن، وقال الراهن: بل مطلقًا .. فالقول قول المرتهن بيمينه، كما لو اختلفا في أصل الإذن.
قال: (فصل:
إذا لزم الرهن .. فاليد فيه للمرتهن)؛ لأن الثقة بالتوثق إنما تحصل بجعله في يده، لكن يستثنى: ما لو رهن عبدًا مسلمًا، أو مصحفًا من كافر، أو سلاحًا من حربي .. فإنه يوضع عند عدل.
وَلَا تُزَالُ إِلَّا لِلِانْتِفَاعِ كَمَا سَبَقَ. وَلَوْ شَرَطَا وَضْعَهُ عِنْدَ عَدْلٍ .. جَازَ، أَوْ عِنْدَ اثْنَيْنِ وَنَصَّا عَلَى اجْتِمَاعِهِمَا عَلَى حِفْظِهِ أَوِ الِانْفِرَادِ بِهِ .. فَذَاكَ، وَإِنْ أَطْلَقَا .. فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ فِي الأَصَحِّ. وَلَوْ مَاتَ الْعَدْلُ أَوْ فُسِّقَ .. جَعَلَاهُ حَيْثُ يَتَّفِقَانِ، وَإِنْ تَشَاحَّا .. وَضَعَهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ عَدْلٍ
ــ
ولو رهن جارية، فإن كانت محرمًا له أو طفلة، أو كان المرتهن امرأة، أو أجنبيًا ثقة وعنده زوجة أو امرأة أو نسوة ثقات .. وضعت عنده، وإلا .. فعند محرم لها أو امرأة ثقة أو عدل بالصفة المذكورة، والخنثى كالجارية لكن لا يوضع عند امرأة.
قال: (ولا تزال إلا للانتفاع كما سبق)؛ جمعًا بين الحقين.
قال: (ولو شرطا وضعه عند عدل .. جاز)؛ لأن كلًا منهما قد لا يثق بالآخر ويثق بثالث، وكما يتولى العدل الحفظ يتولى القبض أيضًا.
وعبارة (الشرحين)، و (الروضة): في يد ثالث، وهو الصواب؛ فإن الفاسق كالعدل في ذلك، ولا يجوز له أن يسلمه لأحدهما إلا بإذن الآخر، ولا إلى ثالث بغير إذنهما، فإن فعل .. ضمن، ولو كانا غائبين وأراد السفر ولا وكيل لهما .. فحكم تسليمه إلى حاكم حكم الوديعة.
قال: (أو عند اثنين ونصا على اجتماعهما على حفظه أو الانفراد به .. فذاك) أي: فيتبع الشرط.
قال: (وإن أطلقا .. فليس لأحدهما الانفراد في الأصح)؛ لعدم الرضا بيد واحد.
والثاني: يجوز؛ لما في الاجتماع على الحفظ من المشقة.
قال: (ولو مات العدل أو فسق .. جعلاه حيث يتفقان، وإن تشاحا .. وضعه الحاكم عند عدل)؛ قطعًا للمنازعة.
وكذا إن كان فاسقًا فزاد فسقه، أو كان غير فاسق ولكن تبين عجزه؛ لأن الحق لهما لا يعدوهما.
وكذا لو اتفقا على إبقائه عنده وقد طرأ فسقه، أو اتفقا على نقله عنه من غير تغير حال .. جاز.
وَيَسْتَحِقُّ بَيْعَ الْمَرْهُونِ عِنْدَ الْحَاجَةِ،
ــ
وصورة التشاح قد تستشكل؛ لأنه إن كان قبل القبض .. فالتسليم غير واجب وإجبار الحاكم إنما يكون في واجب، وإن كان بعده .. فلا يجوز نزعه ممن هو في يده.
والجواب: أنها مصورة بما إذا وضعاه عنده ففسق أو مات، كما هو ظاهر كلام المصنف.
فرع:
لو مات المرتهن أو تغير حاله والرهن عنده .. كان للراهن نقله إلى آخر، وليس عليه الرضا بيد وارثه وإن ساوى مورثه في العدالة، فيضعه الحاكم عند عدل.
وقيل: لا تزال يدهم، بل يضم إليهم غيرهم إن طلبه الراهن.
قال: (ويستحق بيع المرهون عند الحاجة)؛ لأن ذلك فائدة الرهن.
واستنبط ابن الرفعة من استحقاق البيع: أنه لا يجب على الراهن الوفاء من غير الرهن كما صرح به الإمام، واستشكله الشيخ عز الدين في (مختصره)؛ لما فيه من تأخير الحق الواجب على الفور بسبب الرهن، ورده الشيخ عليه، وأختار: أنه يجب الوفاء إما من الرهن، وإما من غيره إذا كان أسرع وطالب المرتهن به .. فإنه يجب؛ تعجيلًا للوفاء، وكذلك يستحق بيع المرهون عند الإشراف على التلف قبل الحلول.
