المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فَصْلٌ: لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ بِظُهُورِ عَيْبٍ قَدِيمٍ كَخِصَاءِ رَقِيقٍ وَزِنَاهُ وَسَرِقَتِهِ وَإِبَاقِهِ ــ على - النجم الوهاج في شرح المنهاج - جـ ٤

[الدميري]

الفصل: ‌ ‌فَصْلٌ: لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ بِظُهُورِ عَيْبٍ قَدِيمٍ كَخِصَاءِ رَقِيقٍ وَزِنَاهُ وَسَرِقَتِهِ وَإِبَاقِهِ ــ على

‌فَصْلٌ:

لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ بِظُهُورِ عَيْبٍ قَدِيمٍ كَخِصَاءِ رَقِيقٍ وَزِنَاهُ وَسَرِقَتِهِ وَإِبَاقِهِ

ــ

على نفسه، وإن أراد إذن البائع للمشتري في ذلك .. فهي مسألة الصيدلاني المتقدمة التي قطع فيها بأنه لا يكون بمجرده إجازة.

قال: (فصل:

للمشتري الخيار بظهور عيب قديم) بالإجماع وبالقياس على المصراة.

وروى أحمد [6/ 80] وأبو داوود [3504] والترمذي [1285] وابن ماجه [2243] والحاكم [2/ 15] عن عائشة رضي الله عنها: (أن رجلًا ابتاع غلامًا فأقام عنده ما شاء الله ثم وجد به عيبًا فخاصمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فرده عليه).

والمراد بـ (القديم) ما كان قبل القبض ولو حدث بعد العقد، بدليل قوله بعد ذلك:(سواء قارن العقد أو حدث قبل القبض).

قال: (كخصاء رقيق)؛ لأن الفحل يصلح لما لا يصلح له الخصي.

و (الخصاء) بالمد: سل الأنثيين سواء أقطع الوعاء أم الذكر معهما أم لا.

ولو قال: كالخصاء .. كان أجود؛ لأن ذلك في البهائم أيضًا عيب، ولا نظر في ذلك إلى زيادة القيمة؛ لأن الخلقة التامة قد نقصت.

قال: (وزناه وسرقته وإباقه) ذكرًا كان أو أنثى، أقيم عليه الحد أم لا، ولا يشترط تكرر ذلك، بل لو فعل خصلة من الثلاث مرة واحدة .. كان عيبًا، وقيده الغزالي بالاعتياد، وسواء تاب الزاني وحسنت توبته أم لا، وسواء كان صغيرًا أم كبيرًا وإن كان لا حد على الصغير، لكنه يتعود.

وإذا وقعت المخاصمة حالة الإباق لا رد قطعًا ولا أرش على الأصح خلافًا لمالك.

والخيانة كالسرقة واللواط، وكونه يمكن من نفسه كالزنا.

ولو أبق في يد البائع مرة ثم أبق في يد المشتري أخرى .. فالأصح أن له الرد مميزًا كان أو غيره؛ لأن الإباق الثاني أثر الإباق الأول.

ص: 122

وَبَوْلِهِ فِي الْفِرَاشِ وَبَخَرِهِ وَصِنَانِهِ، وَجِمَاحِ الدَّابَّةِ وَعَضِّهَا،

ــ

قال: (وبوله في الفراش) ذكرًا كان أو أنثى إلا أن يكون صغيرًا لا يعد ذلك عيبًا فيه، فهذا له شرطان: الاعتياد في الأصح والكبر.

وقيد البغوي الصغير بما دون سبع سنين، والقاضي أبو الطيب وغيره بأن لا يكون مثله يحترز منه.

قال: (وبخره) أي: الناشئ من المعدة، بخلاف الحاصل من القلح؛ فإنه يزول بتنظيف الفم.

قال: (وصنانه) أي: المستحكم الذي يحتاج في دفعه إلى علاج زائد على المعتاد.

ومن عيوب الرقيق: كونه نمّامًا، أو ساحرًا، أو قاذفًا للمحصنات، أو مقامرًا، أو تاركًا للصلاة، أو شاربًا للمسكر، وكونه أعمى، أو أعور، أو أعرج، أو أصم، أو أخرس، أو مجذومًا، أو أبرص، أو أقرع، أو مجنونًا، أو أبله، أو يأكل الطين، أو أخفش، أو أعشى، أو أخشم، أو أفقم، أو له إصبع زائدة، أو سن شاغية، أو مقلوع بعض الأسنان، أو أبيض الشعر في غير أوانهما، أو به نفخة طحال، وجعل الروياني منها كونه أعسر.

وفصل ابن الصلاح فقال: إن كان (أضبط) وهو: الذي يعمل بيمينه ويساره معًا .. فلا رد؛ لأن ذلك زيادة في القوة، وإن كان يعمل بيساره بدلًا عن يمينه .. فهو عيب.

ومن العيوب: كون الأمة لا تحيض في سن الحيض المعتاد.

قال: (وجماح الدابة وعضها)؛ لأن ذلك يعده الناس عيبًا، وكذلك إذا كانت

ص: 123

وَكُلِّ مَا يَنْقُصُ الْعَيْنَ أَوِ الْقِيمَةَ نَقْصًا يَفُوتُ بِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ إِذَا غَلَبَ فِي جِنْسِ الْمَبِيعِ عَدَمُهُ،

ــ

(رموحًا) وهي: التي ترفس من دنا منها، أو خشنة المشي بحيث يخاف منها السقوط.

و (الجماح) بكسر الجيم: امتناع الدابة على راكبها.

وشرط المتولي والروياني فيها: أن لا تنقاد إلا باجتماع الناس عليها.

ومن عيوبها: كونها تشرب لبن نفسها، وقلة أكلها، وكونها ترهب كل شيء تراه، ونحو ذلك.

قال: (وكل ما ينقص العين أو القيمة نقصًا يفوت به غرض صحيح إذا غلب في جنس المبيع عدمه) هذا ضابط يُكتفى به عن تفصيل العيوب، فدخل في نقصان العين الخصاء وقد تقدم.

و (فوات الغرض) قيد في نقصان العين خاصة، واحترز به عما لو قطع قطعة يسيرة من ساقه أو فخذه واندملت بلا شين، وعن الختان إذا اندمل.

ولو اشترى عبدًا فختنه ثم وجد به عيبًا .. كان له الرد؛ لأن الختان زيادة فضيلة ليس بعيب.

وقوله: (ينقص) هو على وزن يخرج، هذا هو الفصيح، قال تعالى:{ثم لم ينقصوكم شيئا} ، ويجوز فيه التشديد على قلة.

والتقييد بـ (الغلبة) راجع إلى القيمة والعين، فأما في القيمة .. فاحترز به عن الثيابة في الأمة الكبيرة فلا رد بها؛ لأنه ليس الغالب فيهن عدمها، وأما في العين .. فاحترز به عن قلع الأسنان في الكبير؛ فلا رد به كما تقدم.

فروع:

من العيوب: كون المكان ثقيل الخراج، أو منزل الجند، أو بقربه قصارون يؤذون بصوت دقهم، وظهور مكتوب قديم يقتضي وقفيته ولم يثبت، وكذلك شيوع الوقفية بين الناس؛ لأنها تقتضي نقص القيمة.

