المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَلَوْ بَاعَ حَامِلًا مُطْلَقًا .. دَخَلَ الْحَمْلُ فِي الْبَيْعِ.   ‌ ‌فَصْلٌ: وَمِنَ الْمَنْهِيِّ - النجم الوهاج في شرح المنهاج - جـ ٤

[الدميري]

الفصل: وَلَوْ بَاعَ حَامِلًا مُطْلَقًا .. دَخَلَ الْحَمْلُ فِي الْبَيْعِ.   ‌ ‌فَصْلٌ: وَمِنَ الْمَنْهِيِّ

وَلَوْ بَاعَ حَامِلًا مُطْلَقًا .. دَخَلَ الْحَمْلُ فِي الْبَيْعِ.

‌فَصْلٌ:

وَمِنَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ مَا لَا يُبْطَلُ؛

ــ

وكل صاحب الحمل صاحب الأم فباعهما دفعة .. لم يصح.

قال: (ولو باع حاملًا مطلقًا .. دخل الحمل في البيع)؛ تبعًا لها، وفي كلام الشافعي رضي الله عنه: أن هذا مجمع عليه.

ومحل الجزم بدخوله؛ إذا كان مملوكًا لمالك الأم، فإن لم يكن كذلك .. بطل البيع.

كل هذا إذا بيعت باختيار المالك، فلو وهبها، أو رجعت بفسخ، أو بيعت في حق المرتهن بغير اختياره .. ففي دخوله قولان: الجديد في الهبة: عدم الدخول.

تتمة:

كلام المصنف على إطلاقه، ونقل الإمام في أواخر (النهاية) عن النص: أنه لو باعها وقد وضعت أحد توأمين عنده ثم وضعت الآخر عند المشتري .. أنه يكون للبائع؛ لأنه حمل واحد.

قال الإمام: والقياس: أنه للمشتري؛ لانفصاله في ملكه، وبهذا جزم الرافعي والمصنف في (باب الكتابة).

وقال المتولي في (باب بيع الأصول والثمار): إنه ظاهر المذهب، فمن استثنى هذه الصورة من إطلاق الكتاب .. فقد وهم.

قال: (فصل:

ومن المنهي عنه ما لا يُبطَل) أشار إلى أن البيع المنهي عنه منه ما يكون النهي مبطلًا له وهو ما سبق، ومنه ما لا يبطله، وذلك حيث اقترن بالبيع شيء علمنا أن النهي يعود

ص: 90

لِرُجُوعِهِ إِلَى مَعْنَىً يَقْتَرِنُ بِهِ، كَبَيْعِ حَاضِرٍ لِبَادٍ؛ بِأَنْ يَقْدَمَ غَرِيبٌ بِمَتَاعٍ تَعُمُّ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ لِيَبِيعَهُ بِسِعْرِ يَوْمِهِ فَيَقُولُ بَلَدِيٌّ: اتْرُكْهُ عِنْدِي لِأَبِيعَهُ عَلَى التَّدْرِيجِ بِأَغْلَى

ــ

إليه، كالأمثلة التي ذكرها المصنف.

قال الشيخ: وقوله: (يُبطَل) ضبط بضم الياء، وعلى هذا تكون الطاء مفتوحة والضمير في رجوعه يعود إلى النهي، ولو قرئ بفتح الياء وضم الطاء .. صح، والضمير بحاله.

وأما ضم الياء وكسر الطاء .. فإنما يصح لو قال: ومن المناهي، لكنه أحسن؛ ليندرج فيه ما لا يوصف بالبطلان ولا بعدمه، كتلقي الركبان وشبهه مما هو مذكور في الفصل.

قال: (لرجوعه إلى معنىً يقترن به) هذا هو القسم الثاني من المناهي، وسبب عدم الإبطال فيه: كون النهي ليس للمبيع بخصوصه بل لأمر آخر، كالبيع حال النداء يوم الجمعة.

قال: (كبيع حاضر لباد)؛ ففي (الصحيحين)[خ2140 - م1522]: (لا يبع حاضر لباد)، زاد مسلم:(دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض). واتفقوا على تحريمه عند وجود الشروط الستة الآتية، والمعنى فيه: ما يتضمنه من التضييق على الناس.

و (البادي): الخارج إلى البادية والنازل فيها، قال تعالى:{يودوا لو أنهم بادون في الأعراب} أي: نازلون.