ووقع في (الفتاوى): أن رجلًا رهن دارًا بدين عليه، ثم غاب وله دار أخرى غير مرهونة، فادعى المرتهن على الغائب عند الحاكم وأثبت الدين والرهن، وكانت كل من الدارين يمكن وفاء الدين من ثمنها، فترك القاضي الدار المرهونة وباع التي ليست بمرهونة؟.
فاختبط الفقهاء في ذلك:
وَيُقَدَّمُ الْمُرْتَهِنُ بِثَمَنِهِ، وَيَبِيعُهُ الرَّاهِنُ أَوْ وَكِيلُهُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ، فَإِنْ لَمْ يَاذَنْ .. قَالَ لَهُ الْحَاكِمُ: تَاذَنُ أَوْ تُبْرِئُ. وَلَوْ طَلَبَ الْمُرْتَهِنُ بَيْعَهُ فَأَبَى الرَّاهِنُ .. أَلْزَمَهُ الْقَاضِي قَضَاءَ الدَّيْنِ أَوْ بَيْعَهُ، فَإِنْ أَصَرَّ .. بَاعَهُ الْحَاكِمُ ....
ــ
فمن قائل بالجواز؛ لأن الواجب الوفاء من مال المديون ولا فرق في ذلك بين المرهون وغيره، كما لو لم يكن بالدين رهن.
ومن قائل بعدم الجواز؛ لأن بيع الرهن مستحق وبيع غيره غير مستحق ولا وجه لبيع غير المستحق مع إمكان بيع المستحق.
وأفتى الشيخ بأن للحاكم بيع ما يرى بيعه من المرهون وغيره؛ لأن له ولاية على الغائب فيفعل ما يراه مصلحة.
وإن كان للغائب نقد حاضر من جنس الدين وطلب المرتهن .. فإنه يوفى منه ويأخذ الرهن، وكذلك إذا كان بيع الرهن أروج .. فإنه يباع دون غيره إذا لم يكن نقد حاضر وطلبه المشتري.
قال: (ويقدم المرتهن بثمنه)؛ لأن حقه كان معلقًا به وبالذمة.
قال: (ويبيعه الراهن)؛ لأنه المالك.
قال: (أو وكيله)؛ لأنه قائم مقامه.
قال: (بإذن المرتهن)؛ لاشتراكهما في الحق، ووكيل المرتهن كالمرتهن.
قال: (فإن لم يأذن) وأراد الراهن بيعه (.. قال له الحاكم: تأذن أو تبرئ)؛ دفعًا لضرر الراهن.
قال: (ولو طلب المرتهن بيعه فأبى الراهن .. ألزمه القاضي قضاء الدين أو بيعه) وذلك بالحبس ثم بالتعزير.
وقال أبو حنيفة: لا يبيعه بل يحبسه إلى أن يبيع.
قال: (فإن أصر .. باعه الحاكم)؛ دفعًا للضرر، فإن كان الراهن غائبًا .. أثبت
وَلَوْ بَاعَهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ .. فَالأَصَحُّ: أَنَّهُ إِنْ بَاعَ بِحَضْرَتِهِ .. صَحَّ، وَإِلَّا .. فَلَا
ــ
ذلك عند الحاكم ليبيعه، فإن لم تكن بينة أو لم يكن حاكم .. فله بيعه بنفسه كمن ظفر بمال من له عليه دين وهو جاحد.
حادثة:
رجل رهن عينًا بدين مؤجل وغاب من له الدين، فأحضر الراهن المبلغ إلى الحاكم وطلب منه قبضه ليفك الرهن .. هل له ذلك؟
أجاب الشيخ بأن له ذلك ويجب عليه؛ لما روى الشافعي [أم 3/ 137] عن أنس رضي الله عنه: أنه كاتب غلامًا، فأتى الغلام بالنجوم وأراد إقباضها ليعجل له العتق، فامتنع أنس رضي الله عنه، فأتى المكاتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه وذكر له ذلك، فأمره عمر رضي الله عنه بأخذها منه. وسيأتي نظير هذا في (باب الكتابة) عن أبي سعيد المقبري.
قال: (ولو باعه المرتهن بإذن الراهن .. فالأصح: أنه إن باع بحضرته .. صح، وإلا .. فلا)؛ لأنه يبيعه لغرض نفسه فيتهم في الاستعجال وعدم الاحتياط.
والثاني: يصح مطلقًا، وبه قال الأئمة الثلاثة، واختاره الشيخ، كما لو أذن له في بيع غيره من أمواله.