ص: 124

سَوَاءٌ قَارَنَ الْعَقْدَ أَمْ حَدَثَ قَبْلَ الْقَبْضِ،

ــ

وشق أذن الشاة إن منع الإجزاء في الأضحية .. كان عيبًا، وإلا .. فلا، وينبغي أن يفرق بين ما يقصد بها الأضحية وغيرها.

والحمل: جزم الشيخان هنا بأنه عيب في الجارية دون سائر الحيوان، وجزمًا في آخر الباب بأنه ليس بعيب فيهما، وقالا في (الصداق): إنه عيب فيهما، وفصلا في (الزكاة)، وفي (كفارة الإحرام) بينهما.

وإذا اختلفا في صفة هل هي عيب .. فالقول قول البائع، فإن قال واحد من أهل الخبرة: إنه عيب .. رد به، قال البغوي والقاضي والفوراني واعتبر المتولي شهادة اثنين، وبه أجاب القفال، وهو القياس، وإذا ادعى البائع علم المشتري بالعيب .. فالقول قول المشتري.

قال: (سواء قارن العقد أم حدث قبل القبض) أما المقارن .. فبالإجماع كما تقدم، وأما الحادث قبل القبض .. فلأن المبيع في تلك الحالة من ضمان البائع فكذا جزؤه وصفته.

هذا إذا كان التعيب بآفة سماوية أو من البائع أو أجنبي، فإن كان من المشتري .. فلا على الأصح كما سيأتي.

فلو حدث قبل القبض بسبب متقدم رضي به المشتري كما لو اشترى بكرًا مزوجة عالمًا فأزال الزوج بكارتها قبل القبض .. قال الشيخ: لم أر فيها نقلًا، والأقرب: القطع بأنه لا يوجب الرد لرضاه به.

قاعدة:

العيب سبعة أقسام:

في البيع ما تقرر.

ص: 125

وَلَوْ حَدَثَ بَعْدَهُ .. فَلَا خِيَارَ إِلَّا أَنْ يَسْتَنِدَ إِلَى سَبَبٍ مُتَقَدِّمٍ، كَقَطْعِهِ بِجِنَايَةٍ سَابِقَةٍ فيَثْبُتُ الرَّدُّ فِي الأَصَحِّ،

ــ

وفي الكفارة ما أضر بالعمل إضرارًا بينًا.

وفي الأضحية والهدي والعقيقة ما نقص اللحم.

وفي النكاح ما نفر عن الوطء، وهو سبعة أشياء: الجنون، والجذام، والبرص، والجب، والعنة، والقرن، والرتق.

وفي الصداق إذا طلق قبل الدخول ما فات به غرض صحيح سواء كان الغالب في أمثاله عدمه أم لا.

وفي الإجارة ما يؤثر في المنفعة تأثيرًا يظهر به تفاوت في الأجرة.

وعيب الغرة كالمبيع.

وعيب الزكاة قيل: كالأضحية، والأصح: كالبيع والموهوب بعوض.

وينبغي أن يزاد قسم ثامن وهو المرهون، فالظاهر: أن عيبه ما نقص القيمة فقط.

قال: (ولو حدث بعده) أي: بعد القبض (.. فلا خيار)؛ لأنه بالقبض صار من ضمانه، وما رواه الحسن عن عقبة وسمرة رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عهدة الرقيق ثلاث ليال) وفي رواية: (أربع)، فجوابه: أن الحسن لم يسمع من عقبة رضي الله عنه شيئًا ولا من سمرة رضي الله عنه إلا حديث العقيقة، لا جرم قال أحمد: لم يثبت في العهدة حديث، فإن حدث بعض القبض وقبل انقضاء الخيار .. كان الحكم كذلك.

قال: (إلا أن يستند إلى سبب متقدم، كقطعة بجناية سابقة فيثبت الرد في الأصح) نظرًا إلى سببه الذي استند إليه.

والثاني –وهو رأي ابن أبي هريرة-: لا يثبت فيه؛ لأنه قد تسلط على التصرف فيه

ص: 126

بِخِلَافِ مَوْتِهِ بِمَرَضٍ سَابِقٍ فِي الأَصَحِّ. وَلَوْ قُتِلَ بِرِدَّةٍ سَابِقَةٍ .. ضَمِنَهُ الْبَائِعُ فِي الأَصَحِّ

ــ

بالقبض فيدخل المبيع في ضمانه أيضًا، فعلى هذا: يرجع بالأرش.

وصورة المسألة: أن يكون المشتري جاهلًا بالسبب، فإن كان عالمًا .. فلا رد ولا أرش؛ لدخوله في العقد على بصيرة.

وقوله المصنف: (متقدم) أي: على القبض، سواء كان متقدمًا على العقد أم لا.

وقوله: (بجناية) تدخل فيها السرقة وقطع يد الغير عدوانًا؛ فإن الحدود من أنواع الجنايات.

قال: (بخلاف موته بمرض سابق في الأصح)؛ لأن المرض يتزايد فلا تتحقق إضافته إلى السابق فيكون من ضمان المشتري، والخلاف في هذه المسألة طريقان:

أشهرهما: القطع بما ذكره وأنه من ضمان المشتري، فلو عبر بالمذهب .. كان أولى.

والطريقة الثانية: أنه على الوجهين الآتيين فيما إذا قتل بردة.

والخلاف في المرض المخوف، أما غيره .. فلا ينسب الموت إليه.

والجراحة السارية كالمرض فيها الطريقان، وكذا الحامل إذا ماتت من الطلق: وعلى الأصح: يتعين الأرش إن جَهِل السبب، فإن كان عالمًا به .. فلا شيء.

وعلى الثاني: ينفسخ البيع ويرجع بالثمن كله كما في القتل بردة سابقة.

قال: (ولو قتل بردة سابقة .. ضمنه البائع في الأصح)؛ لأن التلف حصل بسبب كان في يده فأشبه ما إذا باع عبدًا مغصوبًا فأخذه المستحق منه، فعلى هذا: يرجع المشتري عليه بجميع الثمن.

والثاني: يضمنه المشتري؛ لأن القبض سلطه على التصرف ولا يخفى أن الكلام بعد القبض، فإن كان قبله .. انفسخ البيع.

ومؤنة تجهيز هذا العبد تخرج على الخلاف:

ص: 127

وَلَوْ بَاعَ بِشَرْطِ بَرَاءَتِهِ مِنَ الْعُيُوبِ .. فَالأَظْهَرُ: أَنَّهُ يَبْرَأُ عَنْ عَيْبٍ بَاطِنٍ بِالْحَيَوَانِ لَمْ يَعْلَمْهُ دُونَ غَيْرِهِ،

ــ

فعلى الأول: هي على البائع.

وعلى الثاني: على المشتري.

هذا إذا لم يعلم بالردة، فإن علم بها .. فالأصح: لا يرجع بشيء ولا ينفسخ البيع.