وروى البيهقي [10/ 101]: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من بدا .. جفا، ومن اتبع الصيد .. غفل، ومن اقترب من أبواب الملوك .. افتتن، وما ازداد رجل من سلطان قربًا .. إلا ازداد من الله بعدًا).

قال: (بأن يقدم غريب بمتاع تعم الحاجة إليه ليبيعه بسعر يومه فيقول بلدي: اتركه عندي لأبيعه على التدريج بأغلى) التعبير بالغريب جرى على الغالب، كالبادي في لفظ الحديث، وإنما المراد: إنسان كائنًا من كان، وكان الأحسن أن يقول: بأن يقدم شخص؛ لئلا يتوهم أن الغربة قيد.

ص: 91

وَتَلَقِّي الرُّكْبَانِ؛ بِأَنْ يَتَلقَّى طَائِفَةً يَحْمِلُونَ مَتَاعًا إِلَى الْبَلَدِ، فَيَشْتَرِيَهُ قَبْلَ قُدُومِهِمْ وَمَعْرِفَتِهِمْ بِالسِّعْرِ،

ــ

فأحد الشروط: حاجة الناس إليه، ولم يتعرض لعمومها إلا القاضي والبغوي والرافعي، وهو يحتاج إلى دليل، والذي ذكره غيرهم احتياج الناس إليه.

والشرط الثاني: قصد البيع بسعر يومه، فلو قصد صاحبه الإقامة ليبيعه فسأله القروي تفويض ذلك إليه .. فلا بأس.

والثالث: سؤال البلدي له، فلو ابتدأه البدوي .. لم يحرم، ولو استرشده .. فهل يرشده إلى الادخار؟ فيه وجهان:

قال أبو إسحاق وغيره: يجب الإرشاد إليه نصحًا.

وقال ابن الوكيل: لا يرشده إليه توسعًا على الناس.

والرابع: أن يتربص بها، فلو سأله بيعها بسعر يومها .. لم يحرم، قاله الروياني، وهذه الشروط في كلام المصنف.

والخامس: أن تظهر ببيع ذلك المتاع سعة في البلد، فإن لم تظهر لقلته أو لكبر البلد أو لعموم وجوده ورخص السعر .. فوجهان: أوفقهما للحديث: التحريم.

والسادس: أن يكون عالمًا بالنهي، وكذا سائر المناهي كما سيأتي في (النجش)، ثم الإثم على البلدي دون البدوي.

قال: (وتلقي الركبان؛ بأن يتلقى طائفة يحملون متاعًا إلى البلد، فيشتريه قبل قدومهم ومعرفتهم بالسعر) روى الشيخان [خ2150 - م1515/ 11] عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تلقوا الركبان للبيع).

وفي رواية للبخاري [2165]: (لا تلقوا السلع حتى يهبط بها الأسواق) ولا خلاف في تحريمه إذا علم النهي وقصد التلقي، فلو خرج لشغل فرآهم فاشترى منهم .. فوجهان: الأصح: يعصي؛ لشمول المعنى، وكذلك لو قصد التلقي لغرض آخر فاشترى.

ص: 92

وَلَهُمُ الْخِيَارُ إِذَا عَرَفُوا الْغَبْنَ. وَالسَّوْمِ عَلَى سَوْمِ غَيْرِهِ،

ــ

واحترز بقوله: (فيشتريه) عما إذا باعهم ما يريدون شراءه من البلد، والأصح: جواز ذلك.

ولو اشترى بعد قدومهم .. لم يحرم وإن جهلوا السعر؛ لتقصيرهم.

ولو اشترى منهم قبل قدومهم بأكثر من سعره .. حرم أيضًا سواء أخبرهم بالسعر كاذبًا أم لا، فلا حاجة حينئذ لقوله:(ومعرفتهم بالسعر).

و (الطائفة من الشيء): القطعة منه، ولفظها يذكر ويؤنث، ويطلق على الواحد، ولذلك لو تلقى واحدًا .. كان الحكم كذلك.

و (الركبان) –جمع راكب- والمراد هنا: القادمون من السفر وإن كانوا مشاة، ولو تلقى الجالبين إلى الحلة والبادية .. كان الحكم كذلك.

وقوله: (متاعًا) كذا عبر به الرافعي في كتبه، وعبر في (الروضة): بطعام، وليس بجيد؛ لأنه يوهم خلاف الصواب.

قال: (ولهم الخيار إذا عرفوا الغبن)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (فمن تلقاها فاشترى منهم .. فصاحبه بالخيار إذا أتى السوق).

فلو اشترى منهم بسعر البلد .. فلا خيار في الأصح.