والثالث: لا يصح مطلقًا؛ لأنه توكيل فيما يتعلق بحق نفسه.
كل هذا إذا لم يقدر الثمن، فإن قدره، فمن علل بالاستحقاق .. فالمنع مستمر، ومن علل بالتهمة .. صح وهو الأصح، ولو كان الدين مؤجلًا .. انتفى الأمران فيصح في حضرته وغيبته.
وحيث صححنا إذنه، فإن قال: بعه لي .. صح، وإن قال: بعه لنفسك .. لم
وَلَوْ شُرِطَ أَنْ يَبِيعَهُ الْعَدْلُ .. جَازَ، وَلَا تُشْتَرَطُ مُرَاجَعَةُ الرَّاهِنِ فِي الأَصَحِّ. فَإِذَا بَاعَ .. فَالثَّمَنُ عِنْدَهُ مِنْ ضَمَانِ الرَّاهِنِ حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمُرْتَهِنُ. وَلَوْ تَلِفَ ثَمَنُهُ فِي يَدِ الْعَدْلِ ثُمَّ اسْتُحِقَّ الْمَرْهُونُ، فَإِنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي .....
ــ
يصح في الأصح، وإن أطلق .. فالأصح: الصحة.
وإذن السيد للمجني عليه في بيع العبد الجاني، وإذن الوارث للغرماء في بيع التركة كإذن الراهن للمرتهن.
قال: (ولو شرط أن يبيعه العدل .. جاز) أي: صح الشرط سواء كان الدين حالًا أو مؤجلًا.
فلو عزله الراهن .. انعزل، أو المرتهن .. فلا في الأصح؛ لأنه وكيل الراهن وإذن المرتهن شرط فيه.
قال: (ولا تشترط مراجعة الراهن في الأصح)؛ استصحابًا لحكم الإذن الأول.
والثاني: يشترط؛ لأنه قد يكون له غرض في استبقائه وقضاء الحق من غيره.
واحترز بـ (الراهن) عن المرتهن؛ فإنه لابد من مراجعته، لأنه ربما أمهل أو أبرأ، كذا جزم به العراقيون.
وقال الإمام: لا خلاف أن المرتهن لا يراجع؛ لأن غرضه توفية الحق، بخلاف الراهن؛ لما تقدم، وبيَّن في (المهمات) تبعًا للشيخ: أنه لا تنافي بين الطريقين.
قال: (فإذا باع .. فالثمن عنده من ضمان الراهن حتى يقبضه المرتهن)؛ لأنه ملكه.
وقال أبو حنيفة ومالك: هو من ضمان المرتهن، ولو ادعى العدل تلفه .. قُبل قوله كالمودع.
قال: (ولو تلف ثمنه في يد العدل ثم استحق المرهون، فإن شاء المشتري ..
رَجَعَ عَلَى الْعَدْلِ، وَإِنْ شَاءَ .. عَلَى الرَّاهِنِ، وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ. وَلَا يَبِيعُ الْعَدْلُ إِلَّا بِثَمَنِ مِثْلِهِ حَالًّا مِنْ نَقْدِ بَلَدِهِ ....
ــ
رجع على العدل)؛ لوضع يده (وإن شاء .. على الراهن، والقرار عليه)؛ لأنه ألجأ المشتري شرعًا إلى التسليم للعدل بحكم توكيله.
والمراد بـ (التلف في يد العدل): أن يكون ذلك بغير تفريط، فإن فرط .. اقتصر الضمان على العدل.
هذا إذا لم يكن العدل مأذونًا له من جهة الحاكم لموت الراهن أو غيبته، فإن كان .. فالأصح: أن المشتري يرجع على الراهن فقط إن كان حيًا، وإلا .. ففي تركته، ولا يكون العدل طريقًا في الضمان؛ لأنه نائب عن الحاكم، فإن كان البائع الحاكم .. لم يطالب به قطعًا ابتداء ولا قرارًا.
فرع:
انتهى الثمن إلى يد الراهن وتلف في يده وخرج المبيع مستحقًا .. طالب المشتري الراهن قطعًا، وأما الوكيل، فإن لم يمر الثمن بيده .. لا مطالبة عليه، وإن مر بيده .. فوجهان: أصحهما: يطالب والقرار على الراهن، وهذا الفرع كثيرًا ما يلتبس على الحكام، وسيأتي في (الوكالة).
قال: (ولا يبيع العدل إلى بثمن مثله حالًّا من نقد بلده) كالوكيل، هذا عند إطلاق الإذن، فلو باع بأقل من ثمن المثل بقدر يسير في العرف .. صح، وإلا .. فلا.