كل هذا تفريع على صحة بيع المرتد وهو المذهب، والوجهان في هذه المسألة هما الوجهان المتقدمان في القطع بجناية أو سرقة، لكن الحكم بكونه من ضمان البائع موجب هناك للرد وهنا لانفساخ البيع، والرجوع بالثمن في الموضعين والحكم بكونه من ضمان المشتري موجب الرجوع بالأرش في الموضعين.

قال: (ولو باع بشرط براءته من العيوب .. فالأظهر: أنه يبرأ عن عيب باطن بالحيوان لم يعلمه دون غيره) استدل الشافعي رضي الله عنه لهذا الحكم بأمرين:

أحدهما: ما رواه مالك [2/ 613]: (أن ابن عمر رضي الله عنهما باع غلامًا له بثمان مئة درهم وباعه بالبراءة، فقال الذي ابتاعه لعبد الله بن عمر: بالعبد داء لم تسمه لي فاختصما إلى عثمان بن عفان فقال: الرجل باعني عبدًا وبه داء لم يسمه لي، فقال عبد الله بن عمر: بعته بالبراءة، فقضى عثمان على عبد الله أن يحلف: لقد باعه العبد وما به داء يعلمه، فأبى عبد الله أن يحلف وارتجع العبد، فباعه عبد الله بألف وخمس مئة درهم).

الأمر الثاني: أن الحيوان يغتذي بالصحة والسقم وتتحول طباعه، وقل ما يخلو عن عيب ظاهر أو باطن، فلو لم يقل بذلك .. أدى إلى أن لا يلزم بيع فيه أصلًا، بخلاف غير الحيوان، والشافعي رضي الله عنه قال هنا: قلته تقليدًا لعثمان، والمراد: أن قوله لما انتشر .. وافق بعض الأقيسة وصار حجة.

والفرق بين المعلوم وغيره: أن كتمان المعلوم تلبيس فلا يبرأ منه، والفرق بين الظاهر والباطن: أن الظاهر يسهل الاطلاع عليه ويعلم غالبًا فأعطيناه حكم المعلوم وإن خفي على ندور، فقول المصنف:(دون غيره) راجع إلى الثلاثة المذكورة فلا

ص: 128

وَلَهُ مَعَ هَذَا الشَّرْطِ الرَّدُّ بِعَيْبٍ حَدَثَ قَبْلَ الْقَبْضِ

ــ

يبرأ عن غير الباطن وهو الظاهر، ولا عن غير الحيوان كالعقار والثياب، ولا عن غير الذي لم يعلمه وهو المعلوم.

والقول الثاني: يبرأ مطلقًا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (المؤمنون عند شروطهم).

فعلى هذا: إذا حدث عيب قبل القبض فله الرد به.

والثالث: لا يبرأ مطلقًا؛ لأنه خيار ثابت بالشرع فلا ينتفي بالشرط كسائر مقتضيات العقد، فلو ادعى أحدهما شرط البراءة وأنكره الآخر .. تحالفا.

تنبيهان:

أحدهما: حيث أبطلنا الشرط لا يبطل العقد في الأصح وإن كان على خلاف سائر الشروط المفسدة؛ لاشتهار القضية بين الصحابة، ومثله في عدم الإبطال بالشرط الفاسد ما سيأتي في (العمرى والرقبى).

الثاني: لا يكفي في ذكر العيب أن يقول: هو معيب، أو به جميع العيوب، أو لا ضمان سوى درك الحل كما يفعله كثير من الناس، فلابد من بيان العيب المعلوم.

قال الشيخ: وبعض الوراقين في زماننا يجعل بدل شرط البراءة: وأعلم البائع المشتري بأن بالمبيع جميع العيوب ورضي به، وهذا جهل؛ لأنه كذب ولا يفيد، لأن الصحيح: أن التسمية لا تكفي فيما يمكن معاينته، فذكره مجملًا بهذه العبارة كذكر ما يمكن معاينته بالتسمية من غير رؤية، فالقياس: أنه لا يفيد، ومتى وقع ذلك .. كان حكمه حكم شرط البراءة.

قال: (وله مع هذا الشرط الرد بعيب حدث قبل القبض)؛ لأن الأصل والظاهر: أنهما لم يريداه، وهذا لا خلاف فيه.

ص: 129

وَلَوْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ عَمَّا يَحْدُثُ .. لَمْ يَصِحَّ فِي الأَصَحِّ. وَلَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَوْ أَعْتَقَهُ ثُمَّ عَلِمَ الْعَيْبَ .. رَجَعَ بِالأَرْشِ، وَهُوَ: جُزْءٌ مِنْ ثَمَنِهِ نِسْبَتُهُ إِلَيْهِ نِسْبَةُ مَا نَقَصَ الْعَيْبُ مِنَ الْقِيمَةِ لَوْ كَانَ سَلِيمًا،

ــ

قال: (ولو شرط البراءة عما يحدث .. لم يصح في الأصح)؛ لأنه إسقاط للشيء قبل ثبوته.

والثاني: يصح بطريق التبع.

والثالث: إن أفرد ما لم يحدث .. لم يصح، أو ضم إليه القديم .. صح تبعًا.

قال: (ولو هلك المبيع عند المشتري أو أعتقه ثم علم العيب .. رجع بالأرش)؛ لامتناع الرد، إذ لا مردود، ولا يمكن إسقاط حق المشتري فرجعنا إلى الأرش، وكذلك الوقف والاستيلاد؛ لأنهما إتلاف حكمي، اللهم إلا أن يكون العتق مشروطًا في البيع فأعتقه أو أعتق بالقرابة .. فوجهان في (الرافعي) من غير ترجيح، ورجح الشيخ الرجوع بالأرش فيهما.

ومحل ما قاله المصنف في حق عتق العبد المسلم، أما الكافر .. فلا؛ لأنه لم ييأس من رده، فإنه قد يلتحق بدار الحرب فيسترق فيعود إلى الملك.

هذا إذا كان معتقه كافرًا، فإن كان مسلمًا .. فالأصح: أنه لا يجوز استرقاقه.

قال: (وهو: جزء من ثمنه نسبته إليه نسبة ما نقص العيب من القيمة لو كان سليمًا) عبارة (المحرر) و (الشرح) و (الروضة) إلى تمامها: ولابد منه؛ لأن النسبة لابد لها من منسوب إليه وهي مذكورة هنا مرتين: فالأولى: كاملة، والثانية: ذكر فيها المنسوب فقط.

فقوله: (وهو) أي: الأرش (جزء من ثمنه) أي: من ثمن المبيع (نسبته إليه) أي: نسبة ذلك الجزء إلى الثمن (نسبة ما نقص العيب) أي: مثل نسبة ما نقصه

ص: 130

وَالأَصَحُّ: اعْتِبَارُ أَقَلِّ قِيَمِهِ مِنْ يَوْمِ الْبَيْعِ إِلَى الْقَبْضِ

ــ

العيب (لو كان سليمًا) أي: لو كان المبيع سليمًا.

مثاله: القيمة دون العيب مئة وبالعيب تسعون، فالناقص بالعيب العُشر، فينسب ذلك إلى الثمن ونوجب عشرة وهو الأرش، فإن كان الثمن مئتين .. كان الأرش عشرين، وإن كان خمسين .. كان خمسة.