ولو غبنهم ولكن لم يقدموا حتى رخص السعر وصار كما لو باعوه .. ففي ثبوت الخيار لهم وجهان: والأصح: أن الخيار على الفور، وقيل: يمتد ثلاثة أيام من حين العلم.

و (الغبن) بإسكان الباء: في البيع والشراء، وبفتحها: ضعف الرأي.

قال: (والسوم على سوم غيره)؛ لما في (الصحيحين)[خ2727 - م1408/ 38] عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يسوم الرجل على سوم أخيه) والمعنى فيه: أنه يؤدي إلى القطيعة والأذى، ولهذا شرط ابن خيران:

ص: 93

وَإِنَّمَا يَحْرُمُ ذَلِكَ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الثَّمَنِ. وَالْبَيْعِ عَلَى بَيْعِ غَيْرِهِ قَبْلَ لُزُومِهِ؛ بِأَنْ يَامُرَ الْمُشْتَرِيَ بِالْفَسْخِ لِيَبِيعَهُ مِثْلَهُ

ــ

أن يكون الأول مسلمًا، وحمل الجمهور الحديث على أنه خرج مخرج الغالب، وصور الأصحاب المسألة بصورتين:

إحداهما: أن يجئ رجل إلى آخر قد أنعم لغيره ببيع سلعة بثمن فيزيده ليبيع منه.

الثانية: أن يأتي إلى المشتري فيعرض عليه مثلها أو أجود منها بأنقص من ذلك الثمن.

قال: (وإنما يحرم ذلك بعد استقرار الثمن) فلو كان يطاف به على من يزيد .. فلا منع من الزيادة؛ لأنه في هذه الحالةلم يقصد رجلًا بعينه، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم باع قدحًا وحلسًا فيمن يزيد، رواه الأربعة من حديث أنس رضي الله عنه.

وشرط الاستقرار: أن يكون بصريح اللفظ فلا يكفي التعريض على الأصح، فلو قال: أشاور عليك .. قال ابن الرفعة: كان كالتعريض.

والسكوت لا إشعار له بالرضا فلا يكفي قطعًا، وإن كان في الخطبة .. فيه خلاف عن المراوزة.

والفرق: أن النكاح مما يستحيى من سرعة الإجابة إليه فأقيم السكوت فيه مقام التصريح على قول بخلاف البيع.

قال: (والبيع على بيع غيره)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يبع بعضكم على بيع بعض) متفق عليه.

والمعنى فيه ما تقدم من الأذى والقطيعة.

قال: (قبل لزومه) بأن يكون في حالة خيار المجلس أو الشرط؛ لأنه متمكن في هذه الحالة من الفسخ، أما بعد اللزوم .. فلا فائدة فيه.

قال: (بأن يأمر المشتري بالفسخ ليبيعه مثله)؛ لحصول الضرر بذلك، واشتراط

ص: 94

وَالشِّرَاءِ عَلَى الشِّرَاءِ؛ بِأَنْ يَامُرَ الْبَائِعَ بِالْفَسْخِ لِيَشْتَرِيَهُ. وَالنَّجَشِ؛

ــ

الأمر بالفسخ في هذه الصورة والتي بعدها ذكره الرافعي والمصنف، ولعله على سبيل المثال، فقد ذكر الماوردي: أنه يحرم طلب السلعة من المشتري بزيادة ربح والبائع حاضر؛ لأنه يؤدي إلى الفسخ أو الندم.

ونص الشافعي رضي الله عنه في (اختلاف الحديث) على قريب من ذلك، لكن يشترط للتحريم: أن لا يأذن البائع في البيع، فإن أذن .. ارتفع على الصحيح.

وشرط ابن كج أيضًا: أن لا يكون المشتري مغبونًا غبنًا مفرطًا، فإن كان .. فله أن يعرفه ويبيع على بيعه؛ لأنه ضرب من النصيحة، كذا نقله عن الرافعي وأقره.

وقال المصنف: إنه انفراد به وأن المختار عدم اشتراطه؛ لأن ظاهر الحديث يخالفه.

قال: (والشراء على الشراء؛ بأن يأمر البائع بالفسخ ليشتريه)؛ لأنه في معنى البيع على البيع، وفي (صحيح مسلم) [1414]:(لا يحل للمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه)، والبيع يطلق على الشراء، ولابد أيضًا من كونه قبل اللزوم.

قال: (والنجش)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تناجشوا) رواه الشيخان [خ2140 - م1413/ 52] عن ابن عمر رضي الله عنهما.