وعبارته توهم: أن الراهن والمرتهن ليسا كذلك، والمتجه: إلحاقهما به، فلو قال: ولا يباع .. لكان أعم، وقد يقال: إنهما إذا اتفقا على بيعه بشيء .. لا اعتراض عليهما؛ لأن الحق لهما لا يعدوهما.
فَإِنْ زَادَ رَاغِبٌ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْخِيَارِ .. فَلْيَفْسَخْ وَلْيَبِعْهُ
ــ
قال: (فإن زاد راغب قبل انقضاء الخيار .. فليفسخ وليبعه) سواء كان خيار مجلس أو شرط، وهو أحسن من قول (المحرر) و (الشرح): قبل التفرق.
والمراد: أنه لا ينفسخ بمجرد الزيادة وهو كذلك في الأصح، لكن لا يبادر إليه إلا بعد ظهور استقرار الزيادة، فإن ظهر له استقرارها فلم يفسخ .. انفسخ في الأصح.
ولو باع العدل من الراغب ولم يفسخ .. صح على الأصح، بل قد يقال: البيع بدون الفسخ أولى؛ لأنه قد يفسخ فيرجع الراغب، فلو قال له: تخير بين الفسخ وبين البيع بلا فسخ .. كان أولى.
وإذا قلنا بالأصح فلم يعلم الوكيل حتى انقضى الخيار والزيادة مستقرة .. قال الشيخ: فالأقرب: أنه يبين الفسخ، لكن لم أر من صرح به.
حادثة:
رجل عليه دين رهن به كرمًا، وحل الدين وهو غائب، وأثبت صاحب الدين الإقرار والرهن والقبض وغيبة الراهن، وثبت عند الحاكم: أن قيمته قدر الدين، فأذن في تعويضه للمرتهن عن دينه، ثم بعد مدة قامت بينة: أن قيمته يوم التعويض أكثر، وكان يوم التعويض يوم التقويم الأول.
أجاب الشيخ: يستمر التعويض ولا يبطل بقيام البينة الثانية مهما كان التقويم الأول محتملًا؛ لأنه بيع في دين واجب على صاحبه فلا يبطل بالبينة المعارضة، ولأن فعل هذا المأذون كفعل الحاكم، وقد اختلف فيه هل هو حكم أو لا؟ وعلى كل تقدير لا يجوز نقضه إلا بمستند، والبينة المعارضة لا تصح مستندًا.
وَمُؤْنَةُ الْمَرْهُونِ عَلَى الرَّاهِنِ، وَيُجْبَرُ عَلَيْهَا لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَلَا يُمْنَعُ الرَّاهِنُ مِنْ مَصْلَحَةِ الْمَرْهُونِ كَفَصْدٍ وَحِجَامَةٍ
ــ
قال: (ومؤنة المرهون على الراهن) بالإجماع، ولا يقدح في ذلك قول الحسن بن صالح: إنها على المرتهن.
وشملت عبارته: النفقة والكسوة والعلف والسقي وتجفيف الثمار وأجرة الإصطبل والبيت الذي يحفظ فيه المتاع.
قال: (ويجبر عليها لحق المرتهن على الصحيح)؛ استبقاءً للوثيقة.
والمراد: أنه يجبر عليها من ماله لا من الرهن.
والثاني: لا يجبر، لكن يبيع الحاكم عند امتناعه جزءًا من المرهون بحسب الحاجة، فلو كانت المؤنة تستغرقه قبل الأجل .. بيع ورهن ثمنه.
وقوله: (لحق المرتهن) أشار بذلك إلى أن له المطالبة بها، وكان الأحسن حذف (الواو) أو حذفها وما عطفته؛ لأنه حشو، وجزم الأكثرون بأن الراهن لا يجبر على المداواة، وأجرى المتلوي فيها الوجهين.
والظاهر: أنه لا فرق بين المداواة عن جراحة أو مرض.
قال: (ولا يمنع الراهن من مصلحة المرهون كفصد وحجامة) أي: عند الحاجة إليهما؛ لأنه يحفظ به ملكه، وكذلك له المعالجة بالأدوية المظنونة النفع.
وفي معنى (الفصد) توديج الدابة، وهو: فتح الودجين، وهما: عرقان عريضان في صفحتي العنق.
وكذلك تبزيغها، وهو: فتح الرهصة، وهو: الماء في الحافر.
وكذلك له المعالجة بالمراهم ونحوها.
وله أن يفعل ما فيه مصلحة كدهن الماشية الجرباء.
وَهُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، وَلَا يَسْقُطُ بِتَلَفِهِ شَيْءٌ مِنْ دَيْنِهِ
ــ
وله رعيها في وقت الأمن وتأوي ليلًا إلى من له عليه اليد.