وإنما كان الرجوع بجزء من الثمن، لأنه لو بقي كل المبيع عند البائع .. كان مضمونًا عليه بالثمن، فإن احتبس جزءًا منه .. كان مضمونًا عليه بجزء من الثمن، فالقيمة معيار لمعرفة نسبة الأرش من الثمن لا لانجبار عين ما نقص؛ فإنه قد يستغرق الثمن في بعض الصور.

قال: (والأصح: اعتبار أقل قيَمه من يوم البيع إلى القبض)؛ لأنه لو كان يوم البيع أكثر .. فما نقص مضمون على البائع، وإن كان أقل .. فما زاد على ملك المشتري فلا يدخل في التقويم.

والطريق الثاني في المسألة ثلاثة أقوال:

أصحها: هذا.

والثاني: أن الاعتبار بيوم العقد؛ لأن الثمن قد قابل المبيع يومئذ.

والثالث: بقيمة يوم القبض؛ لأنه وقت دخول المبيع في ضمانه فكان الصواب التعبير بالمذهب.

وقوله: (قيمه) يجوز أن يقرأ بالتنوين على أنه مفرد، وأن يقرأ بفتح الياء وترك التنوين على أنه جمع.

ولو أبرأ البائع المشتري من بعض الثمن .. فهل يكون الأرش منسوبًا إلى كل الثمن أو إلى الباقي؟ فيه وجهان.

ص: 131

وَلَوْ تَلِفَ الثَّمَنُ دُونَ الْمَبِيعِ .. رَدَّهُ وَأَخَذَ مِثْلَ الثَّمَنِ أَوْ قِيمَتَهُ. وَلَوْ عَلِمَ الْعَيْبَ بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِهِ إِلَى غَيْرِهِ .. فَلَا أَرْشَ فِي الأَصَحِّ،

ــ

قال: (ولو تلف الثمن دون المبيع .. رده) أي: رد المبيع لوجوده خاليًا من الموانع.

ولو كان الثمن باقيًا لكن امتنع نقله من شخص إلى شخص بإعتاق أو كتابة أو استيلاد، أو انتقل إلى آخر ببيع أو غيره، أو تعلق به حق لآخر كرهن وشفعة .. كان حكمه حكم التالف، ولو زال وعاد .. فكالباقي على الأصح.

قال: (وأخذ مثل الثمن أو قيمته) المراد: مثله إن كان مثليًا أو قيمته إن كان متقومًا؛ لأنه لو كان باقيًا .. استحقه، فإذا تلف .. ضمنه بذلك قياسًا على غيره، والمعتبر في القيمة: أقل ما كانت من يوم البيع إلى القبض.

هذا في الثمن المعين، أما المنقود عما في الذمة .. ففي تعينه بقبض المشتري وجهان: قال الشيخ: ينبغي أن يكون أصحهما: التعيين، ولم يفرقوا هنا بين أن ينقده في المجلس أو بعده، والأول أولى بالتعيين.

ولو اعتاض عن الثمن الذي في الذمة ثوبًا ثم رد المبيع .. فالأصح: أنه لا يرجع بالثوب بل بالثمن، وكذا لو تلف المبيع قبل قبضه .. رجع في الثمن دون الثوب على الأصح.

ولو أبرأه من جميعه .. جزم القاضي بجواز الرد؛ للتخلص من عهدة المبيع.

ولو وهب البائع المشتري الثمن .. فقيل: يمتنع الرد، وقيل: يرد ويطالب ببدل الثمن.

ولو تبرع أجنبي بالثمن فردت السلعة بعيب .. رد الثمن على المشتري في الأصح.

قال: (ولو علم العيب بعد زوال مكله إلى غيره .. فلا أرش في الأصح)؛ لعدم اليأس من الرد، وهذه العلة عليها الأكثرون، وعلله أبو إسحاق وابن الحداد

ص: 132

فَإِنْ عَادَ الْمِلْكُ .. فَلَهُ الرَّدُّ، وَقِيلَ: إِنْ عَادَ بِغَيْرِ الرَّدِّ بِعَيْبٍ .. فَلَا رَدَّ. وَالرَّدُّ عَلَى الْفَوْرِ،

ــ

باستدراك الظُّلامة؛ فإنه بالبيع غَبَنَ كما غُبِنَ.

وخرجوا على العلتين إذا زال بلا عوض:

فعلى الأصح: لا أرش.

وعلى الثاني: يجب كما لو مات.

وقال بعض الأصحاب: إن وهبه من ولده .. فلا أرش قطعًا؛ لقدرته على ارتجاعه، والأصح: أنها كالهبة من غيره.

قال: (فإن عاد الملك .. فله الرد)؛ لزوال المانع.

قال: (وقيل: إن عاد بغير الرد بعيب .. فلا رد) قائل هذا هو المعلل باستدراك الظلامة بالبيع، فيقول هنا: ذلك الاستدراك قد زال فيما إذا عاد بالرد ولم يزل إذا عاد بغيره.

قال: (والرد على الفور)؛ لأنه خيار ثبت بالشرع لدفع الضرر عن المالك فكان على الفور كالشفعة، فإذا أخره بلا عذر .. سقط.

واشتراط الفور محله في العقد على الأعيان، أما الواجب في الذمة ببيع أو سلم إذا قبضه فوجده معيبًا .. الأوجه: أنه لا يعتبر فيه الفور؛ لأنه ليس معقودًا عليه، وإنما يجب الفور فيما يؤدي رفعه إلى رفع العقد، فإن قال: لم أعلم أن لي الرد، فإن قرب إسلامه أو نشأ ببادية بعيدة .. قبل منه، وإلا .. فلا.

ولو قال: لم أعلم أنه على الفور .. قال الرافعي: يقبل، وقال الغزالي والمصنف: إنما يقبل هنا وفي الشفعة ممن يخفى عليه مثله.

ص: 133

فَلْيُبَادِرْ عَلَى الْعَادَةِ. فَلَوْ عَلِمَ وَهُوَ يُصَلِّي أَوْ يَاكُلُ .. فَلَهُ تَاخِيرُهُ حَتَّى يَفْرُغَ، أَوْ لَيْلًا .. فَحَتَّى يُصْبِحَ. فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ بِالْبَلَدِ .. رَدَّهُ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ

ــ

وقال الشيخ: ينبغي أن يقبل ممن يخفى عليه ومن مجهول الحال، لكن يستثنى من ذلك العبد إذا أبق فإنما يرد بعد عوده كما تقدم، ولا أرش في الحال في الأصح، ولا يسقط رده بالتأخير قبل عوده.

قال: (فليبادر على العادة) فلا يكلف سرعة السير والركض والعدو، ولا في وقت لم تجر العادة فيه بمثل ذلك، فلو لقي البائع فسلم عليه .. لم يبطل رده على الصحيح، فإن أخذ في محادثته .. بطل.

