المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فَصْلٌ: مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ .. تَعَلَّقَ بِتَرِكَتِهِ تَعَلُّقَهُ بِالْمَرْهُونِ، وَفِي - النجم الوهاج في شرح المنهاج - جـ ٤

[الدميري]

الفصل: ‌ ‌فَصْلٌ: مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ .. تَعَلَّقَ بِتَرِكَتِهِ تَعَلُّقَهُ بِالْمَرْهُونِ، وَفِي

‌فَصْلٌ:

مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ .. تَعَلَّقَ بِتَرِكَتِهِ تَعَلُّقَهُ بِالْمَرْهُونِ، وَفِي قَوْلٍ: كَتَعَلُّقِ الأَرْشِ بِالْجَانِي. فَعَلَى الأَظْهَرِ: يَسْتَوِي الدَّيْنُ الْمُسْتَغْرِقُ وَغَيْرُهُ فِي الأَصَحِّ

ــ

قال: (فصل):

هذا الفصل ليس له كبير تعلق بـ (باب الرهن)، لكن الإمام ذكره فرعًا هنا، والغزالي في أثناء الباب، فتبعهما معظم الأصحاب.

قال: (من مات وعليه دين .. تعلق بتركته)؛ مراعاة لمصلحة الميت، فإن وفت التركة بدينه .. لم تكن نفسه مرتهنة به؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم مات ودرعه مرهونة عند يهودي.

قال: (تعلُّقَه بالمرهون) وإن كان الأصح انتقالها إلى الوارث مع وجود الدين؛ لأن ذلك أحوط للميت وأقرب لبراءة ذمته، فلا يصح تصرف الوراث فيه جزمًا، وهذا هو المفتى به، بخلاف ما لو تملك اللقطة ومات ولم يظهر رب الدين .. فلا تعلق لذلك بتركته؛ إذ لو تعلق للزم الحجر لا إلى غاية، وكذا إذا كان عليه دين وانقطع خبر صاحبه.

قال: (وفي قول: كتعلق الأرش بالجاني)؛ لأن كلًا منهما ثبت بغير رضا المالك.

فعلى هذا: يأتي في التصرف فيه الخلاف في بيع العبد الجاني

وقال الفوراني: كحجر الفلس، واختاره ابن الرفعة.

قال: (فعلى الأظهر: يستوي الدين المستغرق وغيره في الأصح)؛ نظرًا للميت وتوفيةً بقاعدة الرهن.

والثاني: إن كان الدين أقل .. نفذ تصرف الوارث إلى أن يبقى قدر الدين؛ لأن الحجر في مال كثير بشيء حقير بعيد، وسواء فيما ذكرناه علم الوارث بالدين أم لا.

وعبارة المصنف والرافعي تفهم: أن هذا التفريع مختص بالقول الأول، وتعليل

ص: 346

وَلَوْ تَصَرَّفَ الْوَارِثُ وَلَا دَيْنَ ظَاهِرٌ، فَظَهَرَ دَيْنٌ بِرَدِّ مَبِيعٍ بِعَيْبٍ .. فَالأَصَحُّ: أَنَّهُ لَا يَتَبَيَّنُ فَسَادُ تَصَرُّفِهِ، لَكِنْ إِنْ لَمْ يُقْضَ الدَّيْنُ .. فُسِخَ. وَلَا خِلَافَ أَنَّ لِلْوَارِثِ إِمْسَاكَ عَيْنِ التَّرِكَةِ وَقَضَاءَ الدَّيْنِ مِنْ مَالِهِ

ــ

الرافعي يقتضيه أيضًا حيث قال: كما هو قياس الدين والمرهون.

ونقل في (المطلب) جريان الخلاف فيه أيضًا إذا قلنا: كتعلق الأرش، فكان الأولى أن يقول: فعلى القولين.

فلو أدى بعض الورثة بقسط ما ورث .. انفك نصيبه في الأصح، بخلاف ما إذا رهن عبدًا ومات؛ فإنه لا ينفك إلا بوفاء جميع الورثة في الأظهر.

قال: (ولو تصرف الوارث ولا دين ظاهر، فظهر دين بِرَدِّ مبيع بعيب .. فالأصح: أنه لا يتبين فساد تصرفه)؛ لأنه كان يجوز له التصرف ظاهرًا.

والثاني: يتبين فساده؛ إلحاقًا للدين الظاهر بالمقارن، لتقدم سببه.