وله تأبير النخل.
وما يحصل من السعف والليف الذي يقلع كل سنة والعراجين للراهن كالثمرة، وما كان موجودًا عند الرهن مرهون.
قال: (وهو أمانة في يد المرتهن)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (الرهن من راهنه، له غنمه وعليه غرمه).
وفي رواية: (لا يغلق الرهن على راهنه، له غنمه وعليه غرمه) رواه الدارقطني [3/ 32] وابن حبان [5934] والحاكم [2/ 51]، وقال: على شرط الشيخين.
ومعنى قوله: (من راهنه) أي: من ضمان راهنه.
قال الشافعي رضي الله عنه: هذا من أفصح ما قالت العرب: الشيء من فلان، أي: من ضمانه.
وقوله: (لا يغلق) معناه: لا يستحقه المرتهن إذا لم يستفكه صاحبه، وكان هذا من فعل الجاهلية فأبطله الإسلام.
وممن قال بأن الرهن أمانة من الصحابة: أبو هريرة رضي الله عنه، ومن التابعين: سعيد بن المسيب، ومن أتباعهم: ابن أبي ذئب وأحمد وأبو ثور.
وقال أبو حنيفة: إنه مضمون بأقل الأمرين من قيمته أو الحق المرهون به.
وقال مالك: إن كان تلفه ظاهرًا .. فغير مضمون، وإن كان باطنًا .. ضمن بقيمته.
قال: (ولا يسقط بتلفه شيء من دينه)؛ لأنه وثيقة في دين ليس بعوض فيه فلا يسقط الدين بتلفه كالضامن والشاهد.
قال الشيخ: وقول المصنف: (ولا يسقط) بـ (الواو) أحسن من حذفها في (المحرر) و (الشرحين) و (الروضة)؛ لأنها تدل على ثبوت حكم الأمانة مطلقًا حتى يصدق في التلف، ولا يلزمه ضمانه لا بقيمة ولا بمثل خلافًا لمن خالف فيه،
وَحُكْمُ فَاسِدِ الْعُقُودِ حُكْمُ صَحِيحِهَا فِي الضَّمَانِ
ــ
لكنه لو عطف بـ (الفاء) كصاحب (التنبيه) .. كان أحسن؛ فإنه يفيد ثبوت الأمانة مطلقًا، ويسبب عدم السقوط عنها.
فروع:
ليس للراهن أن يقول: أحضر المرهون وأنا أقضي دينك من مالي، بل لا يلزمه الإحضار بعد قضائه، وإنما عليه التمكين كالمودع، والإحضار وما يحتاج إليه من مؤنة على رب المال.
ولو قال: خذ هذا الكيس واستوف حقك منه .. فهو أمانة في يده إلى أن يستوفي، فإذا استوفاه .. صار مضمونًا عليه.
ولو قال: خذه بدراهمك وكانت الدراهم التي فيه مجهولة القدر أو كانت أكثر من دراهمه .. لم يملكه ودخل في ضمانه بحكم الشراء الفاسد، وإن كانت معلومة بقدر حقه .. ملكها إذا لم تكن للكيس قيمة، فإن كانت .. فهو من مسألة مد عجوة.
قال: (وحكم فاسد العقود حكم صحيحها في الضمان) أي: في أصل الضمان لا في مقداره، فالذي يقتضي صحيحُه الضمان بعد التسليم كالبيع والقرض والعمل في القراض والإجارة يقتضيه فاسده أيضًا، وما لا يقتضيه كالرهن والعين المستأجرة والهبة لا يقتضيه فاسده.
أما الأول .. فلأن الصحيح إذا وجب الضمان فالفاسد أولى، وأما الثاني .. فلأن إثبات اليد عليه بإذن المالك ولم يلتزم بالعقد ضمانه، وهذه القاعدة ذكرت هنا؛ لأنه يترتب عليها فروع كرهن المغصوب وما سيأتي.
ويستثنى من طردها: إذا قال: قارضتك على أن الربح كله لي، أو ساقيتك على أن الثمرة كلها لي .. فلا أجرة لهما كما سيأتي في موضعه.
وإذا عقد الجزية غير الإمام .. فإنها لا تصح على الصحيح، ولا جزية فيها على الذمي على الأصح.
وإذا استأجر الأب الأم لإرضاع الولد وقلنا بالفساد .. لا أجرة على الأصح.
وَلَوْ شَرَطَ كَوْنَ الْمَرْهُونِ مَبِيعًا لَهُ عِنْدَ الْحُلُولِ .. فَسَدَا. وَهُوَ قَبْلَ الْمَحِلِّ أَمَانَةٌ،
ــ
وإذا قال الإمام لمسلم: إن دللتني على القلعة الفلانية فلك منها جارية ولم يعينها .. فالأصح: صحة العقد كما لو جرى مع كافر.