قال: (فلو علم وهو يصلي أو يأكل .. فله تأخيره حتى يفرغ)؛ لأنه لا يعد بذلك مقصرًا، ولا فرق بين صلاة الفرض والنفل، ولا بين الشرب والأكل، وكذلك لو كان يقضي حاجة، أو يشتغل بأسباب المسير إلى الخروج ولبس الثياب، أو كان في الحمام كما سيأتي في (الشفعة) إن شاء الله تعالى.

قال: (أو ليلًا .. فحتى يصبح)؛ لعدم التقصير.

قال ابن الرفعة وغيره: هذا إذا لم يتمكن في الليل من الحاكم ولا الشهود، فإن تمكن .. فكالنهار، وينبغي الجزم به إذا جمعهما بيت أو مسجد أو نحو ذلك، ولم يتعرضوا هنا لكون المطر أو الوحل الشديدين ونحوهما من الأعذار، وقد تعرض المصنف في (باب الشفعة) للكلام على المبادرة أيضًا.

قال: (فإن كان البائع بالبلد .. رده عليه)؛ لأنه الأصل، سواء كان بائعًا عن نفسه أو عن غيره بوصاية أو ولاية، وكذا بوكالة، وله أن يرد على الموكل أيضًا إذا قلنا: إنه يطالب بالعهدة.

قال: (بنفسه أو وكيله)؛ لأنه قائم مقامه هذا إذا لم يحصل بالتوكيل تأخير.

ص: 134

أَوْ عَلَى وَكِيلِهِ، وَلَوْ تَرَكَهُ وَرَفَعَ الأَمْرَ إِلَى الْحَاكِمِ .. فَهُوَ آكَدُ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا .. رَفَعَ إِلَى الْحَاكِمِ

ــ

قال: (أو على وكيله) إن كان له وكيل؛ لما قلناه.

قال: (ولو تركه ورفع الأمر إلى الحاكم .. فهو آكد)؛ لأن المالك ربما أحوجه إلى المرافعة كما قيل [من المتقارب]:

رأى الأمر يفضي إلى آخر .... فصير آخره أولا

ومعنى الرفع إلى الحاكم تقريبه منه، قال الجوهري وغيره.

وقال الغزالي: يبدأ بالبائع، فإن عجز .. أشهد، فإن عجز .. فالحاكم.

ومقتضى إطلاق المصنف والرافعي: أنه لا فرق في التخيير بين أن يكون الاطلاع بحضرة أحدهم أو في غيبة الجميع.

وقال ابن الرفعة: إذا علم بحضور أحدهم .. فالتأخير لغيره تقصير وهو ظاهر، ثم إذا أتى الحاكم .. لا يدعي: أن غريمه غائب عن المجلس وهو في البلد، وإنما يفسخ بحضرته ثم يطلب غريمه.

قال الشيخ: وإذا قلنا: إن القاضي لا يقضي بعلمه .. فأي فائدة لفسخه بحضرته مع غيبة غريمه؟ فلعل ما ذكروه مفرع على القضاء بالعلم.

قال: (وإن كان غائبًا .. رفع إلى الحاكم) هذا لا خلاف فيه، وإطلاق الرافعي وغيره الغيبة يشمل قليل المسافة وكثيرها، وتوقف فيه ابن الرفعة.

وكيفية الرفع إلى الحاكم: أن يدعي شراء ذلك الشيء من فلان الغائب بثمن معلوم وأنه أقبضه الثمن ثم ظهر العيب وفسخ البيع، ويقيم البينة على ذلك في وجه مسخر ينصبه القاضي [ويحلفه القاضي] مع البينة؛ لأنه قضاء على غائب، ثم يأخذ

ص: 135

وَالأَصَحُّ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الإِشْهَادُ عَلَى الْفَسْخِ إِنْ أَمْكَنَهُ حَتَّى يُنْهِيَهُ إِلَى الْبَائِعِ أَوِ الْحَاكِمِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنِ الإِشْهَادِ .. لَمْ يَلْزَمْهُ التَّلَفُّظُ بِالْفَسْخِ فِي الأَصَحِّ. وَيُشْتَرَطُ تَرْكُ الاِسْتِعْمَالِ، فَلَوِ اسْتَخْدَمَ الْعَبْدَ أَوْ تَرَكَ عَلَى الدَّابَّةِ سَرْجَهَا أَوْ إِكَافَهَا .. بَطَلَ حَقُّهُ،

ــ

المبيع ويضعه عند عدل ويبقى الثمن دينًا على الغائب، فيقضيه القاضي من ماله، فإن لم يجد له سوى المبيع .. باعه فيه.

قال: (والأصح: أنه يلزمه الإشهاد على الفسخ إن أمكنه حتى ينهيه إلى البائع أو الحاكم)؛ لأنه المقدور عليه.

والثاني: لا يلزمه لأنه إذا كان طالبًا للبائع أو الحاكم لا يعد مقصرًا.

والمراد بـ (الإشهاد): الإشهاد على طلب الفسخ كما اقتضاه كلام الرافعي في (الشفعة).

ومقتضى كلام الغزالي هنا: أنه على نفس الفسخ، قال: ويشهد اثنين، قال ابن الرفعة: وهذا على سبيل الاحتياط؛ لأن الواحد مع اليمين كاف، ثم إذا أشهد على الفسخ حتمًا أو ندبًا .. لم يحتج بعده إلى إتيان حاكم ولا بائع إلا للمطالبة، واختاره الشيخ، لكن قول المصنف:(حتى ينهيه إلى البائع أو الحاكم) يأبى ذلك، ويقتضي: أن وجوب الذهاب بحاله.

قال: (فإن عجز عن الإشهاد .. لم يلزمه التلفظ بالفسخ في الأصح)؛ لأن الكلام الذي يقصد به إعلام الغير يبعد إيجابه من غير سامع.

والثاني: يلزمه كما أن البيع لا يكون إلا بلفظ كذلك الفسخ، ونقله المتولي عن عامة الأصحاب، ويجريان في نظيره من الشفعة.

قال: (ويشترط ترك الاستعمال، فلو استخدم العبد أو ترك على الدابة سرجها أو إكافها .. بطل حقه)؛ لدلالة ذلك على الرضا.

ص: 136

وَيُعْذَرُ فِي رُكُوبِ جَمُوحٍ يَعْسُرُ سَوْقُها وَقَوْدُهَا

ــ

وقيل: إن كان يسيرًا كاسقني أو ناولني الثوب أو أغلق الباب .. فلا أثر له.

ولو خدمه العبد من غير أن يطلب ذلك منه لكنه سكت .. فيظهر: أن لا يبطل حقه، كما لا يحنث إذا حلف: لا يستخدمه.

وقيل: لا يضر كل انتفاع حتى وطء الثيب.

وقيل: كل انتفاع ما لم يدل على الرضا كلبس الثوب والوطء، واختاره الشيخ.

و (الإكاف): البرذعة.

وأما اللجام والعذار .. فيعذر في تركهما، وكذا السرج إذا كان يضرها قلعه، ومحل ذلك: ما إذا لم يشترهما معًا، فإن اشتراهما .. ردهما معًا، وللمشتري علفها وسقيها، فلو وقفها ليحلبها .. بطل حقه.

قال: (ويعذر في ركوب جموح يعسر سوقها وقودها)؛ للحاجة.