والخلاف جار فيما لو حفر بئرًا فتردى فيها عبد أو بهيمة بعد موته.

وكان الأحسن أن يقول: (ثم طرأ دين).

قال: (لكن إن لم يُقض الدين .. فسخ)؛ ليصل المستحق إلى حقه.

وقيل: لا ينفسخ بل يطالب الوارث بالدين ويجعل كالضامن.

قال في (الدقائق): وقوله: (يُقض) هو بضم الياء؛ ليعم قضاء الوارث والأجنبي، ولو عبر بالسقوط .. لعم الإبراء أيضًا.

قال: (ولا خلاف أن للوارث إمساك عين التركة وقضاء الدين من ماله)؛ لأنه خليفة المورث، والمورث كان له ذلك، ولأنه قد يكون له غرض صحيح فيه ولا ضرر على الغرماء فيه.

فلو أوصى ببيعها في وفاء دينه .. علم بوصيته، ولو كانت أقل من الدين وأراد الوارث أخذها بقيمتها وأراد رب الدين بيعها رجاء زيادة من راغب .. فوجهان: أصحهما: المجاب الوارث؛ لأن الظاهر: أنها لا تشترى بأكثر من القيمة، وللناس غرض في إخفاء تركة مورثهم، وفيه نظر.

ص: 347

وَالصَّحِيحُ: أَنَّ تَعَلُّقَ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ لَا يَمْنَعُ الإِرْثَ، فَلَا يَتَعَلَّقُ بِزَوَائِدِ التَّرِكَةِ كَكَسْبٍ وَنِتَاجٍ

ــ

قال: (والصحيح: أن تعلق الدين بالتركة لا يمنع الإرث) نص عليه الشافعي وأحمد، كما لو خلف الميت عينًا مرهونة، ولأن له أداء الدين من غير التركة، ولأنه لو كان باقيًا على ملك الميت .. لوجب أن يرثه من أسلم أو عتق من أقاربه قبل قضاء الدين، وأن لا يرثه من مات قبل القضاء من التركة.

والثاني –ونقل عن القديم وهو مذهب مالك-: أنه يمنع؛ لقوله تعالى: {من بعد وصية يوصى بها أو دين} .

وأجاب الشيخ عز الدين بن عبد السلام بأن المعنى: المقادير لا المقدر؛ لأنه لما بين للزوجة الثمن .. كأنه قال: لا تعتقدوا أن الثمن من أصل المال بل هو من الذي يفضل بعد وفاء الدين.

وقال أبو حنيفة: إن كان الدين مستغرقًا .. منع مطلقًا، وإن كان غير مستغرق .. لم يمنع مطلقًا.

وكان الصواب: التعبير بالأظهر أو الجديد؛ لما علم من كون المسألة ذات قولين.

قال: (فلا يتعلق بزوائد التركة ككسب ونتاج)؛ لما تقدم من: أن زوائد المرهون لا تكون مرهونة، فإن قلنا: الدين يمنع انتقالها .. تعلق بزوائدها؛ لبقائها على ملك الميت.

تتمة:

استعار عبدًا ليرهنه من واحد فرهنه من اثنين، أو ليرهنه من اثنين فرهنه من واحد .. قال المتولي وغيره: يصح، وقال البغوي: لا يصح، وصححه الرافعي.

والظاهر: أن الجواز في الأول مفرع على أنه لا يجب تعيين المرهون عنده، أما إذا قلنا بتعيينه .. فيتعين ما عينه.

* * *

ص: 348

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

خاتمة

قال الشيخ: غلط جماعة من المفتين والقضاة في زمننا في فرع، ووقع البحث فيه مع من وقع البحث معه حتى رجع، وهو: إذا كان الدين على الميت للوارث .. ظنوا أنه يسقط منه بقدر إرثه، حتى إذا كان حائزًا .. يسقط الجميع.

والصواب: أن يقال: يسقط من دين الوارث ما يلزمه أداؤه من ذلك الدين لو كان لأجنبي، وهو نسبة إرثه من الدين إن كان مساويًا للتركة أو أقل، ومما يلزم الورثة أداءه إن كان أكثر، ويستقر له نظيره من الميراث، ويقدر أنه أخذ منه ثم أعيد إليه عن الدين، وهذا سبب سقوطه وبراءة ذمة الميت منه، ويرجع على بقية الورثة ببقية ما يجب أداؤه على قدر حصصهم، وقد يفضي الأمر إلى التقاص إذا كان الدين لوارثين.

ص: 349