فإن قلنا: لا تصح هذه العجالة فدل .. لا يستحق أجرة، ومن عكسها: عمل الشريك في نصيب صاحبه غير مضمون إذا كانت الشركة صحيحة، ومضمون إذا كانت فاسدة، وهذه ذكرها المصنف في بابها.
وكذلك الهبة إذا صحت .. تكون العين غير مضمونة، وكذا إذا فسدت على الأصح، كما صححه المصنف في زياداته في آخر (باب الهبة)، واعترض به على الرافعي في (باب محرمات الإحرام)، لكه جزم في (الشرح الصغير) بمقابله.
وما لا يقتضي صحيحه الضمان إذا صدر من سفيه أو صبي .. يكون مضمونًا أيضًا على قابضه منه مع فساده.
قال البغوي في (الفتاوى): إذا استأجر الولي رجلًا لأمر من أمور الصبي إجارة فاسدة ككثير من الإجارات الواقعة في هذا الزمان .. فأجرة المثل على الولي؛ لأن العقد لم ينعقد في حق الصبي.
قال: (ولو شرط كون المرهون مبيعًا له عند الحلول .. فسدا) أي: الرهن والبيع، أما الرهن .. فلتأقيته بالحلول، والبيع .. لتعليقه.
وخرج بقوله: (ولو شرط) ما إذا قال: رهنتك وإذا لم أقضك عند الحلول فهو مبيع منك .. فسد البيع.
قال الشيخ: ويظهر أن الرهن لا يفسد؛ لأنه لم يشترط فيه شيئًا، وكلام الروياني يقتضيه، ولم يتعرض الرافعي لها.
قال: (وهو قبل المحل أمانة)؛ لأنه مقبوض بحكم الرهن الفاسد، وهذا من ثمرة القاعدة المتقدمة.
وَيُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ فِي دَعْوَى التَّلَفِ بِيَمِينِهِ، وَلَا يُصَدَّقُ فِي الرَّدِّ عِنْدَ الأَكْثَرِينَ. وَلَوْ وَطِئَ الْمُرْتَهِنُ الْمَرْهُونَةَ بِلَا شُبْهَةٍ .. فَزَانٍ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: جَهِلْتُ تَحْرِيمَهُ إِلَّا أَنْ يَقْرُبَ إِسْلَامُهُ، أَوْ يَنْشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنِ الْعُلَمَاءِ
ــ
وأما بعد المحل .. فهو مضمون؛ لأنه مقبوض بحكم الشراء الفاسد.
وفي وجه: إنما يضمنه إذا أمسكه بعد المحل على جهة البيع، أما إذا أمسكه على جهة الدين .. فلا.
قال: (ويصدق المرتهن في دعوى التلف بيمينه)؛ لأنه أمين، ولا يلزمه شيء، وما أوهمه كلام (الوسيط) من خلاف في تصديقه لا يغتر به؛ إذ لا خلاف فيه.
هذا إذ لم يذكر سببًا، أو ذكر سببًا خفيًا، فإن ذكر ظاهرًا .. ففيه التفصيل المذكور في (الوديعة).
قال: (ولا يصدَّق في الرد عند الأكثرين)؛ لأنه قبضه لغرض نفسه فكان كالمستعير، وأيضًا إقامة البينة على الرد ممكنة، وكذا الحكم في دعوى المستأجر ردَّ العين، وقيل: يصدَّق كالمودع.
ولو ادعى وارث المرتهن الرد .. لم يقبل قطعًا، ولو ادعى المرتهن الرد على رسول الراهن .. لم يصدَّق في الأصح.
قال: (ولو وطئ المرتهن المرهونة بلا شبهة .. فزانٍ) يجب عليه الحد إجماعًا، فإن كانت شبهة كأن ظنها زوجته أو أمته .. فلا حد، وعليه المهر، والولد حر نسيب، وعليه قيمته للراهن، وأسقط أبو حنيفة الحد؛ لشبهة كونها مرهونة، ولم يقل أحد من المسلمين بحل الوطء.
واعترض الشيخ على المصنف في قوله: (فزانٍ)؛ لأنه (لو) لا تجاب بـ (الفاء)، وكان الصواب أن يقول: كان زانيًا.
قال: ويقع في كلام الفقهاء هذا، كأنهم أجروها مجرى (إن).
قال: (ولا يقبل قوله: جهلت تحريمه، إلا أن يقرب إسلامه، أو ينشأ ببادية بعيدة عن العلماء)؛ لأنه يخفى عليه ذلك.