و (الجموح): التي ترَكب رأسَها فلا يردها اللجام.

وقيل: يعذر وإن لم يعسر.

هذا إذا ركبها للرد أو السقي، فإن ركبها استعمالًا .. بطل حقه على النص.

ولو علم العيب وهو راكب فاستدام .. فكابتداء الركوب.

ولو علم عيب الثوب وهو لابسه في الطريق .. لم يلزمه نزعه.

فروع:

مؤنة الرد على المشتري سواء تلفظ بالفسخ أم لا؛ لأن يده يد ضمان قبل الفسخ وبعده كما إذا فسخ بخيار الشرط والتحالف والفلس .. فمؤنة الرد في الجميع عليه،

ص: 137

وَإِذَا سَقَطَ رَدُّهُ بِتَقْصِيرٍ .. فَلَا أَرْشَ. وَلَوْ حَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ .. سَقَطَ الرَّدُّ قَهْرًا،

ــ

هذا هو المعروف المجزوم به.

وفي (شرح المهذب) للعراقي: أنها بعد الفسخ على البائع؛ لأنه عاد إلى ملكه، وهو غريب.

وينبغي أن يقال: إن كان البائع عالمًا بالعيب وأخفاه .. فمؤنة الرد عليه، وإلا .. فعلى المشتري.

ومؤنة رد المرهون على الراهن، ومؤنة تسليم الموصى به إلى الموصى له، على الموصى له ومؤنة رد العين المستأجرة بعد المدة فيه خلاف يأتي.

والصداق بعد التشطير أو الفسخ على الزوج؛ لأنه أمانة في يدها، هكذا قاله القاضي، والأصح: أنه مضمون عليها، ثم المراد بالرد: الرد إلى موضع التسليم.

ولو تراضيا على الرد بعوض .. لم يصح في الأصح، ولا يسقط به حق الرد على الأصح.

ولو اختلفا في الثمن بعد الرد .. فالصحيح: أن القول قول البائع بيمينه.

ولو أبق قبل القبض فأجاز المشتري البيع ثم أراد الفسخ .. فله ذلك ما لم يعد إليه، ذكره الرافعي في آخر (الإجارة).

قال: (وإذا سقط رده بتقصير .. فلا أرش)؛ لأنه إنما يعدل إليه للضرورة وهذا مقصر.

قال: (ولو حدث عنده عيب .. سقط الرد قهرًا) أي: القهري؛ لأن الضرر لا يزال بالضرر.

نعم؛ إذا كان العيب هو التزويج فقال الزوج: إن ردك المشتري بعيب فأنت طالق وكان ذلك قبل الدخول .. فله الرد لزوال المانع، ولو كان التزويج من البائع .. فكان كتعليق الطلاق على الرد، ولو لم يعلم بالعيب القديم حتى زال الحادث .. فله الرد في

ص: 138

ثُمَّ إِنْ رَضِيَ بِهِ الْبَائِعُ .. رَدَّهُ الْمُشْتَرِي أَوْ قَنِعَ بِهِ، وَإِلَّا .. فَلْيَضُمَّ الْمُشْتَري أَرْشَ الْحَادِثِ إِلَى الْمَبِيعِ وَيَرُدَّ، أَو يَغْرَمَ الْبَائِعُ أَرْشَ الْقَدِيمِ وَلَا يَرُدَّ. فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى أَحَدِهِمَا .. فَذَاكَ، وَإِلَّا .. فَالأَصَحُّ: إِجَابَةُ مَنْ طَلَبَ الإِمْسَاكَ

ــ

الأصح وكأنه لم يكن، ولو زال الحادث بعد أخذ أرش القديم .. فلا فسخ على المذهب، ولو زال القديم قبل أخذ الأرش .. لم يأخذه في الأصح، وبه جزم الشيخان، ولو زال بعد أخذه .. رده على المذهب.

واحترز بقوله: (عنده) عما لو حدث قبل القبض؛ فإنه لا يمنع الرد القهري.

قال: (ثم إن رضي به البائع .. رده المشتري أو قنع به) أي: بلا أرش؛ لأن المانع من الرد وهو ضرر البائع قد زال برضاه فصار كما لو لم يحدث فيه عيب.

قال: (وإلا) أي: وإن لم يرض به البائع معيبًا (.. فليضم المشتري أرش الحادث إلى المبيع ويرد، أو يغرم البائع أرش القديم ولا يرد)؛ لأن كلًا من الأمرين فيه رعاية الجانبين وجمع بين المصلحتين.

قال: (فإن اتفقا على أحدهما .. فذاك)؛ لأن الحق لهما لا يعدوهما.

قال: (وإلا .. فالأصح: إجابة من طلب الإمساك) سواء كان بائعًا أو مشتريًا؛ لما فيه من تقرير العقد وهو في هذه الحالة من طلب الرجوع بأرش العيب القديم.

والثاني: يجاب البائع مطلقًا.

والثالث: يجاب المشتري مطلقًا.

فروع:

الأول: اشترى حليًا بجنسه ثم اطلع على عيب قديم .. فالأصح: يفسخ البيع ويرد الحلي مع أرش النقص الحادث ولا يلزم الربا؛ لأن المقابلة بين الحلي والثمن وهما متماثلان.

الثاني: أنعل الدابة ثم علم بها عيبًا قديمًا، فإن لم يعيبها نزعُ النعل .. فله نزعه والرد، فإن لم ينزع .. لم يجب على البائع قبول النعل، وإن كان النزع يعيب الحافر

ص: 139

وَيَجِبُ أَنْ يُعْلِمَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عَلَى الْفَوْرِ بِالْحَادِثِ لِيَخْتَارَ. فَإِنْ أَخَّرَ إِعْلَامَهُ بِلَا عُذْرٍ .. فَلَا رَدَّ وَلَا أَرْشَ. وَلَوْ حَدَثَ عَيْبٌ لَا يُعْرَفُ الْقَدِيمُ إِلَّا بِهِ كَكَسْرِ بَيْضٍ.

ــ

فنزع .. بطل حقه من الرد والأرش، وإن ردها مع النعل .. أجبر البائع على القبول وليس للمشتري طلب قيمة النعل، والأصح: أن ترك النعل إعراض، فإذا سقط .. أخذه المشتري.

الثالث: كان الحادث صبغ الثوب وزادت به القيمة، فأراد البائع إعطاء الأرش، وأراد المشتري رد الثوب وأخذ قيمة الصبغ أو عكسه .. فالمجاب البائع على الأصح، وكذلك حكم القصارة إن جعلناها عينًا، وإلا .. فيرد الثوب ولا شيء له كالزيادة المتصلة.

قال: (ويجب أن يعلم المشتري البائع على الفور بالحادث ليختار) أي: هل يقبله بلا أرش أو لا؟

قال: (فإن أخر إعلامه بلا عذر .. فلا رد ولا أرش)؛ لتقصيره بترك الواجب، اللهم إلا أن يكون الحادث قريب الزوال غالبًا كالرمد والحمى .. فلا يعتبر الفور على أحد القولين، بل له انتظار زواله، ليرده سليمًا عن العيب الحادث، ولم يفرقوا هنا بين مدعي الجهل بفورية الإعلام بالعيب الحادث أم لا، وينبغي أن لا يصدق في ذلك، إلا أن يكون ممن يخفي عليه مثله، ولو علم العيب بعد رهنه .. فلا رد في الحال.