والناجش قد يكون البائع وقد يكون أجنبيًا يقصد ضرر المشتري أو نفع البائع.

قال الشافعي رضي الله عنه: فمن نجش .. فهو عاص إن كان عالمًا بنهي النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يشترط الشافعي رضي الله عنه العلم بالنهي الخاص إلا فيه وفي البيع على البيع.

والتحقيق: أن ما اشتهر تحريمه لا يحتاج فيه إلى معرفة النهي الخاص، والخفي لابد فيه من العلم بالنهي.

و (النجش) مشتق من نجش الشيء .. إذا أثاره، سمي الناجش بذلك؛ لأنه يثير الرغبات فيه.

ص: 95

بِأَنْ يَزِيدَ فِي الثَّمَنِ لَا لِرَغْبَةٍ بَلْ لِيَخْدَعَ غَيْرَهُ، وَالأَصَحُّ: أَنَّهُ لَا خِيَارَ. وَبَيْعِ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ لِعَاصِرِ الْخَمْرِ

ــ

قال: (بأن يزيد في الثمن لا لرغبة بل ليخدع غيره) سواء كان في النداء أم لا، سواء زاد عن ثمن المثل أم لا.

وقال صاحب (الأحوذي): إذا لم تبلغ السلعة قيمتها .. لا يكون نجشًا، وينبغي إذا كانت السلعة ليتيم ولم تبلغ قيمتها وهناك عارف لا غرض له في شرائها .. لا تحرم عليه الزيادة إلى أن تبلغ قيمتها.

قال: (والأصح: أنه لا خيار)؛ لأن المشتري فرط بترك التأمل وعدم مراجعة أهل الخبرة.

والثاني: له الخيار للتدليس كالتصرية، هذا إذا كان بمواطأة البائع، فإن لم يكن للبائع فيه صنع .. فلا خيار جزمًا؛ إذ لا خداع منه.

وقول البائع: أعطيت فيه كذا، وهو كاذب، فاشتراه منه المقول له على ذلك، ثم تبين كذبه .. على الوجهين.

ولو أخبره عارف: أن الفص عقيق أو فيروزج فاشتراه ثم بان أنه زجاج، فإن كان بمواطأة البائع .. فعلى الوجهين، وإلا .. فلا جزمًا.

قال: (وبيع الرطب والعنب لعاصر الخمر) هو بالكسر معطوف على قوله في أول الفصل: (كبيع حاضر لباد)، ودليل هذا النهي: ما روى ابن حبان في (ضعفائه)[1/ 236] عن بريدة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من حبس العنب زمن القطاف حتى يبيعه من يهودي أو نصراني أو ممن يعلم أنه يتخذه خمرًا فقد أقدم على النار على بصيرة).

وروى أبو داوود [3666] عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن بائع الخمرة ومبتاعها).

ص: 96

وَيَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الأُمِّ وَالْوَلَدِ

ــ

دل على: أن السبب في المعصية حرام، ولا خلاف عندنا في صحة البيع؛ لأن النهي لأمر خارج عن المعقود عليه.

ويشكل عليه: بيع السلاح للحربي.

وإن لم يتحقق .. لم يحرم، بل يكره، وإن ظنه ظنًا غالبًا .. حرم على الأصح.

والثاني: لا يحرم، وعليه الأكثرون، ونص عليه في (الأم)، وألحق في (الرونق) بذلك: بيع التمر والزبيب ممن يتخذها خمرًا، وبيع الحبوب ممن يتخذها مزرًا، وألحق بها الغزالي: بيع الغلمان ممن عرف بالفاحشة، وكذلك بيع الخشب ممن يتخذها آلة محرمة، وما في معنى ذلك.

قال: (ويحرم التفريق بين الأم والولد)؛ لما روى الترمذي [1283] والحاكم [2/ 55] عن أبي أيوب رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من فرق بين والدة وولدها .. فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة).

ولا فرق بين أن يفرق ببيع أو هبة أو قسمة، ولا بين أن يقرضه أو يجعله أجرة ونحو ذلك، وأفتى الغزالي بأنه يمتنع التفريق بالمسافرة أيضًا؛ لعموم الحديث، وطرده في التفريق بين الزوجة وولدها وإن كانت حرة، بخلاف المطلقة؛ لإمكان صحبة الزوجة.

ولو كان له ولد من أمته فأراد انتزاعه منها وإعطاءه لمرضعة غيرها .. فالأصح المنع، وعلله الرافعي قبيل (الجنايات) بتحريم التفريق، لكن يجوز التفريق بالعتق والوصية على الأصح فيهما.