وَلَوْ وَطِئَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ .. قُبِلَ دَعْوَاهُ جَهْلَ التَّحْرِيمِ فِي الأَصَحِّ فَلَا حَدَّ، وَيَجِبُ الْمَهْرُ إِنْ أَكْرَهَهَا، وَالْوَلَدُ حُرٌ نَسِيبٌ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِلرَّاهِنِ
ــ
قال: (ولو وطئ بإذن الراهن .. قبل دعواه جهلَ التحريم في الأصح فلا حد)؛ لأن التحريم مع الإذن قد يخفى على كثير من الناس.
والثاني: لا تقبل دعواه؛ لبعدها، ويحدُّ.
وذكر الإمام في (النهاية) عن عطاء: أنه كان يجيز إعارة الجواري للوطء، وكان يبعث بالجواري إلى ضيفانه، وهذا تبعد صحته عنه، وبتقدير صحته ليس بشبهة؛ لضعفه، والحدُّ لا يُدرأ بالمذاهب إنما يدرأ بما يتمسَّك به أهل المذاهب من الأدلة، وليس لعطاء في هذا متمسك.
قال: (ويجب المهر إن أكرهها)؛ لأن وجوبه حيث لا يجب الحد حق للشرع فلا يؤثر فيه الإذن كالمفوضة.
وفي قول: لا يجب، للإذن، وهذا حكاه في (المحرر) وجهًا، وأسقطه المصنف.
وأفهم كلامه: أنها إذا طاوعته .. لم يجب المهر، وهو كذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم:(لا مهر لبغي).
قال: (والولد حر نسيب) كسائر الشبهات.
قال: (وعليه قيمته للراهن)؛ لأن المالك رضي بإتلاف المنفعة لا بالإحبال، ولا تصير الأمة أم ولد في الحال، وكذا لو ملكها بعد ذلك.
ويلغز بهذه فيقال: رجل وطئ أمة لغيره لم نوجب عليها مهرها ويجب عليه قيمة أولادها؟
وَلَوْ أَتْلَفَ الْمَرْهُونَ وَقَبَضَ بَدَلَهُ .. صَارَ رَهْنًا، وَالْخَصْمُ فِي الْبَدَلِ الرَّاهِنُ، فَإِنْ لَمْ يُخَاصِمْ .. لَمْ يُخَاصِمِ الْمُرْتَهِنُ فِي الأَصَحِّ
ــ
قال: (ولو أتلف المرهون وقبض بدله .. صار رهنًا)؛ لقيامه مقامه، ويجعل في يد من كان الأصل في يده، وكذلك لو جني عليه فأخذ أرش الجناية .. تعلق به حق المرتهن؛ لأن الأرش بدل عن الفائت فقام مقامه، وكذلك لو ظهر المرهون وقفًا وأخذت قيمته من البائع، وسيأتي في (كتاب الوقف) ذكر المسألة ونظائرها إن شاء الله تعالى.
وقوله: (وقبض) يقتضي: أنه لا يكون رهنًا قبل قبضه، والأصح: خلافه.
وظاهر عبارته: أنه يصير رهنًا بغير إنشاء صيغة رهن، وهو كذلك في (الروضة) هنا.
وحكى الرافعي في نظيره من الوقف وجهين، وقال: إنهما جاريان في بدل المرهون، وصحح المصنف: أنه لابد من إنشاء وقف فيه، وقد يتوهم من هذا: أنه لابد من إنشاء الرهن هنا على الأصح، واستبعده الشيخ، وفرق بأن هنا جميع أحكام الرهن ثابتة له فلا فائدة في إنشاء الرهن، وهناك قبل الوقف لم يصر وقفًا وإنما استحق أن يوقف، وقد يرى الناظر المصلحة في رده، ووقف غيره بخلاف هذا.
قال: (والخصم في البدل الراهن)؛ لأنه المالك، وإذا خاصم .. فللمرتهن أن يحضر خصومته؛ لتعلق حقه بما يأخذه.
وإن نكل الراهن .. فهل يحلف المرتهن؟ فيه قولان، كغرماء المفلس.
وقال أبو حنيفة: الخصم في البدل المرتهن؛ لتعلق حقه به.
قال: (فإن لم يخاصم .. لم يخاصم المرتهن في الأصح)؛ لأنه غير مالك.
والثاني: يخاصم؛ لتعلق حقه بما في ذمته، وبهذا جزم القاضي، ونسبه الإمام إلى المحققين، وجزم هو والغزالي به، فلذلك اختاره الشيخ.