وأما الأرش، فإن عللنا باليأس .. لم يرجع به، وإلا .. رجع.

والإجارة كالرهن إن لم نجوز بيع المستأجر، فإن جوزناه .. فكعيب يرجى زواله.

قال: (ولو حدث عيب لا يعرف القديم إلا به ككسر بيض) أي: بيض النعام؛ لأن غيره لا قيمة له بعد الكسر فلا يتأتى فيه الأرش.

ص: 140

وَرَانِجٍ، وَتَقْويرِ بِطِّيخٍ مُدَوِّدٍ .. رَدَّ وَلَا أَرْشَ عَلَيْهِ فِي الأَظْهَرِ. فَإِنْ أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ الْقَدِيمِ بِأَقَلَّ مِمَّا أَحْدَثَهُ .. فَكَسَائِرِ الْعُيُوبِ الْحَادِثَةِ

ــ

قال: (ورانج) هو: الجوز الهندي، وهو بكسر النون، وهو الشجرة الطيبة في القرآن، وقيل: هي النخلة.

قال: (وتقوير بطيخ مدود .. رد ولا أرش عليه في الأظهر)؛ لأن البائع سلطه على كسره وهو معذور في تعاطي ذلك لاستكشاف العيب.

والثاني: يرده ويرد معه الأرش رعاية للجانبين.

والثالث: لا يرد أصلًا كسائر العيوب الحادثة.

والبطيخ الأجود فيه كسر الباء، وحكي فتحها، وطبيخ بتقديم الطاء على الباء، وهو: ما عدا الأخضر.

ومدوِّد ومسوِّس حيث ورد بكسر الواو.

قال: (فإن أمكن معرفة القديم بأقل مما أحدثه .. فكسائر العيوب الحادثة)؛ لعدم احتياجه إلى ذلك، ومثله في (المحرر) بما إذا قور البطيخ الحامض وكان يمكنه الوقوف على حاله بغرز شيء فيه، وفيه وجه؛ لعسر التمييز، وكذلك لو اشترط في الرمان الحلاوة فبان حامضًا بالغرز .. رد لا بالشق.

تتمة:

اشترى ثوبًا على أنه عشرة أذرع فخرج دونها أو فوقها .. ففي الصحة قولان: أظهرهما: يصح وللمشتري عند النقص الخيار، فإن أجاز .. فبالقسط أو بالكل؟ فيه قولان: أظهرهما: الثاني، وللبائع الخيار على قول الصحة في حال الزيادة على الأصح، فإن أجاز .. فالجميع للمشتري.

ص: 141

فَرْعٌ:

اشْتَرَى عَبْدَيْنِ مَعِيبَيْنِ صَفْقَةً .. رَدَّهُمَا، وَلَوْ ظَهَرَ عَيْبُ أَحَدِهِمَا .. رَدَّهُمَا لَا الْمَعِيبَ وَحْدَهُ فِي الأَظْهَرِ. وَلَوِ اشْتَرَى عَبْدَ رَجُلَيْنِ مَعِيبًا .. فَلَهُ رَدُّ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا، وَلَوِ اشْتَرَيَاهُ .. فَلِأَحَدِهِمَا الرَّدُّ فِي الأَظْهَرِ

ــ

قال: (فرع:

اشترى عبدين معيبين صفقة .. ردهما) بالاتفاق كالعين الواحدة، فلو أراد إفراد أحدهما بالرد .. ففيه القولان الآتيان فيما إذا كان العيب بأحدهما.

قال: (ولو ظهر عيب أحدهما .. ردهما)؛ لأنهما صفقة واحدة.

قال: (لا المعيب وحده في الأظهر)؛ لما فيه من تفريق الصفقة على البائع من غير ضرورة.

والثاني: له ذلك؛ لاختصاصه بالعيب.

وعلى هذا: يسترجع قسطه من الثمن قطعًا؛ لأنه إن استرجع الجميع .. بقي الباقي في يده بلا مقابل، وإن لم يسترجع شيئًا .. فلا فائدة في الرد.

وقال ابن الرفعة: قد تكون فائدته التخلص من عهدته.

وأفاد المصنف بتصوير المسألة بالعبدين: أن المبيع لو كان شيئًا واحدًا كدار أو عبد وأراد رد بعضه .. لم يكن له ذلك، اللهم إلا أن يكون باع البعض من البائع .. فله رده عليه كما صرح به القاضي حسين.

قال: (ولو اشترى عبد رجلين معيبًا .. فله رد نصيب أحدهما)؛ لأن الصفقة تتعدد بتعدد البائع.

هذا إذا اشتراه منهما، فإن اشتراه من وكيلهما .. جاء الخلاف في أن العبرة بالوكيل أو الموكل.

قال: (ولو اشترياه .. فلأحدهما الرد في الأظهر) وبه قال مالك وأحمد وأبو يوسف ومحمد، ومنه أخذ: أن الصفقة تتعدد بتعدد المشتري وهو الأصح، وكان

ص: 142

وَلَوِ اخْتَلَفَا فِي قِدَمِ الْعَيْبِ .. صُدِّقَ الْبَائِعُ

ــ

الأحسن أن يقول: في الجديد؛ لأن الثاني وجه قديم مرجوع عنه، وبه قال أبو حنيفة: إنه ليس له الانفراد بالرد، ومنه أخذ وجه: أن الصفقة متحدة.

والمراد: إذا اشترى اثنان عبدًا من رجل، وهي مسألة (المحرر).

لكن عبارته تقتضي شراء اثنين عبدًا من اثنين حتى يكون في معنى أربعة عقود، فيكون كل منهما مشتريًا ربعًا من هذا وربعًا من هذا حتى يرد على من شاء منهما الربع أو النصف؛ لأن ضمير (اشترياه) يعود على عبد رجلين، وهي مسألة صحيحة لم يردها.

وبالجملة: للواحد الرد؛ لأنه يرد جميع ما يملك.

والثاني ليس له الرد؛ بناء على أنها لا تتعدد بتعدد المشتري.

قال: (ولو اختلفا في قدم العيب .. صدق البائع)؛ لأن الأصل لزوم العقد وعدم المقتضي للرد، أما إذا قطعنا بما ادعاه أحدهما .. فهو المصدق، ولا يخفى أن هذا في عيب يمكن حدوثه كالعمى، فإن كان مما لا يمكن، كإصبع زائدة، وشين الشجة المندملة، وقد جرى البيع أمس .. فإن القول قول المشتري، وإن لم يحتمل تقدمه كجراحة طرية وقد جرى البيع والقبض من سنة .. فالقول قول البائع من غير يمين.

وصورة مسألة الكتاب: أن يدعي البائع حدوث هذا العيب فلا رد ويدعي المشتري قِدَمه ليرد.