وأما التفريق بالفسخ، فإن كان بالرد بالعيب أو بالرجوع في الفلس أو بالفراق قبل

ص: 97

حَتَّى يُمَيِّزَ، وَفِي قَوْلٍ: حَتَّى يَبْلُغَ،

ــ

الدخول .. لم يجز على الأصح، وإن كان برجوع المقرض أو الواهب أو صاحب اللقطة .. ففيه نظر.

وأم الأم عند عدم الأم كالأم، وقيده الماوردي بما إذا كان لها حق الحضانة، ولو بيع مع الجدة مع وجود الأم .. حرم على الصحيح، ولا خلاف أنه يباع مع الأم دون الجدة، ولا يتعدى الحكم إلى غير الأصول من الأقارب.

وإذا كانت الأم رقيقة والولد حرًا أو عكسه .. فلا منع من بيع المملوك قطعًا، ولو كانت الأم لواحد والولد لآخر .. جاز لكل منهما بيع ما في ملكه، والأب كالأم على الأظهر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:(ملعون من فرق بين والد وولده) رواه أبو داوود [2689].

فلو رضيت الأم بالتفريق .. فالأصح: الامتناع أيضًا.

قال: (حتى يميز) فيستغنى عن الحضانة؛ لأنه حينئذ يفهم الخطاب ويرد الجواب، سواء حصل قبل سبع سنين أو بعدها.

وحكم الولد المجنون في ذلك حكم غير المميز، فيمتنع التفريق فيه إلى أن يُفيق.

قال: (وفي قول: حتى يبلغ)؛ لما روى الحاكم [2/ 55] عن حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه –وقال: صحيح الإسناد- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يفرق بين الأم وولدها)، قيل: إلى متى؟ قال: (حتى يبلغ الغلام وتحيض الجارية)، ولأنه قبل البلوغ ناقص التمييز، ولهذا جاز التقاطه مالم يبلغ.

وأجاب الأولون عن الحديث بأن الدارقطني ضعفه.

وأما بعد البلوغ .. فلا يحرم جزمًا، خلافًا لأحمد، لكن عندنا يكره.

ص: 98

وَإِذَا فَرَّقَ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ .. بَطَلَا فِي الأَظْهَرِ. وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْعَرَبُونِ، بِأَنْ يَشْتَرِيَ وَيُعْطِيَهُ دَرَاهِمَ لِتَكُونَ مِنَ الثَّمَنِ إِنْ رَضِيَ السِّلْعَةَ، وَإِلَّا .. فَهِبَةً.

ــ

قال: (وإذا فرق ببيع أو هبة .. بطلا في الأظهر)؛ لعدم القدرة على التسليم شرعًا.

وروى أبو داوود [2689] والحاكم [2/ 55] والبيهقي [9/ 126] من حديث ميمون بن أبي شبيب عن علي رضي الله عنه: (أنه فرق بين جارية وولدها، فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ورد البيع).

والثاني –وهو القديم-: يصح؛ لأن التحريم للإضرار لا لخلل في العقد.

وقوله: (بطلا) بعد العطف بـ (أو) معترض كما تقدم غير مرة.

وإذا قلنا: بالصحة لا يقرهما على التفريق، بل إن رضي المتبايعان بضم أحدهما إلى الآخر .. استمر العقد، وإلا .. فسخ.

فرع:

يجوز التفريق بين البهيمة وولدها بعد استغنائه عن اللبن، لكن يكره لا لغرض صحيح، وفيه وجه: أنه لا يجوز، وهو مخصوص بالتفرقة بغير الذبح، أما به .. فيجوز قطعًا، قاله المصنف.

قال الشيخ: المراد: ذبح الولد، أما ذبح الأم مع بقاء الولد .. فيظهر أنه كغير الذبح.

قال: (ولا يصح بيع العربون؛ بأن يشتري ويعطيه دراهم لتكون من الثمن إن رضي السلعة، وإلا .. فهبة)؛ لما روى مالك [2/ 609] وأبو داوود [3496] عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع العربان)، ولأنه اشتمل على شرطين فاسدين: أحدهما: شرط الهبة. والثاني: شرط الرد على تقدير أن لا يرضى.

وصورة المسألة: أن يقع الشرط في صلب العقد، فإن اتفقا عليه قبل ذلك ولم يتلفظا به .. فالبيع صحيح.

ص: 99