فَلَوْ وَجَبَ قِصَاَصٌ .. اقْتَصَّ الرَّاهِنُ وَفَاتَ الرَّهْنُ. فَإِنْ وَجَبَ الْمَالُ بِعَفْوِهِ أَوْ بِجِنَايَةِ خَطَأٍ .. لَمْ يَصِحَّ عَفْوُهُ عَنْهُ وَلَا إِبْرَاءُ الْمُرْتَهِنِ الْجَانِيَ
ــ
الخلاف في (الشرح) و (الروضة) وغيرهما قولان، فكان الصواب: التعبير بالأظهر.
قال: (فلو وجب قصاص .. اقتص الراهن)؛ لأنه ولي الدم.
قال: (وفات الرهن)؛ لفوات العين وبدلها، ولا يجب على السيد أن يعفو على مال، بل له أن يقتص من العبد الذي قتله.
هذا إذا كانت الجناية على النفس، فإن كانت على الطرف فاقتص .. بقى الرهن بحاله.
قال: (فإن وجب المال بعفوه أو بجناية خطأ .. لم يصح عفوه عنه)؛ لأنه يبطل به حق المرتهن، وفي قوله: ينفذ إذا انفك الرهن.
وقوله: (بجناية خطأ) زيادة مضرة؛ فإنه لو وجب المال بجناية العمد ابتداء؛ لكون الجاني حرًا أو والدًا أو غير ذلك مما يمنع القصاص .. كان كذلك.
قال: (ولا إبراء المرتهن الجاني)؛ لأنه غير مالك، ولا يبطل بهذا الإبراء حقه من الوثيقة على الأصح.
فروع:
لو صالح الراهن عن الأرش على جنس آخر .. لم يصح إلا بإذن المرتهن، فإن أذن .. صح وكان المأخوذ رهنًا، وللرافعي فيه إشكال، ولغيره جواب عنه، وإذا لم تنقص القيمة بالجناية كما إذا قطع ذكر العبد .. فالأرش للراهن لا حق للمرتهن فيه، قاله الماوردي وغيره.
ولو أقر إنسان: أنه جنى على المرهون، فصدقه المرتهن، وكذبه الراهن .. أخذ منه الأرش وكان رهنًا، فإذا برئ من الدين بغيره .. فالأصح: أن الأرش يرد إلى
وَلَا يَسْرِي الرَّهْنُ إِلَى زِيَادَةٍ مُنْفَصِلَةٍ كَثَمَرٍ وَوَلَدٍ، وَلَوْ رَهَنَ حَامِلًا وَحَلَّ الأَجَلُ وَهِيَ حَامِلٌ .. بِيعَتْ، وَإِنْ وَلَدَتْهُ .. بِيعَ مَعَهَا فِي الأَظْهَرِ، وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا عِنْدَ الْبَيْعِ دُونَ الرَّهْنِ .. فَالْوَلَدُ لَيْسَ بِرَهْنٍ فِي الأَظْهَرِ.
ــ
المقر، وقيل: يجعل في بيت المال.
وإذا أخذت قيمة المرهون للحيلولة .. فمقتضى ما ذكره القاضي في (الفتاوى): أنه لا يتعلق بها حق المرتهن.
قال: (ولا يسري الرهن إلى زيادة منفصلة كثمر وولد) أي: حدث الحمل بهما بعد الرهن وانفصلا قبل البيع؛ لأنه عقد لا يزيل الملك فلم يسر إلى النماء كالإجارة، وبالقياس على ولد الجناية؛ فإن الأرش لا يتعلق به بالاتفافق بيننا وبين أبي حنيفة، وقد خالف هنا، وخالف مالك في الولد في الموضعين ووافق على الثمر، وكلهم اتفقوا في الكسب على أنه ليس برهن، أما المتصلة .. فتتبع الأصل.
قال: (ولو رهن حاملًا وحل الأجل وهي حامل .. بيعت)؛ لأنا إن قلنا: الحمل يعلم .. فكأنه رهنهما، وإلا .. فقد رهنها والحمل محض صفة.
قال: (وإن ولدته .. بيع معها في الأظهر)؛ بناء على أن الحمل يعلم ومقابله مبني على مقابله.
قال: (وإن كانت حاملًا عن البيع دون الرهن .. فالولد ليس برهن في الأظهر)؛ بناء على أنه يعلم.
والثاني: أنه كزيادة متصلة فلا يمنع من بيعها.
وعبارة المصنف تقتضي: أنه على هذا القول يوصف بأنه مرهون، وليس كذ لك؛ لأنه إذا لم يعلم .. فلا حكم له، وإنما أراد التبعية في البيع.
وإذا قلنا بالأظهر .. تعذر بيعها حتى تضع؛ لأن استثناء الحمل لا يمكن، وبيعها حاملًا يقتضي التوزيع، والحمل لا تعرف قيمته.