فلو عكسا، وذلك يظهر في صورة البيع بشرط البراءة فيدعي المشتري الحدوث قبل القبض ليرد به؛ فإنه لا يبرأ منه، ويدعي البائع قِدَمه .. فالظاهر: تصديق البائع أيضًا، وقيل: المشتري.

فرع:

ادعى المشتري وجود عيبين في يد البائع فاعترف بأحدهما وادعة حدوث الآخر في يد المشتري .. فالقول قول المشتري؛ لأن الرد يثبت بإقرار البائع بأحدهما فلا يبطل

ص: 143

بِيَمِينِهِ عَلَى حَسَبِ جَوَابِهِ. وَالزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ كَالسِّمَنِ تَتْبَعُ الأَصْلَ، وَالْمُنْفَصِلَةُ كَالْوَلَدِ وَالأُجْرَةِ لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ،

ــ

بالشك، قاله ابن القطان في (المطارحات)، وهو كذلك في (شرح الوسيط) لابن الأستاذ أيضًا، وحكى أن الشافعي رضي الله عنه أجاب فيها كذلك، ثم قال: وهو ظاهر متجه.

قال: (بيمينه)؛ لاحتمال صدق المشتري.

قال: (على حسب جوابه) فإن أجاب بـ (لا رد لك بهذا) أو (لا يلزمني) .. حلف كذلك، وإن أجاب بـ (ما بعته إلا سليمًا) أو (ما أقبضته إلا سليمًا) .. حلف كذلك، وتكون يمينه على البت إذا اعتبر العبد وعلم خفايا أمره، أو اعتمد على أن الظاهر السلامة.

و (حَسَب) معناه: المثل، وهو بفتح السين، وتسكن في الشِّعر.

قال: (والزيادة المتصلة كالسمن تتبع الأصل)؛ لعدم إمكان إفرادها سواء كان ذلك في الثمن أو المثمن، وتعلم الحرفة كالسمن.

والكلام هنا في الزيادة المحضة، فلو كان غزلًا فنسجه ثم رأى به عيبًا قديمًا .. فله الأرش، فإن رضي البائع بعيبه .. فقولان:

أحدهما: يخير المشتري بين رده منسوجًا ولا أجرة له وبين إمساكه معيبًا؛ لأن النسج أثر لا عين.

والثاني –وصححه الروياني-: يخير البائع بين بذل أجرة النسج وأخذه أو غرامة الأرش؛ لأن النسج عمل يقابل بعوض.

قال: (والمنفصلة كالولد والأجرة لا تمنع الرد) عملًا بمقتضى العيب، وخالف أبو حنيفة في الولد ونحوه كالثمرة ووافقنا في الأجرة، فذكرهما المصنف ليقاس أحدهما على الآخر، ولينص على: أنه لا فرق بين ما هو من نفس المبيع وغيره.

ص: 144

وَهِيَ لِلْمُشْتَرِي إِنْ رَدَّ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَكَذَا قَبْلَهُ فِي الأَصَحِّ. وَلَوْ بَاعَهَا حَامِلًا فَانْفَصَلَ .. رَدَّهُ مَعَهَا فِي الأَظْهَرِ

ــ

قال: (وهي للمشتري إن رد بعد القبض)؛ لما روى أبو داوود والترمذي والحاكم وابن حبان بإسناد حسن عن عائشة رضي الله عنها: أن رجلًا ابتاع غلامًا فأقام عنده ما شاء الله، ثم وجد به عيبًا، فخاصمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فرده عليه، فقال الرجل: يا رسول الله؛ قد استعمل غلامي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:(الخراج بالضمان) قال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم.

فمعنى الحديث: أن ما يخرج من المبيع من فائدة وغلة تكون للمشتري في مقابلة أنه لو تلف .. لكان من ضمانه.

وخالف في ذلك مالك فقال: يرد الزيادة التي من جنس الأصل مع الأصل كالولد، بخلاف الكسب.

ولا خلاف عندنا: أن الزوائد لا ترد في هذه الحالة.

قال: (وكذا قبله في الأصح) تفريع على أن الفسخ يرفع العقد من حينه وهو الصحيح؛ لأنه لو أعتق الجارية التي اشتراها بعبد ثم رد العبد .. لم يبطل العتق.

والثاني: أنها للبائع بناء على أنه رفع له من أصله؛ لأن الملك قبل القبض ضعيف، أما الإقالة .. فترفع العقد من حينه بلا خلاف.

قال: (ولو باعها حاملًا فانفصل .. رده معها في الأظهر) بناء على أن الحمل يعلم ويقابله قسط من الثمن.

والثاني: لا بناء على مقابله.

ومحل ما ذكره المصنف: إذا لم ينقصها الوضع، فإن نقصها .. فأطلق الرافعي امتناع ردها.

ولو اشترى جارية أو بهيمة حائلًا فحملت عنده ثم اطلع على عيب، فإن نقصت بالحمل .. فلا رد، وإن لم تنقص .. فله الرد.

ص: 145

وَلَا يَمْنَعُ الرَّدَّ الاِسْتِخْدَامُ وَوَطْءُ الثَّيِّبِ. وَافْتِضَاضُ الْبِكْرِ بَعْدَ الْقَبْضِ نَقْصٌ حَدَثَ، وَقَبْلَهُ جِنَابَةٌ عَلَى الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ

ــ

وأما الولد .. فصحح الشيخان هنا أنه يبقى للمشتري يأخذه إذا انفصل، وصححا في (باب الفلس): أنه تابع للأم، وصوبه في (المهمات).

أما إذا ولدت الأمة عنده ثم علم العيب قبل سن التفريق وتمكن من الرد .. فالأصح: أنه لا يرد الأم دون الولد؛ لما فيه من التفريق، كذا جزم به الجرجاني، ويشهد له ما سيأتي في (الرهن) من: أنهما يباعان معًا ولا يفرق.

قال: (ولا يمنع الرد الاستخدام) بالإجماع.

قال: (ووطء الثيب) قياسًا عليه، وخالف فيه أبو حنيفة، ومراد المصنف: وطء المشتري أو الزوج إذا كانت مزوجة، أما وطء غيره إذا كانت زانية .. فإنه عيب حادث.

وشملت عبارته: ما إذا عرف عيب الجارية التي اشتراها من أبيه أو ابنه بعد وطئها وهي ثيب .. فإن ذلك لا يمنعه من الرد وإن حرمت على البائع، وكذلك لو كانت الجارية رضيعة فأرضعتها أم البائع أو ابنته في يد المشتري ثم عرف بها عيبًا .. فله ردها عليه.

قال: (وافتضاض البكر بعد القبض نقص حدث) فيكون مانعًا للرد كسائر العيوب الحادثة، ولا فرق بين أن يكون بوطء البائع أو المشتري أو أجنبي بآلة الافتضاض أو غيرها.

قال: (وقبله جناية على المبيع قبل القبض) فيفرق بين الأجنبي والبائع والمشتري والآفة السماوية.

تتمة:

من علم بالسلعة عيبًا .. لم يحل له أن يبيعها حتى يبينه، وإن علم غير البائع بالعيب .. لزمه أيضًا أن يبينه لمن يشتريه، وشذ المحاملي والجرجاني فقالا: إن ذلك مستحب.

ص: 146